الرعشة الأولى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 12:32 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-05-2010, 05:06 PM

محمد الطيب يوسف

تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 3088

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الرعشة الأولى

    الأرض كانت أنثي تقطر بالخصوبة والشهوة للذي لا يأتي إلا في أحلام مراهقة تحلم بالعبور , متبلة بالبهارات كطبق آسيوي أخلص طباخه في صنعه وكأنه الأخير ,ترتعش بحمي الحرمان ولذة الخيال ,يانعة ومخضرة كثمرة حان قطافها ,تتمني أن تؤكل بليل لتكون صباحيتها ميلاد الأغنيات الأسطورية .

    علي حين غرة باغتها المطر ,عاتياً ودافقاً ,هطولاً وكأن السماء قدت من قبل , داعبها عند خاصرة استوائها فتأوهت وأدركت أن للذة صوت , تسرب إلي الهملايا فارتجفت وأدركت أن للذة رجفة ,قبلها عند أطلسها عانقها وغطاها من القطب إلي القطب (قطع رحطها) في الهند ونثر رياحينه وعطوره وأفرغ سحره هناك فارتعشت رعشتها الأولي وربت وأخرجت من كل زوج بهيج .

    وعندما تأهب للذهاب أخذ من ذؤابة الأرض خصلة ومن ألحان رياحها ترانيم السماء الخالدة كما أخذ معه طينة الخلق الأولي ثم غادر مع وعد بأوبة قريبة


    ما فتئت تسأله عن طينتها ,عن بعض منها أخذه وذهب ولا زال يتهرب منها ثم يقضي وطراً ويغادر في صمت الأموات فسالت دموعها أنهاراً وبحاراً أغرقت الأودية والسهول بماء الحياة وزفرت آهاتها حمماً غطت القيعان بزبر الحديد .

    تتابعت السنون والأعوام وإذا الأرض امرأة عند تمام نضوجها , شهية كتفاحة آدم , غامضة وحزينة رغم أن المطر مازال يعاود الهطول ولكن غياب بعضها خلف مثل الندبة في القلب فما عادت تهلل لمجيئه ألا كما تهلل لمجئ جار ثرثار , وقد يئست من سؤاله عن طينتها التي ضلت طريق العودة إلي رحمها .

    ذات أصيل أحست بدبيب بعضها علي جسدها ,يلتحفها كما الرضيع يلتقم ثدي أمه , اثنان كانا , ضلا طريقهما فصادفا صواب القدر وعادا إلي جادة الصواب .

    في عينيهما تجسدت الحيرة بحراً والضياع سرمداً والوحدة أهلاً فترفقت بهما ترفق الأم الرؤوم وجمعتهما فازدلفا دنواً وتدانيا فتآلفا وكان فرح الأرض نديا .

    في برهة قصيرة من الزمن أصبح بعضها رهطاً وغدا رهطها قوماً, فانتشروا في مناكبها يضعون بصماتهم في تفاصيل جسدها الغض , شهدت جريمتهم الأولي وبعضها يقتل أخاه فتسرب دمه إلي داخلها وثوي جسده في جسدها فاحتوته حنيناً وخوفاً من غد تذوق طعم اللحم طرياً.

    شقوا بطنها فتدفق دمها أسوداً وأصفراً وأحمراً , ثقبوا نهديها فأهدتهم لبنها لذة للشاربين , ولم يمض من الزمن إلا قليلاً فتمدد جسدها إلي أعلي كأورام خبيثة.

    لازال المطر يأتي ولكنه كان غريباً ,فلا يتجول في جسدها إلا بإذن سدنتها وقد أضحي بينه وبينها حجاب فلا يجد سوي الفيافي و الوهاد فيهطل حزيناً وحيداً ولا يختلط بأديمها إلا كقبلة متعجل قد أزف ميعاد رحيله وقد شقت له القنوات فيجري فيها مكرهاً حتى يختلط بمالحها فيغدو أجاجاً .

    ولا زالت عجلة الزمان تدور فإذا الأرض خمسينية في عمرها ,إمرأة تودع شبابها في حسرة ,ترهل جسدها وامتلأ خصرها ,بعضها الذي أضحي كلها كان يدب علي ظهرها جنوناً مسعورا دمه يتدفق علي جسدها كالفيضان وهو يخوض فيه ولا يعبأ به فالمسيرة القاصدة للمجهول لاينبغي لها أن تتوقف لمن يتداعي منها .

    في ستينيتها هتك حجابها فأضحت الشمس أكثر جراءة في حربها الأزلية معها وهي تسومها سوء الحريق فانحسر ثوبها الأخضر عن جسد متجعد مهترئ بغيض , يرمقها القمر في إشفاق العاجز ثم يغيب وسط غيوم سوداء كالحة كانت بيضاء في زمان مضي .

    كانت تبكي في صمت ودموعها لا تنساب إلا بقدر مايرغب فيه سيدها فتبتلعها علقماً منتظرة صبحها الذي طال ليله فأضحي دهراً لا ينبئ بشروق جديد , فسكنت في صمت الأموات تنتظر رعشتها الأخيرة .


    تمت
                  

03-05-2010, 11:59 PM

محمد الطيب يوسف

تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 3088

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرعشة الأولى (Re: محمد الطيب يوسف)

    ..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de