دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الماء....
|
الماء
لم ندر كم لبثنا فى مرقدنا , حتى رشقتنا الشمس بالحمأ ، أهمت علينا بضوء كالعظم اليقق فى بياضه و صلابة الحجارة الصغيرة المدببة فى بأسها. بعثت أخى بالدنانير فعاد خائبا و ابلغنى ان لا أحد يود بيعنا خبزا بالدنانير ..نظرت فى جوف الماء ، رايت وجهينا و قد استطالت منا اللحى ، و مادت السنون فى عبثها الجهم ، رأيت اختنا الصغرى ، امى تناديها ب ( طيرة المغارب)، كانت كلما ادرك الاصيل ذيول الظلمة ( تزازى ) بين العناقريب المصفوفة فى الحوش تصيح بصوت ينبجس من داخل البكاء و الخوف و الرثاء و الوحشة و العطف و بعض حسرة، تردد بلا انقطاع ( انا انوم وين..انا انوم وين!!!).. يمطر الصيف فى جبروت الغضب حرته ، يعود ابى معا و الرهاب يمتطيان العجلة الرالى السوداء، و عندما يصل الى خطوط السكة الحديد ، يحمل العجلة بيده اليمنى عاليا، يقفز بها القضبان واحدا تلو الآخر بصبر واناة و مناداة هائمة فى يأس بليغ ، يعض على اطراف جلبابه بأسنانه خشية ان يتسخ بزيت المكن السائح فوق حطب ( الفلنكات) و ( الأسطبة) المتناثرة، ممتلئا بزهو اليوم الذى مضى مثل كائن يصطرع فى بطن غول خرافى.. ( صديق) كنا نناديه بما لا يحب ( صديق هرار الديك) ، يتوسل بالحجارة و فحم ( الرجوع) ، على غلبتنا و تارة بالضحك ، و لكننا نعود الى مقاذفة كرة الشراب فى العصر ..(عبد الله ) فراش المدرسة ، كانوا يظنونه ( بعاتى) ، قيل انه مات فى ( البلد) ، و تخلق هنا هاربا من دين او بعض خطيئة ، ثم انه يعود ليتخلق فى (حجى) جدتى فى الليالى المقمرة ، بيد ان ( غلبونا) ينتصر عليه دائما بمكر ( بطحانى ) مؤسس كالعقيدة فى حكاياها ، او هكذا ودت جدتى هزيمته بعزم قبائلى... قفل اخى بالدنانير جائعا ، قال بأن لا أحد يعرفه ، سالته عن المنازل و الطرقات ، قال انكرته و انكرها ، و قال كأنما القوم بدلوا تبديلا ، قلت له كم تظن لبثنا ؟؟ تجاهلنى متعمدا و هو يجيب هاتفه المعلق فى خاصرته ، متحدثا الى فراغ مظلم مبتئس حزين ، فراغ موغل فى فراغ ، فراغ يحمل رائحة الرهاب و الأغنيات التى ما انطفأت جذوة الحنين فيها و لم يتبدل طعم الماء فى ثناياها ، ظل الماء كما عهدناه ، يجىء من لا حيث و لا ندرى الى اى حيث يمضى!!! و لكنه ظل رقراقا ، صافيا ، يشهدنا على ما فى جوفه ، الطحالب و الزجاج و سقط المدينة ، فى احشاءه رقد ( كمال) . نصب الصيوان امام وجه الماء الرقراق، ثلاثة ايام ، ( قلع) كمال فيها طافيا مثل جذع شجرة منهكة ، تخاذلنا فى برودة الصبح الى بيوتنا ، و سجى ( كمال) على شفة الماء ، و النسوة قاتلن الجزع بدمع رقراق ، و تصالحن مع الماء فى زواج ( آسيا) ، و فركن جلد اخى بالطمى فى زمن الحصباء ، و حينما اصابتنى الحصباء ، كنت بعيدا عن الماء ، و كنت اقرب ما اكون الى ماء الحمض الذى لا ينى يهمى رذاذا على ( نيويورك) ،رقراقا لا كما الماء الذى عهدته ، و لكن الطمى ترك ضفة النهر و هبط ضيفا على القلوب ، فما اثمرت و لا أعشبت ،و ما اخضر فيها درب!!! ثم هبط الغبار الأبيض على ( نيويورك) ، فتحول وجه المدينة الى قناع راقص ( منسترلسى) كئيب. اسند اخى ظهره الى جدار الكهف ، متأملا متأملا بنات افكاره ، يحبلن سفاحا ، و يلدن صبية و صبايا ، كم تمنينا ان تطال ايدينا رقاب هؤلاء الزناة ، شهدهم اخى يسبحون فى الماء مع ( سحاحير) ناوة ، ( عبد الله) الفراش يرتعد فرقا عند ذكر ( ناوة) ، و سحاحيرها الذين يجرون خلفهم اذنابا مثل الخطاطيف ، كان عبد الله يخفى ذيله ، لم نره الا قادما من مكان ، أو جالسا ، لا يوليك الأدبار حتى ان اضطر لذلك ، يعد ( مطارق) الحناء فى يوم الجلد ، فى وفاء و تلذذ ، كأنما يعد السياط للبيع ، او للعرض فى متحف الفنون ، يسيل الماء اللزج حال شلخها ، و تربد عيون ( عبد الله) بالدم . أغفت امى ، و عينها اليسرى تتراعش بصحو متواتر ، و أخلدت اختنا الأخرى الى نوم كالأغشاء ، نامت ( طيرة المغارب) دون ان تدرى اين استقر بها المضجع، و تواصل بكاءها حتى تسرب الى احلامها ( انا انوم وين) ، احلام مائية ،رقراقة ، لم تدر اختى كم من الزمان لبث الماء فى حلمها ، سد ابى المنافذ على بنات افكارها ، وظل مرابضا فى حراستهن حتى اشتعال الصباح بحريق الشمس على الجباه ، و الماء اطلق النار على جيش النجومى ، كم لبثوا بالعطش و التمر النىء ؟؟؟حصنت البقعة نفسها من الماء فأتاها من عل ، اطلقت عليه النار من الطوابى فسكن ، عاد و التف و انطوى فى خناق (كسلا) و ( اروما) و القرى الذاكرة ، اغفلت القلوب عن الذكر ، فأنسفح الموج عن الهواء ، و همى على القوم المعتصمين بحمى الميدان و المسجد ، اللاجئين يحلمون بخير الأمبراطورية، فقاتلهم الماء دون الأمانى ، و صدهم عطشى عن اللحاق بالخبز و الميسرة و زج بهم وراء حوائط ( ليمان طرة) البيضاء ، لا ندرى كم لبثوا ، ام هل لا يزالون هناك, ام أنهم سكنوا الى (بنى النضير ) ، قرب طبرية؟؟ كم لبثنا فى مرقدنا..دهر من الشمس!!
تاج السر الملك
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الماء.... (Re: Tagelsir Elmelik)
|
ملك..ملك ناصية الحكي اللذيذ..والإستطراد المثير المدهش...أنت أخي التاج ..ترصد وتكتب بعين الرسام..الفنان...سردك سلس إلى درجة الذوبان...ولفظك سهل ممتنع...ومشاهدك...تمشي بين ظهرانينا...صباح ومساء..ولا أحد يعيرها أدنى إنتباه... فهي في حكم الامور العادية ..ولكنك تلبسها بريقا...يجعلها تبدو...من عالم آخر..عالم نعيش فيه بأمنياتنا..وتوقعاتنا...وذكرياتنا...عالم متفرد...يحدده كل منا.. بما يملك من أدوات النحت والنجر ..والتشذيب... وفق ما يملك ..من سعة في الخيال ..او محدودية في الإحساس ... ترى ..هل هو الشوق والحنين إلى البلد...جعلك تبني موطنا..من عبق الذكريات...ووهج الماضى...وطنا..خياليا...يزيد على الوطن الأم..بعلو قامة..رجل واحد...وما ذلك بالقليل... شكرا لك على الإمتاع...وغيظى..غيظي...من هذا الحشو الذي أصبحنا نلتهمه كل صباح جديد...مرغمين...بحثا عن درر..قد تكون مخبوءة...في مكان ما من أكوام النفايات... شكرا لك مرات.. ودي وتقديري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الماء.... (Re: ibrahim fadlalla)
|
Quote: ام أنهم سكنوا الى (بنى النضير ) ، قرب طبرية؟؟ |
من بلد ..بمليونه المربع..ينعق الطير في أصقاعه..يشكو..الزمان.. للزمان..يشكو قلة السمار..يشكو..الوحدة..والسأم...ويندب وقتا كان الصبية في شقاوتهم..يتبارون في رشق الطيور بالحجارة..وربط سبيب الخيل..مصايد.. شديد الفتك..سبيب الخيل...المجتز خلسة..من أذنابها..الملطخة... بالروث..فنظافة الذيول..لا مكان له...ضمن أولويات..حاضرنا المبلل... وسدودنا التي تعشعش السناجب..في قعورها...أوجدوا ..قرىًً..وإكراما.. ونحن أهل القرى..ونحن الذين تسابق أقداحنا ...السلام... أيكون بني النضير...هم خاتمة المطاف...وأرض الميعاد...الجديد... ودي لك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الماء.... (Re: ibrahim fadlalla)
|
Quote: من بلد ..بمليونه المربع..ينعق الطير في أصقاعه..يشكو..الزمان.. للزمان..يشكو قلة السمار..يشكو..الوحدة..والسأم...ويندب وقتا كان |
ولا يزال..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الماء.... (Re: ibrahim fadlalla)
|
يا أبراهيم ..هذه الرؤيا صدقتها
Quote: ترى ..هل هو الشوق والحنين إلى البلد...جعلك تبني موطن |
هو الماء الذى سقانا سوف اعود بالتفصيل شكرا لك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الماء.... (Re: Tagelsir Elmelik)
|
عجبني وسرّ بالي حس الخرير ومن نفس البحيرة قعدت أعاين في سرب البجع العايم نص الدهشة ما أجملك وانت تبسح فينا من الأسكلة وحلا فلا نفتأ ألا أن نسبّح بحمدك ونردد لبيك الموية الطاعمة لبيك مفتون بي سحر أتنين هيدروجين مع حتة أكسجينة! ومتشي وانا حايم معاك تحت المطر وما فوق خط الأستواء الحنين الغاب الخدار العدار صفق اللوبيا الجروف الحروف القطوف ودانيات الأشجان التي تكون دلتا الحنين العديل ما بعرفوا كيفن يبقوي خطين توازي وزعلانين من دمياط ورشيد شان هدوا حيل النيل قبال ما ينكشحوا في البحر الملح!
أظني بجيك صاد
شكرن كتيرن!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الماء.... (Re: حبيب نورة)
|
Quote:
مفتون بي سحر أتنين هيدروجين مع حتة أكسجينة! |
ياحبيب نورة الأوكسيجينة دى هى الناقصة لينا زمن نفتش ليك يا الكتير فى شكرك اشاعة قالو مع عذارى الحى..فرفقا ها اتاك حديث الجنود؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الماء.... (Re: Tagelsir Elmelik)
|
كم مخيـــف هذا الزمان الذى لا ينفع فيه حتى الدنــانير
وهي اي الدنانير بطاقه سيئه للتعريف والتواصل ، و لكنها تبقى الافضل،
زمــان هذا لقــاسي.
شكرا لك..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الماء.... (Re: شهاب الفاتح عثمان)
|
سلامات يا أستاذ تاج السر
لقد هممت بالصياح في وجه هذا الراوي أن: توضأ يا رجل لكنّني وجدت ماءه ماء حَرَق وغَرَق. فلنكتفي، إذن، بالتعوّذ/ز.
Quote: كم لبثنا فى مرقدنا..دهر من الشمس!! كم لبثنا فى مرقدنا..دهر من الظلمة!! |
بل كم سنلبث!
لك الشكر فهذا الماء (النص) كما النار أو فقُلْ كـ موية النار.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الماء.... (Re: شهاب الفاتح عثمان)
|
قاسى بالحليل يا اخى شهاب و هو قاس منذ نشأة الخليقة على هذا الكوكب قبل اختراع الدنانير..و لم تصلح لقابيل و هابيل و الزمن الذى شهداه و الذى نشهده لا نقدر على استيعاب لبثنا فيه بحساب كم تبقى من سعادة وود!!! و لكننا نسعى الى مكافحة الضجر..فالأرض مضجرة ان شاءت و اللبث يتجلى فى الحب..حبنا لبعضنا دون دنانير. شكر الراوى لك.. و الراوى لا يموت كما يقولون
| |
|
|
|
|
|
|
|