دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: إزالةً للعار - مقال (Re: رأفت ميلاد)
|
إزالة العار الفظيع تبدأ كما قلت بتفكيك صورة الماضي المركبة زيفاً. وفيما يتعلق بموضوع هذا المقال هو فضح وكشف الحقائق عن أحد أكبر تجار الرقيق في منطقة شرق إفريقيا، ذلك السفّاح الذي أشبهه بدراكولا مصّاص الدماء هو ( الزبير باشا ود رحمه ). ذلك المجرم مسؤول هو وغيره من تجار الرقيق (النخّاسة) أو (الجلابة) مثل (الحاج محمد الهلالي أو البلالي) و (رابح فضل الله) وغيرهم من الآلاف من تجار الرقيق. هم مسؤولون عن قتل ونقل وترحيل مئات الآلاف من أبناء السودان وإفريقيا إلى مختلف أنحاء العالم، بعد أن تم الإيقاع بأولئك الأجداد في فخ العبودية، وقد يصل تعدادهم إلى الملايين هذا في السودان وحده.
هؤلاء الضحايا هم أجدادي وأخواتي وأخواني، أنا جزء منهم وهم جزء مني، معاناتهم التي عانوها هي معاناتي. لقد عشت معهم كل المرارات والزلة التي عايشوها. ما زلت أسمع الصرخات الرهيبة، صرخات الأطفال وهم يفرقون عن آبائهم، ما زلت أرى سيل الدموع المنهمرة على الخدود البريئة، أنهار الدماء، صور الشتات، الجلد والقتل والدمار والحرائق، ما زلت أسمع أصوات القيود الحديدية وهي تئن آلماً لمعاناة ضحاياها. أرى الشتات والفوضى أمامي فوضى ( الإخراج من الظلمات إلى النور ). بحق الجحيم!! لقد كانت ظلماتنا كجنات عدنٍ إذا ما قارناها بنورك الموعود الزائف أيّها النخّاس القذر اليدين.
إن هذا المدعو (الزبير باشا) مسؤول عن تفكيك مئات الآلاف من الأسر، التي كانت تعيش حياتها بصوره طبيعية. وكل المزاعم التي تحاول السلطة الديكتاتورية الراهنة بصدد تبرئته وتقديمه على أساس إنه كان ( داعيه إسلامي). ما هذا الزعم إلا توريط أكثر وتوضيح للدور الذي لعبته الثقافة العربية الإسلامية في التأسيس لقتل واستعباد الآخر وكذلك الحط من قدره، لانه (كافر) وغير مؤمن ومسلم وهكذا. هذا ما سميناه (إمبريالية النص الديني) التي تعطي أو تعتبر إنها تمتلك قول الحقيقة وبذلك يحق لها انتهاك حق الآخر والاعتداء عليه وجعله عبداً. هذا الحق المتصوّر زائف بكل المقاييس، وإن كان تحت أي مسمى مثل الدين الحق، الهداية ووهم (الإخراج من الظلمات للنور). كل ذلك وهم ديني أيديولوجي مُتصوّر. وإنه من قصور العقل وفعل التفكير القاصر أن نثق بتلك الأقاويل.
على الإطلاق نحن لا نتصور أن يبعد طفل أو أي إنسان آخر تحت أي مسمى، أو أي وثيقة أو نص يبيح ذلك ، فنحن كافرون به علناً. إن الدور الذي لعبته الثقافة العربية الإسلامية والثقافة المسيحية الأوروبية فيما يخص تسويق وتبرير تجارة الرق ليست بخافية على المراقب الفطن. ونحن نطالب بإدانة تلك الثقافات لممارساتهما الغير إنسانية تجاه ملايين الأفارقة، نحن نطالب بنبش الماضي القذر وإدانته ومن ثم دفع تعويضات لأحفاد الضحايا. نعدكم بأن المسألة لم تنتهي بعد، دماء أجدادنا سوف لن ننساها أبداً. لقد ساقوا الملايين لدروب العبودية باسم ربّهم، حتى الأطفال لم ينجوا من ذلك المصير. هنالك مثالان يحضرنا ذكرهما لأطفالٍ اقتيدوا إلى اسر العبودية وهما ( بخيته جوزفين وفيليكس دار فور). الأولى سيقت من غرب السودان عبر الخرطوم إلى إيطاليا حيث أصبحت راهبة كاثوليكية (نفس التيار الديني الذي برر عبودية الأفريقي الأسود)، عموماً حررت وماتت في النصف الأول من القرن المنصرم. أما فيليكس فلقد ساقته الأقدار إلى فرنسا حيث حُرر ودرس الهندسة واصبح مناضلاً إلى جوار اخوته في هاييتي إلا أن قتلته الأيادي البيضاء هناك. هذان كانا (محظوظين) كحد أدنى، حررا من بعد وصنعا ذاتهما، لكن الألم يغمرني ويحزّ في قلبي على مصائر الملايين الذين شتتوا من غير أن نعرف شيئاً عن مصائرهم . لقد سيق ما لا يقل عن 60 مليوناً من الأفارقة إلى أمريكا، أما إلى البلاد العربية أيضاً الرقم يتجاوز الملايين.
إن ممارسة الاتجار بالبشر هي من أفظع الجرائم التي يمكن أن نتصورها نحن. فهل جزاء القتلة وتجار الرقيق التكريم؟؟ لا ألف لا.. لماذا يحمل ذلك الشارع أسم ذلك القاتل (شارع الزبير باشا)؟؟ إنها أكبر فضيحة تكشف تواطؤ الثقافة العربية الإسلامية المسيطرة فيما يتعلق بعملية طمس الحقائق وتزييف التاريخ. ألا تخجلون؟؟ وماذا عن الضحايا وأحفادهم؟؟ كفى لمواصلة الإذلال بحقنا؟؟ كفى لقتل الأرواح؟؟ كفى لتبني عقلية المستعمر.. وهنا نسألكم جميعاً ما الفرق بين عبد الله بن أبي السرح وكتشنر؟؟ نحن نقول لا فرق كلاهما مستعمر، كلاهما دفعة النص الديني الإمبريالي الاستعلائي زيفاً إلى تخوم بلادنا ودمر وجودنا الطبيعي.. وهنا نقل للغزاة : كم كانت حياتنا ستكون أكثر جمالاً لولا مجيئكما؟؟ ولكنها أقدارنا التعيسة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إزالةً للعار - مقال (Re: رأفت ميلاد)
|
هذه دعوة لكل سوداني ذو ضمير لمواصلة النضال والمطالبة بتغيير اسم ذلك الشارع محواً لآثار العار. فمن تغنى بتاريخ القتلة فهو أيضاً قاتل ومذنب. على كل فرد أن يوضح موقفه إزاء تلك المهزلة المقر فه، إذ لا توجد منطقةً وسطى هنالك موقفان فقط إما أن تعارض وتعمل على النضال لتصحيح الأوضاع. إما إنك ما زلت تحمل عقلية النخّاسة وتجار الرقيق، وبالتالي تدافع عن الخيانة والجرائم، عندها أنت ذاتك مجرماً بنفس درجة جرم ذلك البائس.
نقترح مباشرةً أن يسمى ذلك الشارع بشارع الدكتور جون قرنق. هذا الاقتراح بمثابة تحدّي حقيقي نحو إعادة قراءة التواريخ وبناء سودان جديد. كلنا مطالبين بالنضال في سبيل تحقيق هذا المطلب وبالأخص أفراد الحركة الشعبية الذين هم حالياً في موقع السلطة. السلطة تعني لنا التغيير نحو الأفضل وليس إعادة إنتاج الأزمات، أليس كذلك؟؟
الانطلاق نحو سودانٍ جديد نعتقد إنه يبدأ بتفكيك السلطة غير الشرعية إذ إننا لم ننس بعد أين تكمن ألا ذمة. تلك السلطة غير الشرعية غير مؤهله لإدارة شؤون أسرها فما بالك بإدارة وطن بحالة. ولا ننس هنا أهمية إعادة قراءة وفهم وكتابة (التاريخ البديل) لسوداننا الجديد. إذ إن التصور الحالي للتاريخ يصب في مصلحة فئة معينه من الشعب السوداني، وتلك الفئة تحمل عقلية المستعمر وتتباهى بها بلا وعي. إن المستعربين قد آذوا وجودنا في وطننا بتبنيهم لثقافة تضطهدهم هم ذاتهم. ذلك يذكرني بمثل الغراب الذي حاول تقليد مشية الطاؤوس، فحاول تقليده لعدة سنين ولم يتمكن من أن يقلده فسئم وعاد أدراجه لكي يمشي مشيته الطبيعية فلم يتمكن من أن يمشي مشيته ، لا نعني بأي حال من الأحوال بأن الثقافة العربية هي ( أرقى) لأننا شبهناها بالطاؤوس، ليس ذلك قصدنا لكن استدعاء المثل هنا رأيناه معبر ويماثل حال المستلبين.
هذا حال الذين تستلبهم الثقافة العربية الإسلامية، إنهم يعيشون أزمة هُوِية مستديمة. حتى في الدول العربية ذاتها يطلقون عليهم ألفاظ يا عبد ويا عبيد ويا خال وغيره. نحن لا نعيش أزمة هُوية إطلاقاً، إننا أفارقة منذ وجد البشر على ظهر هذا الكوكب، وذي ما بيقولوا حبوباتنا ( عينا ما بيملاها إلا التراب ). أخيراً نود الاشاره إلى نوع من الكتابة الرصينة التي تحايث الموضوعية، نعني هنا القراءة التي قدمها الدكتور محمد سعيد القدال ( تاريخ السودان الحديث 1820_ 1955 ). مثل تلك القراءات يمكن أن تسهم في التأسيس للبناء الضخم الذي ينتظرنا. بكل تأكيد نحتاج لآلاف من تلك القراءات الجريئة حتى نوسع عملية الفهم ووعي الذات الملتبسة وفهم الهُوية المغتربة عن ذاتها. هذه دعوه لوضع أسس سودان جديد، المواطنة هي المعيار بيننا وهي التي تجمعنا.. فهل نحن نمتلك الشجاعة لمواجهة الذات؟؟ أم نواصل الخلاف بينما الوطن يسرق وينهب من قبل حفنة من اللصوص، علينا جميعاً أن نُحيي حلم الشهيد جون قرنق ببناء سودان جديد ولكن بأسس جديدة ذلك هو التحدي. فلنناضل جنباً إلى جنب..
محمد عثمان عوض أمستردام- الاربعاء 01-08-2007
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إزالةً للعار - مقال (Re: رأفت ميلاد)
|
أعتذر : سقط أن أضيف أيقونة (منقول) لعنوان المقال ..
أتمنى مناقشة هادئة .. تم نقل المقال بإذن من الأخ محمد عثمان عوض .. ومن يريد توجيه الحديث له مباشرة .. أتكفل بذلك ..
بالرجوع لأصل البوست يمكن متابعة النقاش .. للفائدة العامة .. ونتائج لنا وللتاريخ
مودتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إزالةً للعار - مقال (Re: رأفت ميلاد)
|
Quote: لثقافة واحدة فقط وهي الثقافة العربية الإسلامية الإمبريالية، التي عملت على فرض سيطرتها على كل أوجه الحياة. وبلا رحمة عملت تلك الثقافة على تشكيل وعينا من خلال منظورها الأيديولوجي وفقاً لما يخدم مصالحها ومنطلقاتها. أما عن حقوق الآخرين فذلك كان ولا زال غير مهماً بالنسبة لها، هذا إذا وضعنا في الاعتبار التشكيلة الفسيفسائية لواقع السودان الثقافي والاثني الغارق في التعقيد. |
| |
|
|
|
|
|
|
|