إزالةً للعار!! شارع الدكتور جون قرنق.. بدلاً عن، شارع النخاس ( الزبير باشا )..
بلا شك إن التاريخ يحمل في طيّاته ملايين المرارات والمآسي، التي ما تزال آثارها في داخلنا متبقية حتى حاضرنا الراهن. تلك الآثار المترسبة والكامنة في ذاكرتنا الجمعية، تتحكم إلى مدى بعيد في مجمل تصرفاتنا وانفعالاتنا. ونحن نعتقد إن الإشكال الحقيقي يكمن في الصورة أو الشكل الذي قُدِم لنا به (التصوّر) إزاء الماضي أو المواضي الفائتة إجمالاً. معظم تلك التصوّرات، نعتقد إنها تعاملت مع الخامة التاريخية من منطلق أيديولوجي بحت، خدم ولا زال يخدم مصلحة ثقافة معينه وهي كما نعلم الثقافة العربية الإسلامية، المسيطرة على الفضاء الثقافي السوداني منذ فتره بعيده جداً.
هذه السيطرة سحقت في مسيرتها العديد من الثقافات والحضارات التي كانت موجودة أصلاً قبل وفود الثقافة العربية الإسلامية لأرض السودان. الأمر الذي حدث هو إنه تم إسكات تلك الثقافات والحضارات هذا من جهة، ومن جهة أُخرى تم قطع الطريق المؤدي لمسار تطورها الطبيعي والتلقائي في الوسط البيئي التي وجدت فيه منذ القدم. مسألة النمو والتعبير عن الذات والأحلام والآمال هذه قد أجهضت من قِبَل ذلك التدخل الإمبريالي. عملية التدخل تلك أفسحت المجال لثقافة واحدة فقط وهي الثقافة العربية الإسلامية الإمبريالية، التي عملت على فرض سيطرتها على كل أوجه الحياة. وبلا رحمة عملت تلك الثقافة على تشكيل وعينا من خلال منظورها الأيديولوجي وفقاً لما يخدم مصالحها ومنطلقاتها. أما عن حقوق الآخرين فذلك كان ولا زال غير مهماً بالنسبة لها، هذا إذا وضعنا في الاعتبار التشكيلة الفسيفسائية لواقع السودان الثقافي والاثني الغارق في التعقيد.
الفكاك من ذلك الوضع نعتقد إنه يبدأ بإعادة قراءة التاريخ بعين محايدة ناقدة، بعيدة عن أي مؤثرات مؤدلجة قد تُربِك إعادة القراءة ومن بعد الكتابة بصورة موضوعيّة. النبش في التواريخ واستدعائها مرةً أُخرى، بغرض الفحص واستنطاقها يؤدي بنا إلى بناء الأحداث والوقائع التي حدثت في الماضي كما هي على حقيقتها. وليس كما تم تشكيلها وتبنيها خدمةً لِمآرب الثقافة المسيطرة تلك، هذا الطرح يجعلني أدعم مقولة المفكر الفذ إدوارد سعيد الذي نادى بضرورة كتابة ( التاريخ البديل ). طرحه ذلك قصد من خلاله كتابة التاريخ الحقيقي لفلسطين كما كانت في الماضي بعيده كل البعد عن فلسطين المتخيلة في الروايات التوراتيه أو تلك التي تصورها الذهن الاستعماري. نحن أيضاًً نحتاج بصورة ماسّة وضرورية لكتابة تاريخ بديل لبلادنا، بعيداً كل البعد عن النظرة الأحادية التي كرّست للتشظّي بين أبناء الوطن الواحد.
ونعتقد إنه من الأجدى أن نبدأ بتناول أقدم التواريخ المعروفة لدينا عن أرض السودان، نزولاً لأحدثها وفي ذلك إغناء لفهم واقع الأمور كما كانت عليه في السابق، وتسهيلاً لعملية الاستنتاجات والأحكام التي يمكن أن نستخرجها من رحم التواريخ والأحداث السابقة. تلك التي شكّلت الحاضر الآني كما هو جاثم أمامنا، فاعلاً فينا وفاعلين نحن فيه.
إعادة القراءة والفهم والكتابة لتاريخ السودان هي بلا شك عملية بالغة الأهمية لإحقاق الحق ، وإعادة الاعتبار لكل الثقافات الأخرى، التي هُمِشت بلا وجه حق. أيضاً هي عمليه حيوية لضمد جراح المواضي الأليمة التي لا زالت تنضح بالجراح والفظاعات المضطربة في دواخلنا. تتجلّى أهمية رد الاعتبار هذه في حوجتنا لبناء سودانٍ موحد يسع لكل أبنائه بثقافاتهم وأديانهم واعتقاداتهم المختلفة . هذا هو السودان الرائع والحلم الذي كان يسكن وعي المناضل الفذ الذي ما زال يسكننا نحن. ذلك الإنسان الذي كرّس حياته لتحقيق الحلم الأكبر ، العدالة للجميع، الثروة للجميع، الاحترام للجميع، الحب للجميع والوطن للجميع. هذه كانت محاور نضالا ته وحلمه الكبير. ما عنيته بتلك الكلمات هو الدكتور جون قرنق، الباقي في نفس كل سوداني مُحِباً لوطنه واخوته في المواطنة. تلك الأرض تجمعنا جميعاً ولا خيار إلا أن نصل إلى اتفاق عادل وشامل حتى نتعايش سوياً بكل احترام متبادل، وان نتقاسم خيراتها ونوازلها معاً. هذه هي ملامح حلمنا لسوداننا الجديد. التعديل فى إسم الكاتب فى صدر الصفحة "ظهر حمد بدلآ من محمد" ولا تعديل فى المقال
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة