|
|
 د.جـــون قرنق.....جمهورية بشتنتستان ..للنقاش
|
حاطب ليل
جمهورية بشتنتستان
د. عبد اللطيف البوني
عكفت على قراءة وثيقة الايقاد التي قدمها السيد سيموبيو في ناكورو. والتي قبلتها الحركة وبسعادة بادية ورفضتها الحكومة بغضبة مضرية. والتي نشرتها صحف عربية لندنية ونقلتها عنها صحف الخرطوم السودانية. وأرسلت بنصيها العربي والانجليزي على الشبكة العنكبوتية، قرأتها من الشمال الى اليمين ومن اليمين الى الشمال بنية فهمها اولاً ثم التعليق عليها كتابة في هذا الباب وغيره. واصدقكم القول انني وجدت نفسي امام هندسة سياسية ما انزل الله بها من سلطان، لقد تأكد لي ان الخبراء من جنوب افريقيا ومن اوروبا ومن بلاد الهند والسند وجزر الوقواق، الذين استضافهم الوسطاء ليقدموا محاضرات مدفوعة الأجر لوفدي التفاوض، هؤلاء الخبراء قد نجحوا في إنزال رؤيتهم الاكاديمية الهوائية في الوثيقة، ان هذه الوثيقة ترسم دولة متوهمة قادمة من اخيلة لبعض الناس وليست من ارض الواقع. ولعل جمهورية ابسيردتان التي اشار لها الدكتور منصور خالد في مقال له بهذه الصحيفة، قد تجسدت في هذه الوثيقة. وان شئنا التعريب فلنقل دولة بشتنتسان وهذه من "بشتنة" عوضاً عن السودان.
وفي كل العالم المطروح الآن هو تقليص سلطات الدولة وافساح المجال لمؤسسات لمجتمعات المدن والمبادرات الفردية والجماعية. ولكن وثيقة سيمبويو تخلق دولة قابضة "ما تخريش منها المية". وليت الدولة كانت قابضة عن طريق مؤسساتها، بل عن طريق المؤسسة الرئاسية، لقد منحت الرئيس ونائبه الذي سيلعب معه على طريق رجل لرجل "Man To Man" اي يلازمه ملازمة ود الشواطين للساحر بيليه عندما تبارى الهلال مع سانتوس البرازيلي في السبعينات - اين انت يا عبد الله السماني- لقد منحتهما سلطات خيالية، فإن تشاكسا اي حملا "الشواكيش" لبعض سوف تضيع البلاد وتتوقف عجلة الحياة فيها. وان تناغما وعملا بطريقة دراويش لاقوا مداح "فالله قال بي قول المواطنين" سيأكلون حصرماً ونيماً وحاجات تانية، لان الوثيقة تؤسس لدكتاتورية رئاسية يندر ان يجود الزمان بمثلها في هذه الايام.
ويحيرني وما يتحير الا مغير، ان كل الناس انصبت في تناولها للوثيقة على موضوع العاصمة الجديدة المحصورة بين شارع الجامعة والنيل. وتضم كبري النيل الأبيض القديم وقبة البرلمان. ويحدها غرباً مسجد النيلين وقصر الشباب والاطفال. اما شرقاً فوزارة الحكم الاتحادي والواقعة شرق القصر الجمهوري. واهم جهة اهلية واقعة في العاصمة الجديدة المستثناة من القوانين التي تحكم بقية الشمال هي جنينة السيد علي .. هل نقول مبروك؟
وكذا تناول الناس صلاحيات نائب الرئيس التي تفوق صلاحيات الرئيس نفسه. ولم يقل احد ماذا سيحدث لو اتفق الرجلان وكانا من اقليم واحد، فقد يحدث هذا واين البرلمانات واين المشاركة الشعبية؟ ان هذه الوثيقة العينة تغيب كل مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني.
ومن المحيرات الأخرى قوة عين جون قرنق وعدم التفاته مجرد التفاتة الى اصدقائه ومحبيه في الشمال، فالرجل تحكم في الجنوب تحكماً كاملاً- هذا على حسب الوثيقة- وشارك في الشمال مشاركة كاملة. واخذ بالزائد من الثروة والسلطة ولم يقترح مشاركة بقية المهمشين، كأن يقترح مجلساً رئاسياً يمثل كل جهات السودان وتكون الرئاسة فيه بالتناوب. ولم يعط حلفاءه من مثقفي الشمال الا ذلك الجيب من العاصمة، فهل اقنعهم بانه سوف يصنع السودان الجديد بذلك الجيب وسلطاته على الشمال، بينما يضع الجنوب في جيبه الخلفي اي بعبارة اخرى جنوب قديم وشمال جديد.
وباختصار شديد ان هذه الوثيقة تجعل من بلاد السودان، عفواً بلاد بشتنتستان فأر معمل لأفكار اكاديمية وشيطانها الاكبر ليس في التفاصيل انما في التطبيق، هذا اذا أُريد لها النزول الى أرض الواقع طوعاً أو كرهاً.
|
|
 
|
|
|
|
abuguta
bayan
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست