فصل الجنوب صار مسألة وقت ليس إلا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 08:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-16-2003, 07:35 AM

WadalBalad
<aWadalBalad
تاريخ التسجيل: 12-20-2002
مجموع المشاركات: 737

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فصل الجنوب صار مسألة وقت ليس إلا

    نعم أيها الإخوة والأخوات

    قلنا "فصل" وليس "إنفصال" وهناك فرق كبير بين معنى الكلمتين

    لقد ورد هذا الجزء من الخبر فى عدد اليوم من صحيفة الحياة اللندنية

    ونستغفر الله العظيم الذى لا أله إلا هو


    سيمبويو الى الخرطوم

    وعلم أن الوسيط الكيني الجنرال لازاراس سيمبويو سيزور الخرطوم وجوبا قريباً في اطار مهمته لإنجاح جولة المحادثات الجديدة، كما سيزور مستشار الرئيس لشؤون السلام الدكتور غازي صلاح الدين نيروبي خلال أيام ناقلاً رسالة الى الرئيس مواي كيباكي.

    على صعيد آخر، اتهم فريق حماية المدنيين متعدد الجنسية "الحركة الشعبية" باحتجاز قافلة حكومية تحمل معونات انسانية في منطقة ملوال قبل الافراج عنها بعد يوم عدا أربع ناقلات لا تزال رهن الاحتجاز.

    وفي تطور آخر، صادرت السلطات السودانية أمس صحيفتي "أخبار اليوم" و"ألوان" المستقلتين بعد طباعتهما من دون إبداء أسباب.

    وأبلغت السلطات ادارتي الصحيفتين انها صادرت صحيفتيهما لنشرهما مقالاً كتبه وزير الدولة للإعلام السابق الطيب مصطفى يدعو فيه الى فصل جنوب البلاد. واعتبر مصطفى، وهو خال الرئيس السوداني، ان هذا هو موقف الرئيس عمر البشير الحقيقي.
                  

07-16-2003, 07:40 AM

WadalBalad
<aWadalBalad
تاريخ التسجيل: 12-20-2002
مجموع المشاركات: 737

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فصل الجنوب صار مسألة وقت ليس إلا (Re: WadalBalad)

    وهذا هو المقال الفتنة


    بسم الله الرحمن الرحيم
    بعد فشل الجولة (الحاسمة) من المفاوضات ...
    أما آن للشمال أن يتحرر من عبء الجنوب؟
    الجنوب أخرج الشمال من الدنيا صفر اليدين ويريد الآن أن يخرجه من الدين
    أود في البداية أن أخاطب سياسيينا الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً حول الجولة الحاسمة والسلام (المضمون) بل وأخذوا يتحدثون عن مرحلة مابعد السلام باعتبار أن السلام بات أمراً مفروغاً منه أود أن أخاطبهم بالقول (اللهم لا شماتة) ولكن قبل أن أسترسل في نقد (الإخفاق العبقري).. اخفاقنا المتطاول في التعاطي مع مشكلة جنوب السودان، يجدر بي أن أبدأ بالقضية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس ,قضية الشريعة التي أضحت، ويا للحسرة,محل نقاش ونظر بعد أن ظننا منذ زمن بل أيقنا أن الشيطان نفسه ما عاد يطمع في أن ينال منها وسلم تسليماً مطلقاً ببقائها إلى الأبد ويجدر بي أن أتساءل بعد أن أُسقط في أيدي كل من كانوا يدفعون بأن الوحدة بين الشمال والجنوب تصب في مصلحة الإسلام ألم يأن لهم أن يخضعوا للحقيقة المرة... حقيقة أن الجنوب قد أخرج الشمال من الدنيا صفر اليدين ويريد الآن أن يخرجه من الدين؟ لقد ظللت أُحذر وأُنذر بأننا لم نعد نخشى على الإسلام في الجنوب بقدر ما نخشى عليه في الشمال بعد أن صار الشمال بسبب ضعفه جراء مشكلة الجنوب منطقة انخفاض حضاري تهب عليه الرياح المناهضة لتوجهه وتوشك أن تعصف به وتدمر مشروعه الإسلامي.

    لقد نسي الناس في غمرة الغفلة والاستسلام للمسلمات القديمة المقدِّسة لصنم الوحدة ما فعله الرسول (ص) باليهود عندما استيقن أنهم كانوا قبل إخراجهم من المدينة شوكة مسمومة في خاصرة الإسلام... ما انفكوا يتآمرون ويؤلبون القوى المعادية على الرسول (ص) الذي كان مهموماً بأن تمتلىء المدينة إسلاما وتصبح منطقة ارتفاع حضاري تفيض بنورها وتشع على العالمين ونسوا كذلك بأنه قد هاجر بدينه من أحب البلاد إليه والي الله تعالي (مكة) عندما ضيق الخناق عليه وعلى أصحابه وتنزلت آيات القرآن تترى حول الهجرة والسياحة في أرض الله تعالي الواسعة أقول ذلك بالرغم من علمى بأنه ما من دين يسع الآخر كالاسلام الذي دخله الناس أفواجاً عندما خلصهم من جبروت الروم والفرس في مصر وشمال أفريقيا وفارس وغيرها.. لكن آخر الدواء الكي كما هو معلوم.

    إن مجرد مناقشة وضعية العاصمة من التشريع مما يدعو إلي الحسرة ذلك أن الإنقاذ رفعت شعار استكمال عرى الشريعة بإقامة مشروع إسلامي نهضوى متكامل يقدم بديلاً للنظام الرأسمالي الغربي الذي يسود عالم اليوم بعد أن ورثت قوانين سبتمبر الإسلامية التي لم تستثن منها العاصمة حتى حين ساد الهرج والمرج بعيد الانتفاضة بل إن مشروعية الإنقاذ تقوم على حاكمية الشريعة كما أن عهدها مع الشهداء أن تنافح عنها حتى في الأصقاع النائية من أرض الشمال فإذا بقر نق الذي يجيد فن الاستفزاز والتشفي والانتقام والإذلال لأبناء الشمال وقياداته لا يختار غير القلب من الجسد وهذا لعمري يشبه تماماً طلب إزالة المسجد الحرام من مكة المكرمة وأقول لترزية الفتاوى الذين أرهقوا أنفسهم في البحث عن فقه يجوز إقصاء الشريعة بأن مشكلتهم الكبرى تكمن في ذلك التراجع والانهزام المخزي والمستمر الذي بلغ أوجه الآن بالرغم من التحذير القرآني الشديد من الركون ولو شيئاً قليلاً إلي مراد المناهضين للشريعة الأمر الذي يدعوني للتحسر على آمال عراض كنا ذات يوم نتطلع لتحقيقها فبدلاً من أن تصبح الخرطوم مركز إشعاع للإسلام علي العالمين هاهي اليوم تغدو مهيضة الجناح محاصر إسلامها ليس من العلمانيين فحسب وإنما من بعض قيادات الحركة الإسلامية والأحزاب الطائفية القائمة أصلاً علي الدين والذين جرأوا علي الإسلام وشريعته كل من هبّ ودبّ من أعداء الإسلام في الداخل والخارج ويجدر بي أن أنصح شيخ الحركة الإسلامية (د.الترابي) بالا يسمح لبعض خفيفي التدين وأسرى العصبيات الضيقة ممن يمثلون حزبه في الخارج بأن يحرجوه ويشوهوا تاريخه ويسرقوا حزبه ويعبثوا بمرجعيته الإسلامية.

    إن الحفاظ علي الدين يعلو على المقاصد الشرعية جميعها بإجماع علماء الأمة فالنفس الإنسانية بالرغم من سموها عند الله تعالي تزهق طواعية في سبيل الدين وقد كان القرآن الكريم واضحاً وهو يقدم الدين علي الوحدة الوطنية التي عبر عنها هارون مخاطباً أخاه الغاضب موسي بقوله "خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل" فإذا بموسي المعروف بقوته فى الحق يحسم الأمر بتحطيم عجل السامرى وإعلاء راية التوحيد وخفض قيمة الشرك المتسربل بدثار الوحدة الوطنية.

    نعم هاهي الوحدة مع الجنوب تخرب دنيا الشمال وتجرده من ثرواته من خلال حرب امتدت لنصف قرن من الزمان وتوشك الآن أن تخرب عليه دينه وأخرته لتفتح بيوت الدعارة والبارات من جديد في الخرطوم بعد عشرين عاماً من إغلاقها (وتُنزع البركة من مكان وضعها الله فيه) كما عبر الأديب الأريب زين العابدين الهندي فأي هوان وأي هاوية تلك التي يسوقنا إليها الجنوب من يوم إلي آخر ؟! هوان صور شعب شمال السودان بقيمه التي لا يجارى فيها في عالم اليوم علي أنه شعب من الوحوش الضارية التي تستلذ باستعباد الجنوبيين والولوغ في دمائهم وأعراضهم !!

    لقد كتبت في مقالين سابقين مستشهداً ببعض ما يطفح من أحقاد علي السنة مثقفي الجنوب عن "العرب الجلابة" في الشمال والآن أعرض مقتطفات من حملة التشويه العالمية التي يتعرض لها أبناء الشمال وذلك بذكر نماذج مما نشر خلال فترة قصيرة في أمريكا من سيل لا ينقطع من التضليل والإفك الذي يتحدث عن اتجار الشماليين في أبناء الجنوب وبالرغم من أنها حملة مستمرة ولم تنقطع في يوم من الأيام إلا أنها بلغت أوجها خلال الزيارة التي قام بها قرنق لأمريكا نهاية مايو الماضي حيث قابل وزير الخارجية الأمريكي ورجال الكونجرس وقوى الضغط الأمريكية من اليمين المسيحي المتطرف والمنظمات الصهيونية ومجموعة البرلمانيين السود (البلاك كوكس) وقد أقيمت لذلك الغرض ? غرض دعم قرنق من خلال التجني علي شمال السودان ودمغه بممارسة تجارة الرقيق ? منظمات ترتزق منه وتستعطف المانحين المستغفلين ، فقد نشر موقع وورلدنت ديلى بتاريخ 29/5/2003 تقريراً عن قائمة يزعم أنها تضم 000ر10 من أبناء الجنوب يتعرضون للاسترقاق من قبل (العرب الشماليين) وأوردت صورة طفل تقول إن ركبتيه قد سمرتا مع بعضهما البعض بالمسامير وإن أكثر من 000ر200 طفل وامرأة من بحر الغزال قد تعرضوا للاسترقاق واستفاضت في تصوير كيفية ممارسة (الشمال العربي المسلم) حسب قولها لتلك الجريمة بحق أبناء الجنوب ولم تنس الأسطوانة المشروخة عن وفاة مليوني جنوبي جراء الحرب ولم ينس التقرير استدرار عطف المانحين بذكر أنه جاء نتيجة مسح حقلي أجرى على الإقدام والدراجات واستمر 18 شهراً تحت لسعات البعوض والحشرات وغطي منطقة شاسعة اكبر من مساحة ولاية نيومكسيكو وفى صحيفة فيلادلفيا أنكويرر بتاريخ 27 مايو كتب بروفيسور أيريك ريفس كلاماً ينضح حقداً عن قيام (النظام القمعي الوحشي في السودان) بتطوير أسلحة الدمار الشامل وأجتهد الكاتب في سبيل إثبات أن الحكومة السودانية أسوأ من نظام صدام حسين مستعرضاً بعض النقاط التي جعل بها من صدام حسين حملاً وديعاً مقارنة بوحشية النظام السوداني وذكر بأن أسلحة الدمار الشامل في السودان أشد فتكاً من أسلحة صدام ?????!!

    وبتاريخ 27 مايو قدمت "يواس نيوز وير" إعلاناً (موجهاً للمانحين بالطبع) عن محاضرة سيقدمها "فرانسيس بوك" وهو (عبد جنوبي سابق من السودان) يبلغ من العمر 23 سنه في فندق حياة ريجنسي في واشنطن دي سي بتاريخ 30/5/2003 وسيتحدث عن تجربته في الأسر والاسترقاق في السودان وهروبه واستقراره في أمريكا!!

    ونشرت صحيفة CNS المتخصصة في إشانة سمعة الشمال بتاريخ 30/5 مقالاً ناقداً لقادة حركة الحقوق المدنية في أمريكا لفشلهم في لفت النظر إلي وضع حقوق الإنسان في السودان بما في ذلك تجارة الرقيق وصب مرشح الرئاسة عن الحزب الديمقراطي آل شارتون جام غضبه علي تجاهل دور "الحكومة الإسلامية في السودان في تسهيل استرقاق المسيحيين والأرواحيين في جنوب السودان لمدة عشرين عاماً "وتحدث عن تجارة الرقيق التي ذكر أنه شاهدها بعينيه عندما زار السودان في ربيع عام 2001 ووصف الأوضاع في جنوب السودان بأنها "إحدى الفظائع الكبرى في العالم".

    وأشار نات هينتوف كاتب كلمة التحرير في صحيفة (فيلدج فويس) إلي خطاب مفتوح أرسله القساوسة السود إلى مجموعة (البلاك كوكس) في الكونجرس في عام 2000 يحثهم علي مزيد من الارتباط بقضية الرق في السودان ويقول الخطاب "نحن القساوسة الأفارقة الأمريكيين من شتي أنحاء البلاد نكتب لحث (البلاك كوكس) في الكونجرس للمجيء إلي مقدمة هذه المعركة.. وبصفتنا من سلالة العبيد الأفارقة ينبغي علينا أن لا نستريح حتى يحرر أولئك المكبلون بقيود الرق... حتى تحمي القرى الأفريقية من هجمات القتل الاسترقاقية... حتى تجبر القوات الجوية السودانية على وقف قصفها للمدارس والكنائس والمستشفيات الأفريقية " ويقول التقرير أن مجموعة البرلمانيين السود (البلاك كوكس) تزعم الآن أنها ضالعة بقوة في حل مشكلات حقوق الإنسان في السودان مشيراً إلي دورها في تمرير قانون سلام السودان في 21 أكتوبر الماضي وينص القانون علي أن تقوم الحكومة الأمريكية بفرض عقوبات اقتصادية وإجراءات تأديبية أخرى علي الحكومة السودانية في حالة فشلها في التوصل إلي إتفاق ينهي الحرب المستمرة لعقود من الزمان ويطلب من الحكومة الأمريكية رصد التقدم الحاصل بشأن حقوق الإنسان في السودان .

    وتمضي ذات الصحيفة في مقال آخر بتاريخ 8 مايو 2003 بعنوان "دق ناقوس الخطر حول تجارة الرقيق في أفريقيا" قائلة أن الناشطين في محاربة تجارة الرقيق يناشدون المجتمع الدولي للعمل بقوة في مواجهة ممارسة تجارة الرقيق في أفريقيا وغيرها من دول العالم وبالرغم من أن الصحيفة ذكرت بعض الأمثلة الأخرى في عدد من الدول الأفريقية إلا أن تركيزها كان منصباً على السودان حيث قالت "إن المليشيات العربية تقبض علي الجنوبيين السود المسيحيين والارواحيين وتبيعهم للشماليين العرب المسلمين الذين يستخدمونهم كعمال في البيوت" ويتعرض المقال لدور منظمة التضامن المسيحي التي تديرها البارونه كوكس في إطلاق سراح عشرات الالآف من الرقيق الجنوبيين منذ 1995 وأضافت أنه علاوة علي فقدان الحرية فإن الجنوبيين يتعرضون لممارسات أخرى تشمل القتل والاغتصاب والختان والضرب والتحويل القسرى للإسلام".

    وتبلغ حملات الإفك مداها بما ورد في نشرة سونا الخاصة في مقال بالإنجليزية عن الأجراء الذي اتخذته اللجنة الفرعية لأفريقيا في الكونجرس عندما استشاط أعضاء الكونجرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي غضباً على قرار لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بإلغاء القرار السابق حول رصد مخالفات السودان لحقوق الإنسان المتمثلة في الرق وتداول النواب حول ما ينبغي فعله لمواجهة قرار الأمم المتحدة وأقرت اللجنة الفرعية تعديلاً لقرار الأمم المتحدة حول السودان سيعرض علي الاجتماع القادم للجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وينص التعديل علي إرسال رسالة واضحة إلي جميع أعضاء لجنة حقوق الإنسان بأن الاعتراض علي إدانة الرق في السودان من شأنه أن يضعف أي قرارات يمكن للجنة أن تفرضها في المناطق الأخرى وقررت اللجنة الفرعية كذلك أن تعمل أمريكا علي إعادة السودان لقائمة الدول المنتهكة لحقوق الإنسان وتعيين مبعوث خاص خلال الاجتماع القادم للجنة حقوق الإنسان وكذلك أن تعمل أمريكا علي تشجيع الأمم المتحدة علي فرض عقوبات علي السودان مع حث الاتحاد الأوربي والاتحاد الأفريقي وكل المهتمين بحرية وكرامة الإنسان على ممارسة الضغط علي السودان لإلغاء تجارة الرقيق واحترام حقوق الإنسان" وتحدث أحد أعضاء الكونجرس في لجنة أفريقيا ويدعى "دونالد بين" عن كيف أفلحت الضغوط التجارية التي مورست من قبل الشركات الأمريكية في إسقاط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وأن هذه السياسة قد تنجح في السودان وقال "أحياناً تتغير الحكومات عندما تؤذيها في جيبها".

    هذه شذرات عجلي من كيد اليمين المسيحي المتطرف الذي يحكم أمريكا للسودان وأهله من أبناء الشمال, ترجمتها من بعض الغثاء الذي تمتليء به وسائط الأعلام والصحافة الأمريكية... الشمال الذي أحتضن الملايين من أبناء الجنوب الذين جاءوه مستجيرين من ويلات الحرب التي فرضتها زعاماتهم المتعاقبة على السودان قبل خروج الإنجليز من السودان وحتى اليوم طوال ما يقرب من نصف قرن من الزمان....الشمال الكريم الرحيم يفتري عليه ويتهم بأنه يختطف الجنوبيين قسراً ويسترقهم ويغتصب نساءهم و يحولوهم عنوة إلى الإسلام....الشمال الذي يتولى أبناء الجنوب جزءاً مقدراً من حكمه على أعلى المستويات علاوة على حكمهم للجنوب بالكامل دون مشاركة من الشماليين يقارن بينه وبين نظام الفصل العنصري البائد في جنوب أفريقيا....نعم هذا ما رسمه قرنق وأعوانه في نفوس الشعب الأمريكي بل وفي نفوس سكان العالم أجمع...قرنق الذي ظل يوغر صدور الأفارقة جنوب الصحراء بقوله "أن العرب في السودان لا يختلفون عن البيض في جنوب أفريقيا"... ويقول كذلك "إن العرب مكثوا في الاندلس اكثر مما مكثوا في السودان وكما أُخرجوا من الأندلس سيخرجون من السودان" هذا هو قرنق الذي مرغ أنوفنا في التراب وشوه صورتنا وجعلنا هو وقادة الجنوب الآخرين إحدى أفقر الدول في العالم بعد أن كنا موعودين ببلوغ ذرى المجد عزة وتقدماً..الم تسمعوا بمنظمة W.C.P السويدية التي نظمت جولة عالمية غطت 26 دولة وخاطبت خلالها مئات الآلاف من طلاب تلك الدول محدثة إياهم عن العبيد في السودان الذين يسامون الخسف من قبل العرب المسلمين في شمال السودان؟!

    لقد أفضت في مقالات سابقة في الحديث عن الأخطاء الكبيرة التي نقع فيها في تعاطينا مع مشكلة الجنوب والتي تقوم جميعها تقريباً على فرضيات خاطئة وعلى ثوابت واهية ومُسلمات قدسناها كما لو كانت قرآناً يتلى وظللنا نطوف حول صنم الوحدة الكذوب لم تثننا عنه خمسون عاماً من الموت والخراب والدمار والدماء والدموع ولم نسأل أنفسنا لماذا الإصرار على هذه الوحدة بالرغم من كل ما جرته على البلاد والعباد ولماذا ظل الساسة الشماليون منذ الاستقلال متشبثين بالجنوب بينما لم يكترث ساسة الجنوب لذلك بل ظلوا يبتزون الشماليين بالانفصال رغم كل ما جره الجنوب على الشمال من ويلات ومآسي؟ لماذا جرب غيرنا الانفصال دون أن تراق قطرة دم واحدة....لماذا فعلت تشيكوسلوكيا ذلك رغم أن مساحتها أقل من مساحة ولاية الخرطوم ورغم أن ما يجمع بين شعبها الذي انفصل إلي دولتين أكبر بكثير مما يجمع بين الشماليين والجنوبيين الذين أجزم بأن ما يفرق بينهم أكبر بكثير مما يجمع بينهم؟!

    أرجو أن تقرأوا معي تعليق د.مصطفي عثمان إسماعيل وزير الخارجية على تصريحات ابتزازية أطلقها دينق الور أحد قيادات التمرد حين قال " إن الإصرار على العاصمة الدينية يعتبر شهادة انفصال للجنوب" قال د.مصطفي الذي أقدر كل ما قدمه من مكاسب للدبلوماسية السودانية "إن الحركة بهذا التصريح تبيت النية لفصل الجنوب" لم يدرك د.مصطفي وكثيرون غيره من السياسيين انه عندما يفزع قرنق وعرمان من تنامي التيار الانفصالي بين أبناء الشمال والذي طفح في الصحف بصفة تلقائية ومدهشة خلال الشهور الأخيرة وعندما يلطم رجل مثل منصور خالد الخدود ويشق الجيوب وهو يرد على مقالاتي بفزع وجزع شديدين محاولاً التصدي للتيار الانفصالي الهادر في الشمال فإنه يعني ما يقول ويعبر عن الحقيقة التي يرفض أن يصدقها بعض سياسيينا...حقيقة أن قرنق حريص على الوحدة أكثر من حرصنا عليها بل أن قرنق قال علي رؤوس الأشهاد "إن علي الشماليين إذا أرادوا الانفصال أن يقاتلوا في سبيله" (They have to fight for it) وهو يعلم علم اليقين حكمة السلطان لادو لوليك حين قال قبل استقلال السودان أن الشمال بالنسبة للجنوب مثل (القش) بين أواني الزجاج ويعلم أنه من الأسهل له مليون مره أن يحكم السودان كله من أن يحكم الجنوب وهو بالفعل يعبر عن توجهاته الحقيقية عندما رفع شعار تحرير السودان كله ( من العرب الجلابة) وسمي حركته وجيشه بهذا الاسم وظل يردد دعاواه عن سيطرة الأقلية العربية على الأغلبية السوداء في السودان وماتحركاته وسط القبائل غير العربية في جبال النوبة ودار فور وجنوب النيل الأزرق إلا دليل على ذلك ولعل تمرد دار فور الذي سمي حركته بذات اسم حركة قرنق (حركة تحرير السودان) - تحريره من( الأقلية العربية المستعمرة في الشمال) كما ورد في بيانه - وما ضلوع قرنق في حركة دار فور الذي ثبت بالوثائق والتسليح ما ذلك كله إلا دليل على مااقول... وبالرغم من أن استراتيجية قرنق تقوم على توحيد السودان (المحرر) وفق أسس جديدة تحت أسم (السودان الجديد) بالرغم من ذلك فأن ساستنا يرفضون التسليم بهذه الحقيقة ويبنون كل استراتيجية التفاوض على فرضيات خاطئة تجعلهم عرضة لابتزاز الطرف الأخر فهاهو باقان آموم يصرح لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية أن "موقف الحكومة تجاه العاصمة سيؤدي إلى الانفصال" أي انه مطلوب منا أن نغضب الله في سبيل أرضاء قرنق وتقديم الوحدة على شريعة الله!! للأسف فإن ساستنا لم يدركوا حتى الآن أنه حتى ولو من قبيل الكياسة ينبغي إلا يسمح لقرنق بأن يبتزنا بالانفصال بدلاً من أن نبتزه به ووالله أني لاعتقد اعتقاداً جازماً انه لو كان الوفد الحكومي قد خفض الفترة الانتقالية إلى عام واحد بدلاً من العامين اللذين اقترحهما قرنق لرفض قرنق وأصر على العامين ولكن قرنق بدهائه المعروف يتلاعب بسياسيينا ويستثمر افتراضاتهم الخاطئة وينتزع منهم المكاسب الهائلة (بكرت بايظ) فعندما رمى بطرح تقصير الفترة الانتقالية إلى سنتين فزع وفدنا وتعامل برد الفعل طالباً إطالة الفترة الانتقالية إلى عشر سنوات فكان أن تم التوصل إلى ست سنوات كحل وسط أفرح وفدنا المفاوض الذي ظل يؤكد أن الهدف من أطالة الفترة الانتقالية هو أن نعمل على أقناع أبناء الجنوب بالوحدة وذلك بالطبع من خلال أهدار المزيد من موارد الشمال في مستنقع الجنوب وكأن نصف قرن من الإهدار لم يكن كافياً ولازلت لا أجد إجابة لماذا نصر على تدليل أبناء الجنوب للموافقة على التوحد معنا وكأن الشمال هو الجحيم الذي ينفر منه أبناء الجنوب لا النعيم الذي يهربون إليه من جحيم قرنق.. أو كأن الشمال هو الذي اغرق الجنوب في التخلف لا العكس وهو ذات المنطق الذي يجعل الساسة الشماليين بمختلف أحزابهم يمنحون أبناء الجنوب الحق في تقرير مصيرهم لكن لااحد يفكر في منح أبناء الشمال ذات الحق بالرغم من أنهم هم الذين دفعوا بالدماء والدموع ثمن وحدة لم يقرروا بشأنها وإنما فرضها الإنجليز لا لشيء إلا لإغراق الشمال في مستنقع لأغرار له ولاقاع .

    إنها (عبقرية الإخفاق) التي كتب عنها الرجل العبقري د.غازي صلاح الدين في صحيفة الرأي العام بتاريخ 5/7 ... "الإخفاق العبقري المستوفي شرطي الخطأ المتناسخ والاتساق " كما حدد د.غازي بدقة متناهية وهو يتحدث عن تعاطي السياسة السودانية مع قضية الشريعة وكان الأحرى بالرجل أن يطلق ذلك التعبير علي تعاطي السياسة السودانية مع مشكلة جنوب السودان ... إخفاق جعل من ساسة السودان عبر جميع الحقب أسرى لفشل الاستسلام لنمط واحد من التفكير لا يغادرونه إلي غيره بالرغم من أن الحل الناجع لا يتجاوز مواطىء أقدامهم.. حل جربه غيرهم بنجاح تام في مناطق أخرى من هذا العالم بدون أن تراق قطرة دم واحدة.

    إنه التمادي في الغفلة والإخفاق العبقري الذي يجعلنا نتغافل عن كل عبر التاريخ ويوهمنا أنه من الممكن أن يتحقق سلام مع قرنق بالرغم مما فعله بكل الحكومات المتعاقبة منذ 1983 بدون أن نعتبر بعبرة اتفاقية أديس أبابا عام 1972 والتي يعلو صوت ساسة الشمال والجنوب جميعاً بتحميل نميري وحده مسؤولية خرقها تناسياً وتجاهلاً للحقائق الدامغة التي تشهد بخلاف ذلك واني أدعو صحيفة (الرأي العام) لإعادة مذكرات اللواء صديق البنا والتي أثبت فيها أن خروقات التمرد لم تتوقف لشهر واحد بعد توقيع الاتفاقية وذكر وقائع الخروقات محدداً بدقة الأيام التي حدثت فيها والمواقع والقادة الذين دبروها والخسائر التي حدثت من جرائها بل إن التاريخ يشهد أن كاربينو قد تمرد بالفعل في مايو 1983 أي قبل الخرق المنسوب لنميرى في يونيو 1983 بالرغم من أن ذلك الخرق قد تم بتحريض ممن وقعوا علي الاتفاقية ومنهم جوزيف لاقو بعد أن وصلت الاتفاقية إلي طريق مسدود وثارت القبائل الجنوبية علي هيمنة قبيلة الدينكا.. نعم لقد فشلت اتفاقية أديس أبابا بالرغم من بساطتها وبالرغم من أنها منحت الجنوب حكماً ذاتياً أقرب إلي الكونفدرالية منه إلي الفيدرالية ... حكماً ذاتياً غلّ يد رئيس الجمهورية تماماً عن التدخل في الجنوب وبالرغم من ذلك لم يرض بها قطاع عريض من المتمردين بمن فيهم قرنق مما أدي إلي فشلها فكيف بربكم ينجح اتفاق معقد يتناول قضايا شائكة يحمل كل منها عوامل فشله في داخله.. بل كيف نتفق أصلاً علي هذه المطالب المستحيلة؟ جيشان في وطن واحد وشريكان متشاكسان في قمة السلطة تفصل بينهما حمامات من الدماء والشك والارتياب أحدهما (خصم مراوغ) و(مبتز ملحف) علي حد وصف د. غازي لقرنق في مقاله الأخير ...ترتيبات أمنية مستحيلة.. إحلال وإبدال في كافة المواقع بما في ذلك القضاء والخدمة المدنية ومجلس الوزراء والبرلمان ثم قضية الشريعة ومشكلة تقسيم الثروة!!.

    إن ما يؤلم بحق ذلك التبسيط المخل والعجز عن التصريح بمكنونات الصدور والهرولة والتهافت الذي يجعل مسؤولينا يتحدثون عن الجولة الحالية للتفاوض باعتبارها الحاسمة والأخيرة وبأن السلام بات مضموناً ومفروغاً منه بالرغم من حقول الألغام التي تتربص به من كل مكان وبالرغم من أن نحو سنه كاملة من التفاوض لم تقربنا شبراً واحداً من السلام المزعوم وفي المقابل نجد تماسكاً ورباطة جاش مدهشة لدى الطرف الآخر فهاهو ياسر عرمان يصرح للشرق الأوسط اللندنية بأن "الصورة الوردية التي رسمها النظام في الخرطوم في أن السلام بات في متناول اليد " يعتمد تطبيقها في الأساس علي قدرة النظام علي اتخاذ القرارات الصعبة حول قضية الترتيبات الأمنية ووجود جيشين خلال الفترة الانتقالية والمناطق الثلاث والعاصمة القومية والبترول وملكية الأرض وموضوع الرئاسة والنسب في الجهازين التشريعي والتنفيذي" واذا كان ذلك هو رأي عرمان عشية الجولة الحالية من التفاوض فماذا يا تري حققنا من تقدم يجعلنا نتحدث عن مرحلة ما بعد السلام باعتبار أن السلام قد تحقق بالفعل ثم ماذا عسانا نقول الآن وقد فشلت هذه الجولة التي سميناها بالحاسمة بعد أن أسرف مسؤولونا وملأوا الدنيا ضجيجاً عن السلام ومرحلة ما بعد السلام؟

    انه الجنوب الذي ضمته بريطانيا أمعانا منها في الكيد للشمال بسبب هويته العربية الإسلامية التي كانت تسعى لطمسها وتمييعها حتى يظل كسيراً منهكاً بحرب ضروس لا تتوقف وذلك عندما أصدر السكرتير الادارى جيمس روبرتسون عام 1946 منشوراً جاء فيه " إن على حكومة بريطانيا من الآن فصاعداً أن تبني تصرفاتها وأفعالها على التسليم بأن من صفات سكان الجنوب الأساسية أنهم زنوج أفارقة إلا أن العوامل الاقتصادية والجغرافية قد قضت بربطهم بالمستعربين من أهل الشمال ربطاً لا انفصام فيه" ثم زورت الادارة البريطانية مؤتمر جوبا عام 1947 بالترغيب والترهيب كما أثبتت الوثائق ليقرر ممثلو الجنوب الوحدة مع الشمال وجاء قرار الربط بين الشمال والجنوب بعد ما يقرب من ربع القرن من إشاعة البغضاء في نفوس أبناء الجنوب تجاه الشماليين من خلال قانون المناطق المقفولة لعام 1922(the closed districts act) ثم سياسة جنوب السودان لعام 1930 والتي قضت بترحيل جميع الشماليين من الجنوب إلى الشمال ومنع المسلمين الجنوبيين من ممارسة شعائرهم الدينية علناً وإنشاء منطقة عازلة بين بحر الغزال ودار فور ومنع استخدام اللغة العربية في المدارس واستخدام الإنجليزية في الادارة والتعليم وتهجير قبائل مسلمة بكاملها من الجنوب وتشجيع التجار المسيحيين من الشوام والإغريق للتجارة بالجنوب كبديل للشماليين وقصر الدعوة والتعليم على النشاط الكنسي وفرض تغيير الأسماء العربية ومنع التجار من بيع الجلاليب ونجحت تلك السياسة نجاحاً كبيراً في محاربة الدين الاسلامى واللغة العربية وفى إيغار صدور الجنوبيين ضد الشماليين باعتبارهم تجار رقيق ومستعمرين وبعد أن فعلت ذلك كله اتخذت بريطانيا قرارها الاستراتيجي القاضي بضم الجنوب للشمال وكما يقول محمد أحمد محجوب فان نظرة الجنوبيين للشماليين قد أسسها الاستعمار البريطاني والمبشرون وقد انفجر ذلك الحقد المغروس في نفوس الجنوبيين في أغسطس 1955 أي قبل استقلال السودان وذلك من خلال ما عرف بتمرد توريت بالرغم من أنه اندلع في 13 مدينة ومركز في الجنوب في وقت واحد وقتل خلاله مئات الشماليين وقد جاء في تقرير القاضي الشامي المسيحي الديانة توفيق قطران رئيس لجنة التحقيق في تمرد توريت التي شـكلت مـن قبـل الشـيخ على عبدا لرحمن وزير الداخلية عام 1955 أن الجنوبيين يعتبرون الشماليين مستعمرين استغلاليين" وقال التقرير كذلك " إن الأشياء المشتركة بين الشماليين والجنوبيين قليلة جداً " ويضيف التقرير " كل العوامل السالفة الذكر مجتمعة لم تخلق في الجنوبيين شعوراً بقومية مشتركة مع الشماليين أو حتى شعوراً وطنياً أو حباً للسودان كوطن واحد وظل ولاء الجنوبي العادي- كما كان دائماً - منحصراً في نطاق قبيلته". وأتساءل الآن بعد نصف قرن من تقرير القاضي قطران هل حدث أي تطور ايجابي في ولاءآت الشخصية الجنوبية أو في نظرتها لأبناء الشمال أم أن الأمر تفاقم إلي الأسوأ ؟!

    هذا ما فعلته بنا بريطانيا التي يحلو لي أن أسميها (بصندوق باندورا) الذي خرجت منه الشرور إلي العالم أجمع وفقاً للأسطورة الإغريقية.. بريطانيا التي مزقت العالم الإسلامي إرباً بعد أن استعمرته ردحاً من الزمان (سايكس بيكو) وزرعت مشكلة جنوب السودان ومشكلة الشرق الأوسط من خلال وعد بلفور عام 1917 وما من مشكلة عانى ويعانى منها العالم الإسلامي قديماً وحديثاً إلا ولبريطانيا فيها نصيب الأسد هذا علاوة على أن الانجلو ساكسون الذين يحكمون بريطانيا الآن هم الذين ظلوا يحكمون أمريكا تحت العلم البريطاني قبل الاستقلال ويحكمونها بعد ذلك وحتى اليوم وهم الذين يفتكون بالمسلمين في كل مكان لذلك فإنه من الغريب أن نؤمل في حياد القس دانفورث مبعوث اليمين المسيحي المتطرف الذي رأينا بعضاً من كيده في الفقرات السابقة والذي وصفه د.غازي بقوله في مقاله الأخير "تلك الشرذمة المهووسة التي تملكت حكومة أكبر قوة في العالم ومضت توظفها لاهدافها المادية الخاصة التي لا علاقة لها بالمسيحية الحقيقية" أو نؤمل في حياد ألن قولتي مبعوث بريطانيا الذي أرسلته لنا أمعانا في الكيد بعد أن طردناه بسبب سلوكه ألعدائي قبل سنوات عندما كان سفيراً لبلاده في السودان ولذلك لا غرو أن يطلق تصريحات مساندة للتمرد في شأن علمانية العاصمة.. لقد قال د. غازي في ندوة بجامعة الخرطوم علي ذمة صحيفة الوفاق "إن أمريكا تري أن بقاء السودان موحداً أفيد لها علي الأقل في إضعاف التيارات الإسلامية" وبالرغم من ذلك نسعى نحوها إلي حتفنا بظلفنا ونسلمها ملف جنوب السودان بالرغم من موقفها في قانون سلام السودان المعاقب للسودان المكافىء لقرنق وبالرغم مما رأيناه من نماذج عدلها وإنصافها في فلسطين وأفغانستان والعراق .

    بعد أن رأينا الموقف الأمريكي والبريطاني المؤيد للوحدة أود أن أتعرض لموقف الضلع الثالث في محور الشر (إسرائيل) وأود أن أدعو الشقيقة مصر لقراءة الموقف الإسرائيلي بتعمق وإلي إعادة النظر في موقفها من قضية جنوب السودان وأحيل القارئ إلي تقرير البروفيسور جبرائيل قورباج عن العلاقات السودانية الإسرائيلية من عام 1948 إلي 1956 والمنشور في دورية دراسات الشرق الأوسط وكذلك إلي ما نشر في صحيفة هارتس الإسرائيلية فقد تحدث التقرير عن اهتمام إسرائيل بالسودان باعتباره العمق الاستراتيجي للأمن القومي المصري وعن هدفها الاستراتيجي المتمثل في إضعاف السودان ومصر وأشار التقرير إلي علاقات الصديق المهدي وعبدا لله خليل مع إسرائيل ولقاءاتهما مع قولدا مائير وزيرة خارجية إسرائيل آنذاك وقادة جهاز الموساد وذلك للاستعانة بإسرائيل لاستخدام نفوذها لدي بريطانيا للحيلولة دون اتحاد السودان ومصر وكيف تحول اهتمام إسرائيل إلي جنوب السودان بعد أن أغلق الشمال في وجهها في أعقاب انقلاب الفريق إبراهيم عبود وذلك بهدف شغل السودان بحرب لا هوادة فيها حتى لا يدعم السودان مصر في صراعها مع إسرائيل وكذلك دور إسرائيل في اتفاقية أديس أبابا التي أبرمت عام 1972 ومعلوم أن منصور خالد الذي وقع تلك الاتفاقية بصفته وزير خارجية نميرى كان سكرتيراً خاصاً لعبدالله خليل الذي تحدثنا عن علاقته بإسرائيل كما أن علاقة منصور خالد وقرنق بأمريكا وإسرائيل الآن معلومة لعامة الناس .

    ويجدر بي أن أذكر ما صرح به ديفيد كمحي نائب مدير الموساد الأسبق عن دور إسرائيل في دعم تحرير جنوب السودان وكذلك عن تغيير استراتيجية إسرائيل نحو توحيد الجنوب مع الشمال وذلك لأبعاد السودان عن الهوية العربية الإسلامية وعن عمقه العربي وهو ما يتفق مع الرأيين الأمريكي والبريطاني وذلك ما أكده الخبير الاستراتيجي المصري د. إبراهيم نصر الدين من خلال برنامج (بلا حدود) في قناة الجزيرة القطرية بتاريخ 2/11/2002 حيث كشف الرجل عن السياسة الإسرائيلية الهادفة إلي طمس الهوية العربية الإسلامية في السودان وعن موقفها المساند لوحدة السودان بالنظر إلي أن الانفصال لا يحقق الاستراتيجية الإسرائيلية المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي ويقول الرجل إن الانفصال في رأي إسرائيل سيؤدي إلي خلق دولة في الشمال السوداني بهوية عربية إسلامية قد تتحد مستقبلاً مع مصر وأشار الخبير المصري إلي ضم السودان للقرن الأفريقي وانتزاعه من محيطه العربي الإسلامي وإلي سعي أمريكا وإسرائيل إلي أفرقة السودان وإخضاعه لقرنق وهو ما يتفق مع نظرية السودان الجديد التي يتبناها قرنق لذلك فإني أدعو مصر إلي الاستيقاظ من ثباتها العميق والانتباه إلي دورها التاريخي وإعادة النظر في إستراتيجيتها بما يجعلها تسعي إلي توحيد شمال السودان ومصر واصلة بذلك ما أمر الله به أن يوصل ومحققه حلماً قديماً للعرب والمسلمين جميعاً بإقامة دولة كبرى تعيد التوازن وتستعيد مجداً مضاعاً بدلاً من سعيها إلي وصل ما أمر الاستعمار الإنجليزي بوصله تآمراً علي الهوية العربية الإسلامية في السودان .

    إنني أدعو مصر إلي إشراك مواعين التفكير من الخبراء والعلماء الذين تعج بهم بدلاً من إغماض العينين والبقاء في أتون الاستراتيجيات القديمة البالية التي ما عادت تتسق مع المستجدات التي تحكم عالم اليوم وهي ذات الدعوة التي وجهتها لسياسي السودان حتى يخرجوا إلي الهواء الطلق بدلاً من سجن الذات وتعذيبها في أسر المسلمات القديمة التي لم تورثنا غير الخبال.

    لقد كان مقال د. غازي رائعاً بحق ولن أستطيع أن أكتب عنه بأفضل مما كتب د. الحبر نورالدائم ببيانه الممتع ولعل أكثر ما أعجبني في مقال د. غازي قوله ، تعقيباً علي السفهاء ممن اعتادوا التطاول علي الإسلام ، إن المسلمين " لا يمكن أن يغضوا بعد اليوم عن المطالبة باحترام دينهم وحقوقهم إذا أريد لأي نوع من الشراكة أن تثمر وأن تدوم وبالطبع هم لن يقبلوا بعد توقيع السلام أن يظل مثل هذا الابتذال في تصوير الإسلام أداة للابتزاز أو للاستنصار بالأجنبي" .

    إننا نحتاج إلي استخدام هذه اللغة مع المتمردين الذين لم يكتفوا بالتطاول علينا ورمينا بأقذع الأوصاف وإنما بلغوا درجة الاستخفاف بديننا وحقوقنا كمسلمين وقد آن الأوان لأن نواجه هذا الابتزاز الذي جعلنا في حالة دائمة من الانكسار والاعتذار لمن ينقصون ويتخلفون بانفصالهم عنا ونزيد ونتقدم بانفصالنا عنهم... نعم لقد آن الأوان لعودة الوعي وتصحيح الخطأ القديم بأن يستخدم سلاح الابتزاز من هو جدير به وليس من لا يستحقه.

    أعتقد أن الأمر في يد السيد رئيس الجمهورية وهو الجدير بأن يحتل مكاناً في التاريخ ويصحح خطأ لا يجرؤ غيره علي تصحيحه وليس مطلوباً منه وقد بلغت الروح الحلقوم وحوصرنا في ديننا وهويتنا ، غير أن يعرض أمر العلاقة بين الشمال والجنوب علي الاستفتاء العام لأبناء الشمال ولن يلومه أحد علي قرار يتخذه الشعب وإنما سيخلده التاريخ لتحريره للشمال من الاستعمار الجنوبي الجاثم علي صدره والذي يصر علي إذلاله وتدميره . إن من حق الشمال أن يقرر مصيره وعلاقته بالجنوب ولا يطلب أبناء الشمال منكراً إن هم أرادوا أن يعيشوا أحراراً من استعمار دمر ثرواتهم وعطل مسيرتهم وقتل أبناءهم وأذلهم ولطخ سمعتهم أمام العالمين.. لقد آن الأوان للرئيس أن يعُمل قناعاته القديمة التي صرح بها علي رؤوس الأشهاد بأن يختار الانفصال علي استمرار الحرب بعد أن تعذر السلام.
    ألا هل بلغت ؟ اللهم فأشهد ..
    الطيب مصطفى
    E.mail [email protected]
                  

07-16-2003, 07:55 AM

مارد

تاريخ التسجيل: 04-24-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فصل الجنوب صار مسألة وقت ليس إلا (Re: WadalBalad)

    الأخ ود البلد سلام

    مع إدانتى الكاملة للتعدى على حرية الصحافة والتعبير بأى صورة كانت ،إلاّ إننى استميحك عذرا بأن أقول عجبنى ليهم واللهم لاشماتة .. لأنه الكلام دخل الحوش ومن تصرفاتك حتى مع أعوانك أدينك كما يقولون
                  

07-16-2003, 04:26 PM

WadalBalad
<aWadalBalad
تاريخ التسجيل: 12-20-2002
مجموع المشاركات: 737

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فصل الجنوب صار مسألة وقت ليس إلا (Re: WadalBalad)

    الأخ مارد

    النظام فى حالة اللا توازن أو إن شئت الأنهيار وتتكالب عليه المصائب كل يوم جزاءاً بما إقترفت أيديهم

    وها هو إتحاد جامعة الخرطوم يتم الناقصة

    قال خال الرئيس قال!!! اللهم لطفك بهذا الوطن الكئيب
                  

07-16-2003, 05:58 PM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فصل الجنوب صار مسألة وقت ليس إلا (Re: WadalBalad)

    الله يستر
    ساكت يا بروف
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de