تأسيس نظرى لحركة القوى الاجتماعية الجديدة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 07:16 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-14-2003, 11:49 AM

hisham alnour
<ahisham alnour
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 20

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تأسيس نظرى لحركة القوى الاجتماعية الجديدة

    مشروع تأسيس نظري لحركة القوى الاجتماعية الجديدة
    أو لحركة اليسار الجديد

    هشام عمر النور
    حركة القوى الحديثة الديمقراطية(حق)- السودان

    الحاجة إلى أساس نظري جديد:

    انهارت دول شرق أوروبا والاتحاد السوفيتي وانهارت تجربتهم الاشتراكية، تداعت الماركسية واتضح زيفها، على الأقل في صورتها الكلاسيكية. أصاب الذهول قوى التغيير في العالم التي حملت آمال الجنس البشرى في الحرية والمساواة والإخاء والعدالة، آمال أقامتها على ما ظنته تفكيراً علمياً، فانتهت إلى قيامة لم يهدأ بعدها خاطر. وظن البعض – وإن بعض الظن إثم- إن الأمر هين ويمكن اقتصاره على ترميم بعض المفاهيم والحفاظ على الآخر ضمن ذات الموقف من الطبيعة والمجتمع والفكر. وبدأت عمليات جرد ساذجة، هذا مفهوم استخدمه الحزب جيداً ولم يكن هنالك مشكلة أما هذا فيجب مراجعته لأن وقائع الحياة كذبته. ولم يستطيعوا هضم فكرة أن الأمر يتجاوز عمليات الجرد هذه إلى تصفية الحساب مع الماركسية، تصفية شبيهة بما قام به ماركس وإنجلز مع الفلسفة الألمانية.

    لقد كان الانهيار من الضخامة بحيث أن العالم لم يعد كما كان ويستحيل أن يعود كما كان عليه وتجاوز التغيير حدود المجال السياسي والأيديولوجي ليشمل مجال الحياة كلها. وتهاوت مفاهيم أساسية في الماركسية واستطاع كل من أعادت له الهزة بصيرته وحررته من العمى الأيديولوجي أن يرى أن الانهيار من الضخامة بحيث يستحيل تبريره بخلل بسيط في الجهاز المفاهيمى للماركسية يمكن تداركه وترميمه وأن الأمر يتعلق بكامل الجهاز المفاهيمى للماركسية وهو ما لا يمكن معالجته إلاً بتصفية الحساب مع الماركسية كلها، ومن خارجها لأن محاولات الترميم من داخل الماركسية يحولها إلى سلفية تحاول الانسجام مع التغييرات الكبيرة والجذرية التي حدثت في العالم وفشلت في التنبؤ بها بل كان حدوثها هزيمة كبيرة وقاتلة لها.

    ونحن بحاجة إلى النظر مجدداً إلى تاريخ الجنس البشرى بحيث نستطيع أن نفهم التغييرات التي حدثت ضمن صيرورة هذا التاريخ وفى مجراه، لا أن نفهم هذه التغييرات كتناقض مع هذا المجرى كما تضطرنا الماركسية السلفية أن نفعل ونحن بحاجة إلى أن نموضع الماركسية نفسها ضمن مجرى التفكير النظري وصيرورته باعتبار أنها حلقة في سلسلة تطور التفكير النظري وليست التعميم النهائي له الذي يحتاج فقط إلى تدقيق بين كل فينة تاريخية وأخرى. بمعنى آخر إننا بحاجة إلى أساس نظري جديد إلى جهاز مفاهيمي جديد يستوعب الانهيار الذي تم والتغييرات التي حدثت بحيث تتبناه قوى التغيير في العالم لتؤسس به مشروعها هل هذا أمر ممكن؟ ونقدم إجابة حاسمة وقاطعة على هذا السؤال رغم أن هذا يتناقض مع طبيعة التفكير النظري: نعم. إجابة حاسمة وقاطعة لأنها الإجابة الوحيدة التي تبرر كتابة هذا المقال. نعم، إذا جعلنا مصادر تفكيرنا النظري هي: الحداثة ومشروع التنوير الذي تبنته ونظرنا إلى الماركسية داخل هذا السياق وإذا جعلنا من مصادرنا المستقبليات (ألفين توفلر ومدرسته) وبالذات معالجتها لتاريخ الجنس البشرى ولثورة الاتصال والمعلومات والتقنية والإنتاج وكذلك جعلنا من مصادرنا نقد ما بعد الحداثة وإذا استفدنا من تجاوز النظرية النقدية (مدرسة فرانكفورت) لهذا النقد وإعادة بناءها لمشروع التنوير على أسس نظرية جديدة بحيث يمكننا أن نميز بين حداثة سلفية تضع نفسها في تناقض مع تغييرات ما بعد الحداثة وبين حداثة جديدة تتجاوز ما بعد الحداثة. وإذا استفدنا أيضاً من فلسفة العلوم وتصوراتها حول العقلانية وتقدم العلم وصيرورته. ومن قمم الفكر الديمقراطي القائمة الآن فيما يسمى بالمجتمعية . وسنتناول في هذا المقال جزءاً من هذه المصادر على أمل أن نتابع الكتابة عن البقية في مقالات أخرى كلما أتيحت الفرصة.

    الحداثة والتنوير والماركسية:
    تباينت الآراء حول الحداثة والتأريخ لبدايتها وطالب الكثيرون بدراسة تاريخ مصطلح "الحداثة" ولكن يظل الرأي الغالب مع اختلافات طفيفة هنا وهناك، أن الحداثة تميز انتقال الحضارة الإنسانية من مجتمعاتها الزراعية إلى مجتمعاتها الصناعية ويمكن أن نحدد عصر كبداية للحداثة مرتبطة بظهور المدينة متخذين من الشارع العريض المضاء رمزاً لها، كما فعل بودلير. لقد جاءت الحداثة في أعقاب العصر الوسيط الذي كانت تشكل فيه الكنيسة موقفاً دوغمائياً اطلاقياً يتأسس على الدين وينبني على ثنائية ناجزة (مانوية) تجعل الظلام في جانب والنور في جانب آخر، الشر والخير، الباطل والحق، الكفر والإيمان، ...الخ موقف يجعل الحقيقة والصواب دائماً في جانبه بينما الكذب والخطأ دائماً في الجانب الآخر المختلف أياً كانت درجة اختلافه، فلم يكن غريباً أن تشكل الحداثة موقفاً اطلاقياً دوغمائياً مضاداً يتأسس على العلم وينبني على ثنائية ناجزة مغايرة تجعل العقل في جانب والحواس في جانب آخر أو العقل والحدس، التجريبي والمتعالي، الكلى والعيني، ...الخ وهو أيضاً موقف يجعل الحقيقة في جانب والكذب في الجانب الآخر. وارتبطت الحداثة بصعود العلم وهيمنته على التفكير النظري وبانفصال اللاهوت عن الفلسفة وبشكل عام ارتبطت الحداثة بالتحدي الذي شكلته الحياة الحديثة في وجه الاعتقاد الديني. ودافعت الحداثة عن القيم الكلية كما مثلتها قيم عصر التنوير، قيم العقلانية والتجريبية والاعتقاد في العلم ومنهجه وتحرير الإنسانية بالعلم التطبيقي والفردية والشك في مذاهب الكنيسة والاعتقاد في التربية والتعليم باعتبارهما عاملين أساسيين في التغيير الاجتماعي والتمثيل السياسي، قيم الديمقراطية وتوسيع حكمها وحقوق الإنسان الأساسية. وكان النصف الثاني من القرن الثامن العشر ذروة عصر التنوير وجاءت الثورة الفرنسية كأعلى تعبير عن هذا العصر وشكلت شعاراتها الأساسية "الحرية، المساواة، الإخاء" القيم الجوهرية للحياة الحديثة وانبنى حولها النشاط السياسي والنظري.

    وانبنى موقف عقلاني على أساس من العلم والتجربة والعقلانية انتهى بهيمنة الحتمية على مجال الفكر العلمي وآلت القضية البسيطة القائلة بأن لكل أثر سبب إلى أن الطبيعة يمكن قراءتها بالكامل قراءة رياضية تحكمها قوانين نيوتن الفيزيائية الآلية. وبتطبيقنا لهذه النتائج على مجال السلوك الإنساني نحصل على حتمية قاطعة يمكننا فيها أن نتعرف على خيارات أي إنسان إذا تعرفنا على العوامل المؤثرة على حياته والشروط التي عاش فيها. وهذا كان يعنى افتقار الإنسان للحرية فالإنسان لا يختار وفقاً لإرادته وإنما يختار لعوامل بيولوجية وكيميائية وفيزيائية واجتماعية...الخ ولذلك يمكننا التنبؤ باختياراته أو قراءتها كما نقرأ الطبيعة.

    وهكذا يمكننا النظر إلى الماركسية باعتبارها امتدادا لمشروع التنوير وعقلانيته وحتميته فالقيم الجوهرية للحياة الحديثة كما عبر عنها عصر التنوير في الثورة الفرنسية، قيم "الحرية، المساواة، الإخاء" حولتها الماركسية إلى نتائج لتطور المجتمعات طبقاً لقوانين موضوعية تعمل وفقاً لمنطق الحتمية التاريخية وانسجاماً مع المنهج العلمي لعصر التنوير اكتسبت الماركسية طابعها العلمي بأن جعلت قوانينها الموضوعية تعمل في مجال النشاط المادي للإنسان (النشاط الاقتصادي الذي يحدد النشاط الاجتماعي والسياسي) دون أفكاره ومعرفته، مما جعل الأخيرة دائماُ ملحقة بالأولى ومحددة بها. وبالتالي فإن المعرفة بهذه القوانين تكفل السيطرة على التطور الموضوعي للمجتمع بما في ذلك الأفكار والمعرفة. أما المشروع الديمقراطي لعصر التنوير فقد تم إلحاقه بالقوانين الموضوعية اكتسب بذلك أهمية ثانوية بديلاً للأهمية الأولية التي كانت له في بدايات عصر الحداثة كما عبرت عنها الثورة الفرنسية. وتماماً كما عصر التنوير انبنت الماركسية على دوغمائية تميزت بثنائيات مطلقة: البرجوازية والطبقة العاملة، الرأسمالية والشيوعية، الديالكتيكى والميتافيزيقى، المثالية والمادية، علاقات الإنتاج والقوى المنتجة...الخ، والأهم من كل ذلك تلك الثنائية التي تجعل الماركسية التفكير العلمي الوحيد في مقابل كل الأفكار الأخرى التي هي الفكر البرجوازي. إنها ذات الثنائية التي تجعل الحقيقة في جانب والكذب في الجانب الآخر، الخير والشر، الحق والباطل.

    نقد الحداثة ـ ما بعد الحداثة:
    ابتداءً من هذه الثنائية التي ميزت الحداثة كلها بدأ نقد ما بعد الحداثة، ويعود الفضل في الكشف عن الثنائية التي تعرضنا لها فيما سبق للنقد الذي مارسته ما بعد الحداثة. لقد كشف هذا النقد عن أن الثنائية تتخلل نسيج التدين في أوروبا والتقاليد الفلسفية للميتافيزيقيا والابستمولوجيا. وهى ثنائية يتم التعبير عنها بطرق عدة: الأنا ضد الآخر، العقل ضد الشعر، العقل ضد الحدس، إمكان الحقيقة ضد السيلان النسبي والابستمولوجى...الخ. لقد انتقلت ما بعد الحداثة إلى تفكير لا ثنائى ولكن العلاقة بين تصوراتهم عن الحداثة وما بعدها تبدو – ويا للغرابة- أيضاً ثنائية. ففي مقابل الحقيقة المطلقة في الحداثة اعتبرت ما بعد الحداثة الحقيقة نسبية فإذا كانت الحقيقة المطلقة تدعى الوصول إلى المعرفة الكاملة فإن النسبية لا تصل إلى أية معرفة فهي تقول بصحة أية حقيقة أو حكم أو قول. وفى مقابل الأنا أو الذات طرحت ما بعد الحداثة نقداً للأنا . وقدمت مفهوم الذات غير المتمركزة

    إن الجدل بين الحداثة وما بين الحداثة يهدف إلى توسيع الديمقراطية والحرية الفردية بنقد كوابحهما في كل من التيارين. ولذلك فإن تيار ما بعد الحداثة يعطينا الكثير ولكن انحيازه إلى النسبية الأخلاقية والمعرفية الذي يُضعف متعمداً العقلانية الكلية للحداثة يُضعف في ذات الوقت التماسك النظري لما بعد الحداثة كما يُضعف القيم السياسية لعصر التنوير والحداثة، قيم الديمقراطية والمساواة والتحرر التي تتبناها ما بعد الحداثة ذاتها. لأنه إذا كانت الحقيقة نسبية كما تدعى ما بعد الحداثة فهذا يعنى أن المشروع الديمقراطي لعصر التنوير هو مجرد أكذوبة كبيرة. (ولكن ألا يعنى هذا أن ما بعد الحداثة تقع فريسة تناقضاتها الخاصة؟).

    إن رفض ما بعد الحداثة لعقل الحداثة والتنوير يُضعف أي احتمال للأخلاق والعدالة لأنه يرد الفرد والاعتقادات والعلاقات الاجتماعية إلى محض عمليات السلطة، وكذلك اختفاء الأنا والقول بالذات غير المتمركزة يؤدى إلى ذات النتيجة بأن يكون المحدد الأساسي للعلاقات هو محض عمليات السلطة. ويمثل فوكو هنا رمزاً أساسياً. فقد رد فوكو كل مفاهيم الحداثة : العقل، الأخلاق، العدالة... الخ إلى التعبير عن هيمنة إرادة النظام وكان يمكن أن يتحاشى ذلك لو أنه ميز – كما فعل كانط – بين نظام الهيمنة ونظام المقاومة ولو فعل ذلك لما رأى في مفاهيم الحداثة الهيمنة والسلطة والقسر بل كان سيرى فيها التحرر والمقاومة. إن الرفض الرومانسي لعقلانية الحداثة يفتح الطريق للفاشية ما دام يفتحها بالأساس للقوة.

    ولكن مع ذلك يظل نقد ما بعد الحداثة لدوغمائية الحداثة القائمة على الثنائية نقداً جائزاً. وعلى حد تعبير ليوتار فإن الحداثة قد تأسست على حكايات كبرى ونظن أن كبرى هذه الحكايات كانت الماركسية. وما وقعت فيه ما بعد الحداثة هي أنها قد ألغت الحكايات تماماً وبذلك وقعت في شراك ما قامت لتجاوزه وأنشأت ثنائية في علاقتها بالحداثة.

    أزمة المنطق الثنائي "الدوغمائية":
    إن المنطق الثنائي والتفكير القائم عليه ينتهي إلى عدد من الافتراضات العامة، مثلاً، نحن مجبرين تجاه قضية ما أن نحكم إما بصوابها أو خطأها. وتكون القضية نفسها إما موضوعية أو ذاتية. وهى كذلك إما أن تكون مطلقة وكلية أي دوغمائية أو نسبية تنتسب إلى فرد ما وسياقه الثقافي. التفكير الثنائي يمكن أن يكون صحيحاً في بعض الحالات كقولنا إن المصباح إما أن يكون مضاءً أو منطفئاً. ولكن في أغلب الأحيان فإن هذه الثنائيات ليست صحيحة فهي لا تعطينا كل الاحتمالات الممكنة.

    وينبني موقف التفكير الثنائي من الحقيقة على نظرية التطابق فى المعرفة فالقضية تكون حقيقية وصحيحة عندما تنطبق تماماً مع موضوعها في الواقع وتكون كاذبة وخاطئة عندما لا تنطبق مع موضوعها في الواقع. فالتطابق يكون بين موضوع (واقع خارجي) وصورة (وصف أو تمثيل). وإذا كان لدينا عدد من الحقائق متعلقة بذات الموضوع فإن واحد فقط من هذه الحقائق يكون صحيحاً لأن واحداً منها فقط ينطبق على الموضوع الخارجي. وبالتالي فإن التفكير الثنائي لا يقبل تعدد الحقائق فالادعاءات المختلفة حول موضوع واحد لا بد أن تكون خاطئة ما عدا واحداً منها. وهذا يعنى أن هذا التفكير إطلاقي (دوغمائى) يعبر عن المطلق وبالنسبة له فإن الحقيقة واحدة بالنسبة لموضوع محدد وإذا عرفناها فإننا نكون على يقين من خطأ وكذب بقية الحقائق.

    الحقيقة بالنسبة لهذا التفكير إما أن تكون مطلقة وكلية وواحدة وغير متغيرة كالقيم الأخلاقية والسياسية التي تكون صالحة لكل الناس في كل الأوقات وفى كل الظروف والأمكنة أو تكون ليست هناك قيم كلية مطلقاً بحيث تكون اختيارات الفرد الأخلاقية والسياسية قائمة على المزاج الشخصي أو نماذج مفروضة اجتماعياً. وهذا يعنى أن الشخص إما أن ينسجم مع الحقائق الكلية والمطلقة (بما فيها القيم السياسية والأخلاقية) الصالحة كل زمان ومكان أو يكون دائماً على خطأ وينتهي الأمر بالمعرفة إما أن تكون موضوعية أو تكون ذاتية.

    المعرفة الموضوعية معرفة كلية وضرورية لأن الطبيعة والواقع الخارجي تفرضها علينا وهى أيضاً مطلقة بمعنى أنها صالحة لكل الكائنات العاقلة ولكل زمان ومكان بغض النظر عن الثقافة والسياق. والنموذج الأعلى لهذه المعرفة هو الرياضيات والعلوم الطبيعية وهى معرفة لدينا اعتقاد جازم بأنه يمكننا التحقق منها تجريبياً وبالتالي فهي قابلة للإثبات ويقينية. وهى معرفة لها معايير واحدة للتأكد من صحتها الكلية ولذلك فإن القضايا المتعددة الاختلاف حول الذات الموضوع هي بالضرورة قضايا خاطئة.

    أما المعرفة الذاتية فهي معرفة فردية واعتباطية وليست مفروضة من الخارج. وهى معرفة نسبية تنسب إلى الأفراد والثقافات المختلفة وتكون صحيحة بالنسبة للفرد الذي يعتقد فيها أو بالنسبة لمجموعة من الأفراد الذين ينتمون إلى سياق ثقافي واحد. هذه المعرفة ولأنها تفتقر إلى المعايير الموضوعية فإن معيارها هو الذوق ولذلك فإن أحكامها هي أحكام ذوق جمالي وهى ذاتية بهذا المعنى (وطبعاً هذه فكرة خاطئة فالأحكام الجمالية ليست ذاتية) وهى أحكام ليست لها أسباب وعلل لأن لكل شخص ذوقه. والمعرفة الذاتية معرفة نسبية تقبل أية أحكام فليست لها معايير أو خصائص تميز الصادق من الكاذب أو الصحيح من الخاطئ.

    هذه الثنائية بين الموضوعي والذاتي تعود إلى القرن السابع عشر، إلى مادية نيوتن التي تقرر أن العالم المادي هو العالم الحقيقي وهو عالم نعرفه عن طريق الحواس وبمناهج العلوم الطبيعية، وهو مفهوم ما زال سائداً في الوضعية.

    هذه هي أزمة المنطق والتفكير الثنائي التي أوقعت الحداثة وما بعدها في أسر الدوغمائية وطبعت الحياة الإنسانية المعاصرة وممارستها السياسية والأخلاقية والمعرفية بالإقصاء المتبادل وبالنفي والنفي المضاد. ولمواجهة هذه الأزمة تم تأسيس موقف جديد يسمح بإعادة بناء الحداثة وعقلانية التنوير وديمقراطيته وعدالته ويشكل أساساً نظرياً لهذا المشروع. هذا الموقف النظري الجديد تمت تسميته بالتعددية العقلانية النقدية. وهو موقف يفترض أن الاستخدام الحذر للعقل دائماً ما يتجاوز الدوغمائية والنسبية معاً مكتشفاً ما يمكن تسميته بشبه الكلى أو المطلق النسبي من القيم التي يمكن أن نطبقها ونؤولها ونفهمها بطرق متعددة طبقاً للسياق الفردي والثقافي.

    التعددية العقلانية النقدية:
    تتبنى التعددية العقلانية النقدية النظرية التخطيطية في الحقيقة وهى ترى أن الحقيقة تتكون في القدرة التي يمتلكها تخطيط ما ليمنحنا على الأقل تمثيل جزئي لموضوع ما بحيث نستطيع استناداً عليه التعامل بنجاح مع العالم الخارجي. وهذا يعنى أن الحقائق المتعددة والمختلفة والجزئية يمكن أن تكون كلها صحيحة في ذات الوقت بالنسبة لذات الموضوع، بل إن هذه الحقائق تكون مكملة لبعضها البعض وتعطينا صورة أكثر كمالاً عن الموضوع بحيث أن كل منها يمثل معلومات لا توجد في الأخرى. إن التعددية العقلانية النقدية هي تفكير تعددي وليس نسبى لأن بعض الحقائق ما زال يمكن أن يكون خاطئاً وكاذباً وهى كذلك لا تستبعد احتمال أن تنطبق حقيقة ما انطباقاً تاماً مع موضوعها.

    والحقيقة في التعددية العقلانية النقدية هي نتيجة لتلاقى عدد من العناصر: الذاتية (وجهات النظر والاعتقادات والإطارات المعرفية التي تستقبل تجاربنا الحسية الخارجية) وكذلك الموضوعية (موضوعات الحس الخارجي ...الخ) وهى شبه كلية ولا تنكر أن هنالك بعض الحقائق الضرورية ليس فقط لأنها مفروضة علينا من الوقائع الخارجية بل لأنها أيضاً مفروضة علينا بوقائع داخلية ولكن معظم الحقائق هي شبه كلية بمعنى أنها عبارة عن بنيات معرفية مشتركة (مثل إطار المكان والزمان) والنظريات العلمية الآن تضع في اعتبارها موقف المراقب في صياغة ادعاءاتها (النظرية النسبية، وميكانيكا الكوانتم) أما في الفلسفة فيمكن أن نصل إلى معايير شبه كلية عن طريق الحوار والاهتمام البالغ بالأدلة والحجج ...الخ. أما في المعتقدات الدينية فإن الأدلة والعلل ذات طابع نسبى وفردي وعلى النقيض من أي ادعاءات لأصولية القرن التاسع عشر أو القرن العشرين حول الأيمان الديني فإن في التاريخ الديني ما يقر بالشك باعتباره مفهوماً مركزياً للأيمان الديني ويقر التاريخ الديني أيضاً بالتعدد، أي الاعتراف بوجود أكثر من وجهة نظر واحدة عن الحقائق الهامة، وأن فهم الحقيقة يتم بصورة أفضل بالبحث في وجهات النظر المتعددة عن الحقيقة أكثر من الإصرار على وجهة نظر واحدة يتم التأكيد على يقينيتها وصحتها المطلقة. هذه التعددية ثابتة في التاريخ الإسلامي والمسيحي واليهودي وفى كل الأديان وفى كل مرة تتم محاولة لنفيها تنزل بالناس النكبات والمحن.

    إن التعددية العقلانية النقدية تعنى أن هنالك حقائق متعددة ومختلفة وكلها يمكن أن تكون صحيحة عن ذات الموضوع، تأويلات مختلفة وتطبيقات مختلفة وفهم مختلف للمجموعة شبه الكلية للحقائق والقيم. ولكن هذا لا يعنى أنها تتبنى موقفاً نسبياً، أي أنها لا تدعى أن كل ما يقال صحيحاً أو أن كل الادعاءات المختلفة حول قضية ما هي كلها ادعاءات صحيحة. فالموقف التعددى العقلاني النقدي يقول بصحة بعض الحقائق وليس كلها، بينما النسبية هي التي تقول بصحة أية حقيقة أو حكم أو قول ولذلك فهي لا تصل إلى أية معرفة. أما المعرفة الموضوعية فهي تدعى الوصول إلى المعرفة الكاملة (أو على الأقل إن هذا الوصول – منطقياً- أمراً ممكناً بحسب تعريف المعرفة الموضوعية). التعددية العقلانية النقدية تمكننا من رفض الأخطاء وفى ذات الوقت الاختبار والتمييز بين الحجج الجيدة والحجج السيئة مما يجعلنا نحقق أحكاماً إجماعية مفتوحة لمزيد من المراجعة والفهم الجديد في ضوء دليل جديد أو سياق جديد.

    ألا نستطيع القول، الآن، أن التعددية العقلانية النقدية هي أول تأسيس نظري للديمقراطية؟ مع التعددية العقلانية النقدية لم تعد الديمقراطية مجرد التزام أخلاقي وإنما هي موقف نظري عميق. وإذا قرأنا هذا التأسيس النظري للديمقراطية مع انهيار دول شرق أوروبا والاتحاد السوفيتي مع التحولات الديمقراطية في العالم وصعود قضايا حقوق الإنسان الأساسية إلى قمة أولويات المجتمع الدولي فإننا نستطيع الاستنتاج أن التناقض السياسي هو التناقض المسيطر على التطور البنى الاجتماعية وأن المعرفة هي التي تحدد هذه البنى بكل مستوياتها بما في ذلك المستوى السياسي والاقتصادي (صحيح أن التناقض الاقتصادي يحدد البنية الاجتماعية من جهة قواها وطبقاتها الاجتماعية ولكن الذي لم يعد فيه شك أن التناقض الاقتصادي يتحدد كلياً بالمعرفة). واستناداً على ذلك نستطيع القول أن الديمقراطية أصبحت العامل الحاسم في تطور المجتمعات وبفضلها تتطور المعارف مما يعنى تطور الاقتصاد والسياسة وبالتالي المزيد من الديمقراطية يؤدى إلى تعميق تطور المعرفة وهكذا. وهذا ما يفسر لنا انتصار الرأسمالية في مباراتها مع الاشتراكية (بالإضافة إلى جملة عوامل أخرى ليس هنا مجال تناولها). ولذلك فإن قوى التغيير في العالم الآن مدعوة لتبنى موقف نظري يسمح بتأسيس أهم عوامل تطور البناء الاجتماعي ألا وهو الديمقراطية ومن ثم إعادة بناء كل مفاهيم الحداثة: العقلانية، الأخلاق، العدالة ...الخ على ضوء هذا الموقف النظري. هذا الموقف النظري نعتقد أنه: التعددية العقلانية النقدية والقوى التي تتبنى هذا الموقف هي قوى اليسار الجديد.

    الحداثة السلفية والحداثة الجديدة:
    إن عقلانية الحداثة السلفية بتصوراتها الدوغمائية أدت إلى هيمنة العقل الأداتى في المجتمعات الصناعية وهو عقل يتعامل فقط مع العلاقة بين الوسائل والغايات ويترك الغايات ذاتها خارج إطار اهتمامه كما حصر اهتمام الفلسفة في العلاقة بين الذات والموضوع ولوقت طويل كان هذا هو العقل الوحيد الممكن للكثير من الفلاسفة. ولذلك فإن عقلانية الحداثة السلفية جعلت نموذجها الأعلى في المعرفة هو العلوم الطبيعية والرياضيات. وفى اعتقادي أن هذا هو السبب الذي جعل الماركسية تجعل من التناقض الاقتصادي الأساسي المحدد للبناء الاجتماعي إذ أن ذلك يتيح لها فهماً للمجتمع يقترب كثيراً من نموذج العلاقة بين الذات والموضوع وبالتالي يتيح قراءة تتشبه بقراءة العلوم الطبيعية بحيث تتحرر من إرادة الناس وخياراتهم وتكون بذلك معرفة موضوعية، أي علمية.

    إن عقلانية الحداثة الجديدة – كما هي عند هابرماس- تميز بين شكلين من الفعل يقوم عليهما البناء الاجتماعي: العمل (الفعل الأداتى) والتفاعل الاجتماعي (الفعل الاتصالى) ، الأول يؤسس العقل الأداتى الذي يشتغل في البحث التجريبي- التحليلي ويهدف إلى التنبؤ والسيطرة على العمليات الموضوعية والطبيعية بينما الثاني يؤسس للعقل الاتصالى الذي يشتغل في البحث التأويلى والنقدي ويهدف إلى فهم الآخرين والكشف عن الإكراه والقسر اللاشعوري الذي ينشأ من فعل الاتصال وهو ما لا يمكن رده كما هو واضح إلى البحث التجريبي- التحليلي.

    إن هنالك ضرورة للتمييز كما هو واضح بين مناهج العلوم الطبيعية ومناهج العلوم الإنسانية وهو ما صار أمراً بديهياً بعد التطور الهائل في العلوم الطبيعية الذي أدى إلى إنتاج مناهج مختلفة حتى بين فروع العلم الواحد من العلوم الطبيعية فما بالك بالعلوم الإنسانية. غياب هذا التمييز هو الذي أدى بالماركسية إلى سلفيتها وحضوره هو الذي يجعلنا نقترح التعددية العقلانية النقدية كأساس نظري جديد لقوى التغيير في العالم بما فيها السودان، وهو أساس يسمح بالتعدد في المواقف النظرية حتى بين قوى اليسار الجديد نفسها.

    (عدل بواسطة hisham alnour on 07-15-2003, 09:45 AM)

                  

07-14-2003, 02:59 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تأسيس نظرى لحركة القوى الاجتماعية الجديدة (Re: hisham alnour)

    الاستاذ هشام عمر النور

    الامين العام المناوب لحركة القوي الحديثة الديمقراطية

    حللت اهلا ونزلت سهلا

    تحية لك وانت تدخل بصمت العالم

    ساعود الي مقالك بعدج رواقة وقراءة ثانية

    عادل
                  

07-15-2003, 03:44 AM

hala guta

تاريخ التسجيل: 04-13-2003
مجموع المشاركات: 1569

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تأسيس نظرى لحركة القوى الاجتماعية الجديدة (Re: hisham alnour)

    مرحب بالدكتور هشام عمر النور بيننا
    الدكتور هشام رئيس قسم الفلسفة بجامعة النيلين والامين العام المناوب لحركة القوى الحديثة الديمقراطية_حق_
    له مساهمات نظرية حول قضايا الحداثة واليسار الجديد ونشر له فى البورد ورقة التفكير نقديا فى نزاع الهويات دكتور فرانسيس دينق نموذجا.
    ويا عادل هشام اتى اليك برجليه لتساله عن بحث هادية
                  

07-15-2003, 05:10 AM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تأسيس نظرى لحركة القوى الاجتماعية الجديدة (Re: hala guta)

    دكتور هشام
    سلامات
    هل هذا الاطار النظرى
    يمكن عمله تطبقيا
    ام انه مثل فكرة الحزاء الصينى
                  

07-15-2003, 05:10 AM

أبكر آدم إسماعيل
<aأبكر آدم إسماعيل
تاريخ التسجيل: 10-05-2002
مجموع المشاركات: 549

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تأسيس نظرى لحركة القوى الاجتماعية الجديدة (Re: hala guta)


    مرحبا بك أخ هشام عمر النور

                  

07-16-2003, 08:41 AM

Adrob wad Elkhatib
<aAdrob wad Elkhatib
تاريخ التسجيل: 05-05-2003
مجموع المشاركات: 638

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تأسيس نظرى لحركة القوى الاجتماعية الجديدة (Re: hala guta)

    مرحب بالدكتور هشام عمر النور

    العز اهل
                  

07-15-2003, 09:59 AM

Ahmedain
<aAhmedain
تاريخ التسجيل: 05-21-2003
مجموع المشاركات: 118

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تأسيس نظرى لحركة القوى الاجتماعية الجديدة (Re: hisham alnour)

    ِألاخ هاشم عمر:
    مرحبا بك و شكرا على الطرح القيم.وسوف تكون لنا مداخلات و اسئلة حول التعددية العقلانية النقدية، و خصوصا عقلانية الحداثة الجديد عند هبرماس.هذا أذا أسعفنا الزمن و مشغولياته.
    لك احترمى
    أحمد محمدين ضوالبيت
                  

07-15-2003, 10:17 AM

garjah
<agarjah
تاريخ التسجيل: 05-04-2002
مجموع المشاركات: 4702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تأسيس نظرى لحركة القوى الاجتماعية الجديدة (Re: Ahmedain)

    الاخ العزيز دكتور

    هشام عمر النور

    اسمح لي بمناداتك برفيق المدارس والمدارك هكذا قال عادل محمد عثمان ونحن نرحب بمقدمه لهذا المنبر...هكذا كنت وانت يافع تتلقى بواكير العلم بمدرسة الشعبية جنوب الابتدائية ...وتمتعنا وتفرحنا بنبوغك المبكر ....

    فمرحبا بك في هذا الوطن السايبيري

    وانعموا اهل المنبر برفقة وفكر هشام عمر النور

    وانقل لك بعض مما قاله عادل عن تلك الايام الحبيبة للنفس

    Quote:
    Garjah ya zameel al tofoula wal shabab.

    ya rafeeg al madaris wal madarik.

    from your knowledge i learned my trade. from your talents i sharpened my pencil. we shared al nabag wal gonglaiz wa bidayat al tasawul.

    we shared loyalty to our working class background and commitment to the role of educated people in giving back to Sudan some of her Favours.

    we went to the same primary school where the son of the education minister, who believed in free eduaction to all children, was our colleague. in this same school we learnt how hens lay eggs. and how earth give birth to vegetables. hissat al filaha!

    in this same school we joined the society of drama and music, the society of journalism, and delivered ustaz Mustafa's love letters to Sit Layla in the neighboring girls school where Sit Ashmana was the head teacher/nazra and one of the few women who drove a Morris car! at that time.

    in this same school the sandwiches of Jamiya and Dahaba nourished our bodies and our souls. halawa gotton and halawa gasab and gorrasat nabag were our tahlia!

    Those were the days when the purpose of education was to help create rounded persons and personalities irrespect of the pupil's social or economic circumstances. Was it socialism? may be.

    Do you remember the annual festival at the end of school year organised by the Teachers and Parents councils? when proud mothers and fathers would come to the school to see by their own eyes their children sing and dance and recite poetry and play music and sports and present programmes and make public speeches?

    Do you remember al aswag al khayriya? wal jarayid al hayitiya? and al buroush we bought for the islamic education society?
    and the quarels in the break/fos7a in front of al mazyara?

    those were the days ya garjah. i ask you to write something in arabic about them. i hope i will be able to use an arabic keyboard soon.

    Tumadir and Cola thank you for your kind words. by being a member of this board of knowledge and humour i learn every minute from you and enjoy your company fi haza al shatat!
                  

07-16-2003, 09:13 AM

hisham alnour
<ahisham alnour
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 20

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تأسيس نظرى لحركة القوى الاجتماعية الجديدة (Re: garjah)


    العزيزان قرجة وعادل محمد عثمان

    أين أنتما
    لو كنت أدرك أن البورد سيجمعنى هكذا سريعا بأصدقاء العمر والزملاء لملأته باكراً ببحر من الكلام
    رسالتكما إذا جاز لى أن أقول بالغة التأثير كم أود أن أصافحكما الآن وآخذكمافى الاحضان
    بالنسبة للمقال فإننى أعتقد بأننا نمر بمفصل تاريخى هام والمؤسف حقاً أن حدود تأثير قوى الاستنارة والحرية والعدالة والديمقراطية أو ما نستطيع أن نسميه تجاوزا الآن بقوى اليسار حدود ضيقة وهامشية
    ولذلك فإن المهمة المقدمة الآن من وجهة نظرى هى وحدة هذه القوى لا على أساس برنامج حد أدنى فهذه قد جربناها ونتائجها واضحة مزيدا من التخندق والانعزال وانما على أساس رؤية جديدة، بالأساس نقدية، نتجاوز بها القديم حتى من تاريخنا كقوى يسار. فالقديم قديمان، قديم القوى التقليدية وقديم القوى الحديثة
    وهذا المقال يحاول أن يقدم هذه الرؤية

    هشام عمر النور
                  

07-16-2003, 06:05 PM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تأسيس نظرى لحركة القوى الاجتماعية الجديدة (Re: hisham alnour)

    أخي الكريم د.هشام عمرالنور،
    رفيق الدرب الأخضر إلى "الحق" والحرية
    وباحاتهما إلى الحياة الواسعة الشاسعة، الوضاءة، المطلقة،
    لك التحية والتقدير من أرض العم سام .

    سعدت جداً بانضمامك للمنبر الحر، وإن لم تتيسر لي فرصة الترحيب بك. وأؤكد لك هنا بأنني لم الحظ مطلقاً خيطاً مخصصاً للترحيب بك كما جرت العادة عند انضمام أعضاء جدد، وبخاصة من هم في وزنك الفكري. ربما يكون هذا سهواً من الأخ بكري أومنا جميعاً. أرجو أن تعذرني على هذا السهو، كما أرجو أن تتقبل ترحابي الحار بك، وإن جاء متأخراً.

    ثم إني أعتذر عن أمر آخر. فقد زودني الأستاذ بشير بكار بفحوى ما تطرح ههنا وبنصه كاملاً، بعد التشاور مع الأخ الفاضل الحاج وراق، لأبدي الرأي فيه. ولم يمكني ظرفي بعد من الرد المكتوب عليه. وكم يسرني أن نكون أكثر انفتاحاً، في "حق،" وفي ماننضوي تحته من جماعات المجتمع المدني المشتركة بيننا كلها، بطرح أفكارنا للكل دون أن نحيط أنفسنا بسياج السرية القاتل.
    وقد أبديت بعض الملاحظات للأخ بشير حول بنت أفكارك المطروحة ههنا. فقلت له بأنها تحتاج، في تقديرى المتواضع، إلى إعادة نظر، رغم أن أساسها جيد جدا. فهي قد كتبت بلغه وخطاب مدركين لآخر ماتوصلت إليه المنظومة الفكرية الغربية، وهذه حسنة كبرى لعملك هذا. ولكنها تغفل ما أنتجناه نحن من فكر ثر، مثل فكر الأستاذ محمود، والفكر الديني العلمي عموما. وكأننا نقول بأن الغرب سيظل سيدنا في التفكير، وفي القول، وفي العمل. وكأننا نقول أيضاً بأن ما انتجه الفكر الغربي نفسه لا علاقة له بتطور الأديان، وإسهامها العميق، فيما يسمى خطاً، واصطلاحا، بالفكر "الغربي-العلماني." وهذا ما لا أظنك تقول به، في وعيك الباطن، وإن لم عبر عنه وعيك الظاهر في الورقة الأساس، جيدة الطرح.

    نقطة أخرى لاحظتها، هي أن هناك إسهاباً مطولاً، لا أري له قيمة تذكر، في سياق ماهو مطلوب من ورقة تأسيسية، وإن كنت أراه مفيداً في سياق ورقة بحثية. الوثائق التأسيسية تحتاج إلى تركيز الخطاب السائد من أدب الحرية والمساوة والعدالة. التطويل يكون مضراً في هذه الحالة لأنها تفقدك قطاعاً كبيراً من الناس ممن ليس لديهم الوقت أوالرغبة لإنفاق زمنهم فيما لا يعرفون من الأمور. التركيز يساعد على ضغط اللغة والكلمات بصورة تعبر عن الضمير الشعبي. أماالتفصيل فمكانه الدساتير والقوانين التي تشتق منه، والأوراق المطروحة -البحثية، غير البحثية منها- للجدل العام. أما الوثيقة التاسيسية، اي وثيقة تأسيسية، لابد لها أن تكون مختصرة قوية ومعبرة.
    وهنا أسوق لك مثالاً. وثيقة الأستقلال الأمريكي عن بريطانيا، وثيقة قليلة الكلمات، ولكنها كانت نافذة، لأن الأباء المؤوسسين لهذه الدولة، مهما قلنا عنها وعنهم -وهناك الكثير مما يمكن ان يقال سلباً- قد كانوا نافذي البصيرة، حكماء، يمارسون الاختلاف بصور من المسؤلية والحرية، لا توجدان اليوم، حتى في أمريكا، نفسها. وكون هاتين الفضيلتين غائبتان في عالمنا الثالث، وبالأخص في عالمنا الإسلامي العربي لا يحتاج إلى دليل. على كل،ً أقترح أن ننظر في أمر الاختصار للوثيقة. كما أقترح ان نحيلها من ورقة تبدو لي كورقة بحثية، إلى وثيقة تأسيسية فعلية، قوية الدلالات، معبرة عن أماني شعبنا وأحلامه في حياة حرة كريمة سعيدة.
    لي عودة إلى هذا الموضوع الهام. ولكني قصدت هنا أن أرحب بك بطريقتي الخاصة. ولا زلت أذكر بوضوح عباراتك المتوجسة لي بعد اجتماعنا المعلوم، والهام، بأم درمان، عن سيادة الخطاب الديني في كلامي معكم. لازلت على عهدي مع فكر الأستاذ محمود ومواقفه، ولازلت على عهدي مع حق،كعضو مؤسس لها. ولا أظن أن هذا يتناقض مع ذاك الهمام، وإن كنت أنت تظن كذلك. وطبعاً خلافي معك يزيدني مودة لك، فنحن أبناء موقف واحد، وتنظيم واحد، وإن إختلفت المشارب، وأبناء أم واحدة هي الذات السودانية الجميلة-الجليلة. وحتماً سنلتقي في نهاية المطاف، وليس للمطاف نهاية. كان ذلك على ربك حتماً مقضيا!.ً

    (عدل بواسطة Haydar Badawi Sadig on 07-16-2003, 06:08 PM)
    (عدل بواسطة Haydar Badawi Sadig on 07-18-2003, 00:37 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de