إلى تماضر أكتب... لم أنسك تماضر حين لم
أرد على كلماتك الرقيقة مسبقاً.. كنت أختزن كلمات خاصة لك منذ أن رأيتك تعلّقين مع ديما..
وحينما قرأت حلمك بالعودة الكبرى... تذكريني بصديقتي تماضر.. هي تشبهك
شكلا وحساً ومعنى.. حتى في الإسم... تشبهك وتشبهينها... تماضر كانت الأولى
على الفصل في السنة الوحيدة التي درستها في السودان.. كنت أدرس في المدرسة النموذجية
الجديدة في بحري... كانت دفعتنا أول الدفع التي طبّق عليها نظام فصل المتميّزين.. جئت وقتها
من الإمارات.. وانضممت إلى تلك الكوكبة.. رغم أنهم كانوا يشكون في أحقيتي لهذا الانضمام كوني
لم أمتحن شهادة الأساس معهم.. من بين تلك الكوكبة المختارة، كانت تماضر
الأولى علينا.. كانت هادئة الطباع.. رقيقة.. تجلس دوماً منزوية.. يحبها الجميع.. طيبة.. مشفقة
على الجميع.. في فسحة الفطور.. ألعب أنا البينج بونج.. تماضر تراقب من
بعيد.. أحمل فطوري في يدي.. والمضرب في يد آخر.. وحين تذهب زميلتي في اللعب لإحضار الكرة التي
قذفت بعيدا أصيح أنا .. يا تماضر.. المسألة بتاعت المثلثات الشرحها
أستاذ مزمّل.. ما فهمتها.. هذا فقط لأعلن لتماضر هذا.. تهتم بعدها
بملاحقتي.. مريم تعالي أشرح ليك.. وأنا التي لا أريد التوقف عن اللعب للأكل! لا أجلس لتشرح لي
إلا حين تعلن بصوتها الرقيق.. خلاص، على كيفك.. تماضر كانت لها صديقة،
اسمها رشا.. رشا كانت الثانية.. .. كانتا كالتؤام.. رغم اختلاف الشكل بينهما.. إلا أن هناك شيئا
يجمع بينهما، لازلت أجهله.. لعله الروح.. حين تتحدث تماضر أو رشا.. أحتاج
أن أضع أذني في أقرب نقطة منها كي أسمعها.. بالمقابل أتحدث بكل طاقات حنجرتي حين يحين دوري
في الرد، ظناً مني أنها لن تسمعني كما أني لا أسمعها.. حتى تحتج تماضر..
مريم انا ما طرشه!
العادية يا تماضرنا قيمة جميلة جداً.. ليتني حقاً أجد بعض
أنسامها.. العادية نفسها تتحول إلى شيء يجعلك غاية في التميّز إن أنت لم تشعر بها.. أشكر لك
كلماتك.. وأشكر لك اهتمامك بالرد.. وأرجو ألا أكون قد تأخرت في ردّي.. كانت هذه الكلمات ترن
يوميا في رأسي قبل النوم.. أشكرك...
مع تحياتي
مريم بنت الحسين