|
مقال جديد لسعدي يوسف عن صواريخ القيامة
|
نسخة قابلة للطباعة
صـــواريخُ القيـــامة سعدي يوسف 2003 / 3 / 7
قد يكون ما أكتبه الآن ، غيرَ ذي معنىً ، بعد حينٍ أقلّ من لـمح البصر ( نسبيةُ الزمانِ مقلقةٌ هذه الأيام ) ، لكن الرأي يظلّ قائمَ الضرورة ، حتى وإن كان غيرَ مُـجْـدٍ ، مقايسـةً بسـواه من وسائل التعبير عن السياسـة. ومـمّـا يزيدُ من وهَـن الرأي ( رأيي ) أنه لا يدّعي تعبيراً عن غير قائله ؛ فهجراتُ نصف القرن التي بدأتْ أواخرَ الخمسينيات ، وتعاظمت أوائلَ الستينيات ، وتفاقمتْ أواخرَ السبعينيات ، جعلت الشتات يحمل معنىً ليس ديموغرافياً حصــراً ، معنىً يتصل بمفاهيميةٍ ملتبسة ، بل مبتذلةٍ أحياناً . من هنا تتـأتّـى صعوبةُ ما كُـلِّـفتُـه . أهي مساحةٌ للتأمل ، إذاً ؟ * لا أريد المرور حتى سريعاً على العَـمْـد والابتسار اللذين رُسمتْ بموجبهما خريطة الشرق الأوسط بين نهايتي الحربين العالميتين ، الأولى والثانية ، اريد فقط أن أقول إننا نضرس الآن ، لأن آباءنا أكلوا الحصرم ؛ لكن المرارة المحنظلة ليست في أننا نضرس ، بل في أننا لا نعترف بأننا نضرس ؛ وإلاّ فكيف نفســر أن كياناً مثل العراق ، غير قوميّ ، تاريخاً وتركيبةً ، يُحشَـر حشراً في قالبٍ ليس من الفولاذية حتى يستعصي على التفكك ؟ المهزوم الذي حُـرِم نفطَ كركوك وبابا كركر في الحرب العالمية الأولى ينبش اليومَ خرائطه ومواثيقه ووثائقه العتيقة كي يُرَدَّ إليه ما حُـرِمَـه . ســوى هذا كثيرٌ ، حدَّ اللعنة ... * سفينةٌ حربية بريطانية راسية في مياه شط العرب ، أوائلَ العشرينيات ( العراق تحت الإحتلال البريطاني ) ، تدعو المسّ بيل ، السيدَ طالب النقيب مرشحَ العراقيين للمنصب الأول ، إلى حفل استقبال على ظهر السفينة ،يلبي النقيب الدعوة ، يصعد إلى السفينة بكامل مهابته ، ليفاجأ باعتقاله ، ونفيه في ما بعدُ ، بأمرٍ من المسّ بيل ، التي ستـأتي بأحد أعوان لورنس ( العرب ) ، وتنصِّـبه ملكاً ، بعد أن قُمعتْ ثورة العشرين ، وأُعدمَ قادتها واغتيلوا وسُجنوا وأُبعدوا إلى المنافي والـمَـعازل . قُصفت القرى ، وشُــرِّدَ أهلها ، ثمَّ شكّـل البريطانيون جيشاً محليّـاً مَـهَـمّـتُـه الأولى :القَـــمع .
* في أوائل شباط ـ2003 تكتب الـ " ريفيو " التي تصدر ملحقاً من مَلاحق صحيفة " الغارديان " البريطانية ، كل سبت ، مقالاً تذكر فيه بالنصّ : المخابرات المركزية الأميركية هي التي ساعدت في 1963 حزب البعث العراقي في تدبير الإنقلاب على الجنرال الوطني عبد الكريم قاسم ، الذي أمّـمَ شركة نفط العراق المملوكة من الغرب ، وأخرجَ البلاد من حلف بغداد المعادي للسوفييت . وقد تلت ذلك مجازرُ شنيعةٌ . * جان دمّــو الشاعر ، ذو كراس " أسمال " الوحيد ، أقرأ له في أحد مواقع الإنترنت العربية ، " تصريحاً " يقول فيه إن العراق يحتاج إلى رجّـــة . جان دمّــو ، الذي لا يكاد يفيق ، يشعر في مَـنْـســاه الأسترالي ، بأنه والعراق يحتاجان إلى رجّـــة . متفقٌ معه ، أنا ، تماماً . لكنّ صاروخ القيامة ليس ساعةً منبِّـهةً . * سوف ينطلق صاروخُ القيامةِ وشيكاً ، إنْ لم يكن انطلقَ ، بالفعل ، الآن . وسوف يكمل بعثُ العراق المختطَفُ أو الأصيلُ ، مسيرته ( ثلاثين عاماً من الهول) ، ليســلِّـمَ البلاد ، إلى المستعمِـرِ الذي جاء به ، وليكون في منتهى السعادة لأنّ ثلاثةً أو أربعةً من ضباطه ظلوا في السلطة يعِـينون الإحتلال ، وييسِّــرون مساعيه . * نحن ، العراقيين ، سنظل أوفياء إلى حلمنا الأثير . إلى حقِّـنا ، مثل أي شعبٍ ، في وطنٍ حرٍّ ســيِّــدٍ . لن نستقبل صاروخَ القيامة بالزهور . هذه ليست من عاداتنا . نحن نستقبل ما نحبّ بالملبَّس والحلوى والحنطة النابتة وشموع الصواني. وما أبعدَ هذه ، كلَّها ، عن الصاروخ ! * الإحتلالُ آتٍ ، لا ريبَ فيه . لكننا ، مثل كل شعوب الأرض ، سنقاوم الإحتلال . حركة تحررٍ وطنيّ عراقية إنها أفقنا المفتــــوح ...
لندن 23 / 2 / 2003
سعدي يوسف : مساهمات و مقالات اخرى
إشترك في تقييم هذاالموضوع تنويه ! نتيجة التصويت غير دقيقة وتعبر عن رأى المشاركين فيه -------------------------------------------------------------------------------- سيء 1 2 3 متوسط 4 5 مقبول 6 7 جيد 8 9 جيد جدا 10 100% 84% - النتيجة : جيد 31 - شارك في التصويت
-------------------------------------------------------------------------------- 2617896 - عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان
|
|
|
|
|
|