دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
بتروفوبيا
|
غلافة رواية بتروفوبيا PetroPhobia Cover
NOW Available at Beirut bookstores and soon at other ones Market price = $ 07.00 Online price = $ 05.95
متوفر الآن في المكتبات اللبنانية، وقريباً في المكتبات العربية سعر الشراء في الأسواق = 7 دولار سعر الشراء عبر الإنترنت = 5.95 دولار
اشتر نسختك الآن Buy it Now
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
مقدمة لابد منها
ولكن! إن لم تكن الإرادة الإلهية هي التي رمت بالمصادفات المتسلسلة في طريقي، فما عساها أن تكون؟ لست أجرؤ على القول بأنه كان دافع الفضول والتلصص فقط، فالأمر يبدو بالنسبة إليّ أكبر من ذلك بكثير. حتى أكثر الروايات إدهاشاً وخيالية لا يُمكنها ابتكار مصادفات جرئية كتلك.
ربما لم تكن مصادفات بقدر ما كانت حتميات لم تكن في الحسبان. هل تسير الحياة وفق قانونها الخاص بمنأى عما نريده وما نسعى إليه؟ هل نتماهى مع قوانين الكون دون أن ندرك ذلك، أم نحن في صراع معها؟ هل كان هذا الصراع ضرورياً؟ ربما! وربما كنّا نحن جزءاً من لعبة تخلو من النهايات المنطقية والمبررة. لا أدري! ولكني أشعر بالكون مكعب نرد كبير.
أقف الآن مشدودة إلى تاريخي، أحاول إعادة قراءته وتفسيره، وكأنه تاريخ شخص أتذكر اسمه بصعوبة. شخص التقيته مصادفة في عيد الفصح قبل عامين، ارتطمنا بالأكتاف وابتسم في وجهي معتذراً، وأعجبني بياض أسنانه أو رائحة عطره أو تسريحة شعره.
إنه لمن المدهش حقاً أن يكتشف الإنسان أنه لا يعرف نفسه، وأنه لا يعرف حتى أقرب الناس إليه؛ في حين أنه لم يصادقهم إلاّ لظنّه أنه يعرفهم جيداً، ويفهم ما يُثيرهم وما يُقلقهم وما يُفرحهم وما يفكرون به. "لا أحد يعرف أحد" هذه هي النتيجة الأولى التي خرجت بها أول الأمر.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع: مقدمة لابد منها
الآن تتفحت الأشياء أمامي لأبصرها بعين أخرى، كأنني كنت لا أرى من قبل، أو كأنني كنت أبصر الأشياء بالمقلوب! تُدهشنا الحقيقة عندما نبحث عنها، ثم نكتشف أنها هي من تبحث عنا، وهي من تجدنا دائماً. نفهم أن الكون يسير وفق خطة متقنة، دون أن تكترث بعشوائيتنا وتخبّطنا، وكل تصوّراتنا البلهاء. لأنك حين تعتاد الضجيج؛ يُؤرقك الهدوء!
أفهم الآن سر بعض ما خفيّ عني، وأتقن حرفة التصنّت على الحواس. أعرف أنه لن يُفيد كثيراً، ولكن ذلك خير من القول بعبثية الحياة وهيلمان الحظ. كل الأشياء –في هذه الدنيا- متزنة وفي مكانها الصحيح، حتى تلك الفواجع والمضرّات، والمصادفات مرتبة أبجدياً ومُخطط لها من قبل!
للكون سرّه الخاص، والأشياء تفصح عن قداستها، وتزخر بالتلميحات وكلمات السر المخبأة بغير إحكام في كل ما نراه؛ ولكننا لا نرى ولا نفهم. ربما أضرّتنا إنسانيتنا، ولم نستطع أن نكون كما يُريد الكون لنا أن نكون. أن نرى في كل هفوة إشارة للملكوت الخاص.
آه! كم أننا أغبياء حين ندعي الفطنة والمعرفة! نحن لا نعرف شيئاً عن ذواتنا، ولا نعرف عن الحياة إلاّ ما نريد أن نوهم أنفسنا بأننا نعرفه. نتشاجر مع الحقيقة كأنها عدو أبدي، وشيطان يحمل جميع التناقضات. كم أننا ساذجون حين نسأل دائماً عن الحياة، وعن سرّها؛ كأننا لم نخلق إلاّ لنحلّ الألغاز! الآن فقط أعرف أن الحياة سهلة ومعقّدة كسحّاب بنطال.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع: مقدمة لابد منها
يقول لنا العارفون: "إن الإنسان كلما كبر تكشفت لديه الأشياء بصورة جلية، وكلما تعلّم شيئاً جديداً كلما اقترب أكثر من الحقيقة. كل يوم ينضج الإنسان وتنضج أفكاره ورؤيته للكون ولمن حوله. وتلك هي فلسفة الكينونات العليا، وسر ولعنا بالبحث والتساؤلات اللانهائية." وأنا أقول: "إنه كلما كبر الإنسان كلما ابتعد عن الحقيقة، وكلما تعلّم شيئاً جديداُ كلما قلّ رصيده المعرفي. وكلما نضج كلما كان أكثر بلاهة وسذاجة!"
أقول الآن: "إنه إذا تمكن الإنسان من إمساك الحقيقة من قرونها الغليظة فسوف يُصبح كائناً خالداً." ربما لم تكن المعرفة الحقة وهماً، بقدر ما أنّ الجهالة الكاملة قانون له سطوته. نحن نعرف بقدر ما أكله الأبوان من ثمرة المعرفة الأولى، ونفتقد الخلود بقدر ما كانا قريبان منه سابقاً. ياللإنسان! أمنذ ذلك الوقت وهو يبحث عن المعرفة والخلود ولم ييئس بعد؟
لست بصدد التأريخ لحياتي؛ فهي بلا قيمة، ولكن اكتشاف نفسي كان مفاجأة أكبر من قدرتي على الإندهاش. ضحكتُ كثيراً من قبل على كل ما كان يدور حولي من متناقضات، كنتُ أظن أنها فوضى مفضية إلى فوضى أكبر، وكنتُ أشعر بالأسى حيال نفسي والآخرين لأننا ندور في حلقة مفرغة، داخل متاهة نخلقها بأنفسنا؛ أعرف الآن أننا لا نخلق الفوضى، وأن الفوضى ليست سوى نسق كوني فائق النظامية، وأنها تشدنا إليها بحنو لا نستشعره.
كنتُ أظنني ولدت في الزمن الخطأ، وأن كل من حولي ليسوا سوى مهرجين جهلة، وكائنات بيولوجية لا تتقن غير حرفة الجنس والتغوّط. تدثرت بالفلسفة من جهل هذا العالم، وتساءلت: "ما هو واجب الإنسان المقدس؟ معرفة نفسه أم معرفة الكون الذي يعيش فيه؟" الآن أعرف أن واجبه الأكثر قداسة هو ألا يعرف، وأن الجهل بداية العلم ومنتهاه.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع: مقدمة لابد منها
ساعدني ذلك كثيراً في التخفيف من شعوري بالسخط تجاه نفسي، والإحساس بالاعتدال والتوازن. إنه شعور قد لا يستشعره إلاّ ممتطو الحبال والسائرون عليها في عروض السيرك المثيرة، الذين يحتالون على قواقع الأذن الوسطى، ويحاولون محاكاة أضدادهم. الإنسان يهوى ألا يكون نفسه، يعشق أن يتحدى ذاته وقدراته؛ ليس لأنه كائن راق ومتميّز، ولكن لأنه يعلم –فطرياً- أنه يُشبه هذا الكون بطريقة ما، فيحاول أن يتسق مع ما يُحس.
نسعد كثيراً بمنجازات الإنسان العلمية، واختراعاته المذهلة، ولكننا سوف نصاب بالإحباط عندما نعلم أن دافع الإنسان للعلم والمعرفة، هو إحساسه بالغيرة من بقية الكائنات! يحاول الإنسان أن يُقلّد الطيور والأسماك والضفادع ويستلهم ابتكاراته الكبرى من أتفه الحشرات. يدعي أنه يسنّ القوانين والشرائع، وفي الواقع هو يستوحيها من الطبيعة. الكائنات تشعر بالراحة لأنها متسقة مع الطبيعة ومتناغمة معها، ومأساة الإنسان الوحيدة أنه يُصارعها ويتحداها ويوهم نفسه بالانتصار عليها.
ماذا أضاف الإنسان لهذا العالم؟ أنا أقول: "لم يضف شيئاً على الإطلاق." هو إما يكتشف أشياء موجودة، أو يدعي اختراع قوانين تعمل بمفردها حتى دون علمه بها، أو يخترع أشياء يستوحي فكرتها من هذا العالم المدهش من حوله. نحن خديعة كبرى؛ إذ أننا نحن من يسن القوانين ويلتزم بها، ثم نكتشف مدى فجاجة القوانين، فننسفها ونسن قوانين غيرها.
الأشياء جميعها ليست ذات قيمة، أو أنها جميعها ذات قيمة، ولكن الإنسان هو من يوهم نفسه بتقييم وتثمين الأشياء حسب قوانين خرقاء! هو من افترض نفاسة الذهب على الفحم، وهو من قدّر اعتلاء الروح على الجسد، وهو نفسه الذي صنع الورق وثمّنه وأسماه عُملة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع: مقدمة لابد منها
الإنسان هو الوحيد الذي يُصدّق أن بعض الكائنات تتغوّط جواهر؛ ولذا نعتبر اللؤلؤ نفيساّ وذى قيمة، ونعتبر أن عرق الحوت عطر! كلنا واهمون، وكلنا يُحب أن يعيش داخل هذا الوهم ويُصدّقه.
كلما تكشّفت الأسرار أمامنا، كلما اكتشفنا مدى الضآلة. وكلما أحسسنا باقتربنا من الحقيقة، كلما اكتشفنا مدى وهمنا الذي نغرق فيه، ورغم كل ما ندعيه من معرفة وحكمة؛ إلاّ أنّ الوهم يظل هو الحقيقة الوحيدة الكاملة والمطلقة.
أدهشتني التفاصيل أوّل الأمر، ثم أدهشتني الكليّات! لم أكن أعلم أن هذا الشيء أعمق مما كنتُ أتصوّر. اكتشفت آخر الأمر أننا لا نعرف إلاّ قشور الأشياء، بينما تحتفظ الأشياء بأسرارها طازجة ومغرية وأصيلة. فقط عندما تتوّحد الأشياء نعلم مدى بلاهتنا وغبائنا.
بينما كان روبن سينجر يحتضر، كنتُ أقول في نفسي: "ها هو يموت الآن بعد أن حقق كل أمنياته!" كنت كالبلهاء أبتسم في وجهه محاولة أن أنقل إليه عدوى الابتسام، ولكنه كان أحذق مني، حتى وهو على فراش الموت! كانت الحمى تعقد لسانه، ولكن عينيه قالتا لي الكثير.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع: مقدمة لابد منها
كنتُ أعلم أنني سأحزن عليه، كما حزنت على أصدقاء ارتحلوا من قبل. وبعد بضعة أيام سأعود إلى الحانة التي في آخر الشارع، أحتسي الشمبانيا مع من تبقى من رفاق على قيد الحياة، نتبادل الضحكات، والفكاهات البذئية، ونتراشق بقشور البندق والفشار كالأطفال، ونردد كلمات الأغاني الصاخبة التي بلا معنى. ثم ننتظر أن نشيّع رفيقاً آخر من جديد.
الآن فقط، أعرف أنني كنت ساذجة وحمقاء. الآن فقط، أعرف أن كل ما كنتُ أراه لم أكن أبصره. إنّ الأمر أشبه بمن يقبض بزمام فرس تجرّ ورائها عربة فارهة، يسير بهما ميلاً دون أن يُفكر أن بإمكانه أن يقود الفرس وهو راكب على العربة، ثم يشتكي من وعورة الطريق!
بعض ما جرى هنا، عشته وتدخلت في تفاصيله المؤلمة والمشوقة، وتلك المملة والسخيفة، ولكن لم يدر في خلدي -وأنا أبحث عن مجدي في الكتابة- أنّ ما أعرفه وما أعايشه سيكون روايتي الأولى والأخيرة. عندها عرفت لماذا كانت "مائة عام من العزلة" أجمل ما كتب ماركيز، ولماذا كانت "شيفرة دافنشي" أروع ما قرأت لدان براون، ولماذا أعتبر الكثيرون "جذور" أليكس هايلي ملحمة إنسانية؛ لأنها جميعاً كانت تتسم بالصدق.
ولكن! ماذا عن أخلاقية الكتابة حول هذه القصة؟ هل أشتري مجدي المتوقّع بخيانة مؤكدة؟ كيف سأتخلّص من لعنات الضمير المتلاحقة التي سوف لن ترحمني ليلاً، فتظل تطاردني كأشباح موتى ناقمة، حتى أستسلم لرغباتها المجنونة، وينتهي بي الأمر ملقاة من هاوية صخرية سحيقة، أو معلّقة على جذع شجرة بلّوط عتيدة، تُؤرجحني الريح كورقة قنّب هزيلة وذابلة؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
تابع: مقدمة لابد منها
منذ أسابيع وأنا غارقة في فضولي، ومنهمكة في ترتيب الرسائل والصور والأرواق المطبوعة التي وجدتها داخل صندوق بائس في خزانة الملابس، ولا أدري كيف انتهى بي هذا الفضول الساذج إلى رغبة في الكتابة فيما بعد؟ بل وكيف تحوّلت تلك الأوراق والصور والرسائل إلى قصة متكاملة يُمكن لها أن تعيش كما أراد لها أبطالها؟ لا أعلم! ولكن ما أثق به: أنّ هذه المصادفة لم تكن من أجلي ولاشك.
أتساءل عن جدوى نشر هذه القصة الآن، وأنا أبدو كإحدى عرائس القماش المربوطة بخيط رفيع إلى يد ماهرة الحركة. دمية تلعب دورها في فصول قصة لا تعلم عنها الكثير. دمية ترقد بسلام في صندوق الدمى بعد أن يُسدل الستار، دون أن تعلم أن ثمة حكاية عظيمة، وراء هذا الستار المخملي الأحمر. يالضآلة الذات، وتفاهة الملذات!
إنّ من واجبي على نفسي كي لا تسبّني أيها القارئ الكريم، وحتى لا تنهال عليّ باللعنات، أنّ أوضحّ جزءاً من الحقيقة؛ فكل ما ستقرأه هنا لم أكن أعرفه قبلك إلاّ بعدة أسابيع فقط، رغم أنّي عشتُ في أولها منذ سنوات. إنها قصة يحق لك أن تقرأها كيفما تشاء، وأن تشعر بها أو ألا تفعل، وأن تعجبك أو أن ترمي بها في مكبّ النفايات، فقد جمّعت فصولها من سلّة المهملات على أيّة حال!
كارولين باركر روائية خائنة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: النذير حجازي)
|
الحبيب: النذير حجازي
أشكرك على الاهتمام وأتمنى أن تنال الرواية ولو قسطاً من إعجابك وللفائدة فإن رواية السيّدة الأولى ورواية أرض الميّت متوفرتان على موقع النيل والفرات
غلاف رواية السيّدة الأولى The First Lady Cover
متوفر في الأسواق اللبنانية وبعض الأسواق العربية سعر الشراء في الأسواق = 4.50 دولار سعر الشراء عبر الإنترنت = 4.28 دولار
لشراء نسختك اضغط هنا
غلاف رواية أرض الميّت Land of The Dead Cover
سعر الشراء في الأسواق = 10.20 دولار سعر الشراء عبر الإنترنت = 10.20 دولار
لشراء نسختك اصغط هنا
لكَ خالص الود، ومتابعة شيّقة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: محمد حيدر المشرف)
|
Quote: ياخى الواحد سعيد جدا بيك وليك .. حتما سأسعى لاقتناءها |
العزيز: محمد المشرّف ياخ ده من ذوقك ولأنك زول أصيل ويفرح أيامك ولحظاتك كلها
تحياتي ليك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: naeem ali)
|
العزيز: نعيم علي صباحاتك بيضا
شكراً ليك على المتابعة، وأكيد بنواصل السرد لتكملة قصة روبن سينجر ورحلتو إلى أرض النفط ورسايلو لصديقتو إيميلي سميث فخليك قريب
تحياتي ليك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
الأستاذ هشام متابع ,وأتمنى أن تصادف روايتك النجاح.أعترف بأن لك طاقة هائلة أرجو ألا تتبدد في مجرى لا يفيدها إبداعياً.لدي هنا محاذير فأنا لا أعرف كيف ستوفق في إقناعنا بما يدور في أذهان أشخاص من المركزية الاوربية وكيف يستطيع الراوي المتخيل المنطلق من أخيلتك أنت ككاتب سوداني تقمص هذه الشخصيات الأوروبية.وتجدني أتساءل دائماً لم؟ ألا تجد صعوبة في الأمر سيما حين تكون الراوية امرأةعلى ما في ذلك من تعقيدات إضافية؟. عليّ أن بعد أن أكمل قراءة الرواية أن اكتب لك رأيي بالتفصيل كما فعلت عن رواية لك سابقة. وأظنك اطلعت على وجهة نظري في مقالة لي نشرتها بالرأي العام حول روايتك اسبانية الsetting
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: Bushra Elfadil)
|
الأستاذ: بشرى الفاضل تحيّة طيّبة
عندما قرأتُ اسمك الكريم عرفتُ على الفور أنك سوف تُثير هذه النقطة بالتحديد، ليس فطنةً مني، ولكن لأنني أعرف رأيك في الروايات التي من هذا النوع (الكتابة من الآخر) وليس عنه. بدءاً؛ دعني أعبّر لك عن مدى سعادتي وفخري بتواجدك هنا وبمتابعتك لهذه الرواية، وهو بالتأكيد شرف كبير لي أن يحظى هذا النص بقدر من وقتك الذي أعرف ضيقه، وأعلم تماماً المعوقات التي تحول دون إكثارك من الدخول أو حتى الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر، فهذا مما أغبط عليه نصّي قبل نفسي.
الكتابة من الآخر –كما أراها أستاذي الفاضل- تمتاز بنوع من التحدي، ذلك الذي أعشقه في فن الكتابة، وهو نوع مختلف عن التحدي الاعتيادي الذي يُمارسه أيّ كاتب آخر يكتب عن نفسه أو عن الآخر، وهي تتطلب قدراً من الجُهد الذي يُشعرني بالإنجازية التي لا تتوفر بمجرّد شحذ رصيد التراكمات المعرفية، أو استنهاض مَلكة التخيّل، أو حتى معايشة الواقع؛ بل تأتي من خلال اختبار قدرتنا على فهم وهضم وتلبّس تواريخ وثقافات لا تخصنا وخلق ما يُشبه هوية احتياطية أو نسخة Backup لهوية الآخر، ومن ثمّة قياس مدى تباعد أو تقارب هذه النسخة عن الأصل. الأمر بهذا الشكل يولّد لدي –إضافة إلى متعة التحديّ- متعة أخرى متمثلة في اختبار القدرة على التقمّص.
أما عن "لماذا" هذه، فهذا أمر لا أستطيع أن أفسّره على الإطلاق، فربما هي قناعة شخصية بأن الكتابة لا يجب أن تكون منحصرة عن الذات أو "الأنا" الاجتماعية، وربما هي الخوف من عدم القدرة على تمثيل الواقع والثقافة كما ينبغي؛ وبذلك أنزع إلى السباحة في واقع ثقافي متخيّل لا أُحاسب عليه، أو ربما هو شيء آخر غامض، ولكنني واثق من أنّ ذلك عصيّ على التفسير القطعي.
عموماً؛ أتمنى أن تنجح هذه الرواية في إعطاء تفسيرات لمثل هذه الأسئلة التي لا أطرحها على نفسي ولا أُعيرها اهتماماً. فالكتابة بالنسبة إليّ هي فن الإمتاع سواء أكتبتُ عن الآخر أو منه. وأتمنى أن تنال الرواية ولو قسطاً من إعجابك أستاذي الفاضل.
دمتَ بكل خير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: هشام آدم)
|
عزيزي هشام أنت محق حين تبحث عن تحقيق كتابة عن الآخر بما يشكل لك تحدياً نبذاً لطلاب السهل. والكتابة عن الآخر يا عزيزي لا غبار عليها بل إن الكاتب لا ينجز عملاً طيباً إن قصر كتابته على أناه في خاصة نفسه؛أي على أناه الوجودية المتعينة؛ فارتد بذلك من حالة الشخصية الروائية أو القصصية سواء أكانت هي الراوي أو هي شخصية أخرى في العمل إلى حالة الكاتب -خارج النص- . حاول قديماً الشاعر بوشكين أن يكتب عن هذا النوع من الواقعية حين قال إنه منذ ذلك الحين الذي عينه فصاعداً لن يكتب شعراً لا يعبر عن ذاته (أناه الوجودية المتعينة). أنت بالطبع حين تكتب عن الآخر فهذا مطلوب وضروري.عن ذلك تتم غالبية الكتابة، مذ خبرها الكتاب المبدعون، لكن أي آخر؟ لابد أن يكون هذا الآخر من نفس البيئة التي نشأت فيها وخبرتها أكثر من غيرها.هذا لا يصادر التخييل في مجالات جديدة على القاريء.الأدب العالمي ذاخر بالاخيلة المجنحة. لدي رواية اسمها (سيمفونية الجراد) لم أنشرها بعدنشر بعض فصولها هنا، كل شخوصها من الجراد.هذه منطقة يمكن فيها التخييل بحيث لا يحاسبني أحد بالقدر الذي تتم فيه محاسبتك يا هشام ومن قبلك كتاب سودانيين آخرين حين يتم تقمص راو أوروبي أو أمريكي .هذا الأمر يبدو لي مستحيلاً إلا إن كنت تصدرعن مركزية تلك الثقافة بمعنى أن تعيش فيها وتمتصها امتصاصاً.ذلك أمر متاح لكتاب من أمثال السوداني جمال محجوب بل إن المركزية الأوربية التي يصدر عنها ذلك الكاتب النابه لا تخول له أن يتقمص شخصيات سودانية وأجواء سودانية بالقدر نفسه من الإتقان وانظر إليه حين يتحدث في ظروف setting سوداني فعلى الرغم من سودانويته من ناحية الجنسية فإن جمال محجوب كاتب بريطاني قح فيما ارى فما تقول؟ . لك المودة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: Bushra Elfadil)
|
الأستاذ القدير: بشرى الفاضل تحيّة مُجدداً
نسيتُ –في تعقيبي السابق على مداخلتك- أن أشيرَ إلى عدم تشرّفي بقراءة مقالك المُشار إليه في جريدة الرأي العام، ولكن أسترجع الآن بعض ما جاء في مداخلتك المفيدة والعميقة التي تفضلّت بها في جلسة مناقشة رواية "أرتكاتا" بمدينة جدة العام المنصرم، وبحثتُ في أرشيف الجريدة الإلكترونية فلم أجد ما يتعلق بهذا الأمر، وهذه مشكلة أخرى أستاذي الفاضل، فغالبية المطبوعات السودانية لا تهتم كثيراً بمتابعة أرشيفها وتحديثه، كما أنك قد تجد اختلافات كُبرى بين الHardcopy و الeCopy بشكل ملحوظ ومُحبط للغاية، ونادرة هي الصُحف السودانية التي تهتم بحفظ أرشيفها في ملفات بصيغة PDF أو حتى توفير هذه الخاصية على مواقعها الإلكترونية.
بخصوص تعقيبك الأخير؛ فإنني أفرّق كثيراً بين الكتابة "عن" الآخر، والكتابة "من" الآخر؛ وكما يبدو فإن الكتابة "عن الآخر، لا نكاد نختلف حولها إلا في أمور تكنيكية طفيفة ومتعيّنة بالحالة الأدبية نفسها الخاصة بالكاتب، أما فيما يخص الكتابة "من" الآخر، فهي كتابة مثيرة ومختلفة عن وصيفتها. حاولتُ أن أجد مقاربة بين الكتابة "من" الآخر والمثال الذي تفضلتَ به (رواية سيمفونية الجراد) وقد تشرّفت بالاطلاع على أجزائها المنشورة في موقع سوداني آخر، فلم أتمكن من خلق هذه المقاربة، لأن العمل الأدبي من هذا النوع يُشبه بالنسبة إليّ –إلى حدّ كبير- حفل تنكرية، يرتدي فيها الحضور أقنعة مختلفة الأشكال، كل قناع من هذه الأقنعة تُعبّر عن جانب ما يحمله شكل القناع، ولكن سلوك الشخص المرتدي لهذا القناع يظل سلوكاً آدمياً يُمثل موقفه الشخصي والفكري.
هذا النوع من الخيال –بالتأكيد- هو خيال بنائي خصب جداً، يحاول الاستفادة من معطيات النموذج المُتخيّل ولاشك، ولكنه في نهاية الأمر يدور في فلك الواقع الآدمي سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية. هذا النوع من الكتابة –كما أراه- يُوفر للقارئ (وليس للكاتب) متعتين مزدوجتين، فهو يقرأ النص متنعماً بالمتعة التي يوفرها له النص في بنائيته: من لغة وحبكة وسرد قصصي وتتابع أحداث وصور بلاغية، وفي الوقت ذاته فإنه يستمتع بمحاولاته فك شيفرة النص المخبأة في كل شخصية، وفي كل حدث، بيد أنني أشك أن هذه المتعة بهذا الشكل متوفرة لدى الكاتب؛ إذ ينشغل الكاتب أثناء كتابته لنص من هذا الطراز في عمليات التجريد والتشفير وخلق الإيحاءات المناسبة لكل شخصية ولكل حدث.
إن نماذج مثل كتابات جمال محجوب وليلى أو العلا وغيرهما قد لا يُمكننا فصلها عن كتابات سودانيي المهجر (إن جاز هذا التعبير)، وفي ذلك فإنني لا أجد أيّ مُبرر لتمييز المركزية الغربية أو الأوروبية، لأنه لا توجد مفصلة مُحددة تجعلنا نميّز هذا النطاق عن غيره تمييزاً جغرافياً أو حتى ثقافياً؛ الثقافات البشرية تتقاطع فيما بينها، ويظل القاسم المشترك بين هذه الثقافات هو "إنسانية الإنسان" نفسه، ومن هذه الناحية فأنا لا أرى أيّ اختلاف بين كتابات جمال محجوب وكتابات أمير تاج السر أو حتى كتابات محسن خالد فكلهم كتاب مهجر على السواء.
ومن ناحية أخرى؛ قد يقودنا هذا الحديث إلى بواطن مفهوم الهوية والانتماء وإمكانية أو استحالة نضوبها أو ذوبانها في أنا الآخر الثقافي أو حتى الجغرافي، هذا أمر يصعب عليّ التكهن به. الكتابة عن الأنا أو الأنا الاجتماعية أعتبره قراراً بالانتحار البطيء للكاتب أو في أقل التقديرات حرماناً منه لمَلكاته الإبداعية من السباحة في عوالم قد يندم كثيراً إن لم يحاول اكتشافها ولو بدافع الفضول.
تتمثل أمامي الآن نماذج نجحت في الوصول إلى العالمية من خلال توغلها في المحلية من أمثال الطيّب صالح ونجيب محفوظ وحتى من أمثال ماركيز ولوكليزيو وغيرهم من الكتاب الذين أعادوا تدوير القضايا المحلية وقدّموها في قالب كوني مُتقبّل لدى الآخر، ولكن الأمر يتطلب –عندها- مقداراً كافياً من المعرفة بخبايا الثقافة المحلية وهو الأمر الذي لا أمتلكه ولا أدعيه، ومن هذه الناحية فقد تشابه كتاباتي كتابات جمال محجوب، وهذه مُشكلة أخرى تُرهقني كثيراً.
تحياتي لك أستاذي القدير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: بتروفوبيا (Re: عبد الحميد البرنس)
|
Quote: على سبيل التحية والمتابعة |
الأستاذ العزيز: عبد الحميد البرنس
أشكرك يا عزيزي على المتابعة وأتمنى أن تنال الرواية على قسط من إعجابك واستحسانك
تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
|