ادب المنشورات الحائطية في السودان اشتهر بها الاخوة البعثيون ابان الدكتاتورية المايوية ووجدت استحسانا وقبولا كبيرا من قبل بعض الوطنيين كوسيلة مبتدعةحديثةوناجعة في وسائل المقاومة وقد ظهر ما بعد الانتفاضة تنتظيم( حزب الله) السوداني وهو حزب مجهول حتي اليوم مقتفيا ذات النهج ملطخا شوارع وبيوت ( حي العمارات) باللون الاسود معلنا عن وجوده..
ولكن يبدو ان الظاهرة اقدم من تجربة البعثيين و( حزب الله) فقد رجعت بي الذاكرةالي الوراء في اواخر الستينيات واوائل السبعينيات في مدينة القطينة عندما ازور اهلي بها وهي مسقط رأس القطب الشيوعي الكبير محمدابراهيم نقد( ود ملين) وهو الاسم الشائع لاسرتهم بالقطينة وتربطني وشيجة دم كبيرة بهم وايضا هي مدينة السيدة فاطمة احمد ابراهيم ومولانا بابكر عوض الله و المرحوم وزير الدفاع بشير محمد علي وكثيرين من اعلام السودان في الفكر والسياسة الذين انجبتهم هذه المدينة الجميلة والتي هي واحدة من منارات الاشعاع العلمي في السودان حيث كانت القطينة ورفاعة هما الرافدان الحيويان لمد مدارس بنات السودان بالمعلمات الرائدات في تعليم المرأة في السودان وذلك نسبة لقيام تعليم المرأة في هاتين المدينتين منذ زمن طويل... لنرجع لموضوعناعن ظاهرة كتابة مناشير حائطية بمدينة القطينة منذ تلكم الفترة وكانت كتابات حائطية بالفحم علي الحيطان تنادي باسقاط روسيا منذ ذلك الوقت وفي قلب القطينة ( الشيوعية) كما يعرفها الناس في المنطقة والتي كان نظام الطغمة المايوية يحسب لها الف حساب.. وقد بالغ اهالي المنطقة المجاورة للقطينة في تعميم حالة الشيوعية علي كل اهل القطينة باعتبارهم كلهم شيوعيين حتي قالوا قولتهم الشهيرة ( والله اولاد ملين حنى جدادتهم شيوعية) اي يعنون اسرة الاستاذ محمد ابراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني ومدي ارتباطهم بالحركة الشيوعية. كان كاتب هذه المنشورات الحائطية شخصية معروفة في القطينة ومشهورة من اهالي القطينة يقال له ( عمر الاطرش) وايضا تربطني به صلة القرابة البعيدة وقد ولد بهذه العاهة.... ولكن المثير في الامر انه يكتب العربية والانجليزية بطلاقة وبخط واضح وجيد ولا تعرف الناس سر تعلمه واكتسابه هذه اللغات وهو اصم ابكم منذ مجيئه للحياة.... ودارت حوله الشائعات ويقول الكثيرون من اهالي القطينة بانهم شاهدوه يمتلك جواز سفر به تأشيرات لكثير من البلدان الاوروبية ومنهم من قال انهم شاهدوه خارج السودان في بعض الدول الافريقية ...وصنفه بعض الشيوعيين من ابناء القطينة بانه ربما عميل للمخابرات الامريكية.... نعم كان لغزا ذاك (العمر الاطرش) والذي كان يكتبها بالخط الواضح في كل الحيطان ( اسقاط روسيا) وقد سألت عنه في فترة قريبة فقيل لي الرجل مازال علي قيد الحياة... ومن الطرائف اذكر انه زارنا في قريتنا وهي قرية نعيمة والتي تبعد حوالي الثلاثين ميلا جنوب القطينة بشرق النيل الابيض وقد زارنا لاداء العزاء في فقيد لنا .. وعند اليوم التالي بعد ان غادر القرية وجدنا معظم حيطان القرية موشحة بمنشوراته الحائطية تطالب (اسقاط روسيا) وكنا لا نعرف من كان وراء هذه الكتابات الا اللهم بعد ان ذهبنا طلابا للدراسة بالقطينة الثانوية وعندها عرفنا ان ذات الكتابات كانت هي كتابات عمنا ( عمر الاطرش) القطاني الوحيد الذي طالب باسقاط روسيا في قطينة( اولاد ملين ودجاجتهم الصغيرة الحمراء) ... وكان صاحب السبق في هذا الانجاز النضالي الحديث مع تحياتي لاهلي بالقطينة وما جاورها ولي قدام...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
هشام هباني
ادريس خليفة علم الهدي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست