ولا زلت احلم برؤية البطلين المـك نمر وعلي عبد اللطيف بجانب البطل المهدي!!

الأخ هشام هباني

شكرا لك إذ شرفتني بترشيحك ضمن قائمة من الكرام، أنا أقلهم. وشكرا لك وأنت تحس بقيمة العظماء في بلادي. أعني كل العظماء.
تحدث الإخوة عن الرأي الفقهي، و الضرورة التي جعلوها شرطا للنقل. وإلى أن نسمع الرأي الفقهي، أقترح شيئا آخر وهو قريب من فكرة الجندي المجهول. ألا يمكن أن يقام بناء موحد ، تقام فيه قبور رمزية لهؤلاء العظماء، وتكتب بجانب كل قبر سيرة الشهيد؟
فهي مخرج طيب من الورطة الفقهية المشار إليها ، إن نطق الفقه معترضا. أعني حتى العظام الذين استشهدوا في الحدود بين مصر والسودان (توشكي) و لا سيما القائد العظيم ود النجومي. بين السودان والحبشة. في شيكان وفي غيرها. بل حتى الذين استشهدوا في المرخيات والذين استشهدوا في كرري. فالقبور الموجودة في أم درمان وبالذات تلك المقبرة الصغيرة بحي الشهداء، لا تضم إلا نذرا قليلا من رجال كتبت أسماؤهم بجانبهم، وغابت سيرتهم. وغابت عنا قبور كثيرين ؛ مثل الفلاتي المشهور الذي قطع رأس غردون. ومثل بطل الجريف الذي كان أول أمين لبيت المال وهو الذي اخترق الخندق المحفور حول الخرطوم.
و هذه الدعوة التي تدعو لها مدعاة للتفكر في تاريخ المهدية وآثارها. ألا ترى إهمالا فظيعا ( للطابية)، وإلى متى ستظل مقاومة جور الطبيعة؟
ألا يمكن أن يقام بناء ذو شرف زجاجية لحفظ هذا الأثر؟
بيت الخليفة المطلي (بالزبالة) ، كم سيبقى؟ وأخشى أن يأتي يوم ، يقول فيه أبناؤنا لأحفادهم : (كان هنا مبنى هو بيت رجل عرف في التاريخ بعبد الله التعايشي) ولن يكون هنالك بقية من بناء.
و أكثر ما أخشاه أن تمتد يد السلطات للآثار نفسها ، كما فعلت جورا وظلما، حين هدوا سور مسجد الخليفة التاريخي، ولا توجد له صورة تذكارية حية (فيديو). من اقترح تجديد البناء؟ وكيف سمح لنفسه بمصادرة إرث تاريخي، كانت فيه معجزة في البناء. أعني أن السور المقام كان ذا عرض كبير وطول عظيم، وكل هذا البناء تم في فترة أقل من شهر. بينما كنت أراقب المهندسين والعمال يعملون في السور الجديد طيلة ستة أشهر. راجع المصدر التاريخي الهام (عبد القادر الكردفاني) وستجد العجب في قصة بناء السور الذي بناه عدد من الرجال لا يتجاوز الأربعين رجلا بأي حال.
في المملكة العربية السعودية تجربة ناجحة مع الآثار، إذ بنوا قصرا ضخما يضم بيت الملك عبد العزيز وآثاره، فنرجو من حكومة السودان أن تحذو نفس الحذو، وتحفظ آثارنا، وبالتالي تاريخنا.
ولا تغيب عنك أخي الآثار الموجودة بالشمالية، ولاسيما (جبل البركل) الذي تهدم وسرق كثير من محتوياته، وآخرها سرقة تمثال الإله أبادماك المشهورة. والسبب جهل الحارس الموجود وأميته.
في كثير من المنازل بالشمالية ، تجد قطعة أثرية نادرة مكتوب عليها بلغة قديمة، ولا أحد يعرف لها قيمة.
في مروي أيضا الغابة المتحجرة الشهيرة، وقد تطاول عليها الدهر وهي في طريقها إلى الزوال.
الأخ هشام
أضع يدي في يدك وأرجو أن يتم فعل أي شيء يحفظ لنا تاريخنا من العبث والزوال، وأشيد بدعوتكم لتكريم الأبطال. وأملي أن يقوم مركز متخصص يعنى بشئون تاريخنا الذي شوهه الأجانب وأهملت الكتابات السودانية الخالصة ، من أمراء معاصرين للمهدي و للخليفة؛ مثل بابكر بدري (أيام من حياتي) والكردفاني سالف الذكر.
وأقترح أن يتم الاحتفال رسميا بيوم 26 ديسمبر بدلا عن الأول من يناير كتاريخ لتحرير السودان على يد البطل محمد أحمد المهدي، فهو أول تحرير للسودان. وأشير هنا متعجبا من عبارة لا زالت تكتب في كتب التاريخ التي تدرس في مدارسنا:
غزو الخرطوم ويشيرون إلى دخول الأنصار إلى الخرطوم. أما آن الآوان لتستبدل بعبارة تحرير الخرطوم ؟ ألا ترى أننا نأخذ التاريخ من نعوم شقير وسلاطين باشا ، بغضه وغضيضه؟
ولك شكري فقد أثرت في نفسي شجونا.
وأعود