.. و هكذا أرسلتهم جميعاً إلى الجنة .. ....... ( سيسمبا) إمرأتي الجميلة .. زرعتها . قلت لها و أنا أغرسها في الطين الرطب تحت سفوح ( باجونا ) و ( ماشا ) : ما تريدين أن تكوني ؟؟ قالت و هي تستنشقني : أكون شجرة ليمون .. كما اتقفنا ؟ أومأتُ إيجاباً , غنت لي و أنا أعمل معولي عميقا في الأرض السمراء الأدِمة : حبيبي الغريب يا نساء ( طوانانا ) هبن له الدعاء .. حبيبي الغريب .. سيحملكن إلى سفن الله و هناك يعلقكن بيارق .. حبيبي الشراع الكبير
كان القمر فضة يسيل – كعادته - من رأس ( باجونا ) البعيد , و بطيئا يندلق على السهل النائم في أمان حارسيه , متقدما نحو البقعة التي ظللنا نعودها في كل مساءات ( طوانانا ) الجميلة , نمارس أنا و هي العشق و نغني , و حين يغيب القمر ثانية خلف ظل ( ماشا ) الكبير , نعود و بذر الكلام يسّاقط منّا , و تعشب النجيمات فوقنا . تلك الليلة هرولت سبع مرات بين النهر القديم ( لينانا ) , وبين السهل حيث غرست ( سيسمبا) حبيبتي في أحضان ( باجونا ) و ( ماشا ) الصخرتين الجبلين الوتد . جعلتُ التربة حيث زرعت حبيبتي تترع بالماء المقدس من سبع دلاءٍ ملأى صببتها عليها و أنا أتلو أهازيج سلام الأرباب , حين فرغت رفعت عيني إلى أعلى ( ماشا ) حيث قمته متخذة شكل الناب العظيم , قلت للرب ( تييرا ) : خذها إليك و دعها تنتظرني في قصري الفردوسي , لها هناك باسمها جناح .. تعرفه ؟ .. ثبت لوحة عليه و سطّر فيه : هنا حبيبته ( سيسمبا ) , و أحسن وفادتها يا ( تييرا ) إلى حين . و هكذا أرسلت إلى الجنة ( سيسمبا ) حبيبتي . و أنا أحبها .
رأيت رأسه ذو الجمجمة كما نواة اللالوب يميع .. لم أعبأ , داومت على قراءة تاريخ بطولات ( ساندانا ) الجميلة المهترئة بعلو صوتي المختنق , وجسد ( فاقارو ) صديقي الجميل يتبخر من أعلاه كالشمعة , خلفه النافذة المزمنة نفسها التي تخذنا أفريزها مجلسا بعدد ليالي عمرنا , و التبة الطينية تحتها - حيث يجلس الرجال للكلام العتيق الببغائي في ظل كل ظهيرة – كانت تبة لبِنة , و مذبحا في الليل لشهواتنا و النسوة الجوعى للذة . كثيرا حكينا من فوق تلك التُبة عن الحب و أعيننا تجوس في أحراش أحلامنا و صورها , كلانا تستهوينا لعبة ( أحلم ) أكثر من غيرها من ألعاب الصبية في حلتنا ( طوانانا ) المنسية بين ظلى ( باجونا ) و ( ماشا ) الرحيمين . لعبة الإله الرؤوم ( أحلم ) ليس سوى أن نغمض أعيننا و قبلتنا ( باجونا ) , و ننشأها في التو – لعبة أحلم - قائمة في كل مساءات التقاءنا , ثم نترك لـ ( ماشا ) أن يمسها بظلاله العظيمات , و يحيل أحلامنا الطفولية اللعبة حقائق تزاحم في تفتقها شجيرات السهل العشبي المنبسط أماما , حتى تسده – بغتة - كتلة ( باجونا) السوداء . ثم ننشد في الليلة التالية - بعد نهار سأم - نعود ننشد أحلاماً أخرى أكثر جدة و أألعن فانتازيا , ما يلبث أن يفيض بها السهل الطيب الولاّد من جديد .. و هكذا . ( فاقارو ) كان رفيقي , ولدنا في نفس العام الذي فاض فيه ( لينانا ) كما لم يفعل قبلاً , جالباً معه طمياً كثيرا ملوناً كالصلصال , تراكم بعد انحسار الماء المقدس في طبقات ثلاث ملونة في خطوطٍ دقيقة و بهاء ساطع , خلَفها مرسومات على السفح القاعدي الملتصق في وحدة ملساء من الجرانيت إنتصب عليها ( باجونا) و ( ماشا ) . كنت أكبر ( فاقارو ) بثلاثة أقمار , و يحبني . رأسه الجميل ( فاقارو ) بدأ بالتبخر كلما أرتفع صوتي الدامع بالقراءة , ثم رويداً .. تسرب منه جسده في حزمٌ رخوة من دخان أزرق , تخذت من الهواء الساكن مرقىً تتلوى عليه صوب خلل النافذة خوصية الشراع .. رأيته ينساب أزرقا إلى قمة ( باجونا ) الشاهقة , شيئا فشيئا تلاشى ( فاقارو ) . بقيت من بعده ساكنا في وحدتي , و في عتمة الحجرة بقايا عطر بخور رأسه عالقة في الجدران الطين , هتفت لآخر خيط دخان غادرني من بقايا إبتسامته العذبة المرهقة : يا ( فاقارو ) .. يستقبلك ( تييرا ) في الجنة , قل له أن يسكنك الجناح الأقصى من قصري , عند حافة الدغل الفردوسي , هو يعرف أين .. فقط إبق هناك و انتظرني , لا تجزع , لن أغيب يا صاحبي . و هكذا أرسلت صديقي ( فاقارو ) إلى الجنة بخورا , و أنا أحبه .
حين أمي أسجيتها قرب أبي على ضفة ( لينانا ) الطامية , قالت و هي تشد إزارها البالي عليها : لا تأكل إلا من فاكهة الحقل الأوسط , أعرفك متهورا و جحشا حين تجوع إلى النعمة , نِعَم ( تييرا ) طيبات , لكنها لاذعة مثل غضبته , ثم .. الحجرة ذات البابين الوطيئات أدفأ لك في زمهرير الشتاء القادم - إن لحقك - فالزمها , .. قل نعم !! تثاءب أبي ضاربا الماء عند قدميه في لزوجة , و لم ينظر إلى . جلست بعيدا عنهما , جسدان خلقا من مشيئة ( تييرا ) ممدان عند حافة النهر , و أناشيدي تخرج مبتلة بحليب أمي , من حنجرتي تتراكم فوق جسديهما , خافتة تخرج كلماتي تدعو ( دامقا ) التمساح نصف الإله الأمرد القديم , دعوته لوليمته غناءً . ( دامقا ) يحب قرابينه مضمخة بالغناء , و يطربه كثيرا تمجيد عرشه الكهل تحت الماء ... فغنيت , و كانت مئات الرايات المنغرسة في طمي ( لينانا ) باقية من يوم رأيت النهر لمرتي الأولى , و ترفّ كانت في ليونة كمناديل المودعين , هنيهات قبل أن تسحب الأشداق الصخرية جسديهما الوردتين إلى زرقة أعماق ( لينانا ) الغامضة , قلت بصوت مشروخ : تعرفان أين تذهبان يا أبي .. أليس ؟ أمي .. سينتظركما ( تييرا ) و تسكنان إلى الجناح العائلي في قصري المجيد , أتسمعان ؟ .. الفردوس لكما حتى ألحق بكما .. قريبا , لا تنسياني , و لا تقربا الأشجار المحرمات حول أسوار الإله . كان ( لينانا ) يمور ماؤه في اللحظة التالية , و غابا ملتفين كحزنٍ كبير في ظلمة الفكين البئرية . هكذا , أرسلتهما – أبي و أمي – إلى فردوسي في الجنة .. و هكذا أحبهما . ....... و هكذا فعلت بالبقية ؟ قال الحكيم ( راختا ) . قلت : بالحلة كلها تعني ؟ نعم .. هكذا أرسلتهم إلى الجنة . قال : و لمَ ؟ قلت : حتى لا أفتقدهم , أترى ؟ أعشقني بينهم , و أريد منهم إنتظاري في فردوسي يا حكيم .. كلهم .. كلنا معاً , ماذا يغضبك أيها الحكيم ؟ ( تييرا ) يقول بذلك : الفردوس لمن قُتل أو سُحل أو حُرق أو وُئد أو مات من الحب أو تخذ كيانا من جنس في الخلق طريقا للخلاص من ملل ( طوانانا ) الجميل . قال ( راختا ) : ماذا نصنع الآن في هذا الفراغ ؟ .. السهل الآن فراغٌ بين ( باجونا ) و ( ماشا ) .. صخرتانا حارستا ( طونانا ) , ماذا نقول لهما حين تستيقظان على الفراغ ؟ . قلت : الإله ( تييرا ) يعرف . أسأله . قال : و أنت ؟ .. ما تُراك صانعٌ ؟ .. إنه فراغ . فقط فراغ يا ولدي . قلت : أنا ذاهب إلى الفردوس , سألحق بمن أحب , ياحكيم .. لماذا تراني أرسلتهم ؟؟ مللتُ الحواس القديمة , و ( طونانا ) القديمة .. و الحجارة القديمة .. و الأحلام القديمة و الكتب القديمة و الأقداس القديمة و الوجوه القديمة .. و أناي القديمة . قتلهم عشقي , قتلهم حتى نتجدد فيه .. في العشق . ألم تلقننا يا حكيم أغاني ( تييرا ) : الحية من جلدها تمل , و الشمس تغسل جسدها كل مغيب من ملل الإشراق , و يمل النهر السريان فيسقط أمواجه في البحر ؟ . قال : و أنت ؟ .. كيف السبيل لهم الآن ؟ .. لا أحد باقٍ ليزرعك كما فعلت بـ ( سيسمبا ) , من سيغنيك للتمساح ( دامقا ) قربانا و أبواك غياب ؟ .. من يحرق بخور رأسك و ( فاقارو ) لم يعد هنا ؟ ليس هنا إلا الفراغ بين ( باجونا ) و ( ماشا ) . قلت : بلى , إغتصبتُ من الإله ( تييرا ) قُدرتان من كنانة شأنه , أستعملهما للخلاص يوم يتطلب . قال : مم .. الخلاص ممَ ؟؟ قلت : من هذا .. من لؤم الملل الراكد , و من أسئلتك و حكمتك , و من ديمومة ( طونانا ) القديمة . سألحق عشقا بمن أحب في الفردوس قال : ما هما القدرتين يا بني ؟ .. علمنيها . قلت : لا تطلبهما .. إغتصبهما .. الإنعتاق حباً .. اوالموت فراغا .
(عدل بواسطة Emad Abdulla on 01-27-2007, 12:40 PM) (عدل بواسطة Emad Abdulla on 01-27-2007, 09:36 PM)
01-27-2007, 12:21 PM
ALGARADABI
ALGARADABI
تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 5236
الحبيب عمدة المواهب لا تتجزء وصلتها حدها رسم وشعر وغناء تتذكر لما كنتا تقلد لينا الجابري فى فسحة الفطور؟ الليل الليل الليل الليل يهود بي يهود بي يهود بي ويبقى تلت أخير
وحبي ليك حب ما اعتيادي
01-27-2007, 01:00 PM
Emad Abdulla
Emad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751
افعل ما شئت فنحن احياء ونحوم وسط حدائق الكلمه وتصحبنا دعوات البوح ومناجاتها لربها بالخلود(الكتابه)
وهل من طين اخر اوتد فيه قامتي التي تنتصب (عكسيأ) على رأس واعدل من حال انكفاء الظهر؟؟؟... وهـــــل من مستنقع يتسع لحمل (...........) والهوى؟؟؟ وهـــــــــــــــــــــل من فاكهة اخرى ارطب بها (حلقوم) الليل؟؟؟ وهــــــــــــــــــل؟؟؟؟
01-28-2007, 08:21 AM
عبدالغني كرم الله بشير
عبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082
اما انا فادخل هنا وبسبب من مشاغلي ساعمل برينت ىوت للنص واخرج فارجو إعتمادي يا عماد ولو من (طير) الجنة.هنا اعسى لإكساب عبارة طير الجنة معنى سلبياً جديداً إن امكن السماح لي .
01-28-2007, 01:09 PM
Ahmed Daoud
Ahmed Daoud
تاريخ التسجيل: 01-30-2004
مجموع المشاركات: 755
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة