|
|
 Re: سلطه الانقاذ تصادر حريه التعبير وتغتال الكلمه (Re: خليل عيسى خليل)
|
تضرر) من النشر.. أم (إضرار) بالنشر..
عثمان ميرغني
كُتب في: 2007-11-19
[email protected]
فقدت صحيفة (السوداني) أمس قيادتها دفعة واحدة.. فقد تشرف (سجن أمدرمان) باحتضان قامتين سامقتين في سماء الصحافة السودانية.. الأستاذ محجوب عروة.. رئيس تحرير صحيفة السوداني.. ونائبه الأستاذ نور الدين مدني.... بعد أن أصدرت محكمة الخرطوم شمال قراراً بتغريمهما (20) مليون جنيه (صحفياً لا تزال العملة بالجنيه القديم).. وفي حالة عدم الدفع السجن لمدة شهرين كاملين لهما معاً..
ورأى الأستاذان الكبيران أن (السجن أحب إلىًّ..).. ليس احتجاجاً على الحكم القضائي.. لأن القضاء السوداني يمنح فرصة واسعة للمتخاصمين أن يعرضا خصومتهما على (12) قاضياً بالتمام والكمال.. قاضٍ واحد في محكمة الموضوع.. ثم (3) قضاة في الاستئناف.. ثم (3) في المحكمة العليا.. و(5) في دائرة المراجعة إن دعا الحال.. تلك اثنتا عشرة كاملة لمن أراد العد..
الشكوى صادرة من جهاز الأمن الوطني والمخابرات ضد عمود كتبه الأستاذ نور الدين مدني في يوم 20 يونيو 2007.. احتجاجاً على اعتقال أربعة صحفيين كانوا في مهمة صحفية لتغطية أخبار الصدامات الدموية في منطقة سد كجبار التي أدت لاستشهاد بعض المواطنين الأبرياء..
وتنظر ذات المحكمة حالياً في عدة شكاوي من الجهاز – أيضاً – ضد (السوداني).. وفي الطريق إلى المحاكم شكاوي أخرى ضد (السوداني) – أيضاً - من الجهاز.. وفي هذا معنى إيجابي وآخر سلبي..
المعنى الإيجابي.. هو أن جهاز الأمن الوطني والمخابرات.. كأي شخصية اعتبارية أو طبيعية أخرى يحتكم الى القضاء بلا أحاسيس التفوق السلطوي.. وهي ممارسة لا يمكن لعاقل أن يعترض عليها.. بل ربما الأحرى الإشادة بها.. فمن حق أي جهة أن تختصم الى القضاء وتحتكم الى مرجعيته..
لكن المعنى السلبي.. هو تكاثر الشكاوي ومن جهة واحدة هي جهاز الأمن الوطني والمخابرات.. ربما يمنح ذلك إحساساً بأن الشكوى هنا ليست لمجرد (تضرر!) من النشر بقدر ما هي (إضرار!) بالنشر.. أستمدُ هذا الرأى هنا من مقارنة بسيطة بجهاز آخر لا يقل بأساً.. الشرطة.. التي تتعرض لوابل من النقد في الصحف.. وقبل فترة قليلة نشرت صحيفة (السوداني) تحقيقاً جريئاً عن حالات تعدٍ من بعض أفراد الشرطة على مواطنين.. وكتبتُ هنا أكثر من مرة عن شرطة الدفاع المدني.. كان دائماً رد الشرطة هو مزيد من الاقتراب والإمعان في تأسيس علاقة شراكة وتعاون.. في آخر مرة كتبت هنا عن الشرطة زارني في نفس اليوم قادة من الشرطة (سأعود لتفاصيل ذلك لاحقاً).. وقدموا لي دعوة لزيارتهم في مقر رئاسة الدفاع المدني.. وجلست عدة ساعات في ضيافة ضباط الشرطة من مختلف الرتب.. لم أحس ولو لحظة أنها مواجهة بقدر ما كانت (مكاتفة) كتفاً بكتف لخدمة وطن وشعب هو مالك كل هذه السلطات.. الأجهزة والإعلام معاً..
حسناً أن يلجأ جهاز الأمن الوطني للقضاء.. لكن أحسن منه أن يفترض حسن النية في ما ينشر.. وأن الرأي لا يجرح بل يمنح الحكمة.. وأن يسعى لتأسيس علاقة تآزر في القضايا الوطنية.. فالإعلام ليس مجرد مطابع تدفع.. وأرض تبلع.. هو صناعة الرأى العام وتكوين ضمير الأمة.. فإذا أصبحت كل كلمة في الصحف عن جهاز الأمن الوطني.. عرضحال شكوى.. سيجد الجهاز نفسه دائماً كفة.. في مواجهة يتسلل عبرها إيحاء مجابهة مع الجماهير.. لا الصحافة.
| |
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست