|
|
 لقاء جوبا: أجمع البقر وأفرز الثيران
|
تكتلات محتملة.. وعواقب وخيمة
لقاء جوبا: أجمع البقر وأفرز الثيران
سرت: بوزيد صبي كلو
ألقى غياب زعيمي حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور والعدل والمساواة خليل ابراهيم بظلال كثيفة على محادثات سرت وحجب كثيرا من الايجابيات التي خلفتها المحادثات من وقف لاطلاق النار من جانب واحد ووقف العدائيات الذي اعلنته امس الفصائل الموجودة بجوبا ، واقامة ورش عمل تأهيلية لاعضاء المجموعات المفاوضة، وترتيب الاجندة، ومناقشة القضايا محل التفاوض وشكل ونهج التفاوض.
كشفت محادثات سرت العديد من
مواطن الخلل في سير العملية التفاوضية خاصة للوساطة التي اقرت بصورة غير مباشرة في مؤتمر صحفي بانها اخطأت في تقديم الدعوات، وانهم سيعيدون النظر في طريقة تقديمهم في المرحلة المقبلة، وقال الياسون انهم يؤمنون ويرغبون في مشاركة الجميع بيد انهم سيستخدمون «الفيتو» في هذا الشأن، واعتبر الياسون الدعوات التي قدمت للفصائل فقط للحضور وليست للمشاركة في المحادثات المباشرة، التي قال ستحدد الحركات ممثليها فيها.
وكشفت محادثات سرت ان هناك تحفظا من الفصائل في مشاركة جهات اخرى غير حاملة للسلاح في المباحثات المباشرة المقبلة، وابدت تخوفها من ان تكون بديلة لها في اشارة الى تنظيمات المجتمع المدني التي شاركت في محادثات سرت.
الفصائل
ومن ايجابيات سرت اقرار الفصائل ولاول مرة بان مناوي كان بعيد النظر بتنبؤه بانشقاقات وتشرذم محتمل للحركات، وانه كان حكيما في رفض مواجهة رفاقه الذين هاجموا المواقع التي تقع تحت سيطرة قواته بدلا عن مواقع الحكومة، واقروا بانه لولا توقيع مناوي لاتفاق ابوجا لما كان هناك ما يسمى بالقوات الهجين التي ينادون بالاسراع في نشرها بالاقليم، واعلنوا انهم سيهتدون باتفاق ابوجا وينطلقون من النقاط الايجابية فيه، وليس القفز فوقه، ومن ايجابيات سرت ان الفصائل قررت عدم عزل و اقصاء اي فصيل، ولكنهم طالبوا الوساطة بوضع معايير بموجبها تتم المشاركة وفق وزن وحجم كل فصيل، وكان قد صنف البعض منهم الفصائل الى عسكرية وسياسية واخرى سياسية بحتة بلا قوات على الارض، واقروا بصعوبة الدخول في المحادثات في ظل التشرذم والانشطارات التي تشهدها وتعيشها الفصائل، وتعهدوا بالعمل والسعي الجادين لتوحيد صفوفهم او على الاقل التكتل في تنظيمات كبيرة.
حركة تحرير السودان الوحدة
وهي مصنفة حاليا الفصيل الاكبر ميدانيا ،وتدعى بانها تشكل 70% من القوة الميدانية، وهي فصيل تم انشاؤه العام الماضي عقب مؤتمر تم عقده بمنطقة امراي بولاية شمال دارفور ،وتتكون عناصره من عدد من القيادات السياسية والعسكرية التي انشقت عن تنظيماتها، ابرزهم الدكتور شريف حرير وعثمان البشرى وعبد الله يحيى وصديق بره وصالح جربو وادم ادريس وعبد الرحمن بنات واحمد جري، وانضم لاحقا السياسي المخضرم سليمان جاموس بعد اطلاقه من محسبه الاجباري بكاودة بولاية جنوب كردفان، وكان مهندس هذه الفكرة الدكتور شريف حرير الذي اقنع عددا من القيادات السياسية والميدانية عقب عودته من مؤتمر فاشل عقد بمدينة ابشي شرق تشاد العام الماضي لتوحيد الفصائل المنضوية تحت جبهة الخلاص انذاك. وشارك في هذا المؤتمر المنشقون عن عبد الواحد محمد نور ، وهم مجموعة الـ 19 بقيادة خميس ابكر التي مثله فيه كل من جار النبي عبد الكريم وسليمان مرجان واخرين ، ومجموعة عبد الشافع الذي شارك بنفسه، ومجموعة اخرى انشقت عن عبد الواحد ولكن لم تأخذ اسماً محددا ابرزهم عثمان البشرى وادم شوقار ، كان المؤتمرون قد اختلفوا في امراي لان البعض رفع شعار المؤتمر لتوحيد فصائل حركة تحرير السودان ، وبالتحديد مجموعة الـ 19 ، في اشارة الى عدم مشاركة مجموعة شريف حرير ، ووضعت مجموعة الـ 19 شرطا لرفاقهم الذين انشقوا عن مناوي وعبد الواحد، وشكلوا تنظيمات خاصة بهم بالتخلي عن تلك التنظيمات والانضمام للمؤتمر بصورة فردية وليس كزعماء فصائل ،رفض المشاركون هذا الشرط ، وعادت كل من مجموعة الـ 19 ، وعبد الشافع واخرين من حيث اتوا، واستمر المؤتمر وخرج بهيكلة وضعت عبد الله يحيى رئيسا للحركة وابوبكر كادو قائدا عاما ، وشريف مسؤولا عن العلاقات الخارجية والتفاوض، ورغم ان هذا الفصيل الذي يعتبر حاليا من الاكثر الفصائل تأهيلا سياسيا وعسكريا ويسعي الى استقطاب الفصائل الصغيرة الاخرى الى صفه، بيد ان كلا من عبد الواحد وخليل وعبد الشافع وخميس ينظرون اليه بانه فصيل ليس اصيل،في اطار الصراع حول القيادة، وهناك انباء متواترة ان خلافا مكتوما قد نشب بين عبد الله المحسوب والمقرب من ليبيا وشريف المحسوب والمقرب من اسمرا ، وان الاوضاع داخل الفصيل تنذر بانشقاق وشيك، ولكن القيادي بالفصيل عثمان بشرى نفى ذلك بشدة، وارجع ذلك في حديث لي معه بسرت الى ما وصفهم بالمناوئين لهم من مدبري الفتن والبلبلة، ولكن هناك انباء تقول ان خليل الذي نجح في التنسيق مع عبد الله يحيى عسكريا على وشك جره الى صفه في اطار صراع تعزيز المواقف وتكبير الكيمان ميدانيا وسياسيا ، ورغم ان عبد الله يحيى وشريف في تنظيم واحد، بيد ان كلا منهما بعد لقاء اروشا تم تصنيفهما بان يحيى من مجموعة طرابلس وشريف من مجموعة اسمرا اللتين ليستا ببعيدتين عن النزاع بينهما.
العدل والمساواة
وهي في التصنيف تأتي في المرتبة الثانية ميدانيا رغم ان خصومها يقللون من حجمها الميداني، وان قوتها تستمدها من تاريخها وزخمها الاعلامي، ولكن عمليا تعتبر حركة العدل والمساواة من الفصائل الاساسية ومعترف بها دوليا واقليميا ومحليا ، وتشكل الضلع الثالث في محادثات ابوجا، ورغم انها تقوم على رؤية سياسية بيد انها من اوائل الحركات التي شهدت انقساما في صفها ، حيث انشق عنها قائدها العام العقيد جبريل عبد الكريم ونائبه ، وكونا فصيلا تحت اسم الاصلاح والتنمية، ثم محمد صالح حربة الذي كون فصيلا تحت اسم حركة العدل والمساواة القيادة الميدانية، ثم الدكتور ادريس ازرق احد كوادرها الاعلامية المدربة ، ثم القائد عبد الله بنده الذي انضم الي مجموعة ازرق ، واخيرا انشق امينها العام بحر ادريس ابو قردة، ولكن مازالت الحركة تحتفظ بعناصرها السياسية القوية ابرزهم الدكتور هارون عبد الحميد ، والناطق الرسمي احمد حسين ، وجمالي حسن جلال الدين، وخطاب وداعة والاكاديميان اللذان يدرسان بالجامعات البريطانية والسويدية كل من الدكتور عبد الله حسن وعبد الرؤوف محمد ، وارجعت المصادر تخلف خليل عن سرت رغم تعهده ووعده للزعيم الليبي معمر القذافي الذي تربطه به علاقة خاصة بالمشاركة الى ان اجندته مركزية اكثر منها دارفورية ، ويخالجهم الشك بان خليل لازال يربطه خيط رفيع مع تنظيمه السابق رغم نفيه المتكرر والمتجدد عن ذلك.
أحمد عبد الشافع
قدمه رفاقه في اكثر من موقف ومناسبة لقيادة حركة تحرير السودان بديلا لعبد الواحد ،الا انه تردد ، الامر الذي ادى الى خروج والي غرب دارفور الحالي عليه وتوقيع اتفاق مع الحكومة، وانفض الاخرون من حوله رغم انه محبوب وسط رفاقه وكافة الفصائل الاخرى، ويعتبر رجل الحركة الشعبية الاول ويعتد بذلك وهو يتزعم حاليا فصيلا باسم حركة تحرير السودان، ولكن ليس له قوات معتبرة على الارض وقيادات سياسية معروفة ، وفي ظل تشتت وتشرذم فصائل حركة التحرير وللموازنات القبلية يظل عبد الشافع هو البديل الوحيد المطروح لقيادة حركة التحرير في ظل غياب عبد الواحد ، واذا ما نجحت المحاولات التي تقوم بها القيادات الميدانية بقيادة كل من جار النبي عبد الكريم والدكتور صالح ادم اسحق في توحيد فصائل التحرير ستكون هي القوة الثالثة ميدانيا، وتقول بع.ض قيادات الفصائل ان الهدف من لقاء جوبا هو توحيد حركة تحرير السودان تحت قيادة عبد الشافع المقرب من الحركة الشعبية اكثر من توحيد الحركات وموقفها التفاوضي، كما تدعي الحركة ، وفي هذا الاتجاه قال لي دريج في حوار اجريته معه بسرت، ان لقاء جوبا اشبه بالنظرية الدارفورية «اجمع البقر وافرز الثيران».
ويسعى هذا الفصيل الى ضم كوادر عسكرية وسياسية واعلامية انشقت عن مناوي وهم ابراهيم احمد ابراهيم المستشار السياسي السابق لمناوي، وعصام الحاج ومحمد علي كلاي، وصديق ساليت، الا ان القيادات الميدانية تقف بشدة ضد انضمام هؤلاء خاصة السياسيين منهم ، ووجهوا لهم انتقادات لاذعة ووصفهم بمعارضي الفنادق والمتجولين في العواصم الغربية.
خميس أبكر
وهو نائب عبد الواحد محمد نور، احتفظ به نور نائباً له في ظل التوازنات القبلية ، رغم انه قام بتجميد صلاحيات نور اثناء محادثات ابوجا، وتنقل خميس في عدة تنظيمات بعد اتفاق ابوجا، انضم اولا لجبهة الخلاص التي كانت تتكون من اربعة فصائل بقيادة كل من خليل ودريج وشريف حرير، ثم انتقل الى الجبهة الثورية للتنمية والتحرير التي تضم خمسة فصائل، وهذه الجبهة في طريقها الى التفكك في ظل الاستقطاب الحاد الجاري حاليا بين الحركات وبخروج شريف من الجبهة، وانضمامه لفصيل الوحدة وبالقرار الذي اتخذته القيادات الميدانية التابعة لحركة التحرير امس بتوحيدها تحت مظلة واحدة بقيادة عبد الشافع بعد ان ظلوا طيلة الفترة الماضية يحاولون اقناع خميس للانضمام اليهم، يصبح خميس عمليا استقل بتنظيمه الذي يتكون من بعض القيادات الشابة ابرزهم محمد علي ناصر وهاشم حماد واسماعيل عمر والتيجاني سيف النصر، وكان من الصعب توحيد مجموعتي خميس وعبد الشافع في اطار التوازنات القبلية بين الفور والمساليت، ايهما يصبح رئيسا اذا ما تم تصعيد عبد الشافع ، خرج المساليت من المعادلة، واذا ما تم تصعيد خميس خرج الفور من المعادلة ، فضلا عن النزاع الخفي بين الحركة الشعبية التي تقف خلف عبد الشافع، واريتريا التي تقف خلف خميس ، واذا ما استمر التحالف الحالي بين مجموعة خميس والمجموعة العربية بقيادة كل من صلاح ابو صرة والهادي عجب الدور الذي ترعاه وتدعمه ارتريا سيكون الفصيل الرابع ميدانيا.
بحر أبو قردة
وهو رئيس حركة العدل والمساواة القيادة الجماعية التي انشقت اخيرا عن خليل ، وكان بحر قبل انسلاخه امينا عاما ونائبا لخليل وهو قائد ميداني ومزاجه عسكري اكثر منه سياسي، اتهمه خليل بالتآمر عليه وانه صنيعة حكومية، وان حركته كرتونية ليس لها وجود في الميدان، بينما يقول بحر ان خليل اصبح جزءا من التاريخ ، ومن ابرز الكوادر التي انضمت لبحر :تاج الدين بشير نيام الذي كان مديراً لمنظمة الدعوة الاسلامية بتشاد وأحد كبار المفاوضين في ملف الترتيبات الأمنية بابوجا ،وهناك أنباء شبه مؤكدة بانضمام الدكتور ادريس أزرق ومجموعته الى أبوقردة ، ولم ينف هذا النبأ أزرق الذي كنت معه على متن الطائرة التي أقلتنا من سرت الى جوبا، ثم الخرطوم ، وقال انهم يسعون الى توحيد كافة فصائل العدل والمساواة بمن فيهم الدكتور خليل، مشيراً الي أنهم قطعوا شوطاً بعيداً في هذا الاتجاه ، خاصة مع فصيلي الاصلاح والتنمية بقيادة العقيد جبريل عبدالكريم المقرب من تشاد ، وحركة العدل والمساواة القيادة الجماعية بقيادة محمد صالح حربة ، وحتى الآن لم يحدد كل من القائد ادم بخيت المقرب من تشاد وجهته الي أي فصيل سينضم، والقائد سليمان مرجان المقرب والملتزم تجاه عبدالواحد تنظيمياً.
عبد الواحد محمد نور
وهو الذي جعل تعويض وحماية سكان المخيمات من النازحين ، ونشر القوات الهجين، واسقاط الحكومة، برنامجا سياسيا له ،وشرطا للدخول في المحادثات، لم يبق له من انصاره سوى شلته والمقربين منه المقيمين بكل من لندن والقاهرة.
الاسرة الدولية والاقليمية اعيتها مشقة السفر والاستجداء لاستقبال مكالمتهم التي لم يعرها اهتماما اذا ما تعرف على رقم هاتف اية شخصية دولية او اقليمية او محلية او من الرفاق، يعلم او يعتقد بانه سيدعوه للمشاركة في المحادثات، هذا التنعت والتجاهل جعل الكثيرين يتساءلون من اين يستمد عبد الواحد قوته.
كان الكثيرون يعزون ذلك الى فرنسا التي تعتبر ان تلك الاجابة سطحية وساذجة، ويقول مندوب فرنسا بسرت القنصل عيسى امارو في حديث لي معه: لو كان هذا صحيحا لماذا لا تتفق الحركات وتأتي الى سرت لسحب البساط من فرنسا ، ناهيك عن عبد الواحد. وتساءل ماذا نفعل لعبد الواحد الذي له اقامة مؤقتة بفرنسا بلد الحرية والديمقراطية ،هل اخذنا له على متن طائرة لخارج فرنسا سيحل المشكلة، لا اعتقد. واضاف الكل يعلم بما قامت به الاسرة الدولية من جهد، وفرنسا وحدها ظلت تحاور وتناقش عبد الواحد لمدة ثلاثة اشهر متواصلة، انكم تفكرون بنظرية المؤامرة، وكان علي قمة البرنامج الانتخابي للرئيس ساركوزي قضية دارفور، نعم ان لكل دولة اجندتها ومصالحها، ولكن فرنسا ليست لها مصلحة في دفع عبد الواحد لعدم المشاركة في المحادثات.
واخيرا تلك هي التكتلات المحتملة للفصائل في جوبا والتي تتصارع على القيادة، بعد ان حسم كل فصيل موقفه السياسي، واذا ما فشلت في تحقيق تلك التكتلات ستكون مواجهة بعواقب وخيمة، اذا ما تم نشر القوات الهجين في يناير المقبل، وسيدور بينها قتال شرس لتحديد وفرض السيطرة على المواقع التي مازالت مشتركة بين الفصائل.
|
|
 
|
|
|
|
Mustafa Mahmoud
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست