دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
ســـــــ عند خط الافاق ــــــــــابي
|
الى الاعزاء احمد داؤد و محمد الحاج عربون مودة
ســــــــ عند خط الافق ـــــــــــــابي
عندما قابلته أول مرة ،لم تلفت وسامته البالغة نظرها بقدر ما لفت نظرها تصرفاته التلقائية ،وبساطته .فبهرتها شخصيته الغريبة. لم يكن مثل أي رجل قابلته. بمرور الزمن وجدت نفسها تتابعه مثل ظله.. وتتوق له، ولا تطيق أن يغيب عنها لحظة، فقدكان يحتمل نزقها، وغضبها الفوار، بصبر شديد. كان يعدّل لها هندامها، عندما يجد ياقة القميص غير معدلة، أو إن زرائر قميصها غير متكافئة ،يقوم بكل بساطة بفك اول زرار، ثم تعديلهم واحداً خلف الآخر ، وهي مستسلمة له؛ بعد أن ينتهي ،يضع يديه على خديها ويفركهما، كأنه يؤنب طفلا على شقاوته. عندما تجرح نفسها بالقاطع ،وكثيرا ما تفعل ،يقوم بتنظيف الجرح و يضمده، ثم يلثمه كما تفعل الام لطفلها الصغير المجروح.يرتب لها خصلات شعرها المتطايرة، يرجع لها نظارتها الى الخلف عندما تنزلق إلى ارنبة انفها،ويؤنبها على عدم اهتمامها ببلوزاتها ،التى تكون دائما ملوثة بالالوان. دائما يقول لها عليك بتحديد لبس محدد لمادة التلوين حتى لا تكون كل ملابسك مبرقعة. عندما تكون حزينة يضع يده على كتفها ،ويهدهدها كطفل صغير.أحبته لدرجة الجنون، ولكن ابدا لم يبح لها هو بحبه.كان يقضي جل وقته معها ،ولكن ابدا لم يخبرها يوما انه يحبها..فكانت احيانا تحس انه مشاعره نحوها خاصة ،وانه يحبها و حينا آخراً تحس انها فقط صديقة لا غير. مر الزمن وهي تحبه ،وتحس حاجتها له متزايدة وهو يعاملها كطفلة. يوماً ما أخبرها إنه ذاهب إلى منزلهم، إذا كانت ترغب في الذهاب معه، أجابته بالإيجاب ،وفرحت كثيراً إذا كان يريد أن يعرفها بأسرته ،فهذه خطوة في الطريق الصحيح.عندما ذهب معه، وجدتهم يسكنون في بيت جميل على ساحل البحر.دخل الى البيت وطلب منها ان تتفضل . أخذها إلى المطبخ وجدت امه وجدّته تعدان الطعام قبلته امه على خده وقبل جدته على رأسها. قال لامه :هذه "سابي" يا امي.ورفع صوته في الحديث مع جدته واخبرها هذه صديقته واسمها "سابي" حيتها ألأم وقبلتها في خدها وكذلك الجدة . ثم اخذها إلى غرفة المعيشة حيث والده الذي يشبهه كثيراً، يشاهد التلفاز قدمها لوالده الذى نظر اليها بعين فاحصة ثم هز رأسه وقال لها تفضلي اجلسي. جلست جلس هو قربها ،وبعد قليل تعالت اصوات من الخارج قفز وفتح الباب المؤدي إلى الخارج ، دخلن ثلاثة بنات قدمهنَّ لها فقد كان دائما يحدثها عن اخواته. واحدة تصغره ثم توأم متطابق.. حيينها بلطف وجلسنَّ حول والدهنَّ. جلس هو قربها، نظرت اليه ،نظر اليها مبتسما.. وقال لها ضاحكا: كما ترين أنا وأبي فى منزلنا هذا أقليات. ثمهمس لها بعد الغداء ساريك غرفتي. بعد الغداء طلب منها أن تذهب معه ،أحست بالحرج، ولكن وجدت الكل أخذ الأمر ببساطة. صعدت معه السلم في الطابق الثالث وجدت غرفة كبيرة قائمة بذاتها. فتحها وجدت غرفة فسيحة أثاثها ابيض، وفي طرف الغرفة رأت حامل فيه لوحة لها في طورها النهائي. قالت : لماذا لم تخبرنِ انك ترسم لوحة لي أيها الخائن . ضحك وأخبرها أنه كلما يأتي هنا يرسم قليلاً فيها، ثم أردف اتمنى ان تعجبك. جلس على الفراش، وجلست هي على أريكة رمادية . بعد قليل اتى وجلس قربها على الأريكة، ومعه (اللبوم) وصار يريها صوره منذ أن كان رضيعا، ثم صوره في الثانوي ، وفي فرقة المدرسة الموسيقية يعزف على الجيتار ،ثم علي دراجة نارية ،وصور من الجامعة، وفي آخر الصفحات وجدت عدد من الصور لهما معا. قالت : عندما كنت في الثانوي كنت اكثر وسامة !! ضحك وقال: انه كان يهتم كثيرا بنفسه اما الآن فلا يهتم. سألها:هل تودين أن تذهبي الى البحر؟ أم تنامي قليلاً؟ ثم أردف: تبدين متعبة نامي قليلا ،سأذهب انا للتحدث مع والدي وقبيل المغرب نذهب الى البحر. وبتردد قال لها برجاء:لو طلبت منك طلب ارجو ألا تحمليه اكثر مما يتحمل. هل يمكن أن تخلعي سلسلة الصليب حتى لا تراها جدتي؟؟ فالبقية لا تهتم بالدين كثيراً، ولكن جدتي تهتم كثيراً. ارجو ألا تأخذي في حديثي إلا ظاهره .إبتسمت وقالت له: سافعل ذلك ساعدها في فك مشبك السلسل ،وضعه في مظروف اعطاه لها، وقال لها شكراً لحسن تفهمك ثم خرج. وقبيل الغروب طرق الباب حتى أذنت له بالدخول دخل. و ذهبت هي الى الحمام غسلت وجهها وخرجت وجدته يحمل حصيرة ،وبعض المناشف قال لها دعينا نذهب الى الشاطئ. قالت له: أنا لا اسبح.. قال لها: انا سأسبح وتشهدين أنت غروب الشمس.وخرجت معه الى الشاطئ .أضجع هو على ظهره وهى على بطنها قربه رفع لها خصلات شعرها من وجهها، ثم غير وضعه حيث رفع رأسه بساعده ،واضجع على جانبه وصار في مواجهتها. ونظر اليها مبتسماً. في هذه اللحظة تعالت جلبة وضحكات حيث وصلن اخواته الى الشاطئ بملابس السباحة. وبادرتهما احد التوأم مازحة :يا هلا بعصافير الحب! ضحك نديم وقام وذهب الى البحر. تبعنه التوأم وبقيت أخته الأخرى واسمها سارة. تحدثت معها عن الدراسة.
واشياء متفرقة. بدون مقدمات قالت لها: هذه المرة الاولي يحضر نديم صديقة فهل علاقتكما علاقة جادة؟ قالت لها " سابي"نحن اصدقاء وأنا أحبه كثيراً ولكن لا أدري كيف ستكون الأمور. قالت لها سارة: هو يحبك ايضا ألا ترين كيف ينظر اليك حتى جدتي قالت: انه يحبك كثيرا ،وضحكت ثم اردفت قائلة: جدتي تحلم بأن يتزوج نديم ،حتى ترى اولاده، وبذلك تكون شهدت جيلين من الاحفاد. صمتت "سابي" وتذكرت أسرتها ،و العواصف التى ستقوم اذا أخبرتهم إنها ستتزوج نديم. راعها انها ابداً لم تفكر في مصير هذه العلاقة هل يرفض عقلها الباطن ان تلوث اللحظة بمخاوف المستقبل؟!و أكتشفت بانها دائما تشكك في حبه لها، حتى لا يكون حقيقة. فهي تريد علاقة معه ،ولكن غير مسمية فهذا أكثر راحة لها. قطع حبل تفكيرها رجوع نديم وجسده يقطر بالماء مدت له سابي المنشفة نشف شعره وجسده.. وجلس قربها.. ذهبت سارة سألها الا تريدين الدخول فقط في طرف الماء؟ . قالت له :انها لا تعرف السباحة .. قال لها فقط أدخلي في طرف الماء فهذا الوقت تكون باردة ومنعشة. قالت له شكراً المرة القادمة. جلس قربها وكانت الشمس كقرص ناري يتهاوى صوب البحر والكون يبدو في اجمل شكل يمكن ان يكونه.. وخط الافق مع الماء يعطي شكلاً غريباً بين حمرة السماء والزرقة المعتمة للبحر. قالت له لخط الافق هنا شكلاً مختلفاً قال: في اساطير الصيادين هنا ان خط الافق هو نهاية العالم حيث تذهب ارواح الموتي. وربما هذه الفكرة صحيحة. وحكى لها ان في قصص الصيادين ان هناك فتاة جميلة كانت تحب صيادا اختفى ذات عاصفة وقفت كل القرية تبحث عن المفقودين لثلاث ليالٍ. ولم تفارق الفتاة الساحل لتنام دقيقة وهي تنتظر حبيبها عند الشاطئ. وعندما لم يحضر ذهبت الى خط الافق للبحث عنه ولم تعود. ربما هي الان معه هناك سعيدة بقربه. دائما كنت اسأل جدتي التى تحفظ عدد كبير من القصص الشعبية للصيادين هل يمكن ان تكون معه في خط الافق؟!. فكانت جدتي تسكت. فكرت في قصة تلك الحبيبة رق قلبها لها. فكيف تطيق ابتعاد من تحب.وتذكرت قصة هبوط ارفيوس لعالم الموتي لاحضار محبوبته من عالم الموت. تحفل كل الثقافات الانسانية بفكرة الرحيل الى عالم الموتى للعودة بالحبيب الميت. فكرة تحضير الارواح ايضا فكرة تقوم على ارجاع الميت او خلق تواصل بين عالم الشهادة و الغيب. هذا العالم المجهول الذي لم يعود منه ابداً احد ليخبر ما به. الفلسفات و الديانات الوثنية و السماوية عا لجت هذه العلاقة الجدلية بين الموت و الحياة. سألته: هل يا ترى ينتهي الحب بفناء المحبوب او رحيله الى العالم الآخر. قال لها: في رأي ان الحب لا يموت ولكن ينتقل الى مستوي آخر مستوى مختلف . في هذا المستوى الجديد يرتبط بفرقة ابدية و أحساس بالحزن الشجي.ولذلك يبقى في الداخل يشقي اكثر ويحزن أكثر. عندما مات جدي حزنت جدتي حزنا كبيرا قد كان زوجاً محباً لطيفاً. كل يوم تنظف جدتي الغرفة و وترتبها وكأنه لم يغب واصبحت الآن تصمت كثيراً. ودائما احس انها تترقب ملاك الموت فهي فى إ نتظار دائم. ولذلك أظن ان بموت المحبوب يكون الطرف الآخر في حالة إنتظار دائم للحاق به. حيث يصبح الموت اليفاً و وغير مخيف. أنظري كيف تتغير النظرة الى الموت؟ من شيئ مخيف وهادم للذات الى شيئ منتظر و ومشوق للمحب الذي بقي في المستوى الآخر. أنظري ايضا روميو وجوليت قتل روميو نفسه لانه رأى هذا العالم لا يستحق العيش بعيداً عن محبوبته. ثم قتلت جوليت نفسها عندما عرفت بموت روميو لأن هذا العالم الخالي من روميو لا يستحق البقاء فيه.دائماً يحيرني سؤ الفهم الذي حدث بين جوليت ورميو و أفضي لموتهما ليعلنا للعالم إن الحياة لا تسوى في غياب الآخر. توهم روميو انا جوليت قد ماتت ،على هذا الوهم مات وتأكد لجوليت ان روميو قد قتل نفسه لأجلها فقتلت نفسها . هل يمكن ان يكون هناك حب أكثر من هذا أن تتطابق الرؤية لدي محبين. فيتركا عالم الشهادة الى عالم الغيب. يتنكبان الدرب الصعب للمجهول..؟
وران الصمت بينهما خرقه صوت الام من البيت يطلب منهم الرجوع. نادى نديم اخواته ،خرجن من الماء ،أعطاهن المناشف وساعدهن في تجفيف شعرهن. ثم ذهبوا جميعا الى البيت. غيروا ملابسهم .وجدوا الجدة والام قد أعددن الطعام. جلسوا ليأكلوا .وكانتا ميرا وماريا نجمات ذلك العشاء بصخبهما الجميل وحيويتهما الدافقة. بعد الفراغ من الطعام . قالت الام لنديم :اليوم ستعفى من غسل الاواني لان معك ضيفة وسيقمن ميرا وماريا بفعل ذلك على ان تحل مكانهم عندما يأتي دورهن قال نديم : سأفعل يا أمي وستساعدني "سابي" جمعت "سابي" معه الأطباق و تبادلا الغسل والتجفيف وتنظيم المطبخ. ولحقا بالجميع في غرفة المعيشة. وتحدثوا وتآنسوا الى ان إنتصف الليل قالت ميرا :لسابي ستنامي معنا انا ومارية في غرفتنا لأنها واسعة وبها سرير اضافي. وذهب الجميع وقف نديم قليلاً مع سابي قرب غرفة اخواته ثم قبل اخواته متمني لهن أحلاماً سعيدة. وعندما أراد الذهاب قبل سابي فى خدها وقال لها مساء الخير وذهب. لبست سابي ملابس النوم وجلست في سريرها .قالت ماريا لها: هل حقا تحبين نديم؟ قالت لها سابي : نعم كثيراً . ثم قالت ميرا : هو يحبك كثيراً. لا يكف عن النظر اليك. ضحكت سابي..و تمنت لهما نوما هنيئاً.. في الصباح استيقظت مبكراً غيرت ملابسها وخرجت الى الشاطئ جلست قرب البحر تنظر الى الشروق. بعد قليل أتي نديم وجلس قربها .علا في الجو اصوات النوارس . وبدأ الموج يعلوا ويلامس اقدامها . وقفت وقالت له: سارجع الى البيت. قال لها :أذهبي سالحق بك بعد قليل. ذهبت وجدت الجدة تجلس على الارض تسبح، والام تصنع فطائر، وسارة تعد المائدة ،ساعدت سارة في تنظيم المائدة. اتى الاب يحمل صحيفته، وضعها قرب كرسيه امام التلفاز. علا صخب في السلم نزلت ميرا وماريا وهما يتحاجان في أمر ما، بعد قليل دخل نديم، و جلس الكل يشربون الشاي ،و يفطرون وبعد الانتهاء ،قامت سارة وسابي بجمع الصحون ،وغسلها ،وتجفيفها، وجلس نديم قرب والده يشاهدا اخبار الصباح.اتي ندبم الى المطبخ نادى سابي اخذها الى غرفته. وجلسا على الاريكة يتحدثان في امور مختلفة. ثم قال لها يريد يعمل قليلا في مشروعه وذهب الى طاولة في ركن الغرفة، وبدأ في العمل ،وهى جلست قرب النافذة تنظر الى البحر. فكرت كم هى سعيدة الان وكم تحب نديم. وكم رائعة اسرته وفكرت في أسرتها هل كانت ستستقبل نديم كما استقبلتها اسرته؟ فكرت في أمها التى ستجن لو عرفت انها تحب مسلم. وستألب عليها والدها. فكرت ليت اسرتي مثل اسرة نديم اسرة محبة و مستقرة. وفكرت اذا طلب منها نديم الزواج فماذا تفعل؟ وكيف تخبر اسرتها.وفكرت ماذا لو رفضته اسرتها !؟وهى متأكدة ان هذا ما سيحدث. هل تتركه ام تستمر معه؟وهي في استغراقها في افكارها المدلهمة هذه . احست بنديم خلفها رفعت رأسها التقت أعينهما . شهقت في بكاء مرير روع نديم له.مسكها من كتفها أجلسها على الاريكة ولف ساعده حولها في حنان وسألها لماذا تبكين؟ هل اغضبتك في شئ؟ اشارت برأسها سلبا. قالت له ان أسرتك اسرة طيبة، قبلتني ولكن اخشى ان ترفضك اسرتي. ولأول مرة منذ ان عرفتك افكر اننا من دين مختلف.وافكر ان هذا سيكون مشكلة لنا قال لها نديم : شعوري نحوك صادقاً واتمنى ان يكون ايضاً شعورك نحوي صادقاً وهذا هو المهم.. سوف لن نفترق ابدا. مسكها من كتفها وهزاها بعنف قولي لي إنك لن تتركينني ابداً مهما حدث. فقط أوعدينيى إنك لن تتركيني.قولي لي انك ستكونين لي ولا احد غيري.الا ترين انني دونك لن اكون شيئا.. ولكن انت دائما تتباعدين عني وانا حائر معك.. هل تحبينني كما احبك؟ أكدت له سابي انها ابدا لن تتركه وانها تحبه حبا لا يمكن تقديره.. سحبها من يدها الى الاريكة واحضر كرسيا جلس في قبالتها ومسك يديها وقال لها: سابي يجب ان توعديني ان اسرتك لن تنجح في تفريقنا بسبب الدين. وانك سوف لن تتركينني ابدا. اذا حدث ذ لك يا سابي سوف أقتل نفسي.. هل يمكن يا سابي ان تتركي اهلك لأجلي؟ انا على استعداد ان اموت لأجلك يا سابي فهل أطمع في ان تفعلي ذلك لأجلي.لا أدري يا سابي ولكن احسن إن أمك ستمنعك عني واخشي ان ترضخي لها.. انا احبك حبا لدرجة الألم. اتمنى ان تخبريني الآن انك ستكونين لي وانه مهما حدث لن تتركينني.. نظرت اليه سابي وقالت له لماذا تظن انك تحبني اكثر مما احبك؟ سوف أكون لك الى الأبد وسوف لن أدع كائن من كان ان يفرق بيننا.. وهذا وعد مني.. لك ولنفسي. طيلة الفترة الفائتة كنت احس بانك لم تحزم امرك. قال لها:اني نويت ان احضرك هنا اولاً لتري اسرتي ولاخبرك أنني احبك واريد الزواج منك.. وأنا سعيد انك تحبينني كما أحبك.. جلس قربها لف ساعده حولها بقيا هكذا لفترة حتى سمعا طرقاً على الباب دخلت ميرا واخبرته ان والدها يريده ان يذهب لشراء بعض الاشياء. ذهب ومعه "سابي" وطيلة الطريق كل غارق في افكاره. والصمت بينهما. احست انها سعيدة جدا ليت هذه اللحظة تستمر وتذكرت اسرتها و خاصة امها . فكرت كيف يا ترى ستتصرف أمي معي!؟ هل ستطردني من المنزل وتجبر كل من في العائلة على عدم التعامل معي؟ ذهبت سابي لزيارة أسرتها. وقررت أن تخبر أمها بنديم. كما توقعت "سابي" اشتعلت نيران الخصومة في البيت ،وسرت لبقية الاسرة كما تسري النار في الهشيم. توافد افراد عائلتها لتحذيرها من غضب الرب. و أنبتها خالتها كيف تخزل امها؟ وهي الابنة الوحيدة، التى طالما اعتنوا بها، ووفروا لها حياة لا يحلم بها أحد. وبكت جدتها وقالت: ربما هذا مس شيطاني اصابها . وربما هذا المسلم سحرها وهم معروفون بذلك. اتى عمها القس وقال لها حديث طيب في ظاهره ولكن به تحذير خفي بأنهم لا يقبلون ان تفعل واحدة من العائلة هذا.وهم عائلة خدمت "الابرشية" وأنها بهذا الاختيار تكون قد فارقت العائلة. كل هذه الفوضى وو الدها صامت. لم يقل اي شئ لا سلبا ولا ايجابا. بل غضب على امها التي نشرت الخبر قبل ان يدرس بينهم . وبهذا عقدت الموقف. بكت سابي كثيرا للتقريع الذي وجدته من الكل، ولكن بينها وبين نفسها كانت مقتنعة تماما ،بأنها ستكون لنديم مهما كلفها الامر قالت لأمها: فقط يا أمي لو قابلتيه ربما تغيرين رأيك. صرخت فيها: امها هو مسلم هذا يكفي لنعرفه. هؤلاء المسلمون لا يحترمون المرأة ويجمعوهن كالبهائم في بيت واحد، و يمكن للرجل ان يتزوج عدة نساء. فهل تودين يوما ان تجدي يوما تشاركك في زوجك امرأة اخري ،ولها نفس الحقوق؟ ربما عماك الحب ،ولكن أعلمي ستكونين انسان درجة ثانية، وهم يبررون هذا بأقوال يدعون انها من السماء. سوف تجدين نفسك في موقف لا تحسدين عليه بمجرد ان يتزوجك. حاولت "سابي" أن توضح لأمها ان هذا غير صحيح، ولكن دون جدوى، أستمرت الام الملتاعة في تهديد، وتخويف ابنتها من مغبة هذه الخطوة. فهي تارة تحاول استمالتها باللين ،وتذكيرها انها ابنتهم الوحيدة المحبوبة، ومرة اخرى ترهبها بانها بخيارها هذا ستخرج من حياتهم الى الابد. رجعت "سابي" الى الجامعة. اتصل بها نبيل وسألها ماذا حدث أخبرته بكل ما حدث، ووعدته انها سوف تمضي في علاقتها معه ولا تهتم بما تقوله اسرتها. رد نديم عليها بحزن : ربما تحتاجين ان تفكري كثيراً قبل إتخاذ هذه الخطوة.وسوف ابتعد عنك قليلاً الى ان تصلين الى نتيجة وحدك دون تاثير مني. بقيت حائرة ومتنازعة الى ان عادت يوما الى السكن، وجدت سارة في انتظارها. وعندما رأتها أسرعت اليها وقالت لها: انا هنا منذ ساعة.استغربت "سابي" حضور سارة . فهل يا ترى ارسل نديم سارة لتعرف اجابة "سابي" الاخيرة؟ قالت لها سارة: هناك ما أود ان أخبرك به . صمتت "سابي" تابعت سارة: نديم في المستشفي منذ الصبح لقد حدث له حادث حركة. وارسلتني الاسرة لاحضرك. صرخت "سابي " بكت وصارت تسألها بلهفة: اخبريني بربك كيف هو؟. بكت سارة وقالت لها: علينا بالذهاب الان. ذهبت" سابي" وعندما وصلت المستشفي وجدت فى صالة الانتظار كل الاسرة والكل يبكي ويبدو عليه التاثر. استقبلوا "سابي" بالدموع . طلبت سابي ان تذهب لرؤيته اخبرها الاب ان الزيارة ممنوعة عنه وهو في العناية المركزة ولكن سيخبر الممرضة ان تأذن لها بالدخول. ذهبت سابي وجدته مغطي الراس بالضمادات و وألاجهزة تخرج اصوات ورنين حست وكأن الارض تميد بها . مسكت يده ونادته ولكن هيهات.هو في غيبوبته لم يراها ولم يسمعها. أحست بأتها تهوي في بئر سحيق لا قاع لها. سندها الاب و أخرجها لتنضم للكل يجلسون في قاعة الانتظار اخبرها الاب ان حالته غير مستقرة الى الآن .ولكن ندعوا الله ان ينجيه من كربته هذه. جلست" سابي" والدموع تنساب على خديها دون توقف. احست بالحزن ليتها اتصلت به واخبرته بقرارها.وهو ان تضحي باي شيئ لأجله. ذهبت الى الهاتف اتصلت باسرتها: اتى صوت والدها من الجانب الآخر بصوت يصهره الحزن اخبرت والدها بما حدث. تحدث معها والدها مطمئناً و أخذ منها العنوان وقال انه سيحضر فور وصول أمها التى كانت خارج البيت.في الصباح أتى والدها وحده وجلس قربها راجياً ان ينجي الاله نديم..لم تسأله عن أمها طلب منها والد نديم ان تذهب لتأخذ قسطاً من الراحة ثم تعود رفضت بإصرار أن تذهب. ذهب والدها متمنيا الشفاء لنديم شكرته "سابي" وقال لها : ستكونين دائما ابنتي التي أحبها أكثر من أي شئ. وقبيل المغرب اخبرهم الطبيب : ان نديم قد فارق الحياة لا تدري ماذا حدث بعدها لأنها غابت عن الوعي وعندما استيقظت وجدت نفسها في غرفة نديم فكرت قليلاً وتساءلت هل هي تحلم؟ ثم تذكرت الفاجعة التى المت بها . بصعوبة وصلت النافذة نظرت الى البحر كان القمر مكتملا. لا تدري لماذا تذكرت قصيدة كانت تعجب نديم عن الموت . وتذكرت حديثه الدائم عن الموت هل كان ذلك استشرافا لأن حياته ستكون قصيرة؟ عادت القصيدة الى ذهنها حية كاملة: " طوال الليل، لعلمي بأنك ميت، جلست في هذه الغرفة الطويلة النوافذ اتطلع نحو البحر، والاسى القاتل يحزّ فى نفسي بذلك كنت استعيد، عن غير عمد، تلك الساعات التى قضيناها معا- حين كان الشباب كشمس متمردة تسكب طموحها على الريح التائهة، ساعات، كانت تنذر بالاوهام، والآن ما من أحد يشاركنياها. أما وقد متّ، فأني اتركها جميعاً وشأنها. يوم كأي يوم. مع إننا في اي يوم من اليوم نتوقع الموت. الفضاء ملبد بالغيوم والبرد القارس كالثلج يهبّ على الشاطئ وفي المستنقع، تطفح المياه الآن كبحر شارد. هذه هي اللحظة حين البحر، وهو يعجّ بالحركة ، يبدو بلا حراك. الارض و البحر قد اتحدا معاً. والمستنقع قد إضمحل وهمّي يغمره الطوفان. كل شئ ، ما عدا الكثبان، وقد غرق. وإذ طفحت بالذكريات عثرت على الساعات التي عرفناها، ولكن لم نعثر على المفتاح. أَنَّى لي العثور على المفتاح الضائع للخزانة الفضية؛ وقد خبأته و أنت طفل غرير.
أفكّر بكل ما فعلت وكل ما كان في وسعك أن تفعل، من قبل أن يسحقك الموت ، لولا القنوط. أي مستقبل كان كمستقبلك حينما جئت كالربيع ، وألوان الزهور في شعرك ، وتنتطلق كالريح ، إذ يكون الغاب عاريا وكل ساكنة تهمّ بالغناء.
لم يكن يومئذ لأحد مستقبل كمستقبلك أو فطنة كفطنتك، ولم يكن له كحسن طلعتك؛ إذ كنت شجاعا كابن "دانائي" مخلوقا، ك"بيرسوس" في حلم ذهبي. وما من أحد ، حين كنت فتىً، يسارع هكذا الى إ قتفاء المظاهر البراقة لعصر "جورجوني" في الترس اللمّاع. لا تقنط من الحب ، لا مصير يستيطع أن يخمده..... أكان إخفاق كل عاطفة في منتصف الطريق يعود الى دمك الفاجع الذي يجري من إله سيئ الطالع؟ لم تنصرف عن شئ انصرافك عن العزلة، وقد اعوزتك الطمأنينة، وجريت هناك في البعيد، وراء ما يثيره الندم من هياج حزين
ايكون أنك، وقد حملقت برأس الزمن المقطوع ، المتدلي والاعمى، المتدلي بشعره الملطخ بالدماء، ورأيت الدم على تلك النظرة العمياء، تطلعت فاصبحت واحداً مع الرعب الخانق لتلك العينين الكفيفتين؟ تطلعتَ ، ولم تتحوّل الى حجر."* مع نسمات الصباح الاولي خرجت "سابي" الى الشاطئ ثم ابحرت الى خط الافق بحثا عن توأم روحها. مثل حبيبة ذلك الصياد التى قال نديم انها من القصص الشعبية بين الصيادين.
من قصيدة الساعات جون بيل بشوب John Peale Bishop ترجمة يوسف الخال 1892-1944
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ســـــــ عند خط الافاق ــــــــــابي (Re: bayan)
|
Quote: الى الاعزاء احمد داؤد و محمد الحاج عربون مودة
ســــــــ عند خط الافق ـــــــــــــابي |
بيان (حاف) أو د. بيان في روايات أو د. نجاة دون ورود صيغة (نجاة) حاف تحايا و ود يعبران الهندي شرقاً باتجاهك ... و إذا كثرت الأسامي فالمسمي مثير للشغب أو كما (قيل) دون ايراد اسماء من شاكلة بارت و فوكو و دريدا و السكندر المقدوني تفادياً لضفاري الدكتورة
و بعد إذا كنت أنا المعني بالإهداء أعلاه فسعادة كبيرة ستغمرني كوني مررت بخيالكم (الجليل) و في رواية (الناصرة) "زاتو" هذا و في الخاطر من مواقف على شاكلة ما فعله ذلك الدكين بالبعض ... كالعادة سأقوم بقراءة الهدية برواقة أثناء (قرعي لأجراس العودة) المسائية ثم سأعود لأشكرك ثانية صباحاً هذا إذا لم يستجد في الأمر جد
(ود كثيف)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ســـــــ عند خط الافاق ــــــــــابي (Re: Mohammed Elhaj)
|
يا محمد الحاج
لا ادري لم اجد ما اعبر به عن امتناني لفتحك ذلك البوست تطالبني بالعودة.. وذهبت وقرأت شعرك الجميل قلت هذه القصة اهديها لمحمد الحاج الم تلاحظ للهمزات والشدات و التنوين.. هذه اول قصة اوليها عناية شديدة فقلت اهديها لك ولود داؤود على تشجيعه الدائم لي...
منتظرة رأيك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ســـــــ عند خط الافاق ــــــــــابي (Re: noon)
|
العزيزة نون
شكرا لك كثيرا على المرور و الحديث الطيب
العزيزة مني
شكرا ليك كثيرا واتمنى ان اكون عند حسن الظن..
العزيزة القلب شكرا لك كثيرا على المرور الباهي
العزيز احمد داؤد شكرا لك مليون على التشجع الدائم
العزيز هشام دائما عظيما ولطيفا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ســـــــ عند خط الافاق ــــــــــابي (Re: bayan)
|
Quote: الم تلاحظ للهمزات والشدات و التنوين.. هذه اول قصة اوليها عناية شديدة فقلت اهديها لك ولود داؤود على تشجيعه الدائم لي...
|
شكراً كتير علي الهدية الملائكية با دكتورة، لونت ساعة العودة الطويلة، الغريب في الأمر أني اعتقدت في البداية أنها مترجمة ثم ادركت بعدها توقيعك، غرقت في عذوبة التفاصيل، لكن لماذا لا ننهي قصص الحب إلا بهذه المأساوية ان جاز الوصف أم أن الحب تقتله (العادية) فينتهي بهكذا ملاحم و في الخاطر أرتال المحبين الشهداء !! في الخاطر أيضاً المقطع الاخيرو نهاية رواية ماركيز الحب في زمن الكوليرا و
Quote:
استمع إليه فلورنتينو أريثا دون أن يطرف له رمش، ثم نظر عبر النافذة إلى دائرة ساعة أجهزة الملاحة، و إلى الأفق الرائق، و إلى سماء كانون الأول التي لا تشوبها غيمة و إلى المياه المواتية لإبحار إلى الأبد، و قال: - فلنتابع، قدماً، قدماً، و لإدواردا ثانية. ارتعشت فيرمينا داثا، لأنها تعرفت على الصوت القديم المضاء بنعمة الروح القدس و نظرت إلى القبطان: كان هو القدر. لكن القبطان لم يرها، لأنه كان غارقاً في قدرة فلورنتينو أريثا الرهيبة على الإلهام. و سأله: - أتقول هذا جاداً ؟ فقال فلورنتينو أريثا : - منذ ولدت لم أقل كلمة واحدة غير جدية. نظر القبطان إلى فيرمينا داثا و رأى في رموشها البريق الأول لصقيع شتوي ثم نظر إلى فلورنتينو اريثا، بتماسكه الذي لا يقهر، و حبه الراسخ، و أرعبه ارتيابه المتأخر بأن الحياة، أكثر من الموت هي التي بلا حدود سال: - إلى متى تظن بأننا سنستطيع الاستمرار في الذهاب و الإياب الملعون ؟ - كان الجواب جاهزاً لدي فلورنتينو اريثا منذ ثلاث و خمسين سنة و ستة شهور و أحد عشر يوماً بلياليها. فقال: - مدى الحياة
|
و يا عزيزتي ما كان البوست إلا لأنك تستحقينه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ســـــــ عند خط الافاق ــــــــــابي (Re: Mohammed Elhaj)
|
Quote: استمع إليه فلورنتينو أريثا دون أن يطرف له رمش، ثم نظر عبر النافذة إلى دائرة ساعة أجهزة الملاحة، و إلى الأفق الرائق، و إلى سماء كانون الأول التي لا تشوبها غيمة و إلى المياه المواتية لإبحار إلى الأبد، و قال: - فلنتابع، قدماً، قدماً، و لإدواردا ثانية. ارتعشت فيرمينا داثا، لأنها تعرفت على الصوت القديم المضاء بنعمة الروح القدس و نظرت إلى القبطان: كان هو القدر. لكن القبطان لم يرها، لأنه كان غارقاً في قدرة فلورنتينو أريثا الرهيبة على الإلهام. و سأله: - أتقول هذا جاداً ؟ فقال فلورنتينو أريثا : - منذ ولدت لم أقل كلمة واحدة غير جدية. نظر القبطان إلى فيرمينا داثا و رأى في رموشها البريق الأول لصقيع شتوي ثم نظر إلى فلورنتينو اريثا، بتماسكه الذي لا يقهر، و حبه الراسخ، و أرعبه ارتيابه المتأخر بأن الحياة، أكثر من الموت هي التي بلا حدود سال: - إلى متى تظن بأننا سنستطيع الاستمرار في الذهاب و الإياب الملعون ؟ - كان الجواب جاهزاً لدي فلورنتينو اريثا منذ ثلاث و خمسين سنة و ستة شهور و أحد عشر يوماً بلياليها. فقال: - مدى الحياة |
العزيز محمد الحاج
هل تصدق ان قصة الحب في زمن الكوليرا هي قصتي المفضلة على الاطلاق اقرأها و اعيدها كأني اراها اول مرة. فلرنتينو هو نموذج للرجل المخلص عندي...فما اسعد فيرمنيا.. تجد من يحبها كل هذا الحب...منذ ثلاث و خمسين سنة و ستة شهور و أحد عشر يوماً بلياليها. فقال: - مدى الحياة
هذا رجل عجائبي لا نجده الا في القصص..
شكرا لك لهذا الجزء البديع الذي يدق قلبي عندما اراه.. وشكرا لقبولك هديتي المتواضعة امام شعرك الثر..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ســـــــ عند خط الافاق ــــــــــابي (Re: bayan)
|
Quote: هل تصدق ان قصة الحب في زمن الكوليرا هي قصتي المفضلة على الاطلاق اقرأها و اعيدها كأني اراها اول مرة.
|
هذا ما يحدث معي بالضبط كأنني الآن أعرف فلورنتينو أريثا و فيرمينا داثا كأنني التقيتهما في مكان و زمان ما ، لهما عندي كينونة واضحة جلية،
وفقا للكثير ًيمكنك جداً اثراء البوست الذي يعاني الهجران بعنوان (إعادة قراءة/كتابة النص )
| |
|
|
|
|
|
|
يا ابو عسل طلاتك وتعليقاتك بالدنيا.. شكرا ليك مودة لا يعلم مداها الا الله
| |
|
|
|
|
|
|