|
الحشرة و الجواد.. الاشجار تموت واقفة
|
شكرا للصديق الاديب الذي برني بهذا المقال الجميل.. الذي يعبر عن اشياء اومن بها.
الحشرة والجواد
على مدى عمرى، صادفت الكتب التى لا تساوى الحبر الذى استهلكته من الغلاف إلى الغلاف. وهناك الكتب التى هى نسخة مشوهة، مبتورة، مسروقة، من «الأصل» ولا يتكلف المؤلف، أو المؤلفة عناء ذكر المرجع الأصلى الذى أخذ منه، أو «نقش» منه.. أو لنكن أكثر لياقة استلهم منه. وهناك الكتب التى تعيد، وتكرر، كلام الأقدمين، ولكن بصورة حديثة، ولغة عصرية، لكن المضمون لا يصلح لأى شكل من أشكال التقدم، والنهضة، وإعمال العقل الناقد، الحر، المبدع، السابح ضد التيار. وهناك كتب مثل اللب والسودانى والترمس، لاتنفع إلا للتسلية القاتلة للوقت، التى تكتم على «النفس» وعلى «العقل» معا. وهناك كتب تحمل أفكارا «لا بأس بها، لكنها لا ترقى إلى مستوى الكتب غير العادية، خارقة الموهبة، أصيلة العواطف، مخلصة النوايا، مثل هذه الكتب «العادية» نجدها مكتوبة بلغة مقعرة.. بالغة التعقيد والتركيب والصعوبة. مما يهبط بفكرها العادى، ويصيبنا بالإحباط، والعقد. وأعتقد أن مؤلف، أو مؤلفة، مثل هذه اللغة الحجرية، «يعيش دور» أنه «كاتب»، أو أنها «كاتبة». فهناك اعتقاد شائع، وخاطئ وساذج، أنه كلما جاءت اللغة مثل الديناصورات من العصور المنقرضة، كلما شعر الناس بأهمية الكتاب، وعظمة المؤلف أو المؤلفة. لكن الحقيقة هى العكس تماما. فعظمة الكلمات، وامتلاؤها بالإيماءات والأبعاد التى تحلق بنا بعيدا، وعزفها على أوتارنا الداخلية، من حزن أو فرح، أو تساؤل، أو دهشة أو إثارة العواطف المخبأة، أو قدرتها على استنفار التمرد، تأتى من بساطة اللغة.. والبساطة لا تعنى السذاجة، والضحالة، ومحدودية الموهبة، البساطة هى «السهل الممتنع» لتجلى الموهبة وهى فى ذروة صدقها، وتفردها وأصالتها العميقة المغروسة فى الأرض، والممتدة إلى السماء. وهنا أتذكر مقولة جان كوكتو حين كتب: «ليس الفن طريقة معقدة لقول أشياء بسيطة، ولكن طريقة بسيطة لقول أشياء معقدة». من الكتب التى صادفتنى، وينطبق عليها هذا القول المختصر البليغ، كتاب اسمه «شجاعة الإبداع».. للمفكر والطبيب النفسى د.رولو ماى. إنه أحد الكتب، التى كانت علامة، فى رحلة قراءاتى الممتعة، والموحية، والمضيئة، لقد قرأته باللغة الإنجليزية، التى صنعت تلك التوليفة النادرة السهولة الممتنعة، وبساطة التعبير، وفى الوقت نفسه، كل جملة، بل كل كلمة، كانت مبهرة فى تكسير القوالب المو########، وكيف مع كل سطر، ينفتح أفق جديد، غير متوقع من المعرفة، والحيوية، وحرارة الصدق المطل من بين السطور. لا أعرف إن كان هذا الكتاب، قد ترجم إلى العربية. لكنه من الكتب القليلة التى تحلل بالتفصيل «الشجاعة».. فى علاقتها بـ «الإبداع»، فى علاقتها بالتناقضات النفسية داخل الإنسان المبدع، والإنسانة المبدعة. يقول د.رولو ماى فى بداية الكتاب، أنه كان سيسمى مؤلفه «شجاعة الحياة».. وليس «شجاعة الإبداع». لكنه رأى أن شجاعة الإبداع، هى المعنى الذى يقصده، ويؤمن به، ويريد تأكيده للقراء. فهو يقول أن «الحياة» كما يعتقد لا تستحق كلمة الحياة، ولا تجعل الإنسان فخورا، بأنه يعيشها، إلا لأنها «حياة مبدعة» بأى شكل من الأشكال. فى رأيه، إذا غابت «الشجاعة»، غابت معها الحياة. ولذلك جاء كتابه المهم، والممتع والجميل (والذى قرأته أكثر من مرة) بعنوان «شجاعة الإبداع». والشجاعة، فى رأى رولوماى، ليست مجرد فضيلة من الفضائل كما يعتقد غالبية الناس. ولكنها «أم الفضائل» كلها. بدون الشجاعة، من المحال، وجود وازدهار أية فضيلة بشرية أخرى، هى «الجذر» الذى يتفرع منه، كل معنى نبيل وشامخ.. وكل سلوك يدهشنا بمدى رقيه، وسموه، وكبريائه. بدون شجاعة لا نتوقع فضيلة تماما مثل بدون أجنحة لا نتعشم فى الطيران. يقول رولوماى، الشجاعة، هى القدرة المدهشة التى تجعل الإنسان لا يتخلى عن الطريق الذى اختاره، ولا يتنازل عن القضايا، التى يعيش ويبدع من أجلها، ولا يفقد الأمل والتفاؤل والمثابرة والدأب، ولا يساوم، ولا يفاصل فى مبادئه، وكتاباته.. «رغم» كل ما يحيط به من يأس، وإحباط، والانتصار المؤقت للمزيفين، وعدم تقدير عصره لقيمة كتاباته وأفكاره.. وهى شجاعة تستلزم أعلى قدر ممكن من الإيمان بالذات والثقة بالنفس، وأيضا الثقة بأن الحياة مهما تنتكس، ففى النهاية لا يبقى إلا شجاعة الإبداع، فى النهاية»، قد تلدغ حشرة جوادا أصيلا.. لكن الحشرة تبقى حشرة، والجواد الأصيل يبقى جوادا أصيلا»، مهما يربح أقزام المواهب، أرباحا مؤقتة، يربح أصحاب الإبداع الشجاع أشياء أهم، أثمنها رضاؤهم عن أنفسهم، وتحديهم للمعوقات، ونهوضهم من جديد، كلما وقعوا.. وحين يموتون يموتون مثل الأشجار واقفين. إذا كانت «الشجاعة» أم «الفضائل».. فلا أمل فى أى إنسان يفتقدها.. ولا يجب أن نتوقع خيرا، من إنسان هجرته «أم» الفضائل مثلما لا يجب أن نتوقع غناء ممن لا صوت له. حينما نظرت حولى، وتأملت أصدقائى وصديقاتى، نساء، ورجالا، صدمتنى الحقيقة. حين طبقت مقياس رولوماى، عن
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الحشرة و الجواد.. الاشجار تموت واقفة (Re: المسافر)
|
هييييع .. البت الشوداعة
Quote: ليس الفن طريقة معقدة لقول أشياء بسيطة، ولكن طريقة بسيطة لقول أشياء معقدة |
فى إنتظار البقية
يحتاج بعضنا قراءة هذا المقال و مراعاة ما ورد فيه
خارج الموضوع: الحاصل شنو الأيام دى .. موسم مطر الكلام عندكم جاء؟ براحة شوية شوية علينا نحنا البنتهجأ فى الحروف ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحشرة و الجواد.. الاشجار تموت واقفة (Re: Ali Alhalawi)
|
شكرا للصديق الاديب الذي برني بهذا المقال الجميل.. الذي يعبر عن اشياء اومن بها.
الحشرة والجواد
على مدى عمرى، صادفت الكتب التى لا تساوى الحبر الذى استهلكته من الغلاف إلى الغلاف. وهناك الكتب التى هى نسخة مشوهة، مبتورة، مسروقة، من «الأصل» ولا يتكلف المؤلف، أو المؤلفة عناء ذكر المرجع الأصلى الذى أخذ منه، أو «نقش» منه.. أو لنكن أكثر لياقة استلهم منه. وهناك الكتب التى تعيد، وتكرر، كلام الأقدمين، ولكن بصورة حديثة، ولغة عصرية، لكن المضمون لا يصلح لأى شكل من أشكال التقدم، والنهضة، وإعمال العقل الناقد، الحر، المبدع، السابح ضد التيار. وهناك كتب مثل اللب والسودانى والترمس، لاتنفع إلا للتسلية القاتلة للوقت، التى تكتم على «النفس» وعلى «العقل» معا. وهناك كتب تحمل أفكارا «لا بأس بها، لكنها لا ترقى إلى مستوى الكتب غير العادية، خارقة الموهبة، أصيلة العواطف، مخلصة النوايا، مثل هذه الكتب «العادية» نجدها مكتوبة بلغة مقعرة.. بالغة التعقيد والتركيب والصعوبة. مما يهبط بفكرها العادى، ويصيبنا بالإحباط، والعقد. وأعتقد أن مؤلف، أو مؤلفة، مثل هذه اللغة الحجرية، «يعيش دور» أنه «كاتب»، أو أنها «كاتبة». فهناك اعتقاد شائع، وخاطئ وساذج، أنه كلما جاءت اللغة مثل الديناصورات من العصور المنقرضة، كلما شعر الناس بأهمية الكتاب، وعظمة المؤلف أو المؤلفة. لكن الحقيقة هى العكس تماما. فعظمة الكلمات، وامتلاؤها بالإيماءات والأبعاد التى تحلق بنا بعيدا، وعزفها على أوتارنا الداخلية، من حزن أو فرح، أو تساؤل، أو دهشة أو إثارة العواطف المخبأة، أو قدرتها على استنفار التمرد، تأتى من بساطة اللغة.. والبساطة لا تعنى السذاجة، والضحالة، ومحدودية الموهبة، البساطة هى «السهل الممتنع» لتجلى الموهبة وهى فى ذروة صدقها، وتفردها وأصالتها العميقة المغروسة فى الأرض، والممتدة إلى السماء. وهنا أتذكر مقولة جان كوكتو حين كتب: «ليس الفن طريقة معقدة لقول أشياء بسيطة، ولكن طريقة بسيطة لقول أشياء معقدة». من الكتب التى صادفتنى، وينطبق عليها هذا القول المختصر البليغ، كتاب اسمه «شجاعة الإبداع».. للمفكر والطبيب النفسى د.رولو ماى. إنه أحد الكتب، التى كانت علامة، فى رحلة قراءاتى الممتعة، والموحية، والمضيئة، لقد قرأته باللغة الإنجليزية، التى صنعت تلك التوليفة النادرة السهولة الممتنعة، وبساطة التعبير، وفى الوقت نفسه، كل جملة، بل كل كلمة، كانت مبهرة فى تكسير القوالب المو########، وكيف مع كل سطر، ينفتح أفق جديد، غير متوقع من المعرفة، والحيوية، وحرارة الصدق المطل من بين السطور. لا أعرف إن كان هذا الكتاب، قد ترجم إلى العربية. لكنه من الكتب القليلة التى تحلل بالتفصيل «الشجاعة».. فى علاقتها بـ «الإبداع»، فى علاقتها بالتناقضات النفسية داخل الإنسان المبدع، والإنسانة المبدعة. يقول د.رولو ماى فى بداية الكتاب، أنه كان سيسمى مؤلفه «شجاعة الحياة».. وليس «شجاعة الإبداع». لكنه رأى أن شجاعة الإبداع، هى المعنى الذى يقصده، ويؤمن به، ويريد تأكيده للقراء. فهو يقول أن «الحياة» كما يعتقد لا تستحق كلمة الحياة، ولا تجعل الإنسان فخورا، بأنه يعيشها، إلا لأنها «حياة مبدعة» بأى شكل من الأشكال. فى رأيه، إذا غابت «الشجاعة»، غابت معها الحياة. ولذلك جاء كتابه المهم، والممتع والجميل (والذى قرأته أكثر من مرة) بعنوان «شجاعة الإبداع». والشجاعة، فى رأى رولوماى، ليست مجرد فضيلة من الفضائل كما يعتقد غالبية الناس. ولكنها «أم الفضائل» كلها. بدون الشجاعة، من المحال، وجود وازدهار أية فضيلة بشرية أخرى، هى «الجذر» الذى يتفرع منه، كل معنى نبيل وشامخ.. وكل سلوك يدهشنا بمدى رقيه، وسموه، وكبريائه. بدون شجاعة لا نتوقع فضيلة تماما مثل بدون أجنحة لا نتعشم فى الطيران. يقول رولوماى، الشجاعة، هى القدرة المدهشة التى تجعل الإنسان لا يتخلى عن الطريق الذى اختاره، ولا يتنازل عن القضايا، التى يعيش ويبدع من أجلها، ولا يفقد الأمل والتفاؤل والمثابرة والدأب، ولا يساوم، ولا يفاصل فى مبادئه، وكتاباته.. «رغم» كل ما يحيط به من يأس، وإحباط، والانتصار المؤقت للمزيفين، وعدم تقدير عصره لقيمة كتاباته وأفكاره.. وهى شجاعة تستلزم أعلى قدر ممكن من الإيمان بالذات والثقة بالنفس، وأيضا الثقة بأن الحياة مهما تنتكس، ففى النهاية لا يبقى إلا شجاعة الإبداع، فى النهاية»، قد تلدغ حشرة جوادا أصيلا.. لكن الحشرة تبقى حشرة، والجواد الأصيل يبقى جوادا أصيلا»، مهما يربح أقزام المواهب، أرباحا مؤقتة، يربح أصحاب الإبداع الشجاع أشياء أهم، أثمنها رضاؤهم عن أنفسهم، وتحديهم للمعوقات، ونهوضهم من جديد، كلما وقعوا.. وحين يموتون يموتون مثل الأشجار واقفين. إذا كانت «الشجاعة» أم «الفضائل».. فلا أمل فى أى إنسان يفتقدها.. ولا يجب أن نتوقع خيرا، من إنسان هجرته «أم» الفضائل مثلما لا يجب أن نتوقع غناء ممن لا صوت له. حينما نظرت حولى، وتأملت أصدقائى وصديقاتى، نساء، ورجالا، صدمتنى الحقيقة. حين طبقت مقياس رولوماى، عنرولوماى، عن معنى الشجاعة، وعن كونها أم الفضائل، والذى أؤمن به، لم أجد من الصديقات والأصدقاء، الذين يكلموننى عبر الهاتف، ويرسلون لى الخطابات ويتحاورون معى عن قضايا كوكب الأرض، ويتنزهون معى، ويرتادون السينما معى، ويسافرون معى، ويهدوننى الهدايا فى المناسبات ويتبادلون معى النكات، ويتناولون معى العشاء، وينصحوننى بأشياء، إلا واحدا فقط، بكل ثقة وضمير مرتاح، أستطيع القول أنه «شجاع». تصوروا فى كل هذا العالم المزدحم، المليان بشر.. واحد فقط شجاع!! لست أشكو.. يكفينى واحد بس فى العالم، وإن لدغته حشرات العالم.
د. منى حلمى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحشرة و الجواد.. الاشجار تموت واقفة (Re: bayan)
|
الاعزاء
السمافر يا عطبرواي يا ختير.. مودة لا يحدها حدود
الخنفشاربة
على الحلاوي
وطيفور
هيع قايلني كتبتو؟
لا شكرا لحسن الظن.. دي كتبتو مني حلمي ورسلو لينا عمنا والدنا الخنفشاري الكبير طبعا عرفتو؟
بعدين سيد الاسم الخنفشاري الاصلي قاعد يسخن برة الدارة وبزجيكم حبه وشوقو وقال عجبو بوست دليل الضهبان وصنفو بانه بوست خنفشاري بدرجة مقفل النمرة ريختر...
اها اكتمل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحشرة و الجواد.. الاشجار تموت واقفة (Re: Aymen Tabir)
|
Quote: الفنانون المبدعون إذاً متمردون، وثوار باعتبارهم رجالا ونساء، يحملون فى أعماقهم تصورا للعالم الجديد.. تصورا يخطف الباب الناس بإنسانيته وثورته على الظلم.. لذلك ينقدون ما هو قائم ويسلطون الضوء على مثالب المجتمع، وعوراته وتناقضاته ويكشفون الزيف، والكذب، والتضليل.. ويلقون نورا ساطعا على الحقيقة.. ويغوصون فى أعماق الإنسان ليصلوا إلى ابعد غور.. ويستغرقون فى الفوضى الضاربة أطنابها فى ربوع الدنيا ليعيدوا تربيته فى أشكال وأنماط ورموز.. ويثورون على العادى، واليومى، والتقليدى.. على السلبية واللامبالاة فى كل الشئون.. ويبثون الثقة فى عظمة الإنسان ومستقبله، والآفاق التى تنتظره فى الكون..
ولذلك فالفنان المبدع ذو حيوية عظيمة. فيه طاقة الذهن المفتوح، وطاقة الشعور.. يحمل معه أينما ذهب شحنة الغضب ضد الظلم.. وكل هذه الصفات هى التى تشكل شجاعة المبدع، وقدرته على أن يقتحم، وعلى أن يسير بخطى جريئة فى مسالك الفن الوعرة.. وان يرى تلك الحقائق البسيطة والعظيمة التى تشكل جوهر الإنسان..
|
للرفع للفنانين السودانيين بالداخل، عناية الصحافة المحلية. بصورة إلى لقمة العيش.
| |
|
|
|
|
|
|
|