|
الملكة جانشاه -- د. محمد عبد الحى
|
الإهداء
معمدا بقدسية الماء الأول
إلى جميع الملكات فى أعالى عروش الوطن الطهور
إلى كل ملوك الطين وأمراء الإخضرار، الملوك الأنهار، فى حضن الوطن
إلى العاشقين
إلى الملك السمندل، عبد الحى، فى ملكوت سموه، باذخ العلو
أبوذر ======================================================
الملكة جانشاه
1- مملكة البحر
تحت مياه البحر حيث لا تعى الذاكرة الشمس، أقامت عرشها تحت مياه البحر فى جهاته الأربع، منحوتا من الرخام مطعما بالصدف الإخضر واللؤلؤ والمعادن القديمة مزينا بصور الطير الغريب والتنانين التى تناكحت وأفرخت فى الحمأ الساخن قبل أن يفور البحر ثم ينجلى لتطلع الشمس على إبتداء وعى عالم جديد
تحت مياه البحر كان عرشها الرخام يشع فسفورا على مملكة المياه والمياه ترخى فوقه من ضوئها المنحبس الأخضر كالأحلام وحولها كانت خيول البحر تصهل والحيتان تمخر لحم البحر وحشرات البحر تنقش بالمخالب الرخوة فوق طحلب يلمع كالهلام حوارها الفريد
2- إضاءة بالنثر
الملكة جانشاه، كنت أبصرها تخرج فى ليلة منتصف الصيف تقيم عرسها على جزر المرجان النائية، تحرق قطعة من شجر البحر فى مجمرة من محار البحر وتتكلم بشفرة البحر القديمة، فيطلع الدخان الأخضر العظيم، ويزبد البحر ويضطرب ثم يجئ الموج يرفع ما تحته ويسيح على الساحل
ثعابين الماء والكواسج والدلافين والحيتان والسرطانات والكرازنك وذوات الأصداف والفلوس، وعلى رأسها الضفدع، زعيم حيوانات الماء راكب خشبة
الملك السمندل فى قميص النار يشع بنقاء ذاته والنورس الملاك وعائلة الأسماك وجمهور الزواحف الرخوة وحشرات فى عقيقها وزمردها وسلاحف فى تروسها المقيتة وعناصر بلا أسماء نشرت ذخائرها فوق الرمل وتبدأ الرقصة فى ظهيرة الفضة العميقة على حدود المياه الخطرة
آه يا جانشاه بعض المخاطر على جسدك نجاة ولكن من هلك على نيران الموج الهائلة بين فخذيك الممتلئين بظلال الشهوة الكثيفة صار لما هلك فيه
3- قرار الشعر
الشاعر لا يهب نفسه للبحر فيغرق فيه فيكون فى فردوس السحر، زاحفة من زواحفه البحر ليس وطننا نحن وطن البحر يرشح فى ظهيرة الشمس البدائية فينا كلام البحر ربٌ عنيف فى قميص اللغة النقية يجسر أن تطلع فى أعضائه مملكة البحر تفيق تستشرى تضئ فى خلايا يأسه الثمين بنورها الأخضر فى غضارة الدماء أو فى عرق الجبين
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الملكة جانشاه -- د. محمد عبد الحى (Re: bayan)
|
العزيزة
د. بيان
وشكرا لك ايضا على تزيين المكان بعبد الحى وعنه
وفعلا هذا النص من أعلى ما كتب عبد الحى، لما فيه من رؤية نفذت الى عمق عوالم لا يطالها كثيرون، وبتقنية شعرية متفردة فى نوعها كما أشرتِ إنتِ
إنشغل الناس ب "العودة إلى سنار" ولهم الحق كله فى ذلك، ولكن وفى غمرة ذلك العشق السنارى، نسوا، ودون قصد بالطبع، أعمالا أخرى لا تقل عمقا ورؤية وبهاءا شعريا لدى عبد الحى
ولك التحية والتقدير مجددا على هذه الإضاءة الساطعة
| |
|
|
|
|
|
|
|