حكاوي الغربة ...طرائف ونوادر ......1..العروس الطرد

....
.......

كثيرة هي السنوات التي تسكعنا فيها في حواري الغربة وغياهبها....لها مليون وجه ..ومليون طعم..ومليون سبب..مليئة بالمأسي ..ولكنها مليئة بالطرائف ايضا التي قد تنبع من رحم المأساة ..
نزداد صلابة ..ويشتد عودنا كل يوم ومع كل تجربة .. وتغمر البسمة وجهك وانت تجتر هذه اللطرائف التي قد مرت بك...ودائما عند عودتنا للسودان ..( اذا كان منا من يعود ) يكون الاهل والاصدقاء مستمعين و مستمتعين لهذه الحكاوي التي يعيش معظمهم فيها وخصوصا عندما تكون عن بطولات السودانيين الحقيقة والمزعومة وبعد اضافة قليل من التوابل حتي تنال اعجاب المتلقي ( المتذوق ) ..تعلق في ذاكرته لفترة طويلة وربما تكون محرض للبعض في السفر والخوض في هذه المغامرات ..رغم اكتشافة لاحقا ان معضمها كانت مغامرات دونكيشوتية ولكن يكتشف ذلك بعد فوات الاوان ويكون قد تورط في التزامات ليس منها فكاك..ويبدأ في تاليف مغامراته ,,وتستمر الدائرة ....
دعوة لكتابة الطرائف التي مرت بكم ( بنا) في زمن الغربة ..الزمن الفلاني ...

سوف ابدأ بهذه الواقعة الحقيقة والتي لا تخلو من قليل من التوابل رغم ان ما بها يغني عن توابل ..

زواج الطرد :

معروف زواج الطرد لمعظمنا ..ولمن لا يعرفه هو الزواج عن طريق الصور او عن طريق شريط فيديو او عن طريق اختيار الاهل لزوجة المستقبل بعد ان ترسل لهم المواصفات ( الكاتلوجية ) المطلوبة للعروس وهي غالبا مواصفات قياسية ( صفرا ...شعرها طويل ..وكرعينها سمحات ) ولهم تحديد درجة الصفار وطول الشعر وسماحة الكرعين .. ويبدا الاهل في البحث عن العروس الكاتلوجية..حاملين معهم صورة ابنهم بالكارفته ..صورة تم التقاطها في جو خليجي حار ولكن لأهمية المهمة تغلب صاحبها علي الخنق ...
كان صاحبنا ( وهو صديق صديقي ) من الذين اختارو هذه الطريقة لثقته في اختيار اهله ولصعوبة عودته للسودان.. وبعد ان تم اختيار العروسة له وارسال الكاتلوج ( صورة) العروسة في عدة اوضاع مختلفة حتي تتبين الصلاحية والمتانة المطلوبة..تمت الموافقة من صاحبنا ..وتمت مراسيم الزواج في السودان وكل شئ سار بخير وبمباركة الاهل والاحباب... وتم تحديد موعد سفر ( الطرد ) ..وتم تحديد اسم الخطوط ورقم الرحلة..
ووجد صاحبنا نفسة في موقف لا يحسد عليه ,وهو كيف ان يقابل العروسة ( الطرد) وان يتعرف عليها وان يبدا معها الحوار رغم انه تحدث معها كثيرا في الهاتف , ولكن ان يتعرف عليها في ارض الواقع هذا شئ اخر ..بل ان يعرفها في المطار اصلا هي معجزة...وخوفا من هذا الاحراج وهذا الخوف استعان صاحبنا بصديقي للذهاب معه الي المطار لاحضار الطرد .

لقد تم الترتيب اولا لان تنزل العروسة في شقة احد الاصدقاء ومع زوجته ويتم التعارف بعد ذلك بصورة افضل علي صاحبنا الذي هو زوجها ومن ثم ينتقلو الي سكنهم الخاص..وبعد كل التريبات وكل الخطط..ذهب صديقي مع صاحينا الي المطار لاستقبال ( الطرد ) في الموعد المحدد .
كانو وينظرون الي كل القادمين من بوابة القدوم..ويتفحصوهم وهم يحملون الصورة معهم ..تاتي واحدة ويامل صاحينا ان تكون هي..وبقدره قادر تفلت من يده وتذهب الي زوجها الذي يعرفها وتعرفه..ويبدا انتظار وترقب من جديد.. واحدة اخري ومعها طفل..لا يمكن ان تكون هي.. واخري واخري ....... و اخيرا
ظهرت العروس وهي بكامل زينتها..لم ينظر صاحبنا الي الصورة للتاكد بل ركض باقصي سرعة نحوها وعندما لمحته العروس مشت بخطوات متسارعة نحوه..وفي منتصف الطريف تلاقيا وبدون اي مقدمات او حتي سؤال من الاسم او التاكد قام صاحبنا بحضن العروس..وبدا بالبكاء وانهمرت العروس في البكاء ايضا...وذكر لي صديقي ايضا ان ( صاحبنا قام بتقبيلها وهذا ما ينكرة صاحبنا الي الان.. ) حدث كل هذا وسط دهشة صديقي وانفعال صاحبنا وبكاء العروس ( هذا البكاء لم اجد له تفسير ) ..ووسط استغراب جميع من كان متواجد في تلك اللحظة لان العناق والقبلات في المناطق العامة عيب كبير وذنب وخروج عن القانون ..
اصيب صديقي بالذهول والخجل... من هذا الموقف ..فصاح فيهم ( اها معرفة من متين كمان.؟؟؟؟ .يلا تموها في البيت ) وقام بتوصيلهم الي شقتهم مباشرة وتلاشت الخطط الاولي .

رغم عدم قناعتي في امكانية نجاح هذه الطريقة في الزواج ..ولكن صاحبنا يعيش في جو اسري جميل وله بنت وولد الان .

ولكم الود

تنقو