مودي بيطار الحياة - 03/11/05//المحطة الاخيرة غابرييل غارسيا ماركيز. في روايته الاخيرة «ذكريات عاهراتي الكئيبات» الصادرة بالانكليزية عن دار جوناثان كيب، بريطانيا، يتناول غابرييل غارسيا ماركيز عشق الاطفال كما لو كان من اكثر الاشياء ب" /> كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز

كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 05:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبد الحميد البرنس(عبد الحميد البرنس)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-05-2005, 02:50 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 25060

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز (Re: حيدر حسن ميرغني)

    ماركيز يكتب عن أمه المحصنة ضد الأحزان

    كان القطار يصل إلي محطة‏'‏ ثنياجا‏'‏ في الثامنة صباحا يأخذ المسافرين في المراكب والمسافرين من الجبال يواصل

    طريقه بعد ربع ساعة باتجاه عمق منطقة زراعات الموز‏,‏ وصلت أنا وأمي إلي المحطة بعد التاسعة صباحا لكن

    القطار لم يكن قد وصل بعد‏,‏ ومع ذلك كنا المسافرين الوحيدين في المحطة انتبهت هي إلي ذلك منذ اللحظة الأولي

    التي دخلت فيه عربة القطار الخالية فانطلقت بلهجة مرحة‏:‏

    ‏'‏يا لها من رفاهية القطار كله لنا وحدنا‏'.‏

    كنت أفكر دائما أنها لهجة كاذبة‏,‏ كانت تحاول من خلالها التمويه علي شعورها بالإحباط بمرور الزمن كان واضحا

    تماما علي كل كراسي القطار كانت كراسي الدرجة الثانية القديمة بعد أن تم تحويلها إلي درجة موحدة بعد أن

    أزالوا كراسي المامبو‏,‏ وفقدت الشبابيك أبوابها الزجاجية التي كانت ترتفع وتنخفض وتحولت الكراسي إلي كراسي

    خشبية من تلك التي يتم قطعها كيفما اتفق علي طريقة الفقراء‏,‏ ومقارنة بالماضي فإن هذا القطار كله يعتبر

    شبحا لما كان عليه القطار في الماضي كان فيما سبق مكونا من ثلاث درجات الدرجة الثالثة كان يسافر فيها

    الفقراء كانت عرباتها هي نفسها العربات المكونة من قطع خشبية لتحميل الموز أو الحيوانات كان يتم إعدادها

    بألواح خشبية‏.‏ الدرجة الثانية كانت كراسيها من المامبو ومزينة بالبرونز الدرجة الأولي حيث كان يسافر

    موظفو الحكومة ومديرو شركات الموز كانت مفروشة بالبسط في الممرات وكراسيها مكسوة بالقطيفة الحمراء ويمكن

    تعديل وضعها الرأسي حسب رغبة المسافر وعندما كان يسافر مفتش الشركة أو أفراد أسرته أو ضيوفه من

    المقربين‏,‏ كانوا يضمون إلي العربة الأخيرة عربة خاصة لها شبابيك زجاجية حاجبة للشمس وستائر مذهبة وكان

    هناك كرسيان في الهواء الطلق لتناول الشاي أثناء السفر لا أعرف أي شخص شاهد تلك العربة المدهشة من

    الداخل كان جدي في منصب عمدة القرية‏.‏ مرتين وكانت نظرته للمال ممتعة لكنه كان يسافر في عربات الدرجة

    الثانية عندما تكون برفقته إحدي سيدات الأسرة وعندما كنت أسأله لماذا يسافر في عربات الدرجة الثالثة

    كان يجيبني‏'‏ لأنه لا توجد درجة رابعة‏'‏ وما كنت أتذكره عن القطار في تلك الفترة مواعيده المضبوطة‏.‏ كان يتم

    ضبط ساعات القري علي صافرته‏.‏
    في ذلك اليوم لسبب أو آخر انطلق من المحطة بتأخير ساعة ونصف انطلق ببطء شديد وبانطلاقة خفيفة لكنه سرعان

    ما عاد إلي طبيعته قالت أمي‏:‏

    ‏'‏هذا القطار ينقصه تزييت عجلاته‏'.‏

    كنا المسافرين الوحيدين ربما في كل القطار وحتي تلك اللحظة لم يلفت نظري أي شيء له أهمية خاصة فغرقت في

    قراءة رواية‏'‏ ضوء أغسطس‏'‏ وكنت أدخن بلا انقطاع‏,‏ ومن لحظة لأخري ألقي بنظرة سريعة علي المناطق التي نمر بها

    عبر القطار نهر‏'‏ ثيناجا‏'‏ بصافرة طويلة وانطلق بكل قوة خلال ممر صخري‏,‏ ضجيج العربات لا يحتمل لكنه خفف من

    سرعته بعد خمسة عشر دقيقة ودخل في سرعة خفيفة بين سهول المزارع الرطبة الوقت أصبح ثقيلا بعد أن ابتعدت

    نسمات البحر لم أقطع القراءة لأعرف أننا دخلنا عالم زراعات الموز المغلق‏.‏

    العالم تغير من جانب إلي آخر كانت خطوط السكك الحديدية المتقاطعة تمتد في مزارع الموز التي تمتد بلا انقطاع حيث

    يمكن مشاهدة العربات التي تجرها الثيران محملة بعناقيد الموز الخضراء‏,‏ فجأة في منطقة خالية من الزراعة كان

    يقوم هناك معسكر مبني من الطوب الأحمر اللون ومكاتب أبوابها وشبابيكها وفتحات تهويتها من الأسلاك وبها مراوح

    هوائية معلقة في الأسقف إنه مستشفي وحيد في الخلاء كل نهر له قريته وجسره المعدني الذي يعبر عليه والفتيات

    يسبحن في المياه الباردة ويقفزن عند مرور القطار ليجذبن أنظار المسافرين بنهودهن البدائية‏.‏

    في قرية‏'‏ ريوفريو‏'‏ صعدت إلي القطار عدة أسر من الهنود الاروهاكوس محملة بسلال فاكهة‏'‏ الاجواكتي‏'‏ الجبلية التي

    تعتبر من اجمل فاكهة البلاد‏.‏ عبروا العربة في قفزات صغيرة بحثا عن مكان للجلوس لكن عندما انطلق القطار من

    جديد بقيت امرأتان بيضاوان إحداهما تحمل طفلا حديث الولادة وقس شاب‏.‏ الطفل لم يتوقف عن البكاء طوال

    الرحلة كان القس يرتدي حذاء عاليا وقبعة ورداء كنسيا من الكتان الأملس‏,‏ وكان يتحدث مع بكاء الطفل

    وكان حديثه مرتفعا دائما كما لو كان يخطب في الناس‏,‏ وكان موضوع حديثه إمكانية عودة شركة الموز مرة

    أخري‏.‏ منذ تلك اللحظة لم يتوقف الحديث في المنطقة كلها عن هذا الموضوع وكانت الآراء منقسمة بين الذين

    يريدون والذين لا يريدون أن تعود الشركة لكن الجميع كانوا يعتقدون أن الأمر جاد‏.‏ القس كان ضد عودة

    الشركة أبدي أسبابه الشخصية جدا التي جعلت المرأتين تعتقدان أنها أسباب غير مقبولة علي الإطلاق قال‏:'‏

    الشركة تنشر الفقر حيث توجد‏'‏ كان السبب وجيها لكنه لم يستطع شرحه أو إقناع الآخرين به حتي أن المرأة التي

    تحمل الطفل اعتقدت أن الله لا يمكنه أن يكون غير موافق علي عودة الشركة‏.‏


    بما أن الحنين يمحو دائما الذكريات السيئة‏,‏ ويرفع من قيمة الذكريات الطيبة لذلك فإنه لم ينج أحد من

    أضراره من نافذة القطار يمكن رؤية الرجال يجلسون أمام أبواب بيوتهم ويكفي إلقاء نظرة علي وجوههم لمعرفة

    المستقبل الذي ينتظرهم‏.‏ والنساء اللاتي يغسلن علي الشاطئ يلتفتن إلي القطار بالأمل نفسه‏.‏ كل غريب يصل

    القرية بحقيبة رجال الأعمال يخيل إليهم أنه ممثل شركة‏'‏ يونيتد فرويت كومباني‏'‏ يعود ليحيي الماضي‏.‏ في كل

    لقاء وفي كل زيارة وفي كل رسالة تعود الجملة المقدسة‏:'‏ يقولون أن الشركة ستعود‏'.‏ لا أحد يعرف من الذي

    قالها ولا متي ولا لماذا قالها لكن لا أحد يشك في أنها قيلت‏.‏


    كانت أمي تعتقد أنها محصنة ضد الأحزان لأنها قطعت كل علاقة لها بقريتها‏'‏ اراكاتاكا‏'‏ منذ أن مات أبواها‏.‏ إلا

    أن أحلامها تخدعها علي الأقل عندما تكون تريد أن تقص أحد أحلامها علي مائدة الإفطار فقد كانت منطقة مزارع

    الموز عالقة دائما بأحلامها‏.‏ استطاعت أن تتخطي أقسي لحظات حياتها دون أن تقرر بيع البيت في انتظار أن تحصل

    علي أربعة أضعاف ثمنه عندما تعود الشركة إلي نشاطها‏.‏ وأخيرا انتصرت عليها ضغوط الواقع المرير‏.‏ لكنها

    عندما سمعت القس يقول في القطار أن الشركة علي وشك أن تعود انطلقت منها إشارة تدل علي فراغ الصبر وقالت

    لي في أذني‏:‏

    ‏'‏خسارة أننا لا نستطيع الإنتظار أكثر من ذلك‏'.‏

    بينما كان القس يتحدث كان نمر سريعا علي مكان كان يتجمع فيه عدد كبير من الناس وفرقة موسيقية كانت

    تعزف تحت أشعة الشمس الحارقة كل تلك القري كانت تبدو لي واحدة عندما كان يأخذني جدي إلي‏'‏ سينما أولمبيا

    الشهيرة كانت ألاحظ أن محطات القطارات في أفلام رعاة البقر تشبه كثيرا محطة قطاراتنا بعد ذلك عندما بدأت

    أقرأ أعمال فوكنر لاحظت أيضا أن قري رواياته تشبه قرانا ولم يفاجئني أنها بنيت تنفيذا لأوامر شركة

    الفواكه المتحدة وعلي الطراز نفسه الذي كانت تبني به المعسكرات المؤقتة‏.‏ وكنت أذكر الجميع بذلك عدا‏'‏

    اراكاتاكا‏'.‏ كانت الكنيسة في الميدان الرئيسي وبيوتها التي تشبه بيوت قصص الجنيات مدهونة بألوان بدائية

    تشبه حظائر الزنوج العبيد في غنائهم تحت أشعة الغروب وعمال التراحيل الجالسون أمام بيوتها يشاهدون مرور

    قطارات الشحن الطويلة كنت أتذكر المدن الخاصة التي يقيمها الأمريكيون في‏'‏ اراكاتاكا‏'‏ و‏'‏اشبيلية‏'‏ علي

    الطرف الآخر من خطوط السكك الحديدية وقد أحاطت بها السياج المعدنية وحظائر الدجاج الكهربائية والتي كانت

    تبدو في صباحات أيام الصيف الرطبة مليئة بالعصافير المحترقة‏.‏ تذكرت حدائقهم الزرقاء المليئة بالديوك

    الرومية والسمان البيوت ذات الأسقف القرميدية الحمراء والشبابيك ذات الأسلاك المانعة للحشرات والموائد

    الدائرية والكراسي المتحركة المعدة لتناول الطعام في الشرفات المفتوحة وما بين أشجار النخيل وأشجار

    الورود‏.‏ أحيانا ما بين فتحات الأسلاك يمكن رؤية نساء جميلات وهزيلات يرتدين ملابس شفافة‏,‏ وقبعات ضخمة من

    الأقمشة الخفيفة كن يقطعن الزهور في حدائقهن بمقصات ذهبية‏.‏ وفجأة كما لو كان حلما سريعا في إحدي الأمسيات

    مر مفتش شركة الموز في شوارع القرية راكبا سيارة فارهة مكشوفة وإلي جواره امرأة بشعر ذهبي طويل مسترسل

    يتطاير في الهواء وكلب‏'‏ باستور‏'‏ ألماني يجلس في المقعد الخلفي كملك كانت مشاهد وقتية سريعة لعالم قديم بعيد

    الاحتمال يغزونا نحن الأحياء‏.‏

    في طفولتي لم يكن سهلا التفرقة بين قرية‏,‏ وأخري وبعد عشرين سنة أخري كان الأمر أكثر صعوبة لأن العلامات

    الدالة علي المحطات وأسمائها كانت قد تساقطت أسماء مثل‏:‏ توكورينكا ونييرلانديا وجواكاميال وما تبقي من قري

    أخري كانت عالقة بغبار الذاكرة‏.‏

    توقف القطار في اشبيلية في حوالي العاشرة صباحا لتغيير القاطرة والتزود بالماء واستغرق ذلك خمسة عشر دقيقة

    لا تنتهي‏.‏ لحظتها بدأ الحر وعندما عاد للانطلاق من جديد كانت القاطرة الجديدة تلقي بنا من مكان إلي آخر

    ولسوء الحظ فإن كمية من غبار الفحم اقتحمت علينا النافذة التي تساقط زجاجها وغطتنا بسحابة من اللون

    الأسود كان القس والمرأتان هبطوا في إحدي القري دون أن ننتبه إليهم وهذا رسخ في ذاكرتي‏,‏ أنني وأمي نسافر

    وحدنا في قطار ينطلق بلا اتجاه محدد كانت تجلس أمامي تنظر عبر النافذة كانت قد غفت مرة أو اكثر لكنها

    استيقظت فجأة وواجهتني بالسؤال المخيف‏:‏

    ‏'‏إذن ماذا أقول لأبيك‏.‏

    كنت اعرف أنها لن تستسلم أبدا وسوف تظل تبحث عن علة يمكنها من خلالها أن تثنيتي عن قراري عرضت علي قبلها

    العديد من الأشكال التي تعني نوعا من الالتزام تجاه رغبة والدي لكني رفضتها جميعا دون إبداء الأسباب لكني كنت

    أعرف أن تراجعها في محاولاتها لن يطول والآن تأخذني علي غرة في محاولتها الجديدة‏.‏ استعدادا لمعركة طويلة

    وخاسرة قلت لها‏:‏

    ‏'‏قولي له أن الشيء الوحيد في هذا العالم الذي أريده هو أن أصبح كاتبا وسأصبح كاتبا‏'.‏
    قالت‏:‏

    ‏'‏هو لا يعترض علي أن تكون كاتبا لكن بعد أن تحصل علي شهادتك الجامعية‏'.‏

    كانت تتحدث دون أن تنظر إلي محاولة أن تبدي لي عدم اهتمامها بحوارنا وان اهتمامها منصب علي الحياة التي

    تجري خارج نافذة القطار‏.‏ قلت لها‏:‏


    ‏'‏لماذا تصرين حضرتك علي كل هذا وحضرتك تعرفين تماما أنني لن استسلم‏'.‏

    في لحظة خاطفة نظرت إلي وسألتني‏:‏

    ‏'‏لماذا في رأيك أنني أعرف أنك لن تستسلم‏'.‏

    قلت‏:‏

    ‏'‏لأنني وحضرتك شبيهان‏'.‏

    توقف القطار في محطة بلا قرية وبعدها بقليل مر أمام مزرعة الموز الوحيدة التي لا يزال اسمها مكتوبا علي

    البوابة‏:'‏ ماكوندو‏'.‏ هذه الكلمة لفتت انتباهي بشدة منذ السفرات الأولي برفقة جدي ولكني عندما كبرت

    اكتشفت أن حبي لتلك الكلمة يعود إلي جرسها الشعري لم أسمع هذه الكلمة من قبل ولم اسأل أحدا عن معناها‏.‏

    رغم أنني استخدمتها اسما لقرية متخيلة في ثلاث روايات لكني عرفت مصادفة من خلال إحدي الموسوعات أن هذه

    الكلمة اسم لشجرة استوائية لا تزهر ولا تثمر وخشبها الإسفنجي يصلح لصناعة القوارب وأواني المطبخ بعدها

    عرفت من خلال الموسوعة البريطانية أن قبائل‏'‏ الماكوندو‏'‏ الرحل يعيشون في تنجانيقا واعتقد أن المعني الأصلي

    لهذه الكلمة ربما يأتي من هناك‏,‏ لكني لم أشاهد تلك الشجرة أبدا‏.‏ رغم أنني سألت عنها في منطقة مزارع الموز

    عدة مرات ولم أجد من يجيب علي سؤالي‏.‏ ربما ان هذه الشجرة لم توجد علي الإطلاق‏.‏

    في الحادية عشرة مر القطار أمام مزرعة‏'‏ ماكوندو‏'‏ وبعدها بعشر دقائق وصل إلي‏'‏ اراكاتاكا‏'‏ يوم ذهابي مع

    أمي لبيع البيت وصل القطار متأخرا ساعتين ونصف الساعة أنا كنت في المرحاض عندما بدأ القطار ينطلق بسرعة

    أكبر فدخل من النافذة الزجاجية المحطمة هواء جاف وحار مختلط بغبار العربات القديم وصوت صفارة القاطرة‏.‏

    تزايدت ضربات القلب وشعرت بغثيان يعتريني من الداخل خرجت مسرعا يدفعني شيء يشبه الدخان الذي ينطلق لحظة

    وقوع الزلازل وجدت أمي في وضعها المعتاد دون أدني تغير كانت تذكر بصوت مرتفع القري التي تمر عبر النافذة

    بسرعة كبيرة كما لو كانت جزءا من تلك الحياة التي ذهبت ولن تعود أبدا قالت‏:‏


    ‏'‏ تلك هي الأرض التي حفرها أبي بحثا عن الذهب ولكنه لم يجد شيئا‏'.‏

    كان هناك بيت بحديقة وأزهار تنمو علي البوابة وكانت هناك لافتة مكتوب عليها‏:'Thesunshineofall'‏ وقالت‏:‏

    ‏'‏تلك الكلمات كانت أول ما تعلمته من اللغة الإنجليزية‏.‏

    قلت لها‏:‏

    ‏'‏ليست أولها بل الوحيدة التي تعلمتها‏'.‏

    مر الجسر الأسمنتي بمساقيه ذات المياه العكرة‏,‏ عندما قام الأمريكيون بتحويل مياه النهر لري مزارع الموز قالت
    أمي‏:‏

    ‏'‏حي العاهرات كانت نساؤه ترقصن مع الفتيان وقد أشعلوا أوراق البنكنوت للرقص علي ضوئها‏'.‏

    في لحظة خاطفة كان أمامي المشهد الكامل للقرية المضاءة يوم الرابع عشر من فبراير يمر بشكل خاطف من خلال

    النافذة وصرخت أمي‏:‏

    ‏'‏إنها المحطة كم تغيرت الدنيا لم يعد أحد ينتظر القطار‏'.‏

    كانت القاطرة انتهت من صفيرها وخففت من سرعتها ثم توقفت بأنين طويل‏.‏

    أول ما أثارني هو الصمت المخيم علي المحطة صمت مادي حاد‏,‏ يمكنني ان ألمسه وأميزه مغمض العينين عن غيره من أي

    صمت آخر في العالم كان الحر ثقيلا حتي أن الأشياء كانت تبدو كما لو كان يفصلها زجاج مجعد وعلي أرض الميدان

    الحجرية لم يعد هناك أثر لضحايا المذبحة الذين سقطوا برصاص قوات الأمن لم يكن هناك أي شيء يدل علي وجود

    حياة علي مرمي البصر كان كل شيء مغطي بشبورة من التراب الحارق ظلت أمي ساكنة في مقعدها لعدة دقائق

    ناظرة إلي القرية الميتة والممتدة في الشوارع الخالية وأخيرا صرخت برعب‏:‏

    ‏'‏يا إلهي‏!'.‏

    ولم تنطق بأي شيء آخر‏.*
                  

العنوان الكاتب Date
كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-03-05, 07:53 PM
  Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-03-05, 08:23 PM
    Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-03-05, 08:49 PM
      Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-03-05, 09:32 PM
        Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-03-05, 09:45 PM
          Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-03-05, 10:09 PM
            Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز حيدر حسن ميرغني11-04-05, 00:25 AM
            Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز حيدر حسن ميرغني11-04-05, 00:57 AM
            Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز حيدر حسن ميرغني11-04-05, 01:20 AM
            Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز حيدر حسن ميرغني11-04-05, 01:27 AM
              Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز حيدر حسن ميرغني11-04-05, 02:06 AM
                Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-04-05, 05:44 AM
                  Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز mazin mustafa11-04-05, 10:15 AM
                    Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-04-05, 10:46 AM
                      Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-04-05, 01:22 PM
                        Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-04-05, 03:17 PM
                        Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-04-05, 03:17 PM
                          Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-04-05, 06:28 PM
                            Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز حيدر حسن ميرغني11-05-05, 02:26 AM
                              Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز حيدر حسن ميرغني11-05-05, 02:36 AM
                                Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز حيدر حسن ميرغني11-05-05, 02:50 AM
                                  Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-05-05, 11:33 AM
                                    Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-05-05, 06:44 PM
                                      Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-05-05, 07:22 PM
                                        Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-05-05, 07:35 PM
                                          Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-05-05, 08:29 PM
                                            Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز حيدر حسن ميرغني11-06-05, 07:35 AM
                                              Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-07-05, 00:10 AM
                                                Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-07-05, 06:44 AM
                                                  Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-07-05, 07:07 AM
                                                    Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عاصم احمد محمد أبوحجل11-07-05, 09:29 AM
                                                      Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز حيدر حسن ميرغني11-07-05, 10:49 AM
                                                        Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-07-05, 05:49 PM
                                                          Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-08-05, 01:58 AM
                                                            Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز حيدر حسن ميرغني11-08-05, 06:26 AM
                                                              Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-08-05, 01:40 PM
    Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز ملاذ حسين خوجلي11-08-05, 02:27 PM
      Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز Marouf Sanad11-08-05, 02:50 PM
        Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-08-05, 03:52 PM
          Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز سيف النصر محي الدين محمد أحمد11-08-05, 04:24 PM
            Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-09-05, 06:39 AM
              Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-09-05, 03:27 PM
                Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-09-05, 05:31 PM
  Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز Mohammed Elhaj11-10-05, 03:33 AM
    Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-11-05, 08:56 AM
      Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-11-05, 09:59 AM
        Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-11-05, 03:53 PM
  Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز Abuobaida Elmahi11-12-05, 11:09 AM
    Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-12-05, 06:50 PM
      Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز عبد الحميد البرنس11-12-05, 08:16 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de