|
Re: هل الموسيقى تهذب الروح يا د. معز عمر بخيت ويا ود شاموق؟؟ (Re: alsngaq)
|
صديقي السنجك .. سلامات
يقول نيتشة : (لولا الموسيقى لكانت الحياة محض خطأ).
وحين كانت الأمة الإسلامية صحيحة معافاة من أمراض الرياء والهوس، كان للموسيقى موقعها الإعرابي داخل العقل الجمعي للأمة، وحتى الأصوات التي كانت تظهر بين حين وآخر منادية بتحريمها لم تكن تجد حظها من العناية والانتباه.
يقول الفيلسوف المسلم أبو اسحاق يعقوب الكندي المشهور بـ (الكِندي) عن الموسيقى أنها : فنٌ تآلف الأصوات المنسجمة المعبرة عما يجول بدواخل النفوس، والكندي هذا لمن لا يعلم هو أحد العلماء الأفذاذ الذين أنجبتهم الحضارة الإسلامية ذات يوم، ولايزال فكره يدرس ويجد العناية من العالم كله باعتباره أحد العباقرة الأفذاذ في تاريخ الانسانية وله من المؤلفات مالا يحصى، منها سبع رسائل عن الموسيقى، وقد نقل الكندي أقواله وحولها إلى أفعال، فكان أول من مارس العلاج بالموسيقى حيث كان يرى أن الموسيقى تعالج الكثير من أمراض النفوس، وله في رسائله السبعة الكثير من النظريات حول هذا الموضوع.
هذا عندما كان العالم بخيره، أما اليوم فلنستمع إلى فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز (رحمه الله وغفر له) حول العلاج بالموسيقى حيث سأله أحدهم مستفتياً : ما حكم العلاج بالموسيقى ؟ فكانت إجابته : (العلاج بالموسيقى لا أصل له، بل هو من عمل السفهاء، فالموسيقى ليست بعلاج ولكنها داء، وهي من آلات الملاهي، فكلها مرض للقلوب وسبب لانحراف الأخلاق، وإنما العلاج النافع والمريح للنفوس إسماع المرضى القرآن والمواعظ المفيدة والأحاديث النافعة، أما العلاج بالموسيقى وغيرها من آلات الطرب فهو مما يعودهم الباطل ويزيدهم مرضا إلى مرضهم، ويقل عليهم سماع القرآن والسنة والمواعظ المفيدة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله) انتهت الفتوى.
والفرق الرئيسي بين الكندي وبن باز – عدا الفرق الزمني – أن الكندي كان فيلسوفاً وطبيباً وعالماً، صنع سيوفاً لا تتثلم ولاتكل، ورسم خريطة للعالم في وقت لا أقمار صناعية فيه ولا طائرات، وقال بكروية وتحدب البحر والبر، وصنع البرجل لرسم الدائرة، وكان أول من أجرى القياس النوعي للسوائل، وكان عالماً ضليعاً في أربعة من العلوم : الفلك، الفيزياء، الهندسة، الطب. في المقابل فإن بن باز لم يدرس الموسيقى ولا الطب، ورغم ذلك أباح لنفسه الافتاء بكل راحة ضمير عن أن (العلاج بالموسيقى لا أصل له).
ما علينا ..
رغم ذلك فقد كان الإنسان المسلم في الاندلس، قبل فتوى بن باز الغليظة بستة قرون، يتعالج بالموسيقى، وينشئ المستشفيات التي تتعاقد مع الموسيقيين المحترفين للعزف لمرضاها، ونشأ فن الموشحات، ذلك الفن الرافي الجميل، وكل ذلك في ظل حضارة إسلامية لا هوس فيها ولا جنون.
وقبل الاسلام، كان للعرب من الموسيقى حظ ونصيب؛ وما بحور الشعر وأوزانه ومعلقات الشعر على أبواب الكعبة، إلا تجليات لعظمة هذا الفن في نفوس الأمة العربية، وقد منحت المكانة العالية للشعر في حياة العرب، إذ كان الشعر ديوانهم، منحن فيما منحت الموسيقى المكانة ذاتها، فكان العرب أمة مرتبطة بالموسيقى كمتلازمة من متلازمات الشعر. وكان العرب يستخدمون الموسيقى الناجمة عن الغناء في قيادة القوافل، وحداء النوق، وصيد الوحوش، وسوق الهوام إلى النار.
وجاء الإسلام، فازدهرت الموسيقى في العصر الإسلامي الأول كما لم يزدهر فنٌ آخر، فهذا زرياب يطور عوداً بخمسة أوتار بدلاً من عود العجم الرباعي الوتر، ويجعل الفاصل بين كل وتر ووتر ثلاثة أرباع، بحيث يكون كل وتر ثلاثة أرباع الوتر الذي يعلوه.
ولم يكن العرب وحدهم من اهتم بهذا الفن فأبناء عمومتهم العبرانيين كانوا أيضاً يهتمون بالموسيقى، وما مزامير داوود إلا إحدى تجليات هذا الاهتمام، حيث تقول الأساطير الإسرائيلية أن الطيور كان تسقط من السماء حينما تمر فوق دوواد وهو يرتل التوراة، وأن لداوود 70 (توناً) مختلفاً يستخدمها في ترتيله الأسطوري.
ومعك أتفق أن الاستماع إلى القرآن يهذب النفس ويزيل عنها أدرانها، فالنص القرآني نص موسيقي مرتب التفاصيل، جاء مرتباً لأمة تجيد الإصغاء لجميل القول وموسيقاه، وما قول الله تعالى : (ورتل القرآن ترتيلاً) إلا دليل على موسيقية النص القرآن الذي جاء قابلاً للترتيل.
تحياتي ...........................
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
|