|
Re: الاستعمار البريطانى (Re: mohmmed said ahmed)
|
الاخ محمد
شكرا على اثارة الموضوع (الوطنية عندك ) طبعا لو خيرت أى امة بين أن تكون حرة او مستعمرة ستختار الخيار الاول بلا شك، وهذا مافعله السودانيين وغيرهم من الشعوب التى تم استعمارها. لكن هناك مسألة هامة جدا فى كل هذه التجربة التى اصبحت جزء أساسى من تاريخ البلد وساهمت فى تشكيل الكثير من البناء السياسى والثقافى والاجتماعى السودانى المعاصر، فبالتالى محاولة طمس أو محو هذه الحقبة من التاريخ السودانى فى تقديرى كانت غير مسئولة. فمهم جدا أن يعرف السودانيين من هم حكامهم فى تلك الفترة؟ كيف حكموا ؟وكيف كانو يديرون عجلة الدولة السودانية؟ حتى يكون ذلك جزاء من الذاكرة التاريخية للشعب وحتى يمكن ادراجه فى المنهج التعليمى. لكن لأنه درجت العادة فى بلداننا أن كل نظام يأتى يحاول أن يمحى من ذاكرة الشعب تاريخ النظام السابق رغم إنه واقع وصار حقيقة شاء الناس أم رفضوا، فالتاريخ ليس ملك الانظمة بل هو ملك الشعوب ومن حق الشعوب أن يؤرخ تاريخها كما هو وليس كما يريد البعض.
بالامس القريب كنت فى دار الوثائق البريطانية والتى تعرف نفسها بأنها (ذاكرة الامة) Nation’s Memory ، كنت ابحث عن وثيقة تخص بحث اقوم به، لكن بمحض الصدفة اطلعت على وثيقة تعود الى عام 1936تخص مراسلات وزارة الخارجية البريطانية وفيها رسالة أرسلها الحاكم العام بالسودان السيد ستيورات سيمس والذى يقال إنه من أكثر الحكام البريطانيين الذى حكموا السودان منذ بداية الاستعمار الثنائى ليبرالية وسعة أفق، الرسالة عبار عن رد على رسالة احتجاج من بعض حكام الاقاليم التى يشكون فيها من التعديلات التى قام بها بشأن مرتباتهم ومخصاصاتهم للحد من التبزير الادارى. وكان فى رده عليهم "إن من حق دافع الضرائب السودانى أن ينال أفضل الخدمات بأدارة مقتصدة وفى حدود الامكانيات المالية المتاحة. وينجز ذلك عبر خطة، ونظام، وكفاءة ذاتية" وبالرغم من أن الشكوى قد وصلت الى وزارة الخارجية بلندن لكن فى نهاية الأمر الحكومة البريطانية قد انحازت لوجهت نظره. وفى وثيقة اخرى خاصة بلجنة اختيار المرشحين للعمل بالمستعمارات لأول مرة اعرف مثلا أن معظم الادارين الذين يتم تعينهم للعمل فى السودان هم من خريجى أكسفورد أو كيمبردج، والسودان كان الدولة الوحيدة التى يطبق عليها نظام الاختيار وليس التعين حيث يخضع المتنافسين للوظيفة المحددة لاختبارات عديدة خاصة بتاريخ وثقافة ولغة المنطقة حيث كان يتنافس 8 مرشحين على كل وظيفة.
المهم فى الامر يبدو إن البريطانيون كانوا يأخذون مسألة الاستعمار هذه بشكل جاد أكثر مما يتصور الكثيرين، فهى من منظورهم كانت (مشروع حضارى) وكانوا دائما حريصون على ألا يتركوا انطباعا سيئا فى اذهان السودانيين كما فعل الاتراك (وادراتهم الفاسدة) لذلك كان الموظف البريطانى عند ذهابه الى تلك الاماكن النائية فى السودان حسب تركيبته الفكرية وأعداده الذهنى يعتبر نفسه أنه يمثل ثقافة بكل قيمها واخلاقها ولا يمثل نفسه فقط، فأى فشل له فهو فشل لثقافته وللامبراطورية البريطانية.
----------------------- *تصحيح الاستعمار البريطانى وليس الانجليزى انجلترا مقاطعة من ثلاث مقاطعات فى بريطانيا ومن أربعة مقاطعات للملكة المتحدة
|
|
|
|
|
|
|
|
|