مبارك الفاضل وخارطة ( الطريق ) الخروج من القصر الجمهوري

Quote: حكى لى مرة عمى (اسماعيل) رحمه الله ، وقد كان رجلا فحلا ، مات عن عمر يناهز المائة وخمسه سنه، وكان يحب (الدوبيت ) وغناء الشجاعة والحماسة ، حكى لى أنه صادف فى مرة من المرات ، رجلا ، بلا أذنين ، فسأله عن ذلك واين ذهبت أذناه ، فضحك الرجل وقال له:- لقد كنا ثلاثة اصدقاء (نربط الطريق) ، على طريقة (الهمباته) ، وفى يوم من الأيام، كنا (نربط) فى منطقة خلويه، فمر بنا شاب وسيم ، نحيل يركب ناقة ويرتدى (عراقى وسروال) بيض اللون . يغنى وينشد ، ولا يهتم لأحد فى طريقه ، أوقفناه وطلبنا منه أن يعطينا ما عنده،أخرج الشاب، (رزمة) نقود، وسحب منها ستة ورقات ، وأعطى كل منا 2 جنيه، وواصل مسيره. زملائى الأثنين ، قالا ، هذا شاب أستفزازى (وقليل أدب) كيف يخرج تلك النقود بتلك الصورة ويعطي كل منا جنيهين دون ان يلتفت او يتحدث ، وقالا لى سوف نذهب لنأخذ منه باقى النقود، فقلت لهما هذا الرجل واثق من نفسه، ولولا ذلك لما تصرف بتلك الصورة، فأذهبا وحدكما ، وسوف لن أذهب معكما. أنطلق أصحابى نحو الشاب اوقفاه وقالا له هات كل ما عندك، واذا لم تستجب فسوف ناحذ (ناقتك) كذلك. تحول نحوهما الشاب، ولم ينزل من ناقته بل أخرج سوطا، وبدأ يضرب فيهما ، حتى وقعا على الأرض يتلويان، وأنا اشاهد ذلك الموقف عن بعد واضحك ، وعندما خلص منهما وتركهما على الأرض، أعتقدت أن الأمر أنتهى على ذلك النحو، لكنه رجع متجها نحوى، وعندما وصلنى ، قفز من على ظهر ناقته وعندما وصل الأرض، أخذ أحدى أذنى بسكين حادة فى يده، ثم بعد ذلك ، أخذ الأذن الثانيه وسلمنى الأذنين فى يدى، وقال لى :- (أصحابك ديك أرجل منك) ، لماذا لم تأت معهما عندما فكرا فى أخذ ما لدى من مال؟؟ أنا الآن أعطيك أذنيك ذكرى للزمن، فعندما تخرج مع مجموعة من الناس( اما ان تموت معهم أو تحيا ، معهم) . فقال الرجل لعمى :- ومن يومها تبت وتركت (قطع الطريق) و (الهمبته). فتلك كانت أخلاق (قاطعى الطرق) و (الهمباتة) فى السودان، كلها فروسيه وحكم ، مهما رفضناها.