الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-21-2024, 01:46 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-10-2004, 04:20 PM

Hani Abuelgasim
<aHani Abuelgasim
تاريخ التسجيل: 10-26-2003
مجموع المشاركات: 1103

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد (Re: Hani Abuelgasim)

    *********************
    النسخة الكاملة والمنقحة للإصدارة أعلاه
    *********************

    لا مرجعية إلا قواعد وجماهير الحزب

    مؤتمر المرجعيات تكريس لهيمنة الأسرة وتدجين للفاعلية الحزبية

    الحركة الاتحادية تشهد انتفاضة الجيل الصاعد

    الأفق

    تصدرها القوى الحديثة – الحزب الاتحادي الديمقراطي – العدد السابع

    نحو حزب اتحادي ديمقراطي ليبرالي مفتوح – مستقبلنا في حزب غير طائفي وغير عقائدي



    فهرس المواضيع:

    خط الأفق.

    صاحب رائعة سوف نبقى مثل نجم السعد يكتب من مذبحة المقطم إلى قرافة (مقابر) القناطر الحزب الاتحادي الديمقراطي ..

    تأملات فيما تتبناه قيادة المرغني من مقررات .. أ. محمد عبدالحميد

    الكاتب والمفكر الاتحادي (المرحوم) أ. علي أبو سن في رسالة وداعه للمرغني ..

    حوار العدد .. الاتحادي الموسوعي .. أ. عز العرب حمد النيل

    المرجعيات أصداء وآراء.



    خط الأفق

    كم كان الميرغني بارعا عندما التقط كلمة المرجعيات من عمر العمر رئيس تحرير البيان الاماراتية في حوار سابق أجرا ه معه ومكمن البراعة في أن معية الميرغني من مؤتمرات سابقة مزعومة قد نفدت فتارة توصف بأنها تداولية واخرى تنعت بأنها تشاورية. ونفد صبر الاتحاديين ليعالج فكرة "إجتماع المرجعيات" في حالة لبوس لمؤتمر لا يحضر رئيسه إلا الإفتتاح وساعتين في الختام للوقوف على خواتيم مجريات أعدت سلفا.



    غاب عن "المرجعيات" أعضاء في المكتب السياسي وبرلمانيون سابقون والحاج مضوي محمد أحمد وحضره الأستاذ علي محمود حسنين الذي وصف المرجعيات قبل يوم من سفره بأنها مجرد عزومة وهو العنصر الذي لم يكتسب عضوية في الحزب الاتحادي الديمقراطي حتى كتابة هذه السطور، فقط انضم الوطني الاتحادي بأسره في فترة الديمقراطية الثالثة إلى الاتحادي الديمقراطي باستثناء أ. علي محمود حسنين.

    كما حضره أ. سيد أحمد الحسين الذي استبدل ما هو خير بما هو أدنى فقد قبل أن يكون أمينا عاما لم ينتخبه المؤتمرون بل اختاره المكتب السياسي وانتخب له نائبان حتى لا يرفع صوته في وجه الزعيم.

    وتشرفت المرجعيات بحضور شعراء مجيدين إلا أنهم لم يكونوا اتحاديين دعك من أن يكونوا مراجع وكان هناك حسين شندي في حين غاب ممثل المدينة.



    غاب عن المرجعيات الطلاب رغما عن أنهم القطاع الأوحد في الكيان الكبير الذي يمتاز بهيكل تنظيمي ينقص قطاعات أخرى لم يكن أمامها بد إلا السعي لدخول مكتب المرغني السياسي وهي لاتمثل إلا تبعية لهذا أو ذاك ولم تكتحل عينا المرجعيات برئيس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم وجامعة كسلا وكلاهما اتحادي منتخب يحمل كتاب معارضته للإنقاذ بالداخل حيث مسرح التغيير والإصلاح وتحقيق العدالة الإجتماعية.



    ومثلما غاب هؤلاء غابت الرؤية وكأنما كان الملتقى منصة للتنصيب وتوزيع الميداليات في سياق الاولومبياد حيث لم يلامس القضايا الكبرى المتاخمة للمرتكزات الفكرية للحزب كقضية الدين والدولة والدولة المدنية المحايدة تجاه الأديان وكيفية تمثل مرتكز الإشتراكية الديمقراطية في ظل عالم متخم بقوانين السوق الحر والرأسمالية السيدة وإمكانية خلق تلاحم عضوي بين الأفريقانية والعروبية يضع حدا لسؤال الهوية الجاسر في القرن الحادي والعشرين.



    شاركت الأقاليم في الإجتماع لتؤكد ذاتها طمعا في الحضور بعد أن طال الغياب وهي تحمل في كنانتها تلك الرغبة العزلاء في أن يكون لها وجود بعد أن طالها هوس المركز والهامش داء السودانيين الأول الذي ربما يطل منه بؤس أبعد مدى في عقابيل نيفاشا بعد أن نفشت غنم القوم عزتها تنتظر الفرج في أباريق لا تشكلها الإرادة الوطنية.



    كانت قيادة حزب الحركة الوطنية في السابق البعيد تسعى هياما بالجماهير "تعشق الترحال تبغي الكون حرية" فكان الجلاء ثم السودنة ثم الاستقلال قرار اتخذته الجماهير – المنبع والمصب – حين اتخاذ القرار في الأحزاب التي تنشد الديمقراطية. ومثلما حكم الخواء الفكري وتغييب الجماهير سدة القيادة الآن كان طبيعيا أن يتنزل إلى الفور في سلم تقاسيم الحزب مما يستدعي إعلان نوع من حالة الطوارئ يستنهض هذا النوع من الهمم ويمنح مرجعية الجماهير حقها.



    صاحب رائعة "سوف نبقى مثل نجم السعد"

    صلاح سطيح يكتب...

    من مذبحة المقطم إلى قرافة (مقابر) القناطر الحزب الاتحادي الديمقراطي .. الميرغنى مرجعا أعلى (1)

    الى روح عضو الحزب العم (الدينمو) الفضلى

    الى أعضاء الحزب من اتباع القاصد الرسولى أبونا يوحنا واتباع الأبريشية القبطية و سائر معتنقي كريم المذاهب والذين لم تسعهم أريحية مرجعيات حزب الطريقة الختمية.

    الى أعضاء الحزب الذين لم تصلهم الدعوات وبطاقات السفر، هذا ليس حزبكم ولكن شبه لهم.،و للموتى رائحة لا تزيلها فتايل بت السودان ….

    من وسط أناس يرتجفون خشية عند رؤية المرجع الأعلى ويرتعدون عند الوقوف أمامه ويهتفون عاش أبو هاشم دونما سبب، وزعت الأدوار عليهم واسماء لجنة ادارة العمل بالداخل يتسألون فى همس فاضح عما جاء بنا… ونحن قلة فى لجى داجى الظلمات من الحيران وخلافاء الختمية…

    أكتب لكم معزيا …

    ألا رحم الله الحزب الاتحادى الديمقراطي فلقد كان طيب الذكر حلو المعشر، ظل جثة غير هامدة (فى الخارج) ذلكم منذ أن اعتلى سماحة المرجع الأعلى (قدس الله سره وحفظ ظله) آية الله العظمى محمد عثمان على الميرغنى، حوزة القرار فيه على نسق وضع اليد… وأذ ننعيه ننعى معه كل تفاصيل التيه الفكرى والغفلة السياسية التى شابت أداءه منذ بواكير العودة عقب سقوط نظام المشير جعفر نميرى وحليفه المرجع الأعلى سماحة الميرغنى والذى على يديه تم تمريغ ثوب الطريقة الختمية فى وحل السلطة وللمرة الثانية حينها ضاربا عرض الحائط بوثيقة الائتلاف لتوحيد الحزبين، الحزب الوطني الاتحادى بقيادة الرئيس إسماعيل الأزهري وحزب الشعب الديمقراطي (حزب معظم اتباع الطريقة الختمية)

    ونشكر في هذا المقام كل من تكبد مشاق السفر والحضور ونخص بالشكر مندوب الحزب الحاكم في دولة أرتريا الشقيقة، والذى أغدق في شتم نظام الخرطوم نيابة عنا بعد أن ألجم تفكيرنا وكمم أفواهنا سماحة المرجع الأعلى أية الله الميرغنى بما يسمى ب (اتفاق جدة المقبور) ذلكم البهتان المبين الذى أمهره بمداده الكريم واتى به سماحته في بلاهة سياسية غير معهودة في أصغر كادر اتحادي بالثانويات وظل يدافع عنه حتى ظننا ان الشيخ ذو السبعين ونيف اعتراه مس من الهرف كيما يجالس رسل النظام في بدروم قنصلية الخرطوم في جدة ليوقع لهم على مسودة جاءوا بها وبيدهم الأخرى مفاتيح بقية الممتلكات المصادرة والشكر موصول لسعادة القايد الذي أبكى الحضور عندما تحدث بعربى جوبا ممثل حزب الحركة القائد وآنى أبكا – والذى لم ينسى أن للفقيد الحزب دوائر انتخابية جغرافية في الإقليم الجنوبي وان الرئيس الأزهري قد سجن ذات مرة به وزاره السلاطين رغم جبروت السجن والسجان، وبشرنا أن الاتفاق قد اكتمل أو على وشك 50% (الأغلبية الميكانيكية) لحكومة الخرطوم و 40 % لحزب الحركة في الجسم المركزي للسلطة و10% لبقية جموع قوى الشعب السوداني السياسية !! نحسبه يبادلنا الرياء والتدليس وزيف الادعاء بأن بيننا تحالف إستراتيجي وهو أمر محض هراء (وحدوته) ظلت تأسر لباب مولانا وسكرتيره حيث لم يتم أي عمل سياسى مشترك بين فروع الحزب فى المهجر وناشطى الحركة طيلة السنوات الماضية (سوى مصاحبة مستشار الحركة للميرغنى فى زيارة يتيمة للولايات المتحدة – ربما مترجما - وزارا معا بطرس غالى) حيث ظل ناشطوا الحركة فى حركة دائبة حتى ثبتوا أقدام مشروعهم (الجديد) واصبح جزء من نواة المشروع الأمريكي في منطقة البحيرات وظل أعضاء الحزب حالهم كبقية أفراد الشعب السوداني (مسلمون وتجار رقيق) ومواقفهم من كافة القضايا متباينة سوى فرية (الوحدة الطوعية) ومقررات اسمرا والتى رماها مولانا بدائه وانسل بجدة! أيضا آخر إنجازات هذا التحالف الفولاذي اصطفاف وفد الحركة المفاوض مستقبلا مولانا وابنه والخليفة إبراهيم الآبكراوى والخليفة جعفر عند زيارتهم - لمنتجع السحرة – بكينيا كيما يبارك سيادته والوفد الختمى الكريم سير المفاوضات ويحثهما على تجاوز عقب آبيي حيث خور الزرقا ونهر أم برو يجريان جنوبا وفق فقه مولانا وترمبيتات الطريقه…

    ولا ننسى أن نجزل الشكر أيضا لسعادة الدكتور المستشار - نسيج وحده ما أن وجد صنما إلا وركع ليعبده - لتذكيره لنا بأن برنامج الحركة التى هو مستشارها تم تمريرة عبر حزبنا ولا بد لنا أن نرص الصفوف مصلين مع الميرغنى على جنازة فكرنا ومرتكزات عقلنا الفكري، وان نهيئ أنفسنا كيما نصفق ونؤيد وندعم ونموت دون اتفاق (وادى السحرة) عله نيفاشا ذلكم الذى قسم البلاد الى كيمونات قبلية…





    تأملات فيما تتبناه قيادة الميرغني من مقررات

    ( أسمرا و المرجعيات )

    محمد عبدالحميد..

    لشد ما تعقد الدهشة لسان المتأمل وهو يقرأ مقررات المؤتمرات التي يكون الاتحاديون طرفا فيها، ويكاد لا يساوره الشك أن القوم يقولون ما لا يدركون. أو أنهم أرضوا غرورهم وعقدوا مؤتمراً وتمخض عن قرارات لا تحمل في أكثر الأحيان صفة الإلزام، إما لأنها غير واقعية، وإما لأنها لا تتسق مع شيء ما في تركيبهم الذهني أو الوجداني بل والوجودي الذي يستمدون منه شرعية كيانهم ومشروعية فعلهم السياسي. كان ذلك في مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية 1995، كما كان مؤخراً في مؤتمر المرجعيات في القاهرة ففي مؤتمر اسمرا الذي عقده التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان الاتحاديون جزاً أصيلاً منه اقر المؤتمرون "حق تقرير المصير للجنوب" وهو موضوع يجب التوقف عنده بعض الشيء للتدليل علي أن من قاموا بإقرار هذا الحق لم يعوا ما أقروا أو أنهم لم يكترثوا لما أقروا أو أنهم أجبروا علي ما أقروا.



    إن أقرار مبدأ حق تقرير المصير للجنوب هو بمثابة إضفاء الشرعية لتصور التيار الديني لحل مشكلة الجنوب .. حيث لم يطرح هذا الشعار في أي مرحلة من مراحل مشكلة الجنوب، وقد كان أقصى ما تناضل القوي الجنوبية لنيله هو حكم ذاتي في إطار السودان الواحد، إلي أن أتت الجبة الإسلامية بإتجاهها الرامي لتصعيد الحرب ومحاولة شق صف الحركة الشعبية لتحرير السودان بمغازلة التيارات الانفصالية بداخلها بطرحها لحق تقرير المصير في مفاوضات فرانكفورت 1993. وقد كان هدف التيار الديني من هذا واضح وهو ليس إعادة الوحدة بشكل جديد كما دخل ذلك في الأدب السياسي مؤخراً، وإنما تهيئة المدخل "الملائم" لفصل الجنوب ذو الغالبية غير المسلمة حتي يتسني لها الاستفراد بالشمال لتطبيق مشروعها الديني بالكيفية التي تريدها. مهما يكن فالشاهد الآن ان الجميع قد تبنوا هذا المبدأ كما حدث في مؤتمر اسمرا. والحق أن مبدأ تقرير المصير علاوة علي ما ينطوي عليه من خطورة فتح الباب أمام احتمال انفصال الجنوب، فأنه يؤكد وبشكل آخر علي حقيقة أن هناك شعبان في السودان، الأول مستعمِِر والآخر مستعمر لذلك يجب أن يأخذ حقه في تقرير مصيره .. فحق تقرير المصير قد كان عشية الحرب العالمية الثانية العنوان الأبرز للعلاقات الدولية، حيث اعطي هذا الحق لكل الشعوب التي ترزح تحت نير الاستعمار الاجنبي، ولضمان تنفيذ هذا الحق أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة الستة عشر والتي وسعت لتصل 24 في عام 1962 ومما يجدر ملاحظته في هذا الإطار أنه قد اثيرت بعض القضايا الاشكالية عمن مثلا هي الشعوب صاحبة الحق في نيل حق تقرير المصير؟ وهل يعطى هذا الحق وفقاً لاستفتاء عام Plebiscite إم عن طريق آخر يلبي رغبات هذا الشعب أو ذاك.

    فتقرير المصير بالصورة التي يراد اجراؤها في السودان تشكل إدانة تاريخية لبعض السودانيين – الشماليين - تحديداً بأنهم قد كانوا مستعمرين أو في وضع المستعمر، وبالتالي يحق لأهل الجنوب ولا نقل شعب الجنوب حقهم في التخلص من هذا الاستعمار. وهذا التطور جل من العلاقة بين أبناء الشمال والجنوب تبدو أشبه بعلاقة الغرب مع اليهود حيث يخضع الغـرب لعملية ابتزاز بتأثير ما لحق باليهود مـن اضطهاد علـي يد النازية – رغم أنه لم يصل لدرجة المحرقة بحسب ما توصل اليه روحيه جارودي – فمنذ تلك الحقبة وإلي الآن مازال اليهود يسلطون علي الغرب وغيره كلمة غريبة هي العداء للسامية Anti Semitism والتي تجعل تاريخ اليهود محرم علي البحث العلمي الأمين. أو تصور أخذ الحق منهم الذي اغتصبوه من الفلسطينيين جريرة تنذر بمحق شعب الله المختار.

    علي عموم الأمر فأن تقرير المصير كما تعرفه الأمم المتحدة لا ينطبق علي حالة الجنوب فذلك لان السودان شماله وجنوبه قد قرر مصيره منذ عام 1956 لذا فان هذا الأجراء وبأي كيفية كانت ينطوي علي خطورة هائلة لأنه سوف يقرر من جديد مصير السودان الذي ربما يصبح دولتان بموجب أخذ رأي الأقلية فيه، وهذا تفريط في وحدة البلاد ينبغي علي الوطنيين في الشمال والجنوب أن يقفوا ضده طالما أنه لا يستند إلي ماضي استعماري يقرره القانون الدولي، بل إلي نزاع أهلي حول رفع المظالم له شرعيته الخاصة في التنمية والمشاركة في صياغة مستقبل البلاد.



    لقد أقر المؤتمرون في اسمرا كذلك "حظر الأحزاب السياسية التي تقوم علي أساس ديني" كأن المجتمعون قد أنجزوا مشروعهم الفكري التنويري لدرجة لا يمكن أن يستحمل أي أحزاب دينية قد تشكل ردة علي ذلك المشروع. ومما يثير الدهشة في هذا الخصوص أن حزب الأمة بزعامة "الإمام" الصادق المهدي قد وافق علي هذا المبدأ وهو لا ينكر نسبته للتوجه الإسلامي. وأن الميرغني وإن كان يترأس حزباً علمانياً في مبناه إلا أنه استند إلي طرح ديني في برنامجه الانتخابي 1986 دون أن يقوم بعملية بمراجعة لذلك البرنامج وهو بعد زعيم طريقة صوفية دينية لم يعهد عنه أن تطرق بالتنظير قولاً أو كتابة عن طبيعة البنية الاجتماعية ما قبل الحديثة وكيف أنها تظل أسيرة الانتماءات ما قبل الحديثة إن كانت دينية أو عرقية أو عشائرية وأنها سوف تظل تفرز مثل هذه التكوينات ما لم يحدث تحول حقيقي وفق مشروع حداثوي متكامل يتجاوز هذه البنى تجاوزاً تلقائياً ولا يلغيها بقرار.



    في المقابل يلتف المؤتمرون علي موضوعة العلمانية، وعلاقة الدين بالدولة ويقرروا مبدأ المواطنة تجنباً لإقرار مبدأ العلمانية الذي هو الأصل في فكرة المواطنة. فأنهم أرادوا أن يقروا ما تتمخض عنه العلمانية دون أن يؤمنوا عليها، لأنها تجعلهم في موضع حرج بالغ مع قواعدهم المستندة إلي المواقع ما قبل الحديثة في التشكيلات الدينية. أو تجلسهم في مواقد الجمر حيث يبتزهم التيار الديني وهم لا يطيقون ذلك إطلاقاً.



    أما مؤخراً في مؤتمر المرجعيات الذي انعقد في القاهرة برئاسة الميرغني، أو للإقرار برئاسة الميرغني كما ذهب لذلك العديد من المحللين، فأنه قد تخطى كل الخطوط الحمراء للحزب بدعوى التأقلم مع متغيرات الأوضاع في العالم، حيث أقر المؤتمرون مبدأ إعتماد السوق الحر في التوجه الاقتصادي للحزب. ويعد هذا خطاً أحمر يجب التوقف عنده وذلك لسبب أساسي هو أن هذا التوجه يعتبر تغييراً في المرتكزات الفكرية للحزب .. وهذا شأن ليس من صلاحيات مؤتمر المرجعيات البت فيه طالما كان مؤتمر المرجعيات ليس هو المؤتمر العام للحزب الذي هو صاحب السلطة الحقيقية في البت في هكذا توجه. غير أن المؤتمرين وكالعادة لم يدركوا خطورة ما أقدموا عليه علي أقل تقدير لجهة أن مثل هذا القرار من شأنه أن ينقل الحزب كله من الموقع الذي يتمدد فيه من الوسط وحتى يسار الوسط إلي اتجاه معاكس تماماً وهو اليمين ويمين الوسط، وهذا ليس تجريداً نظرياً فعلماء السياسة الذين يعلمون أن الموقع من الموقف الراهن والتصور حول المستقبل علي مستوي الأفكار والأيدلوجيات هو الذي يقرر موقع كل جماعة سياسية من الطيف السياسي Political Spectrum ، لذلك فأن الحديث عن إعتماد مبدأ السوق الحرة يقصى الحزب تماماً عن موقعه في الوسط ويجعله في ذات الخانة – اليمين - مع حزب الأمة والمؤتمر الوطني اللذان يعتمدان ذات المبدأ الاقتصادي (السوق الحرة) وهذا يترتب عليه نتيجة بسيطة غير أنها في غاية من الأهمية وهي أنه، إذا كان الحزب يحمل نفس تصورات الحزب الذي يعارضه في أدق الأشياء التي تهم حياة المواطن وهو معيشته فما جدوى أن يظل معارضاً؟! وهذا ما يفسر سرعة التوصل لاتفاق جدة الذي توافق فيه الطرفان علي اقرار مبدأ السوق الحرة وهنا تنتفي عملياً ملامح التباين الفكري بين "الاتحاديين" والإسلاميين في هذه القضية علي الأقل. ويمكن أن نعزو تحول موقف الحزب من تبني الاشتراكية الديمقراطية إلي تبني الاقتصاد الرأسمالي في جانب منه إلي الطبيعة الطبقية للقيادة (الميرغني) والذي بأي حال من الأحوال لا ينتمي للطبقة الوسطى – قوام الحزب القاعدي ونخاعه الشوكي - فالميرغني ينتمي لطبقة لا تكاد تكون موجودة في السودان وهي الارستقراطية Aristocratic، لذلك فالميرغني بحسب موقعه الطبقي الفريد والمميز لا يشارك أبناء الحزب الاتحادي آمالهم وصبواتهم بل وآلامهم، فقد كان يمكن له أن يعبر عن هذا من خلال ما يعرف في الأدب السياسي (بالانحياز الطبقي) غير أنه آثر أن يمضي فـي اتجاه مغاير تماماً وذلك بخلق حلف مـع الرأسمالية في داخل الحزب والتي يمثلها علي أبرسي وصلاح إدريس ولكليهما مصالح رأسمالية غير خافية مع النظام الحاكم. كل هذا من شأنه أن ينقل المعركة بين الحزب والنظام إلي معركة بين جماهير الحزب والقيادة.



    مهما يكن فأن هذا التحالف الطبقي الجديد داخل الحزب قد أغفل حقيقة هامة وهي أنه في ظل اقتصاد العولمة والذي يتميز بقوة اجتياحية عاتية لن يكون لمثل هذا التحالف القدرة علي الصمود في وجه رأس المال العابر للقارات والذي تتحكم فيه الشركات متعدية الجنسية حيث سيكون لمثل هذه الشركات القدرة علي ضرب أرباب رأس المال السوداني وإقصائه خارج مجال العملية التنافسية الحرة التي يتحكم فيها سوق عالمي قائم علي المعرفة والتقانة العلمية Tech. know how وبذلك يكون قد فقد مشروعية وجوده كما ذكرنا من قبل التي يستمد منها شرعية فعله، وبذلك يكون قد خسر معركة البقاء في ظل العولمة دون أن يكون قد أعطى لنفسه شرف المحاولة في الإسهام في جعل هذا الكون أكثر قابلية للحياة الإنسانية. في هذا الصدد يجدر أن نذكر بقصة علامة إقبال الفيلسوف المسلم العظيم والذي في احدي مناجاته الوجدانية لله تعالي قال بعد أن أعياه اجتياح الشر لأركان الكون الأربعة: (إن هذا كون مليء بالآثام) فأتاه النداء الرباني قائلاً: (أهدمه وإبني غيره يا إقبال).

    تتضمن قصة إقبال هذه قيمة الفعل الإنساني بعيداً عن القدرية السلبية والإنهزامية وتؤكد أن هذا الكون مشروع لحركة الإنسان في البناء والتعمير مع ضرورة التغيير. إن مؤتمر المرجعيات قد تحدث بلغة تبدو مقبولة في منطقها الظاهري، وهي التسليم بسياسة رأس المال وعلو كعب الرأسمالية واقتصاد السوق، غير أنه تسليم أقرب للخنوع للأمر الواقع – والخنوع للأمر الواقع يتنافى مع جوهر الفعل السياسي – غير أننا نؤكد علي أن هذا النهج الاقتصادي الذي إتبعه النظام الحاكم بدعوي ما أسماه تحريك الاقتصاد منذ بداية عقد التسعينات هو الذي عرض المواطنين للانكشاف وأدخل معظم الأسر في دائرة الفقر والعوز وحجب عنهم كل أنواع الأمان، فقد تميزت سياسته الاقتصادية في كل شيء وحجرت الثروة في كل البلاد علي قمة الهرم فقط مع ترك قاعدة الهرم يتحكم فيها ميكانزم السوق حتي في سياسة التخديم مع إضعاف وتفكيك منظم للقطاع العام لصالح فئة تجار النظام والمحسوبين عليه بينما في المقابل تقصم الضرائب المتصاعدة – وهي الوظيفة الوحيدة التي اضحت تمارسها الدولة - ظهور الرأسماليين الوطنيين الذين لا يمالون النظام.



    إن التاتشرية نسبة لمارغريت تاتشر Thatcher والتي جسدت فلسفة مدرسة شيكاغو في مقولتها الشهيرة: (لا يوجد بديل) والتي عرفت باختصار (TINA) There is no alternative لم تستطع ان تغفل البعد الاجتماعي في سياستها ذلك لأنه ليس في مقدور السوق وحده الحفاظ علي ترابط المجتمع وأن حداً أدني من المعايير والتركيبات عموماً يجب أن تتوفر للحيلولة دون تفكك المجتمع أو تراجع تطوره. وهذا نفس الشيء الذي توصلت له العديد من المجتمعات الغربية الأخري ذات النمط الاقتصادي الرأسمالي القائم علي السوق الحرة حيث توصلوا لمستحدثات اقتصادية وقانونية و مؤسسية لتوفير المنافع الجماعية للمواطنين ، وأقام بعضهم نظماً متبكترةً لإدارة تلك المنافع ( انظر فرانسوا راشلين – ترجمة حليم طوسن – الخدمات العامة وإقتصاد السوق – دار العالم الثالث) لذلك فإن تصوير مؤتمر المرجعيات بان اقتصاد السوق الحر بات امراً حتمياً يتنافي مع البديهة الحتمية الاخرى التى تقول ان الراسمالية في ظل العولمة سوف تكون في مواجهة مع نفسها، وان التوحش الذي تبديه يغذي من النزعات والقيم الإنسانية المتمثلة في العدل ، الإخاء والمساواة التى لم يزل لها بريق وجاذبية اكثر ، وان ما يفرزه الفقر من توتر إجتماعي، وكوارث بيئية وهجرات تتسارع وتائرها نحو العالم الاول ، وتصاعد موجات الارهاب فيه ستعجل في نهاية المطاف من كبح جماح راس مال العابر للقارات باتجاه شراكات حقيقية بين دول الشمال ودول الجنوب للبحث عن نموذج مقبول للتنمية الإنسانية وتعزيز حقوق الإنسان لا سيما الاقتصادية والاجتماعية ، وتوفير الضمان الاجتماعي في التعليم والصحة ، والمأكل والمشرب والملبس والمأوي . لذلك كان حرياً بمؤتمر المرجعيات أن يعمل على تجسير العلاقة مع منظمات المجتمع المدني العالمية التي تتظاهر في شوارع سياتل و جنوا من اجل الشعوب الفقيرة و أن يسعى لطرح مبادئ شراكة مع دول الشمال يكون قوامها و هدفها تمليك القدرات و رفع مستوى كفاءة المنتجين عن طريق إشاعة المعرفة وصولا لخلق مجتمع عالمي يغير الوجه البشع للعولمة لاتجاه أكثر إنسانية .



    إن تصور خلق الشراكات هذا ليس تهويما و إنما هو ممكن من خلال المزيد من التمسك بالاشتراكية الديموقراطية و قيمها الهادفة لخلق مجتمع العدالة الاجتماعية لان تاريخ الاشتراكية الديموقراطية لمن يعرفوه هو "إعادة النظر" و المراجعة REVISIONISM طالما كانت قادرة على أن تكسب نفسها بعدا عمليا لتحقيق العدالة الاجتماعية بعيدا عن التزمت و الدغماتية.





    حوار العدد ... حوار العدد ... حوار العدد ... حوار العدد ... حوار العدد ... حوار العدد ... حوار العدد

    نسبة لما تشهده الساحة الاتحادية في هذه الفترة من حراك كان علينا أن نتلمس نبض هذا الحراك في مخيلة ووجدان الشباب - قوام هذا الحراك – وقد كان لما لقاء مع أبرز القادة الاتحاديين الشباب، عز العرب حمد النيل والذي ساقنا الحوار معه ليس لهموم الحزب فحسب وإنما للشؤون الثقافية والأدب وما يكتنف المستقبل من هواجس لا سيما في ظل السلام القادم.

    ************

    · في مقال سابق لك تحدثت عن ضرورة قيام حكومة ظل من منظمات المجتمع المدني خلال الفترة الانتقالية بين الحركة والحكومة. هل لك أن تحدثنا عن هذه الفكرة؟ وهل تنطوي على أي مخاوف؟ وما طبيعة تلك المخاوف؟

    المتطرفون في فهمهم لمفهوم تنظيمات المجتمع المدني لا ينظرون للأحزاب السياسية في السياق السوداني بعين الرضا لذلك لا يعتبرونها جزءا من تنظيمات المجتمع المدني وفي الوقت ذاته يعيب المعتدلون هذا الفهم والتعريف المتعسف. وفي ظني المتطرفين ينطلقون في تبني هذا الموقف المفاهيمي لقصر يد الأحزاب السوانية في إيجاد حلول ناجعة لإشكالات المواطن السوداني على مستوى البنى التحتية، بإعتبار أن هذه الأحزاب لا تلامس قضاياه الأساسية إلا على سبيل الشعار ويفارق واقع ممارستها السياسية لهذا الشعار واضعين في الاعتبار أن هذه الأحزاب تمثل السلطة في حالتي الحكم والمعارضة ومن هنا تبرز أهمية منظمات المجتمع المدني لتملأ المساحة الفاصلة بين هذه السلطات حيث ترقد في جانب آخر سلطة الأسرة في حالة تمثلها ثوبا أبويا له هيكله الخاص به في الحالة السودانية.

    لإسقاط هذه المضامين على الراهن السياسي في أعقاب إتفاق نيفاشا يتصاعد تيار التخوف من إطلاق يد السلطة المالكة لعنصر القوة عند طرفي الإتفاق "المؤتمر الوطني والحركة الشعبية" والذين نالا أكبر قسطين من قسمة السلطة وباعتبارهما الجهتين التين تملكان السلاح دون رقيب ويتم الاتفاق دون الاشارة إلى آلية تضبط أيلولة السلاح وطالما أن هناك اتفاق ينبغي أن يقوم على الثقة وهنا تبرز أهمية منظمات المجتمع المدني لتقوم مقام اليد الحارسة والرقيب وهنا لا بد من الاشارة إلى أن تعريف مفهوم منظمات المجتمع المدمني يشمل النقابات والاتحادات والكيانات الثقافية والاجتماعية في حال اختيارها بالانتخاب وفق الوسائل الديمقراطية الحرة وهذا ما لاينطبق على المنظمات الحكومية القائمة.

    القيام بهذا الدور يمنح منظمات المجتمع المدني القوة بحيث تكون موازية لنظام حكم انتقالي طرفاه سلطتان في الأصل ليلم جماع اليد الفارضة وتكون بمثابة حكومة ظل تستمد قوتها من محاذاتها للمواطن وقضاياه عبر تبني مشروعات مثل حماية المستهلك وحماية البيئة والتنمية المستدامة ومخاطر الأغذية المعدلة وراثيا وإعمال مبادئ المحاسبية والشفافية على كل المناشط ... الخ



    · المرأة، الوطن، النيل والإرث الصوفي في مكونك الاجتماعي ميف تتداخل هذه العناصر في تجربتك الشعرية؟

    تجربة الشاعر في الكتابة لا شك ترفدها البيئة والتي بجانب التجربة تمثل الوسط الذي يتحرك فيه قاموس لشاعر ورؤياه .. وفي ظني أن داخل كل شاعر سوداني تنهض نخلة صوفية كيفما كان توجه هذا الشاعر بحسبان أن هناك أثرا للتصوف في أغوار كل سوداني .. هذا الأثر شكله إسلام أهل السودان الذي يتداخل فيه الإسلامي بالمسيحي والوثني واللاديني من حيث بعض الأشكال والانساق الثقافية والاجتماعية لهذا يتسع اناء دين الحب عند ابن عريب حين قال ..

    لقد صار قلبي قابلا كل صورة

    فمرعى لغزلان ودير لرهبان

    وبيت أوثان وكعبة طائف

    وألواح توراة ومصحف قرآن

    أدين بدين الحب أنى توجهت

    ركائبه فالحب ديني وايماني .

    وبالمثل (المرأة – الوطن) و (الوطن – المرأة) وكذلك النيل ويمكن أن يكون الشعر عذبا كاذبا تجاه المرأة إلا أنه يمثل تشكيلا وجدانيا في حقبة عمرية معينة تبعث على الافتخار ولا يمكن أن تنزع من تجربة الشاعر لذلك لا أجد تبريرا للشعراء الداعين لأكل مراحلهم في تجربة كتابة الشعر أو التبرؤ منها ..

    وإني آمل أن أكون ممن تهدي كلماتهم إلى طريق في كتابة الشعر فتجربتي القاصرة تحتاج إلى الرفد والافادة.



    · تحدثت في ندوة القوى الحديثة بقاعة الشارقة في رمضان الماضي عن مواصفات الحزب السياسي وقد اعتبر ذلك الحديث جديدا على الأدب السياسي السوداني بكل المقاييس .. حدثنا عن مواصفات الحزب السياسي مرة أخرى وكيف يمكن أن تنطبق هذه المواصفات على الحزب الاتحادي الديمقراطي ليكون حزبا نموذجيا؟

    السودان بوصفه قطرا عربيا أفريقيا كان من الطبيعي أن يتأثر بالمحيط المتاخم له في الوطنين الافريقي والعربي وهما جزء لايتجزأ من العالم الثالث والذي من أبرز سماته إشكالية الممارسة الديمقراطية داخل الدولة الواحدة وبالتالي الاحزاب السياسية وعلى رأسها حركات التحرر الوطني التي تسنمت القيادة السياسية في بلدانها بعد الاستقلال واستمرت تحتكر السلطة بعد ذلك ثم الاحزاب التي تم انشاؤها بعد قيام انقلابات عسكرية كمعادل موضوعي للبنى السياسية .. وكذلك الأحزاب التي قامت على أسس زعامات دينية أو طائفية أو قبلية أومناطقية (جهوية) أو ارثية تحمل في أحشائها بذور الفناء الكلي وعوامل الانفصال حيث تقوم على الإقصاء والانقضاء وكل هذه المسميات للأسف الشديد إذا قمنا باسقاطها على الحالة السودانية تجدها تجوز في معظم مظاهرها تاريخ ما بعد الاستقلال لتبسط على التاريخ الوطني السوداني بأسره..

    يقول علي خليفة الكواري – منسق مشارك لمشروع دراسات الديمقراطية – ضمن سمنار الديمقراطية داخل الأحزاب في البلاد العربية والذي عقد في أكتوبر 2003م :

    ان معظم الاحزاب في المنطقة التي نشأت في ظروف غياب الديمقراطية في الدولة التي برزت فيها، وقد كانت نشأتها تعبر عن حاجات وطنية او اجتماعية او فئوية لذلك حصلت على اجماع نسبي على اهدافها البسيطة ضمن مجتمعها مثل الاستقلال او مقاومة الاستبداد. كما انها تعتمد عادة على قيادات تاريخية او زعامات اجتماعية او دينية دون ان تمارس الديمقراطية داخلها وعندما يتم تحقيق جزئية تلك الأهداف البسيطة وتتغير مشكلات المجتمع يصعب الحصول على الاجماع ولذلك تتحول هذه الأحزاب إلى أحزاب أفراد وزعامات ويقصر الولاء الطوعي لها وتعتمد الغلبة اذا حكمت ويكثر الانشقاق فيها كلما اختلفت آراء الزعماء وتوجهاتهم أو تضاربت مصالح المنتسبين اليها اذا كانت في المعارضة...

    ولعمري هذا ينطبق على الحزب الاتحادي الديمقراطي في معظمه ..



    ولكي يكتسب الحزب هذه الصفة لا بد أن يكون ديمقراطيا وحتى يكتسب صفة الديمقراطية عليه أن يتمثل في الآتي:

    ‌أ) ان لا تكون فيه سيادة على الأعضاء من قبل عائلة او صاحب صفة دينية أو طائفية او قبيلة لها حق او عرف ثابت يكرس قيادتها.

    ‌ب) ان تكون العضوية التي تضبطها الديمقراطية هي مناط الواجبات ومصدر الحقوق الحزبية.

    ‌ج) أن تكون العضوية من حيث المبدأ حقا مكفولا لجميع المواطنين دون اقصاء او تمييز من حيث العرق والدين والقبيلة وان يكون اكتساب العضوية متاحا من حيث المبدأ لكل من اكتسب صفة المواطن.

    ‌د) ان تحتكم العضوية في علاقاتها داخل الحزب إلى شرعية دستورية متجددة يتم التوافق عليها بدءا على كون ركوزها على الأركان التي أشير إلى انها تكسب الحزب صفة ديمقراطية واجمالها في الاتي:-

    1. اعضاء الحزب هم مصدر السلطة دون وصاية فرد أو قبيلة أو غيرهم على قرارات الحزب.

    2. سيطرة نظم الحزب ولوائحه والمساواة أمامها بين الأعضاء في ضوء قانون الأحزاب ودستور الدولة الديمقراطية.

    3. عدم الجمع بين السلطة التنفيذية والتشريعية التي يمكلها فقط المؤتمر العام المنتخب انتخابا ديمقراطيا دوريا حرا ونزيها مع ضرورة وجود شكل من أشكال المحكمة الدستورية المستقلة يعود لها الفصل في الشؤون الحزبية بين أعضاء الحزب وأطيافه الداخلية قبل اللجوء إلى القضاء في الدولة الديمقراطية.

    4. ضمان حرية التعبير في الحزب واتاحة الفرصة لنمو التيارات والاطياف داخل الحزب مع ضرورة الاعتراف بها داخليا حتى تنمو الاحزاب وتبلغ مستوى الكتلة المؤثرة حيث تسمح بالوحدة في التنوع وتقضي على أسباب الانشقاقات.

    5. تداول السلطة في الحزب وفق آلية انتخابات دورية حرة ونزيهة من القاعدة إلى القمة .. كل 3 سنوات مثلا.

    6. قبول الحزب لوجود غيره من الأحزاب والعمل على ضبط فكره ومنهجه وبرنامجه في ضوء حق الرأي والمصلحة الآخرى في التمثيل دون اقصاء او حتواء بالترهيب والتنقيب.



    ومهم جدا ان نذكر ان الممارسة الديمقراطية في الاحزاب مسألة نسبية كما في الدول إذ ان هناك حد ادنى من المبادئ والمؤسسات والادوات ينبغي وجودها في الممارسة حتى يتصف الحزب بصفة ديمقراطي وبعد التأكد من وجود هذا الحد يبقى الفرق غب الحزب والدولة من حيث درجة النضج والاستقرارا ونوع الديمقراطية وفرص تطويرها والارتقاء بها.



    ولكي تنطبق هذه المواصفات على الحزب الاتحادي الديمقراطي لا بد من النظر إلى مولده في المقام الأول في ان يمثل ميلاد القيادة الحديثة منذ فجر الحركة الوطنية السودانية متمثلة أكثر في الحزب الوطني الاتحادي فقد عرف المجتع السوداني القيادة القبلية والعشائرية ولكنه لم يألف قيادة ينتخبها الشعب من القاعدة إلى القمة. ولا بد للاشارة الى أن أهم المؤهلات التي تجعل الحزب الاتحادي الديمقراطي وكل الاحزاب التي تنشد المؤسسية والديمقراطية قادرة على إعلاء وتطوير الديمقراطية وتوسيع عضوية الحزب وتزيد قدرتها على ادماج المواطنين أفرادا وجماعات في الحياة السياسية فعلا وليس ابتغاء الحصول على أصواتهم، بجانب تعزيز مسؤليتها الوطنية ورعايتها وحمايتها للمصالح العامة من قبل عملها الدؤوب لأجل إرساء الممارسة الديمقراطية داخلها وفي ما بينها وداخل الدولة.



    · تجربتك في الحركة الطلابية كانت غنية بحكم الفترة التي شهدت غلواء نظام الإنقاذ على أيامه الأولى .. كيف أفدت من هذه التجربة؟

    تجربتي في الحركة الطلابية غنية من حيث الترابط التنظيمي في أن الجميع في الغالب على قلب رجل واحد ويعملون في تجرد دون بروز ظاهرة التحاسد الجيلي والتنافس وفق قدرات وامكانات ذاتية خلال بعض الاسهامات من خارج الدائرة الطلابية، إلا أن هذه التجربة فقيرة من منظور الضوابط التنظيمية حيث لم نرق إلى تكوين مركزية للطلاب الاتحاديين الديمقراطيين بالجامعات والمعاهد العليا مع الإشارة إلى أن الجامعات على زماننا لم تكن بالكثرة التي أفرزتها ثورة ابراهيم أحمد عمر بعد أن أصبح التعليم دولة بين الأغنياء، لذلك كان ميسورا أمامنا التأسيس لتجربة مركزية للطلاب الاتحاديين وكفينا اللاحقين مؤونة الكثير من المشاق الراهنة.

    ولا أرى في تجاربنا الاتحادية في هذا الصدد إلا تجربة الجيل السابق لنا فيما عرف في التاريخ الاتحادي بالتنظيم الشبابي في النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي وهي تجربة غنية بالأفعال والأقوال، أقصد اجتهاد ذلك الجيل في البحث وإبداء الرأي في بعض القضايا الملحة مثل حل الحزب الشيوعي، المذكرة الشهيرة التي رفعها التنظيم آنذاك ينقد فيها تجربة الحزب وتجربة الشريف حسين الهندي في الجبهة الوطنية المعارضة لنظام نميري، (توثيق) المرتكزات الفكرية، (توثيق) تاريخ الحركة الاتحادية. ولا بد لهذه التجربة الغنية أن تخضع للتقويم وفي هذا الاتجاه سعينا ولازلنا نسعى ونطالب الآخرين بالسعي معنا في استكتاب المعاصرين والمشاركين في هذه التجربة حتى نواصل ما وقف عنده السابقون.



    من سلبيات التجربة التي شاركت فيها، عدم القدرة في الرابطة 1986-1990م على الإنفتاح، ففي الوقت الذي صعب فيه اختراق التنظيم أو مصادرته أو تجييره في المقابل وبدافع الخوف عجز التنظيم عن الاستقطاب بالمستوى المطلوب.

    استطاع التنظيم بجامعة ام درمان الإسلامية 86-1990م أن يعيد نشاط رابطة الطالبات الاتحاديات الديمقراطيات بعد غياب دام ما يقارب ال 10 سنوات في ظل واقع خاص بالجامعةالاسلامية يقوم على الفصل النوعي Gender بين الطلبة والطالبات.

    هذه ملامح من التجربة الطلابية التي كنت جزءا منها بكل سلبياتها وايجابياتها وإني لأرجو تقويم هذه التجارب الطلابية في سمنارات وورش عمل لا يتسع لها مثل هذا اللقاء.



    · بنظرة نقدية نلاحظ أن الحزب الاتحادي الديمقراطي مليء بالسياسيين والقادة – إن شئت – ولكنه لا يكاد يذخر بالمفكرين .. هل تتفق مع هذه الملاحظة .. وإلى ماذا تعوز هذه الظاهرة .. غيبة المفكرين في الحزب؟؟

    ليس سهلا أن تطلق على أحدهم صفة المفكر على الرغم من أن الساحة السودانية تبدو عليها مطالع مشاريع المفكرين، إلا أنني لا أرى في تقديري الشخصي أنه في تاريخنا السوداني المعاصر من قدم مشروعا فكريا متكاملا تم تدوينه بحيث يكون قابلا للتقويم باستشناء محمود محمد طه.. هذا بالاضافة إلى ان الثقافة السودانية يغلب عليها الشفاهية وكم من حقيقة قبرت بموت من كان ممكنا أن يكون مفكرا وتظل الأجيال الجديدة تبحث عن الحقائق في صدور الرجال وكم من مشروع مفكر غلبت عليه الشقوة فضرب يبتغي العيش الكريم في وسط لا يمت لبحثه عن المعرفة بصلة.



    على مستوى الاتحاديين فانهم ليسوا بمنأى عن النظام العام الثقافي والسياسي الحاكم للواقع في السودان، وقد كانت هناك الكثير من الاشراقات ذات القابلية للتطور لتغدو مشاريع مفكرين إما غيبتها الغيرة السياسية أو التهمها التحاسد وظلم ذوي القربى، كما أن الطابع السياسي الذي يميز الحزب الاتحادي الديمقراطي القائم الآن يجعل الكثير من الأفئدة تأوي إلى الإزورار ليأتي المستقبل القريب والبعيد وتكتشف بالصدفة المحضة عبر ما يطرح من أفكار وآراء أن الكاتب اتحادي أو متعاطف على الأقل. إلا أن الظاهرة إذا صح الإطلاق تسم الساحة الفكرية على جميع الصعد على مستوى السودان بأكمله وليس الاتحاديين وحدهم.



    · يقال أن كل ختمي اتحادي ولكن ليس كل اتحادي ختمي .. كيف تقومون هذه العلاقة؟ وهل هي علاقة انصهار؟ ام تحالف أم تضاد؟ وهل من سبيل لإعادة صياغتها إذا كانت تحالفا وفق ضرورات المرحلة الراهنة؟

    ينبغي على كل اتحادي أن يعلم أن مولد حزب الحركة الوطنية يمثل مولدا وفجرا لمولد القيادة الحديثة وليست التقليدية كما يتصور البعض فقد عرف مجتمعنا القيادة القبلية والقيادة العشائرية إلا أنه لم يألف قيادة منتخبة من الشعب. وما الختمية إلا مساند لهذا الخط السياسي لذلك تصدق المقولة بأن كل ختمي اتحادي وليس بالضرورة كل اتحادي ختمي ويمكن لهذه المساندة للتيار أن تستمر في ظل ديمقراطية الحزب ومؤسسيته والعودة به إلى منابعة الأصيلة كحزب ليبرالي ديمقراطي يحق لكل سوداني الانتماء إليه بغض النظر عن قبيلته وثقافته ودينه كما أشرت سابقا.



    · المعروف عنك انك من أبرز القيادات الاتحادية الشابة داخل السودان ولك احترام خاص وسط الطلاب الاتحاديين .. هل تلقيت دعوة لمؤتمر المرجعيات بالقاهرة؟ نحن نعلم أن بعض العناصر التي كانت تتعامل مع الهيئة العامة قد قدمت لها دعوات منها من لبى كالأستاذ علي محمود حسنين مثلا ومنها من رفض معتذرا كالأستاذ محمد اسماعيل الأزهري والعم الحاج مضوي و د.عبدالرحيم عبدالله. لم لم تتلق دعو؟ وهل لو تلقيت دعوة كنت ستلبيها؟ ولماذا؟ وهل هناك ثمة مواصفات لمن دعوا للمؤتمر؟ وكيف تقومون ذلك المؤتمر؟

    لم أتلق دعوة للمشاركة في المرجعيات بالقاهرة ولا أظن أني مستوف لمواصفات المشاركة في الاجتماع وقد عجبت إذ صدقت الرواية أن أستاذي عبدالرحمن عبدالقادر الحاج المحامي كان مدرجا اسمه ضمن الاسماء المقترح حضورهم للمرجعيات وكتب في محاذاة اسمه (غير معروف لدينا). وإذا قدمت لي الدعوة لن ألبيها لأن دواعي إقامة كيان مثل حزب كامل ومهما كانت لا يمكن أن تكون والجماهير غائبة، ثانيا: كانت الدعوة انتقائية امتدادا لما انتهجه المرغني في الآونة الأخيرة والذي يمثل في تقديري تكتلا في محطة الشعب الديمقراطي بصورة غير معلنة فالحزب رئيسه المرغني ونائب رئيسه المرغني ورئيس مكتبه السياسي المرغني. ثالثا كان من المشاركين في المرجعيات شخصيات لانعرف لها انتماء للحزب بل شارك آخرون ينتمون للمؤتمر الوطني الحاكم تحت دعاوى أنهم دعوا بصورة شخصية من المرغني.

    رابعا: لم تهتم المرجعيات بأن تقدم أجندة قبل الانعقاد بدليل أن أ.سيد أحمد الحسين سئل عن الاجندة فأجاب بعدم معرفته لأي أجنمدة للمرجعيات (الرأي العام- 2/5/2004) وعلى الرغم من الإختيار الإنتقائي للمؤتمر إلا أن من تم اختيارهم للقيادة كان عن طريق المكتب السياسي وليس المؤتمرين باستثناء رئاسة الحزب فهي لا تخضع للتصويت باعتبارها مقدسة.

    خامسا: هل يعقل أن يتم مثل هذا الإجتماع باعتباره يمثل مرجعيات الحزب دون أن يشارك فيه الحاج مضوي محمد أحمد و محمد اسماعيل الأزهري.. و أ.الزين حامد نائب دائرة كسلا، أ. محمد يوسف أبوحريرة نائب دائرة شرق النيل السليت و أ. السر عوض يوسف نائب دائرة سنجة، الطيب شبارقة نائب دائرة جنوب شرق الجزيرة وجعفر حسن حضرة نائب دائرة سنار وفاروق أحمد آدم وميرغني عبدالرحمن وآخرون وهؤلاء النواب فقط وهم أعضاء منتخبون في الجمعية التأسيسية 1985-1989م وانتهبتهم الجماهير.

    بوصفي شابا فقد عجبت لمن أريق ماءالحياء عن وجوههم وكأنما كانوا يحلمون أن يكونوا كذلك دون أن يكون لهم عطاء ودون ان يختارهم كيان يمثل الشباب وهو كيان غائب في سلم الحزب

    ويتواصل اللقاء في العدد القادم

    الفقيد .. أ. علي أبوسن في رسالة وداعه للمرغني

    خطاب مفتوح إلى السيد محمد عثمان الميرغنى




    الأخ السيد عثمان،

    هذه رسالتى الأخيرة إليك. فمنذ آخر رسالة وجهتها مع زملاء كرام قبل ثلاث سنوات أو يزيد، كان من بينهم المرحوم الأستاذ محمد توفيق والأساتذة محمد الحسن عبدالله يس وأمين عكاشة ومحمد سرالختم، لم أكتب. كانت تلك رسالة ـ سبقتها رسائل من نفس المجموعة ـ تهدف كلها إلى محاولة إقناعك بضرورة إصلاح الحزب حتى يكون توحيده ممكنا.

    أمّا هذه فليست رسالة تأتى فى سياق الرسائل القديمة، وإنما هى رسالة أخيرة فى سياق آخر.

    وإذا كنت أخاطبك من خلال الصحافة الألكترونية وسودانايل الغراء فلأننى أردت أن أخاطب الأتحاديين جميعا فى هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ الحزب وتاريخ البلاد. أردت أن أخاطب جماهير الحزب وقياداته من الذين تابعوا المناقشات المكثفة خلال الأشهر الماضية حول مدى توفّر المعقولية أو المسئولية أو حسن النية فى دعوتك إلى عقد مؤتمر الحزب خارج أرضنا وبعيدا عن جماهيرنا. هؤلاء الذين أذهلهم إنفاقك الباذخ على تأجير الطائرات وشراء مئآت التذاكر من مختلف القارات وتأجير الشقق والقاعات والسيارات والأتوبيسات والذِّمم ، لتُحضِر من ترضى عنه وتَحرِم من لا ترضى . مَبالِغُ كان مُعْوِزُوا الخرطوم وضحايا القاش فى كسلا وثكالى النازحين فى دارفور وغيرهم من " الغبش " أولى بها.

    وبما أن هذه فى الحقيقة رسالة تستشرف المستقبل وتحاول إنارة الطريق أمام الأتحاديين الذين استبدت بهم الحيرة أمام تصرفات قيادة تسعى جاهدة إلى تمزيقهم وتهميشهم ، فأنها ، فى الحقيقة أيضا ، رسالة وداع لك... ولذا فمن المناسب أن نضمنها كشف حساب يحكى لأجيال الحاضر والمستقبل ـ بأمانة وصدق ـ حكاية الزمن الردئ. ولن أقف فى كشف الحساب هذا إلاّ على المحطات الرئيسية :

    الأخ السيد عثمان،

    1 ـ لقد آلت حال الحزب منذ أن تولّيت قيادته دون أنتخاب أو اختيار 1985 إلى درجة من التدنى فى الأداء والألتزام والجدِّية جعلت معظم المهتمين بالقضايا العامة فى السودان ينفرون منه ويبتعدون عنه حتى أصبح القاصى والدانى يجابهنا بأنه حزب لا مستقبل له ، لأنه عاجز عن تنظيم نفسه، عاجز عن بلورة أفكاره ، عاجز عن إيقاف حروبه الداخلية ، عاجز عن أيقاف غزو المرتزقة الذين يتسللون إلى قيادته " غواصات " من أحزاب أخرى ، عاجز عن أستيعاب المثقفين ، عاجزة قيادته عن الحديث إلى أجهزة الأعلام والحوار فى الندوات الثقافية ، عاجز عن أن يحدد لنفسه مهمة أو هدفا.
    2 ـ نشأ هذا الحزب الذى يمثل الحركة الوطنية السودانية كحزب مفتوح لجميع السودانيين كى يتولوا المناصب القيادية فيه بما فى ذلك رئآسته. ولكنه أصبح على يد سيادتك حزب أًسْرَة معينة هى " أسرة السيد على المرغنى "، ولا أقول " أسرة المرغنى" لأن بعض فروع هذه الأسرة مبعدة عن المناصب بل عن المساهمة. وبما أننا مجتمع ما زال فى طور النمو فأن تقليد "الرئآسة مدى الحياة " ـ الذى يشوّه أداء تنظيماتنا السياسية ـ يحقق مسعاكم فى جعل قيادة هذا الحزب فى يد أسرتكم الكريمة المعروفة بالمعمِّرين إلى ما شاء الله. وقد حققتَ هذا الهدف تماما فى مؤتمر القناطر حيث قام أتباعك ومعاونوك بتنصيبك رئيسا وتعيين شقيقك نائبا لك وتعيين أبنك عضوا فى اللجنة القيادية وخليفة لك فى الأنتظار.
    وقبل أن أغادر موضوع مؤتمر القناطر لاحظت أنك قلت فى خطابك الأفتتاحى أنك دعوت كل قيادات الحزب إلاّ من أمتنع عن الحضور... وأنت ونحن نعرف أنك لم تفعل. كدت أقول الآن : أننى أربأ بك عن ذلك.. ولكننى تذكرت أننى قلتها لك وعنك مرات عديدة حتى لم أعد أعرف : عَمَّ أربأُ بِكْ.
    3 ـ تشجيعك للخلاف والشقاق أوقع الحزب فى أقبح المواجهات والملاسنات، وجعل قادته موضع سخرية وأستهزاء القياديين والعاديين من الأحزاب الأخرى وجماهير الشعب. وكان دأبك على تمزيق الأتحاديين قد بلغ قمّة اللامعقول Absurdity حينما قررت فتح الدوائر الأنتخابية المضمونة ليترشح فيها أكثر من أتحادى واحد 1986 لتُوسِّعَ دائرة الشقاق بين الأشقاء وتبعدهم عن مواقع السلطة. وكانت إجابتك حينما سألك الناس عن ذلك أنك تفضل الحصول على مقاعد قليلة تشارك بها حزب الأمة فى ا لحكم بدلا عن وجود عدد كبير من الأتحاديين يحاورونك ويسائلونك. وكانت النتيجة أن الحزب أصبح رقم " 3 " فى البرلمان وكان فى يوم من الأيام رقم " 1".
    وخلال فترة الديمقراطية الأخيرة وقفت ضدّ كل المحاولات التى كان يقوم بها الحادبون على مصلحة الحزب ومنهم رجال من داخل صفوفك مثل الأستاذ سيد أحمد الحسين والحاج أحمد عثمان عبدالسلام وغيرهم للجمع بينك وبين قيادات الأتحاديين ، شركاء الختمية فى الحزب الموحّد والفصيل الأكبر فيه. وظللت تؤجِّج نار العداء الوهمى بين جماهير الختمية والأتحاديين حتى أنتهيت الآن إلى حفر فجوة هائلة بين الأتحاديين وبين شخصك ولكنك لم تنجح فى إبعاد جماهير الختمية عن أنتماءآتهم الأتحادية لأنّ كثيرا منهم غير راض عما تفعل.
    وحينما أنتقلنا إلى المعارضة كان أهتمامك منصبّاً على إبعاد الأتحاديين عن مواقع تمثيل الحزب فى المعارضة مع أن الأتحاديين هم الذين أعلنوا أول بيان للمعارضة فى الخارج ـ وأنت فى السعودية ـ وفى منزل واحد منهم عقد أول أجتماع للتجمع الوطنى فى الخارج لأنهم كانوا أصحاب مبادرة فى تجميع الصفوف ، وقد أرسل الناطق الرسمى باسمهم أول برقية إلى الملك فهد تستنكر تأييد حكومة الترابى لغزو صدام للكويت نشرتها الصحف السعودية فى عنوانها الرئيسى كما نشرت رد الملك فهد عليها شاكرا ومقدرا... وكانت تلك البرقية سببا فى إيقاف قرار طرد السودانيين من المملكة كما أخبرنا بذلك سفير المملكة بالقاهرة.,,, فماذا كان ردّ فعلك على ذلك النشاط من الأتحاديين ؟؟ لقد تملكتك الغيرة فى وقت كنا نتوقع فيه أن تفرح بنا ، فحضرتَ إلى القاهرة وشرعت فورا فى بثّ الفتنة بيننا وطالبت بأبعاد المتحدث الرسمى باسم الحزب هذا الذى " تسرّع فى إعلان المعارضة باسم الحزب" ، وبادر بمخاطبة الملك فهد لحماية السودانيين وإدانة حكومة الأنقلاب، وأجتهد فى إجراء الأتصالات وتنظيم المسيرات باسم المعارضة. ثم واصلتَ الجهود لوأد العلاقة بين الأتحاديين والختمية ولم يهدأ لك بال حتى وضعت أتباعك الخواص فى أعلى مراكز الحزب والمعارضة وأبعدت من كانوا معك من الأتحاديين والمخلصين من الختمية.
    4 ـ بغضك للمثقفين وضيقك بهم كان وراء مأساة العلاقة بينك وبين أناس لم يرفضوا وضعك فى المقدّمة ولم يحاولوا منافستك على القيادة. أسميها مأساة لأنك تخصّ بالكراهية والضيق مثقفى الحزب وتتعمد أستبعادهم كلما أحتجت إلى من يفكر أو يكتب أو يتحدث اللغة الأجنبية وتستجلب أناسا من خارج الحزب ليعاونوك على كتابة رسالة أو صياغة فكرة أو إجراء مقابلة مع أجنبى ومثقفوا حزبك مبعدون يضربون كفا بكف. لقد حاولنا أن نمنحك الطمأنينة على موقعك بشتى الوسائل ولكننا عجزنا عن إزالة هاجس المخاوف الذى ينتابك من ا لمثقفين والذى يصور لك أنهم هم الأعداء الحقيقيون لك. فحاولتَ دائما أن تهينهم وتكسر شوكتهم باستقدام كل من تبعث به الأحزاب الأخرى لكى يتجسس عليك وما زلت سادرا فى هذا حتى مؤتمر القناطر الذى أدخلت فيه إلى اللجنة التنفيذية واحدا من هؤلاء. كلّ ذلك جعلنا نقتنع بأنك لم تفارق مقولتك الشهيرة " أنا ما حأكرر غلطة السيد على الميرغنى لما أتعاون مع المثقفين بقوا زعماء " وهذه غلطة منك أنت . فمن ناحية لم يكن السيد على نفسه ليقول ذلك عن الأزهرى وزملائه لأنهم كانوا زعماء بالأصالة ، ومن ناحية أخرى لم نكن نحن ـ ممثلى الوطنى الأتحادى فى الحزب الموحد ـ نرغب فى منافستك على زعامة الحزب.
    5 ـ رفضك القاطع للديمقراطية والمؤسسية زعزع أركان الثقة بالحزب وسط جماهيره التى تجرعت المرّ وهى ترى حزب الأمة ـ الذى كان متهما بالتبعية العمياء ـ يعقد مؤتمراته وينتخب قياداته ويحتكم إلى جماهيره حتى فى مسألة " الأمامة " ... وترى حزب الدكتاتورية والقهر والتخلف الذى وثب على السلطة يعتمد الديمقراطية الحزبية ـ التى حَرَم منها الشعب ـ منهجا له للوصول إلى قراراته وتشكيل قياداته... بينما قيادة الأتحاديين لا تعتمد إلاّ المراوغة والتهرّب والأقصاء وزرع الفتنة وشق الصفوف وتأليب الختمية على الأتحاديين، وتنتهى إلى رفض عقد المؤتمر العام للحزب وتنفق الملايين بسخاء لتجلب الوفود إلى خارج السودان ظنّاً منها أنهم أرِقّاءُ السياسة وليس حضورهم فى الحقيقة إلاّ تعبيرا عن ضيعة الأتحاديين وهوانهم على الناس.
    ونحن نعرف تماما تكتيكك المفضل فى امتصاص غضب الأتحاديين، الذى يبلغ الحلقوم بين فينة وأخرى، مطالبين بعقد المؤتمر العام واعتماد المؤسسية ، فكلما طغى هذا الغضب وأصبح مهدِّدا لك لجأت أنت إلى مخادعة الجماهير والقيادات بتقديم المشروعات الوهمية لأقامة المؤسسة الديمقراطية ودعوت إلى مؤتمر مفبرك يحضره مندوبون بالطائرات من بلاد عديدة ويبصمون على ما تريد مثل مؤتمر المقطم ومؤتمر القناطر وغيره من المؤتمرات العديدة التى دعوت إليها دون أن تعقدها بهدف إجهاض الأحتجاجات وقتل الموضوع. تستطيع ـ كما قيل ـ أن تخدع كلّ الناس لبعض الوقت ولكنك لا تستطيع أن تخدع كلّ الناس كلّ الوقت.
    6 ـ وأمتدادا لضيقك بالمثقفين تفاقم عندك الحرص على رفع شأن الذين لا يعلمون فوق الذين يعلمون، والأصرار على تقريب واصطحاب العناصر الغريبة والمشبوهة والأقل خبرة. فأنت ما زلت منذ الأنتفاضة تنقِّب فى التوابيت لتستخرج منها جنائزَ تقود الحزب وتكون واجهة له تحت أشرافك المباشر حتى أصبحت مواقع القيادة ومنافذها مسرحا للأشباح.
    وحتى فى إطار أسرة المرغنى فأن حرصكم على تولية وتقديم الأشباح أدى إلى إهمالكم الغريب لأبناء الختمية فى كسلا أحفاد عمكم شقيق والدكم "السيد أحمد" شريك والدكم الطبيعى فى كلّ شيئ وهم مفخرة هذا البيت ذكاء ووطنية وإحساسا بالجماهير، بل يثير الدهشة فى أساليبكم هذا التآمر ا لمستمر ضدّ " محمد سرالختم" الذى دفعته مؤآمراتكم إلى العودة إلى السودان والأنضمام إلى حزب المؤتمر الأنقلابى. فهل " يَرْكَنُ فى الدُّنيا إليك خليلُ " يرغب فى القيام بدوره الوطنى فى هذا الحزب ؟؟
    7 ـ أتضح بجلاء أن ضيقك بالنصح والمشورة يكمن وراء هذا النفور والأستبعاد ،
    وما زال الأتحاديون يتذاكرون موقفك بعد أن فرغنا من إعداد وثائق مؤتمر أسمرا 1995 الذى ساهم فيه الأتحاديون بوضع فكرة " حقوق الأنسان " بدلا عن فكرة " العلمانية " أو رفض الدين. وكانوا هم الذين أصروا على مناقشة " القضايا المصيرية " بينما كان بعض أعضاء التجمع يخاف من أثارتها فى مؤتمر أسمرا. وحينما عدت أنت من غيابك وبدأ العدّ التنازلى للسفر وتكوين الوفد المسافر قالوا لك : من الطبيعى أن يذهب محمد سرالختم وعلى أبوسـن لأن الأول زعيم معروف هناك وقبائل المنطقة منهم أخواله والثانى قبيلته الشكرية حدودها مشتركة مع أرتريا وبعضهم يسكن داخلها وهو متزوج أبنة ناظر البنىعامر ونصفهم فى أرتريا، فكان ردك : (عشان كده ديل الأثنين ما يكونوا فى الوفد ، عايزينّهم يبقوا لى زعما هناك؟‍!!) فسافرت بوفد لم يستوعب ما أُعِدّ من وثائق وظهر جليا عجز الحزب وهوانه أمام هامة د. قرنق العالية وانتهيتم إلى توقيع أتفاق معيب يسمح بتقرير المصير قبل إجراء انتخابات عامة يعرف فيها شعب الجنوب والشمال قادتهم ليتحقق الأستقرار أيا كان الخيار.
    وما زال الأتحاديون يتذاكرون كيف أن رجالا شرفاء مثل الأساتذة مرغنى سليمان وأمين عكاشة وغيرهم شباب كثير كانوا من أقرب الناس إليك ضقت بنصحهم المخلص فضاقوا بك، وجفوتهم فجفوك، وأبعدتهم فأبعدوك.
    وما زال الأتحاديون يتذاكرون كيف سقط وفارق الحياة بفعل الغيظ وجرح الكرامة والضيم رجال أعطوك من جهدهم ومالهم وذات أنفسهم ما شهد به الأعداء ثم فوجئوا بالخذلان والعقوق لمجرّد إبداء رأى مخالف لك. منهم د. عثمان عبدالنبى وإبراهيم حمد ويوسف أحمد يوسف وغيرهم كثير.
    8 ـ فَهْمُك لاتفاقية توحيد الحزبين " الوطنى الأتحادى " و " الشعب الديمقراطى" ينطوى على الرغبة فى الظلم والتشفى والأذلال للأتحاديين وهذا واضح، ولكنه ينطوى أيضا على المكابرة والأفتراض بأنك أذكى من والدكم السيد على وأقدر منه، وكان رحمه الله يعرف الأضرار الكامنة فى محاولة تولى رئاسة الحزب من جانبه فقرر ترك تلك المهمة لمن هم أعرف بها وأقدر عليها ، ولم يكن السيد على فى موقف ضعيف أو مُتَهَاوٍ بل على العكس كان صاحب نفوذ وكلمة داخل الحزب الموحد برئآسة المرحوم الأزهرى. وكان ألأجدر بك أن تستجيب لندآت الشيخ الجليل حمد كمبال ومئآت " خلفاء " الختمية الذين ناشدوك وما زالوا الأبتعاد عن هذا "الدَّرْب الغِوِيْتِسْ " الذى سلكته بنا فأضعت سنوات عمرك وعمرنا، نحرث فى البحر.
    ويُعتَبر إصرارك على رئآسة الحزب تنكُّرا للأسس التى قامت عليها إعادة توحيد الحزبين الأتحاديين وتوزيع الأدوار بين القيادات ، ومن الواضح أنك قررت الأستفادة من الفراغ الذى خلّفه رحيل قيادات الصف الأول من الوطنى الأتحادى قبل الأنتفاضة فحاولت أن تَكُونَ أنت الواجهة الوحيدة للحزب ساعيا بذلك إلى فرض واقع جديد متنكّر لأسس التوحيد فقررت أن تكون رئيساً للحزب والطائفة معا.
    وربما دار بخَلَدِك أن من حقّك أن تجارى السيد الصادق المهدى الذى تحول ببيت المهدى من " رعاية " حزب الأمة إلى رئآسته. ولكن الفارق كبير، فبغض النظر عما أثبتته تجربة السيد الصادق بصورة قاطعة من أن حزب الأمة لن يفلح ما لم يخرج من جلابيب" حزب الأُسْرة " وتصبح رئآسته مفتوحة لكافة أبناء الشعب ، فأن طموحات الصادق المهدى مبررة بعلمه وثقافته العالية ونظرته التحديثية، وإن لم تنجح هذه المؤهلات فى إخفاء الصورة ـ التى ظلّ يتردد طويلا بين نزعها والأنطلاق خارجها وبين الأستسلام لقيودها وأصفادها المعيقة سياسيا ـ صورة الزعيم الدينى، الأِمام، شيخ الطريقة واجب الطاعة. أما حالتك يا أخى السيد محمد فأنها تختلف. ذلك أن جماهير الأتحاديين ، وحتى الختمية ، هى جماهير مناطق الوعى التى أنجبت الزعماء الوطنيين التقدميين المثقفين العلماء الذين قادوا النضال وحققوا الأستقلال. ولعلّ حزب الأمة كان سيكون أقوى وأكثر تماسكا لو أن السيد الصادق أكتفى بموقع المفكر والقائد الروحى وله فى ذلك باعٌ لا يُدانَى ، والأمر هو هو بالنسبة إليك لو أكتفيت بالزعامة الروحية. . وعلى أية حال ، فالمقارنة غير قائمة أصلا، لا شكلاً ولا موضوعاً.
    (9 )ـ وُلِد حزب " الأشقاء " والأحزاب الأتحادية فى أحضان الجمعيات الأدبية ثم مؤتمر الخريجين. وكانت الثقافة والعلم والأدب والشعر وتذوّق الفنّ والجمال هى سمات القادة وصفاتهم ومدار أُنْسِهم وأحاديثهم ومناجاتهم للخالق المبدع... ثم جاء عصرك يا أخى عثمان ... ويا لها من فاجعة !!! أقفرت الرياض ، وسكتت العصافير المغرّدة ، وحلّت الطبول الجوفاء، والنميمة العرجاء، وصيحات " أبوهاشم " بأصوات البِغال، محلَّ فصيح العبارة وبليغ الأشارة وجيّد الشعر وراقى المشاعر. وكم أحسست بالغربة وأنا أجلس معك وحاشيتُك بين يديك فأفتح عينى على كثير منهم ولكن لا أرى أحدا، وكم نازعنى بيت شعر فى جلساتكم فأنظر حولى وأخنقه فى صدرى لأننى أعرف أنه سيقع على "العتمور".
    10 ـ لقد قمتَ باستغلال قوة الدفع الكامنة فى الزخم التاريخى لاسم " الأتحادى " واستخدمتها فى سبيل إثبات وجود ضبابى وتكديس أموال سريّة لا يعرف قادة الحزب مصادرها كلها ولا شروط منحها لك. ولكنك تعمّدت عدم أستغلال قوّة الدفع تلك من أجل توحيد الأتحاديين فانهارت على يديك صورة ذلك الحزب الأتحادى العملاق الذى بهر السودانيين بمقدرات قادته ومواهبهم وبراعاتهم ونُبْل نفوسهم وعطائهم من ذات أنفسهم ،وعجزتَ عجزا مزريا عن إبراز مَقدِرات الحزب وأدائه وفكره ووطنيته ، فقزَّمْتَه وقد كان مارداً ، وأخرستَه وقد كان ناطقاً ، وأعجزتَه وقد كان قادراً ، وجمَّدتَه وقد كان بحراً زاخراً.
    أخى السيد عثمان
    لهذه الأسباب وغيرها مما آثرت عدم ذكره الآن، أقول لك أنك لا تصلُح لأن تكون زعيما أو رئيسا للأتحاديين ، وأنك غير مؤتمن على هذا الحزب.
    وللأتحاديين أقول:
    نحن الآن فى مفترق طرق فاصل ، وقد صبرنا على تعدّى السيد عثمان المرغنى واستيلائه دون وجه حق على قيادة الحزب الموحد مع إبعاد كلّ العناصر التى تمثّل الفصيل الأكبر ـ الوطنى الأتحادى. وقد كان بين صفوفنا ، وما زال ، نفرٌ يظنون أن هناك أملاً فى إصلاح ما أفسدته قيادة المرغنى.ولكن الحقيقة غير ذلك تماما.
    ولست بحاجة إلى تكرار الأسباب التى أقنعت عددا كبيرا من الأشقاء باستحالة إصلاح ما فسد ، فقد أوضحتها فى خطابى المفتوح إلى السيد عثمان المرغنى فى الصفحات السابقة.
    ويكفى أن أشير إلى سبب إضافى واحد وهو أن مصير السودان يقرر الآن فى غياب الأتحاديين، الممثلين الشرعيين للحركة الوطنية. ومحمد عثمان هو المسئول الأول عن هذه الخيبة وهذا الغياب. وقد كتب بعض الأشقاء مؤكدين مسؤليته : ( لم تتحرك قيادة المرغنى فى أتجاه تعبئة الجماهير الأتحادية خاصة،والشعب السودانى عامة فى أتجاه فضح وتعرية قوى الهوس الدينى وعزلها وضرب مواقعها واجتثاث جذورها وتجفيف منابعها والتبشير بسودان المستقبل ، بل أن هذه القيادة ساهمت بصورة مباشرة فى تقوية تلك القوى الظلامية حينما تقدّمت إلى الرأى العام السودانى بمسودّة لما أسمته " دستور إسلامى " بعد الأنتفاضة مباشرة جاءت أشدّ بؤساً ونكيراً من مشروعات قوى الهوس والظلام ) ويكفى أننا مغيّبون تماما عن الساحة بينما تعمل قوى التخلّف نيابة عن الشمال فى نيفاشا على هدم مقوّمات الهويّة السودنية بالأصرار على دعوى التمايز الثقافى ، الذى يلبسونه ثوب الخصومة الثقافية والعقائدية بين الشمال والجنوب فى حرص أعمى على تقسيم أبناء القطر الواحد ثقافيا على أساس دينى ، مما جعل مفاوضات السلام فى نيفاشا تقوم على قاعدة تكريس التمايز والخصومة الثقافية المزعومة بين جنوب الوطن وشماله ، وليس على أساس توحيد البلاد وتعايش الثقافات فى ظلّ نظام حضارى مستنير. وهو ما كان ينبغى أن يدعو إليه حزبنا الذى أصبح مختطَفا ورهينة تزايد على الجبهة الأسلامية فى ضروب المتاجرة بالدّين.
    دعوة إلى مؤتمر أتحادى لفضِّ العلاقة مع قيادة الختمية
    أيها الأخوة والأخوات ، الأشقاء والشقيقات،
    لقد تمت إعادة توحيد الحزب الوطنى الأتحادى مع حزب الشعب ـ قيادة الختمية ـ سنة 1967 تحت ظروف ضاغطة ومخاوف مما كان يحاك ضدّ التوجهات التحررية للسودان بقيادة الزعيم أسماعيل الأزهرى، وبسبب التعجّل فى أتخاذ إجرءآت التوحيد والخوف من أن تتحفّظ عليها جماهير " الوطنى الأتحادى" ولجانه بسبب تأييد المرغنى لدكتاتورية الجنرال عبّود ، رأت قيادة الأتحاديين إرجاء عرض قرار التوحيد على مؤتمر عام للحزب لتصبح إجازته قانونية وملزمة. ومن ناحيتها لم تهتم قيادة الختمية بعرض الأمر على جماهيرها ولكنها تعهّدت بالوفاء للأتفاق. ثم جاء أنقلاب مايو بهدف إجهاض هذه الوحدة واعترف د. أحمد السيد حمد فى الصحف باشتراك محمد عثمان المرغنى فى الإعداد للأنقلاب وأنه نقل جزءً من أسلحة الأنقلابيين وخزّنها فى مزرعته بقرية " تنقاسى " . فبالأضافة إلى نقصان شرعية قيام الأتحادى الديمقراطى جاءت الخيانة ، بعد التعهّد والعهد ، لتجعل فكرة الوحدة مهزلة، وكان على رأسها ولىُّ عهد السيد على المرغنى ( فَوَا عَجَبا ً أنْ وُلِّىَ العهدَ غادِرُهْ )
    ولم نكن لنثير هذه المسائل وننبش الماضى لو أنّ الوحدة ـ ونحن وحدويون ـ سارت فى أتجاهها المرسوم أو ألتزمت بأسسها الصحيحة.
    لكلّ ما سبق ذكره ، فأننى أدعو الأتحاديين والأحرار الصادقين من الختمية، وهم كُثْر، إلى إجراء مشاورات عاجلة لعقد مؤتمر جامع للقيادات :
    1 ـ للنظر فى مستقبل الحركة الأتحادية ،
    2 ـ وأتخاذ القرارات الكفيلة بأنشاء حزب أتحادى حر يعتبر أستمرارا لنبض الحركة الوطنية المستنيرة،
    3 ـ واتخاذ قرار بفضِّ العلاقة نهائيا مع قيادة محمد عثمان المرغنى ومن تبعه من المحسوبين على الأتحاديين أو أحرار ألختمية
    4 ـ أختيار قيادة جديدة للأتحاديين .
    ـ قيادة أمينة صادقة تتمتع بالشفافية والأستقامة السياسية .
    ـ قيادة تعتزّ بالتاريخ الوطنى للأتحاديين.
    ـ قيادة مثقفة مستنيرة واعية ترفع أسم حزبنا بين الأحزاب التى يقودها كلها رجال مثقفون.
    ـ قيادة تقدّم المبادرات ولا تعمل بردود الأفعال.
    ـ قيادة تعتمد الفكر والدراسة سبيلا للوصول إلى القرار.
    ـ قيادة لا تسعى بين أبنائها بالفرقة والنميمة والخصام.
    ـ قيادة تتميّز بالشجاعة والقدرة على المواجهة.
    ـ قيادة تشرفنا أمام أجهزة الأعلام ،ولا ترتعب وتقبع فى جحورها خوفا من مواجهة الميكروفون والكاميرات والأسئلة الصعبة.
    ـ قيادة تعرف العالم وما يجرى فيه والأفكار التى تحكمه والأساليب التى تفكّر بها شعوبه.
    ـ قيادة تمثّل كلّ المبادئ والقيم والمرتكزات الفكرية التى نؤمن بها كوطنيين وحدويين، نسعى إلى العدالة الأجتماعية وإلى حريّة الفكر فى إطار حرّية الفرد ، وديمقراطية التنظيم ، وحكم المؤسسة.
    5 ـ أية مواضيع أخرى يقرر المؤتمر مناقشتها.
    هذه هى رسالتى ، وهذا هو أقتراحى لكل الأشقاء والشقيقات فى هذا المنعطف التاريخى الهام. فيا رجال وأبناء وأحفاد قادة الحركة الوطنية المجيدة.. هُبّوا للدفاع عن حقّكم فى الكرامة والمستقبل.





    الهيئة العامة .. فرصة الإتحاديين التاريخية لتقويم مسار حزب الحركة الوطنية

    قريبا منبر القوى الحديثة لتقويم تجربة القيادات الإتحادية

    إشراك كافة القوى السياسية في السلام، الضمانى الحقيقية لجعله واقعا معاشا

    على الهيئة العامة أن تعمل كي يعود حزبنا إلى منابعه الأصيلة كحزب ليبرالي ديمقراطي يحق لكل سوداني الانتماء إليه بغض النظر عن قبيلته وثقافته ودينه



    المرجعيات أصداء وآراء

    توالت ردود الأفعال حول مؤتمر المرجعيات بالقاهرة وكان الكم الغالب فيما نشر من مقالات وصدر من بيانات وتصريحات فيه إدانة ورفض شديد للكيفية التي تمت به وما دار فيه وما تمخض عنه.

    ومن الغريب أن تأتي الإدانة من بعض القيادات التي ظلت قريبة من المرغني لفترة طويلة وهم من الخاصة التي تدري كيفية تفكيره وأساليب تعامله مع الآخرين وهي شاهدة على الكثير مما دار في معارضة المرغني بالخارج .. معتصم حاكم وأحمد السنجك..

    هذا وقد أدان المؤتمر الكثير ممن شاركوا في المرجعيات وأحبطوا ووصلوا لقناعات بأن ما دار هناك يعكس الصورة الحقيقية لماضي ومستقبل ادارة هذا الحزب في ظل المرغني وماهي الأساليب التي ينبغي انتهاجها للوصول إلى المواقع القيادية في حزب السيد .. كل من كان له بصيص أمل اقتنع بأنه أصبح من الاستحالة بمكان في ظل الوضع السابق والوضع الجديد للحزب وقد عبرت عن ذلك بيانات فرعية الحزب باليمن وبيان مركزية الدائرة 32 شمبات وبيانات مركزية الدائرة 31 بحري وبيان مركزية الطلاب الاتحاديين الديمقراطيين بالجامعات والمعاهد العليا وما شهدته ساحات الجامعات الداخلية من منابر نقاش ساخنة تناولت المرجعيات بالنقد اللاذع، والعديد من المقابلات التي غمرت الصحف وعبرت عن آراء الداخل والخارج كردود فعل طبيعية لما يحلم به الجميع لحزب الحركة الوطنية، حزب المبادئ والمؤسسية والديمقراطية الملتصق بالجماهير المعبر عنها والملبي لطموحاتها وآمالها وليس جزب الأسرة الواحدة حزب الإشارة ومصالح بعض الفئات الانتهازية ليعود حزبنا الحزب الفاعل والمؤثر في قضايا الوطن وليس المتفرج على إعادة صياغة السودان الجديد مختذلا تاريخه الطويل من الاستقلال إلى السلام في المرغني والمقارنة متروكة للجميع.





    (عدل بواسطة Hani Abuelgasim on 10-17-2004, 02:05 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-02-04, 10:43 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد saif massad ali10-02-04, 11:09 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد هشام مدنى10-03-04, 01:00 AM
    Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد محمد حسن العمدة10-03-04, 11:13 AM
      Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد هشام مدنى10-03-04, 12:22 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Abdalla mohamed10-03-04, 07:52 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد أحمد الشايقي10-04-04, 01:18 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Abdalla mohamed10-04-04, 04:19 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-04-04, 04:59 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-04-04, 05:17 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-06-04, 03:16 PM
    Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد ود محجوب10-06-04, 03:59 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-06-04, 03:38 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد kamalabas10-06-04, 04:23 PM
    Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد هشام مدنى10-06-04, 09:08 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Abdalla mohamed10-06-04, 11:51 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد ودقاسم10-07-04, 00:15 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد أحمد الشايقي10-07-04, 03:37 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد أحمد الشايقي10-07-04, 03:42 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-10-04, 04:17 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-10-04, 04:20 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-10-04, 04:32 PM
    Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد saif massad ali10-10-04, 10:24 PM
    Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد معتز تروتسكى10-11-04, 03:30 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد kamalabas10-11-04, 03:33 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد محمد ابو القاسم10-14-04, 11:43 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد محمد ابو القاسم10-14-04, 11:47 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-14-04, 04:24 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-15-04, 05:36 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-17-04, 02:12 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-17-04, 02:18 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-17-04, 02:24 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-18-04, 04:27 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-20-04, 02:57 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de