|
Re: و أُبــْرُهَـةُ المَـلِكُ الذى ليسَ يُـنْـكَـرُ (Re: Tanash)
|
تحت حكم " أبرهة" إزدهر اليمن, و أصبح تجار اليمن يتاجرون مع الهند و سيلان و سيام و الإغريق و دول أوروبية أُخرى. و لأنه متحمِّس بصورة قوية لنشر المسيحية, قام قام ببناء معبد مُهيب فى "صنعاء" بغرض جذب العدد الوافر من الحجيج الذين يعبرون بلاده فى طريقهم إلى معبد " مكة ". و قد وفَّر إمبراطور " روما" الرِّخام لمعبد " أبرهة". و لمزيدٍ من الإغراءات لإثناء الحجيج من الذهاب إلى " مكة", منح حجيج معبده إمتيازات خاصة. العرب, الذين إعتبروا ذلك إعتداء على معتقداتهم و تجارتهم, إحتجوا. وليظهر أحدهم من كنانة عدم إحترامه قام بإستيداع برازه فى مذبح معبد " أبرهة". إعتبر " أبرهة" هذا الفعل بمثابة إعلان حرب, فأقسم أن يزيل معبد " مكة" من الوجود.
و بجيشٍ يتكون من أربعين ألف رجل و فارس و أفيال مجهزين بالسلاح, تقدم نحو " مكة". و قبل أن يصلها ألمَّت به كارثة, فقد مات الألاف من رجاله جرّاء عاصفة رمليَّـة, و إنتشر بين جيشه مرض "الجدرى". و على كل حال, رغم ذلك, إستطاع أن يصل إلى " مكة" و هو يحتفظ بقوة كافية لبثَّ الروع فى قلوب المدافعين عن المدينة, و إقناعهم بأن يفتحوا له أبواب المدينة. و هو يرتقى فيله الأبيض العظيم المدعو " محمود المجيد", تتدلَّى منه أغطية سرجه المزخرفة بالذهب و الحرير, تقـدَّم " أبرهة" ليتـلقَّى خضوع و إذعان المدينة بنفسه. و لكن عندما كان الفيل يمر من تحت أقواس بوَّاباب المدينة, وقف فجأة دون حراك, و لم يكن هناك ما يمكن أن يغريه لأن يتزحزح من مكانه. قد يكون الفيل مريضاً, أو توتَّر من شىء ما. الكُـتَّاب العرب قالوا أنه برك فى مكانه و لم يتقدم.
فى تلك اللحظة, إرتفعت أصوات التهليل من جهة العرب, فقد رأوا فى ذلك آية إلهية تُـشير إلى أن مدينتهم المقدَّسة فى أمنٍ و أمان. فإندفعوا يهاجمون الأثيوبيين بجنون, مما جعل الأفيال تجفل و تفرّ مزعورة. و لم يمض وقت طويل حتى هُزم الأثيوبيين هزيمة كاملة. و عاد " أبرهة" إلى " صنعاء" حيث توفى متأثراً " بالجدرى".
إن حدث رفض فيل " أبرهة" الدخول إلى " مكة" شحذ خيال العرب بمستوى حملهم إلى تسمية فترة الحدث " بعام الفيل", و جعلوا من ميلاد " محمد" الحدث الوحيد الهام فى هذا العام, مُعتبرين أن الحدث كان إيذاناً بميلاده بما أن الحدثين وقعا فى نفس عام 569 ميلادية. و حسب المؤرخين العرب, فإن الله بنفسه هو الذى هاجم جيش " أبرهة". و قالوا أنه أرسل آلاف الطيور الصغيرة من البحر, كل منها كان يحمل حجر نقش عليه إسم أحد الجنود الأثيوبيين, لترجم به الأعداء, و أن " أبرهة" قد تفسَّخَ و تعفَّنَ حتى سقطت شفتاه. و قد كان كل ذلك, بالطبع, معالجة شاعرية لتلك العاصفة الرملية و لوباء " الجُدَرى". و الحدث كما رُوِيَ بواسطة " محمد" فى القرآن: ( ألم تَرَ كيفَ فعلَ ربُكَ بأصحابِ الفيل, ألم يجعل كيدهم فى تضليل, و أرسلَ عليهم طيراً أبابيل, ترميهم بحجارةٍ من سجيل, فجعلهم كعصفٍ مأكول ) المحمديين لاحقاً, إستخدموا هجوم " أبرهة" على مدينة " مكة" تبريراً إلهياً و مسوِّغاً ليس فقط للهجوم على الأثيوبيين فى اليمن, و إنما أيضاً فى حمَلاتهم على المسيحيين فى أثيوبيا و شمال أفريقيا. و بعد ثلاثة و ثلاثين سنة من رحيل " أبرهة" تم دحر الأثيوبيين عبر البحر الأحمر, و إنتهى بذلك عهد المسيحيين قصير الأمد فى الجزيرة العربية. ( Gibbon ) أكَّد على الأهمية العالمية لهزيمة " أبرهة" فى كتابه : " إضمحلال و سقوط الإمبراطورية الرومانية ", كما يلى : ( إذا تم الحفاظ و الإبقاء على السلطة المسيحية فى الجزيرة العربية, لتم القضاء على " محمد" فى المهد و لمنعت الحبشة ثورة إستطاعت تغيير الوضع المدنى و الدينى للعالم ).
إنتـهــــــــى
|
|
|
|
|
|