وهو،أي المعز،أحد الذين أخذهم المهجر ولسنوات طويلة طوعا وإختيارا أوكرها،أو حتى هم من أختارهم المهجر،فكانوا بعيدين إلى حدكبير عما يحدث في الشارع السوداني من متغيرات سياسية وإقتصادية وإجتماعيةوالتي تحدث باستمرار وشبه يومي،بالتالي صاروا بعيدين عن شكل المعاناة اليومية المعاشة،وهو أحد أفراد النخبة الثقاقية التي آثرت التنظير من بعد وإبداء الألم والمعاناة ولكن عن بعد أيضا،فمن يتعاطف مع الألم اليومي ليس كمن يعيشه،لتأتي تلك الكتابة تتحدث إما عن واقع يختلف عنا تماما وهموم تخص تلك النخبة في المهجر مع بعض"التذويق"وذلك بعكس تلك المعاناة و المشاكل لتبدو وكأنها تهم المواطن السوداني العادي الداخلي.أو تلجأ تلك النخبة إلى ذاكرة الماضي(ذاكرة الوطن القديمة)_الطفولة،علاقات متقطعة مع الأهل و الأصدقاء داخل الوطن،فيصبح الأمر وكأنه"إجترار"لماضي وإسقاطه على واقع معاش..إلأ أنه إجترار لايتفاعل مع الآني والمعاناة الحالية.إضف إلى ذلك عندما تكون تلك الذاكرة"هشة"ولا ترتكن على ثقافة(جامدة)فأنها تضيع بين الأمرين مما يجعلها كتابة تحمل ملامح فراغها و تسجنها داخل نسيج إجتماعي محدد غير معني به الآخر.و معز في كثير من كتاباته يتحدث عن قضايا طبقة هو ينتمي إليها(طبقة إجتماعية وثقافية أيضا)وتأويل هذه الكتابة في النهاية وإيقاعها"بحرفة" داخل دائرة الإنسان البسيط إجتماعيا وثقافيا ليبدو وكأن الأمر يخصه أيضا ولكن حتى وعي هذا الإنسان البسيط لا ينخدع بتلك كتابة وتلك قضايا،فتتعرى تلك الكتابة بشكل عفوي داخل ذهنية القارئ ولا ينجذب وراءها بوعي ،كامل أو برفضها والسخرية منها لأنها وببساطة قد سخرت منه بالفعل!(...إنها دعوة للجميع كي نقاطع شراء الأرض من كل سماسرة الجوع الساكن في جرح الفرقة القديم حتى تستشعر حكوماتنا أن حق السكن مكفول للجميع وأن من حق كل واحد منا أن ينام و يحلم خلف الحيطان الذهبية.أنا شخصيا لن أدفع فلسا واحدا لسمسار يبيع لي أرضا أو بيتا من عرق البؤساء لذلك سنحول كثيرا من موائد عكس اليح لمجابهة علمية ضد العبث في تجارة الارض...)و(..بأعلان في الصحف عن قطعة ارض بمكان إسمه المعمورة مساحتهاأربعمائة متر مربع وهي معروضة للبيع بسعر أربعمائة مليون جنيه!!وتساءلت ما هي هذه المعمورة؟أنبت شيطاني هي مثل بقية المسميات السكنية المستوردة من دول المهجر...)(معز عمر بخيت_"ومازال نزيف الأرض مستمرا"_عكس الريح_الأضواء_الثلاثاء8/يونيو/2004).جميل الكلام في أوله،إستجداء لذهنية القارئ الذي هو المواطن بمفردات الجوع الساكن،جرح الفرقة القديم،تستشعر حكوماتنا"لم يقل حكومتنا"،الحيطان الذهبية!!مقاطعة الشراء،مجابهة علمية ضد العبث في تجارة الأرض!!لم يقل هو كيف؟وبالطبع نحن لا نعرف علميا؟!وهذا الرقم المهول لبيع الأرض.هذا المقال سبقه آخر ولحقه آخر بتعليق أحدهم من إمريكا.هي مصالح طبقة بعينها بالرغم من إيهامنا بأننا جزء من هذا الصراع،هكذا تبذر بذور الشك؟!أم انها معالجة مشاكل الوطن الداخلية من الخارج،من المنامة أولندن أو جنيف وغيرها؟!!وهو التصدي لمشكلات طبقة محددة وإضفاء صفة العمومية عليها.وتتنوع مثل هذه قضايا في طرح كتابات معز عمر بخيت بعكس الريح و من يراسلونه ومعظمهم لهم نفس الإنتماء،وتصوير"الكاتب"من خلال المداخلات انه مفتاح الحل؟؟ وإيهامنا نحن البسطاء أن ما يحدث (للنجم)من أحداث وتجارب قد تحدث لنا أيضا أو أنها بشكل أو آخر هي محط إهتمامنا أو هي قضايانا."وذلك مثل ما حدث له داخل مكاتب الأجانب،أوما حدث له في التسعينات من زميل له مع منظمة عالمية،وغيرها الكثير" فشكل القضايا المتناولة وطريقة طرحها هي أمور "شخصية"يمكن أن تحكى (لناس البيت)و لكن أن تفرد لها مقالات واسعة في صفحة كاملة أسبوعيا بصحيفة عامة..فهذا أمر "جد صعب"تقبله،ما لم تكن هذه القضايا تخص الآخر أيضا. حتى كتابة"السيرة الذاتية"تكتب (بوعي)يتفهم الآخر وتستوعبه داخل تلك الكتابة باعتباره شريك أساسي في عملية إنتاج الكاتب وتكوين وعيه ونظرته حول ما يحدث حوله في هذا العالم،وإلأ فانها تسقط في الخاص وربما الخاص"جدا"فتحمل منذ البداية جينات موتها،إذن فأن كتابة السيرة الذاتية هي لا تحمل معناها الحرفي بقدر ما تحمل(سيرة جماعية) يكون الكاتب جزء منها يؤثر فيها ويتأثر بها،ولكن لا يكون فقط هو(الأول)الصانع لهاو المدمر لها في آن،فهي كتابة لنا جميعا،و جميعنا نكتبها. وشكل تلك كتابة تقود بشكل سري وربما (عفوي)لمرض النجومية،مما يؤدي بها إلى الهاوية و الوقوع في حبائل الفشل في الوصول إلى الآخر.وهي أحد مشاكل النخبة المستعصية.(وأثار عبد المنعم زهران من جهته:مرض النجومية،لدى النخبة العربية التي أصبحت غير مرتبطة بتحقيق أي دور في تأطير الجماهير وقيادتها،بقدر إرتباطها بتحقيق شهرتها،بحثا عن مواقع إجتماعية أومهنية ذاتية،أو الصعود إلى مسؤليات تشريفاتية مرموقة)_(و يشدد جمال الغيطاني بدوره على هذا العيب قائلا:إن معظم فصائل النخبة منفصلة في تفكيرها ووعيها عن الجماهير العريضة, فالنخبة تتحرك في واد والشعب يتحرك في واد آخر).(أزمة النخبة العربية المثقفة(2/2)_مطالعات في خارطة آيلة للهزيمة_البشير سالم_صحيفة الحرية_الأربعاء10/أبريل/2002). وأواصل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة