في حضرة من أهوى

Re: في حضرة من أهوى (Re: نادر)
في جريدة الصحافة بتاريخ 28 أغسطس 2001م كتب الشاعر الأستاذ/ يحيى فضل الله في (تداعيات):- الشاعر حافظ محمد خير يعري فضيحة الورد "أنا أدري من أمر الوردة ما يُدهش هذا العطر هو التأويل الشعري لانسان الريح ولاهوت العاصفة الأم وإشارة دم حمرتها تلك المنسوبة للألوان تمادت في خرق نظام اللون أنا أدري من أمر الوردة ما تهتز له الشجرة بتكهرب كل فراش الكون: الوردة لم تنحاز إلى النهر البتة حين تراءت في سطح الماء أطلت كل تبصق لا لتقبل وجه الماء وحين أعدت مائدة السم لسراب فراشات الجيش البري دست تحت الحرف مسدسها قنبلة دست في قلب التربة عمداً خنجرها لتداهم كل مليشيا النمل العام والحزب السري" هاهو الشاعر حافظ محمد خير يعري فضيحة الورد ، هذه القصيدة "فضيحة الورد" منشورة في العدد الخامس والسادس - مزدوج- من مجلة (الطريق) وهي مجلة غير دورية تصدرها رابطة الديمقراطيين السودانيين بألمانيا وهذا العدد صدر في سبتمبر 1997م. حافظ محمد خير من ذلك النوع من الكائنات الذين يحلو لي أن أصفهم بالكائنات الدرامية ، فهو ممثل نادر القدرات ، خبرت هذه القدرات وهو طفل صغير يتلمس خطواته الدرامية بقصر الشباب والأطفال ، لا زلت أذكر مراقبتي له خفيةً من خلف زجاج قسم الدراما بالطابق الأرضي وهو يؤدي تمارينه الخاصة ، كان يتلوى بطريقة ساحرة تعلن عن مرونة في الجسد كان يحرص على تنميتها ، حركة يديه وهي تختبر قدراتها على التعبير ، أطراف تحاول الخروج والاندماج في الحركة الكلية للجسد . كان يمارس هذه التمارين منفرداً ، مختبئاً بقدر الإمكان من العيون وكأنه يمارس طقساً سرياً ، نبهني إلى طقس حافظ محمد خير هذا الأخ الصديق محمد عبد الرحيم الذي كان يدير قسم الدراما بقصر الشباب والأطفال قادني من مكتبه في الطابق الأرضي المواجه للبوفيه في صمت ومن أمام النوافذ الزجاجية للصالة أشار لي وبتكتم شديد إلى حيث كان يمارس ذلك الطفل الصغير بحثه الخاص عن مفردات جسده وعلاقتها بالتعبير "الورد هو المسئول الأول عن عاصفة الأمس لم يتكلم عصفور واحد عن مقتل مبعوث الريح إلى الشمس خوفاً – طبعاً- للوردة أنياب وأنا مندهش جداً إذ كيف يضل الناظر عن خستها وهي تميل يميناً ثم يساراً وهي تميل يساراً ثم يميناً كالقناصة في الظلمة كالأسماك الآكلة بجوف البحر أقول إن الشاعر حافظ محمد خير كائن درامي ، فهو ممثل قدير ، كاتب قصص ، شاعر ، متأمل ، صاحب ذائقة مُركبة ، ، إختاره المخرج المميز والشاعر قاسم أبو زيد وهو طفل كي يشارك في مسرحة "ضو البيت" للطيب صالح من إعداد الشاعر محمد محي الدين والعرض لجماعة السديم المسرحية بالتعاون مع عدد كبير من الممثلين بمسرح قاعة الصداقة في العام 1985م .. وكان متميزاً من بين تلك المجموعة التي كانت تتحمل عبء التعبير الجسدي المصاحب لأغنيات المسرحية التي وضع ألحانها وجمّلها بصوته مصطفى سيد أحمد. العروض المتنقلة لنادي الدراما بقصر الشباب والأطفال كانت تتباهى بمقدرات حافظ محمد خير في فن التمثيل ، شخصية "معيطيب" في المسرحية الكوميدية "جدادة آمنة" التي كتبها الفنان المسرحي المتفرد سيد عبد الله ، وقمت بإخراجها لنادي الدراما بالقصر ، هذه الشخصية التي لعبها حافظ محمد خير لازلت تتوهج في ذاكرتي كمخرج وحين حاولت إعادة عروضها وكان حافظ محمد خير قد غادر السودان ، كنت أحس بفجوة عميقة وأحس بأني المخرج قد فقدتُ عنصراً هاماً جداً في هذا العرض ، وهو حيوية ذلك الولد الشقي والقلق حافظ محمد خير "عفواً من منا لم يعشق كالطلاب ولم يرسل في المظروف فؤاده كم منا أخفق حين تخيل أن الورد الخائن يمكن أن يتسمى رمزاً للخلاص فأرسله في الحال إلى الفتيات - أو السادة- عفواً إذ أن الغفلة أدخلت البعض إلى الشبهات فالوردة تندي عرقاً ودماً وتعيد في الصبح خيوط الشمس كي يبني بيتاً للعنكب والحشرات" "ده جبتو من وين يا يحيى" هكذا أعلنت الأستاذة الصديقة الممثلة والمغنية حياة طلسم عن دهشتها بهذا السؤال حين اقتسم حافظ محمد خير معها خشبة مسرح قاعة الصداقة في البروفات النهائية لمسرحية "حكاية تحت الشمس السخنة" للأستاذ الكاتب الدرامي صلاح حسن أحمد ومن إخراجي ، كان ذلك في العام 1988م حين حاول اتحاد طلاب المعهد العالي للموسيقى والمسرح إنتاجها وكان حافظ محمد خير يلعب دور "سعيد" وكانت حياة طلسم تلعب دور"ميمونة" ، وحياة طلسم لا تتوانى أن تعلن عن متعتها وهي تقف بخبرة "مسرحية" كثيفة أمام هذا الولد الشقي الذي عادةً يستعمل يده اليسرى ولكنه على استعداد أن يتخلى عن هذه العادة حين يحكم عليه الدور المسرحي بذلك. حافظ محمد خير تربطه صداقة مشتركة بينه وبين الشاعر الصادق الرضي ، تآمرا سوياً على المدرسة ، انتماءً إلى فوضوية الشعر ، أو قُل إن مناهج الثانية العُليا كانت تضيق أمام إتساع الرؤى التي كانا يتشربانها من خلال القراءة والتجول في عوالم المعرفة التي هي خارج القيود ، لا زلت أذكر حسرة الصديق محمد عبد الرحيم قرني على انفلات حافظ محمد خير من المدرسة ، كان "قرنيش" يحس بمسئوليته تجاه هذا الانفلات إذ كان حافظ محمد خير من الطلبة المميزين في جميع المراحل الدراسية وحتى الثانوية العُليا ، كان دائماً في مقام "الأول" في الامتحانات ، كان قرني يعتقد أن دراسة حافظ للمسرح قد أثرت على إنتمائه للمدرسة وكثفت احساسه بلا جدوى المدرسة وكأنه ينتمي إلى الشاعر الفرنسي "رامبو" الذي قال : " من العبث أن نغني على مقاعد الدرس" . كان ما بين حافظ محمد خير والصادق الرضي ذلك الهاجس – هاجس الشعر "الورد تجشأ باروداً فتزكم أنف النحل برائحة الحرب القادمة الكبرى الورد اتهم الحقل وبستانياً عينه الله لأجل الوردة في شأن رعايتها" قبل أن يغادر حافظ محمد خير السودان إلى لندن كان قد هجر المسرح وتعلم فن التصوير بالفيديو في شركة "هارموني" التي يملكها الأخ/ معتصم الجعيلي ومعه الصديق المخرج مجدي النور وهو الآن من مخرجي الدراما في التلفزيون ، ألم أقل لكم أن هذا الولد الشقي من الكائنات الدرامية المتميزة؟ .. وفي رسالة كتبها لي حافظ محمد خير من لندن علمتُ أنه يدرس الإخراج السينمائي في معهد "جوه" ، يعلن لي في الرسالة أن علاقته بالكتابة أصبحت مضطربة. "لابد لي أن أعترف لك أن علاقتي بكتابة الشعر أصيبت هي أيضاً بآفات الفقد والغربة ، لم أكتب لزمن طويل وربما لهذا السبب بالتحديد أحس بقلق خفي حين عرفتُ أن قصيدة ما لي قد نُشرت باسمي في صحيفة ما – لابد أنها كُتبت في زمن ومكان غير هذا الزمان وهذا المكان". احتفي بقصيدة حافظ محمد خير "فضيحة الوردة" وبالصديق حافظ محمد خير خاصةً أنه نال شهادة التخرج وأصبح مخرجاً سينمائياً وهذا الأمر يطمئن الصديق "قرني" وأحلم بل أشتهي أن تجمعنا خشبة مسرح .. ترى هل بالإمكان ذلك؟ فهذا الولد الشقي – القلق الروح – المتوثب الذكاء المتقد البصيرة قد غادرنا ونحن في السودان ولم نرتوي منه بعد ، وكان كلما حرضني نص مسرحي على إخراجه أتركه حين يقفز حافظ محمد خير كممثل محتمل فيه ، وها أنذا قد غادرت السودان بعده كي تصبح احتمالات العودة إليه في مهب هذا الإرتباك السياسي ، فنحن كائنات لا تحتمل مطلقاً الركاكة. "هذا ما كان من الوردة حول فضيحتها ما كان لمثلي أن يعرف شيئاً لو لا أن الشاعر أحياناً يرتكب حماقات الوردة" حافظ محمد خير هل أنت بخير؟ (عدل بواسطة نادر on 07-25-2004, 01:16 AM)

العنوان	الكاتب	Date
في حضرة من أهوى	نادر	07-22-04, 01:24 PM
Re: في حضرة من أهوى	سجيمان	07-22-04, 07:37 PM
Re: في حضرة من أهوى	الجندرية	07-22-04, 10:22 PM
Re: في حضرة من أهوى	degna	07-22-04, 11:00 PM
Re: في حضرة من أهوى	نادر	07-23-04, 06:46 AM
Re: في حضرة من أهوى	صديق الموج	07-23-04, 07:11 AM
Re: في حضرة من أهوى	نادر	07-23-04, 09:02 PM
Re: في حضرة من أهوى	نادر	07-23-04, 09:29 PM
Re: في حضرة من أهوى	نادر	07-25-04, 01:15 AM
Re: في حضرة من أهوى	Elmosley	07-25-04, 08:51 AM
Re: في حضرة من أهوى	الجندرية	07-25-04, 09:08 PM
Re: في حضرة من أهوى	نادر	07-26-04, 06:07 AM
Re: في حضرة من أهوى	الجندرية	07-31-04, 10:14 AM
Re: في حضرة من أهوى	نادر	08-01-04, 08:29 PM
Re: في حضرة من أهوى	نادر	08-01-04, 08:27 PM
Re: في حضرة من أهوى	الجندرية	08-02-04, 09:23 PM
Re: في حضرة من أهوى	نادر	08-02-04, 09:42 PM
Re: في حضرة من أهوى	الجندرية	08-02-04, 11:05 PM
Re: في حضرة من أهوى	نادر	08-02-04, 11:13 PM
Re: في حضرة من أهوى	نادر	08-02-04, 11:20 PM
Re: في حضرة من أهوى	الجندرية	08-02-04, 11:27 PM
Re: في حضرة من أهوى	abuguta	08-03-04, 03:10 AM
Re: في حضرة من أهوى	نادر	08-04-04, 09:00 PM
Re: في حضرة من أهوى	3mk-Tango	08-06-04, 05:58 AM
Re: في حضرة من أهوى	لؤى	08-06-04, 06:08 AM
Re: في حضرة من أهوى	نادر	08-06-04, 09:23 PM
Re: في حضرة من أهوى	نادر	08-08-04, 10:27 PM

[رد على الموضوع]

صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]