|
قصص بحبر سرّي (2)
|
بقلم رصاص، من السهل أن يُمحى!
نظر عبر باب قلبه... دفع الباب قليلاً.. أطلق الباب صفير مفاصل صدئه، لم تُتفح من قبل.. ولم تعهد الحركة.. دخل متوجساً.. مر عبر الكثير من الغمائم السوداء... سحب ملبده.. داكنه.. لا يكاد ينفذ منها الضوء..كأنها تبتلعه.. أو أنها قطعة اسفنج نهمة.. تمتص كل ما يقترب منها... حقد وحسد وغيره.. كبرياء وترفّع.. أنفه .. عين لا يملؤها إلا التراب.. سخط.. بخل.. أنانية.. وجشع... بدأ بتحرك إلى الداخل قليلاً.. رحلة لم يسبق له أن خاضها.. يمر عبر السحب الملبده.. يزيح بعضها بيده .. لكنها على ما يبدو لا تنتهي أبداً.. لكنه مُصر أن يرى ما وراءها.. يستمر في سيره المتعجب.. واستغراقه في اكتشاف هذا المكان منه.. بدأ ضوء صغير يتسرب مع تغلغله إلى الداخل قليلاً.. رأى أحزاناً قديمة.. دموع ومآسي..أيام صعبة.. مرض، جوع فقر.. فقدان أحبه.. بُعد عن الأهل والأصحاب.. أرق.. دمعت عيناه... رق لحال نفسه.. الضوء لا يزال ينبعث بين السحب.. لونها الأسود أضحى رمادي.. مسح بيده دمعة فارق عينه.. وبيده الأخرى شق كريقه عبر الغيوم.. بدأ الضوء في الازدياد.. الغيم الأسود يتلاشى مع قوة هذا الضوء.. بعض الأحزان كانت لاتزال حوله.. الضوء يزداد.. الحزن يتناقص.. استغرب ازدياد الضوء.. عقله دلّه على ألا دخان بغير نار.. فضوله دفعه إلى التفكير في مصدر الضوء.. واصل مسيره.. مال الرمادي إلى اللون الأبيض أكثر.. رقّت السحب.. رسمت سماءاً دون لونها الأزرق الجميل.. سماء بيضاء.. وسحب بيضاء.. رأى هناك في مركز القلب.. نور يشع.. مصباح مضيء.. شعر بالخير المطلق... والحب المطلق.. والأمل المطلق.. والسعادة في إطلاقها... وأيقن حينها أنه لن يعود إلى تلك الغيوم...
صرخت زوجته وهي ترى أنفاسه قد توقفت!
بنت الحسين
|
|
|
|
|
|
|
|
|