شعراء أم كلثوم ...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-16-2024, 09:04 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-05-2004, 08:16 PM

Omar
<aOmar
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: شعراء أم كلثوم ... (Re: Omar)

    شعراء أم كلثوم ... ( 2 )
    كوكب الشرق تتألق في رباعيات الخيام





    * "مثل الغزال" تائهة بين الشاب الظريف والحلي

    * قصيدة "ابن النطاح" نقلة في بداية المشوار الغنائي و"يا بعيد الدار" تنسب بالخطأ إلى الأحنف








    حنفي المحلاوي



    لعبت سيدة الغناء العربي أم كلثوم دوراً ريادياً وغير مسبوق في خدمة الأدب العربي، خاصة في مجال الشعر، إذ تبين لنا وللآخرين ومن بعد طول صحبة لهذه الفنانة المعجزة، أنها قد أخذت خلال رحلتها الفنية الطويلة التي امتدت لأكثر من نصف قرن بيد أكثر من أربعين شاعراً مصرياً وعربياً ومن الدول الإسلامية، نحو الشهرة والمجد.

    ونقول ذلك على الرغم من وجود العشرات من هؤلاء الشعراء من المشاهير في حياتنا الأدبية، من الذين كتبوا قصائد وأشعار لأم كلثوم لأجل أن تشدو بها وبصوتها الجميل، أو من الذين اختارت لهم أم كلثوم كلمات وقصائد بعينها لنفس الغرض، هؤلاء الشعراء ازدادت شهرتهم حين تغنت بكلماتهم سيدة الغناء العربي. ذلك من منطلق أن الشعر إذا ما خرج من الأوراق إلى الحناجر والأفواه يدوم أكثر، ويستمر في الوجدان والأفئدة، حتى لو كان مكتوباً بماء الذهب ومصحوباً بالرسوم الملونة، فما بالنا لو انطلق هذا الشعر المكتوب من حنجرة وفم معجزة الغناء خلال القرن العشرين، ومصحوباً بأرق وأروع الألحان التي وضعها كبار الملحنين، خلال فترات متباعدة من رحلة أم كلثوم الفنية.

    والحديث عن الشعر وعن الشعراء له مذاق وطعم خاص، باعتباره كان ولايزال المصدر الرئيسي للمتعة الفكرية والذهنية والروحية والعاطفية، ليس في أدبنا العربي فقط بل وفي كل آداب لعالم، والحديث عن الشعر بنوعيه الفصيح والعامي، يزداد مذاقه حلاوة حين نربطه بصوت أم كلثوم وبرحلتها الفنية الطويلة التي اقتربت من نصف قرن من الزمان والتي يرجع إليها الفضل في ترديد الناس لأشعار كبار الشعراء سواء من القدامى أو من المحدثين، مما ساهم في إنعاش حركة الشعر العربي، وجعل العامة حتى في الشوارع والطرقات وعلى المقاهي يحبونه ويحبون سماعه وترديده، بل وجعل فريق آخر من هؤلاء يقبل على اقتناء دواوين هؤلاء الشعراء وقراءة أشعارهم سواء العاطفية أو الوطنية، والشاعر الكبير إبراهيم ناجي وأمير الشعراء شوقي وعلي الجارم ليسوا ببعيدين عن هذا المثال.

    بل وأكثر من ذلك فقد ساهمت أم كلثوم في إنعاش ذاكرة الناس فيما يتعلق بهؤلاء الشعراء وسير حياتهم.. حتى من الشعراء القدامى من الذين تزخر بهم وبكلماتهم كتب التراث، ودواوين الشعر القديمة.

    عمر الخيام: “سمعت صوتاً هاتفاً”
    تمثل رباعيات الخيام، خاصة بعد ترجمتها إلى اللغة العربية، نقطة تحول هامة وكبيرة في حياة أم كلثوم، فقد أقبلت على الشدو بهذه الأبيات بعدما رسخت أقدامها في ميدان غناء القصائد، وبعد أن ازدادت خبرتها في المجال نفسه وتعتبر قصيدة “الرباعيات” من أول قصائد الشعر العربي الفصيح الذي تغنت به أم كلثوم خارج نطاق عملها السينمائي.
    أضف إلى ذلك أن قصيدة “سمعت صوتاً هاتفاً” التي انتقت منها الأبيات التي شدت بها جاءت بعد تجربة كبيرة وغير مسبوقة في مجال القصائد العربية، ذلك المشوار الطويل الذي بدأت أولى خطواته عام 1926.
    ليس هذا فقط. بل تعتبر القصيدة فتحاً جديداً في عالم تلحين القصائد، بدخول ملحن كبير مثل رياض السنباطي هذا الميدان، بعد كل من الشيخ أبو العلا محمد والدكتور النجريدي وزكريا أحمد والقصبجي.
    والغريب أن هذه القصيدة التي أبدعت فيها أم كلثوم كانت من ترجمة وأشعار شاعر الشباب أحمد رامي، الذي بدأ حياته شاعراً في مجال الفصحى ثم تحول بعد ذلك إلى شعر العامية وأبدع فيه بناء على إقناع أم كلثوم له بذلك.
    هذا الإبداع ظهر جلياً في الكثير من الأغنيات التي شدت بها أم كلثوم، ولسوف يكون لنا مع هذا الشاعر الكبير لقاء طويل عند الحديث عن علاقة أم كلثوم بشعراء العامية المحتفين في حلقات مقبلة.
    ويرى المؤرخون والنقاد أن أم كلثوم أنهت مرحلة هامة من مراحل حياتها الفنية عام 1949 حين شدت بأشعار عمر الخيام، واستعدت من بعدها لدخول الميدان نفسه ولكن مع شعراء من العصر الحديث سواء من مصر أو من الدول العربية والإسلامية.
    ولقصيدة “سمعت صوتاً هاتفاً في السحر” قصة رواها كل من ملحنها رياض السنباطي ومترجمها أحمد رامي وهي لا تبعد كثيراً عن مضمون هذه الأبيات التي تغنت بها أم كلثوم.. بل تصب في إطارها صباً مباشراً. وذكرت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد جانباً من هذه القصة عند حديثها عن ذكريات أم كلثوم مع ملحن قصائدها.
    ومما ذكرته في هذا السياق قولها:
    “.. وفي الزمالك وضع السنباطي اللحن الذي يردده بينه وبين نفسه ويستعيده كلما اشتاق إلى عوده.. عن رباعيات الخيام.. وقف السنباطي في إحدى قراءاته للرباعيات عند البيت:
    أطفئ لظى القلب بكأس الشراب
    فإنما الأيام مثل السحاب
    وكان هذا البيت أول بيت لحنه السنباطي من الرباعيات، ثم أخذ يلحن رباعيات كثيرة مختلفة من الديوان وظل على هذا الحال عدة شهور، ثم ذهب إلى أم كلثوم وأسمعها اللحن..”.
    وكذلك كانت لهذه الرباعيات قصة مع مؤلفها ومترجمها الشاعر أحمد رامي.. وقد ارتبطت برحيل أحد اخوته الذي كان يدرس في فرنسا.
    وعن ذلك قال أحمد رامي: “لقد بدأت ترجمة هذه الرباعيات بعد وصول نعي أخي الشقيق الذي مات ودفن في دار غربة، وأنا نازح هذه الدار، فاستمددت من حزني عليه قوة على تصور آلام الخيام، وظهر لعيني بطلان الحياة التي احتقرها في رباعياته، فحسبتني وأنا أترجمها أنظم رباعيات جديدة أودعها حزني على أخي الراحل في عنفوان الشباب وأصبر نفسي بقرضها على فقده.
    والقصيدة التي غنتها أم كلثوم من شعر عمر الخيام، يقول مطلعها:
    سمعت صوتاً هاتفاً في السحر
    نادى من الغيب غفاة البشر
    هبوا املأوا كأس المنى قبل أن
    تملأ كأس العمر كف القدر
    وقد تغنت كوكب الشرق بثلاثين بيتا من أصل ثلاثمائة واثنين وأربعين بيتاً هي كل عدد أبيات الرباعيات التي ترجمها أحمد رامي وقد اختارت أبياتاً بعينها من القصيدة.. دون مراعاة للترتيب العام الذي ارتضاه عمر الخيام أو المترجم أحمد رامي!!.
    كما حرصت على اختيار الأبيات الأول والثاني وفق ترتيب الديوان إلا أنها أخلت بعد ذلك بهذا الترتيب.. إلا في البيتين الأخيرين حيث جاء أيضا وفق الترتيب العام للديوان - باعتبارها أخر ما كتبه المؤلف ونشره المترجم في الديوان.
    ورغم التزام أم كلثوم بترتيب البيت الأول والثاني.. فقد غيرت في بعض كلماتهما.. فاختارت كلمة “القبو” في الشطر الثاني من البيت الأول بدلاً من كلمة “الغيب”. كما اختارت كلمة “كأس المنى” في البيت الثاني بدلاً من “كأس الطلا”.. وكلمة “ تملاً” بدلاً من “تفحم”. وبدلت ام كلثوم أحد الابيات وكانت تقول كلماته
    يارب هل يرضيك ان أرى
    ظمآن والماء امامي زلال
    هذا بخلاف العديد من التعديلات الاخرى التي ادخلت على الكلمات في مختلف الابيات أما البيتان الواحد والعشرون والثاني والعشرون فقد احتلا رقمي مائتين وتسعة وأربعين ومائتين وخمسين، بلا تعديل، والبيتان الثالث والعشرون والرابع والعشرون فيحتلان رقمي ثلاثمائة وتسعة وعشرين وثلاثمائة وثلاثين، مع تعديل طفيف في كلمة “أطمع” التي اختارتها أم كلثوم بدلاً من كلمة “فئت”، والبيتان الخامس والعشرون والسادس والعشرون يحتلان كذلك رقمي مائتين وسبعة وثمانين ومائتين وثمانية وثمانين من دون تعديل، والبيتان السابع والعشرون والثامن والعشرون يحتلان رقمي مائتين وسبعة وثلاثين ومائتين وثمانية وثلاثين.
    وعمر الخيام صاحب هذه الرباعيات هو وفق الإجماع غياث الدين عمر ابن إبراهيم الخيام نسبة إلى مهنة والده. وهو فارسي الأصل “ايراني” ولد في مقاطعة خرسان عام 1040م وتعلم في بلدته خرسان ثم رحل بعد ذلك إلى مكة وبغداد.. وبعد فترة عاد مرة أخرى ليستقر في خرسان.
    وقدم الشاعر أحمد رامي الشيء الكثير عن سيرة عمر الخيام في مقدمة ترجمته لديوانه، وما أشار إليه ويستحق التوقف عنده قوله إن هناك كثيراً من الشك قد اكتنف حياة الخيام في جميع أدوار حياته.. وذلك من يوم مولده وحتى يوم وفاته.
    وأضاف رامي “إنه لولا أن قبره موجود الآن في نيسابور والمعروف بمقبرة” الحيرة “لأبى الموت كذلك أن يدلنا على مرقده الأخير”!.
    ويؤكد أحمد رامي أن عمر الخيام مات ما بين سنة 1112م، وسنة 1135م، كما أكد على لسان بعض المؤرخين من أهل عصره أنه كان إمام أهل خرسان وأعلم أهل بلدته وزمانه، وأكثرهم اضطلاعاً بعلوم الفلك والفلسفة. إلى جانب ذلك كتب الشعر والأدب..
    وكان من أشهر ما كتبه في هذا المجال “رباعياته” التي احتار المؤرخون في تحديد تاريخ كتابتها. حيث إن أقدم نسخة تم العثور عليها لم تثبت إلا عام 865 ه 1460م كما حاروا كذلك في تحديد هذه الرباعيات، حيث إن أقدم نسخة تحوي 158 رباعية ويتراوح عددها في النسخ الأخرى ما بين 76 و845 رباعية.
    ومن المحتمل أن تكون هناك نسخة لهذه الرباعيات مكتوبة أثناء حياته ولكن تعرض نيسابور بعد وفاته للغزو والإحراق على يد المغول والتتار قطع الأمل في وجود هذه النسخة الصادقة.
    والرباعيات التي أبدعها الخيام هي عبارة عن مقطوعات من أربعة أشعار يكون الشطر الثالث فيها مطلقا. وقد نقلت إلى اللغة العربية بعد ترجمتها أكثر من مرة.
    العباس بن الأحنف: وأبيات نسبت إليه ظلماً
    رغم أن عدد الأبيات التي شدت بها سيدة القصيدة العربية وسيدة الغناء أم كلثوم للشاعر العباسي العباس بن الأحنف لم تتعد أصابع اليد الواحدة، إلا أنها أخذت منا جهداً ووقتاً طويلاً والسبب يرجع في الأساس إلى الخطأ الذي جاء في كتاب “جامع أغاني أم كلثوم”، وهو الخطأ الذي ارتبط بأحداث فيلم “سلامة”. الذي غنت فيه أم كلثوم هذه القصيدة.
    ففي عام 1944. وفي الفيلم المذكور الذي وضع قصته الأديب علي أحمد باكثير غنت أم كلثوم عدة قصائد ملحنة كان بينها بيتان بعنوان “يا بعيد الدار” نسبتا إلى العباس بن الأحنف وتقول كلماتهما:
    يا بعيد الدار موصولاً بقلبي ولساني
    ربما أبعدك الدهر وأذتك الليالي
    كلما زاد بي الشوق وفاضت بي شجوني
    لذت بالسلوان والبعد وما يفعلان
    وبعد البحث والتنقيب في أشعار العباس بن الأحنف، ومن داخل أوراق ديوانه.. لم نعثر على هذين البيتين، وكانت تلك هي المفاجأة، إذ عثرنا على أبيات مشابهة لها في بعض الألفاظ والكلمات وذلك ضمن أربعة أبيات اختتم بها الشاعر ديوانه المطبوع وقد قالها قبيل موته.
    والبيتان اللذان ذكرهما العباس بن الأحنف تقول كلماتهما:
    يا غريب الدار عن وطنه
    مغرراً يبكي على شجنه
    كلما جد البكاء به
    دبت الأسقام في بدنه
    ولكي نقطع الشك باليقين في شأن هذين البيتين، أخذنا في السؤال عنهما لدى بعض المصادر الحيوية من أساتذة الجامعات وبعض الشعراء. الذين أجمعوا على أن ما شدت به أم كلثوم وما نسب إلى العباس بن الأحنف مشكوك فيه. لسببين أولهما: أن بالبيتين مشاكل كثيرة متعلقة بأصول العروض. وثانيها: أن مثل هذه الموضوعات لم يتطرق إليها بن الأحنف رغم ما اشتهر به من موضوعات قالها في الغزل.
    من أجل ذلك ثبت لدينا باليقين أن ما لحنه زكريا أحمد ونسب إلى العباس بن الأحنف غير صحيح، أو ربما غير اللحن في الكلمات وفق ما رآه صالحاً للألحان المصاحبة لأحداث الفيلم!، وقد وقع غيرنا من المؤرخين والمهتمين بالفن في الخطأ نفسه، إذ ذكرت الدكتورة رتيبة الحفني في كتابها الهام عن “أم كلثوم” وفي صفحة 213 من هذا الكتاب. أن قصيدة “يا بعيد الدار” من تأليف عباس بن الأحنف.
    وشاعرنا المقصود هنا.. وفق الإجماع هو أبو الفضل العباس بن الأحنف بن الأسود بن طلحة بن حردان بن كلدة بن عبد الله بن حنيفة بن نجيم الحنفي اليمامي.
    وهناك من يرى أن نسبه لليمامة ربما جاء لمولده بها.. أما صالح بن عبد الوهاب فيقول إنه عربي من خرسان ومنشأه بغداد ويعتبر من الشعراء العرب الذين قصروا شعرهم على الغزل، إذ لم يتجاوزه إلى غيره من فنون الشعر إلا في حالات نادرة.
    وقد استدل المؤرخون من دراسة أشعاره بأنه كان على اتصال بالمهدي والرشيد وهما من الخلفاء العباسيين، وكان اتصاله بهما اتصال ألفة وليس اتصال تكسب.
    وفي إطار اهتمام بن الأحنف بشعر الغزل.. ذكر العديد من النساء اللواتي حفل بهن في أشعاره، وكان من أبرزهن فوز، ومظلوم، ونرجس، ونسرين، وسحر، وضياء، إلا أن معظم ما قاله في الغزل قد اختص به فوز بالذات، وقد احتل هذا الغزل قرابة ثلاثة أرباع ديوانه.
    ومن النقاد والمؤرخين من يرى أن فوز هذه ما هي إلا امرأة باسم مستعار، وقد لجأ إلى تلك الحيلة خشية أن يعرض نفسه للعقاب.
    وإلى جانب ما اتصف به شعر الأحنف، كان كذلك يتسم بالنزعة الدينية، حيث حفل بالعديد من المظاهر الإسلامية من أبرزها التدين والتقوى عنده أو عند محبوبته فوز، وحرصهما على أداء العبادات.
    بكر بن النطاح الحنفي: شاعر الصعاليك
    يرى الكثير من النقاد والمؤرخين أن قصيدة “أكذب نفسي”. التي شدت بها أم كلثوم للشاعر العباسي الصعلوك بكر النطاح الحنفي عام 1931.. تمثل خاتمة المرحلة الأولى من المراحل الفنية لأم كلثوم في ميدان غناء القصائد. ومن بعدها انطلقت كوكب الشرق إلى آفاق مرحلة جديدة شهدت تألقها غير المسبوق في الميدان نفسه، ولكن مع كلمات شعراء من العصر الحديث سواء في مصر أو في غيرها من البلاد العربية الإسلامية - وألحان أكثر عصرية سواء للشيخ زكريا أحمد أو رياض السنباطي. بعد ما شهدت المرحلة الأولى تألق رعيل آخر من المؤلفين ومن الملحنين الكبار من أمثال الشيخ أبو العلا محمد، والدكتور أحمد صبري البخريدي، اللذين يعود إليهما الفضل الأكبر في تدريب صوت أم كلثوم على غناء القصائد باللغة العربية الفصحى.
    وقصيدة “اكذب نفسي” للشاعر العباسي الصعلوك بكر بن النطاح سجلتها أم كلثوم على اسطوانة تابعه لشركة أوديون عام 1931. بعد ما ذاع حيث القصيدة - عندما غنتها أم كلثوم في حفلاتها العامة سواء على مسرح الأزبكية أو داخل البيوت والمجتمعات الراقية ويقول مطلعها:
    أكذب نفسي عنك في كل ما أرى
    وأسمع أذني منك ما ليس تسمع
    وما لاحظناه من خلال الاطلاع على المصادر الأدبية والتاريخية أن ابن النطاح لم يجمع الاشعار التي تغنت بها ام كلثوم في ديوان، بل جاءت كلها في ثنايا حكاياته التاريخية باعتباره كان من أشهر الشعراء الصعاليك الذين ملأوا الدنيا صخباً، كما ملأوا كذلك كتب الأولين من المؤرخين والنقاد.
    وقد كتب ابن النطاح الكلمات التي شدت بها أم كلثوم في محبوبته “رامشتة” التي وقع في غرامها.
    وصاحب هذه القصيدة، هو بكر ابن النطاح الحنفي.. الذي عُرف بأبي وائل، ومن شعراء العصر السياسي الأول وحضر زمن المعتصم بالله، في أوائل القرن الثالث الهجري.. وكان كذلك مشهوراً بأنه زعيم شعراء الصعاليك في هذا العصر. كما عرف بأنه كان يمثل الصعاليك التوابين، إذ كان في صدر حياته صعلوكاً يصيب الطريق ثم عدل عن ذلك. ورغم ذلك فقد كان بطلاً وفارساً وشجاعاً.. وشهرته في الشعر فاقت شهرته في مجال الصعلكة.
    صفي الدين الحلي: الشاب الظريف
    رحلة بحث طويلة شاركني فيها شاعر كبير وأستاذ جامعي يقول الشعر ومتخصص في تاريخ الشعراء، ولولاهما لما وصلت إلى ما وصلت إليه بخصوص العبارات التالية.
    والحكاية ترتبط في الأساس بشاعرين كبيرين هما الشاعر صفي الدين الحليّ والشاب الظريف إذ وقع خلط غير متعمد بين كلمات هذين الشاعرين فيما شدت به أم كلثوم بالنسبة لقصيدة “مثل الغزال”. وعلى الرغم من أن أم كلثوم قد تغنت بهذه الكلمات الجميلة منذ أكثر من ستين عاماً إلا أن أحداً من الباحثين أو الشعراء أو حتى النقاد قد التفت لوجود هذا الخلط الذي أدى إلى مشاكل كثيرة، لدرجة أن شاعراً كبيراً ثالثاً هو صالح جودت كان وجه نداء من فوق صفحات مجلة المصور يستحث فيه كل من يعرف معلومات صحيحة عن مؤلف هذه القصيدة وغيرها من القصائد التي غنتها أم كلثوم من الشعر القديم.
    وجاءت في كتاب أم كلثوم - النصوص الكاملة لجميع اغنياتها أن أم كلثوم غنت قصيدة “مثل الغزال” عام 1926 ثم سجلتها على اسطوانة جرامفون في العام نفسه. كما جاء في الكتاب أن القصيدة من تأليف شاعر يدعى صفي الدين الحلبي وكان هذا هو أول خطأ.. تسبب في حدوث إرباك كبير أثناء الإعداد لهذه الأوراق.. إذ تبين لنا فيما بعد أنه لا يوجد من الشعراء العرب من يسمى “صفي الدين الحلبي”.. بل الصحيح أن اسمه “صفي الدين الحلي”. وهو من شعراء الدولة الأيوبية ودولة المماليك. وقد أكدت ذلك العديد من المصادر المروية على لسان الشاعر أحمد سويلم والدكتور عبداللطيف عبدالحليم الملقب بأبي تمام ورغم العثور على “الحلي” فقد اكتشفنا أن القصيدة.. لا توجد في الديوان.. وبالتالي فهي ليست من تأليفه.
    وفي محاولة للبحث عن صاحب قصيدة “مثل الغزال”!
    وبعد أيام عدة.. عثر الأستاذ الدكتور عبد اللطيف عبد الحليم عن صاحب هذه القصيدة.. وهو الشاب الظريف.. وعندما أعلمني بذلك لم أترك فرصة بل توجهت إلى دار الكتب من جديد للبحث عن ديوان الشاب الظريف. والتأكد من وجود هذه الكلمات!
    وجاءتني نسخة الديوان، وهو مطبوع منذ أكثر من ستين عاماً !. وقبل نهاية ما به من قصائد ربما بثلاث صفحات فقط.. عثرت على “مثل الغزال نظرة”.. وكانت فقط ثلاثة أبيات قابعة وسط العديد من الأبيات التي سطرها الشاب الظريف في هذا الديوان !. وهي نفسها الأبيات التي غنتها أم كلثوم عام ،1926 والتي تقول كلماتها:
    مثل الغزال نظرة ولفتة
    من ذا رآها مرة ولا افتتن
    أحسن خلق الله خلقاً وفماً
    إن لم تكن أحق بالحسن فمن
    في ثغرها وخدها وشعرها
    الماء والخضرة والوجه الحسن
    وكعادة أم كلثوم مع القصائد.. فقد غيرت في بعض كلمات هذه الأبيات حتى تتوافق مع اللحن المناسب لصوتها.. ففي البيت الأول.. غيرت كلمة “رآها” بدلاً من “رآه”، وكلمة “مرة” بدلاً من كلمة “مقبلاً” وفي البيت الثاني غيرت أم كلثوم كلمة “تكن” بدلاً من كلمة “يكن”. أما البيت الثالث فقد شهد تغييراً كبيراً إذ استبدلت أم كلثوم كلمات الشطر الأول منه بكلمات أخرى جديدة تماماً.. حيث أصبح هذا الشطر يقول.. “في ثغرها وخدها وشعرها”.. بدلاً من: “في جسمه وصدغه وشكله”.
    وما دمنا قد ذكرنا شاعرين كبيرين هما “صفي الدين الحلي” الذي نسبت إليه هذه الأبيات ظلماً، وصاحبها الأصلي “الشاب الظريف”. فقد رأينا إلقاء بعض الأضواء المبهرة على حياتهما الخاصة والأدبية.
    بالنسبة لصفي الدين الحلي وليس الحلبي، فهو شاعر غير مصري المولد ولا النشأة ولا الحياة.. لكنه اتصل بملوك مصر ومدحهم.. ويدعى وفق الإجماع عبد العزيز بن سرايا بن علي، ولد بمدينة الحلة إحدى مدن الفرات عام 677 ه، ونشأ بها وأجاد الشعر صبياً.. ثم رحل إلى مصر عام 726 ه ومدح السلطان بن قلاوون بعدة قصائد.. كان أشهرها قصيدة عارض فيها المتنبي في قصيدته التي مطلعها:
    بأبي الشموس الجانحات غواربا
    اللابسات من الحرير جلابيا
    أما شاعرنا الثاني الشاب الظريف، صاحب الكلمات التي شدت بها أم كلثوم فهو محمد شمس الدين بن سليمان عفيف الدين الكوفي التلمساني، وقد ولد بالقاهرة في شهر جمادى الآخرة سنة 661 ه، ومنبت أسرته بتلمسان من بلاد المغرب.
    وهو ابن الشاعر الصوفي التلمساني الأصل المصري الدار عفيف الدين، ورغم أن الشاب الظريف ولد بمصر وعاش بها فترة طويلة مع والده عفيف الدين.. إلا أنه انتقل للعيش في دمشق وبقي بها حتى مات في الثامنة والعشرين من عمره.

    ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة


                  

العنوان الكاتب Date
شعراء أم كلثوم ... Omar07-05-04, 08:15 PM
  Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-05-04, 08:16 PM
    Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-06-04, 11:40 AM
      Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-06-04, 08:08 PM
        Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-09-04, 09:19 PM
          Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-09-04, 09:21 PM
            Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-09-04, 09:23 PM
              Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-10-04, 08:21 PM
                Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-11-04, 07:53 PM
                  Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-12-04, 08:23 PM
                    Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-13-04, 08:17 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de