شعراء أم كلثوم ...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-20-2024, 04:41 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-12-2004, 08:23 PM

Omar
<aOmar
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: شعراء أم كلثوم ... (Re: Omar)

    شعراء أم كلثوم ... ( 9 )
    الشعراء المحترفون رفقاء درب أم كلثوم وسبيلها إلى المجد






    * اقنعت رامي بالتحول إلى العامية وترك الفصحى

    * كوكب الشرق تسعى للقاء بيرم لتشدو بكلماته



    حنفي المحلاوي



    لعبت سيدة الغناء العربي أم كلثوم دوراً ريادياً وغير مسبوق في خدمة الأدب العربي، خاصة في مجال الشعر، إذ تبين لنا وللآخرين ومن بعد طول صحبة لهذه الفنانة المعجزة، أنها قد أخذت خلال رحلتها الفنية الطويلة التي امتدت لأكثر من نصف قرن بيد أكثر من أربعين شاعراً مصرياً وعربياً ومن الدول الإسلامية، نحو الشهرة والمجد.

    ونقول ذلك على الرغم من وجود العشرات من هؤلاء الشعراء من المشاهير في حياتنا الأدبية، من الذين كتبوا قصائد وأشعار لأم كلثوم لأجل أن تشدو بها وبصوتها الجميل، أو من الذين اختارت لهم أم كلثوم كلمات وقصائد بعينها لنفس الغرض، هؤلاء الشعراء ازدادت شهرتهم حين تغنت بكلماتهم سيدة الغناء العربي. ذلك من منطلق أن الشعر إذا ما خرج من الأوراق إلى الحناجر والأفواه يدوم أكثر، ويستمر في الوجدان والأفئدة، حتى لو كان مكتوباً بماء الذهب ومصحوباً بالرسوم الملونة، فما بالنا لو انطلق هذا الشعر المكتوب من حنجرة وفم معجزة الغناء خلال القرن العشرين، ومصحوباً بأرق وأروع الألحان التي وضعها كبار الملحنين، خلال فترات متباعدة من رحلة أم كلثوم الفنية.

    والحديث عن الشعر وعن الشعراء له مذاق وطعم خاص، باعتباره كان ولايزال المصدر الرئيسي للمتعة الفكرية والذهنية والروحية والعاطفية، ليس في أدبنا العربي فقط بل وفي كل آداب لعالم، والحديث عن الشعر بنوعيه الفصيح والعامي، يزداد مذاقه حلاوة حين نربطه بصوت أم كلثوم وبرحلتها الفنية الطويلة التي اقتربت من نصف قرن من الزمان والتي يرجع إليها الفضل في ترديد الناس لأشعار كبار الشعراء سواء من القدامى أو من المحدثين، مما ساهم في إنعاش حركة الشعر العربي، وجعل العامة حتى في الشوارع والطرقات وعلى المقاهي يحبونه ويحبون سماعه وترديده، بل وجعل فريق آخر من هؤلاء يقبل على اقتناء دواوين هؤلاء الشعراء وقراءة أشعارهم سواء العاطفية أو الوطنية، والشاعر الكبير إبراهيم ناجي وأمير الشعراء شوقي وعلي الجارم ليسوا ببعيدين عن هذا المثال. بل أكثر من ذلك فقد ساهمت أم كلثوم في إنعاش ذاكرة الناس فيما يتعلق بهؤلاء الشعراء وسير حياتهم.. حتى من الشعراء القدامى من الذين تزخر بهم وبكلماتهم كتب التراث، ودواوين الشعر القديمة.


    ونأتي معاً إلى الحديث عن المحطة التي توقفت عندها أم كلثوم، حيث التقت بأعظم شعراء الأغنية المحترفين في مصر، وكانوا هم بالفعل سبيلها نحو المجد.. إذ ارتبط أغلبهم برحلتها الفنية منذ بدايتها، وعلى وجه الخصوص شاعر الشباب أحمد رامي، وعدد هؤلاء الشعراء ووفقاً للإحصاء الرسمي الصادر من دار الإذاعة المصرية تسعة شعراء هم بالترتيب أحمد رامي، وبيرم التونسي، صلاح جاهين، أحمد شفيق كامل، مأمون الشناوي، وعبدالفتاح مصطفى، عبدالوهاب محمد، مرسي جميل عزيز، وعبدالمنعم السباعي.
    أحمد رامي
    على الرغم من أن شاعر الحب والشباب أحمد رامي كما أطلق عليه النقاد والمؤرخون يعتبر في قائمة الشعراء المحترفين من الذين كتبوا اغاني لأم كلثوم بالعامية المصرية. إلا أن بداية تعامله مع سيدة القصيدة العربية في عام 1924.. بدأ مع شعر الفصحى، وهذه ملاحظة على جانب كبير من الأهمية ومع ذلك لم يلتفت اليها أحد غيرنا.
    وغنت أم كلثوم أولى قصائد أحمد رامي عمدة شعراء العامية وهو متغيب عن مصر حين كان في بعثة في فرنسا، وهي بعنوان: “الصبي تفضحه عيونه” من تلحين الشيخ أبو العلا محمد، وقد امتلأت الكتب والدراسات التي تناولت علاقة أم كلثوم بأحمد رامي بالحديث عن هذه القصيدة وعن بداية التعارف بين هذين العملاقين.
    وتشير الدكتورة نعمات فؤاد إلى أن سبب تحول أحمد رامي بعد كتابة هذه القصائد لأم كلثوم من الشعر الفصيح إلى الاغاني العامية، هي أم كلثوم نفسها والتي أقنعته بالانتقال من الشعر إلى الزجل.
    وفي تعليق لطيف للكاتبة فيما يخص ما ذكره رامي نفسه عن هذا التحول قالت الدكتورة: “ولا أحسب أن أم كلثوم في ذلك الوقت كانت قادرة على إقناع شاعر بتحول فني، ولكن المسألة في تقديرى أن رامي وجد فيها صوتاً واعداً وتذكر أن شوقي أمير الشعراء ألف الاغاني بالعامية وقبله إسماعيل صبري.
    والأغنية جناح يطير بشهرة أصحابها فاندفع بوحي من تفكيره وعاطفته الوليدة معها في طريق الزجل ولعل نفسه حدثته أن عبدالوهاب مغني شوقي فلتكن هذه الفتاة ذات الصوت الجميل مغنية كلماته”. وقد نظن أن الشاعر أحمد رامي قد قبل بسهولة التحول من شعر الفصحى إلى العامية وفق ما طلبت منه ذلك أم كلثوم.. بل بالعكس حيث أخذ سلطان القصيدة يسيطر عليه فترة من الزمن وربما وصلت إلى عامين، بدليل أنه قدم لأم كلثوم وحتى من بعد أن طلبت منه التحول في عام 1924 من القصائد العظيمة إلى العامية قصيدتين بالفصحى.. الأولى غنتها في عام 1925 بعنوان: “إن حالي في هواها عجب”.. من ألحان محمد القصبجي، وسجلتها على اسطوانة جرامفون في العام نفسه..
    وقد أشارت إلى ذلك أم كلثوم في أوراقها الخاصة حين ذكرت،.. “فلما عدت من مصيف رأس البر اتصلت به - أي بأحمد رامي - وقلت له إن الجمهور يجب أن ينتقل من الاغاني المسفة التي يسمعها إلى القصائد والشعر العظيم على مراحل.
    فقال رامي: ولكن أعددت لك قصيدة “إن حالي في هواها عجب”.. قلت بعد أن قرأت كلماتها: تبدو في كلماتها سهلة.. سوف أغنيها، ولكن أفضل أن تستعمل في كلمات الاغاني ما هو سهل ومتداول.. ما يمكن أن يفهمه الناس دون عناء.. فقال باحتجاج: هو الذي يسمعه الناس الآن.. فقلت، أنا أريد خطوة أبعد، خطوة أوسع، أريد لغة مثل لغة الصحف يفهمها الناس، فلا هي إسفاف.. ولا ألغاز”.
    ولقد تصورت سيدة القصيدة العربية أنها حققت بهذا القول أغراضها بشأن تحول رامي من الشعر الفصيح إلى العامية.. ولكن سرعان ما خاب هذا التصور إذ كان شيطان الشعر الفصيح لا يزال راكباً فوق قلب وعقل أحمد رامي.. فقدم لها قصيدة ثالثة لكي تغنيها.. وقبلتها رغماً عنها، وهي القصيدة التي لحنها الشيخ أبو العلا محمد في عام 1926 بعنوان “أقصر فؤادي”.. كما قدم لها قصيدة رابعة بعنوان: يقظة القلب، من تلحين الموسيقار محمد القصبجي وفي العام نفسه.
    ونظراً لحالة الإعجاب المبكرة التي استولت على شاعرية “أحمد رامي” تجاه أم كلثوم التي لم ترفض له كلمات قصائده.. رغم أنها كانت عكس رغبتها.. فقد استجاب لتلك الرغبة أخيراً وتحول كلية إلى كاتب اغنية باللهجة العامية.. فقدم لها أول ما قدم مونولوجاً بعنوان “خايف يكون حبك”.. من تلحين الدكتور أحمد صبري النجريدي.
    ومنذ أن كتب رامي هذا المنولوج الذي ربما أراد به أن يفتح طريقاً يعبر منه قلبه إلى قلب أم كلثوم، ظل شيطان الشعر العامي مسيطراً عليه حتى كتب لأم كلثوم أكثر من مائة أغنية ما بين عاطفية ووطنية، وكان بين حين وآخر يكتب بعض القصائد بالفصحى.. خاصة في المناسبات الوطنية، واغنيات بعض الأفلام وفق ما يقتضيه السيناريو وشخصية الممثل وقد بلغ عدد هذه القصائد جميعها حوالي ستة عشر قصيدة ما بين نشيد ومناسبة وطنية ورثاء.
    ولو جمعنا ما كتبه أحمد رامي لأم كلثوم على مدى رحلة حياته الطويلة والتي استغرقت أكثر من خمسين عاماً.. سواء بالفصحى أو بالعامية سوف نجد 135 أغنية ما بين مونولوج ودور وقصيدة واغنية وتصدى لوضع الألحان لهذا الكم الكبير من الأغنيات تقريباً كل ملحني أم كلثوم بدءاً من الشيخ أبو العلا محمد وحتى محمد الموجي وسيد مكاوي مروراً بالشيخ محمد القصبجي، وزكريا أحمد، وداود حسني، ورياض السنباطي، ومحمد عبدالوهاب.
    وإذا كنا قد ذكرنا من قبل كلمات أولى القصائد التي تغنت بها سيدة القصيدة العربية من تأليف أحمد رامي.. وكذلك كلمات أولى اغنياته بالعامية.. فقد رأينا من الضرورة الإشارة إلى آخر ما غنت أم كلثوم لأحمد رامي.
    ففي عام 1972 وبالضبط في الحفل الذي أذيع في أوائل شهر أبريل من العام نفسه.. غنت أم كلثوم لأحمد رامي أغنية “يا مسهرني” من تلحين الموسيقار الراحل سيد مكاوي.. وكانت تلك أول وآخر أغنية يلحنها سيد مكاوي لكوكب الشرق، كما كانت هذه الأغنية ذاتها من بين آخر ما غنت أم كلثوم قبيل رحيلها. حيث دخلت قبل هذه الفترة بأيام قليلة في غيبوبة دائمة انتهت برحيلها.
    وشاعرنا اسمه أحمد رامي حسن عثمان الكرتيلي ولد في شهر أغسطس/آب من عام ،1892 في مدينة القاهرة.
    وعاش رامي فترة طفولته وصباه بحي الناصرية بالسيدة زينب، وترجع أصوله إلى إحدى مدن اليونان حيث أن جده لأبيه هو الأميرلاي حسن عثمان الكريتلي نسبة إلى جزيرة كريت اليونانية، وكان يعمل ضابطاً بالجيش العثماني، وجاء إلى مصر مع عائلته في عهد الخديوي إسماعيل، أما جده لأمه السيدة فاطمة فهو الشيخ محمد الغزولي الذي كان يشغل منصب رئيس السجلات بالمحكمة الشريفة.
    اما والد الشاعر أحمد رامي، الذي كان يعمل ضابطاً طبيباً فهو الدكتور محمد رامي الذي تخرج من كلية الطب بعد ميلاد ابنه بعامين واسم أحمد رامي اسم مركب كما أنه اسم ابيه أيضاً مركب.
    ارتبط الشاعر أحمد رامي منذ شبابه بالشعر الذي أجاد تأليفه من الصغر وأخذ ينشر هذه القصائد في الصحف والمجلات.. مما لفت إليه أنظار المغنين في عصره فكانوا يقبلون على الشدو به.. حتى أن إحدى قصائده المنشورة بالصحف آنذاك كانت بداية تعارفه مع أم كلثوم. وظل أحمد رامي يكتب الشعر بالفصحى والعامية حتى وفاته.
    محمود بيرم التونسي
    كانت أم كلثوم.. تعيش دائماً في قلب الأحداث.. رغم انشغالها بأمور الفن والألحان.. لم تنفصل في يوم من الأيام عن هذه الأحداث أو متابعة تفاصيلها والوقوف على نتائجها.
    ليس هذا فقط.. بل وكانت سيدة القصيدة العربية تتابع نشاط بعض السياسيين والأدباء من الذين أوقفوا كلماتهم لأجل الكفاح ضد الملك وضد الإنجليز.
    وكان محمود بيرم التونسي على رأس هؤلاء الأدباء من الذين أشعلوا نار الوطنية وحماس الشعب من خلال ما كان ينشره من أزجال في الصحف والمجلات. الأمر الذي أدى به في النهاية إلى مصير النفي والخروج من مصر مغضوباً عليه.
    ولم تكن أم كلثوم ببعيدة عن ذلك الحماس المنقطع النظير الذي زرعه بيرم التونسي داخل الصدور بما كان يكتبه وينشره من حين إلى حين.. وقد أخذت تعد نفسها لاستقبال كلمات هذا الثائر لكي تغنيها. وتخرج من صوتها بالألحان.
    ومما يمكن قوله في هذا السياق أن سيدة القصيدة العربية هي التي سعت للقاء بيرم التونسي والتعامل مع كلماته. فقد طلبت في يوم من الأيام من ملحنها المفضل آنذاك الشيخ زكريا أحمد أن يعرفها على ذلك الشاعر الذي يكتب في السياسة.
    وبالفعل التقت أم كلثوم مع بيرم في عام 1941.. حيث أخذ يكتب لها الأغنيات العاطفية والوطنية بل وشارك كذلك في كتابة كل ما غنته في فيلمها “سلامة” في عام 1944 و”فاطمة” في عام ،1947 ولقد وصل عدد ما كتبه بيرم التونسي لأم كلثوم طوال فترة تعاملها حوالي 32 اغنية.
    وفي تصور الدكتورة رتيبة الحفني أن سبب لجوء أم كلثوم لبيرم التونسي خاصة خلال فترة الحرب العالمية الثانية ليكتب لها أغنياتها.. هو أن أم كلثوم أدركت أن نهوض رامي بالعبء وحده مهمة صعبة.. وأنها لابد من أن تواكب التطور، وتتجه بأغانيها إلى كلمات شعبية إلى حد ما.. تساير الزمن وتعجب الجمهور.
    ولم يكن أمامها إلا الزجل. وفي الحرب العالمية الثانية حينما أثرت الطبقة الشعبية من التجارة والتوريد، تطلعت هذه الطبقة بحكم الثراء إلى حضور حفلات أم كلثوم، فوجدت أم كلثوم أن هذه العقلية لا يناسبها إلا كلمات الزجل.. وشخصية بيرم التونسي، فأقبلت على فارس هذا الميدان وغنت له العديد من الاغاني في الفترة ما بين عامي 1942 و 1950 أي سنوات الحرب وما تلاها.
    ومن المصادفات العجيبة أن بيرم التونسي بدأ حياته الأدبية شاعراً للفصحى تماماً مثله في ذلك مثل أحمد رامي، وإن لم تغن له أم كلثوم هذه القصائد.
    وكتب بيرم لأم كلثوم عام 1941 اغنيتين الاولى بعنوان: أنا وأنت والثانية بعنوان “إيه أسمى الحب”.
    وكانت هاتان الأغنيتان بداية تعامل طويل دام حتى بعد رحيل بيرم التونسي نفسه وامتد إلى عام 1972.
    وبعد هاتين الأغنيتين التي قدمهما بيرم التونسي لأم كلثوم.. ولحنهما زكريا أحمد تواصل اللقاء والتعاون بين الثلاثة.. فأخرجوا لنا روائع الكلمات وأعزب الألحان ؛ ومما هو ملاحظ في سياق الحديث عن هذا التعاون الفني.. أن محمود بيرم التونسي كان دائماً ما يحرص على تقديم أكثر من عمل فني لأم كلثوم في العام الواحد..
    وكذلك كان يجتهد في إخراج هذه الأعمال في أحسن صورها اللحنية الموسيقار الراحل زكريا أحمد الذي رجع إليه الفضل الأكبر في تهذيب النفوس والأذواق كلمات هذا الزجال والشاعر العبقري.
    فقد كتب بيرم التونسي لأم كلثوم اغنيات الأمل في عام 1946 ولحنها الشيخ زكريا أحمد.. والأولة في الغرام في عام 1944 والحب كده من تلحين رياض السنباطي والورد جميل في عام 1946 وأنا في انتظارك في عام 1943 وأهل الهوى من تلحين زكريا أحمد أيضاً في عام 1944 وأغنية آه من لقاك في عام 1943.
    وشهدت الفترة من عام 1950 - 1960 قمة التألق الفني سواء لأم كلثوم أو لبيرم أو لزكريا أحمد وأحرز بيرم التونسي موقعاً متقدماً من الاهتمام خاصة في مجال الأغنية الوطنية.. وبشكل خاص في فترة ما بعد ثورة يوليو.. ويكفيه شرفاً أنه يرجع اليه الفضل في الترويج لأسماء الرؤساء في أغاني المطربين والمطربات، بعدما استطاع أن يجعل من اسم جمال عبدالناصر أغنية فوق الشفاه يرددها الناس في كل مكان، ولقد اعتمدت عليه أم كلثوم وبشكل خاص في التقرب لزعماء ما بعد الثورة من خلال ما كان يكتبه عنهم وعن إنجازاتهم سواء بالشكل المباشر أو غير المباشر.
    واغنية القلب يعشق كل جميل التي كتبها بيرم التونسي في عام 1946 ظلت في مخيلة أم كلثوم لأكثر من عشرين عاماً.. خاصة بعدما سمعت ذلك اللحن الشجي الذي كان قد وضعه لها الموسيقار زكريا أحمد.. وغناها بصوته في عام 1946.
    كما يبدو من توقيت الشدو بها أن أم كلثوم سيدة القصيدة العربية أرادت أن تختتم بها حياتها الفنية وهي مناجاة لله سبحانه وتعالى، وهذه الأغنية مسجلة على اسطوانة صوت القاهرة في عام ،1972 وهي من ألحان الموسيقار رياض السنباطي.
    ومما قيل عن سيرة بيرم التونسي الذي غادر دنيانا في 5 يناير/كانون الثاني من عام 1961 وذكره هو، قوله: “انا من مواليد عام ،1893 ومسقط رأسي مدينة الاسكندرية.. اما المنزل الذي ولدت فيه فيقع في الميناء الشرقي خلف مسجد البوصيري”.
    صلاح جاهين
    أثبتت الوقائع والأحداث.. أن شاعرنا صلاح جاهين والذي اشتهر بكونه رسام كاريكاتير وممثلاً أكثر من كونه شاعراً، يعتبر من شعراء المناسبات الوطنية.. سواء بالنسبة لأم كلثوم أو بالنسبة لزميلها عبدالحليم حافظ..
    ولقد تأثر صلاح جاهين كثيراً بفترة يوليو عام 1952 وما تلتها من أحداث سياسية وعسكرية ساخنة امتدت حتى عام 1956.
    ونستطيع أن نؤكد أن صلاح جاهين وكلماته الوطنية الحماسية، قد صادفت هوى في نفس سيدة القصيدة العربية.
    وإذا كان بيرم التونسي قد اخترع فكرة الاحتفال بأسماء الرؤساء والزعماء في اغنيات المطربين.. وأولهم أم كلثوم، فإن الفضل في استمرارية هذا الاختراع يرجع أساساً إلى عبقرية صلاح جاهين، وامتلاكه ناصية الكلمات الوطنية والحماسية شديدة التأثير في الجماهير!
    وكما هو واضح من خلال كلمات صلاح جاهين.. فإنه كان يتقن دغدغة المشاعر والأحاسيس.. خاصة في المناسبات الوطنية والحاسمة.. وقد برز دوره فنياً وأدبياً في مرحلة من أخطر مراحل ثورة يوليو.. بل ومصر كلها عندما تعرضت البلاد لغزو عسكري ثلاثي في عام 1956..
    ولم يتوقف كفاحه بالكلمات عند حدود حنجرة أم كلثوم.. بل شارك هو وزميله الملحن كمال الطويل في بعث صوت وطني جديد هو المطرب عبدالحليم حافظ الذي كان هو الآخر وفي الفترة نفسها يبحث عن مكان أو مكانة فنية تساهم في تثبيت وجوده داخل دائرة الفن.
    وجاء موعد أول تعامل فني مع صلاح جاهين.. حين طلبت أم كلثوم أن تغني له نشيد “والله زمان يا سلاحي” والذي وضع ألحانه كمال الطويل، وهو النشيد الذي غنته سيدة القصيدة العربية في يوليو/تموز عام 1956.. ثم سجلته على اسطوانة صوت القاهرة كما اتخذت منه الثورة نشيداً وطنيآً لمصر خلال الفترة نفسها، ولقد ظل هذا النشيد قابعاً فوق شفاه كل المصريين سواء في المناسبات أو في غير المناسبات حتى مشارف عام 1971.. حين تم تغييره بنشيد وطني آخر هو “بلادي.. بلادي”.
    ولقد اتضح لنا من خلال الاطلاع على أوراق ديوان صلاح جاهين أن هذا النشيد أجريت عليه بعض التعديلات.. كما حذفت منه بعض الأبيات..
    وفي نفس توقيت اختيار أم كلثوم لكلمات النشيد الأول لصلاح جاهين كلفت الموسيقار رياض السنباطي لكي يلحن لها نشيد “الله معك” من تأليف صلاح جاهين أيضا، وكان مواكبا تقريبا لنفس أحداث عام 1956 وصاحبها من اعتداءات بربرية على مصر في ذلك الوقت، هذا النشيد غنته أم كلثوم في عام 1956 وكذلك سجلته
    على اسطوانة صوت القاهرة في التوقيت نفسه.
    وتأثيراً بأحداث تأميم قناة السويس ونجاح المصريين في إدارة القناة بعد انسحاب الموظفين الأجانب.. انفعل صلاح جاهين بهذا الحدث الهام فكتب أغنية اسمها “زفة” وغنتها أم كلثوم في عام 1957 تحت عنوان “محلاك يا مصري”.
    وعن انفعال صلاح جاهين بهذا الحدث الوطني كتب الأديب أحمد زيادة يقول: “وبعد هذا التغني بعظمة المصريين، ومباهاة الأجانب بهم، يتحول الغناء للرجال السمر الشاربين من النيل الذين جاهدوا حتى ظفروا بالنصر، وفرضوا صورة مصر على أحداث الدنيا وأجبروا كل البشر على تحيتهم في أي ميناء، وتستلهم الفرحة أحداث الماضي وما يحمله من جراح لم يمسحها إلا النصر، ويمكن المصريين من حقهم في إدارة شريان الحياة بين السويس وبور سعيد، واستقبالهم لكل العابرين من شرق الدنيا وغربها.، هذه الزفة وهذه الفرحة صاغها صلاح جاهين في كلمات بسيطة سهلة تشربتها روح كل مصري وتغنت بها”.
    وعندما عزمت سيدة القصيدة العربية على التغني بهذه الأغنية كلفت الموسيقار محمد الموجي لكي يضع لحنا مناسباً لها.. وخرجت الأغنية معبرة في وقتها، عن فرحة شعبية غامرة.. بسبب رحيل الأجانب ونجاح المصريين في إدارة قناة السويس.
    ويقول جانب من كلمات الأغنية:
    محلاك يا مصري وأنت ع الدفة
    والنصرة عاملة لى القنال زفة
    يا أهل مصر تعالوا ع الضفة
    شاورولهم وغنولهم وقولولهم
    ريسنا قال ما فيش محال
    راح الدخيل وابن البلد كفي
    حيوا الرجال السمر فوق السفينة
    حيوا اللي جاهدوا عشان يفرح وادينا
    يا أهل مصر تعالوا ع الضفة
    شاورولهم وغنولهم وقولولهم
    ريسنا قال ما فيش محال
    راح الدخيل وابن البلد كفي
    وبالرجوع إلى ديوان صلاح جاهين الذي نشر به هذه الأغنية اكتشفنا وجود عدة تغيرات أدخلتها أم كلثوم والملحن محمد الموجي على كلمات هذه الأغنية ومن أهم التغيرات.. أن أم كلثوم اختارت كلمة يا “أهل مصر” - في البيت الذي قالت فيه:
    يا أهل مصر تعالوا على الضفة
    شاورولهم وغنولهم وقولولهم
    وذلك بدلاً من كلمتي “يا ولاد بلدنا”.. التي كان قد كتبها صلاح جاهين في الأغنية نفسها. كما أسقطت أم كلثوم من هذه الأغنية بيتا قال فيه صلاح جاهين:
    نظرت لنا الدنيا وشافت عملهم
    مدحت بكل لسان على كل مينا
    وفي البيت الذي قالت فيه أم كلثوم:
    حبايبنا شرق وغرب جايين بلادنا
    والورد والياسمين هدية ولادنا
    غيرت فيه كلمة “هدية ولادنا” بدلاً من كلمة “هدية بلادنا”.
    والشاعر صلاح جاهين وكما سبق القول.. هو مجموعة مواهب كانت تتحرك فوق الأرض.. وتسير حيث كان يمشي.. ويكفينا هنا أن نسوق للتدليل على ذلك ما قاله الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب حين عرف برحيل صلاح جاهين - حيث قال: “لم نفقد صلاح جاهين، بل فقدنا بموته.، مجموعة فنانين، ومنهم الرسام والشاعر والساخر والزجال والقصص والممثل والسينارست”.
    ولد صلاح جاهين في 25 ديسمبر/كانون الاول من عام 1930 في محافظة سوهاج، وتلقى علومه الابتدائية في مدرسة أسيوط ثم درس في قنا، قبل أن يتوجه بشكل نهائي إلى الرسم والشعر، وصلاح جاهين اسمه وفق الإجماع محمد صلاح الدين حلمي الشهير بصلاح جاهين، وقد اختار اسم جاهين لأنه اسم جد من أجداده، وهو حفيد الصحافي الثائر أحمد حلمي.
    وعندما انتهى صلاح جاهين من دراسته الثانوية ألحقه والده بكلية الحقوق لكي يتخرج ليعمل في سلك القضاء مثل والده المستشار بمحكمة الاستئناف، إلا أن صلاح جاهين لم يطق دراسة القانون فالتحق بالقسم الحر بكلية الفنون الجميلة، ومع ضغط الأسرة عاد صلاح من جديد إلى كلية الحقوق ليرضي رغبة والده، وفيها وصل إلى السنة الثالثة، ومع ذلك تركها ليعود من جديد إلى كلية الفنون الجميلة.
    واشتغل بالرسم في الصحف والمجلات ثم سافر إلى السعودية وعمل هناك في جريدة الرياض ثم عاد إلى القاهرة ليعمل رساماً للكاريكاتير في مجلة القاهرة، وكانت هذه الخطوة بداية تعامله مع الصحافة سواء على مستوى فن الكاريكاتير أو فن الشعر والزجل.
    بدأ مشوار صلاح جاهين مع الشعر في عام 1955 بقصيدة نشرها بعنوان “الشاي واللبن”. ثم واصل رحلته الشعرية التي أثمرت عن ستة دواوين، كان آخرها الرباعيات، وشارك صلاح جاهين إلى جانب ذلك في كتابة عشرات الأغنيات خاصة الوطنية لكبار المطربين المصريين بخلاف أم كلثوم.
    كما ساهم في كتابة سيناريوهات التمثيل في أربعة أفلام سينمائية وكذلك عدة مسرحيات وأوبريتات غنائية من أشهرها أوبريت “الليلة الكبيرة”.
    وهو أول رسام يحصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في عام ،1965 قد ارتبط صلاح جاهين سواء في مجال الرسوم أو الأشعار بأحداث ثورة يوليو عام ،1952 وظل مرتبطاً بها وبزعيمها في وقوع نكسة عام ،1967 هذه النكسة التي أثرت في حياته وأصابته بنوع من الاكتئاب الذي جر عليه هموم الأمراض والتي كان آخرها مرض انسداد في شرايين القلب والذي مات بسببه في عام 1986.. وعن عمر يناهز السادسة والخمسين.


    ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة



                  

العنوان الكاتب Date
شعراء أم كلثوم ... Omar07-05-04, 08:15 PM
  Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-05-04, 08:16 PM
    Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-06-04, 11:40 AM
      Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-06-04, 08:08 PM
        Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-09-04, 09:19 PM
          Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-09-04, 09:21 PM
            Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-09-04, 09:23 PM
              Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-10-04, 08:21 PM
                Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-11-04, 07:53 PM
                  Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-12-04, 08:23 PM
                    Re: شعراء أم كلثوم ... Omar07-13-04, 08:17 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de