|
Re: معالم حول تربية الأبناء .. (Re: محمد عوض إبراهيم)
|
.. تكوين شخصية الأطفال وتعودهم تحمل المسؤولية .. إنّ الإنسان اللاهي العابث ذا الشخصية غير المسؤولة لن يضيف إلى نفسه ولا أهله ولا وطنه ولا دينه شيئا جديدا إنْ لم يحسب خصما عليه ، ولذلك كان من أهم أهداف التربية والتعليم تنمية الشعور بالمسؤولية لدى الطفل منذ صغره بما تقدمه إليه من خبرات وتتبع معه من أساليب ، غير أنّ الإحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين لن يتكون ـ حقيقة ـ إلاّ نتيجة تحمل هذه المسؤولية فعلاً .. وهذا يستلزم منه بناء شخصية مستقلة بالتفكير واستخلاص النتائج والعمل من خلالها لدى العقلية المبكرة عند الطفل .. وخير معين لكل هذا احترام شخصية الطفل وزرع الثقة في نفسه عن طريق إشعاره بثقة الآخرين فيه وفي قدارته على اتخاذه القرار المناسب مع طبيعة الموقف الذي يعايشه ، وتحمل تبعاته ، كل هذا مع المتابعة والمراقبة من بعيد والتدخل المناسب في الوقت المناسب وبالتصرف المناسب .. فهو لا يزال طفلاً . والناظر في السنة النبوية يجد من أمثلة ذلك من احترام كينونة الطفل أوان صغره واحترام شخصيته الكثير ، منها ما أخرجه الأمام مسلم في صحيحه من حديث سهل بن سعد الساعي رضي الله عنه :" أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتي بشرابٍ ، فشرب منه وعن يمينه غلام ، وعن يساره أشياخ ، فقال للغلام : أتأذن لي أنْ أعطي هؤلاء ؟ فقال الغلام : لا والله لا أوثر بنصيبي منك أحداً .." ) ( رواه مسلم ) . وهكذا وبمثل هذا المواقف التي قد لا نحس بها لصغرها ـ الزماني ـ نستطيع أنْ نوجد عند الطفل الشعور بشخصية يؤخذ رأيها .. ونعوده على الجرأة في إبداء أراءه .. وينشأ بواسطتها بعيداً عن روح الانهزامية والتقليد ، المذمومة في الإسلام : ( لا يكن أحدكم امعة إن أحسن الناس أحسن وإنْ أساءواا أساء .. ولكن ليوطن نفسه ، إن أحسن الناس فليحسن . وإن أساءوا فليجتب إساءتهم .) . فإنّ التحكم الفارغ من المربي لمجرد الإلزام بالطاعة وتعويد الطفل عليها ، هو حريٌّ بأنّ ينتهي بالطفل إلي التمرد إنْ كان شديد المراس ، أو الاستكانة والانطواء إن كان لين القوام ..وكلاهما مفسدٌ . .. ولذلك فلا غرابة أنْ نرى عمرا رضي الله عنه يصحب معه ابن عباس إلي دار الندوة ليحضر اجتماعات كبار الصحابة في حين أنه كان لا يزال في سن الصبا .. وقاد أسامة بن زيد جيشا ..وفيه أبو بكر وعمر ـ رضي الله عن الجميع ـ ولم يبلغ آنذاك الحلم .. وهذا معناه أنه فهم المسؤولية وتجاوز مرحلة الفهم فأصبح يؤدي دوراً ايجابيا في تحملها . .. وفي عصر من بعدهم من التابعين ، هذا سفيان بن عيينة يقول : ( كنت أختلف إلي الزهري وأنا حديث السن ، ولي ذؤابتان ، فأملى بعضهم : عن أبي سلمة .. وقال بعضهم : عن سعيد ، والزهري يسمع ، فقال الزهري : ما تقول أنت يا صبي ؟ فقلتُ : "عن كلاهما " . فجعل الزهري يعجب من ضبطي ويضحك من لحني .) .. فانظر كيف أنّ الطفل تُحترم شخصيته ، ويُطْلب منه رأيه .. وأي أمّة يطبق فيها هذا النوع من التكوين ، لا تصل إلي قمة الازدهار ..؟! .. ولي عودة ..
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
|