|
مستقبل العلم...ومفهوم المعرفه...وعلاقتهما بالانسانية
|
استقر في داخلى منذ سنوات اقتناع بأن الخطوة الأولى لمن يريد أن يهب حياته للمعرفة والحكمة (أو يتطلع اليهما) هى أن يقوم بتقسيم حياته الى قسمين : أحدهما للحياة العادية المكونة من حاجات وجوده المادّى والآخر هو القسم المثالى الذى ينشد الروحانيّة والحق والخير والجمال , واذا كان فى هذا مايبدو وكأنه تعارض فاننى أرى أنه ليس ازدواجا فى تكوين الانسان وانّما هما طريقان مفتوحان أمام الانسان يقتضى التفريق بينهما الايمان و التسليم المسبق بأن الحياة الأسمى المثالية هى الأهم والأبقى وأن الحياة الأدنى المتمثّلة فى المسرات واللذات والمتع الحسّيه (وان كانت تميل اليها الطبيعة الانسانية بالغريزة) لاتستطيع الثبات أمام الحياة المثالية اذ لابد وان يتراجع المحدود امام اللامحدود وان كان هذا لا يعنى عدم محاولة ارضاء المحدود الحسّى شريطة ان لا يكون ذلك على حساب اللامحدود الروحانى أو متعارضا معه.
اذا كنت تحاول زيادة معرفتك فى أى مجال فى الحياة حتّى ولو كان ذلك فى مجال ميكانيكا السيارات وانت بالورشه أو فى مجال حلاقة الشعر وأنت فى صالون الحلاقه أو فى مجال المنسوجات وأنت تشترى ملابس المدرسه لأولادك....ألخ فقد وصلت الى المعنى الحقيقى لقيمة المعرفه وحب العلم لذاته لا لغايته وهو الحب الذى سيجعل العلم جاهزا بصورة مسبقة بين يديك فى حال ظهور غاية قد تحتاج هذا العلم كوسيلة .
ولهذا فان الحياة الفكرية ومحاولة تحصيل المعرفة والسعى وراء تحقيق الجمال وارساء الحق والخير وبلوغ الكمال قدر المستطاع هو الشيئ المرغوب فيه من وراء العلم والتعلّم.
ولهذا أيضا فان كل ماهو متصل بحياة الانسان الأسمى (كما يترائى لى) والتى تميّزه عن الحيوان انّما هو شيئ مقدّس وجدير باهتمام ذوى العقول الراجحة وأصحاب الشعور النبيل والجميل ..... ولهذا فان كل مااتّصل من العلم والمعرفة بحياة الانسان الأسمى فانه فكرة جيّدة و والفكرة الجيّدة توازى العمل الصالح.
واذا كنت أرى أنه لافضل لأحد فروع العلم والمعرفة على الأخرى فان مردّ ذلك الى أننى أؤمن بأن الحياة التى يقرر صاحبها أن يقضيها فى متابعة العلم والتعلّم (أيا كان مجال هذا العلم) هى حياة قيّمة كالحياة التى يقرر صاحبها أن يقضيها فى ممارسة الفضيلة... والانسان الذى يقترب من الكمال (اذ ان الكمال لله وحده) هو الانسان الذى يكون شاعرا وفيلسوفا وعالما وفوق كل ذلك رجلا فاضلا ومتديّنا (وهو لايجب ان يكون كذلك من حين الى آخر وانّما يجب ان يكون كذلك فى كل لحظة من لحظات حياته)...أى باختصار تمتزج فيه عناصر الانسانية فى اتساق جميل ولكن.....يبقى هنا سؤال :
لماذا يصعب اتساق العناصر الانسانية فى عصرنا الحالى ؟
وللحديث بقية
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|