الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 06:07 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.حيدر بدوي صادق( Haydar Badawi Sadig)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-03-2003, 00:42 AM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! (Re: Shinteer)

    سلام ياكرام،
    أعود لأعلق على من وعدتهم بالتعليق في مداخلة سابقة. ولكن قبل ذلك أود أن أشكر الكرام عماد بطران، أحمد أمين، وصديق "شنتير" على تشريفهم للخيط. سأحاول، جهد المستطاع أن أضمن ردودي التالية ردوداً على بعض ما تكرم به من دخل للخيط مؤخراً من هؤلاء الكرام، إذ أن ما أثاروه، قد أثاره من بعض كم سبقهم إلى الخيط.

    أخي المحترم د. الصاوي،
    تقديسي وتوقيري وتبجيلي للأستاذ محمود لا يأتي من فراغ. فإنني لا أقدسه ولا أوقره ولا أبجله مثلما يفعل الأنصار تجاه الصادق المهدي، أو الختمية تجاه محمد عثمان الميرغني. كلا هذين الأخيرين ليس لهما فكر مستقل، واضح، جديد، ومثير لأدوات التفكير مثل الفكرة الجمهورية. وكلا الرجلين الأخيرين كانا عاشا في ظلال الهوس الديني والطائفية، فلم يقاوماها كما قاومها الأستاذ محمود. بل إن كليهما، على تفاوت بيهما أسهما في ترسيخ دولة الهوس قبل أن تأتي دوله الهوس. ثم إن كلا الرجلين الأخيرين مازالا يعيشان في بحبوحة من العيش، بعد أن اختارا عدم الصمود لهوس الجبهة كما واجههه الأستاذ محمود بفروسية فكرية وخلقية سودانية منقطعة النظير في عالمنا المعاصر بأسره، خل عنك في السودان، هذا القطر المتخلف بسبب وباء والهوس، الإبن الشرعي للطائفية!
    الأستاذ محمود ابتسم للموت وللقاتل وللحبل وللمشنقة وللمتجمهرين حولها يهللون لموته، لأنه يعرف بأن في الموت بهذه الطريقة الحياة، كل الحياة. وذلك لأن الله الحي، لا يسمح لشهيد بأن يموت ميتة جاهلية. ولهذا كله فإنني حين أتحدث عنه باعتباره سيدي وسيد شهداء أهل السودان، فإنني أتحدث عن قيمة إنسانية، أحيت الناس بالموت في سبيل القيمة الإنسانية. إنني لا أتحدث ههنا عن "شيخ" أخضع له تفكيري. إنني أتحدث عن أستاذي الذي علمني كيف أفكر لذاتي، بذاتي، بمعزل عن الخضوع له.
    بل أكثر من ذلك فإن أبي الشهيد كان يؤذيه بالغ الأذى أن يفكر عن أحد بالحوالة. ولهذا فإن أكثر كلمة سمعتها منه، وهو يعلمنا كيف نفكر لذاتنا، بذاتنا، هي كلمة "نسمع" في جملة "نسمع زيادة،" التي كان بحرك بها مجريات جلسات الحوار الطويلة داخل المجتمع الجمهوري. أرجو أن تتاح لي، أو لأيٍ من الإخوان الجمهوريين المساهمين هنا، أن نفصل حول سيرة تلك الجلسات، وكيف كان يديرها أبونا الأستاذ الشهيد، وكيف كنا نفكر لذاتنا بمعزل عن أي ضغوط فكرية أو تنظيمية أوقيادية، رغم أن بعضنا لم يكن بعد قد فك أسر نفسه من العقل الجمعي. ثم كيف فشلنا نحن، كجمهوريين، عن أن نكون في المستوى الذي نرضاه من التفكير الحر، رغم ما حققناه من قدر سامٍ في هذه الناحية بالمقارنة مع غيرنا من المنتمين لتنظيمات أخرى.
    هذا هو "الرجل" الذي أقل ما يقال عنه هو أنه "سيد شهداء السودان. وسيدي. وسيد الناس." ثم إن هذا رأيي، على كل حال، وأنت لست ملزماً به، ولم أرفع في وجهك سلاحا لكي أرغمك به، مثلما حاول الأنصار ذلك حين قالوا "البلد بلدنا ونحن أسيادها."
    سيادة الأستاذ محمود لنا سيادة فكرية خلقية، وليست سيادة بالسيف، أو سيادة إكراهية. المقارنة الواردة من جانبك، كشأن كل مقارنة تأتي ممن يتأذي بنقدنا للطائفيين، غير منصفة. وإلا فإني أريد أن أسمع رأيك عماذا تقول في شخص بذل نفسه من أجل الإسلام ومن أجل السودان، بهذه الصمامة، الفكرية، والخلقية. وبهذه الفروسية التي لم يجرؤ أحد من "الأسياد" الحاضرين اليوم بتمثل ربع العشر منها!

    الأخ الحبيب دكتور ياسر،
    كتابتك بعاليه، لا تضيف كثيراً لما دار بيننا في "صالون الجمهوريين،" وبعض ما دار في هذا المنبر الحر قبل فترة. أرجو أن تتمكن من تلخيص ما دار بيننا. وأعد بأنني سأخرج للناس بما دار بيننا هناك إلى هنا. وذلك عن طريق تلخيص حواراتي الطويلة معك، ومع غيرك من الإخوان والأخوات، لكي يكون الشعب السوداني على علم بما يدور في مخيلة هذه الشريحة الخيرة من أبنائه وبناته البررة.

    الأخ الكريم عادل عبد العاطي،
    لقد نفذت أنت إلى جوهر هدفي من هذا الحوار، ومن "تشميسي" لما يدور بيننا، نحن الجمهوريين، حين قلت بأن الغرض منه ليس التطاول على القيادة، ولا هو إبراز نفسي كقيادة بديلة كما ذهب إلى ذلك، زوراً وبهتاناً، بعض الإخوة الأفاضل من المتداخلين ههنا.
    الغرض من هذا الخيط هو تشميس حوارات الجمهوريين، وتشميس مجتمعهم، الذي كادت تقتله الانكفاءات القاتلة. وذلك لكي يكون الراي العام الحر والسمح هو الحكم على ما يدور بيننا. هذه الانكفاءة في مجتمع مغلق، يضع نفسه فس صندوق صغير مظلم محكم الإغلاق، في تقديري، سببها هو التخاذل الأول بعد تنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود. وعلى الرغم من أن كلمة "تخاذل" هذه قد تبدو قاسية للبعض، ولكنها تصف تماماً واقع ما حدث يوم الاستتابة، وما تلاه من "تخاذل" شبه جماعي للجمهوريين.
    ليس الغرض من نقد أستاذ عبد اللطيف، وبعض قيادات الجمهوريين، هنا هو التقليل من شأن هذه القيادة في المستوى الشخصي. فإن هذا أبعد ما يكون من الحقيقة. فإنه، قطعاً، لولا أستاذ عبد اللطيف، وكل من سبقونا في التزام الفكرة، لما وصلت إلينا الفكرة الجمهورية، ولما تشرفنا بشرف الانتماء لها. بهذا فإن فضلهم علينا لا ينكره إلا عاق. أعوذ بالله، وألوذ إليه، أن أكون من العاقين. ولكن، شرف الانتماء كأن "لفكرة" عظيمة أولاً. كان "للحق" أولاً. فإننا عرفنا عبد اللطيف عمر بالحق، ولم نعرف الحق بعيد اللطيف عمر. وقد عرفنا أستاذ عبد اللطيف بعد أن عرفنا الفكرة الجمهورية بفترة. إذن، نحن التزمنا بالفكرة الحق، وليس بعبد اللطيف. احترامنا وتقديرنا لعبد للطيف ينبعان من تبجيلنا واحترامنا وتقديرنا للأستاذ محمود ولفكرته الحق.
    ولهذا فإننا مطالبون أمام الله، وأمام أنفسنا، ثم أمام الناس أن نظل متمسكين بالحق، وإن إنصرف عنه بعض أكارم الناس بعد أن استذلهم الشيطان ببعض ما كسبوا. أستاذ عبد اللطيف كان، وما زال، ولن ينفك يكون من أكارم الناس، على أيسر تقدير في ظني الحسن به. ولكن، شتان ما بين أن تكون من أكرام الناس، وأن تكون قائداً لأكارم الناس.

    الالتزام بالحق هو بغيتي. فإن تعثر عنه قيادي من القياديين فإنني مطالب، بمنطوق الفكرة الجمهورية نفسها، التي تعلي من ِان الحرية الفردية إيما إعلاء، وبمنطوق قاعدة "الطاعة بفكر، والمعصية بفكر" أن أعينه على إلا يتعثر. مأ أرجوه الأن ليس هو إزاحة الأستاذ عبد اللطيف عن قيادة دفة الجمهوريين، وإحلاله بأي شخص مهما كان. فهو أقدر الناس على أن يقودهم الآن. ولكني أرجو منه أن يفعل الآتي حتي يعيد تأهيل نفسه بالعودة إلى حيث كان من التزام صارم بالحق:

    1. أن يدير حواراً حراً بين الجمهوريين عن: لماذا استجاب للمستتيبين؟ لماذا نطق بحق الأستاذ محمود ما يندى للنطق به أي إنسان حر، في حق أي إنسان حر، خل عنك أن يكون هذا الإنسان هو أستاذك، ومربيك منذ الصبى؟ ماهي انعكاسات الاستتابة، واستجابة عبد اللطيف المذلة لها، على باقي الجمهوريين، وعلى صمامة قناعاتهم بالفكرة الجمهورية، وبثمرات "طريق محمد" عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم؟ ألم يكن بامكان أستاذ عبد اللطيف أن يصمد مثلما صمد الأستاذ العظيم البار الباقر الفضل، والباشمهدس الصنديد مصطفي محمد صالح؟ ماذا كانت ستكون تبعات الصمود، إن قدر له أن يكون؟ أما تبعات الاستكانة والتخاذل والتقاعس عن التزام الحق فهي ظاهرة للعيان اليوم في هوان الجمهوريين بين الناس. حتى أن الأخ الكريم إسماعيل وراق، والأخ الكريم ودقاسم يشيرون إلى عدم قدرتنا على التأثير مع أننا بينهم ونناقشهم في أعقد القضايا من خلال فكر الأستاذ محمود المؤثر النفاذ.

    2.ألم تكن الثورة الفكرية والثقافية هي موعودنا للسودانيين إن صمدنا بأن نعيش الحق كما تعاهدنا عليه مع بعضنا البعض، ومع أبينا الشهيد قبل ذلك؟ ألا يمكن أن نعيد التعاهد مرة أخرى بأن نتوب عن خطيئتنا الكبري في تكفيرنا لأبينا مع المكفرين؟ ألا يجوز بعد كل هذا أن نقول بأن عبد اللطيف، كقيادي، يتحمل عبئاً كبيراً، من الخلل الذي حدث في مجتمعنا وفي القيام بدوره الريادي -وسط خيرة مثقفي السودان-في ترسيخ مبادئ الثورة الفكرية والثقافية؟
    3. بعد إدارة هذا الحوار المرتقب عن الاستتابة وعن أثرها في تعطيل شعلة الثورة الفكرية والثقافية، وبعد أن نخلص منه بخلاصة قيمة، يجب أن نعتذر للشعب السوداني عن أننا خذلناه مع المخذلين. فإن طول أمد الهوس الديني لهو نتيجة طبيعية لما حاق بالأستاذ محمود وبالحرية والأحرار في بلادي. وقد أصبحنا كلنا، كجمهوريين، نعم، كلنا، وليس عبد اللطيف لوحده، جزءاً من المكفرين والقتلة والمهووسين يوم رضخنا للهوس، ولآلته الطاحنة. ولكن لا يختلف معي أحد على أن القيادة تسمى هكذا "قيادة" لأنها تقود. ولو أن عبد اللطيف كان في المستوى لنهض بواجب تلك القيادة. ولكنه كان قد سبق عليه الكتاب. فقد قال الأستاذ محمود كثيراً، كماأشرت من قبل، بأن:
    قيادات الجمهوريين "أقزام." كما قال بأن الشعب السوداني شعب عملاق، يتقدمه أقزام!
    لم يكن عبد اللطيف، ولم نكن نحن لنقدر أن نكون غير ما نحن كنا كائنيه. هذا حق. ولكن، لا يجب أن نصمت عن تبيين الحق فيما يجب أن نكونه، بعد تسعة عشرة عاماً من ذلك الوقت. يفترض فينا، أننا في فترة العقدين الاخيرين قد طورنا أدواتنا الفكرية والشعورية لنستوعب مغزى، ومعنى، ومدلالولات حدث التنفيذ، في حيواتنا الخاصة والعامة. كما أنه يفترض أن نكون قد بدأنا نخرج من عقابيل عقلنا "الجمعي" "الشمولي" إلى باحات الحرية الفردية المطلقة، والقدرة الخاصة على التمييز بمعزل عن إيحاءات الجماعة وضغوطها. كما يفترض فينا كذلك أننا قد أصبحنا مفكرين أحرار، كما كان يتوق، ويرضى، لنا أبينا أن نكون.
    يفترض فينا أن نكون قد تحللنا من القيود السالبة للعقل الجمعي، لأي جماعة ننتمي لها. وذلك، أياً كانت هذه الجماعة، جمهوريين أو غير جمهوريين، سودانيين أو غير سودانيين، مسلمين أو غير مسلمين، رجال أو نساء، وهكذا. يفترض فينا أن نكون قد انعتقنا من أسر الطائفية البغيضة داخل مجتمعنا الجمهوري، وداخل مجتمعنا السوداني، وداخل مجتمعنا كرجال أو نساء نتعاطي خرافات التسلط الذكوري أو التخضع والتذلل الأنثوي.
    4. بعد الاعتذار للشعب السوداني مباشرة، يجب أن نعيد الحركة والتنظيم على أسس جديدة تتواكب مع متطلبات المرحلة الراهنة. وأن تكون هذه الأسس مبنية على الأدوات المتاحة اليوم لنشر الفكرة الجمهورية. فإن أدوات الماضي كانت حبيسة وقتها. أما أدوات اليوم فهي بنات اليوم. ولا يخفى على أحد بأن هذا الحوار، في هذا الخيط، نفسه لما تم بهذه الجرأة، وبهذه الشفافية، وبهذه القوة، لولا توفر هذه الوسيلة الحاسوبية القوية، التي لم تكن تتوفر في الماضي. ليس هذا فحسب، لو تحدث أحدنا في الماضي القريب عن أنه لن تكون عليه رقابة من أي فرد، أو أى جماعة، أو أي دولة، أوأي حكومة، أو أي ديانة، في أن يعبر عن رأيه عما يريد -كمافعلتم أنت هنا وفعلت أنا- لنعتنا بالمثالية والتخريف، والخيال المريض. لقد أصبح الخيال واقعا، وأصبحت المثالية واقعية، والتخريف لم يعد تخريفاً فيما يتعلق بثورة الاتصال، وتمدد وسائلها.
    5. في الواقع القطري الجديد في السودان، وفي واقعنا الإقليمي، والكوكبي، ليس هناك غير الجمهوريين، وليس هناك غير الفكر الجمهوري لإخراج الناس من وهدة الهوس الديني ومن باطل الطائفية. لهذا فإن الجمهوريين يجب أن يخرجوا بمزاوجة العمل الفكري المشار إليه في النقطة السابقة، بالعمل السياسي الجاد. وهم بهذا سيضربون للناس نموذجاً مختلفاً تمام الاختلاف عما ألفه الناس من عمل سياسي في السابق. فالجمهوريون متربون تربية عالية على النسق النبوي الشريف. وهم زاهدون عن المناصب، وعن دنيا الناس. مع ذلك فهم يفهمون أهمية التفاني في العمل العام، وفق مفهوم تربوي عميق للسياسية بأنهها " سياسة أمور الناس وفق الحق والعدل." وهم بهذا يفهمون بأن مهام المناصب ليست تشريفاًت، وإنما هي تكليفات في "خدمة الناس." الجمهوري يفهم أنه "خادم للناس" من خلال المنصب، وليس سيد لهم. والمنصب هنا لانعني بها الوزارة، وإنما أي موضع يضعنا فيه الله سبحانه وتعالى. وبما أن الجمهوريين، وغيرهم من المثقفين، بحكم تأهليهم الخلقي والفني، معلمين وقياديين من النسق العالي، فإنه لا مناص من أن يتعاملوا مع المسؤولية التي حملهلم لها الله وفق ما تقتضيه هذه المسوؤلية من ترسيخ وتعميق وتحريك للعمل العام. وذلك من منطلق كونهم "قادة رأي." وفي علم الاتصال نرى أن م أساسيات تكوين الرأي العام السمح وجود قادة للرأي يتحلون بالرأي السمح وبالخلق السمح.

    6.على الجمهوريين أن يفهموا بأنهم إن لم ينهضوا بالفكرة فإن غيرهم سيتلقطها وينهض بها، كان على ربك حتمامقضياً. وهذا الخيط دليل على ذلك. فإن الذين أثروه هنا من غير الجمهوريين عددهم أكبر من الجمهوريين، مع أن عدد الجمهوريين في هذا المنبر أكبر من عدد المشاركين هنا بكثير. ولم يشارك من لم يشارك من الجمهوريين إلا لأنه ممتعض من "تشميسي" للمسكوت عنه. ولا أذيع سراً هنا بأن نشري لهذا النوع من النقد داخل "صالون الجمهوريين" قد أدى إلى فصلى من قبل مدير الصالون عمر عبد الله هواري، من الصالون، لعدة أيام، وهو عضو في هذا المنبر، وقد اختار ألا يشارك هنا لنفس السبب.
    لم يصمت الجمهوريون لفصلي هناك قبل عدة أيام. وقد أضطر عمر عبد الله، اضطراراً، بفعل ضغط الراي العام داخل المجتمع الجمهوري إلى إعادتي للصالون. وهذا دليل حي على أن مجتمعنا، رغم كل سلبياته التي بموجبها يفصل عضو من منبره، فإن له القدرة على أن يخضع سلطان المتجبرين إلى سلطة الرأي العام السمح. ولاشك عندي بأن معظم السودانيين جميعهم "جمهوريون" بطبعهم، بمعنى أنهم مع قيم العدل والمساواة والحرية، التي ينادي بها الجمهوريون، والتي نادت بها الثورة الفرنسية حين تم صك كلمة "جمهوري." وبهذا فإن السودانيين مادة طبيعية، تعشق الحرية، ويمكنها الالتزام بمنطوق الفكرة. باختصار، فإن الفكرة ليست حكراً للجمهوريين، وقد قال الأستاذ محمود للجمهوريين بأنهم إن لم يلتزموها فإنه سياتي غيرهم ويلتزمها فيفوتنا شرف الانتصار لها وبها.

    7. يجب أن يفهم الجمهوريون بأنهم خاضعون لسطلة الرأي العام السوداني التي يجب أن يسهموا في ترسيخها، وذلك بتشذيب وتهذيب أدوات التفاعل الديمقراطي الحر والبناء مع كافة قطاعات الشعب السوداني. وذلك بأن يعودوا، كما كانوا، جزءاً متفاعلاً مع المجتمع، لا منغلقاً عنه، مزدرياً له. ثم، لا يجب أن يترك المثقفون السودانيون من غير الجمهوريين أعضاء المجتمع الجمهوري يرتكسون إلى الخضوع والذل والكسل والهوان بسبب خبث ودهاء وقسوة الهوس الديني والطائفية وأدواتهما.

    أخي الحبيب النور،
    أختلف معك في كون تنظيمنا غير قائم. يبدو أنك لم تقرأ مساهمتي الثانية المطولة التي تناولت فيها هذا الأمر. وقد جاء في تعليقي على هذه النقطة هناك الآتي:

    1.التنظيم لم يكن قد حل إلا إسمياً، وذلك لتغطية الانخذال والانكسار السياسي. فقد توقف نشاط الجمهوريين السياسي، ولكن أستمر التنظم بنفس هيئة قيادته بدون أي توقف. ولم يحل التنظم نهائياً، بل كان هناك إيحاء بأنه قد حل حتى تتم تغطية الخطيئة الكبري، بمبرر أنه لا يوجد أحد يستطييع أن يقود التنظيم للقيام بالعمل السياسي. فإنه من الناحية العملية استمر أستاذ سعيد في قيادة التنظيم وأستمر كل القياديين الأخرين في مواقعم القيادية، وظلوا يشرفون على كافة شؤون المجتمع إلا الشأن الفكري والشأن السياسي، الذي أوحوا للناس بخصوصه أن التنظيم قد حل. ثم عندما ابتلع الجمهوريون حجة أن التنظيم قد حل، وبأن الحركة وقفت، وبأنهً ليس هناك نشاط فكري ولا سياسي، استأنفت قيادة الجمهوريين الحركة الاجتماعية و إدارة دفة "التنظيم-المحلول" القائم. وذلك لأن هناك مزايا جمة من استئناف النشاط الاجتماعي.
    2. هيأ استئناف النشاط الاجتماعي، و وايقاف النشاط الفكري والسياسي، الفرصة للقيادة لممارسة دورها القيادي والتمتع بطاعة البعض ممن أرتضوا أن يحيلوا تفكيرهم لهؤلاء. ولكن هذا الدور أخذ شكلاً طائفياً واضحاً في بعض الجيوب المتحلقة بالقيادة. فالقيادة لا تسآل ولا تعصى بفكر من هذا البعض. بل إن هذا البعض الذي ينال حظوة لدى القيادات يوحي لبعض صغار الجمهوريين الجدد بأن معصية القيادة أمر في غاية الخطورة من الناحية الروحية. وقد نتجت عن هذا الهوس بعض الممارسات الخاطئة في الشكل والجوهر. هذه الأخطاء لم يكن إيقاف النشاط الفكري والسياسي إلا مقدمة طبعية لها. وبالإضافة لبعض صور الطائفية، فقد ظهرت جيوب من الجمهوريين المتهوسين الذي يحيليون كل شئ للنص، ولا يقبلون التفكير الأصيل في النص.
    3. هناك مزايا جمة للتواجد في مجتمع رحيم متكافل مثل مجتمع الجمهوريين. وقد ظلت قيادة الجمهوريين تعتمد اعتمادا كبيراً في الكثير من شؤونها الاقتصادية بعد إستشهادالأستاذ محمود، على الجمهوريين العاملين بالخارج. حل التنظيم اجتماعياً كان سيحرم القيادة، والكثير من أعضاء التنظيم، من هذه المزية الكبرى.
    4. استئناف النشاط السياسي كان سيعني الجرجرة للسجون وبيوت الأشباح وربما المقاصل، وهذا ما لا يقدر عليه أي شخص يكفر أي مفكر، دع عنك أن يكون هذا الشخص من أبناء الأستاذ محمود الهمام الداعية الأول للإسلام، والفارس الأول بين شهداء السودان. من ينخذل بعد أن يتربى علي يد الأستاذ محمود لأكثر من ثلاثة عقود وهو قريب عهد به، فإنه لا يتوقع أن يصمد أمام أي أمر جلل، وهو بعيد عهد به.
    هذه جملة أسباب من عدة أسلباب أخرى سوغت للبعض بأن التنظيم قد حل، في حين أنه من الناحية العملية لم يكن قد حل. وقد كان في التسويغ البارع بعدم وجود النشاط السياسي بسبب حل التنظيم، مع الاحتفاظ به من الناحية العملية، دور كبير في تضليل العديد من الجمهوريين، وبالأخص القواعد المستجدة منهم.
    والمؤسف هو أننا كنا حين نناقش هذا التناقض نرمى من بعض سدنة القيادة بأننا خارجين على الملة، تماماً كما يحدث في الجماعات الطائفية والدينية المتهوسة.

    في الحلقة القادمة سأرد على أخي دكتور النور، والأخ دكتور ياسر الشريف، وعلى الأخ ودقاسم، والأخ دكتور الصاوي. كما سأتحدث عن الجانب الآخر من المعادلة داخل المجتمع الجمهوري. فقد كانت هناك، طوال الفترة منذ تنفيذ حكم الاعدام، أراء جريئة وقوية من قطاع عريض من الجمهوريين لم يرتض هذا الوضع المسف المذل، المحقر للقيمة الإنسانية. وسأتحدث بالتفصيل عما ظل يدور من حوارت كنت طرفاً أصيلاً فيها عن التنظيم والحركة بحكم أنني لم أوافق القيادة الراهنة على الانكسار منذ البداية، وإن اخترت إلا أواجهها في وقت لم أملك فيه أدوات للمواجهة.
    أما ألان، فإنني -بفضل الله علي وعلى قطاع عريض من إخواني الجمهوريين وأخواتي الجمهوريات ممن لم يرتضوا الذل والهوان والانكسار، بل والتكفير لأبينا الكريم- أمتلك الأدوات والخبرة، من داخل المجتمع الجمهوري وخارجه، بما يمكني أن أنقل ما يدور في أوساطنا كجمهوريين من جدل إلى الساحة الفكرية والسياسية السودانية، دون وجل أو تهيب. وإني لأرجو من هذا الكشف لوضع الجمهوريين أن أضعهم أمام عدسات الرأي العام الكاشفة. فإنه بهذا وحده نستطيع تكوين راي عام جمهوري، وسوداني، سمح. وذلك تحت سمع وبصر شعبنا الحبيب الذي ظل يتنظرنا، فلم يظفر منا بشئ، بسبب تهالك قياداتنا عن أداء واجبها الشريف، الذي مرغته في التراب.
    أشعة شمس الراي العام وحدها هي القادرة على استفزاز وحفز الجمهوريين لإعادة الفكرة الجمهوريين للشعب السوداني. وذلك إما بأن يحملوها هم، أو أن يتركوا الناس لحملها، فينزاحوا عن حجبها عنهم. وقد قال الأستاذ للجمهوريين مراراً بأن الله يمكن أن يستبدلهم بغيرهم إن لم ينهضوا بمسؤلية الفكرة الجمهورية. وهذ المسؤولية تكن في أن يعيشوها في اللحم والدم فتظهر في شمائلهم، وفي مواقفهم الفكرية والسياسية، وفي سلوكهم الخاص والعام، في شتى ضروب الحياة.
                  

العنوان الكاتب Date
الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Haydar Badawi Sadig11-27-03, 08:13 PM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! muntasir11-27-03, 09:12 PM
    Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Haydar Badawi Sadig11-28-03, 04:14 PM
      Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! الطيب بشير01-25-04, 07:58 AM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! adil amin11-28-03, 05:22 PM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! kamalabas11-29-03, 01:24 AM
    Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Dr.Elnour Hamad11-29-03, 05:34 AM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Yasir Elsharif11-29-03, 11:16 AM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! ودقاسم11-29-03, 02:17 PM
    Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Abureesh11-29-03, 03:05 PM
      Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! ودقاسم11-29-03, 03:13 PM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Alsawi11-29-03, 02:37 PM
    Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Haydar Badawi Sadig11-29-03, 09:42 PM
    Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Dr.Elnour Hamad11-29-03, 09:59 PM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! omar ali11-29-03, 11:20 PM
    Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Dr.Elnour Hamad11-30-03, 01:14 AM
      Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! إسماعيل وراق11-30-03, 08:51 AM
        Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Dr.Elnour Hamad11-30-03, 11:39 AM
          Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! إسماعيل وراق11-30-03, 11:50 AM
          Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! doma12-01-03, 11:49 AM
        Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Abdel Aati11-30-03, 02:26 PM
          Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Dr.Elnour Hamad11-30-03, 07:58 PM
          Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Abureesh11-30-03, 08:33 PM
            Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Haydar Badawi Sadig11-30-03, 10:28 PM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! omar ali11-30-03, 11:28 PM
    Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Dr.Elnour Hamad12-01-03, 00:19 AM
      Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Dr.Elnour Hamad12-01-03, 05:48 AM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! omar ali12-01-03, 09:00 AM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! ودقاسم12-01-03, 10:46 AM
    Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Abdel Aati12-01-03, 12:47 PM
      Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Abureesh12-01-03, 02:33 PM
        Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Abdel Aati12-01-03, 03:08 PM
        Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! ودقاسم12-01-03, 03:25 PM
          Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Abureesh12-01-03, 04:10 PM
            Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! إسماعيل وراق12-02-03, 09:16 AM
              Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Dr.Elnour Hamad12-02-03, 10:24 AM
            Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! ودقاسم12-02-03, 11:55 AM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Emad Batran12-02-03, 11:41 AM
    Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! أحمد أمين12-02-03, 01:30 PM
      Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Shinteer12-02-03, 01:50 PM
        Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Haydar Badawi Sadig12-03-03, 00:42 AM
          Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! degna12-03-03, 02:47 AM
            Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Haydar Badawi Sadig12-03-03, 08:22 PM
              Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! degna12-05-03, 10:10 AM
  الفكرة الجمهورية .. الطرق الصوفية .. والطائفية Yasir Elsharif12-05-03, 09:53 PM
    Re: الفكرة الجمهورية .. الطرق الصوفية .. والطائفية Haydar Badawi Sadig12-07-03, 09:46 PM
      Re: الفكرة الجمهورية .. الطرق الصوفية .. والطائفية Yasir Elsharif12-14-03, 03:01 PM
        Re: الفكرة الجمهورية .. الطرق الصوفية .. والطائفية Yasir Elsharif12-16-03, 02:12 AM
          Re: الفكرة الجمهورية .. الطرق الصوفية .. والطائفية Haydar Badawi Sadig12-16-03, 07:47 PM
            Re: الفكرة الجمهورية .. الطرق الصوفية .. والطائفية Yasir Elsharif12-16-03, 08:25 PM
              Re: الفكرة الجمهورية .. الطرق الصوفية .. والطائفية Haydar Badawi Sadig12-17-03, 04:23 AM
                Re: الفكرة الجمهورية .. الطرق الصوفية .. والطائفية Yasir Elsharif12-17-03, 06:42 PM
                Re: الفكرة الجمهورية .. الطرق الصوفية .. والطائفية Yasir Elsharif12-17-03, 08:16 PM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! الطيب بشير01-19-04, 01:01 AM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! الطيب بشير01-19-04, 02:37 AM
    Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! د.أحمد الحسين01-19-04, 12:54 PM
      Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! الطيب بشير01-19-04, 08:45 PM
      Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Yasir Elsharif01-21-04, 08:21 AM
        Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! الطيب بشير01-21-04, 08:36 AM
      Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! adil amin01-26-04, 11:54 AM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! الطيب بشير01-26-04, 05:59 AM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! حمزاوي01-26-04, 02:02 PM
    Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Haydar Badawi Sadig01-26-04, 09:09 PM
      Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Haydar Badawi Sadig02-07-04, 08:56 PM
  Re: الجمهوريون: الفكرة والمجتمع؟! Yasir Elsharif02-09-04, 01:31 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de