الإخوة الأعزاء
أسف للتأخير في الرد. والسبب أنني تلقيت الأسئلة وأنا في المكتب. وبعد أن بدأت الردود أضطررت إلى مغادرة المكتب بسبب العمل، ولم أعد إلا قبل إغلاق المكاتب بقليل، وأصبح لزاما علي أن أنتظر حتى الغد لأواصل الردود. وهانذا أرد يوم 25 على أسئلة يوم 24.
أولا الأخ قرشو
في تقديري أن المنظور الوهابي، منظور محدود، ولا يملك أي قدرة على التصدي، لقضايا العصر. الوهابية فكرة موغلة في السلفية. وهي فكرة تحمل الكثير من العداء للصوفية، وتعتبر التصوف، بدعة، وضلالة. يضاف إلى ذلك، فهي أيضا تعادي الشيعة عداء سافرا، وتصفهم بـ (الرافضة). وهذا يجعل الوهابية فكرة مصادمة لتدين القطاع الأكبر من المسلمين، من المغرب، وحتى شبه القارة الهندية. وبهذا المعنى فهي ليست ضد الجمهوريين، وحسب، وإنما هي ضد كل فضاء التصوف، على اتساعه، وتنوعه. وهي ضد كل فكر الشيعة، كما تقدم. وهي بهذا المعنى ضد السواد الأعظم من المسلمين. الوهابية لا تختلف فقط، مع خصومها، وإنما تذهب إلى درجة تكفيرهم، جملة واحدة. وهي في تقديري فكرة محدودة الإنتشار، ولا تمثل أكثر من ظاهرة دينية سعودية، وبالكاد تصل درجة أن تكون ظاهرة خليجية.
والوهابية اليوم، مواجهة من قبل أمريكا، بوصفها منتمية إلى منظومة الأفكار السلفية المتطرفة التي يتجذر فيها الفعل الإرهابي، ويجد فيها مبرراته الدينية، والأخلاقية. ولكنها أيضا أضحت مواجهة بالنظام السياسي السعودي، نفسه. فقد سببت له مؤخرا حرجا كبيرا مع العالم الغربي، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي كان قوامها شباب سعودي. كما أن المؤسسة الدينية، وفهمها الموروث، يقفان حجر عثرة، أمام محاولات التحديث داخل المملكة نفسها. وإذا لم تتمكن المملكة من إجراء إصلاحات جوهرية، وبأسرع وقت، فسوف تجد نفسها جزيرة معزولة، حتى بين جيرانها الخليجيين، الذي بدأوا يغذون السير، في مضمار الإصلاحات السياسية، وخاصة ما يتعلق بالحقوق الدستورية، وخاصة حقوق المرأة.
المعركة الآن بين معسكرين تقريبا: معسكر الأسرة المالكة السعودية، والمستنيرين السعوديين، من جهة، ومعسكر المفاهيم التي ثبتتها، عبر سنين طويلة، المؤسسة الدينية الوهابية المنشأ، والوهابية التوجه. ورغم أن بعض قيادات المؤسسة الدينية قد أظهرت وقوفا مع الأسرة المالكة، خاصة في شجب التفجيرات الأخيرة، إلا أن القواعد المتطرفة،التي تتلمذت على هؤلاء العلماء أنفسهم، وهي قواعد واسعة، وليست جيوبا معزولة، كما يظن البعض، قد أخذت تبدي رأيها في العلماء أنفسهم. بل وتصل إلى درجة وصفهم، بـ (فقهاء السلطان).
لقد علت كثير من الأصوات اليوم داخل المملكة العربية السعودية، من على صفحات الصحف، ومن على شاشات القنوات التلفزيونية، في مواجهة جمود المؤسسة الدينية، مطالبة، بتغيير مناهج التعليم. وقد وقف علماء الدين السعوديين، ضد الهجمات الإرهابية الأخيرة في الرياض، وجردوها من أي غطاء ديني، أو جهادي، كما تقدم. غير أن ذات العلماء، لا يزالون ينظرون إلى عملية الإصلاح في جملتها، بعين الريبة. فالوضع إذن، بالغ التعقيد.
الشاهد هو، أن البقاء على الأفكار الوهابية القديمة، لفترة طويلة من الوقت، قد خلق رأيا عاما يتسم في عمومه بالسلفية. فحين يتم تدريب الناس، وتعليمهم في المدارس، وفق مفاهيم دينية ترفض الإختلاف، وتجنح للتكفير، يقود ذلك في نهاية الأمر، إلى خروج الأمر من اليد، خاصة حين يصبح الإصلاح أمر مطلوبا، وملحا. وقد حدث هذا لحركة الإخوان المسلمين السودانية. إنظر أين انتهى الأمر، بمرشدهم.الحركات الدينية المتسمة بالغلو، وبالعنف، وبالتشدد، تنتهي، غالب الحال، بفتن في نهاية الأمر.
الأخ أبوقوتة
السبب في التشابه بين الجمهوريين يكمن في كونهم يستقون من نبع واحد. ونحن لسنا على خلاف مع المتصوفة، إلا في معنى أن التصوف كنهج قد أصبح غير قادر، بحكم الوقت، على الإستجابة لقضايا العالم الراهن. فقد استجد كثير من القضايا الجديدة في حياة الناس. ارتبطت بالتطورات السياسية والإقتصادية، وأصبح لابد للدين، من حيث هو، من أن يتعامل مع قضاياالسياسة. إذ أصبح الخلاص الفردي مرتبطا إرتباطا عضويا بالتعاطي في شؤون السياسة. والتصوف إنما جنح في الماضي إلى الخلاص الفردي، بسبب غلبة الدنيا على الدين عقب الفتنة الكبرى. فقد حاول سيدنا علي، كرم الله وجهه، وبنوه، إعادة الأمر على ما كان عليه، في عهد الشيخين. غير أن حكم الوقت لم يكن معهم. فانهزموا في المعارك الحربية، وأحاطت بهم الفتن، وقتلوا في نهاية الأمر. وآل الأمر لبني أمية. وبعد ذلك نشأ التصوف ولم ينشغل المتصوفة بالسياسة إلا نادرا، كما في حالة الحلاج المقتول. والجمهوريون يرون أن الوقت الراهن هو وقت السنة. وهو وقت العبادة، والمعاملة. وفي المعاملة تدخل السياسة. وأعني هنا المعاملة التي تتجاوز القدر الذي يتعلق منها بالعبادة في مضمار السعي للخلاص الفردي. وكما يقول متصوفة السودان (ما في دين بلا عجين). وهو نفس المعنى الوارد في الحديث (الدنيا مطية الآخرة). ولذلك فقد قال الأستاذ محمود قبل أكثر من ثلاثين سنة أن على مشائخ التصوف أن يخرجوا من بين الناس وبين النبي صلى الله عليه وسلم، حتى يصبح الجميع تحت شياخة النبي، كرفقاء سفر إلى الحج الأكبر. وأحيل من يقرأ إلى كتابي (الرسالة الثانية من الإسلام) و (طريق محمد) وذلك باتباع هذه الوصلة الإلكترونية
www.alfikra.org وقد جاء في المنشور الذي أصدره الأستاذ محمود إلى أهل الطرق، في منتتصف الستينات، الشعار القائل: (بتقليد محمد تتوحد الأمة، ويتجدد الدين).
ود قاسم
نعم يا ود قاسم أنا النور حمد عازف الأكورديون في حنتوب الثانوية، وقد أضفت إليه لاحقا العزف على العود وذلك عقب تخرجي من حنتوب, وشكرا للأخ عمر عبد الله الذي تكرم بتثبيت قصيدة إن جسمي هنا، وقلبي هناك. وقد سعدت حقا بمداخلتك. إذ كم هو منعش أن يقابل المرء في هذه الشبكة الدولية المدهشة، زملاء الصبا والشباب. خاصة زملاء الدراسة بحنتوب. أما الرسم فقد واصلت فيه، وقد كانت دراستي العليا في مجال التربية الفنية. ولذلك فلا أزال أرسم، وأعزف كلما سمح لي الوقت.
العزيز الموصلي
(يكفينا الله شر الأصولية) يا زول مالك مدخل الكلمات الزي دي في مجال الموسيقى.
كم أنا سعيد بأن أراكم في ايوا في الأيام القليلة القادمة.
نعم يا يوسف أنا أحب الحقيبة، ولكنني لا أتعصب لها. وحقيقة الأمر، أنا أحبها بصوت علي السقيد، وبصوت محمود عبد العزيز. فهولاء قد أخرجوها هونا ما من الرتابة، وأضافوا إليها تطريبا حداثيا، لم يكن فيها. ولا أكذب عليك، فأنا لا أحبها إطلاقا بأصوات الأربعينات من القرن الماضي. ومن الناحية الأخرى، فإنني أحب أيضا، ماريا كاري، وسلين ديون، وريبا ماكنتاير، والشاب خالد، وعمرو دياب، إلخ القائمة الغربية، والشرقية. الموسيقى لغة عالمية لا تحبسها حواجز الجغرافيا، والثقافة، والعرق. ولذلك فإن الميل إلى الميلودي، في إنشاد الجمهوريين جزء من حقيقة أن حركة الجمهوريين حركة عصرية. والمنتمون إليها قوم متناغمون مع إيقاع العصر، ونبضه. ولذلك كان لابد لهذا التواصل المعرفي الكوكبي، أن ينعكس أيضا على موسيقى إنشادهم. ونحن نتطلع إلى شخصكم الكريم في أخذ إنشاد الجمهوريين خطوة أخرى إلى رحاب العالمية، والمعاصرة، وذلك بما لكم من قدم راسخ في هذا المجال كمتخصصين. وما قمنا به نحن، ليس أكثر من محاولات متواضعة، نبعت فقط، من الموهبة الفردية، والمعارف العامة المتاحة للكثيرين، في عالم اليوم.
وختاما جزيل الشكر لـ (أبو فاطمة)
وشكرا لكم جميعا مرة أخرى.