|
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ (Re: بشري الطيب)
|
هذا الشيخ أمره عجيب..
وبعيدا عن هذا التاريخ المخجل والمؤسف لهذه الشخصية، فإن ما أذاعه هذه الأيام، بدعوى الاستنارة الدينية، لا يدل إلا على قصر نظر وتحجر فكر..
بداية فإن موضوع زواج المسلمة من غير المسلم (كتابيا كان أو غير كتابي)، وإمامتها للصلاة الشرعية، وتغطيتها لشعرها أو وجهها أو صدرها، أو شهادتها في المحاكم الشرعية.. كل هذه لا تعدو كونها شكليات ونتائج للمسألة الأساسية.. هي مسألة القوامة..
الترابي لم يتعرض لموضوع القوامة في مستواه، ونصه الواضح من القرآن ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم))..
لقد واجه الأستاذ محمود هذه القضية في مستواها.. حيث لا إمكانية لقيام مجتمع يتساوى فيه رجاله ونساءه بغير نسخ هذه الآية، وبغير المواجهة الصريحة للنص وإعلان أنه قد استنفد غرضه في هذه القضية.. بغير ذلك فإن ملبس المرأة وحرياتها الأخرى لن تعدو كونها عطايا من الرجل القيّم عليها في الشرع.. ما فائدة أن يسمح للمرأة بشيء من البراح في ملبسها وطريقة عيشها اليوم إذا كانت، في نهاية اليوم، لم تتمتع بهذا البراح إلا بعد سماح الرجل لها بذلك؟
الوضع السليم لعصرنا هذا هو رفع وصاية الرجل على المرأة تماما، واستبدالها بوصاية القانون (على الرجل والمرأة سويا)، وهذا لا يكون إلا بمواجهة نصوص صريحة في القرآن، وتطبيقات موثقة في تاريخ الشريعة، تقول بغير ذلك.. مسألة الناسخ والمنسوخ هي الباب الأصيل لحل قضية المرأة والرجل في المجتمع المسلم اليوم، وهي المسألة التي لم يلجها بالفكر الجسور المتيقظ والمنهجي غير الأستاذ محمود.. وظل البعض من دعاة التجديد (ومدعيه) يحومون حول هذه القضية دون أن يبلغوا شأوا كبيرا في الأمر.. والترابي اليوم يريد أن يلحق ب"مدعي" التجديد هؤلاء (وهناك فرق بين دعاة التجديد و"مدعيه") بأقاويل قديمة - قيلت من قبل - تفتقد للنظرة الدقيقة لعلاقة النص بالتاريخ والشرع المجتمعي..
الهندوسية الأصولية تسمح للنساء بأن يلبسن "الساري" و"الشولي"(وهو الملبس الذي يظهر من محاسن الجسد الأنثوي الكثير.. خصوصا عندما نقارنه بمواصفات الشرع الإسلامي وثقافة معظم الشعوب الإسلامية) وتسمح لهن أيضا بالاختلاط بالرجال في الطقوس التعبدية، وهناك من الهندوسيات القديسات من كان لهن أتباع كثيرين من الرجال (بمعنى أنهن كن إمامات.. حسا ومعنى).. ولكن، ورغم كل ذلك، فإن العلاقة الشرعية بين الرجل والمرأة في الهندوسية تقول بالسيطرة التامة للرجل على المرأة! وبأن الأب (ثم الزوج بعد الزواج) هو رأس المرأة وسيدها المباشر، ويملك السيادة عليها (حتى على حياتها) بصورة مباشرة، أيا كانت مكانة المرأة (دينيا أو اجتماعيا أو علميا)، وأيا كانت مكانة الرجل (كذلك).. (وهنا يمكن أن نشير للتطور العظيم في الشريعة الإسلامية حين أتت وجعلت للمراة حقوقا كانت غير موجودة البتة في الأديان السابقة لبعثة نبينا الكريم، سواءا كانت كتابية أم غيرها).. الهندوسية الأصولية تعمل بهذا التشريع منذ عهود سبقت نزول القرآن والرسالة المحمدية، ولكننا اليوم، وأمام المستوى المعاصر من حقوق الإنسان المطلوبة، لا يمكن أن نقول أن الهندوسية الأصولية تقر بحقوق المرأة، ققط لأنها سمحت لهن بارتداء "الساري" والاختلاط مع الرجال! فإن كان الترابي ومن يحاكيهم يحاولون أن يظهروا بمظهر المناصر لحقوق المرأة، فليس هذا هو الوجه الذي يجب أن يظهروا به.. المرأة اليوم يا سادة تطالب بحقها في أن تكون وصية على نفسها أمام القانون، ومن ثم لها بعد ذلك أن تقرر هي بنفسها، وفقا لمبادئها وقناعاتها، ماذا تلبس، في إطار القانون المدني الذي يكفل حرية التعبير وحرية نمط العيش للجميع (الحرية لنا ولسوانا)..
ومن أكثر ما يدل على غفلة هذا الشيخ، وعن عدم أهليته في التصريح بهكذا تصريحات، حديثه عن الحجاب.. يتحدث عن الحجاب حديثا أجوفا، يفرغه من معناه اللغوي والشرعي.. منقول من صحيفة الشرق الأوسط (واعتبر الترابي أن التعامل السائد الآن مع حجاب المرأة، لا يخلو من بعض الفهم الخاطئ لمقاصد الآيات القرآنية التي نزلت بخصوص حجاب والخمار للمرأة، لا يمكن تعميها، وقال إن آيات الحجاب تخص نساء النبي محمد، ونزلت بمعنى الستار الذي يفصل بين نساء الرسول صلى الله عليه وسلم وضيوفه من الصحابة وغيرهم، وأضاف «أما الخمار، فإنه جاء لتغطية صدر المرأة وجزء من محاسنها، ولا يعني بأي حال من الأحوال «تكميم المرأة») إذا فالترابي ينفي عن الشرع الإسلامي المعنى المتعارف للحجاب (وهو العزل والستار) ليقول أنه إنما نزل فقط بخصوص نساء النبي.. فهل هذا يعني أن الشرع الحنيف قد قرر أن "يكمم" نساء النبي فقط؟ أما النساء الأخريات فكفل لهن حق السفور؟
يا لهذه القسمة الضيزى! الترابي يتحدث عن الحجاب المعروف ويشبهه بالتكميم (وهو بالطبع حديث يدل على جهل مخجل بحكمة الحجاب في زمانه والظروف المجتمعية التي اقتضته في القرن السابع الميلادي)، ومن ثم لا يستحي أن يجعل هذا "التكميم" من نصيب نساء النبي، أمهات المؤمنين، لا لسبب سوى لأنهن نساء النبي! لماذا يا ترى يكون "التكميم" من نصيب زوجات النبي؟ وما هي حكمة الشرع في أن يكمم أمهات المؤمنين، ومن ثم يذهب ليهب بقية النساء المسلمات حقوقا عظيمة في الملبس والاختلاط، بشرط أن يغطين صدورهن "وجزء من محاسنهن"؟
بهذه الطريقة يجعل الترابي مجرد الزواج من النبي لعنة حطت بنساء النبي، في سياق تهافته الأعمى لادعاء الاستنارة والتجديد الديني.. كيف يمكن ان ينظر المسلم اليوم لنبيه، إذا نظر إليه بهذا المنظار (أنه يزعم أنه أتى برسالة فيها تحرير للمرأة، ومن ثم يحرم نساءه هو من هذا التحرير)؟
والحجاب الشرعي للمرأة، على أية حال (كما هو معمول به في الشريعة الإسلامية) يجعل من نساء النبي قدوة لنساء المسلمين (كما أن النبي هو قدوة الأمة من الرجال "خصوصا" بصفته رجلا).. والقرآن عندما يخاطب نساء النبي بالحجاب (كما يمكن أن يفهم من سياق النص) لا يعني ذلك أنه يتجاهل بقية النساء المسلمات في الخطاب (ودليل ذلك من تاريخ السيرة النبوية متوفر)، ومن يقول بذلك إنما لا يعي لغة القرآن، في أبسط مستويات خطابها.. القرآن في كثير من وصاياه كان يخاطب النبي الكريم بصورة مباشرة.. من الأمثلة ((يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين)) و((يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين.. )) و((يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين.. )) و((يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك..)).. فهل في هذه المخاطبات القرآنية تخصيصا للنبي وحده دون سائر أمته؟
وما رأي الترابي في آية كهذه ((يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلاليبهن.. ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين.. وكان الله غفورا رحيما)).. هل في هذه الآية أيضا تخصيص لزوجات النبي؟ أم أنها تتحدث فقط عن تغطية الصدر "وجزء من المحاسن" لنساء النبي وبناته ونساء المؤمنين جميعا؟
الحجاب الشرعي، كما هو في الشريعة الإسلامية (شريعة الرسالة الأولى)، هو حكم مرحلي لفترة كان فيها المجتمع ذا سيطرة ذكورية شاملة، وكانت فيه المرأة ضعيفة ومحتاجة لمن يتولى أمرها في ظرف مجتمعي فيه للقوة الجسدية والاقتصادية فضيلة فرضت نفسها (وهو مجتمع أقرب لمجتمع الغاب).. وعليه فإن الشريعة الإسلامية جاءت بتطوير لوضع المرأة في ذلك المجتمع بصورة تسمح بالتطبيق (في اطار الممكن عمليا)، إذ أن المرأة نفسها لم تكن مستعدة لأن تكون مساوية للرجل تماما في ذلك الزمان.. غير أن ذلك التطوير لم يكن الكلمة الاخيرة للدين في موضوع المرأة..
وكذلك موضوع زواج المرأة المسلمة من غير المسلم، فهي قضية ترتبط في الأساس بموضوع القوامة.. فإذا سقطت القوامة، فإن ما يترتب عليها يسقط بالتقادم.. وقد آن أوان سقوط القوامة..
الأستاذ محمود أسس لمنهج عتيد في تطوير التشريع الديني ومصاقبته للدستور الإنساني العالمي (مع تطوير وتنقية الدستور العالمي ذاته)، وعرض له تطبيقات محكمة ومسددة وواضحة.. الأستاذ محمود لم يلق الكلام على عواهنه، كأدعياء العلم من أمثال الترابي.. وشتان بين الثرى والثريّا..
والأستاذ محمود كان رجلا تطبيقيا، تجسيديا، لا يدعو لقيمة إنسانية قبل أن يجسدها.. لهذا فإنه حين دعا لتحرير المرأة، قدم نماذجا من النساء المتحررات الرائدات (بناته وتلميذاته)، اللائي كان لهن حق القوامة على أنفسهن (استحقاقا لا استجداءا) وكن، وما زلن، لا يعشن تحت سلطة تشريع الحجاب، ويختلطن مع الرجال (استحقاقا لا استجداءا) ومنهن من أصبحن جديرات بإمامة غيرهن من الرجال والنساء، حسا ومعنى، تحقيقا لقوله تعالى ((ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض، ونجعلهم أئمة، ونجعلهم الوارثين)).. فأين الترابي وأشياعه من مثل هذا المستوى؟
ولولا هذه "الهيلمانة" الاعلامية التي برع الشيخ في استغلالها، لما كان لحديثه ما يستحق كل هذا الاحتفاء (سواءا بالاستنكار أو التأييد)، إذ أن حديثه هذا فارغ جدا (باعتبار محتوى الحديث وباعتبار صاحبه)..
والتحية للدكتور مهدي، وللأستاذ عادل أمين، والاستاذ ياسر الشريف، وبشرى الطيب، وحبيب بلدو، وبقية رواد هذا الخيط..
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Dr Mahdi Mohammed Kheir | 04-13-06, 04:54 AM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | المكاشفي الخضر الطاهر | 04-13-06, 05:14 AM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Habib_bldo | 04-13-06, 05:24 AM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Dr Mahdi Mohammed Kheir | 04-13-06, 06:17 AM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Dr Mahdi Mohammed Kheir | 04-13-06, 05:33 AM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Yasir Elsharif | 04-13-06, 05:43 AM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Dr Mahdi Mohammed Kheir | 04-13-06, 06:47 AM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | المكاشفي الخضر الطاهر | 04-13-06, 05:44 AM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | مهيرة | 04-13-06, 04:55 PM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Dr Mahdi Mohammed Kheir | 04-14-06, 03:20 AM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | adil amin | 04-14-06, 08:26 AM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Dr Mahdi Mohammed Kheir | 04-14-06, 04:05 PM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | بشري الطيب | 04-15-06, 06:08 AM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Yaho_Zato | 04-16-06, 00:28 AM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Dr Mahdi Mohammed Kheir | 04-17-06, 04:30 PM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Dr Mahdi Mohammed Kheir | 04-17-06, 08:00 AM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | عوض محمد احمد | 04-18-06, 09:19 AM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Dr Abdelazim Abdelrahman | 04-18-06, 02:45 PM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Dr Mahdi Mohammed Kheir | 04-19-06, 04:27 PM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Dr Mahdi Mohammed Kheir | 04-19-06, 04:12 PM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | Nasr | 04-18-06, 07:58 PM |
Re: هل يسير الترابى على طريق الأستاذ محمود ؟؟ | عوض محمد احمد | 04-19-06, 05:56 AM |
|
|
|