|
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى (Re: ترهاقا)
|
وقــائع وذكــريــــــات
كنت في سهرة في بيت رئيس حكومة السودان محمد أحمد محجوب في الخرطوم ، وكان معظم من فيها من الكتاب والصحافيين والشعراء .. وحتى الوزراء الذين كانوا أعضاء في حكومته كانوا شعراء : يحيى الفضلي وزير التربية ، عبدالماجد أبو حسبو وزيرالاعلام ، محمد عبدالجواد وزير الاشغال العامة ، وكان من أصبح الآن وزيراً للخارجية اللبنانية جان عبيد ، جاؤوا على ذكر نزار قباني ((فتنطح)) المحجوب الذى عادى الشعر الجديد معاداة شديدة ، مثله مثل العقاد ، وصالح جودت ، وكامل الشناوي – صديقه الاثير – وقال لا يعجبني شعره .. يعجبني نثره ، فهب الحاضرون دفاعاً عن نزار ، حتى وزراؤه – وحتى محافظ البنك المركزي السوداني الذى كان بين الحضور – ومعه الممثل الشخصي السوداني الذى كان بين الحضور – ومعه الممثل الشخصي للملك الحسن ملك المغرب أحمد بن سودة ، الامر الذى جعل المحجوب يرفع كلتا يديه مستسلماً وهو يقول : سوف ندعوه لزيارة السودان لعلني أرى فيه ماترونه ، وأردف قائلاً : ((محمدية)) تول الامر أنت واحمل الدعوة إليه خلال أيام ، وهذا ماتم ، وحزم نزار حقائبه وسافر الى السودان ، وقد سبقته بيوم الى هنالك .
وفي السودان كانت فرحته الكبرى، وكانت البهجة التى غمرت كيانه كله ، ولو حكى نزار لي ماحدث له لما صدقت ، ولكنني شاهدت بأم عيني هذه ، كما يقولون .
استقبل بحق استقبال الفاتحين .. وأكاد اقول استقبل في الخرطوم كما استقبل الزعماء فيها أيام مؤتمر القمة سنة 1967 بعد هزيمة حزيران .
رأيت في الحالتين الجماهير تتدفق من الازقة والشوارع ، ورأيت السطوح تمتلىء بالناس وكذلك شرفات العمارات، وفضلا عن تسلق الاشجار للإطلال على موكب كل منهما ، لا بل رأيت الارض تنبع بالناس ، نساء ورجالاً ، فتية وكهولاً ... نساء محجبات وقورات – وفتيات كدن يمزقن ثيابهن عندما رأينه .. طلبة وطالبات ، عمال ومزارعين ، ومدرسين وفنيين .. كل طبقات الشعب ، وبكل ألوانه وأطيافه – حتى أهل ((دنقله)) في الشمال وأهل ((واو)) في الجنوب الذين لايعرفون العربية معرفة أكيدة – كل هؤلاء مع الجنود والشرطة وكثير من المعممين خرجوا لرؤية الموكب ... لرؤية الزعامات الوافدة ... أو رؤية نزار قباني .
لذلك لم يبالغ نزار عندما داهمه الجرح في القلب وهو في لندن ودخل المستشفى ، وقال عند خروجه إن امته العربية اجتمعت من حول سريره ، وان الناس احتضنت غرفته من الدار البيضاء الى الشارقة ، ومن الصعيد الى تهامة ، ومن الخرطوم الى بغداد ، ليست مبالغة ولكنها صورة شعرية تعبر عن قسم كبير من الحقيقة.
في الفندق سألني نزار وبقايا دموع في عينيه اندهاشاً وفرحاً ، وذهولاً في وجهه ، وكأنه لايصدق : هل رأيت ماحدث ؟؟
قلت : نعم رأيت ، وانا لاأصدق مارأيت . قال : هل ستكتب عما رأيت ؟
قلت : لا أستطيع .. لانني لو فعلت لأنكر المنكرون علي ما أكتب ولو وصفت الذى حدث وشبهته باستقبال الزعماء لكذبني الناس واتهموني بالمروق والمبالغة ، ونفخ الصورة الى حدود الباطل .
صمت نزار قليلا وكأنه صدم بما قلت .. وفكر:
- ((على كل ، أعرف أنك لست عقوقاً )) .
قلت : أشكرك .. ولكن كنت أتمنى لو وجد عدد كبير من الصحافيين وكاميرا تلفزيون غير السوداني لينقلوا للناس ما رأيت أنا وأنت ، ولكنت شاركت الآخرين في نقل ما رأت العين وماسمعت الأذن :
هتفوا له وغنوا له ورقصوا له – كما لم يفعلوا لغيره – وابتهجوا بوجوده ، وكان حديث الخرطوم عنه ... وفي كل مكان .
وأعتقد أن نزار لم يشهد طوال عمره شيئاً مما رآه في السودان ... اللهم الا يوم مرضه حيث احتضنته الامة من أقصاها : حادبة عليه ، وقلقة من أجله ، وحزينة وداعية له .
وكنت اتمنى ان يكتب نزار شيئا في مذكراته عن هذه الرحلة ، ولكنه كتب غزليات نثرية في الخرطوم من أجمل ما كتب عن عواصم العرب الاخرى ، وبعد رحلته هذه التى تحول فيها الجمهور المتلقى الى جمهور شاعر .. وحيث سكن الشعر الخرطوم في كل جوانبها مده بقائه ، وحتى عندما ذهبنا الى رئيس الجمهورية الراحل المناضل إسماعيل الازهري في القصر الجمهوري ، استقبلنا الرئيس وهو يقول له : انت خطر علي يا أستاذ نزار.. لو نافستني في الانتخابات لكسبت المعركة وهزمتني .. ولكن الحمدلله انه ليس لك طموح السياسيين . وضحك نزار ومن كان في الجلسة ، ومنهم عضو المجلس الجمهوري السوداني آنذاك محمد خضر ، والكاتب محمد توفيق النائب في مجلس النواب السوداني ، ورئيس شركة التأمين الاهلية .
وسألنا الرئيس : ماذا تشربون ؟ و طلب لنا زنجبيلاً وهو يردد : ((وكان مزاجه زنجبيلاً)) ويسمعنا بعض الابيات للتيجاني حسن يوسف بشير كبير الشعراء السودان الراحلين .
وفي تلك الجلسة أخبرنا الرئيس الازهري – وهو يعلم أننا قد أتينا من بيروت – أن بيروت بالنسبة إليه قصيدة جميلة ، وأنه يحب بيروت ، وقد درس فيها – في الجامعة الامريكية – وذكر بعض زملائه في الجامعة ومنهم الرئيس اللبناني الراحل تقي الدين الصلح ... ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية الاسبق المؤسس أحمد أسعد الشقيري ، وقال لنا إن زعماء الاستقلال السودانيين من الجيلين الول والثانى قد درسو فى بيروت كما ان عددا من السودانيين المسيحيين من أصل لبناني استحضرهم الانكليز الى السودان مدرسين ومحاسبين وموظفين ، وتبعهم من بعد التجار اللبنانيون وقد سماهم السودانيون بالحلبيين هم وكل من جاء من بر الشام .
وفي نهاية الجلسة أهدى الرئيس الازهري نزار هدايا رمزية من المصنوعات التقليدية السودانية ، ومنها تماثيل العاج الاصلي الثمين .
* * * *
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | بدر الدين الأمير | 07-05-08, 08:18 AM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | خالد العطا | 07-05-08, 08:39 AM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | بدر الدين الأمير | 07-05-08, 09:02 AM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | بدر الدين الأمير | 07-05-08, 09:23 AM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | بدر الدين الأمير | 07-05-08, 09:57 AM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | بدر الدين الأمير | 07-05-08, 10:48 AM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | بدر الدين الأمير | 07-05-08, 04:49 PM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | بدر الدين الأمير | 07-06-08, 08:56 AM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | نصرالدين عمر الجعلي | 07-06-08, 09:26 AM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | ترهاقا | 07-06-08, 09:26 AM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | بدر الدين الأمير | 07-06-08, 09:52 AM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | بدر الدين الأمير | 07-06-08, 10:17 AM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | بدر الدين الأمير | 07-06-08, 02:12 PM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | بدر الدين الأمير | 07-06-08, 02:20 PM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | بدر الدين الأمير | 07-06-08, 06:53 PM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | khaleel | 07-06-08, 06:59 PM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | بدر الدين الأمير | 07-06-08, 08:22 PM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | ابوحراز | 07-07-08, 06:59 AM |
Re: نزار قبانى واشعار العشق المحرم ومواقف مع المحجوب والأزهرى وكلامه عن الانسان السودانى | بدر الدين الأمير | 07-07-08, 04:57 PM |
|
|
|