الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين....

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 11:35 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة بدرالدين محمد الأمير بلول (بدر الدين الأمير)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-08-2007, 05:05 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 22961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. (Re: بدر الدين الأمير)


    ورقة الكاتب والناقد الجزائرى أحمد يوسف


    اللغة وأدب المنفى
    أحمد يوسف

    هل صارت تيمة المنف في الأدب تعميما والأدب الحديث تخصيصا قاعدة لتوصيف نقدي ومنوالا لتصيف أجناسي، وتحليلا لمحتوى تيما تولوجي ،أم معيارا لرصيد موضوعاته وأساسا لتحقيب تاريخي جديد بوصفه شكلا تعبيريا يتفرد بجماليات خاصة في الكتابة وله مسلكية مخصوصة في التركيب اللغوي وطرائق فريدة في الصوغ الفني؟ ولهذا دخل أدب المنف دائرة المساءلة التاريخية من حيث إنه يؤلف طاهرة إنسانية عالمية تنضاف إلى إشكالات أدب المجهر والأدب المغترب وأدب الخارج ، ولا سيما بعد أن هجر المثقفون والأدباء والفنانون(1) أوطانهم هجرة قسرية أو طوعية ، وجعلوا من المنفى مصدر التأملاتهم ونضالهم من أجل إصلاح العالم الذي أفسد نظامه طغيان البشر .فانتقلت كتاباتهم للبحث عن الممكنات والضرورات في عوالم لم تكن متاحة لهم في أوطانهم ،أوصارت في متناولهم لأنهم وضعوا مسافات قريبة وبعيدة في آن واحد لتأمل النفس البشرية في حالات الإحساس بوطن القسوة والشعور بالإحباط.
    ينبغي أن يتجاوز فعل الكتابة الذهنيات القاصرة في مقاربة هذه الظواهر الإنسانية ، وأن يتطهرمن الروح الانتقامية في النظر إلى الأشياء ، ويتخلص من اآثار السلبية والجراح العميقة القابعة في أغوار الذات التي تنتج تلفظا حاملا لهذه الأثار وخطابا ينزف من هذا الجرح الأليم . فاللغة تعد ترياقا للتخلص من سموم المنفى لدى الفنان ، فهي الطريق الذي يسلكه المنفى لربط أواصر الصلة بينة وبين الوطن ، ولما كان الوطن بعيد المنال تحول إلى مشروع كتابة. فاللغة يتعاضل فبها حسب متصورات جاك لاكان الحقيقي والرمزي والخيالي، ويمكن أن نضيف لها الوهمي .إن للمنفى طرائق تعبير وأسلوب كتابة تتقاطع مع "أدب المجهر" في موضوعاته وقضاياه التي تشتمل على متطلبات الحداثة وضروراتها مثل الحرية والتطلع إلى التقدم وإشراك المرآة في بناء المجتمع ، وتسلك سبيلا مغايرا له علاقة مباشرة براهن التحولات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية قد يتجاوز مظاهر الحداثة إلى ما بعدها، على الرغم من تعدد الهزائم وكثرة الخسائر التي تكبدتها أحلام المنفيين وهي تنشد حق الاختلاف وضرورات الحوار واحترام التعدد والتنوع، ويجمعهم قاسم مشترك يتمثل في الحنين إلى الأوطان.

    يغدو المنفى تيمة راسخة في حياة البشر من حيث هو إجراء عقابي في النصوص القديمة المدنسة والمقدسة على السواء.فمنذ أن اقترف آدم عليه السلام خطيئة الأكل من شجرة الزقوم أخرج من الجنة ، فصارت الأرض بعده منفى ، تجرع من مرارتها إسماعيل وأمه هاجر حينما تركهما إبراهيم عليهم السلام في الصحراء الجزيرة العربية . وكذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة. ثم اخذ المنفى بعدا روحيا لدى بعض المتصوفة مثل ابن عربي، يبدأ من طور انصال المخلوق عن الخالق ، إلى طور انفصال الجنين عن رحم الأمهات ، ثم ياتي اغتراب العارفين عن عموم الخلق وسواده. وعليه فإن الكتابة الصوفية يحركها المنفى تحريكا ميتافيزيقيا.

    من الواضح أننا بحاجة ماسة إلى عمل أنطولوجي دؤوب لرسم التضاريس المختلفة والمتباينة "لأدب المنفى" الذي كتب في منافي أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية (الأرجنتين والبرازيل وفينزويلا) وأوربا وروسيا وأستراليا وكندا واليابان وفي بعض العواصم العربية(القاهرة وبيروت ودمشق والجزائر)وفي أقبية السجون على امتداد العالم العربي ، ثم القيام ببحث إركيولوجي وتحليل حفري لمضامينه العامة وأشكاله التعبيرية المتنوعة بعد أن تضطلع الدراسات الأنطولوجية بعمليات توثيق عملي دقيق (2) من منطلق أن المنفى بقدر ما يطاول الأفراد يطاول أيضا المجموعات والقبائل والعراق والطوائف والمذاهب ، ومن هنا فإن الأمر لا يتعلق بأمزجة أفراد بقدر ما يتعلق بأنساق ثقافية تهاجر من مرابعها إلى حواضر جديدة فتتفاعل معها سلبا وإيجابا ، وهذا الأدب ليس بظاهرة ترتبط بحقبة زمنية معاصرة ،بل يمتد حسب امتداد التجمعات البشرية : بيد ان الظروف الاجتماعية والتحولات السياسية والتغيرات الاقتصادية التي حدثت في القرن العشرين جعلت من ثقافة حقوق الإنسان شرطا لدخول المجتمعات إلى حلبة التقدم ومعركة التنمية وحضيرة الحداثة .فقننت لها تشريعات دولية لحماية الأفراد والجماعات من تسلط الأنظمة الديكتاتورية والشمولية. فصار المنفي محميا حماية قانونية ، ولكنه يظل موضوع ابتزاز سياسي ضمن منطق ازدواجية المعايير.

    هل الذات التي عاشت مرارة الشتات أو اضطرت إلى أن تتخذ من المجهر سبيلا لها ، أو قذفت إلى جحيم المنفى هي من تحدد لون الكتابة وطعمها ، وتوزعها توزيعا خاصا عبر نسيج النص ؟ هل تكتسب النصوص التي ولدت خارج الأوطان مواصفات ادب المنفى؟ ويبقى التساؤل مشروعا ما إذا كانت هذه الحالات قادرة على إبداع نصوص منبثقة من رحم النتفى ومن أفضيته المتنوعة؟ وهل المكان يظل يحتفظ بسلطة مرجعية في تحديد ماهية هذا الأدب الذي ينتمي إلى المجهر أو المنفى أو الغربة؟ ولكن في المقابل هناك الذات التي تختار المنفى اختيارا طوعيا ، فهل تنطبق عليها مواصفات الذات التي اختارت المنفى اختيار المكره؟ قد يختلف الأمر باختلاف السيقة السوسيوثقافية التي تتحكم في ابينة النصوص ودلالاتها ، وذلك كما هو حال الكثير من الكتاب المغاربة الذين اختاروا أوربا بعامة وفرنسا بخاصة بحكم القرب الجغرافي في وإتقان لغاتها ومعرفة ثقافتها وتاريخها . فهناك من هاجر من الجزائر والرباط وتونس إلى با ريس . فاختاروا المنفى اختيارا لم يمله الإكراه المباشر ، ولكن بعضهم ظل يعيش التهميش والإقصاء في الضواحي البارسية مثلهم كمثل المهاجرين ،ولهذا فهم يعبرون عن هذا الرفض تعبيرا فنيا، ويتجلى أحيانا في عنف اللغة التي تكسر محلات الإزدراء وسوق الكراهية وواجهات الحقد والعنصرية .فهم يمارسون عنفا على صعيد اللغة ةالخطاب . إنهم يقاومون حالات الإقصاء والنفي بإبداع لغة فنية تحاول أن تعيد التوازن المفقود إلى هذا العالم الم تبك في علاقاته وأنساقه . إن ارتباط كتابة المنفى بالمتخيل في الأدب المغاربي كانت مثار اهتمام من قبل الباحيثن الغربيين، حيث أشار بيريت رونار(3) Pierrette Renard إلى تمثلات المنفى واستعاراته في الأدب المغلربي المكتوب باللغة الفرنسية.

    هل الأدب العربي الذي ولد في المنفى يمثل حالات ذاتية استثنائية تعبر عن شعور بالانفصام لم يستطيع أن يتحول إلى حالات موضوعية؟ أم أنه – على العكس من ذلك – أدب ولد في فضاء الحرية ، وعاش تجربة المثاقفة فكان نصا ثريا بالدلالات ومنفتحا على لغات جديدة من منطلق أن كل مضمون جديد بفترض بالضرورة شكلا تعبيريا جديدا كما كان يرثي رامبو ذلك؟ يقدم إذوارد سعيد تصورا أشبه ما يكون دقيقا في توصيف كتابة المنف من منظور الطرح المقارن ووضعية المنفيين في الحقب الزمنية القديمة والحديثة . (لقد كان للمنفيين في عصور أخرى ذات الرؤى العابرة للثقافات والقوميات ، وعانوا من ذات ضروب الإحباط والبؤس ، وقاموا بذات المهام النقدية المستنيرة، المُثبتة على نحو ألمعي ، ... الفارق بين المنفيين السابقين ومنفيي زماننا هو حقاً عصر اللجئ ، والمطرود، والهجرة الجماعية) (4) . كما ان هناك كبار الأدباء عاشوا تجربة المنفى الطوعي (همنجواي وتي. أس . إليوت وعبد المعطي حجازي وسيف الرحبي وأزراج عمر غلى سبيل التمثيل) أو القسري مثل دانتي الذي طرد نت فلورنسا وعبد الرحمن بدوي الذي خرج من مصر ، جميس جويس الذي اختار المنى لإنضاج تجربته الأدبية بما توافر لديه من خبرات حول مرارة الإخراج وقسوة الطرد.
    أشار إدوارد إلى الطبيعة الخصوصية التس أسهمت في نجاح كتابات جيمس جويس كونه أدبيا منفيا، وطرح جملة من السئلة التي حاولت أن تقدم مقاربة أسباب النجاح لكتابة المنفى ضمن المشهد العام اللإبداعات الإنسانية . إن هذه النصوص جعلت من المنفى معلما فنيا لضرب من التجارب الإنسانية التي تصور عقوبة الإقصاء من "الوطن الأم" التي تعرض لها الكتاب المنفيون، ودفعوا ثمنا باهظا من أجل رفض إهدار كرامة الإنسان . بيد أن نصوص أولئك الذين تكبدوا "خسارة الحياة هناك" كانت مسكونة بروح المغامرات وحب الاستكشاف . وعليه يتساءل إدوارد عن مكامن الخصوصية التي ينماز بها المنفى،وتجعله يتأبى أن يكون مجرد أداة توصيف سطحية لظاهرة إنسانية . (كيف أمكن لأدب المنفى أن ينبوأ مكانته كموقع من مواقع التجربة الإنسانية الى جانب أدب المغامرات ، أو التربية ، أو الاكتشاف ؟) (5) إن الأدب الذي يختزل كثافة الخبرات الإنسانية وحده الكفيل وحده الكفيل بالحفاظ على حياة العلامات التي تحكم علاقتنا بالوجود وبالاخرين . فحينما تعاني الذات حالات الشرخ بين المنفى والارتباط بالحسين الوطني والقومي يتدخل الفن لخلق التوازن ، وإعادة الأشياء إلى مدارها الطبيعي. ولكن المجرة السيميائية التي يسبح فيها المنفيون والمهاجرون تختلف من كوكب إلى كوكب آخر ، وبحسب الدرجات اللغوية التي يقدمون بها رؤاهم للعالم ، ويطرحون بدائلهم من أجل الانتظام مع وقع الكاوس الاجتماعي.
    من المعلوم أن كتابة المنفى نتاج تجارب أدباء وكتاب وفنانين منفيين ، ضاقت بهم الأوطان ، وتجرعوا ألوان الهزيمة في نفوسهم،وأصناف القهر الاجتماعي والاضطهاد السياسي ، ونال منهم الإحباط منالا يصعب نسيانه . حتى إنهم باتوا لا يثقون في قدرة شعريات الحرف وجماليات تعبيره على استرجاع ما ضاع منهم ، والعودة إلى الوطن فاحتفظوا بطفولته واستبدلوه بوطن الحلم ووطن اللغة ، ولكن إدوارد سعيد يطرح سؤالاً مهما من منطلق فرضية أن " أدب المنفى الحقيقي " بوصفه حالة فقدان هل يمكنه أن ينتقل من مرحلة التوصيف إلى مرحلة العطاء والإسهام في تحفير الثقافة على التحرر من معوقاتها الداخلية ، وإطلاق سراح الذهنيات من عقالها وتبصيرها بأوهامها ، وضرورة الخروج من قهر "ثقافة اليتم" إلى حرية "ثقافة الإبداع" ،وتحويل الصعلكة إلى حافز منتج لضرب من المتصورات الجديدة لإشكال الهوية والانتماء .وإمداد الثقافة الحديثة بدم جديد يتجاوز بؤس الارتداد إلى الذات ولغة النعي والبكاء على ما ضاع . وعلى الرغم من ذلك كله فإن "أدب المنفى " يظل كتابة ألم شريف، ولغته مفتوحة على عوالم الحرية . ومن يتأمل نصوص هذه الكتابة سيلفي وجهتها البحث والمغامرة (6) عن عالم جميل.
    أسهمت في إنتاج أدب المنفى الحقيقي أجيال متعاقبة من المهاجرين والمنفيين . ومن هؤلاء من غادر البيت الول منذ نعومة أظفاره ، ومنهم استقبلت ميلاده أرض غير أرضه . فحملوا معهم الذاكرة والثقافة واللغة، ولكن هذا الزاد اصطدم بثقافات ولغات أخرى ، فكان التثاقف عملية في غاية العسر ، حيث اكتسبوا لغات أخرى ، بعضهم ضارع اهلها في إتقانها ، وكاد ينسى لغته الأم حتى صعب عليه نطقها نطقا طلبقا وأداء سليما . وبمرور الزمن لم يعد الكاتب المنفي يحتفظ بالوطن إلا في صورته الطفولية ، وفي الغالب هو وطن مرسوم في الذاكرة. يكاد يكون أمشاج صور غير واضحة . ولا سيما أن مكان المنفى ظل يزاحم صورة الوطن، بل عمل على تشويش نصاعة الصورة الحاضرة بفعل سحر التقدم ، ومن خلال إكراهات الحاضر وقتامة الماضي طفق الحنين يزداد تارة ، ويخفت تارة أخرى.

    انبثق هذا الضرب من الأدب أيضا في جوالهزائم العربية المتتالية ولإحباطات المتلاحقة ولعل أبرزها هزائم العرب أمام المشروع الصهيوني الذي تقوده إسرائيل في المنطقتين العربية والاسلامية، وإخفاقات التنمية الشاملة. فقد لا حظنا أن هزيمة 67 أعطت الإشارة إلى كتابة مقهورة بالذل والعار ، ومتشحة بالحزن واليأس ،وجاءت في المقابل كتابة تحريضية وثورية ، غير أن الطريف في الأمر أن المنفى الداخلي لدى فرج الحوار وجد في اللغة خلاصه بعد حصار بيروت 1982، حيث وقعها بتاريخ 06/12/1983 ، وهذا يعني انها كتبت قبل سنة 1983. فرأى فرج الحوار في اللغة إيقاعا مقدسا ومرتلا مستوحى من نفحات الكتاب . فكانت اللغة دليله إلى النجاة . علما بأن الروابط بين اللغة والدلالة ليست متلازمة على الدوام، إذا إن صفاء الدلالة غالبا ما يكون سابقا على لحظة انبثقاء الخطاب ، ولكنه يتخلق في أثناء الكتابة المتألمة. إن اللغة مثل السيل الجارف تدمر القلاع الهشة، ولكنها تطهر الأمكنة المبوءة، وتلفظها خارج مجراها . ولهذا اعتاصت على جهابذاة النحو وعلماء اللسان في الإحاطة بملابساتها ووظائفها وقدرتها العجيبة على إضفاء بعد الإنسانية على ذلك الحيوان الرامز. فكانت اللغة المنفيين أكثر من أداة للتواصل وإنما هي الخلاص والسلاح الذي لا يحتاج إلى رخصة الجلادين . وبما أن هذا الكون الذي نعيش فيه يملؤه العنف ، ويحف بجنباته الرعب فإن اللغة تحاول أن تحدث توازنا في ميزان الرعب ، ولكنها تختار أسلوب العنف الجمالي.

    أن الرهان على اللغة سبيل يطلبه الفن حثيثا، ولكن كتابة المنفى وحدها الكفيلة التي تمتلك القدرة على تحويل الثرثرة إلى خطاب دال. فالمنفى يستطيع أن يخرج اللغة من بدئية الصمت ، ويخلصها من مآل اللغو ، ويستعيد مفقودات الذاكرة ، ويستحضر الوطن في صورته الطفولية، ويبني آمالا جديدة لعلها تتراءى له في المستقبل ، وذلك حينما يضفي على واقع التفاعل الثقافي قصدا مغايرا . فتتحول لغة هذه الكتابة من حال الكلام الخديج ، إلى حال الكلام العاقل القلق وأفق الدلالات الحصيفة. فيقذف به إلى ملكوت الإيقاع النابض بالحياة، ويتعرض المعنى إلى انزلاقات النوستالجيا التي تنصهر فيها الطفولة بالذاكرة المخرومة والوطن السليب بالعلامات المعطوية.

    ظاهرة عالمية

    هل أدب المنفى نتاج كتاب المنفى الذين أخرجوا من ديارهم من غير حق؟ ما علاقة هذا الكتابة بتجربة أدب السجون وظاهرة الأدب المهاجر ؟ أم أن هذا الأدب مقصور على الذين أخرجوا من أوطانهم ، وأجبروا على المنفى وهم معبأون بمخزون الذكريات الأليمة؟ هل يمكن حصر هذا الأدب في بلد ما أو في ثقافة ما أو طائفة ما أو في عرق ما؟ مثلما كان الأدب العربي منذ القديم ينطوي على نماذج كثير من ألوان المنفى فإن الأدب العربي الحديث والمعاصر عرف هذه الظاهرة التي فرضها الاستعمار أو أملتها الممارسات الديكاتورية وأفرزتها الأنظمة الشمولية في العالم المعاصر التي لا هم لها سوى مطاردة الخصوم ومقارعة دعاة الاختلاف والحجر على حرية الفكر.

    لا يكمن أن نحصر تيمة المنفى في الأداب العربية أو الأمينية ، لأنها ظاهرة إنسانية عامة . صحيح ان اللبنانيين والسوريين كانوا سباقين إلى رسم المعالم الأولى لأدب المجهر ، بيد أن الفلسطينيين يؤلفون القسم الأكبر من أدب المنفى في العصر الحديث من.1948 ثم تبعهم العراقيون الذين أسهموا إسهاما نوعيا في الدفع بكتابة "أدب المنافي" إلى تخوم الجمال ، وذلك بعدما ضاقت السبل بهؤلاء المنفيين، فلم يسعهم الوطن الذي حرموا من دفئه مثل الجواهري والبياتي وسعدي يوسف ومظفر النواب وغائب طعمة فرمان والراوي ونور الدين فارس ، وقائمتهم تطول .فحولوا الوطن المفقود إلى لغة موكول إليها استرداد ما ضاع منهم قسرا .فتباينت كتابات الأجيال ومواقفهم ورؤيتهم للعالم ، إذ استطاع الجيل الأخير أن يتجاوز الدعاوى المباشرة التي كان يطرحها الجيل الأول بما استجد لديه من خبرات جديدة، فحاول أن يقدم لغة مغايرة في البحث عن "الزمن المفقود" ويثري "أدب المنفى" بأسلوب مستوحى من تقنيات الكتابات الحداثية وما بعدها.

    إن أدب المنفى علامة بارزة في المشهد الثقافي الإنساني ، إنه نتاج تفاعل نصوص بين ثقافات مختلفة المشارب إلى درجة أن إدوارد سعيد يرى أن الثقافة الغربية أبدعها المنفيون والمهاجرون واللاجئون ، ولا نشتط إذا زعمنا أن سر قوة الحضارات تمكن في نزوعها المفتوح على الثقافات الأخرى وقابليتها لحوار النصوص . ولنا في الرعيل الذي هاجر من اوربا الشرقية والمعسكر الاشتراكي سابقا إلى أوربا الغربية فأثرى حركتها الفكرية والأدبية والنقدية (ياكبسون وغولدمان وغريماس وتدوروف وكرستيفا ... الخ). ، وكذلك جماعة فرانكفورت التي هاجرت إلى أمريكا (هوركهايمر وأدورنو وغيرهم). لقد كانت اوربا وأمريكا إلى وقت قريب ملاذا آمنا لهؤلاء الذي أخرجوا من ديارهم ظلما ، وحرموا من الحق في الحياة بسبب معتقداتهم الساسية.
    وعلى الرغم من أن ظاهرة المنفى لا حدود لها في الزمان والمكان ، وهي تتفاوت في الدزجة من الناحية التاريخية ، ومن الإجحاف حصر كتابة المنفى في خدمة فكر النزعة الإنسانية ومتصوراتها، ويشكك إدوارد سعيد في قدرة ما دعونا إليه من إحاطة أنطولوجية أن على صعيد النزعة الإنسانوية وإن على صعيد البعد الجمالي. وأقصى ما يكاد ينتهي إليه هذا الأدب – في نظره – أن تعبر كتابته عن تجربة قد يعيشها كثير من الأفراد فيصبحون فريسة للقلق ، بيد أن مجرد التفكير بأن المنفى حافز من الحوافز التي تدفع بالكاتب إلى الانخراط في منطق النزعة الإنسية ( هو بمثابة ابتذال لما يحدثه المنفى من البتر وضرب التشويه ، ولما ينزله من خسارات بأولئك الذين يعانون منه ، ولما يرد به من خرس على أية محاولة لفهمه على أنه " خيرنا" أليس صحيحا ان النظرة إلى المنفى في الأدب ، بل وفي الدين، تخفي ماهو رهيب وفظيع في حقيقته ، وهو أن المنفى أمر دنيوي على نحو لا براء منه وتاريخي بصورة لا تطاق ، وأنه من فعل البشر ، وأنه ، شأن الموت إنماً من غير نعمة الموت الأخيرة، قد اقتلع ملايين البشر من منهل التراث ، والأسرة ، والجغرافيا؟) (7) ظلت هذه الظاهرة العالمية تغذي الثقافة الأدبية بنصوص جديدة عن طريق التثاقف والتهجين والتناص ، الأمر الذي جعل هذا الأدب موضوعا أثيرا للآداب المقارنة وللنقد الثقافي والمقاربات السيميائية.

    المنفى والصعلكة

    لصعلكة في جوهرها كتابة محرومة من المكان ، ومطرودة من القبيلة ومقصية من المؤسسة ، ومتمردة على الأعراف ، لها صوت ناشز عن صوت الجماعة ، تمارس فعل التدمير في عمود الكتابة، وتستبدله بأنواع من السباب التي تستميز بفضاء الحرية من جهة وقسوة الفقدان من جهة أخرى.
    ولكن قد لا يكون مهما ربط المنفى بالصعلكة أو حتى الاعتراض على مثل هذا الربط إلا أن السؤال الجوهري. لماذا لا يمكن أن نقصي شعر الصعاليك من مشهد الشعر العربي بعامة وشعر ما قبل الإسلام بخاصة؟ كذلك فإن كتابة المنفى علامة فارقة في أدبيات الإبداع الإنساني ، وحالها كحال من ساقه قدره إلى التصعلك .فلم (يعد يرى غير المنفى ، وقد تهور نبته حتى عانق السماء) (8) بيد أن أدب المنفى الحديث يعاني من قسوة الطعن عليه بأنه "أدب الخارج" ويغمز بأنه "أدب عميل" وغير وطني وما إلى ذلك من أوصاف شنيعة لا تليق بنفوس عانت الأمرين ، وأرادت أن تشخص الواقع المرضي لأوطانها وشعوبها ، وفهم أسباب مشكلات تخلفه ، والتعبير عن قضاياه تعبيرا حرا لا يكدره الخوف من الرقابة والاضطهاد.
    إن هذه الكتابة التي تمخضت في الداخل ، وولدت في الخارج في ظل ظروف مريحة إلى حد ما ، ومناخ حر نسبيا كانت أكثر قدرة على التعبير الواضح إلى درجة المباشرة والتقريرية لتبليغ مرسلاتها. (فالمنفي الذي تحركه أفكار وعواطف نبيلة،والذي هرب من الاضطهاد ليس فقط لينجو بنفسه ، وإنما ليحمل رسالة من مضطهدي الداخل إلى أحرار الخارج) (9) هو أدب يحمل في طياته عنفوان اللغة وعنفها وهديرها ، وينفذها من خسارة اللغو. وغذا استحضرنا مقولة فرجيينا وولف فإن ماضي الكاتب المنفى يندس في ذاكرته حتى يضحى سجلا يتلوه على ظهر قلب ، بيد أن الآخرين لا يقرؤون في هذا السجل إلا عنوانه.
    كان مظفر النواب أحد الشعراء العرب الأكثر إحساسا بالتشرد والضياع والنفي، حيث كان سفيرا فوق العادة لقسوة المنفى وضياع المعنى . فهو (مكان قاس وموحش ... غريب) (10) لم يجعله يستقر في أى مكان ، ولم يألفه أى بيان . فاتخذ الصعلكة سلاحا لغويا للخروج من وضع سياسي عربي قاس. وصار يعاني حتى من إرث اللغة ونحوها ، ولعل ذلك جعله يستعين بكتابة الشعر العامي. وقد شكا من قهر اللغة ونحويها البصري والكوفي ،كما ورد ذلك في قصيدته "جسر المباهج القديمة(11)". فاللغة هنا تقدم مشهدا من مشاهد العطب والسلب لواقع المنفى الأكثر مرارة لمن يحمل معه نضاله الشريف، وكرامته المهدورة وعزته المكلومة . فلا يبغي عنه حولا.
    إن المنافي بعامة والمنافي العربية بخاصة أشد قسوة على المنفى الذي يظل فريسة للخوف من التصفيات الجسدية ، ونهبا للابتزاز ، وسلعة للمساومة . (إن الاستغلال والخديعة والتواطؤ، إضافة إلى انعدام المقاييس ، ظواهر تميز هذه المنافي، إضافة إلى الخطر ،أفخاخا تحول المنفي إلى حالة من الخراب واليأس والمذلة) (12) . إن هذا الشعور بالتشتت والضياع يتجسد في أدبيات كتابة المنافي لدى مظفر النواب (13) وسعدي يوسف وعبدالرحمن منيف وغيرهم . وكثيرا من الأحيان يتحول لديهم الشعور بالإقصاء وضياع العمر إلى ضرب من القسوة تجسدها بعض الإبداعات الأدبية والكتابات النقدية . وبلغة غاضبة كان يجلدون وجودهم العبثي ، ويهجون سدنة الحكم.
    إن المنفى والقمع والاستبداد علامات محفزة على الكتابة، فهي تتيح فضاء للتفكير والتامل والنقد داخل الذات الكاتبة . ليس فقط ممارسات أدبية عنيفة تندرج في منطق رد الفعل ، وإنما تؤسس لوضع يسمح بقراءة الذات ورؤيتها على نحو قد لا تتيحه المرآة . فأديب المنفي يستكشف ذاته من جديد ، ويبني علاقات مغايرة مع ذاته ومع الآخرين ومع العالم.

    غربة اللغة
    يمثل عصر البارودي والأميرعبدالقادر السمات الأولى لأدب المنفى في العصر الحديث ، فكان عصر غربة اللغة العربية ، نظرا لتعاقب الوجود العثماني في البلاد العربية وتأثيره بعض التأثير السلبي في اللغة العربية وآدابها ، حيث كانت لغة المعاملات بالتركية، ثم جاء الاحتلال الافرنسي والإيطالي لبلاد المغرب العربي ليعمق الجهل وتفشي الأمية ، حيث حاول البارودي والأمير عبدالقادر إخراج أدب العربية من ركاكته والعودة به إلى المنابع الثرة للشعر العربي في العصرين العباسي والأندلسي . وتتجلى جماليات خطابهما الشعري في القصائد التي تتخذ من المنفى تيمة مركزية ، ومن المعارضاتطريقة في التداخل النصي ، إذ نقف على اصطناع التعبير الإيقوني في كثير من الصور الشعرية ذات التركيب البسيط.

    هناك من يعتقد بأن مصطلح "أدب الخارج " فيه طعن صريح على كتابة المنفى ، وتشويه لمقاصدها لما ينطوي عليه من دس غير خفي يراد به النيل من وطنية هذه الكتابة ، والإمعان في إذاء صدق مشاعرها . إن عامل الغربة فعل قسري لا إرادة فيه لأصحابه . ومن ثم تراهم ينظرون بعين الريبة لمن يصف إنتاجهم بأدب الخارج ، ففي هذا الوصف دلالات ضمنية تحمل تشكيكا لوطنية بعض أدباء المنفى وتحقير الآلامهم وتخوينا لنضالهم. (أن تكون منفيا يعني أنك ، منذ البداية ، إنسان متهم... إنسان المنفى إذن ، وبمجرد أن يضع قدمه على الأرض الجديدة ،تتحدد صفته) (14) وهذه الصفات ينسجها المتخيل من جراء " القمع السياسي " و "الضيق الاقتصادي" و "البؤس الثقافي" وتدفعها عواطف جياشة وأفكار غاضبة من جراء احتلال الأرض واضطهاد الشعوب والموت اليومي والذبح المجاني.

    القيد والحرية
    إن "كتابة المنفى" نصوص تخلقت في رحم واقع القمع والاستبداد والظلم . فقد حال القرن والنفوس تلوك الضنك كما يقول السارد. (نتلمظ شرها نطحن بالناب عنت الكوارث ، ونبض الآتم، وعضل الفواجع) (15) ، ومن جهة ولدت في مناخ الحرية والديمقراطية التي تعيشها شعوب البلاد التي هاجروا إليها مما زادهم إحساسا بالمأساة . وهكذا فإن جسد هذه الكتابة يتوافر على خصيصتين متناقضتين تتمثلان في خصيصة "فقدا" الوطن الضائع وخصيصة"مناخ الحري" المقيد في وطن الغربة . وهو ليس بالجنة الموعودة كما يظن من لم يدفع إلى مضايق النفي ، لأن (القيود القانونية والنفسية المفروضة ، تجعل المنفى مكانا قاسيا وموحشا، وتجل المنفي بقايا إنسان ومشروعا خائبا للأمل والمستقبل ،كما تعرضه للاستغلال والابتزاز بأشكال عديدة ... إن القيود المفروضة تجعل المنفى مكانا وهميا للحرية ، لأنه لم يعد يتيح إمكانية للحركة أو فرصة للتعبير) (16) ، ومن ثم تصبح الكتابة تفسيرا لواقع المنفى وتوصيفا بقسوة الفقدان ، ولكنها في المقابل عاجزة من وجوه عن تغييره ، وغير قادرة على العودة بالذات إلى المكان المنشود. وفي هذا السياق يقول الشاعر الجزائري نبيل فارس (17) في عام 1994 بأنني كنت اعتقد بان الكتابة تنجيني من الموت ، لكنها هي التي أسلمتني إلى جبروته.

    التحريض السياسي
    ولد بعض من أدب المنفى في أقبية السجون ، فكانت لهذه التجارب بصماتها في هذه الكتابة التي تخلقت في رحم ظلمات القهر الاجتماعي والاستبداد الطبقي والتسلط العسكري والإقصاء الطائفي.
    وقد كانت الكتابات التي انبثقت في السجون الإسرائيلية شاهدة على قسوة القهر وألم المذلة. وقد تطرق فاضل يونس إلى هذه الظاهرة في الجذور العميقة، كما تناولها أيضا في الزنزازة رقم 7 من منطلق المعرفة المباشرة لتجربة السجن . وتكاد روايات عبدالرحمن منيف تتشكل علاماتها الكبرى من عالم المنفى وغيابات السجون.
    يشير عبدالرحمن منيف إشارة مباشرة إلى ضرورة أن يضطلع الأديب المنفي إلى التحريض على تغيير الواقع في الكلمة التأبينية التي ألقاها بمناسب رحيل الأديب العراقي غائب طعمة فرمان: (في رسالتي الأخيرة طلبت اليه بالحاح أن نجند كل قوانا من أجل أن نجعل ما تبقى من القرن الذي نعيش فيه عقدا من أجل الحرية، أن نرفع أصواتنا عاليا من أجل الحقوق الأساسية للإنسان ، أن نفضح القمع والديكتاتورية ، وان نحرض الناس من أجل انتزاع حقوقهم الأساسية) (18) . ولعل هذا التحريض يتجسد كثيرا في الأدب الفلسطيني المنفي شعرا ورواية.
    نقف على الرهانات الكبرى لأدب المنفى لدى الكتاب الفلسطينيين بدءا من العقد الخامس من القرن العشرين . وقد كانت لغة "رجال في الشمس" لغسان كنفاني من الإرهاصات الولى التي وضعت اللغة في مواجهة المكان بعامة ولأرض بخاصة. وقد شق على اللغة أن تتكلم بلسان غير لسان الرومانسية الثورية ، ذلك لأن الطرد كان بالدرجة الأولى عاملا مباشرا في تلوين لغة الكتابة بمعجم مفارق للكتابات السائدة والأساليب المألوفة. وهذه اللغة مرتبطة بالنفي مطلقا حتى نلفي لها بعض الحضور في طرائق الكتابة لدى من يعيشون في الداخل ، ويعانون من المنفى الداخلي، وهو لا يقل قسوة عن المنفى الخارجي. لقد تعرض الكاتب المنفي إلى الطرد من وطنه مصطحبا بالكلمات الاتيات التي أخرج بها أفلاطون الشعراء من جمهوريته قائلا في معنى كلامه : إننا لا نرغب فيكم ، ونظل نرشقكم بكل المظنات، ونلصق بكم كل التهم، ونقول لكم بانه لم يعد لكم مكان بين ظهرانينا . وهكذا يبدأ المنفى بالكلمات (19) التي يعسر التآم جراحها.
    تحمل هذه اللغة في طياتها نزوعا مقاوما ونوستالجيا صريحة وضمنية في آن واحد . ولهذا نلفي معجمها طافحا بالشعور بالخيبة حينما يكون بين الذات والرغبة بون شاسع في امتلاك المكان ، ويكون التيه واقعا أليما في حياة الإنسان المنفى بعامة والكاتب المنفي بخاصة . تسعى اللغة إلى تقليص المسافات الكبيرة بين الوطن والمنفى . وهذا الإحساس بفقدان الوطن يؤثر تأثيرا مباشرا في الرؤيا للحياة ، ومن ثم إلى الكون وكذا التعامل مع اللغة ، ويأتي الشعر الفلسطيني شهادة على هذا التحول الدراماتيكي للغة.

    تظل كتابة المنفى تسعي ما وسعها الوقت إلى تشييد جغرافيتها النصية، وتأثيث بيتها اللغوي من سلطة التخييل وفتنة المحكي معتمدة على العلامات الرحالة بحثا عن المعنى المفقود ، وتتجاوز حدود الشعور بالحرمان الحاد محبة الأوطان والحنين إليها إلى إبداع فضاء جديد للإنسانية وفهوم مغايرة للهوية . ولهذا أمكن القبول على نحو من الأنحاء برأي جورج شتاينر الذي يزعم بأنه من الصواب الاعتقاد بأن صناع الحضارة ومنقذي الإنسانية من وضع التوحش هم أولئك الفنانون الغرباء الذين صاروا بلا أوطان ، وأصبحوا (شعراء مشردين ومترحلين عبر حدود اللغة . شذاذا ، متحفظين، نوستالجيين ، في غير أوانهم عمداً) (20) . ولعل هذه العلامات الرحالة حافز على استرجاع ما اختل من جغرافية النص ، وما اعتل من جسد الأوطان.
    ينتقل هذا الفضاء من معطى إلى واقع الفعل ، حيث يسهم فيه كل البشر الذين هم جزء لا يتجزا من هذه الجغرافية النصية . صحيح أن المفكرين والأدباء والفنانين والسياسيين رزقوا لطف التعبير عن هذا الوجدان المفصوم والمهارة في تصوير هذه الأنفس المطرودة من مملكة "الاعتياد الطبيعي" والحق في امتلاك ماهو متاح للآخرين دون أن يتجرد المنفي من روح التمرد والنقد ،ولا يضطر لأن يصالح، ويستبدل عينيه بجوهرتين . حتى وإن شعر أنه في وضع "عبور ثقافي" ورحلة "وجود مؤقت" (21).


    لا تصالح
    ..ولو منحوك الذهب
    أترى أفقا عينيك،
    ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
    هل ترى..؟
    هي أشياء لا تشترى...
    لا تصالح
    ولو توجوك بتاج الإمارة.
    إلى أن يعود الوجود إلى دورته الدائرة:
    لاتصالح
    لاتصالح






    ولنا عودة لباقى الورقة
                  

العنوان الكاتب Date
الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين.... بدر الدين الأمير03-31-07, 04:24 PM
  Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير03-31-07, 05:35 PM
  Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. Sabri Elshareef03-31-07, 09:01 PM
    Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير03-31-07, 11:11 PM
      Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. عبدالمنعم خيرالله04-01-07, 00:03 AM
        Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-01-07, 05:49 AM
          Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-01-07, 06:53 AM
            Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. ايزابيل حلبي04-01-07, 08:38 AM
              Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. عشة بت فاطنة04-01-07, 08:44 AM
                Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-01-07, 10:00 AM
              Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-01-07, 09:47 AM
                Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. اساسي04-01-07, 10:24 AM
                  Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-01-07, 10:44 AM
            Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-01-07, 11:36 AM
  Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. Sabri Elshareef04-01-07, 03:14 PM
  Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. Sabri Elshareef04-01-07, 03:25 PM
    Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-01-07, 09:12 PM
  Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. محمود الدقم04-01-07, 10:34 PM
    Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. عبدالمنعم خيرالله04-01-07, 11:18 PM
    Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-02-07, 07:31 AM
      Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. Amira Ahmed04-02-07, 08:10 AM
        Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-02-07, 08:57 AM
  Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. Sabri Elshareef04-02-07, 12:26 PM
    Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-02-07, 04:28 PM
      Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-02-07, 05:48 PM
        Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. Aymen Tabir04-03-07, 01:49 AM
          Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-03-07, 08:41 AM
            Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-03-07, 05:38 PM
              Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. Aymen Tabir04-03-07, 09:49 PM
              Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-04-07, 05:00 PM
  Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. osama elkhawad04-05-07, 05:25 AM
    Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-05-07, 08:25 AM
      Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-08-07, 05:05 PM
        Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-09-07, 05:14 PM
          Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-09-07, 05:27 PM
            Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-10-07, 10:41 AM
              Re: الأدب والمنفى ... ندوة شاركفيها كل من - ادونيس _ إبراهيم الكونى - واسينى الاعراج - وآخرين. بدر الدين الأمير04-11-07, 06:37 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de