|
Re: فساد الإدراك يؤدّى إلى فساد الإستدلال والإستنتاج (Re: Elsadiq)
|
Quote: هذه العوامل قد تبدو بسيطة ظاهريّا خاصة عندما يدور الحديث حول حوادث تافهة و لكنها لا تكون كذلك فى مجال السياسة التى تتحكم بمصائر أمم و شعوب |
فهذه العوامل قد تبدو بسيطة ظاهريّا خاصة عندما يدور الحديث حول حوادث تافهة من عيّنة من الذى احتك بمن فى مكان عام أو من الذى دفع من فى المركبات العامة ... ولكنها ليست بسيطة أو تافهة على الاطلاق عندما يكون الموضوع متمحوراً حول أحداث جسام فى مصير البشرية أو حول تدافع الشعوب وتصادم الأمم عندما تكون الرؤية والاستبصار والادراك لما يجرى ذو أهمّية حيوية قصوى بالنسبة للأطراف المتنازعة ولا سيّما بالنسبة للطرف الذى وقع له الحادث أو الذى سبب له الطرف الآخر ( أو الأطراف الأخرى ) الضرر البليغ الذى يتجاوز فى هذه الحالة مجرّد سمكرة وطلاء لرفرف سيارة مصدومة الى مصائر أمم وشعوب كاملة
ولمعرفة ما أريد قوله يكفى تطبيق المثال الذى أوردته فى البداية على عالم السياسة والعلاقات الدولية... وهو ما يجعلنا نتسائل عن العلاقة بين الحقيقة والوهم وبين الشك واليقين فى عالم السياسة والعلاقات الأمميّة خاصّة عندما يبرز دور شهادة المجتمع العالمى حول مايجرى من أحداث ... اذ أن مسألة الشهادة فى النزاعات بصورة عامّة هى المسألة الكبرى , لان مأساة السياسة الدولية تكمن فى انعدام قدرة الأمم على الادلاء بالشهادة فى أحداث العالم من منطلق رؤيتها لحقيقة الأحداث بل من منطلق تصوّرها الذى يبرمج استقبالها للأحداث مسبقا.
ولهذا.. فإنه إذا كانت الشهادة ورؤية العين هى الشيئ الوحيد الموثوق فيه والذى نملكه لوصف الأحداث ولكتابة التاريخ فإننا يجب أن نرتاب دائما فى هذا الشيئ الوحيد الذى يحمل الأمل فى الوصول للحقيقة.
نعم... فى عالم السياسة ليس هناك يقين... ليس هناك حقيقة.... ولهذا ينبغى علينا أن نكون حذرين ليس فقط حيال شهادة الآخرين بل أيضا حيال شهادتنا الخاصة ورؤية أعيننا للأحداث والتى من المفترض أنها الأكثر وثوقية بالنسبة لنا , فربّما كان الآخرون مخادعون , ولكننا أيضا ربّما كنّا نرى ولا نبصر , أو ربّما كنّا نستقبل ومضات بصرية ونفك شفرتها بطريقة مغلوطة , أو ربّما كنّا كأمم وشعوب نعانى من خداع بصرى أو من Hallucinating Complexity ( مركّبات اهلاسيّة ) تجعل هلوستنا وهذياننا السياسى أول خطوة فى طريق عدم تيقّننا من الحقائق فى عالمنا , وهو طريق يبدو لى أنه ليس مكوّنا الاّ من تلك الخطوة التى ان كانت هى الأولى فثقوا جميعا بأنّها ستكون الأخيرة فى آن واحد... و للحديث بقية.....
مع خالص تحياتي
|
|
|
|
|
|
|
|
|