|
Re: ألف باء .. صناعة نصراني ضال (Re: MaxaB)
|
ب . تحريـــــــــــــــف الأناجيــــــــــل : ليس ثمة شك في أن الله تبارك وتعالى إنما أنزل على المسيح عليه السلام إنجيلا واحداً مكملاً للتوراة المنزلة على موسى عليه السلام ، وما من شك أيضا في أن المسيح حين هتف ببنى إسرائيل : " قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتربوا وآمنوا بالإنجيل (21) ، وإنما كان يعنى ذلك الإنجيل المنزل ، لا شيئا آخر سواه .
والقرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي تكفل الله بحفظه بنفسه ( إنا نحن نزلنا الذكر وآنا له لحافظون) " 15-9 " . أما الكتب السابقة فقد وكل حفظها إلى علماء دينها . (( إنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله )) " 65 – 44 " إذن فقد كان في عهدة الكنيسة أن تحفظ هذا الإنجيل بنصه السماوي وصبغته الإلهية، فلا يمسه عبث عابث ، ولا يجترئ عليه يد محرف ، لكن الكنيسة – كعادتها _ فرطت في واجبها ، بل إنها هي التي فتحت للمعرضين باب التحريف والقول على الله بغير علم .
إن محرري دائرة المعارف البريطانية ، وهو من ذوى الكفاءات العالية في معظم التخصصات – ومنها اللاهوت – لم يتطرفوا أو يبالغوا في القول بأنه " لم يبق من أعمال السيد المسيح شئ ولا كلمة واحدة مكتوبة " (22) ، بما إنما عبروا بذلك عما ينبغي أن يقرره الباحث العلمي المدقق .
ونحن المسلمين نؤمن بأن في خبايا الأناجيل شيئا من أقوال المسيح وتعاليمه التي يحتمل أنها وحى من الله ، لكن ذلك لم يثبت لدينا بسند تاريخى موثوق إلى المسيح ، وإنما آمنا به لأننا لو عرضناه على الوحى الإلهي المحفوظ " القرآن " والسنة ، لوجدنا الصلة بينهما واضحة أما من لا يؤمن بالقرآن ولا يعترف إلا بحقائق البحث المجرد فليس غريباً أن ينكر الأناجيل برمتها مثل قولة دائرة المعارف البريطانية هذه .
ولندع رأى المعاصرين ولنعد إلى القرن الأول الميلادي حيث احتمال وجود الإنجيل أقوى وأرجح ، فماذا نجد ؟ يقول آدم كلارك أحد شارحي الأناجيل :
" محقق أن الأناجيل الكثرة الكاذبة رائجة في أول القرون المسيحية وكثرة هذه الأحوال الغير صحيحة (كذا) هيجت لوقا على تحرير الإنجيل ، ويوجد ذكر أكثر من سبعين من هذه الأناجيل الكاذبة والأجزاء الكثيرة من هذه الأناجيل باقية ، وكان " فابرى سيوس " جمع الأناجيل وطبعها في ثلاث مجلدات" (23) هكذا قفز العدد من واحد إلى سبعين ، و المسيحية لا تزال في مهدها ، مما دفع لوقا إلى كتابة إنجيله ، فأي هذه الأناجيل يا ترى الإنجيل الحقيقي الموحى إلى المسيح ما دمنا مسلمين بأن الله لم ينزل إليه إلا إنجيلاً واحداً ؟
إن لوقا نفسه ليفسح لنا الطريق إلى الحقيقة النيرة التي تهدم الأناجيل كلها – ومنها إنجيله – وها هي ذي مقدمة إنجيله تنطق بها .
يقول لوقا في المقدمة : " إذا كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتبقية عندنا كلما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة ، رأيت أنا أيضا ، إذ قد تتبعت كل شئ من الأول بتدقيق ، أن أكتب إليك على التوالى أيها العزيز تاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذي علمت به " (24) وعلى هذا فلا السبعون الكاذبة ولا إنجيله الصادق وحي من الله ولا أحدها هو منسوب إلى المسيح ، بل الكل سير وقصص يكتبها أتباع المسيح عن حياته ودعوته كما سمعوها من أسلافهم الذي رأوا المسيح وخدموه ، ولو استعرنا عبارة الفيلسوف الفرنسى غوستاف لوبون لقلنا عن الأناجيل :
" هي مجموعة من الأوهام والذكريات غير المحققة التي بسطها خيال مؤلفيها (25) . إن أشبه الكتب الإسلامية بالأناجيل ، من جهة موضوعها لا من جهة ثبوتها ، هي كتب السيرة … فهل يمكن بأى حال من الأحوال القول بأن سيرة ابن هشام مثلاً وحي منزل من الله ؟ إن هذا لمحال شرعاً وعقلاً ، فكيف وسيرة ابن هشام مقطوع بنسبتها إلى مؤلفها ومتصلة السند بصاحب السيرة صلى الله عليه وسلم ومحفوظة بأصلها العربي ، لم تتناولها الترجمات ، كما هو الحال في الأناجيل ، كما أنها لم تفرض بسلطة قانونية أو كهنوتية وإنما أقرها البحث والتدقيق ، وكم من علماء مسلمين بلغوا ذروة العبادة والورع لا يعتد الباحثون المسلمون من رواياتهم بشيء لأن شروط التحقيق العلمي لم تتوفر فيهم ، أما الكنيسة فلا يكاد راهب ينقطع في صومعة أو عابد يتظاهر بحب المسيح حتى نقول " أنه مملوء بالروح القدس " وتمنحه لقب " رسول " أو "قديس" ، وتعد كلامه وحياً ملهماً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
ولذلك فليس غريباً أن يكون لدى الكنيسة مائة وعشرون رسولاً (26) يؤخذ كلامهم – على علاته – قضايا مسلمة وتقديس رسائلهم ، كما تقدس الأناجيل .
تلك حصيلة المسيحية في قرونها الثلاثة الأولى : سبعون إنجيلاً يكذب بعضهم بعضاً ، ومائة وعشرون رسولاً ، منهم من ألف أناجيل ، ومنهم من كتب رسائل ، ومنهم من كان يكرز ( يعظ ) من حفظ ومعلوماته … وطوائف وفرق تجل عن الحصر تختلف في قضايا أساسية بالغة الأهمية ، وكان عام 325 يمثل معلما من معالم التاريخ البارزة ، ففيه عقد مجمع نيقية الذي ابتدئت به صفحة جديدة في تاريخ الديانات العاملة . وأن هذا المجمع ليستحق أن يقف عنده المرء طويلاً . أن أي مجمع أو مؤتمر يجب أن تتوفر فيه شروط خاصة – لاسيما إذا كان دينيا – ومن أوجب هذه الشروط . 1- حرية البحث والمناظرة ،2- سواء في جدول أعماله أو صيغة قراراته ،3- فلا تكون هنالك سلطة قاهرية تفرض على المجتمعين موضوعاً أو قراراً بعينه مما كانت . 4- نزاهة القصد وروح التفاهم ،5- بأن يكون الوصول للحق هدفاً مشتركاً بين المجتمعين بدون تعصب أو إصرار 6- اتخاذ قرارات سائغة ومنطقية مع اعتراف مقرريها بأنها عرضة للخطأ والصواب وقابلة للنقاش ، وإلا جاز اتهامهم بالاستبداد الفكرى .
وهذه الشروط – مع الأسف – مفقودة كلياً في هذا المجمع " المقدس " : فأولا :- لم يكن سبب انعقاده ذاتيا نابعاً مع الأساقفة أنفسهم ، بل إن الإمبراطور الرومانى " قسطنطين " هو الذي دعا إلى انعقاده وهو رجل وثنى ظل وثنيا إلى أن عمد وهو على فراش الموت (27) .
ثانيا :- حضر المجمع ألفان وثمانية وأربعون من البطاركة والأساقفة يمثلون مذاهب وشيعاً متناحرة ، أبرزها فرقتان : 1- الموحدين ، كما يدعون أتباع آريوس وكان عددهم يقارب سبعمائة عضو . 2- الثالوثيون ، أتباع بولس ، وكان عددهم حوالي ثلاثمائة وثمانية عشر عضواً .
ومعلوم أو وثنية قسطنطين ثالوثية ، وهذه في حد ذاتها تمثل قوة معنوية للثالثوثيين ، فكيف إذا أضيف إلى ذلك أنه جمع الثلاثمئة وثمانية عشر أسقفاً في مجلس خاص وجلس في وسطهم وأخذ خاتمة وسيفه وسلمه إليهم ، وقال : " قد سلطتكم اليوم على مملكتى .. "
ثالثا :- لم تكتف قرارات الجمع بالتحيز لقسطنطين ودعاة التثليث ، بل لعنت وحرمت من يخالف هذه القرارات ، والحرمان عقوبة لها حجمها الكبير في المسيحية ((2 .
وأبرز قرارات المجمع القرار الذي اتخذه بشأن الأناجيل ، وهو أن الأناجيل المعتمدة الصحيحة هي الأناجيل الأربعة المنسوبة لـ ( متى ، لوقا ، مرقص ، يوحنا ) وأما ما عداها فمزيف مكذب تحرم قراءته ويجب حرقه وإبادته . وهذا بلا شك قرار جائر بحق الدين والتاريخ ، ويستطيع المرء أن يحمل المجمع ، أو هذا القرار خاصة ، مسؤولية ضياع النسخة الأصلية من الإنجيل المنزل ، لاسيما وأن الناظر إلى هذه الأناجيل يجد بينها من التضاد الشكلي والموضوعى ما يؤكد أنها ليست وحياً ، بل ليست سيرة صادقة للمسيح عليه السلام .
إن اختيار أربعة مؤلفات من بين سبعين مؤلفا مع عدم إبداء أسباب تبرر ذلك ، لهو إجراء قسرى ، يعبر عن روح الرعونة والصلف اللذين لم ينفكا عن الكنيسة في أية حقبة من تاريخها ، ولذلك فليس عجيباً أن يعاملها العاقون من أبنائها بمثل ذلك التطرف والغلو ، وليت الأمر اقتصر على هذا ، لكن الكنيسة لم تحفظ الأناجيل الأربعة نفسها من التحريف بعد أن فرضتها على أتباعها ، وكان للأباطرة دخل في هذا التحريف ، ولا لوم عليهم فإنما قلدوا الكنيسة في ذلك . يقول " لاندر " أحد مفسري الأناجيل : " حكم على الأناجيل المقدسة جهالة مصنفها بأنها ليست حسنة بأمر السلطان أناسطيوس في الأيام التي كان فيها " مسالة " حاكماً في القسطنطينية فصححت مرة أخرى " (29) . وهذا القول اعتراف بالغ الخطورة ، فهو يقرر ثلاث حقائق تاريخية :
1- أن مؤلفي الأناجيل مجهولون ،2- وظلوا كذلك حتى القرن الرابع الميلادي . 3- أن لأهواء الحكام وميولهم يداً فيما تعرضت له الأناجيل من تحريف باسم التصحيح . 4- أن التحوير والتعديل ظل يمارس في الأناجيل دون شعور بالحرج مما يدل على أنه عادى مألوف
قد أورد الشيخ " رحمة الله الهندى " خمسة وأربعين شاهداً على التحريف بالزيادة في الأناجيل ، مدعمة بالوثائق والاعترافات ، نختار واحداً منها للتمثيل فقط . " الآية الثالثة والخمسون من الباب السابع وإحدى عشر آية من الباب الثامن من إنجيل يوحنا إلحاقية ( مضافة) قال هورن في الحاقية هذه الآيات : أرازمس وكالون وبيزا وكروتيس و ……… والآخرون من المصنفين الذين ذكرهم ونفينس وكوجز لا يسلمون صدق هذه الآيات " ثم قال :
" كرايز ستم وتهيو فلكت ونونسى كتبوا شروحا على هذا الإنجيل ، فما شرحوا هذه الآيات ، بل ما نقلوها في شروحهم ، وكتب ترتولين وساى برن في باب الزنا والعفة وما تمسكا بهذه الآيات ولو كانت هذه الآيات في نسخها لذكراً أو تمسكا بها يقينا "
وقال وارد كتلك : " بعض القدماء اعترض على أول الباب الثامن من إنجيل يوحنا نورتن بأن هذه الآيات إلحاقية يقينا " (30) . فهذه أثنتا عشرة فقرة ، يكاد يكون هناك إجماع على إضافتها وغيرها كثير ، ولا غرابة في ذلك ، فليس لدينا حد فاصل بين كلام الله وكلام البشر ، بل ليس هناك ضابط يعرف به كلام المسيح من كلام غيره ، فالشك وارد على كل فقرة في الأناجيل إلى درجة أن أعظم المتعصبين لها لا يستطيع إقناع الباحث العلمي بسوى ذلك .
رب اجعل هذا بلدا آمنا و ارزق أهله من الثمرات
مكسب
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ألف باء .. صناعة نصراني ضال | MaxaB | 09-13-05, 04:56 PM |
Re: ألف باء .. صناعة نصراني ضال | MaxaB | 09-13-05, 05:14 PM |
Re: ألف باء .. صناعة نصراني ضال | sadiq elbusairy | 09-13-05, 05:18 PM |
Re: ألف باء .. صناعة نصراني ضال | MaxaB | 09-13-05, 05:52 PM |
Re: ألف باء .. صناعة نصراني ضال | MaxaB | 09-13-05, 06:13 PM |
Re: ألف باء .. صناعة نصراني ضال | MaxaB | 09-13-05, 06:50 PM |
Re: ألف باء .. صناعة نصراني ضال | Mohamed E. Seliaman | 09-14-05, 00:04 AM |
Re: ألف باء .. صناعة نصراني ضال | MaxaB | 09-14-05, 09:28 AM |
Re: ألف باء .. صناعة نصراني ضال | MaxaB | 09-15-05, 03:19 PM |
Re: ألف باء .. صناعة نصراني ضال | MaxaB | 09-15-05, 03:58 PM |
Re: ألف باء .. صناعة نصراني ضال | MaxaB | 09-17-05, 05:17 PM |
|
|
|