رواية حارة النصاري جديرة بالقراءة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-10-2024, 12:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-23-2005, 04:03 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رواية حارة النصاري جديرة بالقراءة (Re: Sabri Elshareef)

    وعند سماعي لهذا النداء انطلقت مندفعاً نحو الأولاد في طريقنا إلى مكان اللعب وكانت أولى صدماتي في الحياة هو منعي من اللعب معهم بدعوى أني صغير السن... وذهبت أجر ذيل جلبابي "المقلم" الخشن حافي القدمين... بي شعور يصعب علي تحديده في هذه السن أو التعبير عنه ولكن من الجائز أنه كانت تعلو جبهتي امتعاضه أو "تكشيره" لا يذهبها سوى حبات الراحة التي سرعان ما تنفرط على صدري عند وصولي إلى أختي في مكان تجمع الفتيات حيث أجلس عند الشجرة أرقبهن وليس هذا فقط بل قد صنعن لي دوراً خاصاً بي على عكس برود النفور الذي واجهته مع الأولاد فها هن يسلمونني أحذيتهن أعهدها برعايتي وبعد الانتهاء من اللعب أعطي كل واحدة منهن حذائها... كنت أتقاضى نظير هذا العمل بعض من الحلوى تليق بمتعهد مثلي!!!!!

    كم كانت سعادتي لإحساسي بقيامي بدور في هذا العمل الجماعي "اللعب"... حتى أنهن كن إذا تأخرت ينتظرونني... ويسألون أختي عن "حارس الأحذية"!!

    صديقي مجدي والكُتاب

    توالت علي الفصول والسنوات... ألحقني والدي في الرابعة من العمر بالكـُتاب الذي كان بمثابة الحضانة... أبهجتني فكرة دخول الكتاب إذ كان تجمع كبير لكل الأولاد... أولاد الحارة... كما أنني بدأت أتعلم القراءة قبل دخولي المدرسة... ولكن الشيء الغريب في الكتاب أنني فوجئت بعدم وجود زملائي جميعاً، أصدقاء اللعب فكنت أسألهم بعد خروجي رحت أسأل مجدي:

    - لماذا لم يدخلك والدك الكتاب معي؟

    - لا أدري...!!!!

    وذات يوم قررت أن أسأل والدي صاحب كنوز الإجابات لكل أسئلتي المحيرة.

    - بابا... ليه مجدي جارنا... مابيروحش الكتاب معايا؟

    - "ضاحكاً" إزاي يروح الكتاب؟! ده "نصراني".

    - (مأخوذاً بالدهشة) يعني إيه نصراني؟!

    - يعني مسيحي... اسكت بقى وبلاش وجع دماغ...!!

    عندها تملكني الضيق... إذ أحسست أن هناك شئ قوي سيحول بيني وبين صديقي طوال فترة الكتُاب.

    سأحرم من قاموس الابتكارات في ألعابنا... فمجدي هو صاحب أكبر ألعاب جديدة لم نـألفها من قبل... صاحب أكبر إحساس لا أعلمه... كل ما أعلمه هو أنني أحب أن أظل بجواره فترات طويلة... أنني أحبه.

    كنت في بعض الأوقـات أشعر بالغـيرة من كونه صاحب أفكـار جديدة في اللعـب فسرعان ما سألته:

    - مجدي إزاي إنت إتعلمت كل الألعاب دي فين ومين اللي علمها لك؟

    - المدرس بتاعنا في مدارس الأحد... ولو عايز تتعلم تعالى معايا وهو يعلمك.

    تقافزت في الهواء سعادة وفرحاً وأسرعت في طريقي إلى المنزل قاطعاً الحارة بأقصى سرعة مندفعاً من الباب الخشبي الذي يتوسط جدار المنزل من الخارج وهرعت بطول المسافة بصحن الدار حتى غرفة أبي حتى اصطدمت به عند باب غرفته.

    - بتجري كده ليه؟

    - كنت عايز أقولك على حاجة يابا

    - خير؟

    - أنا عاوز أروح مدارس الحد مع مجدي عشان أتعلم لعب جديدة

    يارب يخليك يابا وديني المدرسة دي...

    لم أشعر إلا بيد والدي وهي تهوى كالمطرقة على وجهي وسالت الدماء من فمي ولم أدري لماذا؟ فصرخت في ذهول وكنت أشعر أن الذي ضربني ليس والدي فاندفعت نحوه أحتضنه وأقول:

    - الحقني يابا

    فدفعني بعيداً عنه وقال:

    - أوعى تقول كده تاني فاهم ولا لأ؟

    أحسست أننى قد تحدثت بشيء خطير يغضب مني والدي فاعتذرت وقلت:

    - حاضر يابا... معلش مش هاقول كده تاني.

    وفي اليوم التالي قابلت مجدي فسألني:

    - هاه..؟ قلت لابوك؟

    - اسكت يا عم مجدي عشان إمبارح أبويا زعل مني وضربني عشان الموضوع ده... أنا خلاص يا عم بقى مش هاينفع أروح معاك.

    أذكر أنني قد قلت هذا إرضاء لوالدي فقط وتجاوباً معه ولكن كان هذا الوقت هو وقت ميلاد أول وأكبر علامة استفهام تبتلعني خصوصاً بعد أن قام مجدي بالمجيء معي إلى الكـُتاب ولم يعترض والده على ذلك... وأعتقد أنه كان سيستمر يحضر معي دروس الكـُتاب اللهم أن سيدنا قام بطرده من مجلسنا وحرم عليه دخول الكُتاب مرة أخرى... تمر السنوات وأكبر في العمر وأدخل المدرسة الابتدائية.

    المشكلة الأول في الحارة

    بدأت معاملة والدي لي يتخللها نوع من التغيير والتطوير فقادني فيما يشبه الدرس وأخذ يشرح لي ويصرح بأشياء لم يذكرها من قبل... فكشف لي لأول مرة أن هناك ما يسمى الإسلام وهو ديننا ملتنا ما نؤمن به وما يسمى بالمسيحية وهى دين من يعرفون باسم النصارى اللي منهم عم فوزي وولاده؟

    - بص يابني أنا عايزك تعرف انه ماينفعش تقول عم فوزي دي تاني... كلمة عم دي تقدر تقولها لأي حد من المسلمين ومش عايز أتكلم تاني في الموضوع ده.

    وما كان مني إلا أن سمعت وظللت صامتاً وقمت بالذهاب إلى المدرسة في الصباح بصحبة صديقي مجدي...

    مضى اليوم في متعة جديدة بالزي الجديد والتجمع الكبير لأولاد الحارة والحارات الأخرى وبعض الأولاد من القرى المجاورة.

    استمتعت كثيراً بطريقة الدراسة هذه "فالمدرس" يقف أمام هذا الجمع من التلاميذ الجالسين على دكك خشبية نظيفة تسع لثلاثة مجتمعين!!! مقارنة بجلستنا في الكتاب تلك الجلسة على الحصير بدون هذا الزي ولكن لم تختلف طريقة مدرسنا عن طريقة سيدنا في التحفيظ أبداً ولا في الرعب الذي أدخله علينا من أول لحظات هل فيها علينا.

    كان هناك وقتاً لم نكن نعرف عنه من قبل ألا وهو "الفسحة" فانفردت بمجدي حيث أنني لم أكن أعرف غيره من التلاميذ إذ أنني أنا ومجدي الوحيدين من الحارة الذين نتمتع بعمر يؤهلنا للذهاب إلى المدرسة وسألته:

    - صحيح يا مجدي إنتم نصارى؟

    - لأ... إحنا مسيحيين!!!!!

    - ليه يا مجدي ماكنتوش مسلمين عشان بابا ما يزعلش منكم؟ بأقولك إيه يا مجدي. ممكن تقول لأبوك يخليك تبقى مسلم عشان بابا مايزعلش منك وما يمنعنيش من اللعب معاك تاني؟

    - بس أنا أبويا ما بيزعلش منك... ولا بيقول لي ما تلعبش مع محمد عشان كده قول لأبوك يخليك مسيحي أحسن!!!

    حسنت الفكرة في عيني إذ أن المشكلة سوف تنفرج... ذهبت للمنزل وببراءة الأطفال ونشوة وجود حل لمشكلتي مع مجدي فقلت لوالدي:

    - ممكن يابا تخليني مسيحي...!! عشان أبقى زي مجدي وتخليني ألعب معاه من غير ما تبقى زعلان مني؟

    (فجأة اندفع والدي خارج المنزل مسرعاً نحو منزل والد مجدي وعلا صوته بالحارة كلها وهو يهدد ويتوعد...)

    - إن ما بتلطوش اللي بتعملوه مع الواد والمصحف لأولعلكم في بيتكم...

    (وأخذ ينادى على شيوخ الحارة ليشهدهم على المعلم فوزي... اللي بيسلط ابنه عشان يضحك عليا و أبقى مسيحي).

    لم تقف الدنيا عند هذه المشكلة فقط بل لقد سببت هذه المشكلة مضاعفات لا حصر لها إضافة إلى ما كان قائماً من قبل... فازدادت كراهية المسلمين من أهل القرية لمسيحييها وازداد خوف المسيحيين من المسلمين ومن مضايقاتهم المتزايدة... شعرت بألم وحسرة شديدين لأنني كنت السبب في كل ذلك... علاوة على هذا فقد خسرت صديقي مجدي... ومنعني والدي من التعامل مع مجدي أو حتى مجرد مصافحته كما طلب من ناظر المدرسة أن يفرق بيننا فنقل مجدي إلى فصل آخر!!!

    هذا وقد بدأت الواقعة تؤثر تأثيراً مباشراً على هدوء الحارة وعلى نفوس أهلها.

    كانت أول واقعة في مسلسل الاحتكاك الدائم بين الفئتين تزلزل هذا الهدوء هي واقعة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ومن المعلوم لنا دائماً أن الاحتفالية ذات طابع خاص وخاصة الاحتفال الذي تقيمه الفرق والطرق الإسلامية المختلفة وعلى الأخص الطريقة الحامدية الشاذلية الذي كان خالي أحد أقطابها... فكانوا يطوفون القرية بالأعلام الخضراء المنقوش عليها الهلال والمكتوب عليها "لا إله إلا الله" ويحملون السيوف و"السنج" رمز القوة الإسلامية.

    كان الركب الاحتفالي يجوب الشارع الرئيسي الذي يتوسط القرية ثم يقومون برفع علم الطريقة على صاري خشبي يدقونه في أرض فضاء مقابلة لمنزل الشيخ ثم تتم الاجتماعات المسائية لقراءة الأوراد حتى موعد الليلة الكبيرة.

    ولكن هذا العام الذي صادف ما كان من والدي... فقد أخذت الاحتفالية طابعاً آخر...

    ولأول مرة يتعمد شيخ الطريقة اختراق الحارة الضيقة التي يقطنها غالبية مسيحية في ظاهرة لم تحدث من قبل.

    فيطيلون الوقوف عند منازل المسيحيين ويبدلون إنشادهم بهتافات قائلين

    (لا إله إلا الله... محمد رسول الله)

    ثم أخذوا بالطرق على الأبواب وكان الأطفال يبالغون لما لديهم من طفولية في ذلك بقذف النوافذ بالحجارة وتمزيق سعف النخيل وتحطيم الصلبان الطينية... وانفردت بي بعد ذلك كل علامات الاستفهام والاندهاش ثم تملكني الخوف على صديقي وظللت أبكي بشدة وبهذا الخوف اندفعت مخترقاً الموكب وجميع الأطفال بصورة لا إرادية طالباً منهم عدم قذف هذا المنزل... فدفعني أحد الشيوخ وهددني بإبلاغ والدي...

    ومرت الليلة طويلة.. كئيبة وأنا قلقاً مضطرباً.. منتظراً الصباح لأطمئن عليه.. تتقاذفني الأسئلة.. هل أصابه ضرر؟ هل اصطدم به أحد من الأطفال أو الشيوخ؟... هل؟ هل؟

    وها قد لاح الصباح وذهبت في طريقي إلى المدرسة فشاهدته متجهاً للمدرسة هو أيضاً.. فطرت سعادة وتمنيت لو ذهبت لأقبله وأهنئه على سلامته لكن منعني عنه هذا الهلع الذي أحاطني به والدي وصاحبني في طريقي للمدرسة استعراض رد فعل المسيحيين إبان الاحتفال ففي هذه الأثناء لم يبدر منهم سوى الهدوء.. إغلاق الأبواب والنوافذ.. التزام المنازل.. لماذا لم يبدر منهم رد فعل عنيف لذلك التعدي... أهو الخوف أم الذوق الذي وإن كان فلن يكون في موضعه أبداً هكذا..!!

    واستمر حال هذه الاحتفالية منذ ذلك الحين وحتى يوم خروجي من الحارة إلى القاهرة كما هو. وكان المسيحيون يحفظون ذلك التاريخ جيداً فيشترون حاجيات المنزل كلها قبل هذا التاريخ بيوم أو يومين حتى لا يضطروا إلى مغادرة منازلهم في هذا اليوم.. واستكمالاً لسلسلة التناقضات أن عم فوزي أو المعلم فوزي كما يروق لوالدي أن أناديه يذهب في يومها صباحاً لوالدي مهنئاً إياه.

    - كل سنة وأنت طيب يا أبو أحمد.

    كان والدي يرد له التحية بالفتور والتحفظ الشديدين والغيظ المستتر.

    لقد احتدمت الحالة بينهما وتهديد والدي له لا يزال يتردد في أصداء حارتنا كما يتردد في آذان عم فوزي...

    والآن وقد مر شهر ونصف الشهر على احتفالية المولد النبوي التي كانت بمثابة شبح الذعر الذي خيم على مسيحيي البلدة. تدخل بعض مِن مَن نطلق عليهم عقلاء الحارة في محاولة للصلح بين والدي وعم فوزي.. كان يتردد دائماً اسم الدكتور "..." وهو طبيب مسيحي يحظى باحترام المسلمين والمسيحيين وكان مديراً للوحدة الصحية بالقرية وقد اشترك هذا الرجل في الصلح مع مقاول كبير وعضو مجلس الشعب عن دائرتنا ممن يحظون باحترام الجميع...

    وفى دوار العمدة وسط القرية كان لقاء والدي وعم فوزي وكنت أنا ومجدي نقف في خلفية المشهد بعيداً عن الأحداث والسعادة تغمرنا وننتظر بلهفة التصالح الذي سرعان ما سيسفر عن تلاقينا بلا تحفظ.

    وما أن انتهت الجلسة بالصلح حتى قفزت في صدر مجدي أحتضنه ويحتضنني في الوقت الذي اخترقت فيه مشاعري نظرة أبي نافذة إلى دفئ صدري...!!

    كانت نظرة لائمة مفسدة هذا التعبير الصادق الذي غمرنا... لكنه لم يمنعني كتعبير عن التزامه بالصلح والمهادنة. ولكن كانت تكفيني نظرته لأرتجف.

    ذكريات رمضانية

    بدأت أكبر وبدت لي الأشياء والمعارف من حولي في عريها فبدأت تتكشف لي أشياء غير التي ألفتها... وفقدت المعارف براءتها... ففجأة علمت أن هذا المنادي صاحب الحمار يدعى.. "المسحراتي" وهو يقوم بهذا الواجب اليومي لإيقاظ الناس من سباتهم لأكل "السحور"، تلك الوجبة التي تقض مضجعي أثناء النوم لعسر هضمها وعلمت أن هذا يحدث في شهر اسمه "رمضان" واجب فيه الصيام على المسلمين وبالرغم من صغر سني داهمني والدي بإرغامي على الصوم لأعتاد ذلك... في الحقيقة لم يضايقني هذا بل كنت سعيداً جداً بهذا الشهر

    فهناك العديد من الطقوس التي أتفاعل معها وأفرح بها كثيراً خاصة عندما يقترب موعد الإفطار (آذان المغرب) إذ كنا نجتمع ثلاثة أو أربع أفراد ونذهب عند أقرب مسجد قبل المغرب بنصف الساعة وكل منا يحمل معه نوعاً ما مما في منزله من الفاكهة ليأكله وبمجرد سماع صوت "الصفارة" التي كانت تنطلق من ماكينة الغلال على مشارف القرية معلنة آذان المغرب... كانت لبهجة التلاقي وخصوصية هذا التجمع عظيم الأثر في وجداني حتى يومنا هذا ولكن ما كان يعكر صفو هذا الاستمتاع... أن الأطفال بعدما نأكل ونصلي المغرب يذهبون في طريق عودتهم لمنازلهم منشدين...

    "يا فاطر رمضان يا خاسر دينك قطتنا السودا ها تقطع ديلك" أمام أبواب منازل المسيحيين.

    في بادئ الأمر كنت أنهرهم ومع مرور الوقت أصبحت عادة ألفناها ولكن البيت الوحيد الذي لا أجد في نفسي الرغبة في قول هذا النداء أمامه هو منزل... كنت أسرع وأهرول حتى أصل للمنزل الذي يليه... نفس الشيء كان يتكرر مع السحور فكنا نلتف حول المسحراتي وحماره ونحمل له الفانوس وهو يدق على طبلته وكالعادة كان المسحراتى مدفوعاً من رجال الحارة... فيطيل الوقوف والنداء والدق على طبلته أمام بيوت المسيحيين فسألته:

    - يا عم "علي" دول مسيحيين بتخبط لهم كتير ليه؟

    - اسكت أنت مش شغلك عاوز تخبط خبط... مش عايز اسكت أنا عارف انهم زفت مسيحيين لكن لازم نقلق منامهم الكفرة دول!!...

    وتقدم البعض بشكوى للعمدة وشيخ الحارة وعضو مجلس الشعب مما يحدث لهم من إزعاج في رمضان فكانت الإجابة الذهبية...

    - دول عيال وبيلعبوا.. نمنع عيالنا من اللعب يعني عشان المسيحيين يرتاحوا؟!!!

    والشيء المحزن إن والدي كان يشجعني مبتسماً وكان يفرح جداً لما يعرف إني كنت مع الأولاد.

    ظلت الحياة تسير بنفس دورتها وسرعتها الرتيبة نفس الأحداث نفس الفراغ نفس الأحاسيس التي لا تنمو ولا ترقى بدين.

    فقد تأثر كياننا تأثراً كبيراً بهذا الهدوء الجغرافي الذي يحيط بنا في حقولنا في طريقة بناء منازلنا فالطبيعة الطينية قد أورثتنا البرود والحصير قد أورثنا الجفاء... ولهيب الشمس في الحقول علمنا التناحر على الظل الوارف في طبيعة الفراغ.

    الدرس الذي تعلمته من عم فوزي

    إلى أن اخترق هذا الهدوء ذلك النبأ الذي طار لنا من خلال راديو "عم إسماعيل" بأن الحرب قد نشبت بين مصر وإسرائيل... وكان الخامس من يونيو 1967.

    في هذه الأثناء كان والدي يعمل بورش الصيانة الميكانيكية بأحد جراجات القوات المسلحة ويوم نشوب الحرب لم يعد والدي إلى منزلنا... تركنا أنا واخوتي تنهشنا مخالب الاستفسارات تركنا لدوامات الاستنتاجات المشوبة بالريبة.

    لم يعد والدي في موعده المعتاد يومياً... تأخر حتى دخل الليل علينا... كنت أسمع أصوات القذائف المضادة للطائرات تنطلق من حولنا وصفارات الإنذار تنتهك جلودنا... الطيران الأسود في سماء القرية على ارتفاع منخفض وكلما اقترب الليل ازداد خوفي وهلعي وفجأة تملكني الرعب وعلا صوتي بالبكاء. لم أكن أدري أخوفاً على والدي أم رهبة من المدافع والصواريخ وأزيز الطائرات.

    كان منزل عم إسماعيل هو مركز تجمع أهالي القرية لمتابعة أخبار الحرب من خلال الراديو الكبير الوحيد في البلدة الذي كان يملكه... ومضى أكثر من ثلاث أيام ولم يعد والدي... لم تصلنا منه أي رسالة وانقطعت كل أخباره و صاحب ذلك انقطاع ظهور بعض المجندين من أهل الحارة... وفى خضم هذه الأحداث حدث ما لم يكن يتوقعه أحد... إذ في اليوم الرابع جاء المعلم فوزي إلى منزلنا يسأل عن والدتي:

    - يا محمد فين أمك؟

    - (أجبته في سرعة وشرود ذهن) جوه هاندهالك.

    (ثم ذهبت لنداء أمي وظللت أتابع حديثهم)

    - هاه يا حاجة مفيش أخبار عن أبو أحمد؟

    - أبداً والله (وانسكبت الدموع من عينيها) مش عارفين إيه اللي حصل له؟ هوه بخير ولا حصل له حاجة الشر بره وبعيد.

    - طيب يا حاجة إهدي كده أمال... ممكن تديني العنوان وأنا هاروح اطمن عليه بنفسي؟

    - إزاي يا معلم... دي حرب هتطمن عليه إزاي؟!

    - مش عارف بس مش مشكلة برضوا يا حاجة... ما تقلاقيش انتى بس وهاتي العنوان وأنا هاتصرف.

    - بس العنوان مش معايا... خلاص لما ييجي أحمد من بره هو عارفه...

    ولما عاد أحمد أخي إلى الدار كتب العنوان وجاء عم فوزي وأخذ منه العنوان وانطلق... لا ندري إلى أين...؟!

    عند غروب ذلك اليوم العاشر من يونيو 1967 عاد عم فوزي وهو مبتسم وعلى وجهه علامات السرور... وأخذ يربت على كتفي:

    - أمك فين يا محمد ؟... إطمن أبوك طيب وبخير يابني (أسرعت والدتي من الداخل وهي تزغرد قائلة)

    - صحيح يابو مجدي... الحاج كويس... عايش مجرالوش حاجه؟

    - أيوه يا حاجة ومعايا أمارة كمان.


    إيه هيا؟

    - بطاقة التموين بتاعتكم أهيه... إدهالي عشان أجيب لكم التموين بكره إن شاء الله.

    أحسست ساعتها إنني لم أفقد بعد كل الأمن بتأخير والدي عني ولكن عندما انفرد بنفسي وكلما يحل علي الليل تنفرد بي كل أحاسيس الخوف وفي مساء 11 يونيو 1967 سمعت أزيز ذلك الطيران الأسود يحلق في سماء غرفتي... فصرخت صراخاً عالياً... شعرت أن هذه الطائرات ستقتلني بقذائفها على غرفتي فأسرعت خارجاً... سمع عم فوزي صراخي.. فأتى إلى نجدتي وضمني إليه وقال:

    - مالك يابني... في إيه...؟ ما تخافش.

    واستأذن والدتي في أن يصحبني إلى داره لأجلس مع صديقي مجدي وألعب معه حتى أهدأ.

    لم أستطع إدراك دافع عم فوزي من هذا التصرف وخصوصاً أن كل تصرفات المسيحيين معنا في القرية لابد لها من تفسير ومردود هكذا تعودنا واعتقدت أن والدي ربما يكون قد مات الآن وهو يعلم ذلك وهو يفعل ذلك من منطق العطف على طفل يتيم... فسألته:

    - والنبي يا عم فوزي ربنا يخليك قول لي... أبويا عايش صحيح ولا مات؟

    - صدقني يا محمد.. صدقني يابني أبوك بخير وكويس ويعلم ربنا كلها يوم ولا اتنين وهيرجع لكم بالسلامـة.. ياللا.. ياللا.. تعالى معـايا مش عـاوز تشوف صـاحبك مجدي ولا إيه؟

    كنت قد رأيت عيني أمي وهي تدمع لقولي فدموعها لم تقدر على حجز مقعد لنفسها خلف جفونها المنهكة المبتلة دائماً وجرت بعنف فاندفعت داخلة إلى منزلنا بينما اتخذت أنا طريقي مع عم فوزي...

    كانت هذه هي المرة الأولى التي تطأ فيها قدماي منزلاً مسيحياً على الإطلاق ولا أخفي أنني طالما راودتني نفسي بالرغبة في استطلاع ذلك المجهول الذي طالما أخفوه وأحجبوه عني أهلي وبيئتي...

    عند وصولي لعتبة الدار تملكني الرعب إذ قد انصبت في آذاني كل العبارات التي كنت أسمعها آنفاً من عدم حب المسيحيين لنا وأنهم من الممكن أن يضعوا لنا السم في الطعام أو الشراب.. وأكد ذلك لدي أن والدتي كانت تحضر لي الطعام بنفسها في موعد تناوله من منزلنا. استعرضت بعيني كل تفاصيل المنزل بداية من الصور المعلقة وحتى أضخم قطعة أثاث فلفت نظري بشدة تلك المرأة الجميلة التي تحتضن طفل بارع الجمال... أخبروني أن هذه المرأة هي مريم العذراء. أما الطفل فهو المسيح... ثم استعرضت الجدار المقابل لأجد صورة أخرى لرجل كثيف اللحية... مسبط الشعر يجلس على مائدة طويلة وحوله رجال كثيرين يتناولون الطعام... قالوا لي أن هذا الرجل هو المسيح والرجال هم اثنى عشر تلميذاً "الحواريون". لقد كان البيت المسيحي بالنسبة إلي مجهولاً رغبت طيلة ما سبق من عمري اكتشافه وفي نفس الوقت كنت أخشى الاقتراب منه.. وها هو الآن هذا المجهول وقد أصبح معلوماً. في هذه الأثناء بدأ يتلاشى خوفي تماماً... وبعد يومين من الإقامة هناك عاد والدي بعد انتهاء الحرب... فجاء أخي يخبرني ويطالبني بالعودة سريعاً... ... لأن والدي يسأل عني وقال لي:

    - إن سألك كنت فين أوعى تقول انك كنت هنا.

    أسرعت نحو منزلي وارتميت في أحضان أبي في أحضان أمنه في دفئه الذي غاب عني... قبلني والدي كثيراً في جميع أجزاء وجهي وقال لي:

    - كنت فين يا محمد؟

    - كنت بره.. بـ... ألعب.

    لم يعلق والدي وكأنه فهم أنني أكذب ودخل غرفته ودار بينه بين أمي هذا الحديث:

    - بقى كده يا حاجة...؟!!

    - في إيه يا حاج... ؟!

    - على آخر الزمن تبعتي لي واحد مسيحي نجس يدور عليا… هو أنا عيل صغير تايه؟ إيه خلاص مفيش لا عقل ولا دين... فوزي العضمة الزرقا المعفن ده يدور علي أنا؟

    - وماله يا حاج... الناس لبعضيها... والراجل كتر خيره عمل اللي حتى إخواتك ما عملوه… مفيش ولا واحد قريب ولا بعيد جه يسأل عليك في غيابك ما إحنا ما بنتعرفش غير في المشاكل بس... إحنا نشكره ونسيب ملته دي لربنا يا حاج.

    - لكن في أصول... على العموم أهي مرة وعدت ودي إن شاء الله هتكون آخر مرة يحشر نفسه فيها الجدع ده.

    - أنا مش عارفه انت بتكره الجدع ده دون عن خلق الله المسيحيين كلهم ليه يا حاج.. هو عمل إيه معاك؟

    - قلنا خلاص... اتقفل الموضوع على كده... ومحمد ابنك كان فين كده؟

    - كان... كان... كان عند المعلم فوزي.

    - كمان... كمان يا أم أحمد ابني أنا يدخل بيت فوزي النصراني؟ وأظن ما كان بياكل ويشرب هناك؟ مش كده؟

    - حد الله ياحاج أنا كنت بابعتله الأكل من عندنا... بس أصل الواد كان مخضوض يا عيني من البتاعة دي... اللي اسمها... إيه دي ... الطيارة

    عندها توقفت أذناي عن السمع لا إرادياً... تألمت كثيراً إذ ما الذي حدث لكي أكذب على والدي ثم يتكلم والدي عن عم فوزي بهذا الكلام وهو الذي فعل كل شئ لم يقم به غيره وظللت بسؤال واحد لماذا كل هذه الكراهية لرجل لم يفعل معنا إلا الخير؟

    لماذا لا يشترك الناس جميعاً في كسب كراهية والدي...؟‍

    كنت ألوم الأقدار التي جعلتني أرتبط بشخص يحكم به علي... ولكن الشيء الذي لا نقدر على الهرب منه هو الزمن فالزمن يمضي، يمر... ولا يتوقف... الحرب تنتهي ووالدي يزداد غضبه... ويقل... ويتوقف... يعلو بحنوه... تزداد قسوته... ثم يعتدل... كل الأضداد في والدي الذي هو صورة من هذه الحارة..

    هذه المدينة...

    ذاك الوطن...

    بداية الانقلاب

    ما زلت حتى الآن أتكئ بظهري على مقعدي الثابت من الأحداث في عربة القطار التي تخترق بي أفدنه طويلة وشاسعة وتقع عيناي على هذه الأرض المزروعة بالقطن... القطن.. فقريتنا تشتهر بالقطن وزراعته على مساحات كبيرة فالقطن هو المحصول الرئيسي في القرية وهو يمثل مصدراً أساسياً للدخل هناك إذ أن موسم جني القطن هو موسم الزواج في القرية وفي فترة العطلة الصيفية وبالتحديد في شهر يونيو من كل عام تنظم الجمعية الزراعية بقريتنا "فرق" وهي مجموعات من الأفراد "ذكور- إناث" يقودهم شاب "خولي" من طلبة الكليات الزراعية... أو حملة الدبلومات... تقوم هذه الفرق بالجمع اليدوي "لبيض ودودة القطن" المسمى "لطعة".. وفى صيف عام 1969 كنت قد أنهيت المرحلة الابتدائية وعرضت على والدي أن أشترك في هذه المجموعات واستثمر ما أحصل عليه لقاء أجر لشراء مستلزمات العام القادم فوافق والدي على الفور.. والحقيقة وراء طلبي هذا هو إنني علمت أن صاحبي مجدي سيشترك هو الآخر.. ولكم كنت سعيد جداً لهذا خرجت في الصباح وعلى رأسي "الطاقية" أحمي بها رأسي من حر الشمس وأحمل في يدي "بؤجة" الطعام... إذ لم يكن مسموحاً لنا بالعودة إلى منازلنا لبعدها عن الغيطان.

    وكنا كلما حان وقت الغذاء جلسنا سوياً أنا ومجدي نأكل طعامنا ونعمل "الغديوه" وكانت في هذه الأثناء بالذات ترقبنا نظرات جميع الفرق المشتركة وتلاحقنا بالاشمئزاز المتواصل بل وتقذف علينا نظراتهم بوابل العتاب والغيظ... فكان الحل الوحيد... أن أتجاهل ما يحدث وأستمر في نقائي تجاه من أحب... ثم إنني لا أجد سبباً للابتعاد عنه... فهو يحبني... ويحب اللعب معي... لا يؤذيني... يعلمني الكثير والجديد من الألعاب... هو من دفعني للاشتراك في هذه المجموعات... لم يكذب علي... لم يضمر لي شراً... ولكن "الخولي" كان له رأي آخر... إذ كان ِمن مَن نطلق عليهم "متدينين" وكان شديد الكره للمسيحيين بل كان يسئ إلى درجات بعيدة في معاملتهم... وذات مرة واجهني:

    - حسك عينك أشوفك قاعد بتاكل مع الواد ده تاني فاهم ولا لأ؟

    - ليه؟ هوه غلط؟ أنا بأستريح معاه...

    تركني ولم يجيب لكنه توعد بأن يخبر والدي فعرفت أن إجابتي البريئة المستفهمة لم تريحه...!!

    وهنا بدأت أكتشف سبباً آخر لتعلقي بصديقي وهو إنني أمنع بقسوة وشدة عنه...!!

    في المساء بعد عودتي... قامت الدنيا ولم تقعد...

    - اياك تقعد مع الواد مجدي ده خالص بعد النهاردة... بقى إحنا بنمنعك من القعدة واللعب معاه تقوم تروح تاكل معاه...؟

    - يابا إنتوا ليه زعلانين إني بالعب معاه ولاحتى باكل ده صاحبي إشمعنى يعني ده؟

    - لأنه كافر... مشرك واللي ياكل معاه... يبقى زيه فهمت بقى يا سيدي ودا مش كلامي.. ده كلام الرسول "من أكل مع مشرك أو سكن معه فهو مثله"!!!

    - طيب خلاص... أنا هابطل آكل معاه تاني... بس هابقى صاحبه... هاقعد معاه وألعب معاه... لا هاكل ولا هاشرب...

    - لأ

    - لأ... ليه؟

    - هو كده!!

    - بس أنا باحب مجدي؟! وبعدين هو ولد طيب ومؤدب!!

    - يا محمد يابنى دا صحيح لكن الرسول منعنا إن إحنا نصاحبهم أو نحبهم دول مشركين فقال "يحشر المرء مع من يحب" انت عايز ربنا يحشرك مع الكفار في جهنم!!!!

    - لأ

    - خلاص اعمل اللي باقول لك عليه.

    ولما جاء الصباح... كان بمثابة موعد التنفيذ... أستطيع أن أواجه أبي وكل أهل الحارة من أجل صديقي ولكني لا أستطيع مواجهة الله من أجل كل الحارة!!!

    ذهبت كالعادة إلى مكان تجمع الفرقة الخاصة بي... استعداداً للذهاب إلى موقعنا... لكن كانت علامات الضيق والاكتئاب تبدو واضحة على قسمات وجهي... في نبرة صوتي... وعندما أقبل مجدي... ارتد للخلف خطوات في نفسه... قبل خطواته اللاهثة التي استمر فيها حتى وصوله إلى شجرته العتيدة... التي كان دائب الذهاب إليها بمفرده من وقت لآخر... ربما جرى هكذا ليبكي وربما لينفرد بنفسه ليفكر في سبب تحولى عنه... وربما... وربما...

    وعندما جاء وقت الغذاء... أخذت طعامي وذهبت بعيداً وحدي... حتى لا يراني... وبدأت في الأكل... "بسم الله الرحمن الرحيم" وسمعت ... "باسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين" لم أعبأ بوجوده وقبل أن أضع في فمي أول "لقمة" وجدت من يقول لي:

    - إيه يا محمد أنت هتاكل من غيري مش عوايدك؟!

    (رافعاً رأسي مواجهاً له فإذ بمجدي وعلى فمه ابتسامة غير مكتملة فقلت له باقتضاب):

    - مجدي أنا مش هاكل معاك تاني من النهاردة ماشي؟

    - إيه؟ أنت بتقول إيه يا محمد؟

    - مش هاكل معاك تانى... كل واحد ياكل لواحده وأرجوك بلاش تسلم علي قدام الخولي...

    - ليه يا محمد ؟

    - ماعرفش هو كده وخلاص… اسمع الكلام واسكت.

    فلم أجرؤ على إخباره بأنه سئ في عيني الله وسيحشر في جهنم... وظل مجدى ينظر إلي وأنا متعمد ألا أنظر إلى عينيه... استمر هذا الوضع قليلاً ثم قرر مجدي الفوز بكرامته والابتعاد عني... وذهب مجدي إلى مكان بالقرب مني وتبادلنا النظرات الحاسرة وفي داخلي أتساءل... ما هذا الذي يحدث لنا...؟!

    لماذا يرضى ويسر الله لهذا؟!!

    وما أن مرت لحظات إلا وقد وجدت هجوم أعضاء الفرقة نحوي لمشاركتي الطعام...

    فتساءلت:

    - ما الذي حدث؟

    لقد كنت أطلب منهم مراراً كثيرة أن يأتوا ويشاركوني أنا وصديقي مجدي ولكنهم كانوا يرفضون.. فما الذي حدث...؟؟

    - براوة عليك ياد يا محمد... طردت النجس ده بعيد لواحده!!

    وساد الفتور علاقتي بمجدي وشيئاً فشيئاً وجدت نفسي أفقد حبي له واهتمامي به ومحاولة لقاءه...

    لا أدري!؟ ولكن ربما كان الفوز بالجنة أفضل بكثير من مصافحة مشرك!!

    وانتهت المرحلة الابتدائية هكذا...

    فحب الله أغلى من حب أي مجدي...






                  

العنوان الكاتب Date
رواية حارة النصاري جديرة بالقراءة Sabri Elshareef09-07-05, 04:32 PM
  Re: رواية حارة النصاري جديرة بالقراءة nashaat elemam10-23-05, 02:18 AM
    Re: رواية حارة النصاري جديرة بالقراءة Sudany Agouz10-23-05, 03:11 PM
  Re: رواية حارة النصاري جديرة بالقراءة Sabri Elshareef10-23-05, 04:03 PM
  Re: رواية حارة النصاري جديرة بالقراءة Sabri Elshareef10-23-05, 04:05 PM
  Re: رواية حارة النصاري جديرة بالقراءة Sabri Elshareef10-23-05, 04:10 PM
    Re: رواية حارة النصاري جديرة بالقراءة bint_alahfad10-23-05, 11:46 PM
      Re: رواية حارة النصاري جديرة بالقراءة Sudany Agouz10-24-05, 04:00 AM
  Re: رواية حارة النصاري جديرة بالقراءة Sabri Elshareef10-24-05, 03:53 PM
  Re: رواية حارة النصاري جديرة بالقراءة Sabri Elshareef10-26-05, 09:39 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de