فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)"

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-10-2024, 05:22 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-30-2005, 01:36 AM

Murtada Gafar
<aMurtada Gafar
تاريخ التسجيل: 04-30-2002
مجموع المشاركات: 4726

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" (Re: Murtada Gafar)

    (مدينة النهر الميتة)

    وكما توقع صلاح، عاد الشاب محمد مرة ثانية. وجاء عصراً أيضاً. كان حكيم خارج حدود المدينة القديمة يجهز الشراك للأرانب عندما لمحه قادماً. أسرع حكيم عائداً ليحذر صلاحاً. قام صلاح حانقاً وهو يدمدم: (ما هذه المصيبة التي لم تكن في الحسبان).

    إستقبل حكيم الشاب بحفاوة ولاحظ أنه يحمل كيساً بلاستيكياً في يده. أخرج حكيم له كرسياً ووضع براد الشاي على الجمر المتقد.

    - عم حكيم، لا داعي للشاي.

    نظر إليه حكيم متسائلاً. بدى الشاب متردداً ومحرجاً.

    - أنا... أحضرت معي شراب.

    صمت منتظراً أن تتحول النظرة المتسائلة على وجه حكيم إلى شئ آخر. ظل التساؤل جامداً على نظرة حكيم. قال الشاب، دفعة واحدة وكأنه يلقي عن كأهله حملاً ضاق به:

    - عرقي.

    تجهم وجه حكيم. فكر في صلاح المختبئ بين الشجيرات وأن اختباءه سيطول. من يدري ربما سكر الشاب ولم يستطع العودة الليلة. فجأة خطر لحكيم خاطر آخر. نعم ... مع الشراب تسهل معرفة دخيلة الشاب وما إذا كان خطراً على صلاح.

    - عفواً يا عم حكيم.... يبدو أنني قد تجاوزت الحدود.
    - لا، لا. لاتقل ذلك. مرحباً بك. وتستطيع أن تشرب بلا حرج.

    إنفرجت أسارير الشاب. فكر حكيم، انه يشبه أمه حين يبتسم. أخرج من الكيس قارورة زجاجية جميلة الشكل. مستديرة وبعنق طويل وغطاء زجاجي مثل أغطية قوارير الدواء في مستشفى جويكِرَّة قديماً. سحب الشاب كرسيه إلى حافة الماء وعاد يطلب كوباً من حكيم.

    - هذه الزجاجة أحضرها لي صديق من السعودية. أظنها، في الأصل، قارورة عطر. هؤلاء العرب يحبون العطور.

    - سلام عليكو

    إنبثق صلاح فجأة من وراء الشجيرات القريبة. كان المساء قد تقدم. بدا النهر لامعاً هنا. داكناً هناك. أمواجه الرقيقة تهمس حديثها السرمدي لرمل الشاطئ. وصلاح في تنكره البدوي المتقن، المتجاوز لكل الشكوك.

    - أهلاً ... مرحباً. إتفضل قدام. أهلاً بالضيف.

    هكذا رد حكيم بذكاء.

    - إت الفضيل.

    جلس الأعرابي على السرير. قدم له حكيم الماء. شرب الأعرابي.

    - حمد لله. يا اخونا... أنا مهمل لي بهايم. شياه، نعيز، ثلاثة ومعاهن سخلتين. باليوم ده ليهن تلت إيام رايحات. بللقي ما شفتوهن جاي؟
    - والله ما فكرنا ليهن... لاكين بهايم العرب دول كلهم بوردن جاي. كن نم معانا لغاية الصباح، تقدر تروغهن في بهايم العرب. يمكن يكون شالهن معاهن.

    - والله كلامك زين تب. عين العقل.

    طوال هذه المحادثة بلهجة عرب المنطقة، كان محمد حمد متجمداً في كرسيه ، مديراً ظهره للرجلين، يحدق في النهر. وبين الفينة والأخرى يلقي في جوفه بكأس العرق. قام حكيم يعد العشاء، وأثناء إنشغاله بذلك، ألقى على الشاب السؤال:

    - أنت يا محمد بالطبع ستقضي الليلة معي هنا.
    - جميل، جميل جداً.

    بعد صمت قصير، إنبعث صوت الشاب. كانت به نبره غريبة.

    - يا عم حكيم ... انت بالطبع عاصرت صلاح جويكِرَّة. كان أبي لا يمل الحديث عن صداقتكم وأيام ازدهار جويكِرَّة.

    في الظلام تبادل صلاح وحكيم نظرات منزعجة. وخيم صمت قصير متوتر قبل أن يجيب حكيم.

    - بالتأكيد يا إبني، لقد عشنا هنا في هذا المكان أياماً عظيمة لاتتكرر. كان والدك يسهر معنا حتى منتصف الليل ثم يذهب إلى بيتكم. صلاح، أخذوه مكبلاً بعد الحادثة، ولا أدري ما حدث له بعد ذلك. فقد خرجت أنا من تلك الأحداث مريضاً.
    هنا استدار الشاب بكرسيه وواجه الرجلين.

    - لا تدري ما حدث له؟ لقد صار من أشهر السياسيين في هذا البلد.

    ثم بدأ الحماس المشتعل بشعشعة الخمر يتصاعد في نبرة الشاب.

    - لقد دوخ أجهزة النظام الديكتاتوري السابق لأكثر من عشرة سنوات. لم يغادر البلاد ولم يلق القبض عليه. والحكومة الحالية تقلب الأرض بحثاً عنه بلا فائدة.

    - هذا رجل شيوعي يا إبني. ربما هربوه خارج البلاد، إلى روسيا أو أمريكا.

    صمت الشاب. كأنما يأس من جهل الكهل. أدار كرسيه تجاه النهر واستمر يشرب ويحدق فيه. تذكر وهو يبتسم في الظلام ما فعلته به تلك القمرية وهو قادم عصر اليوم إلى جويكِرَّة. رأى العش وعليه فرخان حديثي الفقس، لم ينم على جلديهما شئ من الريش بعد. تعجب من غباء القمري. كيف تبني القمرية عشها بهذا الإنخفاض. أراد أن يدنو أكثر من العش وينظر، فإذا قمرية على الأرض تخبط جناحيها وتحاول الطيران دون جدوى. ترك العش وتقدم منها فسحبت نفسها على الأرض مبتعدة. إستمر يتقدم نحوها، ظن أن خيطاً أو شعراً تلعبث فيها فمنعها الطيران. إستمرت تخبط جناحيها على الأرض وتبتعد عنه في حركة مشوهة. أحياناً تنجح في رفع نفسها عن الأرض نصف المتر ثم تعود وتسقط على بعد خطوات منه. أضطر ليسرع خطاه. إستمرت محاولاتها المستميتة في الفرار. أضطر أن يركض إثرها. صارت تباعد المسافة بينه وبينها. لاحظ أن قوتها تزداد كلما زاد هو من سرعته. ثم فجأة طارت محلقة في الهواء وكأنها قد شفيت فجأة. وقف ونظر حوله. وجد أنه قد ابتعد عن مكان العش كثيراً. فجأة إنفجر ضاحكاً. لقد أدرك انه كان ضحية عملية خداع متقنة. هذا ذكاء إنساني تماماً. هو لم يكن ينوي شراً بالفراخ الصغيرة، لكن مالذي جعله يركض خلف القمرية الأم؟ لا شك أنه شئ من بقايا الطفولة وحب المخلوقات البرية. لكن كيف لم يمر بمثل هذا الموقف في طفولته وهو الذي عاش في قلب الطبيعة كل طفولته؟ كان بيتهم منفردا وسط الدغل. ما كان هو وأخوه الأكبر وأخته الصغيرة يعرفون أطفالاً آخرين ليلعبوا معهم. كانوا لا يعرفون أصدقاء سوى الطيور والقنافذ والحلازين والسحالي وحشرات موسم الأمطار الملونة. لقد ربّوا في بيتهم الأرانب البرية والثعالب والسناجب والقنافذ والقماري والعصافير والدجاج البري. كيف فاتت عليه هذه الخدعة البسيطة مع كل هذه الخبرة؟

    عندما دعى حكيم ضيوفه للعشاء، كان الشاب ثملاً تماماً. قال وهو يدنو من الأكل:

    - صديقك هذا. أقصد صلاح جويكِرَّة، هو من أعظم السياسيين السودانيين الآن. سوف يذكره تاريخ هذا البلد. هل تصدق أنني في الجامعة عندما أذكر لزملائي أنه كان صديقاً لوالدي، فإنهم لا يصدقون. يظنون إنني أحاول أن أضفي على نفسي وعلى أسرتي نوعاً من الأهمية الزائفة.

    لم يعلق حكيم. أكلوا عشاءهم في صمت. إنفصل الشاب عن الكهلين تماماً عندما اضجع على السرير. غرق في شئونه الخاصة. ماذا لو كان استجاب لإلحاح رحاب وأحضرها معه. هذا جنون. لن يفهم أخواله وأسرهم، لن تفهم القرية حضور فتاة غريبة معه. كيف كان يمكن أن يشرح لهم الأمر؟ يقول حبيبتي؟ سيضحكون على ميوعة أبناء المدن، و(إنطلاقة) بناتها. هذه الأنثى مُتعبة... يقول لها يا أنثى تقول له يا متخلف. يحاول أن يغيظها أكثر فيقول لها يا حرمة. تهب في وجهه (حرمت عيشتك يا متخلف). هي في حالة تحدي دائم. تتحدى كل العالم وتتحدى نفسها كذلك. تصر دائماً على أنها لاتقل عنه في شئ، إن لم تتفوق عليه. وأنها تستطيع عمل أي شئ يكون هو قادراً عليه. درست الكهرباء وتخصصت في التمديدات. قبضت عليها شرطة النظام العام مرة بحجة أنها تلبس البنطلون وتتشبه بالرجال. قالت للقاضي (أنا مهندسة كهرباء أضطر أحياناً إلى تسلق أعمدة الكهرباء. هل تريدون أن أرتدي إسكيرت وأنا معلقة في الهواء والعمال ينظرون إلي من أسفل؟). ومع ذلك لم يطلقوا سراحها إلا بعد حضور والدها وأخذ التعهد عليه بالمحافظة عليها.

    أبوها مثقف منفلت من القطيع. جزيرة وحدهُ وسط مجتمعه. جاء إلى المحكمة ثائراً وحاول أن يدلل للقاضي بأن لبس البنطلون أستر للبنت من غيره. لكن لا فائدة، لقد أجبروه على كتابة تعهد خطي بالمحافظة على إبنته وملاحظة لبسها عندما تهم بالخروج من البيت. رحاب تكره حياة (النسونة). تقول########## بنات).فكر محمد حمد ودفء الحب يملأه... فتاة جامحة صلبة... أنثى برية متوحشة غير قابلة للترويض أو التدجين. لم تقل له يوماً أنها تحبه. تقول (أنت الخيار الصالح الوحيد بين عدد من الخيارات السيئة). يكبرها في العمر وتخرجت قبله من الجامعة بسنة واحدة. أبناء المدن يدخلون المدارس صغاراً. تقول له: (كمُ التخلف فيك أقل من الآخرين). عندما رفض فكرة سفرها معه إلى قرية أخواله، قالت إنها أصلاً كان يجب أن تسافر وحدها. لكن الموضوع المقصود، قرية متخلفة. وأهل القرية لن يفهموا وجود فتاة بمفردها تتجول في منطقتهم. لهذا فهي (مضطرة) لأن ترافقه. وعندما أصرت على السفر معه، إستنجد بأبيها. شرح له صعوبة الأمر. سوء مياه الشرب والملاريا المنتشرة ونظرة أهل القرية. قالت: (هذا المتخلف يظن نفسه سوبرمان. لماذا تتحمل أنت كل هذا ولا أستطيع أنا؟ دي أوهام في مخك يا أستاذ. ما ممكن تحكم على العالم من خلال أوهامك). وظل أبوها صامتاً، كأنه كان يستمتع بتلك المناظرة.

    ماذا كان سيحدث لو قَبِلَ بمجيئها معه؟ كانت ستكون سعيدة. كانت ستصادق، دون شك، حليمة الضكرية. نفس النوع من الإناث المسترجلات. قالت: (يا متخلف، أنا مش عاوزة أسافر معاك عشان ألصق فيك. أنا مصره على الذهاب لأرى أطلال جويكِرَّة، البلدة التي عاش فيها صلاح جويكِرَّة في شبابه. لقد سمعته يتحدث عنها كثيراً، وبحب عظيم، في ندواته. بلدة قامت على أساس وحيد هو الحرية، وعندما إنتفت الحرية، ماتت البلدة). قالت أنها تريد أن تكتب بحثاً فريداً لم يسبقها عليه أحد عن هذه المدينة المندثرة. هي ترى أن اندثار جويكِرَّة يؤكد أن مجتمعنا يقوم على قانون معكوس. قانون التدهور بدلاً عن قانون التطور السائد في كل العالم. تقول أن هذا أمر شديد الخطورة. (يجب ألا أفوت فرصة زيارة نموذج تتجلى فيه نظريتي. نظرية التدهور. إنه نموذج محدد وواضح بالجغرافيا والتاريخ. نموذج جويكِرَّة. فلدينا مجتمع صغير بدأ يترقى حتى بلغ درجة رفيعة من آفاق الحياة المدنية. ثم فجأة يتدهور إلى أفق حياة القرى والفرقان. حياة البداوة الأولى. هذا يعني أن عناصر النكوص في مجتمعاتنا لها الغلبة على عناصر التقدم).

    تقول: (إذهب إلى دار الوثائق المركزية. اقرأ الصحف قبل أربعين عاماً. أقرأ المقالات السياسية والثقافية قبل ثلاثين عاماً. ستجد أن نسبة الحرية كانت أعظم من الآن. وأن نسبة الإرهاب الفكري كانت أقل بكثير مما هي عليه الآن. جويكِرَّة هي النموذج الذي يعطيني الفرصة لإثبات نظريتي). وعندما فشل في إقناعها، هرب منها. سافر وتركها، هكذا. عند إنتهاء إجازته سيعود ليواجه العاصفة. ماذا لو جاء بها ثم وجدا صلاح جويكِرَّة مختبئاً هنا مع عم حكيم؟ لو حدث هذا لماتت هذه المخبولة من الإنفعال.


    ***

    إزداد قلق صلاح من تكرار زيارات محمد حمد. كان حكيم في حرج عظيم. فهو من جهة يقلق لقلق صديقه صلاح، ومن جهة أخرى، غير قادر على إحراج الشاب إبن صديقه القديم. كيف يطلب منه أن لا يحضر إليه؟ ثم أن هذا قد يزرع في داخله الشكوك.

    كان صلاح وحكيم معاً قد تيقنا بأن الشاب لن يشي بصلاح إذا عرف حقيقته. ومع ذلك أصر صلاح على إبقاء سرية وجوده في جويكِرَّة. هكذا صلاح. لا يترك أمر إختبائه سائباً، في يد إنسان غيره. يكفي أن حكيماً يعرف. لذلك رأى صلاح أن من الحصافة أن يقضي النهار كله بعيداً عن سكن حكيم. كان يصحو مبكراً، ينزل إلى النهر فيستحم ثم يعود ليسخن ما تبقى من العشاء. يتناوله ويشرب الشاي ويذهب. مكانه الأثير هو شجرة العرديب الضخمة. الشئ الوحيد الذي بقي سالماً من قصر الملكة. وجوده راقداً تحت ظل العرديبة، وهو في تنكره البدوي، لن يثير ريبة أحد، فالنوم نهاراً تحت ظلال الأشجار عند شاطئ النهر، ممارسة مألوفة لدى عربان المنطقة. وإمعاناً في التنكر، إشترى صلاح حماراً مع سرجه وفروة يزين بها السرج. كان يربط حماره من قدمه اليسرى بحبل طويل يسمح له بأن يرعى كما يشاء من أعشاب الشاطئ الخضراء. كان يقول: (هذا أسعد حمار في العالم... ليس عليه بذل أي مجهود). وكان حكيم عندما يذهب إلى القرية بعربته التي يجرها حماره، يسأل بصورة غير مباشرة ويحاول أن يعرف ما إذا جاء إلى القرية شخص أو أشخاص غرباء. كان حكيم يذهب يومياً ليبيع إنتاج مزرعته من الخضر.


    ومع كل هذا الحذر، فقد تم الأمر بسرعة مذهلة. جاءت السيارة، (لاندكروزر ستيشن)، الساعة الثانية ظهراً، تنهب الشارع الترابي قادمة من المركز. لم تتوقف في القرية، بل إنحرفت يساراً صوب جويكِرَّة دون أن تقلل من سرعتها وسلكت الطريق المرتفعة المحفوفة بأشجار السيسبان. كان صلاح منذ الصباح الباكر يشعر بتوتر غريب. عندما ربط حماره كالعادة وافترش فروته في ظل العرديبة الضخمة، حاول أن ينام كالعادة. عادة ينام في الصباح حوالي الساعتين ثم يخرج من المخلاة أوراقه وأقلامه ويبدأ بالكتابة. في ذلك اليوم لم يستطع أن ينام. حاول تمرين الإسترخاء. تلك حيلة تعلمها من قراءته لأحد كتب الباراسايكولوجي. يمدد جسده باسترخاء، مضطجعاً على ظهره، مغمضاً عينيه ويتنفس بعمق. يجعل عقله يسيطر على جسده ثم يبدأ يركز إنتباهه على أعضاء جسده عضواً عضواً.، أمراً لها بالإسترخاء. يبدأ من أصابع قدميه، يتحرك منها إلى القدم فالساق حتى يصل إلى الحوض، فالبطن والظهر والكتفين حتى العنق والرأس. يتنفس بعمق. يظل هكذا وجسده كله مسترخياً. في ذلك الصباح فعل كل هذا ليعوض إرهاق التفكير.

    كان في حاجة ماسة لهذا التمرين. كان يحس توترا غريبا. فجأة سمع أزيز السيارة. قفز ناهضاً وقلبه يدق. لقد جاءوا أخيراً. تلصص بين الشجيرات فرأى لمحات من جسم السيارة. لون الشاي بالحليب. وقف. تنفس بعمق. إستعاد توازنه. أسرع إلى حيث وضع السرج. أخذ المنجل. شمر سرواله وخاض في الماء حتى بلغ ركبتيه، ثم بدأ يجز الاعشاب الخضراء. توقفت السيارة أمام المبنى الصغير تماماً. تكاد تلتصق بالجدار فتسد المدخل. إنهم يعرفون تماماً ماذا يريدون وأين. فتحت الأبواب دفعة واحدة ونزل من السيارة أربعة شباب أقوياء بلباس مدني. كان صلاح يعرف بأن الشاب محمد حمد بالداخل. وجاء حكيم يهرول من حيث كان يعمل في مزرعته.

    ظل صلاح يعمل في جز الأعشاب ويراقب جيداً. خرج الشاب محمد حمد من الغرفة ووصل إليهم حكيم. يبدو أن حديثاً يدور. دخل الجميع إلى داخل المبنى. حسناً، ها هم يا صلاح. لقد عرفوا الطريق إليك أخيراً. يستطيع في تنكره هذا أن يضع السرج على الحمار ويركب ويسير مبتعداً دون أن يثير إنتباه رجال الأمن. ولكن ماذا سيحل بحكيم وابن صديقه محمد حمد. الشاب لا يعرف شيئاً، الذي لا يعرف لا خوف عليه. هم يكتشفون سريعاً صدق الذي لا يعرف. لكن حكيم يعرف كل شئ. في هذه البقعة المقطوعة البعيدة كل شئ ممكن وجائز. التعذيب، وحتى القتل وإلقاء الجثة في النهر بعد أن يربطوا بها جسماً ثقيلاً. ما العمل؟ هل يتقدم ويكشف لرجال الأمن عن شخصيته وينقذ حكيماً والشاب الذي معه؟ وتعليمات الحزب التي لم يخالفها منذ أربعين عاماً؟ هل يخالفها اليوم؟.

    مضت الدقائق والجميع بداخل المبنى. لا شك أنهم يبدأون الإستجواب الآن. هذه هي المرحلة الأولى من الإستجواب. المرحلة الناعمة نعومة الحيات الرقطاء. حوار هادئ مع الضابط المسئول. ابتسامات ودودة وربما يقدم لك سيجارة. الأسئلة هادئة وهو يصدق كل ما تجيب به على أسئلتة. الخدعة أنه يسأل عن معلومات هو يعرفها جيداً. وأنت لا بد لك أن تكذب. لا يعقل أن تدلي بكل المعلومات هكذا لأن ضابطاً ودوداً يوجه لك الأسئلة. وهو يغريك بابتسامته أن تكذب، ويبدو لك أنه مصدق لك. ويستمر الضابط في هدوئه ليورطك في الكذب أعمق. والكذب أمر غير محتمل حتى للكاذب نفسه. يبدأ الكاذب يحتقر نفسه. تهتز ثقته في نفسه ويبدو متعجلاً إنهاء هذا الأمر. هنا، وفجأة تنقلب نعومة الحية الرقطاء سماً. يصرخ الضابط فجأة ويصب على رأسك كل ما يحفظ من ألفاظ السباب السوقية. يسبك ويسب أمك وأبوك. ويستمر يضغط على نقطة ضعفك كرجل جبان كذاب حتى توقن أنك كذلك.

    هذه هي المرحلة الثانية من الإستجواب. معظم الناس ينهارون في هذه المرحلة. في هذه المرحلة أنت لا شئ. كاذب وحقير وأمك عاهرة وأصلك وضيع، وبعد كل هذا تحاول أن تكون بطلاً، فتخفي المعلومات. ويفند لك الضابط كل كذباتك السابقات في المرحلة الأولى من الإستجواب. ويبدأ التهديد بالويل. يحضرون أمام ناظريك أدوات التعذيب. من مكان ما تسمع صرخات فظيعة لإنسان يتعذب.

    فجأة خرج أحد الزوار من المبنى. إرتجف قلب صلاح. لا شك أنه الضابط المسئول. إذن فقد وصلوا إلى المرحلة الثالثة. هذه هي مرحلة التعذيب الحقيقي لمن لم ينهار في المرحلة الثانية. هنا يكون الضابط محنقاً حقيقة. لقد فشل في انتزاع المعلومات في المرحلة الثانية. عادة يصرخ الضابط: (أبعدو هذا الحيوان من أمامي.. خذوه.. نيكو أمه). وهذا إذن ببداية التعذيب. في حالة حكيم والشاب، سيخرج الضابط عندما تفشل المرحلة الثانية. إذ لا مكان آخر يؤخذان إليه بعيداً عنه. الضابط محنق. فشل عرضه. من لم ينهار أمام المرحلة الثانية يمكن أن يصمد أمام التعذيب. الخوف من التعذيب. أقوى أثراً من التعذيب نفسه. إذا فشل التخويف، قد لا يجدي التعذيب. لكن هنا، في هذه البقعة المعزولة عن العالم، فلا حدود لما يمكن أن يفعله ضابط أمن، يعتقد أنه يحارب أعداء الله ... لا بد لصلاح من أن بفعل شيئا.

    إندهش الضابط المحنق وهو يرى أعرابياً على حماره يقترب منه بسرعة. كان يقف وخلفه السيارة. يواجه النهر، ويداه في جيبي بنطاله.

    - سلام عليكم.
    - عاوز شنو يا زول. أبعد من هنا.
    - عايزك انت. عندي معلومات عن صلاح جويكِرَّة.

    ضاقت عينا الضابط وهو يحدق في وجه الأعرابي.

    - معلوماتك شنو؟
    - أسلمك صلاح في إيدك. بشرط تخلي الناس الجوة ديل في حالهم.
    - انت منو يا زول؟ إسمك منو؟ أنزل من الحمار دا.
    - شوف يا أفندي، أنا عرضت عليك عرض. إما تقبله يا ترفضه.
    - إنت عربي مجنون؟ قلت ليك أنزل من الحمار.
    - يازول أقول ليك... مع السلامة.

    وهمز الأعرابي حماره وانطلق. أضطر الضابط إلى أن يركض خلفه.

    - أقيف يا زول مكانك. انت عربي حيوان ولا شنو؟
    - أسمع يا أفندي. أنا عارف في جايزة للقبض على صلاح. أنا عايز تضمن لي حقي. وعايزك تفك الناس المساكين الجوه ديل.
    - طيب وين صلاح؟
    - فك الناس ديل أولاً.
    - إت مالك ومالهم؟
    - لأني أنا الوحيد العارف مكان صلاح، ديل ناس مساكين ساكت.
    - طيب موافق.

    نزل صلاح من على الحمار وجاء مع الضابط إلى داخل الغرفة. كان حكيم ممسكاً بقارورة زجاجية، حطم جزءاً منها على حافة النافدة وبقي العنق وجزء منها سلاحاً حاداً في يده. وكان محمد حمد يئن على الأرض إثر ضربة قوية في وسطه. وكان أفراد الأمن الثلاث ممسكين بمسدساتهم في وجه حكيم. نظر أفراد الأمن إلى الضابط بتساؤل حين رأوه يدخل إثر الأعرابي. تقدم صلاح إلى حكيم. أخذ منه القارورة وعانقه بحرارة. مد يده وأنهض محمد حمد إستدار إلى الضباط، وفي هدوء تام قال:

    - هذا هو صلاح جويكِرَّة. أنا.

    وحين خلع العمامة من رأسه، إجتاحت الدهشة رجال الأمن الأربعة. أخرج كل واحد منهم صورة من جيب قميصه وأخذ يقارن بينها وبين ملامح صلاح. قفز الشاب محمد حمد معانقاً صلاح بانفعال وهو يردد من بين دموعه:

    - أنت؟ أنت صلاح جويكِرَّة.
    - نعم أنا صلاح جويكِرَّة صديق أبوك.
    - وليه سلمت نفسك. كنت تمشي وتختفي.
    - نحنا يا إبني إنتهينا. إنتهى دورنا. حاولنا وفشلنا. والشايفة ده هو نتيجة عملنا لنصف قرن. فشلنا في أن نسلمكم وطنا جميلا. واصلوا إنتو... واصلوا إنتو.. إمكن تكونوا أحسن مننا...قطعا حتكونوا أحسن مننا.

    (إنتهت)
                  

العنوان الكاتب Date
فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar08-31-05, 07:06 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar08-31-05, 07:16 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar08-31-05, 07:25 AM
      Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" wadabdean08-31-05, 05:35 PM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" wadabdean08-31-05, 05:39 PM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar08-31-05, 11:01 PM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير09-01-05, 03:12 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" mazin mustafa09-01-05, 03:17 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" wadabdean09-02-05, 11:43 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" wadabdean09-02-05, 11:43 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" TahaElham09-01-05, 11:23 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير09-02-05, 03:37 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-02-05, 05:31 AM
      Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-02-05, 09:59 AM
        Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير09-03-05, 04:08 AM
          Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-03-05, 05:32 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" WadAker09-03-05, 07:46 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-03-05, 10:31 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" AlRa7mabi09-03-05, 11:20 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-03-05, 01:42 PM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" خضر حسين خليل09-03-05, 02:01 PM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-04-05, 00:55 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-04-05, 06:01 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-04-05, 01:57 PM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير09-05-05, 03:50 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" wadabdean09-05-05, 05:40 PM
      Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-06-05, 03:10 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-06-05, 08:00 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير09-07-05, 04:10 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Adil Osman09-07-05, 06:53 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-08-05, 04:13 AM
      Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-09-05, 10:08 AM
        Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-10-05, 00:50 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير09-10-05, 04:26 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Adil Osman09-10-05, 09:22 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير09-10-05, 09:41 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" WadAker09-11-05, 09:33 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-12-05, 01:43 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-12-05, 10:21 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-13-05, 04:56 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير09-14-05, 04:35 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-14-05, 09:55 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-15-05, 01:29 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-16-05, 10:07 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-18-05, 05:32 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Adil Osman09-18-05, 08:44 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير09-19-05, 04:47 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-19-05, 10:14 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" WadAker09-20-05, 04:28 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-21-05, 05:06 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Adil Osman09-21-05, 11:03 AM
      Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-23-05, 05:09 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-24-05, 05:46 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-26-05, 08:39 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير09-27-05, 01:11 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-28-05, 01:39 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-28-05, 06:40 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar09-30-05, 01:36 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير10-01-05, 01:19 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar10-02-05, 01:34 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير10-03-05, 01:38 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Adil Osman10-06-05, 10:13 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير10-17-05, 03:17 PM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" محمد عثمان الحاج10-18-05, 01:35 AM
      Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" Murtada Gafar10-18-05, 02:51 AM
      Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" ABU QUSAI10-18-05, 03:18 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير10-18-05, 03:45 PM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" ABU QUSAI10-19-05, 02:27 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير10-19-05, 10:20 AM
    Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" ABU QUSAI10-20-05, 03:44 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير10-21-05, 01:53 PM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير10-23-05, 10:22 AM
  Re: فصول من رواية غير منشورة للصديق الكاتب حامد بدوي أو "مدينة النهر المينة (1)" حامد بدوي بشير10-24-05, 09:47 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de