سالم ود السما ...الطبعة الثانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-19-2024, 11:19 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-07-2005, 01:44 AM

omer almahi
<aomer almahi
تاريخ التسجيل: 03-25-2004
مجموع المشاركات: 1507

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية (Re: omer almahi)

    عجب البنات صبى فى الخامسة عشرة ، وهو أحمق ابن أحمق ابن أحمق ، كما أن أمه حمقاء كذلك . فجده لأبيه " السكاهن " كان مولعا بتربية الحمير وكانت له عشرة حمير يسوقها يومياً إلى مزرعته التى تبعد خمسة كيلومترات عن القرية يقطعها جرياً وراء الحمير ولا يركب واحداً منها وإذا سألوه عن ذلك يقول :
    •••••• أكان ركبت واحد وخليت التسعة يوم القيامة اقول لى الله شنو ؟
    كانت له خمس بقرات وخمسة عجول فسطا لصوص على زريبته فسرقوا البقرات وتركوا العجول ولما ايقظته زوجته من النوم لتخبره بالسرقة سألها :
    •••••• العجول ساقوها ؟
    •••••• لا ، العجول موجودة .
    •••••• خلاص نومى ، الصباح لمن يجوا يسوقوا العجول نقبض عليهم .
    أبوه البدوى أحمق كذلك . طلب مرة من ود منقاش أن ينجر له مجداعاً خشبياً يسمى " الطرمباش " ويستخدم لصيد الطيور الكبيرة كالرهو والوزين والحبار والبجع ، وهو مقوس الشكل طوله متر وعرضه سبعة سنتمترات وسمكه سنتمتر واحد. يقذف به من الضفة الغربية للنيل الأزرق على أسراب الطيور التى تحلق فوق الماء فان أصاب هدفه سقط على الماء فيسبح صاحبه ويحضر الطرمباش والمغنم وان اخطأه عبر النيل إلى الضفة الشرقية ثم يرتفع فى الهواء ويبدأ رحلة العودة فيسقط على نفس النقطة التى قذف به منها .
    قذف البدوى بطرمباشه عبر النيل ، ولم يكن موجهاً إلى هدف بل أراد تجربته ، وعندما عبر الطرمباش النيل وعاد جرى البدوى ناحية اليمين فرأى الطرمباش مقبلا نحوه وجرى ناحية اليسار فرآه يتجه نحوه أيضاً ، فجثا على ركبتيه وغطى رأسه الأصلع بكلتا يديه فسقط الطرمباش على ظهره فقال مخاطباً إياه :
    •••••• خلاص ارتحت ؟ إن فيها ليك الضربة دى ؟
    أمه ست البنات حمقاء أيضاً . فعندما كانت شابة كانت تلعب مع البنات لعبة تسمى " حزَّر فزّر وقول خشمى فيه إيه " ولكى تعجز البنات والأولاد عن معرفة ما بفمها فقد كانت تدخل فيه خنفساء !!


    (

    عند أعادة الاستجواب لم يغير أي من التلاميذ أقواله التى أدلى بها فى المرة الأولى ، ولم يشدد المفتش على فكى الخير بينما أصرّ عجب البنات على أنه أعمى وأطرش فنهض ود الأمين من وسط التلاميذ وقال :
    •••••• ياحضرة المفتش الولد دا أهبل وعقلو ضعيف وأبوه وأمو زيُّو .
    •••••• كيف إرفت أنو أهبل ؟
    •••••• ليه فى الخلوة عشرة سنين ولوحو ما فات قل يا أيها الكافرون ، تلاتة سنين مامحاها !
    فنظر المفتش مليّاً لود الأمين ثم همس للشيخ عبد الله الترابى الذى تولى التحرى مع عجب البنات :
    •••••• يا عجب البنات أبوك مين ؟
    •••••• أبوى البدوى ود الجاز وأمى ست البنات بت كعيبرَّة لكنها كعيبة خلاص .
    •••••• كعيبة ليه ؟
    •••••• قلت ليها أدِّينى قرشين اشترى بيهن سروال قالت لى " تقرش حلقوم ابوك "
    •••••• قلت ليها تقرش حلقوم أبوك إنت يا بت العوراء وقالت لى ........... وقالت لى ..............
    •••••• طيب ، طيب خلينا من ست البنات ، نحن الآن وين ؟
    •••••• فى عمارة الأفندى
    •••••• اسمها التانى شنو ؟
    •••••• الكامنين .
    •••••• بتقرا فى الخلوة ؟
    •••••• ايوا بقرأ .
    •••••• لوحك وين ؟
    •••••• فى الدكة تحت لوح عوض السيد ود خادم الله داك .
    •••••• لا ، لا ، أقصد فى سورة إيه ؟
    •••••• قل يا أيها الكافرون ..
    •••••• اقراها لينا .
    •••••• بسم الله الرحمن الرحيم ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قل يا أيها الكافرون ، لا أعبد ما تعبدون ولا تعبد ما نعبدون ولا ...... ولا تعبدون ........
    •••••• هذا يكفى ، هذا يكفى !
    والتفت إلى المفتش :
    •••••• يا جناب المفتش هذا الصبى متخلف عقلياً ولا يعتد بأي إفادة يدلى بها .
    فسجل البلاغ ضد مجهول واغلق محضر القضية .
    (9)

    وهذه على ما يبدو ، هي النهاية التى أرادها الشيخ عبد الله الترابى لهذا التحرى ، ولو أراد أن يسمع المفتش الحقيقة كاملة من فيه عجب البنات أو فكى الخير لفعل دون كبير عناء . فقد كان مدركاً منذ بداية التحرى لتورط فكى الخير فى اختطاف سالم وكان يعتقد ان ود الأمين شيخ الحلة ضالع فى الجريمة أيضاً ولكنه لم يشأ أن يكون له إسهام فى كشف أبعاد هذه الجريمة .
    لربما تكون قناعته الشخصية فى القضية برمتها لا تختلف عن قناعات المشاركين فى اجتماع خلوة الشريف مختار ، و لربما يكون السبب فى إحجامه عن كشف الحقيقة اعتراضه على القانون الجنائى البريطانى المطبق فى السودان وقتها والذى سيحاكم المتهمون فى حال ادانتهم وفق نصوصه ، ذلك القانون الذى يبيح شرب الخمر والاتجار فيها والترويج لها كما يبيح جرائم الزنا واللواط إذا ما تمت بين أناس بالغين متراضين . ولربما لم يشأ أن يحطب فى حبل ونتاباطون .
    فالقاضى عبد الله دفع الله الترابى عرف بحيدته وعدله وحرصه الشديد على الاَّ يكون أحد القاضيين ، هذا الحرص الذى كلفه الكثير فى حياته الخاصة و جعله كالطائر الوجل ، لا يهنأ بعيشه ولا يمتع الناس بصوته . فقد كان الترابى مقلا فى علاقاته الأجتماعية ويقسِّم يومه بين عمله بمحكمة الكاملين وأسرته ببلدة ود الترابى وجرفه بقرية الحليلة الفكى موسى ، ولم تخل واحدة من المرات النادرة التى أضطر فيها لمخالطة الناس من طرفة أو ملحة .
    دخل عليه يوماً أعرابى من بدو البطانة وكان الشيخ على مائدة الغداء فدعاه للأكل ولما جلس الأعرابى قال :
    •••••• بسم الله يا الشيخ حسن ود حسونة .
    فأمسك الترابى يد الرجل وقال :
    •••••• اسمع هنا ، الطعام دا كسبته بعرقى وأعاننى الله عليه ، فان كنت تعتقد أن للشيخ حسن ود حسونة فضلا فيه فانهض !
    وذهب مرة للعزاء فى قريب له باحدى القرى المجاورة لود الترابى وعندما حان موعد صلاة العصر اصطف الناس للصلاة وقدموا رجلاً كثير المال قليل العلم للصلاة بهم فقرأ الفاتحة والسورة جهراً ولحن فيهما فخرج الترابى من الصف وجلس بعيداً حتى سلم الإمام فسأله :
    •••••• بتصلى ليك كم سنة يا حاج محمد ؟
    •••••• من بلغت الحلم يا مولانا ، يعنى حوالى خمسين سنة .
    •••••• مدة طويلة ما شاء الله !
    فتفتحت أسارير حاج محمد وحسب كلمات الشيخ مقدمة لثناء يرفع من قدره ويضيف إلى مكانته، فواصل الترابى حديثه :
    •••••• لكن صلاتك خلال الخمسين سنة دى كلها باطلة !
    •••••• باطلة كيف يا شيخ عبد الله ؟
    •••••• لو داير تعرفها باطلة كيف تعال فى ود الترابى أوَريِّك كيف تكون الصلاة .
    لقد كان الشيخ عبد الله الترابى بعلمه الغزير ومنصبه الرفيع خلال تلك الفترة التى كان الناس فيها يركبون الدواب بحثا عمن يقرأ لهم خطاباً أو يكتب الرد عليه ، مثالاً فريداً لعالم ضاع بين جُهَّال .
    (10)

    أما فى ود الماجدى فقد نسجت الخرافات حول عجب البنات واعتبروه واحداً من أولياء الله الصالحين .
    •••••• نجاة محمد نور بقت على ايد عجب البنات ؟
    •••••• أي والله عجب البنات ولى من أولياء الله الصالحين .
    •••••• دا مافيه شك ، أول عمنوَّل أنا رُحْتَ كسلا أزور سيدى الحسن .
    •••••• بتذكَّرها ، سنة أم جراد .
    •••••• فى الضريح لاقانى واحداً بُدلى مثل عجب البنات كدى ، أدانى قرشين وقال لى سلم على عجب البنات وأديه الأمانة دى .
    •••••• والله حكاية ! وبعدين ؟
    •••••• لما وصلت الحِلَّة بعد شهر نسيت الوصية والأمانه .
    •••••• أها ؟
    •••••• بعدين لاقانى عجب البنات فى الساحة
    •••••• قال ليك شنو ؟
    •••••• قال لى البدُّوه أمانة ويحمِّلُوهُ وصية بنْساهَا ؟
    •••••• دَخَّلت ايدى فى جيبى أديتو القرشين وبلَّغْتُو الوصية .
    أما سالمة وسليمة فقد وقع نبأ إقفال ملف القضية عليهما وقع الصاعقة ، فبكت سليمة بكاءً مُرّاً وهى تردد :
    •••••• سالم أكان عندو أبو قاعد فى البيت ، دا ما كان حصل عليه ، لكن وقعت الطوبة على المعطوبة .
    استلقت سالمة على سريرها واخذت تنظر إلى الأعشاش الكثيرة التى بنتها الزنابير على أخشاب سقف الغرفة . لم تسترع هذه الأعشاش انتباهها من قبل أما الآن فقد بدا لها وكأنها صور لأناس وحيوانات وأشجار . أمعنت النظر فى واحد منها فخيِّل لها أنه وجه ابنها سالم وكان يبكى ، نظرت اليه بتركيز أكثر فرأته يضحك فانكبّت على وجهها وأخذت تسترجع ذكرياتها مع هذا الطفل العجيب الذى كان كحلم جميل استيقظ منه صاحبه ليجد نفسه فى واقعه المزرى فتمنى لو أنه لم يستيقظ . تذكرت ذلك اليوم الذى عادت فيه معزاتها بدون بهمها فذهبت فى الصباح لتبحث عنه فى الغابة . بحثت عنه فى كل مكان فلم تجده ، وكلما قابلت راعياً سألته :
    •••••• هوي يا ود عمى ، مالمَّ على غنمك عتود ازيرق أكرت ؟
    •••••• لا والله مالَمَّ على ، الله يجمع ليك .
    •••••• هوي يا أخوى ما شُفت ليك عتود إكيرت أزرق ؟
    •••••• لا والله يا بت عمى ما شفتو ، الله يجمع ليك .
    •••••• هوي يا عمى ما جا عليك عتود أزيرق إكيرت ؟
    •••••• لا والله يا بت أخوي مالمَّ عَلَيّ ، الله يجمع ليك .
    وعند منتصف النهار وصلت إلى شفة النهر فرأت راعيا جمع أغنامه تحت شجرة ضخمة وجلس إلى جانبها يشوى لحماً على نار علا دخانها حتى كاد أن يحجبه وعندما شمَّت رائحة الشواء أحسَّت بالجوع .
    أعتقدت فى البداية أن الراعى يشوى لحم عتودها ، ولما نظرت إلى ساق الشجرة رأت جلد حمل أبيض معلقاً عليه . لم ينتبه لها الراعى وهي تجول ببصرها حول أغنامه التى تعدت الثلاثمائة بحثاً عن عتودها ، ولما رفع رأسه ورآها قال ضاحكاً :
    •••••• ياضبعة جاك عشاك فى جحرك ! مالك هنا براك يا حلوة ؟
    •••••• مودِّرة
    •••••• وأنا ذاتى مودِّر ؟
    •••••• أنا مودِّرة عتود ازيرق ، إنت مودِّر شنو ؟
    •••••• بنية حلوة وبيضاء عيونها مثل الفناجين
    كان شاباً فى مثل سنها ، أبيض اللون ، فارع القامة ، ممتلئ الجسم ، ظهره مستو كظهرالعجل الذى لم يشاركه إنسان فى حليب أمِّه ، ساعداه مفتولان كحبالً المراكب التى تمر من أمام بيتها محملة بالذرة والحطب من سنجة وسنار وهي فى طريقها إلى الخرطوم ، حليق الرأس ، لم ينبت له شارب وتغطى ذقنه شعيرات حمراء خفيفة لم تمسسها موس .
    فهمت قصده ولم تكن تمانع ولكنها أرادت تحديد الثمن وقبضه . فخلال السبع سنوات الأخيرة راودها رجال كثيرون ولكنها لم تستجب لاي منهم . لم تكن ترغب فى التزوج بزنجى ولم يتقدم لها عربي . منّاها فار الكتب بالزواج الاَّ أن أمه هددته بأن تقطع الثدى الذى أرضعته منه إن تمادى فى إصراره على سالمة. كثيرا ما حاولت أمها أغواءها على أقامة علاقات عارضة مع زبائن المريسة ولكنها كانت ترفض على الدوام .
    •••••• والله يا بنيتى إنت زي ابو الدَرْدُوق والقمرا
    •••••• زي أبو الدردوق كيف ؟
    •••••• ابو الدردوق قال للقمرا انزلى لي عشان اتْزَوَّجك ، فقالت ليه نظف لى الأرض من الوسخ عشان أنزل ليك . ففضل المسكين ينضف فى الأرض من الأوساخ من الله خلق الدنيا لليوم
    وقررت سالمة الآن أن تصرف النظر عن القمر وتعمل وفق نصائح أمها وتبدأ بهذا الأعرابى .
    •••••• أكان جمعت بتدفع شنو ؟
    •••••• الفحل الأبرق داك
    •••••• احلف
    •••••• والله العظيم أديك ليه .
    •••••• لا ، لا ، الله غفور رحيم ، اشبح تلاتة شبحات واحلف فى الشيخ حمد ود الترابى .
    وهنا تردد الأعرابي . كان ينوى نيل غايته منها دون أن يدفع لها شيئاً . أما إذا أقسم بالشيخ حمد ود الترابى فلابد أن يفي بوعده لها والا مات هو وترك أغنامه لغيره أو ماتت أغنامه وأصبح راعيا لأغنام سواه حسب الأعتقاد الراسخ لديه .!
    (11)

    يصل هؤلاء الأعراب بمواشيهم وأغنامهم إلى مناطق النيل الأزرق فى أبريل ويبقون بها حتى يونيو ، وهذه فترة الجفاف فى موطنهم البطانة حيث يصبح سقيا حيواناتهم عبئا ثقيلا عليهم . وعندما يصلون إلى قرى الجزيرة ينتشر الذعر بين الأهالى لأن هؤلاء الأعراب لا يخشون عاجل فضيحة ولا آجل عذاب . يتلفون المزارع العامرة بحيواناتهم ويسرقون المواشى والأغنام التى تنضم إليهم وعندما يقدَّمون للمحاكم يفلتون من العقوبة افلات الشعرة من العجين . كلهم أميِّون لا يقرأون ولا يكتبون ولكنهم يحفظون قانون المرافعات الجنائية عن ظهر قلب .
    •••••• يا حضرة القاضى ، الزول دا قال الجمل دا بتاعو ، اسألو هل عندو بينة .
    •••••• عندك بينه يا زول ؟
    •••••• بينة شنو يافضيلة القاضى ، جملى وود ناقتى وهداك وسمى عليه .
    •••••• إذن يا حضرة القاضى البينة على من إدعى والحليفة على من أنكر ، حلفنى القسم .
    فيقسم على المصحف ، ويسمونه الابيرق ، ويأخذ ماليس له ويغادر قاعة المحكمة .
    ولكن الحال ليس كذلك فى محاكم العمد والنظار :
    •••••• ياحضرة العمدة الحليفة على من أنكر حلفنى .
    •••••• نعم ، الحليفة على من أنكر ، ولكن تنتقل المحكمة إلى قبة الشيخ حمد ود الترابى بناء على طلب المدعى ، وتحلف هناك .
    •••••• لا ، لا ، لا ، ياحضرة عمدة ، وكت جملاً بخلَّينى أطأ قبر أبوى الشيخ حمد ود الترابى ، مانى عايزو واتنازلت منو للزول دا .
    وتنتهى المحكمة بارجاع المسروق إلى صاحبه ودفع الحق العام .
    وسالمة مدركة لكل هذه الحقائق من خلال سماعها لما يدور من قصص تحت شجرة سليمة خلال جلسات الشرب ولن تجعل هذا الأعرابى يستغفلها .


    •••••• تحلف ولا أمشى ؟
    فنظر الأعرابى إليها وقد أستولت عليه الرغبة تماماً وأخذ حلقومه يصعد ويهبط كحلقوم ضفدعة رأت جُنْدُبا يقفز أمامها فحكَّ رأسه وقرر أن ينفذ ما طلبته هذه الصيدة الجميلة ، فخطا ثلاث خطوات ، تردَّد فى الأولى وتعثر فى الثانية وكاد أن يسقط فى الثالثة ، ثم رفع يده وصاح :
    •••••• وحات أبوى الشيخ حمد ود الترابى داك ، أديك فحل الضان دا .
    كانت أول تجربة لها مع الرجال ، وإن كانت للأعرابى تجارب مع نساء قبلها فليس من بينهن عذراء . فقد أمسك بها من خصرها ورفعها إلى أعلى ثم هوى بها على الأرض ، تماماً كما يفعل التمساح بفريسته وانقض عليها كالنسر الجائع ، وكان غلماً وشرهاً ؛ عضها مرتين وأمسك بشعر ناصيتها فاقتلع جزءاً منه فى يده فدخلت فى أغماءة قبل أن يقضى وطره منها .
    عندما أستيقظت تحسست مغبنها الذى يؤلمها الما شديداً فغطته وواصلت الرقاد حتى أيقظها صياح الفحل الذى ربط بحبل إلى ساق الشجرة . لما نظرت حولها لم تعثر للأعرابى أو غنمه على أثر فنهضت وتوجهت إلى ضفة النهر فاغتسلت من الدم الذى يبس على فخديها وأصبح كالصندل المسحون وعادت بعد ذلك إلى الشجرة فحلت وثاق الفحل وقادته إلى البيت وكلاهما يعرج ، هى من عنف الأعرابى وهو من شدة ربطته له . وعندما رأته أمها سليمة أقبلت نحوها مهللة :
    •••••• الكبش دا حق منو ؟
    •••••• حقى أنا .
    •••••• ادَّاك ليه منو ؟
    •••••• ادانى ليه واحد راعى .
    فنظرت إلى شعرها الذى مازال يحمل أثار المعركة وقالت مبتسمة :
    •••••• أكان سمعتى كلامى من زمان يا بنيتى كان هسَّع ولدك يقرا فى الخلوة !
    وبعد تلك الواقعة بتسعة أشهر ولدت سالما ، فقد جاءها بسهولة وأفلت منها بسهولة ، تماما كأبيه الذى وضعها فى أول طريق الحب وهرب عنها ، ثم أنبهها صوت سليمة :
    •••••• سالمة ، قومى أكلى اللقمة دى ، أنت من أول أمس ما دخل بطنك طعام .
    فأمسكت بالأناء ، وبدل من أن تأكل منه فقد أخذت تطرق عليه طرقاً خفيفا وتغنى :
    يا الشيـخ خوجـلى أَبْ قُبَّـةَّ عاجبانـا
    عند المطـب هناك مقرن البحور تلفانـا
    شـالنُّو ، الصُـهُب وتوجـه الرطـانـة
    ما ظنيتـو يعـود للخلوة ويشوف ليحانا


    وردت الإناء إلى سليمة دون أن تصب منه شيئا ثم قالت تحدث نفسها :
    •••••• الله يجازيك يا بت جادين ، أكان مانزلتيه كان الأوّلانى طَفَشْ ورجع ، والثانى قاعد حارسنى .
    وقبل ‍أن تستسلم للنوم حملت إليها نسمات الليل صوت صبى بساقية أولاد جربان على الضفة الشرقية وأسمه حماد وهو فى مثل سن سالم وكانا يتبادلان التحايا والأخبار عبر النيل . سمعته وهو يهش على ثوره ويغنى :
    •••••• الـوليد الـزيـن ودِّيتوه ويــن
    يا غـراب البيـن ويا جراب الشين
    يوم يصيح جبرين تمشو منو ويـن
    يا غراب البين ويا جراب الشين






                  

العنوان الكاتب Date
سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-20-05, 03:32 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-20-05, 03:38 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-20-05, 04:16 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-20-05, 01:21 PM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-21-05, 02:14 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-31-05, 01:30 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية THE RAIN06-21-05, 03:46 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-21-05, 05:37 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-21-05, 11:17 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-22-05, 02:36 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية ودقاسم06-22-05, 02:43 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-22-05, 08:43 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-23-05, 02:13 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-23-05, 08:53 AM
          Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-25-05, 03:31 AM
            Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-25-05, 07:49 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية THE RAIN06-25-05, 08:17 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-26-05, 01:12 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-27-05, 02:18 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية حيدر حسن ميرغني06-27-05, 06:42 AM
          Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-28-05, 02:34 AM
            Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-28-05, 08:51 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية THE RAIN06-28-05, 09:06 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-29-05, 02:08 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-29-05, 09:24 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية banadieha06-29-05, 09:48 AM
          Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-30-05, 02:29 AM
            Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-03-05, 02:22 AM
              Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-03-05, 05:58 AM
                Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية banadieha07-03-05, 08:13 AM
                  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-04-05, 02:25 AM
                    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-05-05, 06:26 AM
                      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-07-05, 01:44 AM
                        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-07-05, 07:30 AM
                          Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-09-05, 04:22 AM
                            Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-09-05, 10:38 AM
                              Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية banadieha07-10-05, 01:00 AM
                                Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-11-05, 01:40 AM
                                  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-11-05, 10:22 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية THE RAIN07-10-05, 01:22 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-12-05, 01:12 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية THE RAIN07-10-05, 01:31 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية banadieha07-10-05, 03:14 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية abuguta07-11-05, 10:55 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-13-05, 01:25 AM
          Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-13-05, 06:19 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-19-05, 04:54 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية THE RAIN07-13-05, 07:06 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-23-05, 06:15 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية nashaat elemam07-14-05, 05:51 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-19-05, 03:05 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-24-05, 02:45 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية أبوذر بابكر07-19-05, 03:26 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-20-05, 11:21 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-22-05, 09:57 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-23-05, 02:32 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-25-05, 02:49 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية أبوذر بابكر07-23-05, 06:46 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-26-05, 05:09 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية أبوذر بابكر07-25-05, 03:20 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-26-05, 02:09 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية أبوذر بابكر07-26-05, 03:46 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-28-05, 01:13 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi08-31-05, 08:51 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi09-03-05, 03:52 AM
          Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi09-04-05, 02:28 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de