سالم ود السما ...الطبعة الثانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-20-2024, 09:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-23-2005, 02:13 AM

omer almahi
<aomer almahi
تاريخ التسجيل: 03-25-2004
مجموع المشاركات: 1507

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية (Re: omer almahi)

    عندهم وتهريبها إلى الحبشة التى حدّدها بحركة الشمس . فعندما تشرق تكون أشعتها ساقطة على رقاب الجمال وعندما تنخفض للغروب تنعكس أشعتها على عراقيبها " جعابهن " ، وهذا يعنى أن الأبل متجهة شرقا من رفاعة مركز تجميع الجمال ، بينما لو كانت متجهة إلى أم درمان لما سقطت أشعة الشمس على رقابها أو عراقيبها وذلك لأن أم درمان تقع شمال غرب رفاعة !!
    نفذ الشكرية وصية زعيمهم الأسير وهربوا بإبلهم إلى الحبشة ولم يرجعوا إلى ديارهم إلا بعد سقوط دولة المهدية ومقتل الخليفة عبد الله بواسطة جيش كِتْشِنَرْ الذى أشار له ود أبسن بعبارة " الفرج قريب " .
    وهكذا وبعد أن توحد السودان بأسره وراء المهدى جاء خليفته من بعده وأحاله نهْماً مُقَسَّما .

    (7)

    كان معظم ضحايا مجاعة " َسنَة ِستّة " من سكان مدينة أم درمان التى اكتظت بجنود الخليفة عبد الله ، ومن مناطق غرب السودان التى أخليت من القوى المنتجة للغذاء ، أما ود الماجدى وبقية قرى الجزيرة فقد تأثرت بالمجاعة ولكن لم يمت أحد بها جوعاً . والذى يزور مقابر القرية حيث تحرص كل أسرة على تزيين قبور موتاها بشتىّ أنواع الشواهد من آجر وصدف وزجاج وأوانى منزلية وحجارة ينقش عليها إسم المتوفى وتاريخ وفاته ، لايلاحظ ارتفاعاً فى معدَّل الموتى لعام 1306 هـ .
    •••••• يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية ، هذا قبر المرحوم النيل عجب المتوفى سنة 1301 هـ .
    •••••• كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ، هذا قبر المرحوم أحمد محمد أبو صباح المتوفى عام 1304 هـ .
    •••••• ألا كل شيء ما خلا الله
    باطل وكل نعيم لامحالة زائل
    هذا قبر المرحوم محمد أبو قرن المتوفى عام 1305 هـ .
    •••••• ياماراً بقبرى سألتك الفاتحة على روحى , هذا قبر المرحومة فاطمة على بركات المتوفية عام 1306 هـ .
    الاَّ أن الناس عانوا معاناة شديدة حتى أكلوا القطط البرية والمستأنسة وصنعوا العصيدة من بذرة القطن ( الغُلغُل ) وأكلوها، بل أن بعضهم قام بتطرية جلود البقر التى نسجت بها الأِسرّة الخشبية ( العناقريب ) فطبوخها وأكلوها
    وسنوات القحط هذه معروفة لدى أهل السودان الأوسط وبلغت شهرتها حدّاً جعل الناس يؤرخون بها :
    •••••• ولدوك سنة كم ياوَدْ أبْضُلَع ؟
    •••••• سنة كتلة التيارة .
    •••••• ولدوك سنة كم يا عبد الغنى ؟
    •••••• سنة كتلة ود حبوبة .
    •••••• ولدوك سنة كم ياوَدْ عبيد ؟
    •••••• سنة النجمة أم ضنب .
    •••••• ولدوك سنة كم يا الزبير ؟
    •••••• سنة أم دقنوس .
    •••••• ولدوك سنة كم يا الشريف المأمون ؟
    •••••• سنة أم خمسين .
    كل هذه سنوات قحط وبؤس . فسنة التيارة تواكب العام 1882 م ويعرفها أهل ود الماجدى معرفتهم لبداية ونهاية شهر رمضان . فعندما بدأ المهدى يحاصر الحاميات التركية بغرب السودان أرسل المنا أسماعيل أبو البتول على رأس قوة حاصر بها حامية التيارة بمنطقة الرهد وكان بالبلدة خمسة عشر رجلاُ من ود الماجدى يعملون فى التجارة . وبعد شهر من الحصار وَزّع المنا أسماعيل منشوراً على الأهالى المحاصرين يطلب منهم مغادرة البلدة وذلك لقرب موعد هجومه عليها فاجتمع تجار ود الماجدى وقرروا عدم الخروج لأن الخروج هرب والهرب عار؛ ولكنهم سمحوا لواحد منهم بالخروج مع عبيدهم الذين أشتروهم فى تلك الرحلة ووقع الأختيار على جميل الله ود الزين وكان الناجى الوحيد من القتل . كان ذلك فى 5 أغسطس 1882 م
    وسنة كتلة ود حبوبة حدثت عام 1908 م عندما تمرد عبد القادر ود أمام على الحكومة الأنجليزية المصرية وقتل رسولين بعث بهما للتحرى فى أمره احدهما بريطانى والآخر مصرى وتكفل أهالى الجزيرة بدفع دية القتيلين كى ترفع حالة الطوارىء التى فرضت على المنطقة وعانى الأهالى الأمرَّين فى جمعها . وسنة النجمة أُم ضنب تواكب العام 1910 حين ظهر المذنّب هالى وشاهده أهالى الجزيرة بوضوح شديد . وسنة أم دقنوس حدثت عام 1914 عام بدء الحرب العالمية الأولى حيث أنشغلت بريطانيا بدرء الخطر فى عقر دارها وأهملت مستعمراتها. وأخذ العام إسمه من امرأة قرعاء مختلّة العقل ، و"الدقنوس" هو الرأس الأقرع وهو أستعارة لوصف المحل ، أما سنة أم خمسين فتواكب العام 1919 م الذى أرتفعت فيه أسعار السلع عقب نهاية الحرب وبلغت قيمة أردب الذرة خمسين ريالاً ( خمسة جنيهات استرلينية ) وتزامن الضيق وشظف العيش فى هذا العام مع تفشى مرض الإنفلونزا الذى عم جميع أرجاء العالم وأطلقوا عليها فى أوربا وأمريكا إسم " خليلة العجوز" The old man’s friend ) وذلك لأنها فتكت بالمسنّين فتكا شديداً .








    * * * *



    الفصل الثانى
    (1)

    •••••• يُمَّ أنا بطنى توجعنى .
    •••••• سَجَمْ خَشْمى يابتىَّ ! إمْكِنْ عندك وجعة ساكِتْ ، إنْتِ ما كملت شهرك التاسع !
    •••••• يم أنا عندى وجع ولادة ، قومى نادى بت الفكى .
    •••••• أكان كدى خلّينى أصَحّى حاجة عرفة تمشى معاي ، الوكت ليل والناس ناموا .
    فتلفعت بثوبها ووقفت وسط فناء الدار وأخذت تصيح
    •••••• ياحاج عبد الله ! يا أبوكتيرة!حاجة عرفة صاحْية ؟
    •••••• أصَحّيها ليك ياسليمة ، نَعَلْ ما عندك عَوَجة ؟
    •••••• سالمة عندها وجع ولادة ، دايرين نمشى نجيب ليها النفّاسَة
    سالمة التى تهم بوضع مولود جديد هذه شابة فى العشرين ،وسليمة أمها وقد تجاوزت سن الأربعين ، وحاج عبد الله أبو كتيرة هو مولاهما السابق ، وحاجة عرفة زوجته .
    فقد ألغى الرق فى السودان منذ سقوط دولة المهدية وقيام دولة الحكم الأنجليزى المصرى فى البلاد . وكان من أهم قرارات الحكومة الجديدة قانون تحريم الإتجار بالرق وتبعه قانون تحرير الأرقاء ومنع استخدام عبارتى " عبد " و" خادم " فى مخاطبة الأرقاء المحرّرين . فإن تجرأ انسان وأستخدم أيّا من العبارتين فعقوبته الحبس لستة أشهر مع الغرامة ولكن ظل معظم الأرقاء يعيشون فى كنف أسيادهم عن طواعية وذلك لأنهم لا يملكون المقوّمات الأقتصادية للتحرر والإنعتاق . فالأراضى الزراعية يملكها السادة والعرب الآخرون الذين ليس لهم عبيد والبيوت التى تأوى العبيد والأرض التى بنيت عليها هى الأخرى ملك لأسيادهم .
    فالرجل من هؤلاء يعمل فى فلاحة أرض مولاه أو يرعى له حيواناته ، والزراعة والرعى هما الحرفتان الرئيسيتان للرجال سواء كانوا عرباً أو أرقاء . أما فيما خلا ذلك فهناك مهن هامشيّة لايعتد بها ولا يكفى الدخل الذى تجلبه لإعالة أسرة . فلكل قرية نسّاج يجمع الغزل من النساء ويصنع منه الملابس ، وقد كسدت تجارة هؤلاء بعد أن أستورد الحكام الجدد المنسوجات القطنية من لانكشير ببريطانيا وهى أجود صنعة وأرخص ثمناً . ولكل قرية نجار يقوم بصنع العناقريب ( الأسّرة ) والبنابر ( المقاعد الخشبية ) وبعض الأدوات المنزلية والزراعية وإسكافى يصنع ويرمم الأحذية وخياط وجلاّد يغلّف الحروز والتمائم بالجلد، ولكن لم يكن أيُّ من هؤلاء متفرغاً لعمله . فكلهم مزارعون ويمارسون حرفهم هذه بعد زراعة وحصد الذرة . ولكل قرية تاجر يوفر لأهلها السلع الضرورية ، ولكن هذه مهنة لايحلم بها عبد لأنها تحتاج لرأس مال .
    لذلك فقد فضّل الأرقاء المحررون الاستمرار فى عبوديتهم وساعدهم على ذلك المعاملة الحسنة التى يلقونها من أسيادهم . أما النساء من الرقيق فقد كنَّ أوفر حظاً من الرجال . فقبل التحرر كُنَّ يقمن بخدمة زوجة السيد وذلك بالإحتطاب لها من الغابة وطحن العجين وعمل الخبز وغسل الملابس وجلب الماء من النيل و الآبار والإشراف على الأطفال . والواحدة منهنّ مقيدة بأنماط سلوكية معيّنة يفرضها عليها مولاها وزوجته . فعندما تكون قائمة على خدمتهما تمشى حافية القدمين حاثية الرأس ؛ وإن كانت على قدر من الجمال تصبح محظيّتة ، وإن حبلت منه وأقرّ بذلك فان الولد الذى تلده يكون أبناً شرعيا له يتمتع بجميع حقوق أبنائه الآخرين ، إلاّ أنَّ الأم لاترث زوجها إذا ما مات قبلها بينما تنطبق عليها العُدّة الواجبة على زوجاته الأخر فتعتكف داخل بيتها لأربعة أشهر وعشرة أيام .
    أما إذا لم تكن الخادمة جميلة ولم يبد مولاها رغبة فى تسرَّيها فإنه يغض الطرف عن ممارساتها الجنسية وتقيمِ علاقات مع من تشاء من الرجال وإن أنجبت منهم أطفالاً فهم أرقاء لمولاها ويأخذون إسمه . فسليمة هذه هى سليمة عبد الله أبوكتيرة وسالمة إبنتها هي سالمة عبد الله أبو كتيرة والطفل الذى ستلده سالمة سوف يكون ابن عبد الله أبو كتيرة .
    سالمة فى الواقع أبنة عبد الله أبو كتيرة ولكنه لم يقر بأبوته لها خوفا من أن تغار زوجته وصاحبة نعمته ، حاجة عرفة ، منها وتطلب الطلاق ، ثم لأن رجالاً كثيرين كانوا يغشون سليمة . فقبل عشرين عاما من الآن وبينما كانت سليمة تقوم على خدمة حاجة عرفة عندما أنجبت إبنتها البكر كتيرة أحضرت سليمة العشاء لمولاها ، وبعد أن فرغ من الأكل صبت له الماء فغسل يديه وأعدت له فراشه للنوم وعندما نهض للجلوس على الفراش أحسّت بكتفه يلامس ثديها ففهمت قصده لكنها أرادت أن تستوثق منه ، إذ لم يسبق له أن طلب منها مضاجعته .
    •••••• تانى داير حاجة يا حاج عبد الله ؟
    فضحك الرجل الخجول الورع الذى ماكان ليقدم على ماهو مقدم عليه من فعلة لولا أن رقاد حاجة عرفة قد دام عشرين يوماً وأمامه عشرون يوما أخرى ، وتلفت يمنة ويسرى ثم قال :
    •••••• عبد التام نام ؟
    وعبد التام هو الرجل الذى يعيش مع سليمة بعلم وموافقة مولاها وهو ليس واحداً من عبيده ولكنه شلكاوى كان إسمه كاجيك فسماه يوسف ود جبارة ناظر أبو عشر عبد التام وعيّنه حارساً على غابة الطالباب فتعرَّف على سليمة و" صاحبها " أى اتخذها خليلة له. وبما أن عبد التام ليس زوجاً شرعياً لسليمة فبامكان أبى كتيرة طرده متى ما أبدى اعتراضاً على مسلكها مع مولاها .
    تم لقاء التكل وما أن قضى أبو كتيرة وطره من سليمة حتى أحس بالندم على فعلته وانتابته رغبة فى الغثيان . فقد فاجأ سليمة بطلبه ولم تستعد له على الوجه الأكمل ، فكانت روائح البصل ودخان روث الأبقار والعرق تنبعث من جسدها . وبعد تسعة أشهر أنجبت بنتاً بيضاء اللون ، لها أنف طويل وحاد وشعر أشقر ناعم ، تماما كأنف ولون وشعر أبى كتيرة وسمتها سالمة :
    •••••• أبو كتيرة البنية دى هيلتك ؟
    •••••• الله ورسوله أعلم !
    •••••• كيف يا زول ! البنية قطعة منك !
    •••••• يا أخوى سليمة رٍمّة مَرْمِيّة فى الخلا ، أكلت منها عشرة كلاب ، كيف نعرف الكلب اللى أكل القلب ؟
    أما سليمة فلم تفصح عمن يكون أب الطفلة ولم تخبر أبا كتيرة بأنها ثمرة ذلك اللقاء الذى تم بالتكل بينما كانت حاجة عرفة تغط فى نوم عميق .
    (2)

    •••••• الحمد لله على السلامة ياسليمة ، سالمة جابت ولد .
    ••••••  الله يسلمك يابت الفكى .
    •••••• أيوي ..... يُويْ ....... يُوي .....يُوي .....
    وتعالت الزغاريد تشق صمت الليل ، وشاركت فيها جميع الحاضرات ماعدا عجوز نصف عمياء تمشى على ثلاث وتهتدى برابع إسمها "ِبتْ الْوِدْ " . ولهذه المرأة مشاكل مع سليمة لأن الأخيرة طعنت فى نسبها . فبنت الود من قبيلة الجابراب بأم دقرسى وتقول أنها " بنت الود ، الود ود محمد ، محمد ود غلام الله ، غلام الله ود الرسول محمد عليه الصلاة والسلام " ! ولما قالت لها سليمة ، بسند من فار الكتب ، بأنه ليس للرسول محمد ولد يدعى غلام الله ناصبتها العداء .
    نهضت بنت الود من على السرير ووقفت فى منتصف الغرفة وضربت الأمينة ( ) بعصاها كي تصمت النساء ثم سألت سليمة :
    •••••• الوليد دا أبوه منو ؟
    فسكتت سليمة وسكتت جميع النساء ولم يجبها أحد فرفعت سالمة رأسها من على الفراش ومدت يدها نحو سقف الغرفة حيث ما يزال الحبل الذى كانت ممسكة به خلال الطلق متدلياً يتأرجح وقالت :
    •••••• أبوه السما داك ! بتعرفى السما ؟
    •••••• والله عجب ! وسميتيه شنو؟
    •••••• سميتو , سالم ود الماجدى ود الرسول !
    •••••• بَرِى كُرْ ! الرسول بارى منّو .... سالم ود السما !
    ولم ترد عليها سالمة بل أعاَدت رأسها إلى المسندة وهى تتلوَّى من آلام مابعد الوضع ، فنهضت سليمة
    •••••• أغسلى البنية وأقطعى سُرَّة الوليد يا بت الفكى ، أنا ماشَّة أكلم أبو كتيرة .
    كان أبو كتيرة قد عاد للتو من المسجد بعد أن أدّى به صلاة الفجر ، وهو يؤدى الصلوات الخمس بالمسجد . بعد الصلاة جلس ليقرأ راتب السمانية " أمسينا فى حماك يا الله " مع

    الخليفة حمد والشيخ االأمين ود الجبارة وأحمد ود النيل والبشير ود أبتر وحاج عبد الله ود محمد أحمد ومحمد ود عبد الصادق . وبعد أن عاد إلى بيته أخرج مصحفه من الجراب وبدأ يتلو بعض الآيات والمصحف مكتوب باليد على ورق أصفر سميك .
    •••••• البِنَيَّة أنْحَلَّتْ ياحاج عبد الله
    •••••• الحمد لله على السلامة ، جابت شنو ؟
    •••••• الله يقبل حمدك ، جابت ولد وسميناه سالم ..... والله الوليد قطعة منك . !
    •••••• الله يبارك فيه ويكفيه شر المايدية .
    •••••• سجم خشمى ! المايدية سَوَّينا ليهم شنو؟
    ولما رأى قلقها بدَّل ماكان ينوى قوله وأضاف :
    •••••• نخاف عليه من العين .
    •••••• نحن فى حمى ود الشافعى وتُوْر مُنَى .... بعد ماتتم القراية تعال رَيّق الولد .
    •••••• سمح ، سوقوا الخروف الأشقر داك واضبحوه للبنية تملأ بطنها منو .
    •••••• كتر خيرك وبارك الله فيك .
    وبعد أن أنصرفت سليمة أخذ قلما من البوص وغمسه فى دواة كانت على المنضدة الصغيرة التى وضع عليها المصحف وكتب على هامش الصفحة التى كان يقرأ منها :
    " سالم عبد الله أبو كتيرة ، ولد سنة كتلة ود حبوبة " ثم خرج ليريق الطفل .
    وترييق الوليد يكون بمضغ تمرة وصب جزء منها فى فمه. ويعتقد الناس أن الطفل يرث صفات الشخص الذى يقوم بترييقه . لهذا فهم يتوخون الدقة الشديدة فى أختيار من يقومون بترييق أطفالهم . فالولد يختارون له أفضل الرجال خصالاً وأعلاهم مروءة والبنت يختارون لها أوفر النساء جمالاً وأنقاهن سيرةً .
    •••••• الولد دا خُلْقُه ضيَّق ...... تَقُولْ مريَّقُو نمر !
    •••••• البنت دى أكَّالة .....تقول ِمَريَّقاها بقرة ! •••••• الولد دا مكار ويحب حق الناس .... تقول مريقو ثعبان !
    (3)
    وود حبوبة الذى أرَّخ لمولد سالم بمقتله واحد من أنصار المهدى المخلصين وكان الخليفة عبد الله التعايشي قد بعثه ضمن قادة الحملة التى أرسلها إلى مصر لمحاربة القوات الأنجليزية والمصرية المرابطة على الحدود الشمالية للسودان فى أنتظار قرار من مجلس العموم البريطانى بإعادة فتحه وضمه للمستعمرات البريطانية فى أفريقيا ومحو العار الذى لطخ شارب الأسد البريطاني بعد أستيلاء المهدى على الخرطوم وقتل غردون باشا على درج قصره . وكانت الحكومتان البريطانية والمصرية تفرضان حصاراً محكماً على السودان حتى لا تتسرب إليه مواد يمكن أن تساعد الخليفة عبد الله على صنع الأسلحة أوالذخيرة . هزم جيش الخليفة بمعركة توشكى بصعيد مصر وقتل قائده عبد الرحمن ود النجومى وأسر من نجا من القتل وكان من بين الأسرى عبد القادر محمد إمام الملقب بود حبوبة ، وحبوبة أمه وهو من قرية التقر بالحلاوين بمنطقة شمال الجزيرة . وبعد أن تم فتح السودان بواسطة جيش كِتْشِنَرْ باشا عام 1898 أطلق سراح أسرى توشكى ورحلوا بالبواخر النيلية إلى الخرطوم وكان من ضمن من عادوا عبد القادر ود حبوبة . عندما خرج عبد القادر من الباخرة وجد أن كل شيء قد تبدَّل ، فقد زالت دولة المهدية وقتل الخليفة عبد الله والخليفة على ود حلو والخليفة شريف وابنا المهدى الكبار الفاضل والبشرى ولم يبق للمهدى من عقب سوى صبيّ يافع أسمه عبد الرحمن كان أصغر أخوته وولد عقب وفاة أبيه ونجا من القتل بفضل حكمة وذكاء أمه " مقبولة " التى هربت به عشية معركة كررى عندما أدركت أن الأمر مدبر عن دولة المهدية وأختبأت به عند أقارب لها فى جزيرة الفيل بود مدنى . ويالها من أمرأة صالحة ترى المستقبل من وراء ستار شديد الشفافية . فالتعليمات السَّرَّيَّة التى صدرت لونجت باشا قائد الجردة التى قضت على الخليفة عبد الله وأتباعه بأبى ركبة بغرب السودان كانت صارمة وقاسية ، وتوجَّهه بألاَّ يبقى على أي واحد من أبناء أو خلفاء المهدى على قيد الحياة ليكون نواة لثورة مهدية أخرى . لذا فقد قتل جميع آل المهدى الذكور وأبناؤه وأقرباؤه وكان بعضهم على خلاف مع الخليفة عبد الله وأخرجهم من سجونه قبيل معركة كررى بقليل فى محاولة يائسة منه لتوحيد الجبهة الداخلية لمجابهة العدو الخارجى . لم يكتف ونجت بقتل الخليفة عبد الله ، بل لقد ساءه أن يختار الرجل لنفسه ميتة مشرَّفة . فعندما عثر على جثته وكان ساجدا على فروته بعد أن صلى وسلم الروح لبارئها قال ونجت متحسراً :
    he brute ! What a way to die!) )
    •••••• يالها من ميتة مشرَّفة حظي بها هذا الوغد !
    ولم يكن ونجت أكثر حقداً من ملكته فيكتوريا التى كتبت فى مفكرتها عندما علمت بمقتل الخليفة عبد الله والقضاء على جيشه :
    Gordon has been avenged ! )
    •••••• لقد تم الإنتقام لغردون !
    (4)
    نجا عبد الرحمن بن المهدى من القتل وما أن استتبّت الأمور للأنجليز حتى تنبهوا لخطر آخر متمثل فى السيد على الميرغنى الذى كان أبوه محمد عثمان الحسن الميرغنى أحد سجناء الخليفة عبد الله الذين سماهم الملازمين وتمكن من الهرب إلى مصر وأخذ معه أبنه عليا فمات الأب فى الطريق ووصل الأبن إلى القاهرة .
    وبعد إعادة فتح السودان عاد السيد على الميرغنى إلى الخرطوم وأستقر بدار أبيه وتقاطر عليه أتباعه الختمية ويمثلون نصف تعداد سكان البلاد آنئذ وكلهم من أهل البحر ، أوفر أهل السودان وعياً وأكثرهم أستقراراً ، أفلا يحتمل أن يطمع الرجل فى السلطة ولديه كل مقوَّماتها ؟
    من هنا بدأ التفكير فى خلق قوة مضادة للختمية تخلق توازناً وتكون فى صراع دائم مع السيد على وتلهَّيه عن رعاية طموحاته وأطماعه فوجد الانجليز ضالتهم فى ابن المهدى الذى نجا من القتل فارسلوا فى طلبه لمساومته . وقال السيد على الميرغنى عن ذلك فيما بعد :
    •••••• الانجليز ديل ناس عجيبين ! عملوا حديقة حيوان جَنْب بيتى وملُوها قرود لأزعاجى ........ لمَّا شافوا القرود مش نافعة جابوا أسد عشان يحمينى النوم !!
    ويقصد بالقرود النظار والعمد الذين عيَّنَتْهم الحكومة كقوة مساندة لها والأسد إشارة للسيد عبد الرحمن المهدى ، وياله من تشبيه بليغ !
    وفى مطلع عام 1901 م كان السيد عبد الرحمن المهدى رِدْفاً لمحمد ود شِقِدَّى على ظهر حمار أبيض وهما فى طريقهما إلى الخرطوم من ود مدنى . وكان السيد عبد الرحمن وقتها صبيا لم يبلغ الحلم ، ونزلا ضيفين على خلف الله ود تاتاى بأم دقرسى المجاورة لود الماجدى .
    •••••• كيف حالك يا ود شِقِدَّى ؟
    •••••• أريت حالك زين ياود تاتاي .
    •••••• من وين وعلى وين ؟
    •••••• جينا من مدنى وقاصدين الخرطوم . وقلت نغشاك نَقَيَّل عندك على بال النهار مايبرد والحمار يرتاح .
    •••••• الوليد المعاك دا ولدك ؟
    •••••• لا ماولدى . دا عبد الرحمن ود سيدى المهدى ، طلبوه
    الانجليز فى الخرطوم .
    •••••• عبد الرحمن ود سيدى المهدى !!
    وأطرق الرجل برهة ثم واصل حديثه وقد ملأت الدموع عينيه .
    •••••• اللهم لا أعتراض فى حكمك ! ود المهدى مردوف على حمار !!
    وبكى ود تاتاى حتى بلّلت الدموع لحيته ، وبعد الغداء ودَّع ضيفيه وأهداهما حماره لكي يكمل إبن المهدى ماتبقى من الرحلة على ظهره .
                  

العنوان الكاتب Date
سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-20-05, 03:32 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-20-05, 03:38 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-20-05, 04:16 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-20-05, 01:21 PM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-21-05, 02:14 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-31-05, 01:30 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية THE RAIN06-21-05, 03:46 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-21-05, 05:37 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-21-05, 11:17 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-22-05, 02:36 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية ودقاسم06-22-05, 02:43 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-22-05, 08:43 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-23-05, 02:13 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-23-05, 08:53 AM
          Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-25-05, 03:31 AM
            Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-25-05, 07:49 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية THE RAIN06-25-05, 08:17 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-26-05, 01:12 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-27-05, 02:18 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية حيدر حسن ميرغني06-27-05, 06:42 AM
          Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-28-05, 02:34 AM
            Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-28-05, 08:51 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية THE RAIN06-28-05, 09:06 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-29-05, 02:08 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-29-05, 09:24 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية banadieha06-29-05, 09:48 AM
          Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi06-30-05, 02:29 AM
            Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-03-05, 02:22 AM
              Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-03-05, 05:58 AM
                Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية banadieha07-03-05, 08:13 AM
                  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-04-05, 02:25 AM
                    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-05-05, 06:26 AM
                      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-07-05, 01:44 AM
                        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-07-05, 07:30 AM
                          Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-09-05, 04:22 AM
                            Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-09-05, 10:38 AM
                              Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية banadieha07-10-05, 01:00 AM
                                Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-11-05, 01:40 AM
                                  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-11-05, 10:22 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية THE RAIN07-10-05, 01:22 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-12-05, 01:12 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية THE RAIN07-10-05, 01:31 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية banadieha07-10-05, 03:14 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية abuguta07-11-05, 10:55 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-13-05, 01:25 AM
          Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-13-05, 06:19 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-19-05, 04:54 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية THE RAIN07-13-05, 07:06 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-23-05, 06:15 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية nashaat elemam07-14-05, 05:51 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-19-05, 03:05 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-24-05, 02:45 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية أبوذر بابكر07-19-05, 03:26 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-20-05, 11:21 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-22-05, 09:57 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-23-05, 02:32 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-25-05, 02:49 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية أبوذر بابكر07-23-05, 06:46 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-26-05, 05:09 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية أبوذر بابكر07-25-05, 03:20 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-26-05, 02:09 AM
  Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية أبوذر بابكر07-26-05, 03:46 AM
    Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi07-28-05, 01:13 AM
      Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi08-31-05, 08:51 AM
        Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi09-03-05, 03:52 AM
          Re: سالم ود السما ...الطبعة الثانية omer almahi09-04-05, 02:28 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de