|
توافــق ...
|
أهديها لكل من افتقدني والآخرين في غيابنا ، لا أحصيهم .. كيف نحصي خفقات القلب .. هم كُثر مثل زخات المطر ..
توافــق ..
تقف بشوقها مثل شجرة ضنّت عليها السماء بالرواء ..فصارت تصدعات أرضها ملاجئ لأشعة الشمس وهي تهرب من لفح أمها لتحتمي بين أحضان أخاديدها ، تنتظره بكل ظمئها ليحكي لها عن ( حبيبها ) ، تتأمله .. تحسب خطوه بنظرة راقبة وهو ينساب نحوها كجدولٍ بقر بطن نهرٍ عابرٍ غير عابئٍ بجرحه .. هل تميد نحوه بظمئها .. أم تفتح ذراعيها لضمة دفيئة ..
كان يشعر أنه رسول شوقٍ ، يحمل أشواقاً .. يحمل أمانة فيفزع .. أيّ شوق أحق بتسليمه .. حاملا لها أنة وترٍ موجّع يئن أنين المجروح .. هكذا يزوده ( حبيبها ) بأشواقٍ عليه أن يلعب دوما دور حمام زاجل ..
كانت في مجمل تفاصيلها نقيضين ، كانت تتوازى احتمالاتها كقضبان قطار لا تبدو منارة لمحطته الأخيرة .. كانت ناراً وماء .. ظمأ ورواء .. كانت صحارى تتلهى بذرات رملها لتأتلق بلمعان هجير الشمس اللاهبة .. وتهدهدها في ظلمتها لتنام في ليلٍ لا يحفل بعواء الذئاب الضالة .. كانت كنهرٍ ينساب بدلٍ وتيه يلثم بين شهقة وشهقة جروفه الخضراء ..
سألها عن حبها ( لحبيبها )، قالت لو أحسنت السؤال لقلت كيف كان لقاؤنا ..؟؟ التقيته على محطة من محطات الحياة المتناثر التي توزعها يد القدر كبطاقات تموين .. كان يجلس على مقعدٍ في انتظار مقابلة ما – كانت في النهاية من نصيبي – تنازل عن مقعده لي ، أخبرته بصدق يجرح أحيانا انطباعاتنا المسبقة عن مسلماتنا .. أخبرته أنا لا أقبل لعب تبادل الأدوار ، فإما أن تبق مكانك أو أن نتقاسم الكعكة ، لم أدعه يستكمل إتساع فمه بفعل الدهشة .. فجلست بلصقه ..!! ما أكثرها المآزق التي نحاصر فيها الرجال الواهمون .. لكن دعك مني ، فقصتك ( معها ) تشعرني كأنها صفحة من صفحات حكاياتي التي يصعب على البعض قرأتها بحيادية ..
سألهابتشكك ولكن هل أخبرتكِ ، كنت أظن أنها تحكم غلق صناديق أسرارها ، فلا تفوح منها حتى عطور رسائلها النائمة على صدرها المطمئن ..
أرسلت إبتسامة تقدح في مستوى ذكائه ألا تؤمن بالأمثال .. ما اجتمعت أنثى وأنثى إلا وكان تحرير الأسرار ثالثهما .. وإن كنت أعتقد أن إطلاق نعوت وأوصاف لبعض ممارساتنا تكون غالبا غير دقيقة ، فلا أظن أن التعبير عن عواطفنا ومشاعرنا والاعتزاز بها أمام الآخرين يوضع في خانة الأسرار ، ولا حتى أقبل عندما يغلفها البعض ويلفها بقطع حرير ليطلق عليها (( خصوصيات )) ..
تراجع توازنه بضع خطوات إذن لا داعي لأن أقرأ لك قصتي التي ستبدو كنسخة لأصل نقّحته بلؤم الرقيب .. أو ربما تبدو لك كطبعة ثانية لم يضع عليها الناشر سوى تأكيده على حقوق الطبع وبعض تعليقات ( لزملاء المهنة ) لا أحد يجزم بأنهم وصلوا لحدود صفحتها الأخيرة ..
إلتقطت حبل الحديث بثقة هي جزء من رصيدها.. لو كنت مكانها ليلتها لنمت ملء الجفن ، وربما أفسحت لك مكانا بالجانب المقابل للسرير، فقط لو تأكدت أنك غير مصاب بداء الشخير ، ولكن أن تظل ليلة بساعاتها العشر وبعض ساعات إضافية على مقاعد لا تسمع فيها سوى الإعلان عن إقلاع أو وصول طائرة .. هذا غير معقول ..
جادلها بمنطق من يقف في مركز يسمح لهبالتراجع إن إعتلت الأمواج .. لا أظنها مخطئة ، بل لها كامل الحق في توجسها ، أن تضعها الصدفة في غرفة بفندق مع شاب بالكاد عرفت اسمه بنظرة خالسة لجواز سفر لا تعرف حتى تاريخ استخراجه .. تاريخ ميلاد حامله .. لون عيونه العسلية ..
واصلت ضغتهالكسب مزيد من أرضية الحوار.. لا ، أنت دعوتها بشهامة رجل صادق ، وكان خيارها اليتيم ، فكل الغرف كانت مشغولة ، ظن موظف الإستقبال أنكما رفقاء ، زوجين .. صديقين .. ولكن من المضحك أن تظل هي جالسة على كرسي يقابل مرآه تراقب فيها خيبتها ، بينما تنام أنت وبشخير مزعج على بساطٍ لا تعلم كم من أقدام داسته .. بينما يظل السرير المحظوظ خاليا يتمدد ماداً لسانه نكاية فيكما ..رمقته بنظرة مقياسية لمعرفة كم من الأميال زحفت نحوه .. تعرف ، لا زلت أتساءل إن كان ذلك سبباً كافية أن تجمعكما علاقة حب ، يبدو لي الإختلاف بينكما شاسعا وكأنكما من كوكبين مختلفين ..
حالو أن يأتيها من خلف حصونها.. ولكن ألا ينطبق ذلك تماما على حالتكما ، فأنتما لا تتشابهان أبداً ، بل لا أرى سوى ذلك التنافر الصارخ ، فهو هادئ وأنتِ ثائرة ..هو خجول حد الحمرة وأنتِ جريئة .. هو متردد دائما في قراراته أنت حاسمة باترة ، هو عاقل أنت مفرطة الجنون ..
أدركت أنه فقد كثيرٍ من متاريس دفاعاته ، واصلت زحفها مستخدمة سلاح الحرب النفسي وهي تقترب من قلعته .. كأنك تتحدث ( عنكما ) فأنت جنونك مضرب المثل ، فكم أحرجت أقرب الناس اليك بجرأتك ، لا تدع أمراً مطلقاً للصدفة ، أنت سيف بتّار .. لكن الفرق الوحيد بين قصتينا أنه هو الذي طلبني ، جعل لي قيمة تضعها الأنثى دائما بين أولوياتها ..
وهو يغرس رايته البيضاء ، في محاولة أخيرة حاول مهاجمتها بسلاح لا يتعد مداه مقبض الزناد .. أفهم من ذلك أنا وأنت متطابقان حد الجنون ، حد البتر ، لم ينقصني إلا أن أمنحك ( قيمة أنثوية ) ، إذن لو طلبت منك بكامل جنوني العاقل أن (( أحبك )) ..!!؟؟
كأن سؤاله استحال للدغة قاتلة ، كلقاء مربكٍ نتحاشى فيه مقابلة الآخرين .. تطاول حرف اللام ماداً لسانه من بين شفتين يلامسهما ( طلاءٌ ) وضع بعناية ومقصد .. مستبقاً حرف الألف لتنتهي كل آماله بإكتمال (( لا )) النافية .. ولكنها بدهاء الأنثى الذي ينحنى دائما لريح عاصفة ، تربصا لسانحة أخرى ترتب فيها صفوفها .. فخرج صوتها وهي تضغط بين شفتيها حرف الباء المشددة الذي يتوسط الراء والميم المقرونة بالألف بغنج أنثوى متحكم لتكون (( ربّما )) نافذة تفتح جميع الإحتمالات على مصرعيها ..
رحمابي
(عدل بواسطة AlRa7mabi on 04-24-2004, 09:23 AM)
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
توافــق ... | AlRa7mabi | 04-17-04, 03:54 PM |
Re: توافــق ... | THE RAIN | 04-17-04, 04:13 PM |
Re: توافــق ... | ملكة سبأ | 04-17-04, 04:20 PM |
Re: توافــق ... | AlRa7mabi | 04-17-04, 04:29 PM |
Re: توافــق ... | Hussein Mallasi | 04-17-04, 05:19 PM |
Re: توافــق ... | جورج بنيوتي | 04-17-04, 05:24 PM |
Re: توافــق ... | garjah | 04-17-04, 05:25 PM |
Re: توافــق ... | tmbis | 04-17-04, 05:38 PM |
Re: توافــق ... | dreams | 04-17-04, 07:28 PM |
Re: توافــق ... | KOSTA | 04-17-04, 08:20 PM |
Re: توافــق ... | zumrawi | 04-18-04, 02:02 AM |
Re: توافــق ... | Tumadir | 04-18-04, 02:15 AM |
Re: توافــق ... | AlRa7mabi | 04-18-04, 10:24 AM |
Re: توافــق ... | DKEEN | 04-18-04, 09:55 AM |
Re: توافــق ... | AlRa7mabi | 04-18-04, 10:27 AM |
Re: توافــق ... | AlRa7mabi | 04-24-04, 09:39 AM |
Re: توافــق ... | عشة بت فاطنة | 04-24-04, 10:57 AM |
Re: توافــق ... | AlRa7mabi | 04-24-04, 01:57 PM |
Re: توافــق ... | THE RAIN | 04-24-04, 04:34 PM |
Re: توافــق ... | AlRa7mabi | 05-17-04, 09:27 AM |
Re: توافــق ... | عشة بت فاطنة | 05-17-04, 11:04 AM |
Re: توافــق ... | Elmosley | 05-17-04, 11:40 AM |
Re: توافــق ... | bint algazeira | 05-17-04, 11:58 PM |
Re: توافــق ... | AlRa7mabi | 05-18-04, 07:05 AM |
Re: توافــق ... | Kabar | 05-18-04, 07:53 AM |
Re: توافــق ... | AlRa7mabi | 05-18-04, 03:11 PM |
Re: توافــق ... | Ali Alhalawi | 05-18-04, 03:49 PM |
Re: توافــق ... | Alia awadelkareem | 05-18-04, 05:54 PM |
Re: توافــق ... | Solara_sabah | 05-19-04, 04:16 AM |
Re: توافــق ... | AlRa7mabi | 05-19-04, 10:39 AM |
Re: توافــق ... | AlRa7mabi | 05-19-04, 10:41 AM |
Re: توافــق ... | ابو جهينة | 05-19-04, 02:22 PM |
Re: توافــق ... | haneena | 05-19-04, 02:49 PM |
Re: توافــق ... | AlRa7mabi | 05-23-04, 03:04 PM |
|
|
|