الجنجويد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-09-2024, 09:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-25-2004, 09:34 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الجنجويد (Re: sultan)

    سودانايل 18/11/2003


    الجنجويد (3/3)


    تمهيد:

    حسناً فعل الدكتور حسن الترابى زعيم المؤتمر الشعبى بتأكيده على أنَّ الحكومة السودانية ضالعة فى تسليح بعض الأطراف بدارفور لجعل المواطنين يتقاتلون فيما بينهم، وجاء فى صحيفة الخليج الأماراتية أنَّ الترابى الذى كان يتحدث أمام المؤتمر الثاني لقطاع الطلاب بحزبه فى قاعة الصداقة صباح السبت 8/11/2003م قد: "إتهم الحكومة صراحة بتغذية الصراع الدائر في ولايات دارفور الثلاث، مشيرا إلى أن النظام الحاكم هو الذي يمد الميليشيات العسكرية هناك (الجنجويد) بالسلاح ليعتدوا على المواطنين حتى “يخلو له الجو” على حد تعبيره" (صحيفة الخليج الإماراتية، عدد الإثنين 10/11/2003م). ولا جديد فى ذلك فقد سبق أن تحدثنا عنه من قبل ودللنا عليه، لكن الجديد فيه أنَّه صدر عن الشيخ مما يعنى أنَّ مصدر الخبر موثوق به، فالرجل لا يزال لديه عيون وآذان داخل جهاز الدولة يحصون له فيها أنفاسها وسكناتها، مما يجعل من سياسات الحكومة ومؤامراتها كتاباً مفتوحاً أمامه، لكن وبالرغم من تصريحه الفاضح فإنَّ ذلك سوف لن يعفيه هو شخصياً عن مسئوليته المباشرة فيما حدث و يحدث أيضاً، إذ ظلَّ نافذاً وراء ذلك ومخططاً له منذ عهد الديمقراطية الثالثة، وعليه أن يجيب عن تساؤلات مهمة تتعلق بأسباب خروج قوى دارفورية شابَّة ومؤثرة من حزبه ودوره المباشر وراء ذلك، ومهما يكن من أمر فإنَّه، ومن خلال تصريحاته تلك، يمكن أن يكون "شاهد ملك" مهم ضد الحكومة فى حال وجود أى تحقيق دولى عن "جرائم ضد الإنسانية" تحدث فى دارفور، مثلما تم من قبل إزاء أحداث مماثلة جرت فى رواندا والبوسنة وكوسوفو بيوغسلافيا، ومعلوم أن عدداً من المتهمين فى تلك الأحداث إدينوا أمام محكمة العدل الدولية بلاهاى يقضون أحكاماً بالسجن مدى الحياة فى سجونها بهولندا.

    إنَّ الجرائم التى تحدث ضد الإنسانية، خاصة جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والإنتهاكات التى تتم بموافقة ضمنية أو مباشرة من الدولة، أصبحت اليوم من الجرائم العالمية الكبرى ولها محاكم خاصة وقوانين تعلوعلى سيادات الدول تشهد بسطوتها الضغوط والإغراءات التى تبذلها أقوى دولة فى العالم اليوم، وهى الولايات المتحدة الأمريكية، لإرغام الدول على التوقيع على محضر قانونى يستثنى تقديم جنودها لتلك المحاكم فى حال إتهامهم بإرتكاب تجاوزات بحق الإنسانية فى مغامراتها الحربية، وهى كثيرة على النحو الذى نشاهد.

    وحقيقة فإنَّ الحكومة لم تقصر أبداً فى توفير شبهات تشى بضلوعها فى أشياء فعلتها بدارفور ولا تريد الكشف عنها، فمنع السفير البريطانى السيد وليم باتى من زيارة مدينة نيالا، حتى عقب حصوله على إذن بذلك وتوجهه للفاشر، ثم منع القائم بالأعمال الأمريكى في السودان السيد جيرارجالوتشي وممثلين آخرين في السفارة إضافة إلى ممثل لهيئة المعونة الامريكية من السفر إلى نيالا أيضاً، على الرغم من إصدار وزارة الخارجية السودانية تصريحا لهم بالسفر إلى هناك، لا تدل إلاَّ على شيئ واحد مفاده أنَّ الحكومة لا تريد تواجدهم فى تلك المنطقة، الشيئ الذى دفع القائم بالأعمال الأمريكى فى تصريح له لهيئة الإذاعة البريطانية إتهام بعض القبائل العربية بدارفور بتشريد المئات من الأسر بالإقليم (صحيفة الأزمنة 12/11/2003م)، تبعه وصف أحد الدبلوماسيين المعنيين بالشأن السودانى للقتال فى دارفور بأنَّه: "تطهير عرقي (Genocide) يتمثل في تحطيم القرى تقوم به المليشيات العربية بدعم على ما يبدو من الحكومة" (الأضواء 14/11/2003م).

    لقد عرضنا فى الحلقة الأولى من هذا المقال صوراً من جرائم الإبادة العرقية التى حدثت بدارفور خلال فترة الهدنة الأولى بين حركة تحرير السودان والحكومة السودانية، أوضحنا فيها كيف أنَّ الحكومة كفت أيدى الحركة عن القتال فى الوقت الذى أطلقت فيه أيدى الجنجويد تسرح وتمرح فى ديار القبائل كيفما شاءت، ثمَّ قمنا فى الحلقة الثانية بإلقاء الضؤ من قريب على مليشيات الجنجويد، أهدافها وتاريخها والظروف الجيوسياسية التى أدت إلى نشأتها، وخلصنا فيها إلى أنَّ هذه المجموعة تقوم اليوم بدور مزدوج: دعم الحكومة فى حربها ضد الحركة المسلحة بدارفور من ناحية ثم القيام بتنفيذ توصيات الأهداف السرية للتجمع العربى وبرنامج "قريش" بضرورة إبادة قبائل الزرقة سعياً لقيام دولة العرب فى العام 2020م من ناحية أخرى. وطالما أنَّ لكل مشكلة حل، مهما إستعصى، فيجدر بنا أن نتلمس مداخل حلول لهذه الفتنة التى ضربت دارفور فى أخطر مفصل فى وجودها ألا وهو محور العلاقات القبلية والتعايش السلمى بين مكونات وكيانات سكانها الذين عاشوا فى تناغم وإنسجام لأكثر من ألف عام قبل أن ينفلت شيطان الفتنة من عقاله فيحيل أرض دارفور الطاهرة بالإسلام والمزيَّنة بسبحة اللالوب وألوان الشرافة إلى دم وخراب ودمار.

    الحلول الممكنة لإطفاء فتنة الجنجويد ودور الأطراف المختلفة فى ذلك:

    نعتقد إبتداءاً أنَّ مشروع أى حل لفتنة الجنجويد خاصة، والنزاع القبلى بدارفور عامة، لا يقتصر على جهة واحدة بعينها وإنما تتعدد فى مستويات ذات أبعاد مختلفة، فهناك بعد دولى وبعد قومى وآخر محلى ولكل من هذه المستويات واجبات محددة فيما يختص بالسيطرة على الأمور بالإقليم، هذه السيطرة لا نعنى بها التحكم الأمنى فقط فذلك شيئ يظل مفعوله مثل مفعول حبة الأسبرين الذى يُسكِّن الألم لفترة ما والأطباء يعلمون أنَّ وراء ذلك الصداع ما وراءه من عطب آخر فى الجسد، لكن يجب أن تشمل الحلول الأبعاد الإستراتيجية والمتجددة المنافع والتنمية المستدامة فذلك ما يبقى أما الزبد فيذهب جفاء، وسنحاول فى النقاط التالية سبر دور كل جهة فى رفع هذا البلاء الذى تتعرض له دارفور.

    (1) رئاسة الجمهورية:

    لا نحسب أنَّ الفريق البشير رئيس الجمهورية غير معنى تماماً بالأمور التى تحدث بدارفور، فهو كرئيس للجمهورية، يتعامل مع الأجهزة المؤسسية التى ترسم له المقترحات والسياسات المختلفة، وإذا كان هناك فساداً فى سياساته نحو دارفور فنعتقد أنها من صنع الحاشية التى تحيط به، وما أكثر فساد رجال الحاشية فى القصر الجمهورى فى تناولهم لقضية دارفور، فقد ذاق الأهالى هناك الأمرِّين منهم، خاصة خلال عهد النميرى، ويعانون منها الآن فى عهد البشير.

    ولكى يكون الرئيس واثقاً من سداد الرؤى التى تقدم إليه بخصوص قضية دارفور، والجنجويد جزءاَ منها، يجب أن يكون لديه مستشار خاص بشئون دارفور، يكون من أبناء الإقليم عالماً ببواطن الأمور وشئون القبائل، مدركاً للأثر التاريخى للإدارة الأهلية فى تاريخ دارفور وثقافة القبائل فيها، يقدم إليه النصح السديد ولا يحرجه محلياً وقومياً وعالمياً مثلما يحدث الآن، ومع إقتراب الوصول إلى السلام يجدر بالرئيس أن يبتعد بقدر الإمكان عما يعكر مزاجه ويضعه فى مواقف التوتر، وهذا يتطلب التركيز بوعى وحكمة لمعالجة قضية دارفور وهى ليست بذات السهولة كما قد يتصور قصيرى النظر.

    (2) الحكومة الإتحادية:

    في عمود كلمتها اليومية بتاريخ الأثنين 10/11/2003م، أوردت صحيفة الأيام التعليق التالى عن أحداث زالنجي الأخيرة، وقالت: "إنَّ الموقف جد خطير في الإقليم وأنه يحتاج إلى علاج سريع تتولاه الحكومة المركزية بنفسها عن طريق القوات المسلحة لتضع حدا لنشاط هذه الجماعات المنفلتة التي تهدد حياة المواطنين وتقوض وجود الدولة في الإقليم. لا بد من أن تتولى القوات المسلحة زمام الأمور وتتعقب الجناة وتجردهم من سلاحهم لأن مجرد وجودهم بهذه الصورة يخلق منهم دولة داخل الدولة وهو وضع يجب أن ترفضه الحكومة تماما وتتخذ حياله الخطوات العاجلة والناجعة" (صحيفة الأيام 10/11/2003م). لكنَّ النائب الأول لرئيس الجمهورية على عثمان محمد طه فجع أهل دارفور ونوابهم بالمجلس الوطنى عندما خاطبهم أمسية الأحد 12/10/2003م، حين قال (يا أخواننا دعونا نكون صادقين ونواجه مسؤولياتنا فإن الأمن في دارفور ليس بقضية الحكومة الإتحادية!!... كفانا مزايدة وصياحا في الاعلام ورميا للاشباح وبحثا عن الشماعات، القضية ليس حلها في الخرطوم القضية حلها هناك في كل محلية وفي كل منتجع وفي كل مؤتمر قبيلة وفي كل مقر ومدينة)!! تباً لك يا إبن الخطاب و"والله لو عثرت بغلة بأرض العراق لسئل عنها عمر"! وهناك فى دارفور أبرياء يموتون بالآلاف ولا يسمح لهم حتى بالبكاء، أو حتى بمواراتهم الثرى كما فعل ذلك الغراب بجثة هابيل، إنَّ أقل ما يمكن أن يوصف به حديث النائب الأول هذا هو عبارة "رمتنى بدائها وإنسلت"، وهى مداراة صريحة لواقع الحال ومخالفة للتقارير التى تترى كل يوم من داخل وخارج البلاد تؤكد تورط النظام مع مليشيات الجنجويد العربية فى حملات الإبادة البشرية المنظمة، هل النائب الأول ورهطه من جماعة الإنقاذ متورطين فى مؤامرة يستهدف دارفور وأهله؟ الناس هناك لا يؤمنون فقط بذلك بل وموقنون بحقيقتها ويؤكدون أنَّ النائب الأول أنما يواصل فقط ما قام به سلفه فى إشعال الفتنة!

    هنا تتجلى دور الحكومة فى حل كارثة الجنجويد، فى أمرين لا ثالث لهما، ولا داعى للنكران والمداراة، إما أن تعلن مسئوليتها المباشرة عن هذه الفئات المارقة فتجمعهم وتنزع أسلحتهم وتجرى تحقيقاً لما قاموا به من تجاوزات وتعتذر للضحايا من الأهالى المسالمين مع تعويضات قانونية، وإما أن تعلن عن خروج الجنجويد عن طوعها فتشعلها حرباً عليهم وتطلق يد القوات المسلحة فيهم وتطبق عليهم عقوبة حدِّ الحرابة المنصوص عليها فى القرآن الكريم. ببساطة الكرة حول هذه المسألة فى ملعب الحكومة وعليها أن تتحرك الآن قبل الغد وإلاَّ فإنَّ أصحاب القبعات الزرقاء سوف ينزلون بطائراتهم فى مطارات الفاشر ونيالا والجنينة، وسيجوبون قرى وفيافى دارفور، وبيدى فعلت لا بيد عمرو.

    (3) الحكومات الولائية:

    أستغرب كثيراً حينما أقرأ تصريحات حاكم جنوب دارفور الفريق آدم حامد موسى عن إستقرار الحالة الأمنية فى ولايته مقارنة بولايات دارفورالأخرى، لكن واقع الحال يكشف زيف ذلك إلى الدرجة التى يمكن وصف تصريحاته حول الحالة فى ولايته بالمقولة المصرية "البرَّة هلاَّ هلاَّ والجوة يعلم الله"! والسبب جد بسيط فإذا كان الأمر كما يقول سعادته فلماذا تمنع الحكومة زيارة السفراء والأجانب لحاضرة ولايته؟ إنَّ فى الأمر لشيئ خطير ومدفون فلقد بلغنا مؤخراً أنَّ الأهالى هناك يتحدثون عن وجود قوات وعناصر عربية أجنبية جاءت من موريتانيا ومالى والنيجر وليبيا تمَّ تجميعها فى معسكرين كبيرين، أحدهما بالقرب من مدينة عد الغنم بدار بنى هلبة والأخرى غرب مدينة كبم على مقربة من الحدود التشادية، فما السر والغرض من إستجلاب تلك العناصر الأجنبية وتسكينهم فى معسكرات محمية بقوات الحكومة؟ هل لتوطينهم فى مشروع تعريب دارفور، أم لتهديد الرئيس التشادى إدريس ديبى إذا ما أراد اللعب بذيله؟ الإجابة عن ذلك متروك لسعادة الوالى، هذا بخلاف مجازر قوات الجنجويد التى أحالت المناطق المحيطة بنيالا ومناطق كاس وأطراف جبل مرة إلى بقع جرداء لا حياة فيها، ولذلك كان خوف الحكومة عظيماً أن ينكشف ذلك للإعلام الخارجى إلى الدرجة التى رفضت فيه للسفير البريطانى من الإستمرار فى زيارة للإقليم بدأها بمدينة الفاشر، ولمَّا همَّ بالمغادرة إلى نيالا القريبة تم منعه! ونتيجة لذلك أصدرت السفارة البريطانية بالخرطوم بياناً حول ملابسات الحادث، والظن أنَّ السفير البريطانى قد أبدى شكوكه حول الأمر للقائم بالأعمال (السفير) الأمريكى، فقرر الأخير هذا التأكد من ذلك وطعن الفيل مباشرة فى جسمه وليس ظله فطلب السفر مباشرة إلى نيالا (بالدرب العديل) فتم منعه أيضاً!

    أما حاكم شمال دارفور السيد عثمان محمد يوسف كبر فقد ظلَّ يتحدث كثيراً بسبب وبدون سبب، وكلها أحاديث يجافى واقع الحال والناس، لكن عليه أن يكشف عن مضمون تقرير القاضى المستقل عن مجزرة كتم، فهو قد أمر بإعدادها وهو الذى إستلمها، وهو الذى ما زال يخفيها.

    إنَّ أحد مشاكل حكام دارفور مع أهلهم هو أنهم معيَّنون من جانب رأس الدولة الفريق البشير، وأنَّه قد تم إختيارهم بحكم موالاتهم للنظام وقابليتهم لتنفيذ سياساتها حتى وإن تعارض ذلك مع مصالح أهلهم، ودائماً ما يصيبنى خاطرة كلما أتابع تصريحاتهم فى الصحف وأكاد أحس بأنَّ لديهم شعور يتقمصهم بأنَّهم مجرد موظفون يؤدون واجبات محددة لحكومة الخرطوم وليسوا حكاماً بالمعنى السائد لكلمة الحاكم، ويتساءل الكثيرون عن سبب تنكر هؤلاء الناس لمسئولياتهم الواجبة تجاه أهاليهم؟ ولماذ الإنكار المتكرر عن عدم حدوث مجازر، وأنَّ الأمور عال العال يافندم؟ هل يحس هؤلاء الحكام بمعاناة أهلهم الذين يرزحون تحت وطأة كذبهم المتكرر ومجاراتهم لمتسلطى الخرطوم؟ وهل يعلمون أنَّهم إنمَّا يمثلون هؤلاء الغلابة الذين يتحدثون بإسمهم؟ ولذلك نفر الناس منهم، فقد حدثنى أحد الإخوة أن والى شمال دارفور قال لأهل الفاشر "أنا عارف إنتو ما عايزنى، لكن أنا قاعد وما فى واحد منكم يقدر يشيلنى"!! ما النفع وراء حاكم كهذا؟

    على العموم يجب على حكام دارفور أن يكونوا صادقين مع أخوانهم وأخواتهم من سكان الإقليم، فالرائد لا يكذب أهله، وكرسى الحكم مسئولية أمام الله قبل أن يكون أمام البشير، ولعلَّه من الأوجب للحكام أن ينزلوا إلى مستويات الشعب وأن يستمعوا إليهم ويتحسسوا آلامهم ويداووا أوجاعهم فتلك روح القيادة، ثمَّ إنَّ عليهم أن يقرأوا تاريخ دارفور جيداً ويحاولوا إستنباط الحلول من تراث الإدارة الأهلية الغنى التى حزمت أمر الإقليم لأكثر من خمس قرون قبل أن يأتى غرباء عنها يعبثون بها، كما إنَّ عليهم أيضاً أن يعوا بثقافة الإستقالة والتى صارت أندر من لبن الطير فى عهد الإنقاذ، فإذا شعروا بأنَّ هناك أموراً تفرض عليهم من علٍ فالرزق ليس محصوراً فى كرسى الحكم ونظام الإنقاذ، فهم قد عاشوا قبلها وسيعيشون بعدها، لكن بالشرف والكرامة بدون عقدة الضمير.

    نعتقد أنَّ هناك مسألة أخلاقية تقع على عاتق حكام ولايات دارفور وأجهزتهم الحُكمية تتمثل أولها فى بسط الأمن على سائر أرجاء الإقليم وجعل الناس يشعرون أنَّ هنالك حكومة إسمها حكومة السودان، فما عاد ذلك ممكناً فى ظلِّ أوضاع القتل والنزوح اللتان تحدثان الآن، تلك أولى خطوات الحل وأهمَّها على الإطلاق، ويجب عليهم أن يضعوا خطة أمنية متكاملة يتقدمون بها إلى الحكومة الإتحادية بضرورة تفعيل القوات المسلحة للسيطرة على قوات الجنجويد. من ناحية ثانية عليهم تفعيل الإدارة الأهلية، وحسناً سمعنا بأنَّ هناك خطة لعقد مؤتمرلقيادات الإدارة الأهلية بالإقليم بمدينة نيالا بعد عيد الفطرالمبارك، لكننا نرجو، ونحذِّر، ثم نحذِّر، ثم نحذِّر من محاولة توجيه ذلك المؤتمر للبصم على سياسات الحكومة الجائرة على دارفور، أو توجيهه لإتخاذ مواقف معادية من الحركة المسلَّحة التى تناضل من أجل إنتزاع حقوق الإقليم، ونرجو من حاكم ولاية جنوب دارفور خاصةً أن يتحلى بالحكمة والموعظة الحسنة، فقد سبق وما زال لديه مواقف حادة ضد هؤلاء الإخوة حملة السلاح، وظلَّ يتحسس مسدسه كلما سمع بإسمهم، وليس فى ذلك شيئ من حكمة القيادة أو الحكم، هؤلاء الإخوة لم يعرف عنهم إرتكاب مجازر وتصفية عرقية، وحربهم ضد الحكومة ظلَّ على الدوام كتاباً مفتوحاً مقروءاً، وعليه نتمنى أن ينعقد ذلك المؤتمر فى إطار بيت دارفور الكبير الذى يجمع ولا يفرق، ويبنى ولا يهدم، ويجبر ولا يكسر، وقبل هذا وبعده يجب على هؤلاء الحكام وأجهزتهم أن يعوا بأنَّهم من أهل ذلك البيت الكبير، وإن إحتموا اليوم بسلطان الحكم وتوشحوا بردائه فإنَّ مآلهم غداً هو أن يكونوا بين ذات الناس الذين يحكمونهم الآن وسيأكلون الطعام مثلهم وسيمشون بين أسواقهم، وحينها تكبر وتعظم كلمات مثل "شكراً" و"بارك الله فيك" بدلاً عن لعنات أخريات مثل "الله يلعنك"، وأهل دارفور يمكنهم أن يقولوا ذلك ب 29 لهجة مختلفة، فإحذروا!

    (4) أبناء دارفور بالحكومة الإتحادية:

    قام الدكتور أحمد بابكر نهار وزير التربية والتعليم الإتحادى، والمهندس عبدالله على مسار حاكم ولاية نهر النيل، وكلاهما من أبناء الإقليم، بزيارة مواقع حركة تحرير السودان بمناطق شمال دارفور، وإمتدت زيارتهم بصحبة وفد كبير نحو شهر، فى محاولة للتوفيق بين الحركة المسلحة والحكومة السودانية نحسبها قد هيأت الظروف لإنعقاد مفاوضات أبَّشى الأولى للتوصل لهدنة وقف إطلاق النار بين الجانبين، كنَّا نتمنى، بل ونظل نرجو، أن لو قام السيد عبدالحميد موسى كاشا وزير التجارة الخارجية، والسيد يوسف تكنة وزير التعاون الدولى بصحبة وفد كبير من أبناء القبائل العربية بجنوب دارفور، بزيارة إلى مناطق أهليهم والتحدث إليهم ومناشدتهم بضرورة دعم مبادرات السلم وتعزيز سمات التعايش السلمى بين كل قبائل الإقليم، لو حدث ذلك وأخريات مشابهة لهدأت الخواطر قليلاً ولإنفتحت آفاق الحلول، ففى ساعة الغضب ونفور الدم يتوقف العقل وينشط الشيطان ولذلك كانت نصيحة الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بضرورة إطفاء نيران الغضب بالوضوء أو تغيير وضع الجسم، ولا ندرى إن كان فى نظريات علوم السيكولوجى اليوم مثل هذه الوصفة الطبية الهامة.

    بعض أبناء دارفور المشاركين فى أجهزة الحكم المركزى وقيادة الحزب الحاكم متهمون ليس فقط بالتخلى عن قضايا أهاليهم الغلابة بل وبالعمل ضد تطلعاتهم فى حياة كريمة وعيش آمن، هؤلاء الإخوة يجب أن يعلموا ذلك، ويجب أن يعلموا أيضاً أنَّ "العرجا لى مراحها"، وأن يعملوا وفق ذلك أيضاً، ومهما فشلوا فى محاولاتهم فإنَّ الناس سيقدرون ذلك لهم، فبالتأكيد أنَّ هناك سقوفاً محددة فوق رؤوسهم لا يستطيعون تجاوزها، لكن سعيهم على أى حال سيكون مشكوراً، إنَّ إنقاذ روحاً واحدةً بريئةً من قتل جائر لفيه حياة للناس جميعاً، كما ذكر خالق الأرواح فى محكم تنزيله، وطالما أنَّ هؤلاء الإخوة مشاركين فى الحكم بمستويات ومهام مختلفة فإنَّ لذلك مسئوليات أخلاقية كبيرة تستوجب مراعاتها، مثل تقديم النصح والمشورة لمتنفذى النظام الذين لم يعرفوا عن دارفور إلا ما روتها لهم جداتهم، بل من المفيد أيضاً أن يُكوِّنوا مجلساً إستشارياً خاصاً تكون مهمته تقديم الإقتراحات ومداخل الحلول المنبثق من، والمرتكزعلى، ثقافة أهل دارفور وتراثهم بدلاً من ترك قيادة الدولة تبغى فى هيجانها دون حكمة أو معرفة بواقع الأمور. على العموم هذا موضوع شائك قليلاً يتعلق بمدى فهم أبناء دارفور الذين يُشركون فى السلطة المركزية لدورهم تجاه دارفور وأهاليهم نتمنى أن نتناوله فى مناسبة أخرى.

    (5) أبناء دارفور بالمجلس الوطنى:

    بالرغم من حلكة الظلام تظل مبادرات نواب دارفور بالمجلس الوطنى علامات مضيئة، ومهما إختلفنا مع التوجه السياسى للكثير منهم إلاَّ أنَّهم ظلوا يتحركون على قدر المتاح لهم من المساحة، ولعلَّ إنسحابهم من إجتماع المجلس الوطنى فى الثانى والعشرين من شهر أكتوبر الماضى كان لافتاً و شكلَّ «لفت نظر» لتفاقم الأوضاع الأمنية بولايات دارفور و«احتجاجاً» على عدم تضمين موضوع دارفور ضمن أجندة البرلمان الطارئة، ولعلَّ لقاءهم مع رئيس الجمهورية بعد ذاك الحدث قد أعطتهم فرصة ليوصلوا همومهم وهموم أهلهم لأعلى قيادة الدولة بعد فجيعتهم قبلاً بحديث النائب الأول آنف الذكر.

    كما يُثمِّن أهل دارفور أيضاً النشاط الإعلامى الواسع الذى يعكسه هؤلاء النواب فى تبصير العالم بحقيقة ما يجرى فى مناطقهم من أحداث، وحقيقة فهم الصوت المعبر عن هموم من يمثلونهم، ومن هذا المنطلق فواجب عليهم متابعة ذلك وأن يشاركوا بقوة فى رتق التمزق الذى ضرب جسد الإقليم، ويا ليت لو رأيناهم يجوبون أنحاء الإقليم فى وفود للمصالحة الإجتماعية ومخاطبة القواعد بخطاب توافقى وبنبرة أخوية وسيستمع إليهم أهل دارفور فهم أهل أمثال وحكم، ولعلَّهم بذلك سيتمكنون من إصلاح إعوجاج بيت دارفور المائل.

    يتبع








                  

العنوان الكاتب Date
الجنجويد sultan02-25-04, 09:10 AM
  Re: الجنجويد sultan02-25-04, 09:21 AM
    Re: الجنجويد sultan02-25-04, 09:25 AM
      Re: الجنجويد sultan02-25-04, 09:34 AM
        Re: الجنجويد sultan02-25-04, 09:41 AM
          Re: الجنجويد DEEK_ALJIN02-25-04, 11:17 AM
  Re: الجنجويد Khalid Eltayeb02-26-04, 10:35 AM
    Re: الجنجويد sultan02-27-04, 09:45 AM
    Re: الجنجويد sultan02-27-04, 09:45 AM
  Re: الجنجويد Rawia02-28-04, 03:18 AM
  Re: الجنجويد elsharief02-28-04, 03:04 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de