للمفكر الاجتماعى وكاتب القصة القصيرة الدكتور صلاح الزين، دراسة متفردة وملاحظات ثاقبة حول الانسان السودانى فى هجرته الحديثة - سودانيّو الشتات أو ال Diaspora كما يحلوا له القول- تبدأ باقرار أن تجربة السودانيون فى المهجر حديثة مقارنةً بالشعوب الاُخرى، وهو قول صحيح نسبيا حيث أن السودان ظل مقرا ومحطة نهائية للعديد من المهاجرين.. منهم الهاربين من بطش بنى أمية كما منهم القادمين من غرب أفريقيا الباحثين عن المرعى الجيد والاراضى الشاسعة التى من باب الاستعباط القتال حولها! باختصار كانت أرض السودان تطعم المهاجرين من جوعٍ وتأمنهم من خوف.
أن يهاجر السودانى فهذا واقع وحراك اجتماعى جديد، لم يعيه أو يستسلم له عقل المهاجر السودانى الباطن منه والظاهر فنتج عن ذلك اضطراب العلاقة "الزمكانية" بحسب د. صلاح الزين، هذا الاضطراب يتجلى فى حبس المهاجر لذاته عند اللحظة التى فارقت قدماه أرض السودان، فنجد التمسك بممارسات طقسية اجتماعية وعادات تجاوزها المجتمع السودانى نفسه فى السودان، يمكنك أن تستأجر الحُق والهلال الذهبى مع كل لزوم الجرتق الأخرى فى أمريكا عبر "النت" وتتحصل عليها توصيل الباب "”Door Delivery بأسهل مما يمكن أن تجده فى السودان، بل أن الولادة يمكن أن يكون ضمن طقوسها سِبوع "بكسر السين" وزلابية كمان! وأسألوا أخونا الطيب بشير عن سوق صنف العمارى (التُمباك) الجيد فى أمريكا.
تواردت على هذه الخاطرة عندما ضبطت نفسى أدندن بأغنية محمد كرم الله للشاعر السر عثمان الطيب.. ورينى شن طعم الدروس مادام بكانها مشى قطر! قطر هنا تشير الى "”Train وليس دولة قطر.. فلا تشطحوا أحبائي...
ضمن ماأذكره من كلمات هذه الأغنية –ألحقينا يا ست البنات بالباقى- الشطرات التاليات: كيف ذاتها ترتاح النفوس تقبل قِرايتاً فىّ سفر يمة المدرس لو فكر مش لو كان نهر.. لوكالنى بى سيطان بقر كان يلقا قاعد فوق ككر فى الدونكا لِسَّع ما فطر
قد تصيبك الدهشة الصغرى عزيزى القارىء أذا علمتَّ أن شاعرنا الكبيرى السر عثمان الطيب الطالب وقتها إنما انتقل من تنقاسى -على ما أظن- للدراسة فى مدارس المرحلة الثانوية فى مدينة عطبرة، يعنى مشوار بتاع ثلاث ساعات بالبِرنسة! أما الدهشة الكبرى فقد تصيبك إذا علمت أن شاعرنا فى غربته تلك، انما كان مقيماً عزيزاً كريماً عند خالته.. أُخت أُمهُ لزّم!! طبعاً خالته هاجت وماجت غضباً لم تفلح معها كُل محاولات الشرح بأن الشعراء يوحى لهم الجِن، الخ. الخ.. فلك العتبى ياخالة حتى ترضى.
رأينا كيف فعلت الغربة بشاعرنا، والآن أخى صلاح الزين، الى متى تظل ابداعاتك حبيسة أركان الدواليب؟ لابد من وسيلة ما، ووقت يقتطع إقتطاعاً للكتابة والنشر.. فهلا تفضلت؟ هذه الخاطرة المنشورة لهى بمثابة المديدة حرقتنى.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة