من الطيب مصطفى إلى منصور خالد إلى أحمد سليمان (للتوثيق) والشكر لبكرى أبوبكر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 06:13 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.جون قرنق
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-13-2003, 05:28 PM

WadalBalad
<aWadalBalad
تاريخ التسجيل: 12-20-2002
مجموع المشاركات: 737

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من الطيب مصطفى إلى منصور خالد إلى أحمد سليمان (للتوثيق) والشكر لبكرى أب (Re: WadalBalad)

    أما الخائفون على الوحدة الوطنية ومن تشرذم السودان جراء فصل الجنوب فإني أورد المثل القديم مجدداً لأقول إن هؤلاء يشبهون من يرفض بتر ساق المصاب بالسرطان مثلاً خوفاً من عدوى قد أكرر قد تصيب الساق الأخرى ذلك أن مشكلة جنوب السودان تختلف عن مشاكل بقية الولايات الأخرى لأن عناصر التوحد بين أبناء الشمال والجنوب تكاد تكون منعدمة تماماً فاختلاف العرق والدين واللغة والعادات والتقاليد والوجدان والمشاعر المشتركة يحتم إنتهاج نهج جديد من التفكير خاصة بعد أن فشلت كل محاولات الجمع بين شعبين متنافرين في وطن واحد، ولايمكن لعاقل أن يرضى باستمرار هذا النزيف إلى الأبد ، ومن الوهم الزعم بأن أبناء جبال النوبة مثلاً بمن فيهم العرب ومن يعيشون في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة وهي المساحة الأكبر يمكن أن يقدِّموا الإنضمام إلى دولة قرنق على البقاء في دولة الشمال التي يعلمون تسامح أهلها الذين يعيش بينهم في وئام وسلام معظم أبناء الجنوب الفاريـن من الحرب وأبناء النوبة ، فضلاً عن أن جبال النوبة لايمكن أن تقيم دولة منفصلة ولكن هب أن جبال النوبة إختارت الإنفصال فهل هذا يمثل سبباً في الإبقاء على الحرب إلى الأبد … لذلك أقول إننا لا نخشى تفجر الصراعات في بقية أنحاء السودان لأن فصل جزء من الوطن تقليد عُمل به في أماكن مختلفة من العالم خاصة وأن وقف الحرب من شأنه أن يوقف الهدر الذي يستنزف معظم موازنة السودان كل عام ، ويُمكِّن من تنمية مختلف مناطق السودان خاصة الفقيرة منها والتي ظُلمت طويلاً بسبب الجنوب الذي دمـر نفسه ودمر السودان جميعه لعقود من الزمان . وأقول إنه لا توجد مشكلة شرق أو غرب وإنما هي تداعيات للمشكلة الكبرى وأمراض جانبية من إفرازات الداء الأكبر ، وبمجرد زوال ذلك الداء ستعود المياه إلى مجاريها والحياة إلى ما كانت عليه في السابق . إن الذيـن يوردون حجة الخوف من تمزق السودان وغير ذلك من الحجج التي من شأنها أن تبقي على الوضع الحالي لم يقدموا سيناريو بديل لحل مشكلة الحرب المستعرة لعقود مـن الزمان ، وكل هذه الدعوات العاطفية إلى التصاهر والتعايش وإزالة أزمة الثقة لا تقدم حلاً للمشكلة وإنما تجعلها عرضة للتعقيد الذي ثبت أن الزمن لا يخفف من غلوائه بقدر ما يزيد من ضراوة وتيرة إشتعال الحرب وإنتقالها إلى مناطق أخرى تماماً كما يفعل السرطان الذي لا يوجد حل عند إستفحاله غير البتر والإستئصال ، وقد جربت أقوام وشعوب أخرى ذلك بالرغم من أن مشكلاتهم لم تبلغ درجة إستفحال مشكلتنا هذه اللعينة التي عطلت مسيرتنا وجعلتنا محلاً للسخرية والتندر والإستخفاف حتى من الصغار مثل أفورقي وموسيفيني اللذين ما كان ينبغي أن يتطاولا حتى على أضعف ولاياتنا ، وهذا والله أمر محزن لا يليق بشعب السودان بكل ما عُرف عنه من صفات نبيلة هو جدير بأن يحتل بها السيادة والريادة بين العالمين . وأقول إن مثل هذه المخاوف من عواقب الإنفصال عُولجت في الدول التي إختارت ذلك الطريق كحل لا مفر منه ، فمثلاً أريتريا وأثيوبيا عالجتا مشكلة نزوح مواطني كل من الدولتين ممن كانوا يعيشون في البلد الآخر وكذلك مشكلة المهاجرين عند إنفصال باكستان عن الهند… إلخ .
    بعضهمم يتعللون بأن أمريكا تجمع في أحشائها شعوباً كثيرة من العالم أجمع تعيش جميعها في سلام ووئام ، ولكن ينسى هؤلاء أن أمريكا لا تعاني اليوم من حرب أهلية ولم يشن السود الذين ذاقوا ويلات الإسترقاق على أيدي البيض حرباً على بلادهم وعلى مواطنيهم كما حدث في السودان ، ولو وجدت حرب أهليه لتحركوا في سبيل حلها ولم يركنوا إلى الواقع القائم لعقود من الزمان ، لكني أعجب ممن يستشهدون بأمريكا بالرغم من ضعف الحجة ويتناسون العديد من التجارب الأخرى التي ذكرتها في مقالي السابق ، ثم ان هناك تجارب لدول انقسمت على أسس عقائدية بالرغم من توافر عناصر التوحد بين أبناء تلك الشعوب ولكنها ما لبثت أن عادت للتوحد بمجرد زوال الأسباب مثل ألمانيا التي توحدت بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي ، كما أن أوروبا الآن تتوحد بسبب تكاثر دواعي التوحد ، ولكن ذلك يتم بصورة طوعية لا قسرية ، فجمهوريات الإتحاد السوفيتي التي وُحدت بالقوة بالرغم من تنافرها ما لبثت أن انفصلت عن دولة القهر فور زوال القبضة الحديدية ولا يزال بعضها يسعى للفكاك مثل الشيشان ، وأود أن أردد تساؤلات بعض الأخوة لماذا يا ترى لا نتيح فرصة للإنفصال كما أتحنا للوحدة نصف قرن من الزمان قضيناها إحتراباً وفشلاً فلربما تندمل الجراح ويتغير الحال وتنشأ عوامل توحد جديدة في المستقبل حتى ولو على أساس المصالح المشتركة .
    يتساءل البعض كيف ستُعالج حالة الجنوبيين المسلمين أو المستضعفين ممن يخشون بطش قرنق وتكرار مذابح الهوتو والتوتسي بعد الإنفصال ، وأرد على ذلك بالقول بأن كل هذه قضايـا ثانوية ينبغـي ألاّ تقدم على القضية الرئيسية فالمصاب بالسرطان كما بينت لايقدم تأثيراته الجانبية على معالجة وإستئصال المرض الفتاك قبل أن يؤدي إلى الوفاة ، كما أن المريض بذلك الداء يفضِّل بتر ساقه والعيش بقية عمره بذلك الوضع على ترك الداء يستشري في بقية الجسد ويقضي على حياة المريض على أن ذلك لا يعني ألاّتُعالج مثل هذه القضايا الجانبية بأفضل الوجوه بالرغم من أننا قد نضطر إلى التعايش بمثال الساق المبتورة في الجسد السليم أحياناً، فمثلاً يمكن السماح بهجرة هذه العناصر المسالمة الخائفة من جحيم قرنق إلى الشمال كلاجئين أو مواطنين كما يحدث في أوروبا وأمريكا ، والمهم هو أن يُعالج هذا الأمر لكنه لن يُقدَّم بأي حال على جوهر القضية التي أهلكت الحرث والنسل .
    البعض أفاض في ذكر الأمثلة لبعض المخلصين من دعاة الوحدة من أبناء الجنوب الذين قضى بعضهم في ساحات القتال وهؤلاء نسوا أنني استخدمت عبارة معظم ولم أعمم ، وبيني وبين بعض أبناء الجنوب ود واحترام كبير وأعرف عن صفاء سريرتهم ، ومن هؤلاء رياك قاي وأليسون مناني مقايا ، كما أعرف بعض الشهداء من أمثال عبدالله ويلكم الذي كان أخاً في الله لبعض أبنائي وخاض معهم غمار المعارك في الجنوب حتى استشهد ، لكن تلك النماذج الفردية وعلاقتي الشخصية معها لا يمكن أن تكون سبباً في الإنصراف عن قضية الوطن الكبرى المتمثلة في الحرب ، فالخاص ينبغي أن ينزوي عندما يتعلق الأمر بقضية عامة .
    يتساءلون ما هي الضمانات لتوقف الحرب بعد الإنفصال ، وأقول إن ذلك يحدث بمشاركة المجتمع الدولي وبموجب إتفاقيات تشارك فيها المنظمات الدولية كما حدث في البوسنة وأريتريا وأثيوبيا ، صحيح أن الحرب إندلعت بعد ذلك بين الدولتين لكنها بالطبع لم تستمر أكثر من أيام قليلة ، وما كان لها أن تنشب أصلاً لولا طيش أفورقي وتهوره ، ولكن هل يمكن أن نعقد المقارنة بين تلك الحرب القصيرة وحرب الثلاثين عاماً والتي أفضت في النهاية إلى إستقلال أريتريا ؟

    البعض إتهمني بالتعبير عن رغبة لدى الحكومة تسعى من خلالها إلى فصل الجنوب للإنفراد بحكم الشمال بدون مشاركة القوى السياسية الأخرى وأورد بعضهم علاقة الدم التي تربطني بالرئيس ، وأرجو أن ترجعوا لحسين خوجلي وأحمد البلال الطيب ومحمد محجوب هارون الذين طلبت منهم ألاّ ينوهوا عن المقال مسبقاً لأني كنت أخشى أن يُمنع نشره ، هذا فضلاً عن أن الناس قد يذكرون مقابلة لي مع صحيفة أخبار اليوم قبل نحو ست سنوات نُشرت بعنوان ضخم يقول على لساني "لن أذرف دمعة واحدة إذا إنفصل جنوب السودان" فموقفي قديم لكنه إزداد رسوخاً مع الأيام ، وفجّر موقفي الحالي تطاول قرنق الأخير خلال مفاوضات مشاكوس وتهافت الحكومة على إرضائه بالرغم من أنه هو الذي ينبغي أن يسترضي الحكومة فالشمال الذي يمتلك كل مقومات الدولة لا يحتاج إلى الجنوب بقدرما يحتاج إليه الجنوب الذي ظل على الدوام عالة على الشمال ، فلماذا إذن يبتزنا قرنق وكأن الشمال سيهلك جوعاً إذا انفصل الجنوب لا العكس .

    وأردت بصحيتي أن أعبِّر عن دهشتي لهذه الغفلة التي تجعلنا نتشبث بمن دمر بلادنا وشوه سمعتنا بالباطل بين العالمين بالرغم من أنه كان ينبغي أن نسعى نحن للخلاص منه بأكثر من سعيه هو للإنفصال عنا وأن نبتزه نحن بدلاً من أن يبتزنا فهو يحتاج إلى الشمال لا العكس ، ولذلك أقول إنه ينبغي أن نعجل بالإنفصال إنقاذاً لمستقبل أجيالنا الجديدة وتكفيراً عن جريمة كبرى إرتكبناها في حق وطننا وأهلينا . وأقول إن كثيراً من الناقدين يتركون جوهر القضية ويلقون بالتهم يساراً ويميناً ، ويعلم الله وحـده أنه ما من أحد كان يعلم عن المقال قبل أن أشرع في كتابته ، ولم استشر أحداً عندما دفعت به إلى الصحف الثلاث التي ما نشرته في يوم واحد إلاّ لأهميته وقصدت بذلك إطلاع أكبر عدد من القراء عليه، والصحافة كما تعلمون تبحث عن السبق الصحفي والإثارة . أقول ذلك لأؤكد أني أردت بطرحي هذا مخاطبة أبناء الشمال خطاباً وطنياً قومياً شاملاً لهم جميعاً متجاوزاً الإنتماءات الحزبية الضيقة ومحذراً من الخطر المحدق بالسودان عامة وبالشمال خاصة ، وإنتقدت الحكومة لحشدها أبناء الجنوب خلف قرنق بمنحه رمزية التعبير عـن أشواقهم فـي السلطة والثروة بينما لم تنجح في حشد المواعين السياسية المختلفة المستقطبة لأبناء الشمال والمتمثلة في الأحزاب ، وذكرت بالاسم الصادق والميرغني والترابي ، وقلت إن هؤلاء أقرب إلى الحكومة من قربهم لقرنق لأنهم لا يجرأون على إستعداء جماهيرهم والموافقة على مطالب قرنق المستحيلة ، فضلاً عن أن قرار فصل الجنوب يحتاج إلى إجماع وطني يتم عن طريقين فإما أن تتفق الأحزاب الكبيرة ، وإما أن يُجرى إستفتاء شعبي ، وأنا على يقين أن أبناء الشمال مؤيدون للإنفصال بنسبة هائلة ، وأرجو ألاّ تتردد الحكومة في إنفاذ سيناريو الإنفصال خوفاً من تحمل نتيجته ، فمثل هذا الكلام يكون صحيحاً عندما يكون القرار خاطئاً ، لكن إذا كان القرار صحيحاً وسيجنب البلاد ويلات الحرب ويوفر الموارد للتنمية فلماذا الخوف منه … إن الزعماء الذين إتخذوا قرارات الإنفصال في هذا العالم لا يُذكرون ألاّ بالخير لأنهم جنبوا بلادهم شرور النزاع والحروب .
    البعض إتهمني بأني أصدر في رؤيتي هذه عن عقلية عنصرية ، وأود أولاً أن أكرر أن الإستعلاء حقيقة بشرية موجودة في كل العالم ويُمارس على الشماليين في كثير من بلاد الدنيا ، ومن بينها الدول العربية ، كما يُمارس على بعض القبائل في جنوب السودان من قِبل قبيلة الدينكا التي ينتمي إليها قرنق ، وقد ضربت مثلاً بالإضطهاد الذي يتعرض له الفرتيت وغيرهم من قِبل قبيلة الدينكا التي ينتمي إليها قرنق ، كما يعاني منه السود في أمريكا حتى اليوم لكنهم لا يحملون السلاح على مواطنيهم كما يفعل قرنق وكثير من ساسة الجنوب الذيـن يملؤون الدنيا ضجيجاً لتشويه صورة أبناء الشمال من (العرب تجار الرقيق) . أما بالنسبة لي على المستوى الشخصي فإني أقول لمن إتهمني بالعنصرية بأني اعتقد إعتقاداً راسخاً في قوله تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وفي الحديث الشريف (لا فضل لعربي على عجمي إلاّ بالتقوى) ، ولن أقدم بين يدي الله ورسوله ما وسعني ذلك وأسعى على الدوام لقتل المشاعر العنصرية في نفسي بمواقف عملية لأن العصبية العنصرية في تعريف الرسول (ص) جاهليـة منتنة ، ولذلك أقولها بصدق بأني لن أتردد في قبول زواج أي مسلم جنوبـي من ابنتي عنـد موافقتها على ذلك ، ولو كان يحل زواج المسيحي أو الوثني لفعلت ذات الشئ ، فكيف بربكم أرفض رجالاً في قامة وخلق موسى المك كور وعبدالله دينق نيال وشول دينق . وأنا لم أذكر في مقالي السابق كلمة توحي بإحتقاري للعنصر الزنجي لأن الزنوجة تجري في دمي ودم أبنائي وليت من إتهموني بالعنصرية يسألون الأسرة الجنوبية التي تقطن منزلاً عشوائياً مجاوراً لمنزلي ليعلموا كيف أتعامل معهم ، لكني رغم ذلك أرفض دفن رأسي في الرمال على طريقة النعام ، بينما الحرب تطحن البلاد والعباد ، وأقر تماماً أن هناك حواجز نفسية كبيرة وأحقاد مريرة بين أبناء الشمال والجنوب سمها إستعلاء عرقي أو غير ذلك ، لكنها الحقيقة التي ينبغي أن نتعامل معها وننطلـق منها ومن غيرها لنبحث عن حل للمشكلة .
    إني عندما أنحاز للشمال أفعل ذلك لأني شمالي مثلما أن قرنق جنوبي يسعى في مشاكوس وغيرها لاعظام حق الجنوب من الثروة والسلطة ، كما أن الحكومة أرادت أم لم ترد تعبِّر عن الشمال بسعيها لتقليص وتقليل جموح قرنق ومطالبه المستحيلة في السلطة والثروة من خلال سعيها لمساواته ببقية ولايات السودان وأقاليمه ، وللأسف فإن من وصفوا حديثي بالعنصرية هم الذين يملأون الدنيا ضجيجاً عن الشفافية وحرية التعبير ، ولكنهم هنا يستاءون من إفصاحي برأيي الذي لم أرد منه ألاّ حل مشكلة الحرب المتطاولة بدلاً من السكوت والركون إلى الحلول والمسلمات والثوابت القديمة التي لم تورثنا غير الدمار والتخلف ، ولذلك دعوت إلى رؤية جديدة سبقنا إليها كثيرون في هذا العالم دون أن يدمروا أنفسهم وبلادهم ، لكن البعض يريد لنا أن نظل سائرين في حقل الألغام إلى الأبد متشبثين بمألوف الآباء والأجداد (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون) عاكفين على عبادة صنم الوحدة الكذوب وكأن قرآناً يُتلى قد تنزّل بتقديسه لا إستعماراً بغيضاً أرادها سكيناً سامة تنهش في جسد الأمة … إستعماراً تحكي وثائقه عن زرعه للمشكلة عن طريق قانون المناطق المقفولة الذي منع التزاوج والتصاهر الإجتماعي بين أبناء الشمال والجنوب وأضرم نيران الفتنة ولم يغادر البلاد قبل أن يتحقق من إشتعالها في توريت عام 1955م ، وبالرغم من علمنا بكل ذلك وعلمنا بضآلة ما يجمع بين شعبي الشمال والجنوب نصرُّ على هذه الخطيئة غير معتبرين بكل ما حدث من خراب ودمار وتخلف .
    ثم ينبغي أن أتعرض للدور المصري في السودان وموقف مصر الإستراتيجي من قضية وحدة السودان ، وأقول إن على مصر أن تعيد النظر في موقفها من هذه القضية بحيث تتـرك السودان يقرر ما يراه متسقاً مع مصالحه ولا تفرض رؤيتها أو تمارس الضغوط في سبيل إنفاذها في السودان ، فلو كان السبب في موقفها يعود لخوفها على مياه النيل فإن مصر تعلم أن 86% من مياه النيل تأتي من النيل الأزرق الذي لا يمر بجنوب السودان ، لذلك فإن أبناء السودان ينظرون بكثير من الريبة والشك للدور المصري في السودان منذ عهد الفراعنة مروراً بفترة الإستعمار المصري الذي يُسمى تأدباً بالتركي ثم الإستعمار الإنجليزي المصري ثم فترة ما بعد الإستقلال ، حيث ظلت مصر تفرض على السودان مبدأ الوحدة بدون أن تدفع في سبيل ذلك قرشاً واحداً وكأن السودان لا يزال جزءاً من مصر ، وقد ملّ أبناء السودان عبارة مصر والسودان جسد واحد التي كررها بعض المسؤولين المصريين في زياراتهم الأخيرة ذلك أن سائر الجسد يتداعى بالسهر والحمى عندما يشتكي عضو من أعضائه ، لكن القاهرة لم تسهر يوماً أو تصاب بالحمى طوال فترة الحرب المتطاولة والمدمرة التي ضربت السودان وعطلت مسيرته وقتلت خيرة بنيه وإنما ظلت تفتح ذراعيها وقلبها لقرنق حتى الآن وإلى الغد ، بل وتخفف عليه بفتح الجبهة الشمالية … قرنق الذي ظل يحمل السلاح ضد السودان لما يقرب من عشرين عاماً ولو تعامل السودان بالمثل لقامت الدنيا ولم تقعد … قرنق الذي كانت أطروحته للدكتوراه عن قناة جونقلي وكان أول ما فعله عند إعلان تمرده وقف العمل في القناة وتدمير منشآتها بالرغم من أنه كان مفترضاً أن تدر على مصر أربعة مليارات متر مكعب من المياه كل عام !!
    ثم إن مصر وقعت إتفاقية كامب ديفيد رغم أنف جميع الدول العربية لكي توقف حربها مع إسرائيل حفاظاً على دماء أبناء شعبها ومواردهم ، لكنها لا تسمح للسودان بأن يختار الطريقة التي يحافظ بها على دماء وموارد شعبه حتى لو إستمرت الحرب مائة عام وهلك كل السودان وشعبه ، لذلك لا غرو أن تغضب مصر عند توقيع تفاهم مشاكوس لمجرد أن مشاكوس أقرت حق تقرير المصير لجنوب السودان ، وقد استمعت لمصطفى الفقي رئيس أهم لجانهم البرلمانية وهو يحاضر الشعب السوداني والحكومة السودانية مرتين من خلال القنوات الفضائية المصرية عن الخطأ الفادح الذي وقعـت فيـه الحكومة السودانية بتوقيعها تفاهم مشاكوس واستخف الرجل بتمسك السودان بالشريعة الإسلامية ، وصدقوني أن الرجل كان يتكلم يطريقة مستفزة لا تطاق وكأن السودان بقرة في حظيرته ، وتخيلوا ما كان سيحدث لو أن أحمد إبراهيم الطاهر أو عبدالرحمن الفادني إنتقد مصر لتوقيعها كامب ديفيد وتخليها عن دورها التاريخي مقابل ثمن بخس وطالب بطرد السفير الإسرائيلي من القاهرة … لذلك أقول إن على مصر أن تعلم كيفية التعامل مع الشعب السوداني الذي يستفزه كثيراً فرض أجندتها عليه ، وعليها أن تترك الشعب السوداني يقرر ما يراه خادماً لمصالحه ، أما أن نفني السودان وموارده وأبناءه في سبيل خدمة الإستراتيجية المصرية وبالمجان فهذا ما لا يجوز ، وعلى الأخوة في مصر أن يعلموا أنه ينبغي عليهم أن يعملوا على أن يختار أبناء الشمال الوحدة مع مصر بدلاً من العمل على أن يجتمع الشمال والجنوب في دولة واحدة ، فمصر أقرب إلى الشمال من قـرب الجنوب للشمال وأنا من أكثر المؤيدين لوحدة شمال السودان مع مصر فهو الحل الوحيد الذي من شأنه أن يصنع من الدولتين قوة عظمى في عالم لا يحترم إلاّ القوة وهذا حديث يطول .
    أقول بأن على الحكومة ألاّ تجامل أحداً على حساب الشعب السوداني وألاّ تخدعها الأماني والشعارات والكلام المعسول ، فقطرة دم واحدة أهم من كل الوعود (والفهلوة) المجربة كثيراً بلاعائد وعليها أن تُقدم بشجاعة فالوقت يمر والخيارات محدودة ، ولا زلت أوقن بأن تطويل الفترة الإنتقالية لا مبرر له البتة ، أولاً لأنه لا يحق للحكومة حرمان أبناء الشمال من حقهم في تقرير مصيرهم ، لذلك فإن سعي الحكومة لبذل الغالي والنفيس في سبيل إسترضاء أبناء الجنوب خلال فترة إنتقالية متطاولة مدتها ست سنوات لكي يقفوا إلى جانب الوحدة ما عاد مقبولاً أو مبرراً لأني أعتقد أن الجدير بأن يُسترضى حتى يقبل بالوحدة هم أبناء الشمال بإعتبارهم الخاسر الأكبر من الحرب والزاهد الأكبر في الوحدة والمضحي الأكبر في حالة فرضها حرباً أو سلماً لأني أعلم يقيناً الآن أن غالبهم وكثرتهم الكاثرة يرغبون في الإنفصال أكثر من أبناء الجنوب ، وحتى لو قرر أبناء الجنوب البقاء في وطن واحد مع أبناء الشمال فإن من حق أبناء الشمال أن يقرروا مصيرهم ويحددوا ما إذا كانوا يرغبون في أن يضمهم وطن واحد مع أبناء الجنوب ، وبالتالي يصبح أمر منح الشعبين ذات الحق في تحديد علاقتهما المستقبلية ببعضهما البعض أمراً لا غني عنه ولا مفر ، وبالتالي يسقط خيار الفترة الإنتقالية تماماً ألاّ بالقدر الذي يسمح بإجراء الإستفتاء للشعبين بحيث يصار إلـى إعتمـاد الوحـدة في حالة واحدة فقط هي موافقة الشعبين كليهما بحيث لا يقصر قرار الوحدة على موافقة أحدهما دون الآخر ، ولذلك أدعو إلى إعادة صياغة أجندة الحكومة وأولوياتها في التفاوض بحيث تقلل الفترة الإنتقالية إلى عام واحد فقط يُجرى خلاله إستفتاء الشعبين ولا أرى أي مانع يحول دون إستفتاء أبنـاء المناطق الثلاث محل النزاع بحيث يختارون البقاء مع الشمال أو الإنضمام إلى دولة قرنق في جنوب البلاد ، وأنا مطمئن تماماً للنتيجة .

    الطيب مصطفى
                  

العنوان الكاتب Date
من الطيب مصطفى إلى منصور خالد إلى أحمد سليمان (للتوثيق) والشكر لبكرى أبوبكر WadalBalad04-13-03, 05:21 PM
  Re: من الطيب مصطفى إلى منصور خالد إلى أحمد سليمان (للتوثيق) والشكر لبكرى أب WadalBalad04-13-03, 05:26 PM
  Re: من الطيب مصطفى إلى منصور خالد إلى أحمد سليمان (للتوثيق) والشكر لبكرى أب WadalBalad04-13-03, 05:28 PM
  Re: من الطيب مصطفى إلى منصور خالد إلى أحمد سليمان (للتوثيق) والشكر لبكرى أب WadalBalad04-13-03, 05:30 PM
  Re: من الطيب مصطفى إلى منصور خالد إلى أحمد سليمان (للتوثيق) والشكر لبكرى أب WadalBalad04-13-03, 05:32 PM
  Re: من الطيب مصطفى إلى منصور خالد إلى أحمد سليمان (للتوثيق) والشكر لبكرى أب WadalBalad04-13-03, 05:35 PM
  Re: من الطيب مصطفى إلى منصور خالد إلى أحمد سليمان (للتوثيق) والشكر لبكرى أب WadalBalad04-13-03, 05:39 PM
  Re: من الطيب مصطفى إلى منصور خالد إلى أحمد سليمان (للتوثيق) والشكر لبكرى أب WadalBalad04-13-03, 05:42 PM
  Re: من الطيب مصطفى إلى منصور خالد إلى أحمد سليمان (للتوثيق) والشكر لبكرى أب WadalBalad04-13-03, 05:45 PM
  Re: من الطيب مصطفى إلى منصور خالد إلى أحمد سليمان (للتوثيق) والشكر لبكرى أب WadalBalad04-13-03, 05:50 PM
  Re: من الطيب مصطفى إلى منصور خالد إلى أحمد سليمان (للتوثيق) والشكر لبكرى أب WadalBalad04-13-03, 05:54 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de