الإنفصاليون الجدد....وتداعيات الرد عليهم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 05:26 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.جون قرنق
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-07-2003, 04:32 PM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الإنفصاليون الجدد....وتداعيات الرد عليهم (Re: nadus2000)

    أقول إنني لست في حاجة لأن أعدد الخسائر البشرية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية التي نجمت عن حرب نصف القرن ، فقد أفضت في ذلك في مقالي السابق وقلت إن هذه الحرب الطويلة جعلت السودان إحدى أفقر الدول في العالم بعد أن كان من أعظم الدول الأفريقية ودول العالم الثالث عشية الإستقلال ، ولذك فإنه لمن الغريب أن تنطلي علينا تلك الكذبة الكبرى بأن الشمال قد ظلم الجنوب لدرجة أن السيد الصادق المهدي طرح وعلى رؤوس الأشهاد فكرة الإعتذار لأبناء الجنوب عما لحق بهم من ظلم !! ولذلك لا غرو أن يُمارس علينا الإبتزاز بعد أن رددنا (نحن) الكذبة حتى صدقناها ، ولاغرو كذلك أن نغدق على مـن خربـوا البلاد وقتلوا العباد ونمنيهم بالمن والسلوى ولكنهم لا يكتفون ولا يشبعون ونتهافت عليهم وهم يعرضون عنا ونجري خلفهم وهم يصعرون خدودهم لنا ، ونقيم لهم من حر مال الشمال المحروم المطارات والمنشآت وهم يدمرونها ونتلطف بهم وهم يشوهون صورتنا ويعيروننا في إعلام وفضائيات الدنيا بأقذع الألفاظ والصفات… إنه الحقد العنصري الذي بينت لكم جانبـاً منه وأعرض عليكم اليوم على سبيل التذكير حتى لا تنسوا تقريراً كتبه على موقع شركته في الإنترنت بتاريخ الرابع من يناير الحالي الشاب السوداني الشمالي بكري أبوبكر الذي يعيش في أريزونا بأمريكا ويشغل منصب أمين موقع سودانيز أون لاين http://www.Sudanese on line .com وشركته مسؤولة عن الأمانة العامة لإعلام التجمع الوطني الديمقراطي وموقعهم في الإنترنت يضم التجمع الوطني الذي يرأسه الميرغني ويضم بعض الفعاليات السياسية والعسكرية المتمردة أهمها حركة قرنق . وقد أرسل بكري هذا صورة من التقرير على البريد الإلكتروني لكل من الميرغني وقرنق وحاتم السر والفريق عبدالرحمن سعيد ، ويقول بكري في التقرير إنه حضر برنامجاً إحتفالياً اُعد لعبدالعزيز الحلو القائد الميداني وزعيم فصيل جبال النوبة التابع لقرنق والذي كان في زيارة لأمريكا كعضو في وفد حركة قرنق في مفاوضات واشنطون (التي شارك فيها وفد من الحكومة)… وان البرنامج بدأ برقصة شعبية تحية للرجل قدمتها مقاتلات من الجيش الشعبي ، ولفت نظر بكري هذا عدم وجود سودانيين من مناطق السودان المختلفة في الحفل رغم وجود عدد كبير من السودانيين في مدينة فينكس الكبرى ، وقال إنه علم فيما بعد أن اللقاء تم الإعلان عنه فقط وسط أبناء جبال النوبة وجنوب السودان . وقال بكري ما نصه "وكان شخصي الضعيف وصديقي عبدالقادر عثمان الذي وجدته هناك يجلس وحيداً في مؤخرة القاعة وأصبحنا مثل رجل أبيض في كنيسة للأمريكيين السـود من أصل أفريقي فجاورته … بعد ذلك قمت بتوصيل الكاميرا الفيديـو بالكهرباء لشحنها ووصلت المسجل لتسجيل وقائع اللقاء بالقرب من المنصة، وقبل رجوعي لموقعي في نهاية القاعة قمت بأخذ عدة صور للحلو وعرّفته بنفسي" بعد إنتهاء الرقصة الشعبية بدأ قادة الحركة والجيش الشعبي فرع أريزونا كلماتهم الترحيبية بالحلو ، ومن المرحبات بالقائد سجلت هذه الكلمات من إمرأة قيادية في الحركة فرع أريزونا "أنتو يا قائد لو رجال بتاع جيش شعبي ما بقدروا يحرروا سودان من عرب نحن نسوان ممكن يجي يشيل سلاح ويحرر سودان إس بي إل إيه". بعد فترة ـ والحديث لبكري ـ "قمت بفحص الشريط في المسجل لمعرفة ما إذا كان يحتاج لتغيير الجهة ، وإذا بي اُفاجأ برجل من مكتب الحركة فرع أريزونا وكان يجلس بالقرب من الحلو في المنصة يقول لي إن القائد الحلو يأمرني بعدم التسجيل وأن أعطيه الشريط ، ووعدني بالتوضيح بعد اللقاء ، وإلى اليوم لم أسمع منه" ونقل بكري بعضاً مما قاله الحلو وقال إنه يكتب بدون زيادة أو نقصان بعد أن صُودر منه الشريط ويُشهد بكري على ذلك بقوله "والله على ما أقول شهيد" ومما نقله بكري من كلام الحلو "هناك مشكلة كبيرة جداً في السودان وذلك لوجود عدد كبير من السودانيين في المنافي مثلكم ، بدأت الأزمة منذ 40 عاماً منذ دخول الأتراك السودان وعملوا السودان زريبة وهم الذين زرعوا بداية شوكة التفرقة ، العرب كانوا يتحدثوا بمترجمين عند دخولهم السودان وكان هدفهم الأساسي تجارة الرقيق ، الذهب والأموال من جبال بني شنقول ، من التسعينات إستطاع الجيش الشعبي الوصول وإحتلال مواقع في الشمال مثل النيل الأزرق والبحر الأحمر ، بالإضافة إلى المناطق المحررة بالجنوب وجبال النوبة . الحمد لله تم تحرير مناطق كثيرة من الجنوب وتم إصدار العملة الجديدة وسوف يتم إنشاء البنك المركزي قريباً والآن معظم المحلات التجاريــة ملك تـدار بواسطة نـاس مثلكم ، يعني ما فـي عرب ولا جلابـة ولا إغريق … عندهم دكاكين وبارات في المناطق المحررة ، هدفنا أن تكون شولة زي سلوى تكون دكتورة وتسكن الصافية أوالرياض وتركب سيارة مرسيدس ، الحركة الشعبية قدمت الحل الصحيح لمشكلة الدين والديانات وهي فصل الدين عن الدولة وتقرير المصير لجنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق وأبياي ، نجحت الحركة في عزل النظام سياسياً عالمياً وداخلياً وفضحه وإستطاعت الحركة كشف نظام الحكم في السودان وتكوين تحالف للحركة الشعبية مع بقية الأحزاب السودانية" وقال بكري إن محور معظم الحديث كان عن الجلابة والعرب وإنه سجل هذه الوقائع بقلمه بدون الإستعانة بشريط لأنه اُخذ منه ، وختم بكري مرة أخرى بعبارة "والله على ما أقول شهيد".
    لعل العبـرة فـي هـذه الواقعة التي حدثت في الأيام القليلة الماضية تتمثل في الآتي :ـ
    1- إن هذه شهادة شاهد من أهلها ، فبكري من أهل التجمع الوطني الذي يمثل قرنق أهم أضلاعه ، وقد دُعي حسب إفادته من قِبل زكريا دينق أخي فرانسيس دينق الأصغر لتغطية الإحتفال ، لكن مشكلته أنه شمالي (من العرب الجلابة) .
    2- حديث من وُصفت بأنها قيادية من حركة قرنق فرع أريزونا ينم عن الحقد العنصري الدفين على أبناء الشمال "العرب الجلابة" والذي أكدنا عليه في مقالنا السابق بالشواهد والإثباتات ، ولعل عبارتها "يحرروا سودان من عرب" تكشف حقيقة وطبيعة التمرد المعبر عنه في اسم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" و"الجيش الشعبي لتحرير السودان" أي تحرير السودان من العرب كمـا أوضحت القياديـة الجنوبية بشكـل صريح أمام الجميع بدون تعليـق أو إعتراض من الحلو الذي أكد على ذات المعنى .
    3- كلام الحلو عن دخول العرب السودان لأول مرة وحديثهم إلى الأهالي عن طريق المترجمين ودخولهم للمتاجرة في الرقيق والذهب يعبِّر عما ظل قرنق وقادة التمرد وكل أتباعهم من المثقفين الآخرين يملأون به الدنيا ضجيجاً خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء والتي توغر صدور شعوبها الزنجية بمثل هذا الكلام عن العرب وإسترقاقهم للأفارقة ، وهذا يتسق مع ما ذكرنا أن قرنق ظل يردده "إن العرب مكثوا في الأندلس أكثر مما مكثوا في السودان ، وكما خرجوا من الأندلس سيُخرجون من السودان" (بما يعني أنهم دخلاء مستعمرون وكانوا يتحدثون عندما دخلوا إلى الأهالي بمترجمين وان العرب في الشمال لايختلفون عن البيض في جنوب أفريقيا أيام الفصل العنصري) وأشير مجدداً إلى أن قرنق هذا قد شهد مذابح العرب والمسلمين في زنجبار في منتصف الستينات من القرن الماضي عندما كان طالباً في جامعة دار السلام مع صديقه الصدوق موسيفيني ، ولعل عبارة الحلو حول المحال التجارية التي يديرها جنوبيون في (المناطق المحررة) وليس عرب أو جلابة يؤكد ما ظللنا نقوله عن الحقد الأعمى الذي ملأ قلوب هؤلاء وعقولهم على أبناء الشمال الغافلين عما يُدبّر لهم من مكر وتآمر والذين لا يزال بعضهم يدافع عن طروحات قرنق ويستميت في الدفاع عن السودان الموحد الذي يسعى قرنق لتحريره منهم .
    4- الحلو هذا يحمل إسماً إسلامياً تماماً مثل مالك عقار زعيم التمرد في جنوب النيل الأزرق والذي قال لأحمد البلال الطيب عندما سأله عن سبب عدم تلبيتهم دعوة الإفطار الرمضاني التي وُجهت من قِبل الوفد الحكومي في مفاوضات مشاكوس ، أجاب "إن بيننا وبين الحكومة دم" . أقول إن الذي يجمع بين هذين الرجلين وبين معظم المثقفين الجنوبيين والذين أوردت رسالتهم لقرنق في مقالي السابق تنم عن حقد دفين يكنه هؤلاء على الشماليين (العرب الجلابة) . وقد نجح قرنـق في المتاجرة ببعض العناصر الشمالية من أمثال ياسر عرمان الذي يدير حملة العلاقات العامة لقرنق في المحيط العربي والمستشار منصور خالد … وعجبي من منصور خالد هذا الذي يعلم الجميع أنه أكثر تأهيلاً من قرنق وأكبر عمراً منه ومن جميع قيادات التمرد ، لكنه لن يبرح موقع المستشار ليتولى منصباً تنفيذياً من المواقع التي يحتلها مـن أبناء الدينكا مـن هم أصغر مـن أبنائه المفترضين وهو يعلم ذلك ويعلم أنه لا يختلف عن بكري كاتب التقرير في شئ في نظر قرنق لأنه وعرمان وغيرهما ليسوا أكثر من كمبارس أو فنيي ديكور ومكياج لتجميل صورة قرنق وحركته العنصرية الحاقدة ، وللأسف فقد أدمن هؤلاء الشعور بالإسترقاق حتى فقدوا الإحساس وباتوا مسلوبي الإرادة لا يدركون مصلحتهم أو معنى لكرامتهم أو واجبهم تجاه أهليهم ، (فلو صدقوا مع أنفسهم وأزاحوا الغشاوة التي تغطي بصائرهم وأبصارهم لاعترفوا بالكثير المثير) ، لكن من يهن يسهل الهوان عليه ؟! وليت الضباط الشماليين الذي خرجوا من أسر قرنق يحكون ما ذكره لي بعضهم عن معاملة المتمردين لهم والحقد والغل وروح التشفي والإنتقام التي تملأ جوانح المتمردين وأعمال السخرة التي كانوا يكرهون عليها أولئك الضباط ، ولذلك فإن مافعله قرنق بالنائب الأول مؤخراً في نيجيريا يصب في ذات الإتجاه إتجاه الإنتقام والتشفي والحقد العنصري الدفين ، ولعل ذلك الحقد يعتبر العنصر الأساسي والمحوري في خطابهم لأبناء الجنوب عامة بهدف قدح الثورة والتمرد في نفوسهم من أجل معركة التحرير من العرب (المستعمِرين)، وأرجو أن أشير إلى أن تركيزي في مقالي السابق والحالي على إثبات الحقد الذي يملأ قلوب هؤلاء العنصريين وتبيان المعنى والمغزى الحقيقي لعبارة تحرير السودان الواردة في اسم الحركة من خلال اعترافات وإفادات قياداتها ، أقول إن الهدف من ذلك كله هو تبصير أهلي من أبناء الشمال بحقيقة ما يُدبّر لهم حتى يصحو الغافلون والمترددون قبل فوات الأوان!
    كثير من الشائنين أبدوا بعض التحفظات والمخاوف من فصل الجنوب ، وبالرغم من وجاهة بعض تلك الآراء والملاحظات إلاّ أنها جميعاً لم تقدم حلاً بديلاً بعد أن أغفلت الإجابة على أسئلتي التي أكررها مجدداً مؤكداً أن أي حديث لا يتناول تلك الأسئلة يتغافل عن القضية الرئيسية . وأقول متسائلاً هل يقبل هؤلاء بأن يحصل قرنق على حكم الجنوب بكامله مع المشاركة في حكم الشمال بنسبة 40% من مجلس الوزراء والأجهزة التشريعية والقضاء والمحكمة الدستورية والمحكمة العليا والخدمة المدنية خصوصاً الوظائف القيادية والوسيطة والتمثيل الدبلوماسـي والمنظمات العالميـة ، وعلاوة على ذلك أن تكون رئاسة الجمهورية دورية أو في المقابل أن يُمنح قرنق منصب نائب الرئيس بسلطات مماثلة لسلطة الرئيس أي أنه يحق له أن يستدرك على قرارت الرئيس؟ هل يقبلون تملك قرنق والجنوب 60% من ثروة البلاد بحيث يبقى لبقية السودان 40% مع إدراج جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وأبيي في أجندة التفاوض كجزء من قضية الجنوب ، وفوق ذلك كله أن تُحكم العاصمة بالقوانين العلمانية ؟ أقول هل يرضى الشائنون من أبناء الشمال بأن نعطي قرنق كل ذلك ولا نبقي للشمال غير الفتات ؟ هل يرضون بأن يقهر قرنق وسياسيو الجنوب شمال السودان خلال فترة الحرب الطويلة ويقهره خلال فترة السلام بتجريده من الثروة التي حرم منها بسبب مشكلة الجنوب طوال ما يقرب من نصف قرن من الزمان وتجريده من السلطة في الشمال بعد أن يمنح حكم الجنوب بكامله بدون مشاركة من الشمال ؟ إن ما ذكرته الآن نقلته من وثيقة رسمية اُرسلت من قِبل وسطاء مشاكوس في الشهر الماضي (ديسمبر) ، فضلاً عن ذلك فإن هؤلاء الوسطاء قد عدلوا من أجندة الجولة الجديدة من المفاوضات بإيعاز من حركة التمرد، ولم تستشر الحكومة في ذلك … وليس خافياً علىأحد أن جميع وسطاء وشركاء الإيقاد يتعاطفون مع قرنق .
    وعليه فإني أقول بأن كل من كتبوا قادحين حاموا حول المشكلة ولم يغوصوا في السيناريوهات المختلفة لحلها ليختاروا أحدها ، والسؤال هو هل نقبل بتلك المطالب التي أكدها قرنق ونصت عليها مذكرة الوسطاء ؟ إذا كنا لا نرضى بمطالب قرنق المستحيلة فإننا أمام خيارين ، فإما أن تستمر الحرب كما إستمرت لما يقرب من نصف قرن من الزمان بكل ما يعنيه ذلك من تطورات سلبية محتملة في ظل التعاطف الدولي والإقليمي الذي يجده قرنق والتدخل الإسرائيلي المكشوف للإحاطة بمصر والسودان من خلال دعم قرنق وتمكينه من تنفيذ مخططاته والمخطط الأمريكي الذي يسعى إلى إعادة رسم خريطة المنطقة وإحكام الطوق حول عنق السودان ، أقول ذلك وأنا أقرأ عن مخطط أمريكي لتغيير هيكل الحكم في السودان لمصلحة سيناريو جون قرنق حول السودان الجديد ، ويأتي قانون سلام السودان كنوع من الضغط على الحكومة للرضوخ لمطالب قرنق ، وينص القانون على عقوبات إقتصادية على السودان تتضمن حظراً على السلاح مع رصد 300 مليون دولار لحركة قرنق ، أقول إما أن تستمر الحرب بكل هذه التداعيات التي أوقن أنها ستنقل الحرب إلى مرحلة جديدة بعد توقف فترة الهدنة الحالية أو أن نقدم على الخيار المتبقي لنا وهو خيار الإنفصال الذي لا أرى مناصاً منه فهو الوحيد الذي من شأنه أن يوقف الحرب وذلك من خلال التعجيل بتقرير المصير وإجراء الإستفتاء لشعبي الشمال والجنوب بحيث يحق لأي منهما تقرير الإنفصال ، ولذلك على كل الذين ينتقدون طرحي أن يجيبوا على هذه الأسئلة وأن يختاروا بين هذه السيناريوهات أو أن يأتوا بطرح جديد بدلاً من الإكتفاء بالتباكي على الوحدة التي ما دفعني إلى نبذها إلاّ فشلها طوال العقود الماضية في وقف الحرب والدمار والخراب وتعطيل مسيرة السودان ، ولعلي أتساءل إذا كان قرنق يصر على أن يكون الحاكم الأوحد الذي يقرر في كـل الشـأن الجنوبي مع المشاركة في حكم الشمال بنصيب مقدر فأين هي الوحدة التي يتحـدث عنهـا الناس ، ولماذا لا نبقى له الجنوب وحده طالما أنه أصلاً سيكون من حقه ولا دخل للشمال والشماليين فيه ، ولماذا لا نبقي الشمال للشماليين بـدلاً من منح قرنق نصفه مع كـل الجنوب وحرمان أبناء الشمال من الجنوب تماماً ؟ إنها الغفلة والشعور بالذنب عن جرم لم نرتكبه يجعلنا نسير معصوبي العيون نحو حتفنا لنسلم السودان بدون تفويض من شعب شمال السودان لرجل لم يفعل بالسودان غير الخراب والدمار !! فهل من سبيل أمامنا غير الحكمة الإنجليزية (Better late than never) والتي تعني "الأفضل أن تقدم على فعـل ما ينبغي أن تفعله حتى ولو جاء ذلك متأخراً من ألاّ تفعل البتة" ؟
    أقول ذلك في ظل الحقيقة المؤلمة بأن صبرنا الطويل على المشكلة لم ينهها بقدر ما عقدها ، فإذا كانت قد بدأت عام 1955م فإنها قد تشعبت مع الأيام ، وإذا كان أقصى طموحات وليم دينق عام 1965م لم تتجاوز منح الجنوب الحكم الفيدرالي فإن نيال دينق ابن وليم دينق وهو من قيادات حركة قرنق ينادي الآن بعد 38 عاماً من والده بتحرير السودان جميعه من العرب … وذلك من خلال حكم الجنوب بكامله والمشاركة الكبيرة في حكم الشمال وتجريده من معظم ثروته لمصلحة الجنوب وذلك كله تمهيداً للإجتياح الكبير الرامي إلى تحرير السودان من (العرب الجلابة) .
    إن ما يؤلم بحق هو أن الدعوة إلى الإنفصال تمت في وقت مبكر ولعل ما أخرجه لنا عابدون نصر عابدون من الوثائق القديمة مما طالب به الشاعر الدبلوماسي يوسف مصطفى التني عام 1964م أي قبل 39 عاماً من الآن حين نادى بفصل الجنوب يعتبر إدانة للأجيال المتعاقبة منذ فجر الإستقلال وحتى اليوم ، وتخيلوا ما كان سيكون عليه حال الشمال والجنوب الآن لو كان الساسة قد حسموا أمرهم منذ ذلك الحين وفصلوا الجنوب وُوظفت عشرات المليارات من الدولارات التي اُغرقت في مستنقع الجنوب في تنمية الشمال الحزين … إنني بذات الفهم أخشى أن تنقضي 39 سنة أخرى نعض بعدها أصابع الندم والحسرة التي نتجرع علقمها اليوم أسفاً على ضياع تلك السنين الغالية من عمر السودان ، لكن الأمر هذه المرة أعجل من 39 سنة بل أعجل من عشر سنوات مع تسارع وتيرة الأحداث وتسارع وتيرة أحكام الطوق حول عنق السودان ، وهكذا فإن العدو أمامنا والبحر من خلفنا ونحتاج إلى عزيمة طارق بن زياد لنكتسح حقول الألغام المنصوبة أمامنا بحنكة وحكمة ونحتاج إلى أن نعد العدة الآن حتى لا نؤخذ على حين غرة وذلك بالإستعداد لفترة ما بعد مشاكوس التي يسعى قرنق بتشجيع أمريكي لإفشالها بحيث يعلن عن ذلك في اللحظة التي يكون فيها جاهزاً لإستئناف القتال ووقف الهدنة خاصة وأن الرجل يتحرك الآن على المستوى الداخلي حشداً للقوة وللمؤيدين في الإستوائية وجبال النوبة والإنقسنا والمستوى الخارجي جمعاً للسلاح ، وتأتي زيارته وزيارة صديقه موسيفيني لإسرائيل مؤخراً في هذا الصدد .
    أما الخائفون على الوحدة الوطنية ومن تشرذم السودان جراء فصل الجنوب فإني أورد المثل القديم مجدداً لأقول إن هؤلاء يشبهون من يرفض بتر ساق المصاب بالسرطان مثلاً خوفاً من عدوى قد أكرر قد تصيب الساق الأخرى ذلك أن مشكلة جنوب السودان تختلف عن مشاكل بقية الولايات الأخرى لأن عناصر التوحد بين أبناء الشمال والجنوب تكاد تكون منعدمة تماماً فاختلاف العرق والدين واللغة والعادات والتقاليد والوجدان والمشاعر المشتركة يحتم إنتهاج نهج جديد من التفكير خاصة بعد أن فشلت كل محاولات الجمع بين شعبين متنافرين في وطن واحد، ولايمكن لعاقل أن يرضى باستمرار هذا النزيف إلى الأبد ، ومن الوهم الزعم بأن أبناء جبال النوبة مثلاً بمن فيهم العرب ومن يعيشون في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة وهي المساحة الأكبر يمكن أن يقدِّموا الإنضمام إلى دولة قرنق على البقاء في دولة الشمال التي يعلمون تسامح أهلها الذين يعيش بينهم في وئام وسلام معظم أبناء الجنوب الفاريـن من الحرب وأبناء النوبة ، فضلاً عن أن جبال النوبة لايمكن أن تقيم دولة منفصلة ولكن هب أن جبال النوبة إختارت الإنفصال فهل هذا يمثل سبباً في الإبقاء على الحرب إلى الأبد … لذلك أقول إننا لا نخشى تفجر الصراعات في بقية أنحاء السودان لأن فصل جزء من الوطن تقليد عُمل به في أماكن مختلفة من العالم خاصة وأن وقف الحرب من شأنه أن يوقف الهدر الذي يستنزف معظم موازنة السودان كل عام ، ويُمكِّن من تنمية مختلف مناطق السودان خاصة الفقيرة منها والتي ظُلمت طويلاً بسبب الجنوب الذي دمـر نفسه ودمر السودان جميعه لعقود من الزمان . وأقول إنه لا توجد مشكلة شرق أو غرب وإنما هي تداعيات للمشكلة الكبرى وأمراض جانبية من إفرازات الداء الأكبر ، وبمجرد زوال ذلك الداء ستعود المياه إلى مجاريها والحياة إلى ما كانت عليه في السابق . إن الذيـن يوردون حجة الخوف من تمزق السودان وغير ذلك من الحجج التي من شأنها أن تبقي على الوضع الحالي لم يقدموا سيناريو بديل لحل مشكلة الحرب المستعرة لعقود مـن الزمان ، وكل هذه الدعوات العاطفية إلى التصاهر والتعايش وإزالة أزمة الثقة لا تقدم حلاً للمشكلة وإنما تجعلها عرضة للتعقيد الذي ثبت أن الزمن لا يخفف من غلوائه بقدر ما يزيد من ضراوة وتيرة إشتعال الحرب وإنتقالها إلى مناطق أخرى تماماً كما يفعل السرطان الذي لا يوجد حل عند إستفحاله غير البتر والإستئصال ، وقد جربت أقوام وشعوب أخرى ذلك بالرغم من أن مشكلاتهم لم تبلغ درجة إستفحال مشكلتنا هذه اللعينة التي عطلت مسيرتنا وجعلتنا محلاً للسخرية والتندر والإستخفاف حتى من الصغار مثل أفورقي وموسيفيني اللذين ما كان ينبغي أن يتطاولا حتى على أضعف ولاياتنا ، وهذا والله أمر محزن لا يليق بشعب السودان بكل ما عُرف عنه من صفات نبيلة هو جدير بأن يحتل بها السيادة والريادة بين العالمين . وأقول إن مثل هذه المخاوف من عواقب الإنفصال عُولجت في الدول التي إختارت ذلك الطريق كحل لا مفر منه ، فمثلاً أريتريا وأثيوبيا عالجتا مشكلة نزوح مواطني كل من الدولتين ممن كانوا يعيشون في البلد الآخر وكذلك مشكلة المهاجرين عند إنفصال باكستان عن الهند… إلخ .
    بعضهمم يتعللون بأن أمريكا تجمع في أحشائها شعوباً كثيرة من العالم أجمع تعيش جميعها في سلام ووئام ، ولكن ينسى هؤلاء أن أمريكا لا تعاني اليوم من حرب أهلية ولم يشن السود الذين ذاقوا ويلات الإسترقاق على أيدي البيض حرباً على بلادهم وعلى مواطنيهم كما حدث في السودان ، ولو وجدت حرب أهليه لتحركوا في سبيل حلها ولم يركنوا إلى الواقع القائم لعقود من الزمان ، لكني أعجب ممن يستشهدون بأمريكا بالرغم من ضعف الحجة ويتناسون العديد من التجارب الأخرى التي ذكرتها في مقالي السابق ، ثم ان هناك تجارب لدول انقسمت على أسس عقائدية بالرغم من توافر عناصر التوحد بين أبناء تلك الشعوب ولكنها ما لبثت أن عادت للتوحد بمجرد زوال الأسباب مثل ألمانيا التي توحدت بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي ، كما أن أوروبا الآن تتوحد بسبب تكاثر دواعي التوحد ، ولكن ذلك يتم بصورة طوعية لا قسرية ، فجمهوريات الإتحاد السوفيتي التي وُحدت بالقوة بالرغم من تنافرها ما لبثت أن انفصلت عن دولة القهر فور زوال القبضة الحديدية ولا يزال بعضها يسعى للفكاك مثل الشيشان ، وأود أن أردد تساؤلات بعض الأخوة لماذا يا ترى لا نتيح فرصة للإنفصال كما أتحنا للوحدة نصف قرن من الزمان قضيناها إحتراباً وفشلاً فلربما تندمل الجراح ويتغير الحال وتنشأ عوامل توحد جديدة في المستقبل حتى ولو على أساس المصالح المشتركة .
    يتساءل البعض كيف ستُعالج حالة الجنوبيين المسلمين أو المستضعفين ممن يخشون بطش قرنق وتكرار مذابح الهوتو والتوتسي بعد الإنفصال ، وأرد على ذلك بالقول بأن كل هذه قضايـا ثانوية ينبغـي ألاّ تقدم على القضية الرئيسية فالمصاب بالسرطان كما بينت لايقدم تأثيراته الجانبية على معالجة وإستئصال المرض الفتاك قبل أن يؤدي إلى الوفاة ، كما أن المريض بذلك الداء يفضِّل بتر ساقه والعيش بقية عمره بذلك الوضع على ترك الداء يستشري في بقية الجسد ويقضي على حياة المريض على أن ذلك لا يعني ألاّتُعالج مثل هذه القضايا الجانبية بأفضل الوجوه بالرغم من أننا قد نضطر إلى التعايش بمثال الساق المبتورة في الجسد السليم أحياناً، فمثلاً يمكن السماح بهجرة هذه العناصر المسالمة الخائفة من جحيم قرنق إلى الشمال كلاجئين أو مواطنين كما يحدث في أوروبا وأمريكا ، والمهم هو أن يُعالج هذا الأمر لكنه لن يُقدَّم بأي حال على جوهر القضية التي أهلكت الحرث والنسل .
    البعض أفاض في ذكر الأمثلة لبعض المخلصين من دعاة الوحدة من أبناء الجنوب الذين قضى بعضهم في ساحات القتال وهؤلاء نسوا أنني استخدمت عبارة معظم ولم أعمم ، وبيني وبين بعض أبناء الجنوب ود واحترام كبير وأعرف عن صفاء سريرتهم ، ومن هؤلاء رياك قاي وأليسون مناني مقايا ، كما أعرف بعض الشهداء من أمثال عبدالله ويلكم الذي كان أخاً في الله لبعض أبنائي وخاض معهم غمار المعارك في الجنوب حتى استشهد ، لكن تلك النماذج الفردية وعلاقتي الشخصية معها لا يمكن أن تكون سبباً في الإنصراف عن قضية الوطن الكبرى المتمثلة في الحرب ، فالخاص ينبغي أن ينزوي عندما يتعلق الأمر بقضية عامة .
    يتساءلون ما هي الضمانات لتوقف الحرب بعد الإنفصال ، وأقول إن ذلك يحدث بمشاركة المجتمع الدولي وبموجب إتفاقيات تشارك فيها المنظمات الدولية كما حدث في البوسنة وأريتريا وأثيوبيا ، صحيح أن الحرب إندلعت بعد ذلك بين الدولتين لكنها بالطبع لم تستمر أكثر من أيام قليلة ، وما كان لها أن تنشب أصلاً لولا طيش أفورقي وتهوره ، ولكن هل يمكن أن نعقد المقارنة بين تلك الحرب القصيرة وحرب الثلاثين عاماً والتي أفضت في النهاية إلى إستقلال أريتريا ؟

    يتبع
                  

العنوان الكاتب Date
الإنفصاليون الجدد....وتداعيات الرد عليهم nadus200002-07-03, 04:25 PM
  Re: الإنفصاليون الجدد....وتداعيات الرد عليهم nadus200002-07-03, 04:32 PM
    Re: الإنفصاليون الجدد....وتداعيات الرد عليهم nadus200002-07-03, 04:33 PM
      ظاهرة الانهزاميين الجدد والاستخفاف بمرتكزات الأمن القومي nadus200002-08-03, 08:55 PM
        Re: ظاهرة الانهزاميين الجدد والاستخفاف بمرتكزات الأمن القومي nadus200002-08-03, 08:56 PM
          أوهـــام.. (الإنفصــاليين الجـــدد) nadus200002-08-03, 09:04 PM
            Re: أوهـــام.. (الإنفصــاليين الجـــدد) nadus200002-08-03, 09:12 PM
              مكي علي بلايل يعقب على الطيب مصطفى nadus200002-08-03, 09:16 PM
                حـــق الأغبــياء فـي التفكــير nadus200002-08-03, 09:20 PM
                  قراءة في مقال غازي صلاح الدين nadus200002-08-03, 09:31 PM
                    Re: قراءة في مقال غازي صلاح الدين nadus200002-08-03, 09:34 PM
          الإنفصاليون الجدد ..!! nadus200002-08-03, 09:43 PM
            متى تكون الوحدة جذابة للشماليين nadus200002-12-03, 09:48 PM
              Re: متى تكون الوحدة جذابة للشماليين نساند دعوة الانفصال ونادمون على الاتفاق nadus200002-27-03, 05:53 PM
  الانفصاليون الجدد mohmmed said ahmed02-27-03, 06:23 PM
    Re: الانفصاليون الجدد nadus200002-27-03, 06:33 PM
      Re: الانفصاليون الجدد nadus200004-13-03, 08:58 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de