لقد تمرس عمر البشير ومنذ إنقلابه العسكري في إتخاذ شتى الحيل والأساليب الماكرة للبقاء في كرسي الحكم ، ومن أجل ذلك لم يتوانى لحظة في أتخاذ أخطر القرارات طالما تؤمن له الإنفراد والاستمرار في الحكم مدى الحياة ، فلم يبالي بالنتائج مهما كانت خطورتها على وحدة البلاد أو على حياة المواطنين أو على وجود الحركة الاسلامية نفسها التي اوصلته إلي السلطة . تلك هي القراءة الصحيحة لسلوك هذا الكائن .
البشير صنع مليشيا مدربة ومجهزة بأحدث الاسلحة توازي القوات المسلحة بغرض حمايته من أي إنقلاب عسكري تقوم به القوات المسلحة رغم إنتماء غالبية الرتب العسكرية العليا للاسلاميين وقد بات غير واثق من تلك القيادات رغم إعلانهم الولاء للبشير . أهتزت ثقة البشير في الإسلاميين منذ أن خطط شيخه الترابي الإطاحة به ، فنجح في إزاحة الترابي قبل أن يتعشى به فكانت المفاصلة الاولى بين الإسلاميين في 1999 وتوالت الأنقسامات ، نجح الإسلاميين في صناعة قوات موازية أمام كل مؤسسة عسكريا نظامية ، الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية والأمن الشعبي وقوات حرس الحدود وقوات الدعم السريع ، ومع إنقسامات قيادات الإسلاميين المتوالية ستنفجر نيران تلك القوات فيما بينهم ولا يسطيع أحد منع هذا السيناريو من الوقوع إلا ثورة شعبية تخيف الكل وتزلزل عروش الكل كما شهدناها هذه الإيام .
البشير يخطط دائما ويتحسب للاسوأ ويضع كل خصومه ومنافسيه والبلد برمته أمام فوهة البركان ولم يتفاجأ ولم يكترث كثيرا إذا نشب الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع أو بين قوات الأمن والجيش او بين الجيش والجيش ، لأنه صنع تلك القنابل الموقوتة ليهدد به ليبقى رغم الدمار الشامل الذي أصاب مؤسسات الدولة وقيم المجتمع .
الثورة الشعبية الماثلة أمامنا هي العاصم الوحيد من اقتتال الإسلاميين فيما بينهم ، رغم صراعهم حول السلطة بائن وفجورهم في الخصومة أعمق لكن هدير الشعب الثائر يخيف كل الظالمين وخروج الجماهير إلي الشوارع أربك حساباتهم فلا يستطيعون التوحد كأسلامين ضد حزب بعينه يعادونه لأن الاحزاب التي يتوقعونه قائدا للشارع هي نفسها لا تستطيع اللحاق ، فالشوارع انطلقت وسبقت جميع الأحزاب ولا يستطيع أي حزب رفع شعاراته ، الشعب أمامنا وهو القائد الأوحد فهل يستطيع الإسلاميون مواجهة شعب بأكمله ؟ هذا هو سر انتصار هذه الثورة .
ثورة الشعب السلمية هي الاقوى والضمان الوحيد لبقاء الدولة ، فدعم إستمرار الانتفاضة الشعبية ضد الظلم يجعل المجرمون يفرون بثرواتهم التي سرقوها ولا يسطيعون مواجهة بركان الشعب الثائر ، تلك الثورة شعبية ونجحت رغم أنف القوى الإقليمية والدولية ولا يسطيع أحد نسبتها لأي كيان سياسي لأنها محصنة من السرقة بوعي شبابها صانع الحراك وصاحب التضحيات ، ثورة حطمت صنم العنصرية ووحدت الشعب السوداني بمختلف جهوياته وسوف تجبر جميع أحزابنا وكياناتنا السياسية إعادة النظر في أساس بناءها القديم وصياغة برامجها وفق استراتيجيات جديدة تواكب طموح شباب الألفية وعصر التكنولوجية ، الشعب قال للظالم تسقط بس ، أنظرو كيف تزلزل وأهتز وأصبح يتصرف كالمجنون من هنا عرفنا أن الثورة نجحت .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة