في غمار سباق أكل الشاه قبل ذبحها يطرح البعض فكرة فترة إنتقالية بعد إسقاط النظام من 4 و5 سنوات بل وإقترح البعض 10 سنوات يحكم فيها افراد مجهولون الشعب السوداني دون تفويض شعبي. في هذا المقال اوضح موقف حملة سودان المستقبل والتي تطالب بفترة انتقالية قصيرة اي في حدود 6 اشهر الى 12 شهراً تعقبها انتخابات ديمقراطية ونزيهة . سوء فهم لطبيعة الفترة الانتقالية : واضح ان هناك سوء فهم كبير لمفهوم المرحلة الانتقالية وبالتالي لمدة حكم الحكومة الانتقالية . المرحلة الانتقالية بحكم تسميتها لا يمكن ان تكون مرحلة طويلة لأنها مرحلة انتقال من شيء الى شيء ، في هذه الحالة من نظام حكم دكتاتوري فردي بحزب واحد الى نظام ديمقراطي تعددي . اي ان المرحلة الانتقالية ليست هي نظاما دستوريا مستقرا وانما مرحلة للانتقال للنظام الدستوري المستقر ، هي فترة قصيرة بين مرحلتين. مثلا ليس من مهمتها إعداد دستور دائم او عمل مشاريع اقتصادية عملاقة لان هذا يفترض تفويضا شعبيا. هذه نقطة أولى . النقطة الثانية ان الحكومة الانتقالية والمرحلة الانتقالية تعبر دائما عن توازن القوى القائم ولا تتفق فيها القوى الا على برامج الحد الادنى . المرحلة الانتقالية لا يمكن ان تحسم لك طبيعة الدولة مثلا هل هي علمانية ام ثيوقراطية . كما انه نتيجة لمشاركة قوى متعددة فيها تكون عرضة للشد والجذب . لذلك من الافضل ان تقوم في فترة قصيرة بتنفيذ برنامج الحد الادنى وتكون بسلطات محدودة ومحددة حتى لا تهدد بالنزاعات والشلل ويترك امر تحديد السياسات الكلية والاستراتيجية ليحسم فيه الشعب في الانتخابات ويعطي تفويضا قوياً لمعسكر ما او حزب ما بالحكم حسب برنامجه الذي نال ثقة الشعب او الغالبية منه. النقطة الثالثة وهي معروفة في تاريخ الثورات والانتفاضات ان النظام القديم يحاول دائما العودة للحكم وتنظيم نفسه من جديد. كلما طالت الفترة الانتقالية كلما نسى الناس فظائع الحكم القديم واذا تعثرت الفترة الانتقالية الطويلة ( وهو امر حتمي في ظل تعدد القوى المشاركة فيها وتناقض البرامج ) قد يعود النظام القديم منتصرا ًقي الانتخابات التي تليها . اما اذا كانت الفترة قصيرة ( ٦ اشهر ل12 شهراً ) فإن الناس ستكون متذكرة لفظائع النظام القديم وستصوت ضد ممثليه او الناس القريبين منهم ان وجدوا في الانتخابات وستعطي تفويضاً كافياً لاقتلاع جذوره وتصفيته قانونيا ومؤسسياً واقتصادياً الخ مهام الفترة الانتقالية ومداها الزمني : تحدث البعض عن الترتيبات الانتقالية وذكر منها تصفية اثار النظام ومحاكمة رموزه واعادة تشكيل القوات المسلحة والنظامية الاخرى على أساس قومي وترتيب الخدمة المدنية والدعوة لمؤتمر قومي دستوري للخروج بدستور دائم وتنظيم عملية لانتخابات . بعض هذه المهام طبعا مهام انتقالية لكن بعضها مهام مناطة بها الحكومة الديمقراطية المنتخبة . مثلا الدستور الدائم يمكن بل من الافضل ان يجاز من قبل البرلمان المنتخب ثم يطرح للاستفتاء من طرف الشعب . كل المهام الاخرى يمكن ان تنجز في اقل من 10 اشهر اذا كانت الحكومة مركزة وفعالة وذات كفاءة عالية وذات برنامج واضح مُعد من قبل ( لذا تبرعنا ببرنامجنا الاسعافي لهذه الحكومة ) . في حالة كان فريق سودان المستقبل على راس هذه الحكومة فإن كل هذه المهام التي تحدث عنها البعض ويرون انجازها في 4-5 سنوات نعلن أنه يمكننا إنجازها في ١٠ اشهر لانها كلها تتم بالتوازي وليس بالتلاحق . اذن المهام الانتقالية حصرا لا تحتاج لوقت طويل. لكننا قد اعلنّا اننا لن نشارك في أي حكومة إنتقالية بل لن ندعمها يوماً واحدا بعد العام الأول ، حيث نعتقد إن فترة العام كافية جداً لانجاز مهام الإنتقال والاعداد لانتخابات حرة ونزيهة . هناك طبعا بعض القوى التي تريد ان تحسم المرحلة الانتقالية في قضايا ليست من مهامها ، مثل شكل طبيعة الدولة والحكم والبرامج الاقتصادية الكلية وهل تكون اشتراكية مثلا او اقتصاد سوق الخ . هذه القوى تتخوف من اللجوء للجماهير وتريد ان تستغل المراحل الانتقالية لتنفيذ برامجها وتمارس التآمر في ذلك ( بأن تدس ناساً في الحكومة باعتبارهم مستقلين او معبرين عن نقابات وهم في الأصل حزبيون تابعون لها ) . هذا الامر عدا عن كونه غير اخلاقي فهو غير فعال ، لأن القوى الاخرى لن تقف مكتوفة الايدى بل ستعمل على احباط تنفيد هذا البرنامج الحزبي او العقائدي المعين في الفترة الانتقالية ، مما يهدد كل الفترة بالصراعات والفشل ، ويهدد بعودة النظام القديم بعدها للحكم. لا يمكن ان نرهن الفترة الانتقالية لمن ليس لهم برامج جاهزة للتنفيذ او من يتخوفون من الانتخابات ويريدون تمرير برامجهم الحزبية تحت ستار الفترة الانتقالية والحكومة الانتقالية. هذا مرفوض بالنسبة لنا كمواطنين و كناشطين منظمين في حملة سودان المستقبل موقف حملة سودان المستقبل من أي حكومة إنتقالية قادمة: لقد أعلنّا إنه لا حملة سودان المستقبل ولا قياداتها لن تشارك في الحكومة الانتقالية بعد إسقاط البشير إذ إننا ملتزمون مع شعب السودان أننا لن نحكمه الا إذا كنا مفوضين من طرفه انتخابياً. رغماً عن ذلك أعلنت الحملة أنها ستدعم أي حكومة انتقالية نزيهة وكفوؤة ووفقاً لشروط واضحة اعلناها وكذلك ستراقبها وتحرص أن تحقق كل مطالب الشعب . إن الرقابة على الحكومة من طرفنا ستتم من خلال العمل السياسي في الشارع وتبني مطالب الناس والضغط الجماهيري لتنفيذها اما الدعم المشروط فيتم عبر تقديم الحلول والبرامج و المقترحات والدعم السياسي وتقديم الاستشارات وفتح الباب للحكومة مع بعض الاطراف عبر علاقاتنا الدولية . أن أول شروط دعمنا للحكومة الانتقالية هو ان يكون لها برنامج إسعافي واضح يركز على تصفية النظام ومؤسساته وقوانينه وانهاء النزاعات وبناء السلم الاهلي بصورة شاملة وكلية وإصلاح موسسات الدولة واجتراح اصلاح اقتصادي يقوم على انهاض الانتاج وحل الأزمات المعيشية . وكما قلت يمكن ان نقدم برنامجنا الانعاشي التفصيلي ( برنامج ال١٠٠ يوم وبرنامج السنة الواحدة ) لأي حكومة انتقالية لكيما نستفيد منه وتطبقه اذا رأت ذلك وطلبته. وثاني شروط دعمنا للحكومة الانتقالية ان تكون ذات فترة زمنية محدودة والا تمتد فترة طويلة في الزمن لأنه لا يمكن حكم الناس طويلاً دون تفويض شعبي . من هنا نعلن رفضنا لكل المطالَب التي تتحدث عن فترة انتقالية لمدة سنتين او ثلاث او أربع سنوات او خمس سنوات. اننا يمكن ان ندعم حكومة انتقالية لمدة ٦ اشهر بحد ادنى و١٢ شهرا بحد أقصى . ولو تجاوزت الحكومة الانتقالية فترة العام في الحكم ليوم واحد وبأي مبرر ستصبح خصما ً لنا وسنتعامل معها على هذا الاساس. وثالث شروط دعمنا للحكومة الانتقالية ألا يكون البشير او اي من رجاله على رأسها . هذا مطلب مرفوض ولن نقبل بعد الدماء التي سألت اي قيادة لكيزاني او إنقاذي او اي مشاركة لهم في ادارة البلاد. بل من مطالبنا الملحة حل حزب الموتمر الوطني هو حل حزب المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية قانونيا ومصادرة ممتلكاتهما واستعادة كل الأموال التي سرقوها من الشعب. ورابع شروط دعمنا لحكومة الفترة الانتقالية وقياداتها هو إعلانهم الواضح والصريح والمكتوب والمغلظ ان اي منهم لن يترشح لاي انتخابات بعد الفترة الانتقالية ، اذ لا يمكنك ان تقود حكومة انتقالية ذات مهام صعبة وتحديات خطيرة وانت تنظر للانتخابات وترشيح نفسك لاحقاً ، فصاحب البالين كذاب. كما ان من يتولي هذه الحكومة يجب ان يركز على برنامج الإصلاح مهما كان صعباً وليس تنفيد اشياء يمكن ان تؤدي لنجاحه في الانتخابات . خاتمة: في النهاية نلخص رأينا أن الأصل في الأشياء الا يحكم انسان دون تفويض شعبي. بعد ثلاثين عاما من حكم بلا تفويض لا يمكن ان نقبل ولا نقبل لشعبنا اي حكم دون تفويض الا في الحد الادنى . هذا الحد نراه في فترة 6-12 شهرا لا تزيد يوما واحدا. من يريد ان يحكم وله برنامج واضح وجيد فليتقدم به للشعب عبر آلية الانتخابات وذلك بعد إسقاط النظام وفترة انتقالية لا تتجاوز العام. #تسقط_بس عادل عبد العاطي 1/1/2019م
العنوان
الكاتب
Date
لماذا فترة إنتقالية من عام واحد لا غير ؟ بقلم عادل عبد العاطي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عادل عبد العاطي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست